الفصل التاسع و الأخير: ما تبتغيه الأنفس!

324 49 59
                                    

فى نهار شهر ديسمبر البارد يقف هو بشعره غير المهذب كليحته، يشبه الشحاذين بهيأته غير المهندمة عكس ما كان عليه فى السابق فمن يراه الآن لا يراه من السابق، يقف أمام قبرها يتلمس طيفها الشارد بين رائحة القبور و الموت العفنة، دموعه تذرف الدموع و قبلها قلبه الذى كل نبضه تهتف بأسمها عل هناك من يجيب، عينيه تلتهم صورتها الجميلة و أسمها المزغرف بطريقة بديعة "تغريد توفيق عكاشة"، يتذكر اليوم الذى أوصلهم لهذه الحالة.........

بعدما أصر هو على مقابلة أهلها، أتى اليوم الذى عادت فيه تغريد من عملها، كعادتها تتوجه "لـصومعتها" أى غرفتها بسرعة، تتجنب أى إحتكاك بأهلها، لكن فشلت محاولتها عندما سمعت صوت والدها يقول لها بسخرية: لو مش هعطلك عن هروبك يا آنسة تغريد، تعالِ عايزك.

لتغمض عينيها تتحسر على محاولتها الفاشلة، فهى للحق ليس لها بالًا بأن تدخل معهم فى حوار عقيم لن ينجب بفائدة مرجوة منه، لتتوجه لغرفة المعيشة بأقدام و أكتاف و إرادة متخاذلة و منهمكة من حربها بمفردها ضد أقوى خصم و هو عائلتها و الحياة، لتجلس مقابل والدها ليقول بدون مقدمات: فيه شاب جاى يتقدم ليكِ النهاردة.

ليدق قلبها و يهدر بداخل صدرها، لتفول بخفوت: مين؟.

ليقول بلامبالاة: أسمه صهيب باين كدا، مش عارف جاى ليه يعني؟.

وصلت لها سخريته و بوضوح كبير، لتبتسم بسخرية، فهذه هى أول تشققات فى الكسر الذى لطالما حذرته منه، توقعت أنه تجاهل الأمر، و لكنه لم يفعل، تقدر أنه يريد أن يفعل الأمر بالطريقة الصواب و الصحيحة، و لكنها ستجعلها بندبات و جروح و خدوش لا تلتأم، غائرة و عميقة و مؤلمة، و لكن لما تستبق الأحداث، فلتتفائل، من تفائل بالخير وجده، لتفعل هى ذلك.

لتصعد لغرفتها تحضر نفسها بسعادة غامرة كطفلة جميلة، لتهاتف أسماء و تقول: ألو يا سمسم، عاملة إيه؟.

لتجيب الأخرى بإبتسامة: كويسة يا ريدو، و إنتِ عاملة إيه؟.

لتجيب بفرحة: كويسة يا حبيبتي.

لتقول أسماء: صوتك فرحان، خير فرحيني معاكِ.

لتقول هى بسعادة عارمة: صهيب جاى يتقدملي النهاردة يا سمسم.

لتزغرد أسماء بفرحة لصديقتها و تقول بمباركة: يا حبيبتي ألف مليون مبارك، عقبال ولادكم يارب.

لتقول تغريد بفرح و خجل: عيالنا مرة واحدة، يااه دا أحنا لسه بنقول بسم الله.

لتقول أسماء بثقة: و يعني هو هيلاقي أحلى من تغريد ولا أهلك هيلاقوا أحلى من صهيب يعني، ملكيش دعوة إنتِ و سيبيها على الله يا عروسة و خير إن شاء الله، عايزين عروستنا تبقى قمر.

لتقول أسماء بتوتر نوعًا ما: ما تيجي يا سمسم و هاتِ معاكِ تالين.

و على ذكر تالين، قالت أسماء بخفوت نوعًا ما: مش عارفة يا ريدو، هحاول أجيبها، هى أديلها فترة مش عجباني. بعدين اليوم يومك و إتبسطِ فيه و أحنا نجيلك يوم تاني.

ما تبتغيه الأنفس (مكتملة)Where stories live. Discover now