14

33 17 0
                                    

«هممم. هو أثار ريبتي منذ البداية».

بهدوء تحدث رجل المافيا رداً على المعلومات الواردة إليه للتو من قبل عميله، والأخير أخذ يثرثر بأكاذيب مشوبة ببعض الحقائق عما يدّعي أنّه اتخذه مساراً لاكتشاف العنصر الخائن.

مقابلاً لمرآته الضخمة وقف جوهر الشيطان يراقب عبر لوح الزجاج تعابيره الجامدة والتي تناقض حُممه الداخلية المشتعلة.

عيناه الحادة كانت مصوبة نحو ظاهر كفّه الأيمن حيث ارتسمت بحبر مظلم نسخة مطابقة عن إحداهما.

ميزتان اثنتان ارتبطتا بهذا الوشم، الأولى والتي كانت محط تفكير الجميع: موقعه المُلفت والبعيد عن أي تورية.

أما الثانية فتمثلت بظن الجميع أنّ رمز المجموعة هذا ما هو إلا صورة لعضو الإبصار الخاص بزعيمه.

قلة فقط علموا لمَن تعود هذه العين؛ إذ عاشت في جمجمة رئيسهم السابق والذي أُردي قتيلاً برصاص ابنه المراهق منذ زمن طويل، ومذاك تم محي كل أثر يقود إليه مهما بدا تافهاً، وحتى اسمه قد أصبح بمرور الوقت طي النسيان.


«جائزتك ستصلك بغضون ساعتين. سأتولى الأمر من هنا.
أما أنت فلدي لكَ مهمة أخرى، وأعتقد أنّ كل ما يخصها قد وردك بحلول هذه اللحظة».

بهذه الكلمات أوقف الزعيم سيل أكاذيب العميل.

ألن يحتاج مساعدة أخرى من بام؟ بالطبع، وكان ليطلبها لو أنّه الرجل يعمل لصالحه فقط...

أما الآن وفي هذه الظروف فلن يسمح لذلك المتغطرس بأن يربحه أية جميل وإن كان بسيطاً.
هذا وهو لا يثق به أصلاً.


عليه الآن أن يتعامل مع ذاك الخائن المتذاكي.

وسيلتفت لعميله المريب فيما بعد، لديه بالفعل عدة خطط بشأنه، ولكنها جميعها تحتاج لأن يتفرغ تماماً؛ على المآل أن يكون لصالحه وبأقل خسائر ممكنة من طرفه.



ابتسامة شيطانية ارتسمت على وجهه، وشرع في السير متقدماً من النافذة الزجاجية المطلة على باحة البناء حيث تجمع أفراد عائلته يهيئون أنفسهم لمهمة هذا اليوم -أنى سينفذ ما يجول في رأسه- غافلين تماماً عمّا ينتظرهم من أحداث.


بطرف عينه لمح ميشيل، وكان الفرد الصغير قد اتخذ لنفسه ركناً دافئاً ليقوم بالتمارين الرياضية التي أشار بها إليه بذاته مسبقاً، كوسيلة بسيطة لتخفيف التوتر إبّان المهمات الخطيرة كمثل اليوم.

في مكان ما عميق في رأسه، هو يشعر بالأسف لمصير الشاب.

بالرغم من شكوكه حوله، إلا أنّه عوّل عليه بالكثير من الآمال، وتمنى بصدق لو أنه أساء الظن به.

أما الآن وقد تيقن من أنه قد خُدع، فحتى آماله لم تعد تؤتي نفعاً.

هو أبداً لم يترك قطعة فاسدة في صندوقه؛ ولن يترك.




-




أطبق غابرييل جفنيه ينظم أنفاسه كابتاً غضبه المتصاعد.

للمرة الثالثة حاول الرجل أن ينبّه كايتي عن الخطر الذي لا ريب يتربص لها في وجود الماكر ذاك، ولكنها لم تصغي له بأي طريقة.

أيعقل أنّها أحبته ووثقت به بهذه السرعة؟ غابرييل يتمنى فقط ألا يكون الأمر كذلك.


خطوات هادئة أرّقت تفكيره فاصطنع ابتسامة من فوره يستقبل طفله بها وكان شاكراً أنّ الصغير لم ينتبه لهيئته القلقة؛ عندها لن يكون بمقدوره أن يكذب عليه...


توسط روميرو فخذي أبيه يقبل وجنتيه مراراً بالتناوب.

الطفل لم يكُ غافلاً عن حالة والده ولكنّه يحاول أن يتجاهل كل شيء الآن ويركز فقط على استغلال الوقت المتبقي لديه للالتصاق به.

هو يتفهم ماهية عمل والده ولكنّ هذا لا يساعد في تقليل توتره.

ولعلمه أنّ أبيه لن يستطيع المواكبة بين حماية نفسه وانشغاله على طفل بكّاء؛ فإنه ومنذ زمن قد بدأ في ستر خوفه عنه بطريقة واحدة يتقنها: أن يتعلق به كصغير شمبانزي مفطوم حديثاً.


حينما شعر بحركة صادرة عن والده هو تمسك به أكثر يرفض تركه، فما كان من الأكبر إلا أن استقام حاملاً ضئله بحرص سائراً به نحو المطبخ فهو لن يفرّط بفرصة إعداد وجبة أخيرة لذيذة لصغيره الوحيد، ربما يغادره يوماً أو نحو ذلك؛ وهل سيجد طفله مَن يتدلل عليه ويطالبه بوجباته المفضلة حينها؟.



«باابا».
لحنّها الصغير بينما يتحرك بنشاط في مجلسه فوق الرخام بجانب المغسلة يبحث عن وضعية جيدة.

«قل ما لديك».
بملل تكلم الوالد، لديه توقع مبدأي عن الطلب القادم.

«أنا لا أحب العمة كاترين. تعلم ذلك صحيح؟».

«كذبة الموسم؟»
بعدم اهتمام أجاب الأب لا يلقي ولو نظرة واحدة على الصغير، منشغلاً بتقطيع الطماطم.

«امم. لست أكرهها. ولكن..»

«تريد البقاء مع معلمتك؟»
قطع غابرييل تلعثم الطفل، رغم أنّه محتار لحقيقة أنّه متوتر أصلاً.

«نعم هذا ما أريده. ولا تقلق لسنا نُثقل عليها. حدثت فابيو وهو وافق بالفعل».
بنفس واحد رشّ روميرو كلماته لا يدع للأكبر فرصة للمجادلة حتى.

«سأقبل ولكن عليك أن تعدني أنّك ستناديه باحترام من الآن وصاعداً. حتى لو كان لطيفاً ويعاملك بودية ما يزال يكبرك بسنين عديدة».

برقة وقليل من الحزم حادث الأب طفله يناظره في عينيه مباشرة، ليبتسم حينما تلقى إيماءة ظريفة من الولد رغم أنّه لا يثق بمدى جدية الطفل في تنفيذ مطلبه...




«الآن سنملأ بطنك الجميل حتى تشبع. وسأحزم ما يبقى في حقيبة لتشاركه مع معلمتك وصديقك. اتفقنا؟».

ابتسم الصغير مومئاً بالإيجاب يستقبل بفاه مفتوح بعرضة الملعقة المليئة بالحساء الفاتر محمولة بيد والده.

في لحظات نادرة -وهذه إحداها- يقبل روميرو بطيب خاطر أن يُعامله أبوه كطفل بل ويكون مطيعاً أيضاً بغرابة تامة، لذا هو أسند رأسه إلى صدر والده يأكل كل ما يُقدّم إليه بلا تذمر كما أنه وافق أن يدفنه الأكبر بداخل معطف سميك لا يسعه معه أن يتحرك براحة حتى...



-



قبّل غابريل جبهة طفله يضمّه لصدره ببعض القوة ثم أنزله واقفاً في صالة منزل كايتي.

ولسعادة الصغير حول المرأة وشقيقها قلبه قد أُثلج.

يشعر أنّه محظوظ بحقّ لوجودهما، ويأمل أن يبقيا معه ليتنعّم بمرأى هذه السعادة تزيّن ملامحه.




«آنسة كايتي أنا أعتذر إن تجاوزت حدودي في الأيام الفائتة. ومع ذلك سأكون مسروراً لو أخذتِ حذرك من المدعو بام».

هو شعر أن عليه أن يغامر بذكر الأمر حتى لو عنى ذلك أن يرى تعابير السأَم هذه تعكّر صفو وجهها.

«رافقتكَ السلامة سيد ويليمز».

بابتسامة بشوشة ودّعت المرأة ضيفها تطمئنه للمرة الأخيرة أن ابنه سيكون بأمان رفقتها.



-



وجهته التالية كانت مركز عمله حيث ينتظره أفراد فرقته ليباشروا بمَهمتهم المرشَدة من قِبل عميلهم الشجاع ميشيل الذي خاطر وتحدى خوفه ليُطلعهم على ما تحصّل عليه من معلومات.



خلال ساعتين انطلق الجميع بسيارات معنونة بلوحات مدنية وكانوا قد تسلّموا أسلحتهم مسبقاً.

مذكّرتهم للمُداهمة والهجوم إن تطلّب الأمر استراحت في جيب رئيس الفرقة جنباً إلى جنب مع هويته الأمنية وجهاز الاتصال بسائر المرافقين له والذين يعدّهم جميعاً من مسؤوليته يرعاهم ويحميهم كابنه تماماً وبشكل خاص أولئك الصغار المشغّلة أفئدتهم بالحماسة...



-


أي آراء؟

أي توقعات؟


-

Avelos babies: High twinsTempat cerita menjadi hidup. Temukan sekarang