الفصل الثاني والأربعين
#ظل_بجوار_الضوء
على سطح أحد الأبنية الشاهقة المقابلة للجامعة، تجمّعت مجموعةٌ من الرجال الملثمين، بدوا كغربانٍ سوداء قاتمةٍ، أجسادهم محشوةٌ بالملابس الثقيلة التي تخفي تفاصيلهم. كانوا يحدقون بتركيزٍ حادٍّ في نقطةٍ واحدةٍ بالأسفل: تلك السيارة السوداء القاتمة المركونة في نهاية الشارع، والتي صعدها للتوّ شخصٌ يرتدي معطفًا أسودَ.
تحدث أحد الملثمين ، وصوته أجشٌّ كحكّ الحجارة "أليس هذا هو الهدف الذي قالت ياسمين بوصفه ؟"
"أظن ذلك بلا شك،" أجاب آخر بصوتٍ حازم. "نفس لون المعطف الداكن، ونفس طراز السيارة السوداء."
"إذاً، ما الذي نترقبه؟ علينا إنهاء هذه المهمة، الوقت يداهمنا. "
تبادل الرجال نظراتٍ حادةٍ قاطعة، وأومأوا برؤوسهم في اتفاقٍ صامت. أخرج أحدهم قطعة قماشٍ من جيبه، ورشّ عليها مادةً ذات رائحةٍ حادةٍ ونفاذة . نزع قناعه الذي كان يستر وجهه، ثم، في حركةٍ رشيقةٍ خاطفة، قفز من على حافة السطح، وهبط على الأرض برشاقةِ قطةٍ تتسلل في الظلام. تبعه رفيقه الآخر بخفةٍ مماثلة.
رتب ملابسه بعنايةٍ، ثم خطا بثقةٍ نحو السيارة، حتى استقرّ أمام باب الراكب الأمامي. انحنى قليلاً، وعلى شفتيه ارتسمت ابتسامةٌ ودودةٌ زائفةٌ، كقناعٍ من اللطف يستر خبثًا دفيناً، ثم نقر بإصبعه ببطءٍ على النافذة.
انتفض الشخص الجالس في الداخل بعنفٍ، وغمره رعبٌ مبهمٌ من ظهور هذا الظلّ الغريب. ألقى نظرةً خاطفةً عليه من تحت حافة نظارته الشمسية. أشار الواقف في الخارج بحركةٍ قاطعةٍ، لا لبس فيها، تعني: "أنزل النافذة."
ابتلع الجالس ريقه بصعوبةٍ. لم يكن يعرف كيف يخفض النافذة لان عليه تشغيل السيارة ، لكن وجه ذلك الشخص البريئ كما لو انه يحتاج المساعدة جعله ينسى تحذيرات صديقه بالبقاء في السيارة، فمدّ يده وفتح قفل الباب بدلًا من النافذة!
"كيف يمكنني أن أقدم المساعدة؟" قال بصوتٍ متقطعٍ، يتردد بين الخوف والحيرة.
لكن الأوان كان قد سبق فواته! في حركةٍ خاطفةٍ أسرع من البرق، وُضعت قطعة القماش المبللة بقوةٍ غاشمةٍ على فمه وأنفه من الخلف دون أن يلحظ وجوده . نظر الخاطف حوله بسرعةٍ جنونيةٍ، يتأكد أنه لم تره عينٌ واحدة.
YOU ARE READING
ظلٌ بجوار الضوء
Teen Fictionفي عالم مبني على المشاعر، كان أنس مجرد محاكاة. عبقري في ارتداء الأقنعة، بارع في تزييف كل ابتسامة ودمعة. هو ظلٌ يعيش بين الناس، يدرسهم، ويحللهم دون أن يشعر بشيء. ولكن عندما يدخل "لؤي" إلى معادلته - ضوءٌ على وشك الانطفاء، روحٌ تقاتل من أجل كل نفس...
