𝑇ℎ𝑒 𝐼𝑛𝑡𝑟𝑜 .

319 6 0
                                    

الثاني عَشر من يناير عام 2020
أثناء إنتشار جائِحة فَيروس كورونا الوَبائى
مِن ضِمن ضحاياة المُتعددة أصاب السَهم تِلك العائِلة الصَغيرة التى تَتكون من چوفانا و إبن خالتها فاليريو و الجَدة المُصابة هيلينا
كان الفَيروس أقوي من هيلينا العَجوز و مُقاومتها فأسفَر مُقاومة مَرضها لمُدة شَهران إنتهي بمَوتها و إنتصار المَرض عليها و تَركت من لا يَعلمان شَيئاً خارِج حِدود مَدينة روما شَيئ منذ وِلادتهما
.
.
اليَوم المَشؤوم شاركت السماء به حُزنها على تِلك العائِلة الصَغيرة و أنزلت ماء غِيومها على الصَندوق الخَشبي الأبيض المُزين ببَعض الوِرود الذى يَحمِل جُثمان هيلينا
إنتهت مَراسِم الجِناز و قاموا بدَفن هيلينا
و وَقف فاليريو يَتخِذ عزائها مُتظاهِراً بالقُوة و بدَاخله قدماه لا يَقويان على حَمله و قلبه يُنذِره على إنه سيَتوقف من كَثرة الحُزن و الكآبة الذي سَيطروا عليه
أما چوفانا فنوبات الغَضب الذى لازمتها منذُ طِفولتها قد أصابتها و جَسدها لا يَنفك عن الإنتفاض بقوة تبكي ولا تَجِف دِموعها فكَيف ستَجِف و كل ما لَديها فى تِلك الحَياة و هى جَدتها قد ماتت اليَوم !
چوفانا منذُ وَفاة والِدتها و والِدة فاليريو و والِده فى حادِث مُروِع و هى المَسئولة عنهما كُلياً
رَبتهما أفضل تَربية إيجابية بحُب و دِفء و علمتهما و لم تَجعلهما مُحتاجان لشَيئ مادي أو مَعنوي قامت بكُل الادوار بعد أن تَخلي جَميع أفراد عائِلتهما عنهما
هيلينا بالنِسبة لفاليريو و چوفانا كانت ليس جَدتهما فقط بل كانت صَديقتهما و سَندهما
وَفاتها كانت كالقشة الذى كَسرت ظهر البَعير
فريدريكا صَديقتها المُقرَبة كانت تُربِت على ظهر چوفانا لتُهدئها و دِموعها على وَجنتيها الجَميع كان يُحِب هيلينا كانت عَطوفة ، لَطيفة ، مُحِبة و إيجابية مع الجَميع
.
.
عاد فاليريو إلى المَنزِل مع إقتراب غِروب الشَمس و الحُزن و الهَم ظاهِرين على وَجهه
و نَظر لفريدريكا التى تُوضِب المَنزِل و دِموعها لا تتَوقف عن الهِطول ، بَحث عن چوفانا بأعينه فلَم يَجدها فخَمن إنها لا زالت فى غُرفتها و لن تَخرُج هذه الأيام قَط
فتَحمحم جاذِباً إنتباه الشارِدة فريدريكا
( مرحباً )
نَظرت له فريدريكا و هى تَمسح دِموعها بهدوء و إقتربت منه تُعانِقه بسَطحية تُواسيه
( البقاء فى حياتكما انتَ و چوفانا )
همهم لها فاليريو بهِدوء و دَخل لغُرفة چوفانا الذى بمُجرد أن رأتُه نَظرت له بأعيُنها الحَمراء فإقترب منها يُعانِقها بقوة واضِعاً رأسه فى جَوف عُنقها و هى وَضعت أصابعها فى شَعره و تَحدثت بتَلعثُم
( دَفنت هيلينا و أتيت يا فاليريو ! )
كان فاليريو دِموعه تَنهمر على عُنق چوفانا دون تَوقف و ظلوا يبكان فى صَمت حتى غفيا سَوياً
و فريدريكا قامت بتَجهيز عشاء لهما و تَركتُه لعلا و عَسي يأكلان و رَحلت بأسي على حالتهما المُزرية
.
.
إستيقظت چوفانا فى مُنتصِف اللَيل و خَرجت للصالة و ذهبت إتجاه الصورة الكَبيرة المُعلقة فى مُنتصفها و كانت تَحوي هيلينا تَتوسط چوفانا و فاليريو
جَلست على الأرضية و هى تَتلمس وَجه هيلينا المُبتسِم بهِدوء تُحدثِها بداخلها و تَبكي
مَر وَقت ليس بقَليل لم تَشعر به چوفانا
حتى إرتفع صوت شَهقاتها
إستيقظ فاليريو و خرج مُهرولاً على صَوت چوفانا و هى تُنادي على جَدتها و كأنها ستُجيبها
إقترب منها يُعناقِها لتَهدئِتها من نَوبة البُكاء التى أصابتها للتَو
.
.
مَر هذا الإسبوع بدون خِروج أحداً منهما من المَنزِل الستائِر السَوادء أُنزِلت على نَوافِذ هذا المَنزِل مَنعت الضُوء و الإيجابية و كل ما هو جَميل عن هذا المَنزِل الصَغير
كانت فريدريكا فقط تأتى كل يَوم لزيارتهما و لمُحاولة تَخفيف الحُزن و لَكِن كل مُحاولتها باءت بالفَشل الزَريع
فكانت تَكتفي بتَحضير بعض الأطعمة لهما و تذهب
و تَعود فى اليَوم التالى لم ينقُص من الطَعام سوي فُتات أُشبهت بمعلقتان و كأنهما يأكلان ما قد يُحييهما فقط الشيئ الوَحيد الذى يفعلانه دون إنقطاع أو ملل هو البُكاء
دِموعهما لا تَجِف حتى تهطُل مُجدداً ، الحُزن خَيم فى قلبهما و حياتهما منذ اللَحظة التى تَوقف فيها نَبض هيلينا
.
.
يَومان آخران و جَمعت چوفانا شُتاتها و إرتدت زِيها الأسود المُشابِه لحياتهما من بَعدها
و ذَهبت هى و فاليريو و فريدريكا مكان المَقابِر الذى دُفِنت به هيلينا
وَقفوا أمام المَقابِر فريدريكا و فاليريو إلتزما البُكاء بصَمت أما چوفانا وَضعت باقة الوَرد المُفضَلة لهيلينا و جَلست تُحادِثها و هى تَبكي و تَبتسم بهِدوء حادثتها تُذكرها بذِكرياتهما الكَثيرة سَوياً و كإنها بهَذه الطَريقة تستعطِفها فستَعود إليهما مُجدداً
كانت وَتيرة بُكاء فاليريو و فريدريكا تَزداد رُويداً رُويداً من حَديث چوفانا المُوجِع للقَلب
مَرت ساعة على بُكائهم الذى لا يَتوقف فتَحدث فاليريو بتَقطُع من شَهقات بُكائه
( سأذهب لإحضار السيارة أنا و فريدريكا و سنترككِ معها حتى تُفرغي ما بداخلكِ و بعدها نَرحل )
لم تُجبه چوفانا فإتخذ صمتها دَليل على مُوافقتها
و رَحلا و تركاها أمام المَقبرة تُناظِر إسم هيلينا المَنقوش على المَقبرة و أسفله تاريخ مَولِدها و وَفاتها
من : 7/1/1950
إلى : 12/1/2020
فتَحدثت چوفانا بهِدوء
( مُتي فى نَفس شَهر مَولدكِ يا هيلينا ، أكملتِ السَبعون فى مَقبرتكِ إرقدى بسلام و سلِمي لي أنا و فاليريو على أهلنا ، أُحبكِ يا نَبض فؤادي )
وَقفت تُناظِر القَبر و هى تَمسح دِموعها بخِشونة
و كُل هذا يَحدُث تَحت أنظار الذى يُراقِب المَوقف من بَعيد مُتذمِراً بصَوتُه الأجش
( اللَعنة لم تَري المُذكِرات )
كادت چوڤانا أن تَرحل حتى جَذب إنتباها حَرف الكِتاب الأسود المَدفون فى الرِمال جانِب المَقبرة المُجاوِرة لمَقبرة جَدتها و بالطَبع چوفانا الفَضولة لن تَرحَل دون أن تَعلم ماهِيته
فإقتربت منه و رَفعته تَقرأ ما كُتب عليه و كان الكِتاب إسود مُزخرَف برِسومات عَتيقة فَخمة و وَرقه مُتآكِل قَديم و نُقِشَ على غُلافة 𝑇𝐽𝐾
جَذب إنتباهها عِنوانه كادت أن تَتفحصه و لَكِن قاطعها مُناداة فاليريو لها و هو يضغط على بُوق سياراته ليَجذب إنتباهها
فأسرعت فى دَفن الكِتاب مُجدداً و لَكِن بالقُرب من مَقبرة هيلينا آشلى
فإبتسم المُراقِب بهِدوء هامِساً لنَفسه
( جَيد لقد بدأنا ، لم و لن تَتغيرِ قط يا چوفانا )
.

𝐵𝑢𝑟𝑖𝑒𝑑 𝑁𝑜𝑡𝑒𝑠.Tahanan ng mga kuwento. Tumuklas ngayon