تقسيمات الالفاظ

14 0 0
                                    

تقسيمات الألفاظ (1)

للفظ المستعمل بما له من المعنى عدة تقسيمات عامة لا تختص بلغة دون أخرى، وهي أهم مباحث الألفاظ بعد بحث الدلالة. ونحن ذاكرون هنا أهم تلك التقسيمات، وهي ثلاثة، لأن اللفظ المنسوب إلى معناه تارة ينظر إليه في التقسيم بما هو لفظ واحد، واخرى بما هو متعدد، وثالثة بما هو لفظ مطلقا، سواء كان واحدا أو متعددا.
- 1 - المختص، المشترك، المنقول، المرتجل، الحقيقة والمجاز إن اللفظ الواحد الدال على معناه بإحدى الدلالات الثلاث المتقدمة إذا نسب إلى معناه فهو على أقسام خمسة، لأن معناه: إما أن يكون واحدا أيضا ويسمى " المختص ". وإما أن يكون متعددا، وما له معنى متعدد أربعة أنواع: مشترك، ومنقول، ومرتجل، وحقيقة ومجاز، فهذه

خمسة أقسام:

1 - المختص: وهو اللفظ الذي ليس له إلا معنى واحد فاختص به،

__________________________

(1) راجع الحاشية: ص 27، وشرح الشمسية: ص 38، وشرح المنظومة: ص 14، واللمعات:
ص 5، والجوهر النضيد: ص 5 وأساس الاقتباس: ص 8 وتأمل في الاختلاف الموجود بينها.

________________________________

مثل " حديد " و " حيوان " (1).

2 - المشترك: وهو اللفظ الذي تعدد معناه وقد وضع للجميع كلا على حدة، ولكن من دون ان يسبق وضعه لبعضها على وضعه للآخر، مثل " عين " الموضوع لحاسة النظر وينبوع الماء والذهب وغيرها. ومثل " الجون " الموضوع للأسود والأبيض (2). والمشترك كثير في اللغة العربية.

3 - المنقول: وهو اللفظ الذي تعدد معناه وقد وضع للجميع كالمشترك، ولكن يفترق عنه بأن الوضع لأحدها مسبوق بالوضع للآخر مع ملاحظة المناسبة بين المعنيين في الوضع اللاحق، مثل لفظ " الصلاة " الموضوع أولا للدعاء ثم نقل في الشرع الإسلامي لهذه الأفعال المخصوصة: من قيام وركوع وسجود ونحوها، لمناسبتها للمعنى الأول. ومثل لفظ " الحج " الموضوع أولا للقصد مطلقا، ثم نقل لقصد مكة المكرمة بالأفعال المخصوصة والوقت المعين... وهكذا أكثر المنقولات في عرف الشرع وأرباب العلوم والفنون، ومنها لفظ السيارة والطائرة والهاتف والمذياع ونحوها. من مصطلحات هذا العصر.
والمنقول ينسب إلى ناقله، فإن كان العرف العام قيل له: منقول عرفي، كلفظ " السيارة " و " الطائرة " وإن كان العرف الخاص - كعرف أهل الشرع والمناطقة والنحاة والفلاسفة ونحوهم - قيل له: منقول شرعي أو منطقي أو نحوي أو فلسفي... وهكذا.

4 - المرتجل: وهو كالمنقول بلا فرق، إلا أنه لم تلحظ فيه المناسبة بين المعنيين، ومنه أكثر الأعلام الشخصية.

______________________________

(1) لا يخفى عليك: أن لكل من اللفظين معنى مجازيا حيث يطلق " الحديد " على الصلب من بعض الأجسام غير الحديد، والحيوان يسلب عن الحي الذي ليس له إلا رمق، فيقال: إنه ميت ليس بحيوان، فالأولى التمثيل للمختص بلفظة الجلالة وبالأسامي المبدعة التي تجعل علما للأشخاص.
(2) مثل بمثالين تلميحا إلى أن المشترك ينقسم إلى ضد وغيره.

______________________________

5 - الحقيقة والمجاز: وهو اللفظ الذي تعدد معناه، ولكنه موضوع لأحد المعاني فقط واستعمل في غيره لعلاقة ومناسبة بينه وبين المعنى الأول الموضوع له، من دون أن يبلغ حد الوضع في المعنى الثاني، فيسمى " حقيقة " في المعنى الأول و " مجازا " في الثاني، ويقال للمعنى الأول:
معنى حقيقي، وللثاني مجازي.

والمجاز دائما يحتاج إلى قرينة تصرف اللفظ عن المعنى الحقيقي وتعين المعنى المجازي من بين المعاني المجازية.

تنبيهان:

1 - إن المشترك اللفظي والمجاز لا يصح استعمالهما في الحدود والبراهين إلا مع نصب القرينة على إرادة المعنى المقصود، ومثلهما المنقول والمرتجل ما لم يهجر المعنى الأول، فإذا هجر كان ذلك وحده قرينة على إرادة الثاني. على أنه يحسن اجتناب المجاز في الأساليب العلمية (1) حتى مع القرينة.

2 - المنقول ينقسم إلى " تعييني " و " تعيني " لأن النقل تارة يكون من ناقل معين (2) باختياره وقصده، كأكثر المنقولات في العلوم والفنون، وهو " المنقول التعييني " أي: أن الوضع فيه بتعيين معين. واخرى لا يكون بنقل ناقل معين باختياره، وإنما يستعمل جماعة من الناس اللفظ في غير معناه الحقيقي لا بقصد الوضع له، ثم يكثر استعمالهم له ويشتهر بينهم حتى يتغلب المعنى المجازي على اللفظ في أذهانهم فيكون كالمعنى الحقيقي يفهمه السامع منهم بدون القرينة، فيحصل الارتباط الذهني بين
نفس (1) اللفظ والمعنى، فينقلب اللفظ حقيقة في هذا المعنى. وهو " المنقول التعيني ".


______________________________

(1) وأما في الأساليب الخطابية والشعرية ونحوهما، فلا يحسن اجتناب المجاز، بل كلما زاد التجوز في تلك الأساليب زاد حسنها.
(2) أو ناقلين معينين باختيارهم وقصدهم.
(1) لفظة " نفس " إشارة إلى أن هذا المعنى كان مرتبطا باللفظ أيضا حين كان معنى مجازيا، ولكنه لم يكن الارتباط آنذاك بين نفس اللفظ وهذا المعنى، لأن ارتباط المجاز مباشرة إنما هو بالمعنى الحقيقي لعلاقة بينه وبينه هي المصححة للتجوز، وارتباطه باللفظ إنما يكون بواسطة المعنى الحقيقي، فليس له ما دام مجازا ارتباط باللفظ مباشرة.

______________________________

نفس (1) اللفظ والمعنى، فينقلب اللفظ حقيقة في هذا المعنى. وهو " المنقول التعيني ".
الخلاصة:
اللفظ الواحد مختص مشترك منقول مرتجل حقيقة ومجاز تعييني تعيني

___________________________

المنطق Wo Geschichten leben. Entdecke jetzt