الفصل 22: لغز إيبرو!

5.2K 283 287
                                    

﴿إهداء خاص للفائزتين في سؤال هذا الأسبوع: _InNa_4 _-Alex

⁦❥

فندق «راديسون بلو» (موسكو) - روسيا/ عام 2065.

⁦❥

ــــــــــــــــــــــ

«لا تتحدثي! شفاهُكِ خمرٌ يزيِّنُ لي الثمالة

ــــــــــــــــــــــ

   فتح جوني باب غرفته في الفندق ليمسك آيلا بالجرم المشهود تقلب أغراضه يمينا و يسارا، و تنفض هذا القميص و تلك الكنزة هنا و هناك باحثة عن شيء ما، شيء مهم! تجمدت دماؤها بعدما سمرها دخوله المفاجئ إلى مسرح جريمتها، اللعنة! ألم يكن في الأسفل يجالس إحدى ...

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.

فتح جوني باب غرفته في الفندق ليمسك آيلا بالجرم المشهود تقلب أغراضه يمينا و يسارا، و تنفض هذا القميص و تلك الكنزة هنا و هناك باحثة عن شيء ما، شيء مهم! تجمدت دماؤها بعدما سمرها دخوله المفاجئ إلى مسرح جريمتها، اللعنة! ألم يكن في الأسفل يجالس إحدى صهبوات موسكو سامحا لها بالهمس في أذنه؟ ماذا يفعل هنا بحق الجحيم؟! تركت كنزته السوداء تنزلق من بين يديها، و استرجعت ثباتها قائلة:
-يبدو أنك لا تحبذُ السهر كعادتك!
-و يبدو أنكِ قرَّرتِ خيانة الجميع!
لم يبدُ في عينيها السوداوين الكبيرتين أنها تأثرت على الإطلاق، إذ ردَّت بكل برود تملكه:
-قد تكونُ خيانتي لك وفاءً لغيرك!
تأملها مليا و خطا خطوة قصيرة نحوها متمتما:
-و لمن يتجه هذا الوفاء يا عزيزتي آيلا؟ الأفعى إيلونا؟!
أجابت بلؤم:
-أنا لا أكنُّ الوفاء إلا لآيلا!
غير جوني دفة الحديث كليا:
-عمَّ تبحثين؟
قالت بعنف و دون تفكير:
-عن شيء يفسِّرُ سبب عبادتك للشيطانة!
أدرك أنها إشارة لئيمة لإيما، اتخذ صوبها خطوتين بطيئتين، ليصبح على مقربة أكبر منها، من عينيها اللتين طرحتا الشر فورا، عينان لم تحملا فيما مضى سوى البراءة! أطال التحديق في أعماق ذلك السواد الذي أخفت تحته كل جميل جمعهما سابقا، حتى سألته مستغربة:
-لماذا تنظر هكذا؟
أجاب جوني دون أن يتزحزح نظره عن حدود عينيها:
-ربما أنا أيضا أبحث عن سبب يفسِّرُ سبب غيرتكِ من إيما!
جعلها ذلك التعليق تفقد شيئا من برودها، برقت عيناها بغضب محسوس، و زمجرت بحدة:
-أنا لا أغار من أحد!
-هل تخاطبينني... أم تقنعين نفسكِ بهذا الكلام؟
لاحظ أن وجهها تضرج متقلصا، صدغاها نبضا بقوة، بينما انكمشت قبضتاها بشدة كأنها تقاوم رغبة ملحة في لكم وجهه حتى يفقد الوعي، و لم يُبالِ، كان يهدف لجعل رأسها ينفجر من الإنفعال، كان يبحث فيها عن فتيل يشعله، ليصنع نارا، و بنور تلك النار... قد يجدُ آيلا القديمة... أو حتى بقاياها! استمر جوني يعنف روحها بكلام لم تشأ سماعه، و يستفز مشاعرها الدفينة مطالبا بإستيقاظها، مسلطا الضوء على شيء تحاول بكل جهدها طمسه تحت أطلال من البرود و اللاشعور:
-بماذا شعرتِ و أنتِ تضعين المسدس على رأسي؟ لو لم يهدد فيدالغو قلبكِ... هل كنتِ مستعدة حقا لكتابة مشهد حتفي بنفسك... أم أنكِ كنتِ ستترددين كما حدث أمام كنيسة «جـيــلاتـي»؟!
بهتت آيلا، و تخشبت بمكانها، إذن هو يعرف أنها كانت تتعقبه يومها! اختلجت الكلمات على أطراف شفتيها؛ غير أن الصمت كانت له الغلبة، فيما تابع جوني قوله بدهاء، و هو يستمتع بصدمتها:
-أجل! خلال تعقبي لإيلونا يومها، شعرتُ أنني مراقبٌ أيضا، بدأ الأمر بسيارة مجهولة تلاحق دراجتي، ثم بنقطة ضوء أحمر وقعت سهوا على جزء من ساعدي و اختفت، بعدها اتضح الأمر حين شهدتِ لصالحي أثناء تحقيق إيلونا معي، أكدتِ لها أنني حينها كنتُ برفقتكِ في مستودع «كورا»، لكن الجميع رآكِ تتركين الفيلا رفقة سلاحك فقط، و تضاربت أقوالك مع أقوال حراس المستودع الذين أكدوا لي أنكِ لم تطئي ذلك المكان يومها أبدا! مما يعني أننا كنا بالمكان نفسه، أليس كذلك؟
دنا منها مضيفا بصوت مرهف و هو يلامس خصرها النحيل:
-كنتِ هناك، و حاولتِ قتلي رغم علمكِ بأن والدتكِ تضمرُ مخططا خبيثا، لكنكِ لم تتمكني من الضغط على الزناد، صحيح؟ كنتِ بعيدة... و رغما عن المسافة التي فصلتنا التقطتُ موجة من عطرك!
أغمضت آيلا عينيها حين سار بشفتيه على بشرتها إلى غاية حلمة أذنها، أين وقع قبلة طفيفة، و همس بلهفة:
-كيف يمكنني أن أخطئ عطركِ؟ اعترفي آيلا! واجهي الأمر! أنتِ متيَّمةٌ بي! أنا أسكنُ كل ذرة من دمك، و كل نفس من أنفاسك!
حاولت السيطرة على نفسها، و التملص منه، و كادت تفلح ببلوغ الباب، لولا أنه سجنها بذراعيه و ألصقها بالجدار مستطردا:
-تهربين من مشاعرك؟ هل حالكِ سيئة إلى هذا الحد؟
في لحظة صادمة، صرخت به و هي تدفع صدره بكلتي يديها، و قد اختفى منها كل أثر لآيلا الباردة، و حل محل ملامحها التي عرفها الإجتماع وجه بريء معذب افتقده جوني كثيرا، كأنها كانت محتجزة و تحررت للتو:
-أجل! أجل! اللعنة! أنت هنا!
أشارت إلى قلبها، في حين لم تعد عيناها تنقلان لها صورة واضحة لوجهه بسبب الدموع، لتضيف بضعف:
-هذا القلب تعذب لسنوات و هو يراك تلاحق إيما كالأعمى!
ثم أشارت إلى رأسها و هي تتابع كلماتها المعذبة كالممسوسة:
-و هذا... هذا لم يكف عن التفكير بكَ كل ليلة لعينة!
التقطت أنفاسها ممررة بصرها بين عينيه المسمرتين عليها، و أردفت بصوت متهدج:
-هل تعرف كم عانيتُ و أنا أحاول التخلص منك و في نفس الوقت أهبُّ كالمعتوهة لأحميك؟ هل تعقل أساسا ما يعني أن تكون ممزقا بين طريقين متنافرين؟ لن تفهم هذا لأنك حافظت على السير خلف قائدتك مهما يكن، طريقها هو طريقك، طريق واحد لا يتغير أبدا، أما آيلا التي تتحدث عنها فقد تشتتت بين آلاف الطرق المتنافرة، لقد تلقيتُ أمرا صريحا من أبي بتصفيتك عقب الإجتماع، خصوصا بعدما هددتَ حياة أمي، لكن... و بسبب قلبي العاهر دستُ أمر الزعيم و اخترتُ حياتك!
-خيانتكِ لي لن تغير من مشاعري شيئا، لكن خيانتكِ لإيما لا تُمحى!
-إيما... إيما... إيما! كفى! هل هي آلهتك أم عاهرتك؟
لم تصدق ما حدث بعدها، وجدت نفسها تتمسك بطاولة الزينة القريبة حتى لا تقع، هل صفعها جوني بهذه القوة القاسية أم أنها ترى كابوسا و حسب؟! رفعت رأسها متوازنة مجددا، و يدها تتحسس بفجع مكان الصفعة، لم تنظر لنفسها في المرآة، لكنها واثقة من وجود خدوش على خدها بسبب قسوة يده!
-ثوبي إلى رشدك! تعرفين أن من تربى بين يدي والدك المتوحش يمكن أن يصفع الجنس اللطيف بشكل أكثر وحشية من هذ!
-أنت على حق، لو لم يكن آيغور زاكاريادزي بتلك الوحشية السافرة لما كنا اليوم هنا! لكنتُ الآن أبعد ما يكون عن صراع الوفاء اللعين هذا!
-الوفاء لا يحتاج فلسفة، حين تختارين الجانب الخطأ، لا نفع من وفائك، بل لا نفع من أي شعور قد يحدوكِ!
انزلقت دموعها على خديها بغزارة مع آخر الكلمات التي نطقتها بسخرية:
-هل تتصور أنني لا زلتُ أشعر بشيء؟ أنا فارغة جدا الآن، مهما حاولت البحث عن مشاعري القديمة أجدها ملتصقة بقطع ضخمة من السواد! و كل قطعة تطالبني بالعيش لصالحها، لم أعرف لمن أخلص بالضبط، الجميع يطالبني بالوفاء لجانب ما، و الوفاء لجانب محدد يعني بالضرورة خيانة الجانب الآخر، أخبرني جوني... أي عدالة يمكن أن تسوي هذا؟ أي وفاء يمكن أن يشمل الجميع في كفَّة واحدة؟
صمت جوني لبرهة مراقبا دموعها التي أثرت به، بينما اعتبرت آيلا جموده مذلة إضافية لها، و قبل أن تستل نفسها و تنسحب من أمامه، تمتم بصوت تملأه الرغبة:
-فلننصِت لعدالة الحب!
لم يتسنى لها متسع كافٍ للتفكير في رد واضح، وجدت فمها المبلل بالدموع حبيس شفتيه المتعطشتين، ثم طالت تلك القبلة إلى حد جنوني، دافعا بهما إلى هياج عاطفي غير مسبوق، شعرت بحاجته لها، و قرأت في أعماقها أنها بحاجته أيضا، لم تعرف هل هي حاجة آنية وليدة هذه اللحظة المجنونة أم هي حاجة دفينة عادت للحياة توا؟! و قررت فورا أن هذا ليس بالمهم، هما معا الآن، نبضه المتسارع يؤكد أنه يريد مطارحتها الغرام، و أفكارها آنذاك لم تكن تردد غير هذا أيضا! تطايرت ثيابهما في اللحظة التالية محدثة فوضى لطيفة في الغرفة، سكن كل شيء، و لم تستطع الأصوات في رأسيهما أن تعلو فوق صوت الرغبة، و كأنما خفتت الأضواء عن عمد ليصبح الجو أكثر شاعرية... أم أن أعينهما الناعستين ولها و شوقا هي التي صورت لهما ذلك! خلال ثوانٍ فقط... تلاشى العداء و العتاب... اختفت كل فلسفة... و لم يعد الإخلاص لأي جانب على حساب الآخر بتلك الأهمية... كان المهم فقط أنهما استسلما لبعضهما و التقى الجسد بالجسد و التحمت الروح بالروح... على فراش واحد، باسم عدالة واحدة... عدالة الحب!

البحث عن شياطين|Looking For Demonsحيث تعيش القصص. اكتشف الآن