الفصل الثالث

232 22 0
                                    

الفصل الثالث
" إن كان الألم شخصًا، لحتويته بأحضاني، حتى يلين لي، فلا يعد يؤلم أحد أخر "

كنت أقف في نصف المنزل وانا أصيح بأمي بعدم تصديق، كيف يفعلون بي ذلك، ألا يكفي الإزلال الذي أعيش به بينهم، بل يريدون أن أتوقف عن عملي، حتى أجد الوقت بأن أخدمهم جيدًا، نعم إنني كنت أجد مشقة بالعمل وخدمتهم، ولكن كان هذا برغبتي، فأنا أرغب بالعمل، لا أريد أن يكون كل ما أفعله الوقوف بالمطبخ، وتنظيف المنزل، لا أريد أن ينتهي بي الحال كشقيتي، التي يبدو أنها فقدت روحها بعد طلاقها، هل ينتظرون مني أن أجلس بالمنزل حتى يجدون ذلك الزوج الذي سيشتريني كما فعلوا سابقًا، لا لن يحدث أبدًا، إلتفت إلي أمي أقول لها :
- أنا طول عمري، بعمل كل حاجة وبسكت، بتقوليلي يا أمل اعملي ويا أمل جيبي دا، أقولك حاضر ومش بعترض، بس ليه؟، ليه عوزة تنهيني كدا، الشغل دي الحاجة الوحيدة إلي بتصبرني، هو إلي بيخليني عوزة أصحى بكرة، ف ليه عوزة تنكدي عليا ؟ .
تحدثت والدتي بعدم إهتمام بمشاعري:
- ليه يا ختي لنكون بنعذبك، وبنحط الحجر على بطنك .
هدأ إنفعالي فجأه ف إكتشفت للتو أنه لا يوجد فائدة بالحديث معها، لذلك تمتمت بيأس :
-على قلبي، الحجر دا على قلبي يا ماما .
نعم قولت يا أمي، لعل ذلك يلين قلبها ويذكرها بأني إبنتها أيضًا، دلفت إلى غرفتي جلست على فراشي أتنفس بعمق، هل أصمت على ما يريدون؟، نهضت بهدوء وخرجت من غرفتي قاصده غرفت شقيقتي، أردت رؤيتها كيف هو حالها الأن، طرقت الباب و وعبرت للداخل كانت تجلس على فراشها وتنظر إلى طفلها، جلست جوارها فنظرت لي قائلة:
- في حاجة حصلت؟، سمعت صوتك بيزعق بره .
تنهدت وانا أخبرها برغبة أمي بأن أترك عملي، بعدما إنتهيت من الحديث قالت لي بهدوء:
- بدال ماما حطت حاجة في دماغها يعني هتعملها، فعمليه بمزاجك احسن ما يتعمل غصب عنك .
نظرت لها، لقد صدمني حديثها حقًا، وهل هذا يكون برغبتي؟، أنا لم أختار أن أترك عملي، كيف تفكر شقيقتي، ماذا يحدث معاها لتفكر هكذا، قولت بأمل أن تتحدث وتخبرني عن أحوالها :
- حياتك عاملة إيه يا منى؟، إيه إلي وصلك للنقطة دي ؟ .
عادت للنظر إلى طفلها قائلة بهدوء :
- مفيش حاجة، بس بقيت عوزة أقعد لوحدي، مش عوزة أشوف حد، ولا اتعامل مع حد، حاسه إن طاقتي بتخلص، معدش فيا حيل غير إني أتنفس .
نهضت من جوارها، لن افهمها ولن تفهمني، هكذا هي علاقتنا، أردت الحديث معاها لعلها ترى معاناتي، فتحاول إنقاذي من ذلك المأزق، ولكن دون فائدة، هل أكون هكذا إنانية؟، ربما، من يعرف، كل ما أريده فقط هو أن أحصل على الراحة.
ذهبت إلى السوق لشراء بعض الخضار، هكذا اصبحت حياتي، لم أذهب إلى العمل منذ إسبوع، كل ما أفعله هو الذهاب إلى سوق الخضار والطبخ والتنظيف، وإحضار طلبات المنزل، عبرت من أمام القهوة التي يجلس امامها الكثير من الشبان، كل ما يفعلوه هو إزعاج الماره بجلوسهم هكذا، لا احب المرور من أمامهم، ولا من أمام التجمعات، أصاب بتوتر الشديد، واشعر ان الانظار جميعها أصبحت بإتجاهي، وهذا شيء لا أستطيع التحكم به، يبدو كهاجس، او خوف مرضي، من نوع ما، فور مروري وبسبب توتري وقعت الحقيبة البلاستيكية الذي بها بعض الخضراوات، وذلك ذاد هلعي، فاصواتهم أصبحت أعلى واصبحت هدف حديثهم، شعرت بسخونة وجهي وعلمت أنه أصبح أحمر اللون، حينها سمعت أحدهم يقول بخبث:
- يا حلوتك يا أحمر .
زادت عقدة حاجباي، وأنا أشعر بالإشمئزاز من تصرفي هذا، كم أردت أن أكون من هؤلاء الواقحات الذين يستطيعون أخذ حقهم في التو واللحظة، ولكني أعلم إن حولت الحديث فساتعثر به كما تعثرت خطواتي، وصل لاذني ذلك الصوت الأجش الذي يقول بهدوء، ولكنه يخفي خلفة الكثير، اخذت الحقيبة ونهضت لأنظر لذلك الذي تدخل لينهي تواقحهم، الذي يزداد يومًا عن يوم، اعتقد إني رأيت هذا الشخص من قبل أنا فقط لا استطيع التذكر جيدًا، سعدت للغاية من دفاعة عني، حتى وإن لم يكن بشكل مباشر، خشيت أن يتأزم الوضع وانا أقف أمامهم هكذا، لذلك نويت الرحيل، ولكن ذلك الوقح تحدث قائًلا:
-راحه فين يا ابلة بعد لما شعللتيها ؟ .
إلتفت إليه بصدمة، ونبض قلبي بشدة، وإرتعبت مفاصلي، لم أعلم ما أقول، وذلك شجع البعض أن يتحدث عني، وكأنه أنا من جعلهم يتحدثون عني هكذا، غادرت أركض إلى منزلي وقلبي يرتعد بقوة، أشعر أن هناك مصيبة ستحدث، وكما شعرت صدق إحساسي، وأبي يقتحم غرفتي بعدما عاد، وهو يصفعني، ويقول :
- سيرتك على كل لسان يا بنت ***، جهزي نفسك الحج إسماعيل طلب إيدك وأنا وقفت .
وهنا توقف العالم حولي ولم أسمع شيء، سوى بذلك الصفير الذي كاد يصم أذني
............
مشهد الظل
إسبوع طويل، هو ما مر علي منذ إن رأيتها، هل هذا له علاقة بدعائي، هل هي ليست خيرًا لي، كنت أستغل كل فرصة أن أذهب خارج الحارة لعلي ساقابلها بإحدي الصدف التي كان القدر يسديني إياها، ولكن دون فائدة، بدأت أشعر بيأس، وافطن أن الله يريد ذلك، وذلك جعلني اشعر بالحزن، فذلك يعني أنها ليست لي، كنت أسير عائد إلى الورشة ولكن تدحرجت تلك الثمرة تحت قدمي فكادت ادهسها، وعندما نظرت إلى مصدرها وجدت من كنت افكر بها، دون شعور مني تبسمت وانا أنظر لها، نظرت إلى أعلى أشكر الله أنه أجابني، فتلك هي العلامة على دعائي، إقشعت إبتسامتي عندما سمعت تلك الجملة من ذلك الوقح، إلتفت له بغضب وانا اصيح به :
-  لو مش عارف تظبط لسانك، نقطعه احسن  .
........
نهض الأخر وهو يقول حتى لا يشعر بأنه يتم إهانته:
- إيه يا عم الشبح، جاي تقول شكل للبيع .
إقترب منه بشدة قائلًا :
- عينك تحت رجليك، وقبل ما تحب تعمل راجل، ابقى أعرف إلي زي هتقابل .
ثم لحق جملته بالكمة على وجه الأخير، إندفع الجميع يحاول إبعاده عنه، وصاح أحدهم :
-إهدى يا عمر مش كده .
إلتفت الشخص الذي يتشاجر معه قائلًا:
- هي تخصك ولا إيه ؟ .
ثم نظر خلفة قائلًا :
-راحه فين يا أبلة، بعد ما شعللتيها ؟ .
إندفع عمر له وهو يمسك ملابسه قائلًا وهو يهزه :
- كلامك مع الرجالة يلا، ولا إنتمائك عند النسوان ؟ .
قهقه الأخر محاولًا إستفزازة اكثر وصاح به :
- لو عجباك دوس نجمة وشباك .
تعالت الاصوات حولهم، وصوت صراخ السيدات عندما بدأ عمر بضربه مره أخرى.
..........


رضيت بك أملي (كاملة)Where stories live. Discover now