الفصل الرابع

219 21 0
                                    

الفصل الرابع
" الإنتظار، يولد الإنفجار "
هل ما سمعته صحيح؟، أبي يريد تزويجي من المعلم إسماعيل، أليس ذلك الشخص الذي يبدل النساء كتبديل ملابسه، كيف وافق أبي على ذلك.
منذ ذلك الوقت الذي أخبرني بقراره وأنا أحبس نفسي في غرفتي، إريد الغرق بين أحزاني، فلا يجدني أحد، ابكي فلم أعد أشعر بعيني، وقلبي أصبح يؤلمني، وكأنه يخبرني أن أتوقف عن تعذيبه، وهل هذا بيدي حتى؟، رغبت بالتوقف عن البكاء حتى استطيع التفكير في حل ولكن دون فائدة، عيناي اعلنت العصيان، فلم يعد لي تحكم بهم، حولت النهوض للتحدث معه مرة أخرى ولكن فور وقوفي، لم أعد أشعر بجسدي سوى وهو يصتدم بالأرض بقسوة، وبعدها فقدت الوعي.
فتحت عيني لاجد السقف هو ما قبلني، تألم جسدي بشدة، لاعي بأني ما زالت أرضًا بعد فقداني الوعي، فلتت مني قهقهة، وتعالت بصخب، فماذا توقعت أن يأتي أحد للإطمئنان علي، مع ضحكاتي تعالي نشيجي، لأدخل بنوبة بكاء أخرى، لم أعد أعلم هل أضحك أم أبكي، وضعت يدي على قلبي الذي أصبح يوغزني بشكل اقوي، أصبح الألم لا يطاق، لذلك حولت أن أهدأ حتى يهدأ الألم.
خرجت لرؤية أبي وأمي، قولت بهدوء وصوت البكاء ما زال في صوتي :
- بابا ارجوك انا مش عوزة اتجوز بالطريقة دي، إزاي عاوز ترميني الرمية دي ؟ .
قال أبي حتى ينهي الحديث قبل أن يبدأ :
- أنا قررت، مش باخد رأيك .
قولت بأمل أن يفكر بحديثي:
- يا بابا أنت إلي كنت بتيجي تحكي أنه كل يوم في جوازة شكل دا متجوز ثلاثه، وبيبدل في الرابعة، إزاي عوزني أتجوزة وأنت عارف إني هيرميني لما يزهق ؟.
قال ما جعل وجهي يشحب:
- إنتي وشطرتك، متخلهوش يزهق، اربطيه بعيل زي إلي قبلك .
صحت بألم لعله يرى انه يحدث إبنته :
- أنت بتعمل فيا كدا ليه، أنا بنتك، أنا عملت إيه لكل دا ؟ .
صاح بي وهو يقول :
- عشان تتربي وتعلمي إزاي تمشي مع حته ميكانيكي لا راح ولا جه، المعلم إسماعيل على الأقل هيعيشنا مبسوطين .
توقفت الكلمات على لساني، وشل عقلي لبرهة، قولت بهدوء وكأني لم أكن اصيح منذ قليل :
- اها فهمت، أنت بتفكر في نفسك ومصلحتك .
ثم إلتفت بهدوء وانا اعود لغرفتي، واتمتم :
- بدال غلطت يبقي أصلح غلطتي .
................
كنت أسير في الطريق أنظر حولي، كنت ابحث عن شيء محدد، ولكن للأسف لا أعلم حتى شكلها او أين تقع، فأنا لا أرى شيء أمامي ولا أعلم كيف أكملت طريقي إلى هنا
أليس من المفترض اني اعبر من عندها سابقًا، والأن كيف تاهت مني الطرق؟، مر طفل من جواري لأمسكه سريعًا قبل أن يتعداني :
- قولي يا عسل، متعرفش فين ورشة الميكانيكيا إلي هنا، بتاعت الأوسطى عمر ؟ .
نظر لي بدهشة وكأني من عالم أخر، فهو يعلم إني أعيش هنا، ولكني حقًا رغم عيشي هنا ولكني لا أتحدث مع أحد، ولا أعلم أحد ايضًا، قال لي بهدوء:
-هتفضلي ماشية على طول كأنك راحه تركبي من على الناصية، هتلاقيها على إيدك اليمين .
ثم رحل وتركني اكمل طريقي، أخيرًا وجدت مرادي، لا أعلم كيف سأفعل ما جأت لفعله، فهذا كان أخر ما توصلت له، وأخر ما ظننت إني سافعله يومًا، إقتربت من تلك الورشة لأجد الشخص الذي ابحث عنه، نعم هو ظهره فأنا لا اعلم شكله حتى، إقتربت منه وانا اقول له :
- اسطى عمر ؟ !.
إلتفت سريعًا لي بشكل جعلني اعود للخلف بضع خطوات، لم انظر إلى وجهه، ولم اعي بشيء سوى بما جأت لاخبره به، وقبل أن أرتب حديثي، قال لساني دون تفكير :
-تتجوزني ؟!! .
نظرت لوجه بصدمة، لايقن ما قولت، نعم جأت لهذا السبب ولكن عندما خرجت الكلمة وجدتها غريبة، تعثرت الكلمات على لساني لاقول بتوتر :
- أنا اسفة .
ثم هرولت للعودة إلى المنزل، وقبل أن اختفي عن انظاره، شعرت بأحد يحكم قبضته على ذراعي، إلتفت إليه، لأجده يقول وكأنه لم يفكر كما فعلت :
- أنا موافق .
حبست أنفاسي، وأنا لا ارى شيء، فإن وجب على الزواج وتدمير حياتي، فعلى الأقل يمكنني إختيار من سيدمرها معي.
.................
مشهد الظل 
ظل الحزن يلاحقني منذ ذلك الشجار، علمت من البعض أن والدها علم بالأمر، شعرت بخطئي الكبير، لم يكن من المفترض أن أتشاجر معه وقتها، وليس وهي بيننا، ومن الممكن أن تطولها الألسن، رغم علمهم بحقارة الأخر، والذي من عادته أن يتحرش لفظيًا بالمريين، ولكن ما حدث جعله يجفل فهو يحاول دائمًا أن يحميها ويأتي بالنهاية ذلك الحقير لينهي ذلك بسهولة، وقفت في منتصف الورشة، عقلي لم يكن معي بالكامل، كلما أفعل شيء يستمر الأمر أن يشغل تفكيري، إلتفت سريعًا للخلف بشكل مباغت عندما وصل لي صوت، ورغم إنني لم أسمع صوتها تحدثني من قبل، ولكني علمت أنها هي، ظللت أنظر لها بعدم تصديق، قبل أن ألاحظ تغيرها، كان وجهها شاحب و تحولت شفتيها إلى الأزرق، ونحول جسدها يحكي مئات الروايات عن ما مرت به، شعرت بالوخز بقلبي، وعقلي يهاجمني ويخبرني بأني السبب بما يراه، نظرت لعينيها التي كانت كافية بأن اعلم بأنها ليست بوعيها، هناك شيء كبير سبب حضورها إلى هنا، هي حتى لا تعلم عني شيء فهي جاءت وهي تتسائل عن هويتي، رأيت التشوش على وجهها ولكن مع ذلك نطقت بثقة غريبة:
-تتجوزني؟!! .
إن قلت بأني قلبي يحاول القفز من بين أضلعي فلن أكون أبالغ، يبدو بأنها ذهلت كما فعلت أنا، لأنها تراجعت وكأنها وعت لما هي اتت لفعله، لقد جاءت لتطلبني إلى الزواج، رغم سخرية الأمر أنها من أخذت تلك الخطوة وانها لا تعلم عني شيء، ولكني وقتها شعرت بإستنجادها بي، ولن أكون عمر إن لم أنقذها من تلك الهوه السوداء التي تسحبها، ركضت وذهبت خلفها احيل ذهابها وعندما نظرت لي أخيرًا وكأنها المره الأولى التي تراني حقًا بها قولت بهدوء محاولًا تهدئة قلبي وعقلي، الذين دخلو في شجار حتى يتولو هم القيادة، قولت لاحسم الأمر بينهم:
-أنا موافق .
إمتلات عينيها بدموع، وإلتفتت لتغادر بهدوء، وكانت الخطوة الثانية لي أن أذهب إلى والدها، لطلب يدها كما ينبغي بي أن أفعل سابقًا .
...

رضيت بك أملي (كاملة)Where stories live. Discover now