الفصل الثاني

303 24 0
                                    

الفصل الثاني

يا مَن سكْن بين فؤادي ،أين اختفيت ومازلت أشعر بحرارة ضمك لي ،حِين إرتفت جفوني لرؤيتك لم أقابل سوى فراغ هوائك ولكني أستشعر قربك ، فهل أصدق الواقع أم أغلق عيناي و احيا في وهم وجودك .....

بداية يوم جديد، ولكن بتكرار روتين الأيام السابقة، الإختلاف الوحيد، هو إستيقاظي
المتأخر دون قصد، يبدو أن إرهاق جسدي وروحي اثر على عقلي، ربما حاول الأخير
مكافئتي ببضع ساعات راحة أخرى، ولكن ألا يعلم بأن الأمر سيزداد بشاعة، و تلك الساعات الراحة التى حتى لم اشعر بهم، سيزيدون الضعف من، الإرهاق، الإذلال، الغضب، ولكن ماذا سأفعل إن كنت أحيا بمنزل انعدم به التفاهم والحب، لا أحد به
يحب الأخر، فقط لو أشعروني بعاطفتهم، كنت سأفعل ما أفعله عن طيب خاطر .
نهضت من فراشي على صوت صراخ أمي، بتأكيد علمت سبب صراخها بعدما نظرت في الساعة المعلقه في غرفتي، فور خروجي من غرفتي، جفلت بشدة عندما، إصتدم
وجهي بشيء، لم أشعر سوى بسائل دافئ يسيل على جبهتي، لقد قام والدي بقذفي بحذائه، وهتف قائلًا :
- الهانم نايمة في العسل، ولا كأن في بني أدمين عوزين يروحوا الشغل .
نظرت بإتجاه أمي التي تجاهلت ما حدث لي، ونظرت إتجاهي بغضب، يبدو أن حدث بينهم شجار قبل ظهوري، فوالدي لن يستطيع التحدث معاها ونهرها، ولكن بإستطاعته ان ينفس عن غضبه بإلقاء الأشياء حوله، فتصيب أي شيء، لا يهم، أين ستصل، ولنأخذ وجهي كمثال، حدث ذلك كثيرًا، منهم تلك الندبة في عنقي، ذهبت إلى المرحاض ونظرت إلى وجهي الخالي من التعبير، إن أردت العيش بينهم فى هدوء يجب أن اكون فاقدة للإحساس بما يحدث حولي، لا أعلم كيف تحملت ما يحدث، ربما لأني لا أحاول التفكير بما يحدث، فما الفرق الذي سيحدث إن فكرت بكل ما يدور حولي، صببت الماء على وجهي، مع وقوع نظري على إنعكاسي والماء يتساقط بعدما تلون بالون دمائي، ربما تترك ندبة كالاخر، لا يهم يجب أن أتعايش مع الصعاب .
...........
أسرعت في سيري،  فالقد تأخرت عن موعد عملي، هم لن يعذروني عن إستغراقي بالنوم، وهل عذرتني أسرتي، فالقد اصروا على إحضار الطعام حتى وهم يعلمون بأن ذلك يعني أن أتجاوز موعد الحضور، والأن يجب أن انتظر الحافلة، اعلم أنها ستفوتني أيضًا، رأيتها من عن بعد وهي ترجل أحدهم ولكن اعلم أني لن ألحقاها فالمسافة بعيدة ، أسرعت في خطاي و أنا أدعي الله بأن الحقها، فمغادرتها يعني أن أغرم ثمن سيارة أجرة ولا اعلم إن كان المال معي يكفي لذلك، لاحظت وقوف الحافلة مع إقترابي منها، يبدو أن السائق غاضب من شيء ما، أستطيع سماع تذمره بسبب الراكب الذي يؤخره، إبتسمت في سعادة وأنا أفكر بأن الله إستجاب لدعائي، فأرسل ذلك الشخص لتأخير الحافلة، صعد الراكب وصعدت خلفه وأنا أتنفس بعمق وسعادة، سعادة تلك الكلمة التي نسيت كيف يكون ٱحساسها، ولكن شعوري بالسعادة بشأن أمر تافه كصعودي للحافلة في اللحظة الأخيرة، يجعلني أشعر بالإمتنان في داخلي .
..........
سأعود اليوم متأخرة عن موعدي، بسبب وصولي المتأخر قرر مديري أنه من العادل أن اقوم بتعويض ذلك التأخير، فقط كل ما اخشاه هو وصولي إلى المنزل، تنهدت وأنا أحاول التركيز، فلا امكث ضعف الوقت فيما أفعله.
إنتهيت أخيرًا من عملى، لأغادر سريعًا، فما زال علي الكثير لفعله، ف اليوم سأذهب للتسوق لإحضار الطعام، كم أتمنى أن أرحل عن هذا العالم في هدوء، لم اسطيع الصعود إلا على الحافلة التي تمتلئ بعشرات فوق ضعف ركابها الأصليين، ولكن يظل السائق بحشو الناس فيها، فلا يراعي إمرأه او رجل حتى، وكأن لا يوجد فرق بينهم فى تلك الحافلة، وكما عادتي كلما صعدت على متن تلك النوع من الحافلات اظل واقفة فلا مكان لي للجلوس، وإن أردت الحق وايضًا للوقوف، فانا حرفيًا ملتصقة بالنافذة، وتكاد أضلعي تتحطم، ولكن إن ظننت أنه هكذا ملتصقه فالأن أنا والنافذة أصبحنا واحد، صحت بألم من ذلك الإندفاع نحوي، لأجد فجاه صوت صياح أخر لم أفهم منه شيء ثم إبتعاد الشخص الذي كاد يحطمني، تنهدت في راحة أخيرًا أتمنى فقط أن تصل تلك الحافلة فتنتهي رحلتي، بعد دقائق توقفت ليندفع الكل بالخارج إنتظرت حتى نزل البعض ثم تحركت فما زال الوقت ليس في صالحي، عند نزولي كادت قدمي أن تنزلق ولكن إمساك أحدهم لذراعي ساعدني على التوازن، شعرت بالحرج الكبير، وأنا أترجل دون النظر خلفي، فحتى وإن نظرت لن أرى أحد وأنا في وضعي هذا .
............
مشهد الظل
تركت الورشة لإحضار بعض الأغراض الناقصة وأيضًا لأشياء أخرى، رأيت الحافلة تمر فاوقفتها سريعًا، أسرعت في خطاي ولكن قبل صعودي لاحظت تلك التي تهرول بإتجاه الحافلة، نظرت إلى ساعة معصمي لأجدها متأخرة، إبتسمت بهدوء فالقدر يصمم على جعلي ألقاها دائمًا، صاح السائق من خلفي وهو يقول :
-ما تخلص يا اخينا هنفضل وقفين .
قلت له محاولة جعله ينتظر تلك التي إقتربت:
-اصبر كدا، بشوف الفلوس معايا ولا هتدفعلي الأجرة أنت ؟ .
نفخ السائق في وجهي بسخط :
-اللهم إخزيك يا شيطان .
في تلك اللحظة صعدت عندما رايتها خلفي، إبتسمت في سعادة واضحة، وكانها حصلت على جائزة ما، وذلك اشعرني وكأني فعلت شيء مهم جدًا لها .
بعد إنتهاء اليوم جاءني إتصال من عميل تعطلت سيارته وارادني أن اصلحها له
لذلك توجهت له من فورى، فهذا معروف عني وعن عملي، فور طلبي لا أتأخر عنهم وهذا سر نجاحي في عملي المتواضع، وبالفعل وصلت وقمت بإصلاح سيارته، وإستعدت للمغادرة، توقفت الحافلة أمامي، لذلك ودون إنتظار صعدت على متنها، وكما العادة، وقفت في الردهة، سرق إنتباهي تلك التي تقف بضجر وسخط خلف مقعد السائق، كان يفصل بيني وبينها رجل ما، وهنا توقفت الحافلة ليصعد أخرون على متنها، لم أبالي بأحد سواها، كان جمالها كافي لأن أقع لها مرتين، إبتسمت بداخلي على أفكاري، فكيف ستنظر لشخص مثلي، يعمل في إصلاح السيارات، تنهدت بحزن، إنتبهت على إندافاع الرجل نحوها وليس هو فقط بل أصبح الجميع يلتصق ببعضه، وهي حاولت أن تدفع الجميع عنها ولكن دون فائدة، تأوهت بصوت عالي،وذلك جعل الغضب يشتعل بداخلي، على ما يحدث، ألا يرى ذلك السائق الأحمق أن هناك سيدات على متن الحافلة اللعينه.
............
عاد بجسده للوراء، فاجبر الجميع أن يعود للخلف بقوة ومعه ذلك الرجل الذي يفصل بينهم، صاح به أحد الركاب :
- إيه يا عم ما تحاسب ؟ .
إلتفت له غاضبًا :
- معييش أله حاسبة، واقف عدل .
عاد الأخر يقول :
- أنت محدش مالي عينك، وبعدين أنا اقف زي ما أحب .
نظر له بتبجح قائلًا وهو يعاود دفعه يتحداه أن يتحدث مره أخرى :
- لو الكلام مش على هواك، ادهولك على أقفاك .
فصل بينهم الجميع ليجد نفسه أمامها بالفعل، بعدما وقف الرجل الذي كان يفصل بينهم مكانه، إبتسم بعدما ذهب غضبه أدراج الرياح، عندما نظر إليها، رغم أنها لم تنتبه له، بعد دقائق وصلت الحافلة فتحرك الجميع للنزول.
.........
لم أتحرك، إنتظرت أن تترجل هي أولًا، كنت خلفها وهي تتحرك ببطئ بإنتظار نزول من أمامها، وبالفعل عندما كانت تضغط على الدرج الحديدي فلتت قدمها وكادت تسقط، لم أشعر بنفسي سوى وأنا أقبض على ذراعها، حتى إستعادت توازنها، ترجلت خلفها حتى شعرت بالإطمئنان أنها بخير، تنهدت وانا أفكر، أن القدر يلعب معي، فأنا لا أخطو خطوة واحده سوى أن تتقابل طريقنا، هل هذا لانها تعيش بنفس الحارة، دعيت الله أن كانت خيرًا لي أن يجعلها من نصيبي، رغم إني أشعر بإستحالة ذلك، ولكن لا شيء مستحيل عن إرادة ربي .

رضيت بك أملي (كاملة)Where stories live. Discover now