لا خيار امامهما

6 1 2
                                    

من خلال ظلال الغرفة المعتمة التي كانت تلفها، بدأت مرجانة الحكاية، صوتها يخترق صمت المكان كقطرات ماء تلامس سطح بحيرة هادئة. وصفت كيكيو بأنها كانت كنزاً لأمها، جمل قطعتها الزمردية تمثّل العطاء بلا حدود والتفاني الذي لا ينضب. كانت كيكيو تتنفس من أجل أمها، تعيش لترعاها، وتكون لها عوضًا عن الحركة التي أُميتت بسبب المرض.

كان ذلك اليوم المشؤوم يشبه أيامًا أخرى عديدة، حيث كانت الحديقة العمومية تنبض بالحياة ويغمرها الهدوء بينما كانت كيكيو جالسة بكبرياء ووقار، وكأنها ملكة في عرشها، تتأمل العالم من حولها. ولكن فجأة، اختُرق هذا الصفاء بصرخة مدوية، صرخة افروديت التي تنبعث من بين غصون الأشجار.

استجمعت كيكيو شجاعتها بينما أُصيبت بالهلع وهي ترى فلذة كبدها تواجه خطر السقوط في الهاوية السوداء المكشوفة بالبئر. ضجت الحديقة بمناشداتها للمساعدة لكن لا أحد جاء، وكأن كل من حولها تحولوا إلى تماثيل صماء. الموقف المروع اختُتم بأسى لا يوصف عندما انزلقت قبضة افروديت وانغمس في أعماق البئر.

بجرح لن يندمل، تحوّلت كيكيو من مخلوقة يسودها الحنان إلى كائنة تنبض بالظلال. استقت العزيمة من الظلام الساكن في جوف الأرض ووسعت نطاق معرفتها بالأسرار المظلمة للسحر. "أنفاس أفروديت"، الزهرة التي تنبض بروح الأبدية الحمراء، صارت رمزًا لذكرى لا تموت، لأمومة متمردة، ولحب لا يقبل النسيان.

إيردانوسWhere stories live. Discover now