الخوف من المجهول

الحكاية التانية ،قطر الجواز

قطر الجواز

أنتِ ازاي لسه متجوزتيش لحد دلوقتي
إيه يا حبيبتي مش هنفرح بيكي
أنتِ كبرتي اوي ولازم تتجوزي
منظرك بقى وحش اوي وانتي كبيرة كده ولسه متجوزتيش
قطر الجواز فاتك يا حبيبتي
ده اللي اصغر منك متجوزين ومعاهم عيال
واللي قدك قربوا يجوزوا عيالهم
يالله يا حبيبتي شدي حيلك شوية عايزين نفرح بعوضك
هذه هي الكلمات التي كان يتردد صداها في أذن نور وهي تركض ،تركض بسرعه القطار ،تريد ان تسكت تلك الاصوات،تلك الكلمات التي تطعن في قلبها وتجرحها ،
بطلتي اسمها نور وعندها ٣٠ سنه،من الاحياء الشعبية في الاسكندرية،وكما فهمنا فهي لم تتزوج حتى الان ،وتعاني من الاكتئاب وهذا ليس لانها لم تتزوج فهذا الامر لا يعني لها الكثير
ولكن لما تتلقاه من الاناس حولها من الكلمات التي تعتبر كالسم الذي يخرج من افواههم
لا اعرف لما هذه العادات السيئة ،لما يجب على المراة الزواج ،لما لا يجب عليها ان تعمل وتبني مستقبلها بنفسها دون مساعدة الجنس الاخر من البشر
مهلا لما يلحقون بالمرأة ولا يلحقون بالرجل لماذا نحن من يطلق علينا عانسه وهما لا يطلق عليهم عانس
لماذا يقال للمراة لقد فاتكِ قطار الزواج ولا يقال للرجل لقد فاتك قطار الزواج
كل هذا كانت تفكر فيه وهي تركض أمام البحر تشتكي له همها ،
أصبح البحر صديقها الوحيد في الفترة الأخيرة، بعد ان تخلى عنها الجميع بحجة انها تجلب الحظ السيء لكل من تعرفه
تعبت من التفكير والركض جلست على صخرة أمام البحر وتبكي في صمت
جائها صوت من جانبها قائلا :متبكيش يا حبيبتي ،دموعك دي غالية اوي
نور بفزعه:ححضرتك تعرفني
الرجل:مش لازم اكون عارفك ،انا حسيت بيكي وجيت علشان اعرف مالك
نور:مالي ،الدنيا كلها جاية عليا اوي يا عمو
الرجل:بعد كل الدموع دي كلها هتلاقي فرح كتير اوي مستنيكي
نور:ربنا يسهل يا عمو
وعادت نور الي منزلها لتتلقى المزيد من الكلام الجارح لها من والدتها
قالت الام:نورتي البيت يا اختي ،اجهزي بقى علشان تحضري فرح بنت خالتك انجي الأصغر منك
نور:مش قادره والله يا ماما تعبانه
الام:من ايه يا اختي من الانتخه في البيت ولا من كتر العرسان اللي بتخش علينا
نور:كفاية بقى يا ماما ،تعبت والله من كلامك انتِ مفروض أمي اللي تقف معايا وتقولي كلام يقويني لما الكل يحاول انه يكسرني ،مش تكوني انتِ اول اللي بيكسروني ،مفكرتيش في مرة لما اسمع كلامك ده واخش انام ممكن مصحاش تاني من كلامك اللي بيقطع فيا ،خلاص يعني الجواز هو الحل لكل حاجة، طب ماانتي اهو بقالك32 سنه متجوزة اسماً بس ،اومال فين جوزك انتي متعرفيش سابك ومشى وبقيتي لانتِ متجوزة ولا حتى مطلقة ،مفروض تتعلموا من تجاربكم الفاشلة من الجواز انه مش حاجة اساسية في الحياة ،على العموم يا أمي أنا شوفت شقة وهروح اقعد فيها وهستقل بذاتي وهشتغل في الحاجة اللي بحبها في التصميم وهكبر فيه لحد ما ابقى مشهورة ومعايا فلوس كتير ومتخافيش يا أمي مش هنساكي كل شهر هبعتلك فلوس ،مهما حصل منك فأنتِ أمي
وجهزت حقيبتها ورحلت من المنزل عازمة في أمرها انها سوف تحقق ما لم يستطع احد ان يحققه
وبالفعل انتقلت الي منزلها الجديد وبدأت حياتها من الصفر وواجهت كثير من الصعوبات وكلمات من الفشل التي لا يستطيع احد تحملها
ولكنها واجهت الكثير من هذا الكلام ،أخذته كالحجارة التي تبني بها مستقبلها
مر الكثير من الوقت وعادت لتقف في نفس المكان التي كانت تبكي فيه ،ولكن هذه المرة تقف بصفتها المصممه العالمية نور إدريس، الناجحه والتي حققت كل ما تريد ولكنها فقدت والدتها العام الماضي
والجدير بالذكر انه تقدم لها الكثير من الرجال الاغنياء ولكنها لم تعد تريد الفكره نفسها وخصصت حياتها للموضه والازياء وايضا دار للأيتام تزوره كل يوم وتجلب للأطفال الكثير من الألعاب والهدايا لتسعدهم
وهذه كانت حياة نور تحولت من التعثر والوقوع من الحجارة التي كانت تقذفها الناس عليها إلى بناءة اخذت تلك الحجارة وشيدت بها مستقبلها الباهر
عليكِ يا عزيزتي ان تتجنبي ما يقوله الناس لكِ فانتِ لكِ وحياتكِ لكي ايضا ،عيشيها كما تشائي انتِ لا الناس
رائيكم يهمني