2-الدقيقة السّحرية

Start from the beginning
                                    

استمرّت هانا في الإجابة بكل ثقة نظراً لخبرتها في المجال ثم عندما انتهت الأسئلة الرئيسية انتقل ذلك المدير إلى السؤالين النّهائيين:

-"ما هي طموحاتك المستقبلية في مجال الهندسة المعمارية؟"

-"أريد تحويل المناطق المُقفرة في العالم إلى أماكن صالحة للعيش."

-"هل ترين نفسكِ جديرة بهذه الشركة؟ علماً بأننا نشجّع على العمل الموحّد لا غير."

عبثت هانا بشعرها البني قليلاً ثم ردّت بثقةٍ لا مثيل لها:

-" العمل في فريق هو أمر لا بدّ منه في مجالنا لذا أجل أنا جديرة بهذه الشركة لكنني لا أعلم إن كانت شركتكم جديرة بي فأنا متأكدة من أنّني سأكون قادرة على تقديم الكثير لكم خاصّةً بعد الخبرة التي سأكتسبها من حضرتك إن قُبِلتُ كمتدرّبة"

لم يقم بأيّ حركةٍ قد تدلّ على سماعهِ لكلامها فقد ادّعى الانشغال بمعلوماتها ولهذا السّبب بالتّحديد شعرت هانا باستفزازٍ كبير فراحت تحدّق بالأخير مُخترقةً إيّاه بنظراتٍ خالية من أي شيء، نظرات لم تعكس شيئاً من النار التي تأجّجت بداخلها لكن الأمر لم يدم مطوّلا إذ سرعان ما وجدت نفسها تدقّق في تفاصيله التي تحتّم على العينِ فعل التّأمل عِوضاً عن التّحديق.

كيف لا وعيناهُ السوداوانِ النعستان ذكّرتاها بلعنةِ الحب التي أصبحت تصادفها في كلّ مكان بينما ملامحه الحادة الباردة جعلتها تدرك أنّ بطلَ روايتها المُفضّلة ليس الأوسم على الإطلاق، لقد كان أسمراً وسيماً بلحيةٍ خفيفة وشعرٍ أسود كثيف، شعر تحرّك إثر الرّياح التي اخترقت نافذةَ المكتبِ فأظهرت تلك الخصلات السوداء الناعمة في صورةِ بحرٍ تلاطمت أمواجه وسط ظلمةِ اللّيل الحالكة.

عضّ الأخير على شفتيهِ الغليظتين بعدما شعر بتحديقها بهِ ثم وضع الملف جانباً وشابك أصابع يديهِ ببعض:

"أهلاً بكِ في شركتنا آنسة هانا"

أيّ فتاة مكانها كانت ستُظهر سعادتها الكبيرة بعد قبولها في تلك الشركة العريقة لكنّها لم تظهر شيئاً مما اجتاحها أنذاك بل فقط نهضت تنظرُ إلى اسمِ المدير المتغطرسِ بتركيز قبل أن تنبس بهدوء:

"يُشرّفني تواجدي كمتدربة في شركتكم سيّد سيفاك كزافيه لكن أرجو أن تعمل على نبرتك العالية فأنا أراهنُ أنّ مُوظّفي الشركة لم يفقدوا أسماعهم"

اعتقدت أنّها ستُشعله بكلامها ذاك لكنّه لم يشتعل إنّما نهض ليقف أمامها بطولهِ الفارع الذي جعلها تشعرُ بالدّوار ثم ابتسم بتكلّفٍ وأجابها باستفزاز

"هل من أوامرٍ أخرى آنستي؟"

تحكّمت هانا بتعابيرها الهادئة لتُمرّر عينيها على سيفاك رامقةً إيّاه بنظرةٍ متفحّصة ثم دون أن تُردف بكلمة حملت حقيبتها الصغيرة عن الكرسي ومشت تريد مُغادرة المكان لكن صوته الهادئ استوقفها:

The thug's hybrid✓Where stories live. Discover now