▪︎فَوْضَى الْأَفْكَار▪︎

23 2 0
                                    

«أتعلم منذ فترة قرأت أن هناك بعض النظريات التي تعتبر الأحلام كنتاج أو عصارة لعملية تصنيف تجارب اليوم السابق في الذاكرة،وتظهر فقط خلال إحدى حالات النوم، نوما ثقيلا كان أو خفيفا،
خلال هذه العملية، تفتح بوابات و ملفات مختلفة في الدماغ، وتظهر الأحلام التي تلتقط موادها من التراكيب والاختلاطات الموجودة في الذاكرة، القديمة والجديدة.

ووفقًا لمنطق هذه النظرية، فإن الأحلام ليس لها معنى سوى ما يمكن أن تكشفه من المحتويات المخفية للملفات القديمة. ومع ذلك، هناك بعض النظريات الأخرى إلى الأحلام بطريقة مختلفة، وتميل إلى اعتبار بعضها كشكل من أشكال التواصل العقلي بين الشخص النائم والأشخاص الأحياء الآخرين، وأحيانًا الأموات. ووفقًا لهذه النظرية، فإن الأحلام تعتبر رسائل مقصودة ذات أهمية يستقبلها الدماغ البشري، وبالتالي لها تفسيراتها المفيدة الخاصة.»*

بدا جاسبر كأستاذ جامعة شغوف يشرح لطلابه ما أمضى نصف حياته يدرسه، و هو يحاول تبسيط ما قرأه ذات مرة في كتاب عشوائي لصديقه موضحة وجهة نظره في ما قص عليه دافيان منذ عدة دقائق مضت

ليكمل بعد أن إجترع ما بقي في كأسه من عصير مبللا ريقه «كما أن الكتاب طرح قصة مشابهة لقصتك إلا أن المرأة التي كانت شخصيتها الرئيسية قد رأت كنزا يدفن تحت شجرة و ليس جثة»

إغتاظ دافيان لسخريته الواضحة لكنه قرر التغاضي عنها منذ أن رأى أن جاسبر قد إبتسم أخيرا فقد كان عابسا كما لو كان قلقا أو متعبا منذ باشرا حديثهما ، لكن يبدو أن صديقه غريب الأطوار يتحسن مزاجه فور أن يسمع عن شيء خارق للعادة
فقرر أن يسأل بصراحة ما جال في باله «ظننتك ستقول شيئا مثل أنني مصاب بإضطراب من نوع ما أو أنني أهلوس ببساطة،لكن يبدو أنك تشبه والدتك أكثر ؟»
ليجيب جاسبر و ابتسامته تزداد اتساعا «حقا الجميع يعتقد ذلك أنني أمتلك جسم أبي و عقل أمي »
ما جعل دافيان يفكر أنه حقا طفل فخور بأمه جاين سميث و التي كانت كاتبة خيال مشهورة حول العالم

•••••••••••

فتح عينيه منزعجا من أشعة الشمس البيضاء التي تخترق النافذة الزجاجية بجانب سريره ليشتم نفسه لعدم إسدال الستائر قبل أن يخلد للنوم لكنه إنتفض و إنقبض قلبه بعد أن أدرك ما حوله أنه لم يكن بغرفته
كان مشوشا يعلم أنه ليس واقعا، رغم شعوره الحي ببرودة الفجر و شدة أشعة الشمس و إرهاق جسده،لكنه مع ذلك لم يكن يستطيع الإستيقاظ من أي ما كان يراه سواء كان حلما أو ذكرى لذلك قرر فقط أن ينتظر بصبر حتى ينتهي الأمر كما إعتاد أم يفعل دائما

كان الجسد صاحب الذكرى أو الحلم-لم يستطع الجزم بذلك بعد- لكنه كان شخصا يكره الأشياء المحيرة و المتشابكة فقرر أن يفكر بما يراه كذكريات منفصلة عنه و ينادي صاحبها ما سمى به نفسه في أحد أحلامه المبهمة «جاك »
تحرك ببطء كدمية خشبية تالفة لشدة إرهاق جسده و عقله،لم يغمض له جفن لأيام متتالية،ثلاثة أيام بالضبط منذ دفن صديقه خفية عن أعين الجميع

القلوب دائما تتذكر حيث تعيش القصص. اكتشف الآن