▪︎هُنَاكَ جُثَّةٌ تَحْتَ شَجَرَةِ الصَّفْصَافِ▪︎

24 1 0
                                    

[فور ولادة الإنسان تحيط به كل الأشياء التي لم يخترها جنسه،عرقه،إسمه وعائلته.
تلك الأشياء قد تضحي مع تقدمه بالحياة إما أجنحته التي تطير به أو قيوده التي تمنعه من التحليق ....
أثق أن ما أراه بهذا الكبر قد يكون مجرد قيد صدئ بنظر آخرين أو أجنحة مكسورة بنظر غيرهم ،لكن هذا لا يغير حقيقة أن ما أراه و ما اقف بوسطه هو حقل ألغام ...]
توقف عن الكتابة فجأة بعد أن لاحظ تبلل الورقة ببضع قطرات متفرقة ،أدرك أخيرا أنه قد كان يبكي و أن سبب ذلك البلل كانت دموعه. جعد الورقة أمامه و ألقاها نحو سلة المهملات لكنها سقطت بعيدًا عن هدفه،ليسوط بسخط و يمسح ما لطخ وجهه من دموع بحنق ،فالآن هو فاشل حتى في إلقاء القمامة فضلا عن كتابة بضعة سطور
حاول أن يعيد كتابة واجبه المنزلي مرة أخرى لكنه ظل يحدق في الورقة الفارغة بعقل مكتظ بالأفكار المشكلة دون أن يستطيع خط حرف واحد من واجبه رغم شروق الشمس خارج النافذة ،لم يوقظه من جموده غير صوت المنبه على هاتفه و الذي كان يشير أن الساعة قد بلغت السابعة و النصف أي نصف ساعة قبل وقت خروجه من المنزل
أطفأ هاتفه بإرتباك ،لا يعلم كيف مر الوقت بهذه السرعة و هو لم يبدأ بالكتابة بعد، لكنه رغم ذلك بدأ لملمة كتبه ذلك فعواقب تأخره ستكون أسوا من عدم حله للواجب

نزل على السلالم بهدوء خشية أن يوقظ والده و يضطر لسماع محاظراته الطويلة قبل الخروج بدءا من شعره حتى حذائه سيجبره على تغيير كل شيء قبل أن يخطو خارج المنزل
إبتسم بخفوت فور أن فتح الباب ولفحته رياح صباح أبريل ،ربما المشي حتى المدرسة سيخمد بعضا من ضجة عقله و ينعش ملامحه المتعبة لقلة نومه منذ بدأ فصله الأخير في الثانوية
وصل لفصله قبل عشر دقائق من بداية الحصة الأولى ليتجه مسرعا نحو مقعده محاولا إستغلال تلك الدقائق القليلة بإراحة عينيه المتيبستان ،لكنه ماكاد يسند جبهته على ساعده حتى قاطعه صوت صرخة حادة إخترقت سمعه،وسع عينيه بوجل ليستدير عازما لكم صاحب الصوت
لكنه لم يستطع إدراكه لأن الأخير كان قد عاد بمقعده
بالفعل ،ليهسهس بغضب«ألم أخبرك أن تقلع عن عادتك الطفولية هذه بالفعل ،بحقك جاسبر لقد بلغت الثامنة عشر منذ ثلاثة أشهر كاملة لم لَمْ تنضج بعد ؟»
حدق جاسبر بصديقه بشك ليسأله بغثة «لم تنم البارحة أيضا أليس كذلك؟ متى ستتعلم الاعتناء بصحتك أيها المدلل ؟ لست مخولا لمحاظرتي على عدم نضجي دافي »
لف دافيان عينيه بضجر من صديقه ليتجاهله و يعود لإسناد يده على الطاولة ليسترخي قليلا لكن صوت صديقه الساخر قد قاطعه مرة أخرى
«انظر لنفسك سيد ناضج و أنت تحاول النوم فور دخول الأستاذ ،ألازلت في مرحلة
تمردك؟ »
ليستقيم بسرعة و يضع دفتر ملاحظاته و أقلامه على الطاولة مستعدا للدرس
حاول الحفاظ على تركيزه مع شرح الأستاذ لكن سرعان ما بدأت الارقام و الحروف على كتابه تتراقص مع بعضها على صوت الاستاذ الذي بدأ يتضاءل ببطء ، لينغلق جفنيه
باستسلام ساحبين إياه نحو عالم الاحلام
لم يستيقظ الا بعد أن دق الجرس معلنا انتهاء ساعتين متتاليتين من الرياضيات و و إمتلاء ردهة الصفوف بصخب الطلاب
فرك وجهه ببطء بغية أن يطرد عنه النعاس و يهدأ أنفاسه المتوترة من إستيقاظه المفاجئ ، بينما يسمع تذمر جاسبر بجانبه و كيف أنه قد إلتهم حظ كل طلاب ثانويته فقط لأن الجنرال -لقب أستاذ الرياضيات- لم يكتشف أمر نومه في حصته

القلوب دائما تتذكر Wo Geschichten leben. Entdecke jetzt