09 ||الاستقلال ليس الوحدة

360 58 35
                                    

ألقيتُ رأسي على الوسادة أراقبُ الفراغ بعدما طردتُ الجميع، وَأوّلهم هو، من غرفتي

أيُّ تراهات جعلتها تبارح ثغري في وجوده؟ أنا أقع له؟ ما هذه الثقة المفرطة؟ أَيحسبُ نفسهُ محور الكون أم ماذا؟

تنهدتُ أتباكى حين تذكرتُ الهراء الّذي بارح ثغري، أظنها ٱثار التخدير من جعلتني أتحث بهذه الطريقة السخيفة، لكن أشدّ ما أزعجني في الموضوع أن الغباء الّذي تفوهتُ به يحتوي شيئا من الصحّة

أفكاري لا تشبهني وَنبضاتي تخونني حين يكون في الجوار، وَأكّد لي بحثي على متصفح الانترنيت شكوكي حين رأيتُ تلك العبارة المزعجة تزيّن المقال الّذي قرأته عن أعراضي

"الإعجاب"

المعضلة الكبرى تكمن في أنني لم أجد أيّ طريقة يمكنها أن توقف شعوري هذا، وحاولتُ تشتيت ذهني لكنه يعودُ وَيفكّر فيه

لا أفهم مالّذي يُعجِبُ به حتى! إنه رجل والرجال كلهم سواسيّة لا يستحقون ذرّة إهتمام منّا فما بالك بأحسيس كالّتي تتملكني؟

لا أذكر أنني خضتُ تجربة مماثلة لهذه قطّ، بإستثناء تلك المرات القليلة في المدرسة المتوسطة حين بدى لي بعض الفتيان وسيمين ومن ثمَّ عرّفني رحيل والدي عن حقيقة أبناء جنسهم

زفرتُ الهواء بضجر أحاول التوقف عن التفكير فيه، لكن كيف أفعلُ وجزءٌ منه عندي؟ المستشفى الّذي أنا به، رائحة الأدويّة، الألم الطفيف، رعشة خافقي وَهذا السرير المغاير لسريري كلّها تذكرني بالعملية، وتذكرني بكليته الّتي داخلي، وهذا تلقائيا يقود إليه

إستقمتُ من جلستي بنفاذ صبر حين لاحظتُ أن الأمر لا ينفع، وَسحبتُ المحلول المتصّل بيدي أرتدي خفّ المستشفى وَأنهضُ ببطء للتمشي

خطواتي كانت بطيئة، الجرحُ الّذي لم يلتئم بعد ٱلمني بعض الشيء لكنني إحتجتُ تصفيّة ذهني لذا سرتُ بحذر في الممّر حتى وصلتُ المصعد أستقله وَأنزلُ الطابقَ الأرضيَّ أتخّذُ خطواتي نحو حديقة المشفى

أحببتُ الشعور بِأشعة الشمسِ الدافئة على جلدي لذا إتجهتُ للجلوسِ على أحد المقاعد الخشبيّة أراقبُ الذاهب والٱتيَّ

عينايَّ حطت على ثُنائيّ كبير بالسن وَلا أدري لمَ إبتسمتُ حتّى، أمن الجميل أن يتشارك شخصان سنوات عديدة سويّا؟ تُرى أَمن الممكن أن يظّل أحدهم معي لذلك الوقت؟ لكن ماذا لو تركني بعدما صار جزءا مهمّا مني؟ ماذا لو تخلى عني؟

قد تكون الوحدة موحشة لكنها ٱمنة، على الأقل لا أحد سَيكسرني مجددا هكذا

سَأكون مستقلة لدرجة ألّا أحتاج أحدا معي!

أمضيتُ وقتا كثيرا جالسة هنا حتى الغروب أستجمعُ طاقتي فالخطوات القليلة الّتي خطوتها لهنا إستنفذتها كلها وَحين بدأَت الشمسُ تختفي في الأفقِ وقفتُ مجددا تقودني خطواتي نحو الغرفة الّتي أشغلها

وجهان لعملة واحدةWhere stories live. Discover now