الفصل الثاني عشر

809 81 5
                                    


كاد أن يصيبها الجنون من تحوله ذاك، أهو مريض نفسي ليتحول بهذه الطريقة السريعة والمريبة في الوقت ذاته ؟
حاولت أن تبتعد عنه ولكن قبضته كانت كالفولاذ، فلم تستطع أن تتحرك قيد أنملة لتهتف بدموع وصوت خافت خائف مرتجف :- سبني أرجوك.

ربت على ظهرها بحنو قائلًا بصوت خافت جعلها تخضع له كالمغيبة :- أهدي متخافيش أنا معاكي .

استكانت بين ذراعيه ولم تستطع التفوه بكلمة، فحالتها لا تسمح لها بالمزيد من المجادلة أو المماطلة معه، والغريب انها لم تخاف منه كالبقية رغم ما يفعله، إلا أن صوتًا بداخلها يخبرها بأنه لن يؤذيها، هذه الثقة لا تعلم من أين مصدرها تجعلها مطمئنة نحوه بخلاف كل شيء .

على الناحية الأخرى تغلي جومانة كالمرجل، وهي تختفي خلف الشجرة لا تعلم بأنه رآها ذلك المتربص الذي لا يخفى عليه شيء كهذا .
ردد بمكر وصوت مسموع بحيث يصل للأخرى:- أهدي يا حبيبتي أوعدك هجبلك قط تاني غيره .

أخذت تتململ كالجرو الصغير تتمسح في صدره قائلة بخفوت :- لا مش عاوزة، جبلي بسيوني وبس .

عض على شفتيه بغيظ من هذه البلهاء، ليقول بهدوء عكس العاصفة التي تود أن تطيح بها من أمامه:- بس بسيوني مات، أنا هجبلك واحد غيره ومش هخلي حد يقرب منه .

نظرت له قائلة:- بجد ؟

لوهلة أصابه التوتر من عينيها تلك، ليشيح بنظره بعيدًا وهو يقول بتريث :- أيوة بجد .
ليكمل بعبث لا يليق إلا به :- ها بقى هنفضل نتكلم كتير كدة !

ردت عليه بتعجب :- اومال هنعمل ايه ؟

قالتها ببراءة شديدة وعدم معرفة لنيته الشريرة ليردد هو :- هنعمل كدة .

وبلحظة اقتحم بتلات ورودها للمرة الثانية، شعرت بالتخدر يسري بأطرافها فلم تعد قدميها قادرة على الوقوف، ليشعر هو بذلك فيجذبها من خصرها نحوه وهو مستمر في قطف محصوله الخاص، والمستهدفة لرؤية ذلك تنفث الأدخنة وتتصاعد منها، ودت لو تذهب وتسحب ندى وتلف يديها حول جيدها وتتخلص منها للأبد، هذه الفتاة خطر كبير عليها ويبدو أنها تؤثر في فريد بشكل خطير، لا تعلم أنه هو من يدير الأمور وأن الجميع يحركهم بأصابع يده كيف يشاء .

ابتعد عنها أخيرًا لتلتقط أنفاسها بصعوبة، ماتت الكلمات على لسانها ليقترب منها ويحاوط وجهها بكفيه وهو يقول بحنو زائف :- إيه يا حبيبتي مالك ؟

تطلعت إليه وهي مأخوذة بفعل سحره الذي يمارسه عليها، وهي مسلوبة الإرادة غير قادرة على مجابهته، ربت على وجنته الناعمة ليقول :- يلا روحي نامي دلوقتي وبكرة نكمل كلامنا .

اختتم حديثه طابعا قبلة خفيفة على وجنتها، ما زادتها إلا خجلًا وتوترًا لتفر من أمامه إلى الداخل، تحتمي منه ومن هجومه الضاري الذي يشنه عليها دون رحمة .

المتاهة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن