◃ 𝐙 𝐄 𝐔 𝐒 𝐈 𝐀 || 12

58 9 2
                                    

" و عَـيـنَـاكَ يَـا زِيُـوس .. إتَّـخَـذتُـهَـا مَـوطِـن لِـي "

-

" زيوس "

عبرنا اراضي اثينا بعد ساعات طوال .. اثينا العاصمه ، لطالما تمنيت زيارتها و لكنني لم افعل ، و لم اتخيل يوما ان اول زياره لي اليها ستكون بغرض القتل .
سرنا نتجول في الطرقات و ورائنا الاحصنه التي استأجرناها ، لا نعرف اين نسير بالظبط ولكننا نسير بلا وجهه محدده ، في البدايه كنا نشعر بالتعب و الأرق من قله النوم ، و لكن عندما بدأنا في السير شعرنا ببعض النشاط ، و في الواقع البيئه المحيطه بنا هي من ساعدتنا علي ذلك .
كنا نسير في سوق من اسواق اثينا الكبري ، نري الباعه ينتشرون في الطرقات و الزبائن تتجول بأريحيه ، الفتيات تسير و شعورهن تتطاير خلفهن بسلاسه ، و الشباب تسير و علي وجوههم ابتسامه و هم يتحدثون بعضا الي بعض ، كنت اري الابتسامه الواسعه المرتسمه علي شفاههم ببرود ظاهري و لكني كنت منكسر من الداخل ، اشعر ببعض الحقد داخلي تجاههم .. لما لم اسير يوما و انا ابتسم بسعاده مثلهم ؟ ، اينما اسير رأسي دائما يكون منشغل بالهموم المتزاحمه علي صدري ، لما حُرمت من السعاده التي استحقها ، هل انا سيئ لهذه الدرجه ؟ ، ما السيئ الذي فعلته حتي أُقاضي هكذا ؟ ، في البدايه أُولد لأجد نفسي رهينه لأسياد يبيعونني و يشترونني و كأنني سلعه لديهم ، حتي أبي و أمي لم اراهم يوما ، و الوحيده التي تحمل دمي .. شقيقتي الينا ، ذهبت و تركتني بمفردي ، حتي الفتاه الوحيده التي احببتها بصدق ، من المستحيل ان نتزوج .. الي متي سأظل اراها في الخفاء دون ان يعلم احد ؟ ، في كل مره اراها اري كيف تحاول اخفاء حزنها بسبب اخفائها بسرنا علي والدها ، هي تعلم اننا لن نصبح في يوم معا ، و انا لا استطيع اثبات لها عكس ذلك ، فـ كيف لشخ ..
_ بربك هلا صفيت لي ذهنك الآن ؟ اريد الذهاب للمنزل اشعر بالتعب .
كان هذا صوت فيليكس الذي قاطع حبل افكاري ، اومئت له برأسي متفهما ثم صعدت علي حصاني ليصعد بعدي كلا من فيليكس و آريس ، ثم سرنا في طريقنا الي المنزل الذي كان ينتمي لاحدي ممتلكات والد فيليكس .. الملك ديلان .

-

" مارسيا "

_ ثم تركني و ذهب مع فيليكس .
انتهيت من الحديث و انا انظر الي ثيورا ، فقد كنت اروي لها ما حدث في اخر لقاء لي مع زيوس ، ثيورا ليست خادمتي و حسب ، بل هي اقرب شخص لي في القصر ، تماما مثل فيليكس و ربما أكثر .
_ الم يخبرك متي سيعود ؟
سألتني ثيورا و هي متعجبه من رحيل زيوس المفاجئ ، نفيت برأسي و انا انظر للارض بحزن ، وضعت يديها تربت علي كتفي و هي تحاول بث الامان بداخلي ، ابتسمت لها و انا اومئ برأسي متفهمه محاولاتها لاطمئناني ، و لكنها كانت تريد من يطمئنها ، بالنهايه زيوس أخذ معه قطعه من قلب ثيورا ، نظرت الي و هي تحاول الحديث و لكن الخجل كان يطغو ملامحها :
_ ماذا عن .. شقيقك ، اقصد الأمير فيليكس .. يعني بصراحه لا افهم لماذا ذهب مع زيوس ، ثم انه لم يودع ..
توقفت عن الحديث و هي تستمع لباب غرفتي يفتح بقوه ، التفتت ثيورا بسرعه ناحيه الباب ثم انتفضت و هي تنظر من قام بفتحه و لكنني اعرف من هي الوحيده التي تتجرأ علي فتحه بتلك الطريقه .. "كاسيا" ، زوجه اخي اورانوس ، نظرت كاسيا الي ثيورا بقرف ثم تحدثت الي ثيورا التي كانت تنظر ارضا :
_ الم اخبركِ الا تصعدي الي جناح مارسيا مره اخري؟ ماذا سيقول عنا الناس عندما يرون خادمه مثلك تجلس في جناح الاميره؟
ابتلعت ثيورا ريقها و هي تقول :
_ اعتذر منكِ سمو الاميره لن تتكرر مره اخري .
اشتعلت الدماء في عروقي و انا انظر الي العبرات تتجمع في عيون ثيورا من الاهانه التي تعرضت لها للتو ، اقسم لو ان فيليكس كان هنا لكان نزع رأس كاسيا عن جسدها ، ربتت علي كتف ثيورا بينما انظر لـ كاسيا بغضب ظاهر :
_ لا عليكِ ثيورا ، لا احد يستطيع منعك من الصعود الي جناحنا ، هذا الجناح ملكي و ملكك ايضا بكل شيئ فيه .
ابتسمت ثيورا بامتنان بينما كاسيا كانت تبتسم ايضا ، و لكن بسخريه ، ابتعدت قليلا لتقف امام باب الجناح و هي تستدعي رئيسه الخدم ، ابتسمت في داخلي و انا ادري ما هي علي وشك فعله ، و الآن انا متحمسه لرؤيه ملامح الصدمه علي وجهها !
_ داميانا .. داميانا !
كانت كاسيا تنادي رئيسه الخدم " داميانا " بأعلي صوتها ، أتت داميانا بعد ثواني مهروله الي جناحي و هي تنظر ارضا :
_ نعم سمو الأميره .
_ ألم أخبرك من قبل أنه محرم علي أي فرد من الخدم خاصه ثيورا الصعود لطابق الأجنحه الملكيه ؟ هلا أخبرتيني كيف صعدت تلك الغبيه الي هنا ؟
اقتربت من اذني ثيورا اهمس لها محاوله اضحاكها :
_ اقسم ان اعلم فيليكس بأمر تلك الشمطاء ، ليقتلها و ليرتاح العالم من شرها الذي أخذته كله لها .
ضحكت ثيورا من بين دموعها في خفوت ، عدنا بنظرنا الي كاسيا التي كانت تنتظر الجواب من الخادمه ، بدي التوتر علي وجه الخادمه و هي تقول :
_ أعتذر منكِ سمو الأميره ، و لكن جلاله الملك ديلان أخبرني ان ادع ثيورا تدخل الي جناح الاميره مارسيا حينما تريد ، و ان لا اتدخل انا و اي شخص بالقصر في هذا الموضوع .
و لثانيه من الزمن ظهرت ملامح الغضب علي وجه ثيورا ، و لكنها ابتلعت غضبها داخلها و هي تبتسم مدركه انها المقصوده بهذا الكلام ، خرجت الخادمه بعدما استأذنت من رأس الافعي تلك ، ثم التفتت الي ثيورا و ما زالت محتفظه بعلامات القرف علي وجهها :
_ اخرجي .. اريد الحديث مع مارسيا .
خرجت ثيورا من الغرفه و انا ادري ما هو الموضوع الذي تريد الحديث معي بشأنه ، و يبدو أننا لن ننتهي من هذا الموضوع !
اخذت كاسيا بالاقتراب مني و هي ترسم ابتسامه علي وجهها حاولت بقدر الامكان جعلها لطيفه ، وقفت امامي ثم سحبت خصله من شعري و هي تبرمها حول اصبعها ، نظرت الي اصبعها الممسك بشعري بقرف ، تحدثت و هي تنظر الي مباشره :
_ مارسيا حبيبتي !
اتمني الموت علي ان اكون حبيبه تلك البقره ، اشتد القرف علي وجههي و انا انتظر منها ان تكمل كلامها :
_ أتعلمين أنكِ المفضله لي في هذا المنزل ؟ لا اخفي عنكِ سرا و لكن سبب من الاسباب التي جعلتني اتزوج اورانوس هو انتِ .
ابعدت يديها عن شعري و انا اسير ناحيه خزانتي اخرج فستان للنوم :
_ بربك كاسيا ، الجميع يعلم انكِ تزوجتي أورانوس لكي ينقذ مملكتكم من الغرق في الديون بنفوذه ، فلا تظني ان تلك الحركات الرخيصه ستمرئ علي .
تصنعت الحزن و كم كانت فاشله في التمثيل :
_ أوتظنين انني من هذا النوع ؟
اغلقت الخزانه بغضب و انا انظر لها و قد انتهي صبري :
_ كاسيا قولي ما عندك و اخرجي اريد النوم .
_ آريز .
_ لا .
قلتها قبل حتي ان ادعها تكمل كلامها ، تركتها و انا اتوجه ناحيه الحمام و لكنها سحبت يدي و هي تقول :
_ لما لا ؟ مارسيا فكري بالموضوع ، آريز يحبك للغايه و منذ ان كنتم اطفال تتعلمون القوس و السهام .
_ و ما شأني ؟ هل أنا من أخبرته أن يحبني ؟ هو يعلم انني من المستحيل أن اكون معه .
_ فقط اعطيه فرصه ليثبت حبه لكِ .
ابتسمت لها ابتسامه لم تصل لعيناي :
_ للجحيم انتِ و اخيكِ .
ثم استدرت لأذهب للحمام ، فجأه صرخت بألم و انا اشعر بها تسحب شعري بقوه ناحيتها ، ضربتها عده ضربات متتاليه في يدها و انا اصرخ بها :
_ ماذا تفعلين هل جننتِ ؟ اتركيني و شأني .
سحبت شعري بقوه اكبر بينما انا اصرخ و انا اشعر ان خصلات شعري ستقتلع من جذورها ، و من شده مقاومتي لها دفعتني بقوه لأصطدم بالحائط ، و من الصدمه تجمدت مكاني لتسرع هي ناحيتي و هي تقيد يدي خلف ظهري و يدها الاخري تقبض علي فكي ، نظرت لها بصدمه و انا اري شراره الحقد تتطاير من عينيها :
_ اسمعي ايتها الغبيه ، اخي و اللعنه يحبك ، لا اعلم ماذا احب بفتاه سافله مثلك ، ولكن لا بأس دعينا نتسلي قليلا ، اليكِ ما سيحدث .. اخي سيتحدث مع والدك بشأن زواجكما و بالطبع سيأتي والدك ليأخذ برأيك ، و انتِ مثلك مثل اي فتاه مطيعه ستوافقي ، افهمتي ؟
_ضحكت باستهزار و انا انظر لها بغباء ، حاولت تحرير يدي منها و لكنها كانت اقوي مني بكثير :
_ هل تظنين انني سأوافق عما تقولي ؟ اقسم لأن اخبر والدي و اخواي بكل ما تفعليه ،  ابتعدي عني !
ضغطت بيدها الممسكه علي فكي بقوه أكبر حتي صرخت من فرط المي :
_ ستقبلين ، و ان لم تفعلي اقسم ان اخبر ابيكِ و اخيك أورانوس بشأن زيوس ، عشيقك الذي تقابليه سرا .
فتحت عيناي علي مصراعيهما و انا انظر لها بصدمه ، كيف علمت ؟ لا أحد يعلم سوي فيليكس و ثيورا ، كدت اكذِّب ما تقول و لكنها عادت لتتفوه مره أخري :
_ ليس هذا و حسب ، بل أعلم أيضا بشأن الحب المحرم الذي يجمع بين ثيورا و فيليكس شقيقك ، اعلم كم تحبينهم و تهتمي لأمرهم عزيزتي .
هنا و فاقت صدمتي حدودها ، حسنا فلنفترض انها رأتني اقابل زيوس ، لكن ماذا عن ثيورا و فيليكس ؟ هم لا يتقابلان خارج المنزل و حتي عندما يتحدثا ادعهم يجلسا في شرفتي و اقف انا عند باب الجناح حرصا الا يأتي احدا و يراهم ، كيف لها ان تعلم بكل هذه الأشياء ؟
سلتت يدها الممسكه بفكي ثم اخذت تنزل سبابتها بهدوء علي رقبتي ، سارت رعشه بجسدي و انا خائفه مما هو قادم ، قبضت علي رقبتي فجأه ثم تحدثت بجانب اذني بفحيح كالأفعي :
_ و الآن انتِ بيدك حياه ثلاثه اشخاص ، زيوس ، فيليكس ، و ثيورا ، ناهيكِ عن حياتك انتِ ف هذا شيئ لا يحتسب .
كانت تتحدث بينما يديها تعتصر رقبتي و كأنها خرقه باليه ، ظللت احاول دفعها عني و انا اجاهد لالتقاط انفاسي ، ولكن كل هذا بلا جدوي ، شعرت و كأن العالم يظلم من حولي .. لا أستطيع انا اري جيدا و فقدت توازني ، و عندما تبقي لي القليل فقط من الأنفاس ، دفعتني ارضا ثم سقطت بقوه و انا اسعل احاول التقاط انفاسي ، نظرت لها و انا امسح دموعي التي فرت من شده اختناقي :
_ و الآن لديكِ يومين لتفكري ، يومين لتأخذي قرارك حول حياه حبيبك و شقيقك و صديقتك اللعينه .
ثم التفتت لتغادر غرفتي و هي تقول :
_ مدلله أبيها .
انهرت و انا لا استطيع كبح شهقاتي التي تخرج متألمه ، ليت زيوس كان هنا ، يا ليتك كنت هنا زيوس !

◃ 𝐙 𝐄 𝐔 𝐒 𝐈 𝐀 Where stories live. Discover now