𝐈𝐕

461 48 157
                                    

الواحِدّ والعشرونَ مِن ينَاير .

الحُبَّ نَارٌ مشتعلةٌ وقودها الغيّاب .

_

إِكْفَهَّر وَجْهُ السَّمَاءِ وَأصْبَحَ عَبُوسًا قَمْطَريرًا ، فَهَطَلَت أَمَطَارٌ طُوفَانِيَّة وَهَبَّتْ رِيَاحٌ هَوْجَاء مُوَلّوِلَةٌ كحربٍ طاحِنةٍ تعصفُ فتهيجُ فتدمرُ بغضبٍ عارمٍ وكأنَّها تُنزلُ سخطها علىٰ الأرضَ فزَمْجَرَ الرَّعدُ مُدوِيًا قاصْفًا منَازلُ الحِيَّ الذِي أمكثُ بهِ مِنزلًا مِنزلًا فظللّتُ ساكنًا فِي ذاتِ البُقعة جزعًا خائفًا


أراقبُ صيّاحُ النَاسُ المُزعِج وبكاءُ الأطفَال المجزوعينَ  بسكونٍ مريبٍ أستحوذنِي ، فَراحوا يَتراكضونَ فيمَا بينهمّ بِنفورٍ وفتورٍ حادٍ وبعضًا مِنهمَ مَنْ راحَ يُغلقُ متاجرهُ خوفًا مِن السماءُ الغاضبَة فَزفرتُ زفرةٌ كَاد ينقطعُ نَفسِي بِها ! ومشيتُ للأمامِ ثلاثُ خطواتٍ وأَنا أسمعُ قرع نعاليّ الحَاد يضربُ الأرضَ بقسوةٍ بالغَة

نقلتُ بصريّ مِن عَلىٰ نَعاليّ إِلىٰ ذاتُ المقهىٰ الذِي أرتادهُ بعضُ النَّساءُ لا يزلنَّ فِي جُوفُ المقهىٰ غيرُ مُبالياتٍ للأمطَّار الغاضبةُ مِن هَذا الصباحُ فِي الخَارج ، تأملتُ ذَلك المقهىٰ الذِيّ مَلأ رجالًا وَ نساءٌ كُثرٌ علىٰ غيرُ العَادةِ جَالسينَ علىٰ المقاعِد يحتسونَ الشَاي الحِلو ويتبادلونَ أطرافُ الحديثُ بِصياحٍ صْاخبٌ غيرُ مكترثينَ بالجلبة فِي الخَارج

فَبدىٰ لي أنَّ المقهىٰ عازلٌ للعالمُ الخَارجي وكأنَ مَن يلجهُ ينسىٰ ذاتهُ فيهِ
ويسكنهُ للأمدِ الطويلّ ،جرتني أقدامِي نحوهُ عِنّوةٍ فَكانَ مكتظٌ للغاية
لا يوجدُ فيهِ مكانٌ شاغرٌ لِيّ يا لهُ مِن مقهىٍٰ واسعًا شاسعًا ذو طابعٍ
هادئٍ ينتميَّ لِلونُ البُنَّي الغَامق يتوسطهُ بيانو مخمليّ ذو لونٍ أسودٍ
دَاكَنٌ وسطحهُ براقًا كماءِ عينُ الرَضيع !

خرجتُ متنهدًا بِثقلٍ مِن هُناك عندمَا حصلتُ علىٰ قهوتي السَوداء داخل
كُوبٍ ورقي متوجهًا نَحو مَدرستي ، بدأ المَرض هذهِ الفَترةُ يتَسلل
إِلىٰ جسديّ بكثرةٍولا بد مِن هذهِ الزَيارةُ المعتادة فِي كُلّ شَتاء
كُلمَا هَّبت النسماتُ البَاردة رغُم أنْ العّلة تكون فِي ظاهِر الجسَد
فقطّ  لكننِي أُؤمِن بِمقولةِ أنْ خَلف كُلَّ مرضٍ جسَديَّ
مرضٌ فِي الرُوح 

الحالةُ الداخليّة مهمةٌ جِدًا التَفكيرُ المَستمِر الشَرود الحزنَ الهمَّ كُلَّ
هَذا التضجَّرِ عَلىٰ شَكِل إضطرابٍ فِي الجسِم ، فَكان الذبول يُسّيطّرِ
عليَّ قلَبًا وقالبًا زفرتُ أنفَاسي ضاحكًا حينمَا لثمَت زخاتُ
المطَّر وجنتايّ يالبرودتها تشبثتُ بالكوبِ الورقيّ بينمَا أستمدُ
منهُ دفَئِي و أحاول السيطرة علىٰ المظِلةُ
مِن الرياحُ العَاتية

غَسَقْ الدُجَىٰ.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن