«قـاعـة الرجـال، قريب المغرب»
وقّف مناف خلف كرسي عبدالإله يمسك خطوته بالقوة، يصدّ ويصبّر نفسه ويتمالكها لإنه ما يطيق دنياه وهو يزعّلها، تضيق عليه من كل الزوايا لإنه يعرف إنها ما بتنبسط بالشكل المطلوب وبالشكل اللي يبيه هو، رفع نظره لبوابة القاعة ولدخول عمّه خالد بجنب أُسيد، تركي، عمر وسيف وما فكر إلا بإن الأكيد إن خالد وأُسيد ما أختفوا سوا إلا لإنهم لاقوها وبكل رجاء داخله هو يدعي إن جوّها تغيّر، تعيش الليلة فقط بسرور وبيكون هو بكامل رضاه ما يطلب الأكثر، تهمه فرحتها وسرورها بكل الليالي لكنّ هالليلة غير، الفرحة فيها غير وهو يبيها تعيشها ولإنها الليلة الوحيدة اللي ما بيكون قادر فيها إنه يلازمها هو رجاءه إنه تنساه وتنسى نظرتها له لإن بمجرد ما يلاقيها هو بياخذ رضاها، بأي طريقة كانت هو بياخذه .. لفّ نظره لوقوف عبدالإله يدخّل بجسده بين الكراسي يوقف بجنبه فقط وهمس عبدالإله بإذنه: ما تسمع الأذان؟
هز مناف راسه بالإيجاب رغم إن صوت فِكره كان أطغى من أي صوت: حقّ، المسجد قريب نمشي له
هز عبدالإله راسه بالإيجاب يأشر لسلطان يتبعه وكان من سلطان التلبية يرفع بشته ويجاري خطى عبدالإله ومناف للخارج، لخلف القاعة بخطى قليلة وبداخل الحيّ يكون المسجد .. دخلوا بحدود المسجد للصفّ الأول وترك مناف عكاز عبدالإله على الأرضية، ينزّل غترته وعقاله على حدود سجوده وإعتدل بوقوفه يكبّر للسنة ومن سلّم هو عدّل جلسته يتكّي براسه وجسده على العامود خلفه يمسح على ملامحه بتفجّر ضيقه وألتفت لثواني من جاوره أبوه يتساءل قبل يكبّر: صاير شيء؟
هز مناف راسه بالنفي من كانت حتّى نظرة نيّاف قلقه يعاون داخله بركود شعوره، يخفي بيان ملامحه باللا شعور يكرر أذكاره لدقايق إلى أن أُقيمت الصلاة يعتدل بوقوفه، يجاوز بكتفه كتف عبدالإله من يمينه وشماله كتف أبوه بالشكل اللي أعتاده يكبّر خلف الإمام مع جموع المصلين وينتهي بسلام الإمام، سكنت حركته لثواني يلفّ نظره لعبدالإله الليّ يهمس بأذكاره وعاونه من أنتهى يوقّف، يكبّر معه لسنة المغرب إلى أنتهاءه يرفع غترته وعقاله معه ومن ألتفت ردد الذكر لا إراديًا لإكتمال الصفوف كلّها، يشوف من الشبابيك الواسعة الفرش وصفوف المصلين بالخارج، مدّ لعبدالإله عكازه يتساءل بهمس من لاحظ نظرة جدّه للصفّ الأول ولصلاة عيال أعمامه: يا عبدالإله
هز عبدالإله راسه بالإيجاب ما يخبي عن مناف بسط شعوره الحالي: ما يعيشون الفرح .. ألين غالية وليلتها غالية وكل من مرّيته طلب الرجعة
شدّ مناف ذراعه للعتبات الخارجية: بس؟
ضحك عبدالإله يلبس جزمته: أسألك بالله ما تقربهم، مناف ما تنجبر الفرحة
هز مناف راسه بالنفي: أنا أجبر؟ ما أجبر أحد
تنهّد عبدالإله يخطي للخارج بجنب مناف: هذي تنقال لغيري .. ما شاء الله يالجموع
هز مناف راسه بالإيجاب: مسكوا سلطان داخل، يلحقنا؟
هز عبدالإله راسه بالنفي: ننتظره، ما ورانا شيء
همهم مناف فقط يوقّف على طرف المسجد يشوف تفاوت أعمامه وعيالهم بخروجهم إلى أن خرج نيّاف لوحده يعدّل غترته وبشته بذراعه وكانت خطاه بإتجاه القاعة إلى أن طاحت عينه على وقوف مناف بجنب عبدالإله ووقف للحظة بإستغراب يغير سيره ناحيتهم: علامكم
أشر مناف على المسجد خلفه: ينتظر العريس
ضحك نيّاف بعدم تصديق: وعادي عندك؟ والله لو تحب أحد أكثر مني وتوقفني معك ننتظره لأموت من غيظي
مرر عبدالإله عكازه على الأرضية أسفله: عبدالإله أنا ماني زوجته .. ألحقهم
ضحك نيّاف يهز راسه بالإيجاب: أعتذر لمقامك
هز مناف راسه بالنفي يأشر لنيّاف بالتقدم: بسبقكم أنا
وترك مكانه من جاء نيّاف بجنب عبدالإله يتجّه هو لوحده للقاعة .. عدل نيّاف بشته على أكتافه وعقّد عبدالإله حجاجه لإنه ما يذكر إلا تنزيله لبشته يتركه مع الغيّد: البشت لك؟
ضحك نيّاف يهز راسه بالإيجاب: ما توصل وأسرق بشت، حسّيت بنطلع مع العريس وشلون ألين تشوفني بدونه؟

خطى ببوابة القاعة يشوف إكتظاظ الحضور بأضعاف العصر، يشوف تسطير الفخامة من غابت الشمس تشتغل الأنوار الخارجية تضاعف فخامة النهار بزيادة الحضور تمتلي القاعة داخلها وخارجها بالرجال والثياب والبشوت بمقام وحق سلطان، دخل بهدوء يشوف وقوف أعمامه ببشوتهم، عيالهم بثياب فقط يشوف منهم الإستغراب لتقدمه ويفهم إنهم يشوفون أكثر المناظر غرابة لإنه يمشي لوحده ولأول مرة ما يكون يجاور عبدالإله، ما أعطاهم أي رد وتفسير يتجّه فقط شمال أبوه بهدوء العالمين يوقف ..
لدقايق طويلة كانت عينه على البوابة يشوف كلّ الداخلين، كل الضيوف من قطر والسعودية يسلّمون عليه ويكررون السؤال عن سلطان الليّ ما ظهر للآن مع عبدالإله ونيّاف وكان ردّه إنه جاي فقط ورغم إنه روحه ملت الوقوف، المكان والأصوات والشخصيات إلا إنه يصبر بعد حواره الهادي مع العيال بإنه - لو شاف الملل فيهم، الضيق من المكان - وقطع كلامه فقط يفهمونه هو ويفهمون عينه كيف ترصد كل من بمكان ويميز الإختلاف فيهم لذلك هم تركوا كثرة التملل وتكرير إن الزفّة إنتهت وإن جلوسهم للآن مالها معنى يعيشون الفرحة ويشيلون الليلة بالشكل اللي أثار إعجاب أهل قطر من بداية صفّهم إلى فرحتهم الطاغية الليّ بيّنت بعد الصلاة .. إتجهت خطى مناف للبوابة من بيّنوا ياخذ ذراع عبدالإله بذراعه: أبطيتوا
هز عبدالإله راسه بالإيجاب: أخذتنا السوالف، وش قايل يا مناف
صدّ مناف فقط وإبتسم عبدالإله لإنه يشوف الآن فرحة أحفاده ويعرف إنها حقيقية ما يتصنعونها ويعرف إنهم ما كانوا إلا بحاجة قول مناف يطلقون فرحتهم ويعيشون بالشكل الليّ أرضاه يوقّف بمقدمة صفهم، بجنب سلطان وأبوه يسلّم على الضيوف وكان سروره طاغي يُعكس على ملامحه من تداخل الثقافات والعادات، لإنه يشوف السرور يطغى على الكلّ ويجمعهم بالشكل الأحب وإبتسم بالألف شعور يعيشه من تقدّم ثلاثة رجال يفهم من زيّهم إنهم من أهل قطر يلقي أحدهم قصيدته الثقيلة لسلطان الليّ وقف بثابت يستمع لشديد نطقه، وثناءه وما تمالك نفسه يبتسم لإن صاحبه ما ترك أبسط كلمة المداح ما ثبّتها فيه يرفع شأنه وتقدموا بنهاية القصيدة يسلّمون وضحك سلطان يسلّم بخشمه: وش هالقصيدة؟ ما سمعتيني ولا أستشرتني
ضحك صاحبه الثاني يشدّ على كتفه: بس ما بيّض وجهك عند النسايب؟ الله وكيلك أسبوعين يرتب فيها
ضحك سلطان غصب يلتفت لصاحبه الليّ تقدم من الجهة المقابلة يسلّم: ما شاء الله يا سلطان! مبروك يا حبيبي منك المال ومنها العيال
شدّ سلطان على مرفقه يبتسم بالأكثر لإنه يشوف الكل مبهور، الكل يردد الذكر من دخولهم إلى سلامهم وسمع ذات الإنبهار من نسائهم وما كان يحتاج الأكثر لإنه جاء بالشكل اللي يليق بألين، بأهلها ويفرحها ويكتفي هو بهالشيء: يبارك بعمرك وعقبال ما نفرح فيك ..
ما هدأ السلام والتباريك من رجوع سلطان يتفاوتون عليه إلى أن ضُج المكان بأصوات ضرب الطبول، بظهور أهل العرضة بالبيارق السعودية القطرية وإبتسم عبدالإله من بدأت تتوزع السيوف يلتفت لمناف: شوف عمر، كان ما وده بالعرضة يرفع البيرق
هز مناف راسه بالإيجاب ينسحب بهدوء لآخر صف أعمامه بعد أخذه للسيف يسلمه لعمر الليّ نفى: باخذ البيرق
هز مناف راسه بالإيجاب فقط يتجه لوقوفه بجنب عبدالإله يترقب إتجاه عمر لصاحب البيرق يحاوره لثواني فقط وياخذ مكانه بتمسكه للبيرق الأخضر بشماله ويترك طرفه على عنقه يكمّل صف أهل العرضة
دخّل مناف ذراعه بذراع عبدالإله يعاونه بحمل ثقل السيف بينما هو بإيده سيفه يميّله على كتفه رغم عدم رغبته وأساس رأيه بإنه ما بيعرض إلا إنه شاف إن عبدالإله همّه الأول فرحتهم وما بيكون هو سبب بعدم تحقيق مطلب عبدالإله بهالليلة، بسكون خارجه ما يتفاعل إلا بسيفه الثابت على كتفه بينما أنظاره تتراوح بين حضور أهل قطر وعرضتهم وما شدّ نظره إلا نزول نيّاف بوسط الساحة يرفع بشته وبلحظة ضُجت الأصوات بكلمات العرضة تتغنى فيها القاعة كلّها فرح وطرب من رفع نيّاف سيفه يثبّته على عنقه بتمايل خطوته بإنسجام مع إيقاع الطبول الصادح والقصيد الليّ كان هو يلقيه بعرضاتهم الخاصة ونزل سلطان بالمثل يرفع بشته، يتمايل بخطوته بخطى نيّاف يتسطّر أداءهم بالشكل الأرهب

كل الغرام اسمك، كل الصور في ناظري رسمكWhere stories live. Discover now