10

50 25 0
                                    

نافذة بيضوية الشّكل توسطت الجدار المطلي بأزرق باهت، أشعة الشّمس الرّبيعية اللطيفة كانت قد اخترقتها منذ ساعات الصباح الأولى، ومرّ على ذلك بعض الوقت لآن، تنير الغرفة الصّغيرة الهادئة على نحو مريب بالنظر إلى مَن يشغلوها حالياً.

عشرة أطفال بعمر الخامسة توزّعوا على مقاعد بذات العدد، ضئيلة تلائم أحجام أجسادهم في طور النمو، مطلية حديثاً بلون مشابه لرمال الشاطئ، رائحة الدهان الطازج ما تزال تملأ الأجواء، مختلطة مع الرذاذ العطِر المتطابق لسائر الأطفال المتواجدين، والذي يناقض في حدّته ما يصدر عن عروق الأستاذ الشاب النابضة بإيقاع قوي غير منتظم سببه انهماكه في شرح المعادلات المنقوشة على السبورة البيضاء بأقلام ملوّنة ما بين الأحمر والأزرق، تبدو بمجملها بسيطة غير متكلّفة ولكنّها بالتأكيد ليست بهذه السهولة بالنسبة للصغار المُنصتين بكامل تركيزهم؛ عدا عن صغير واحد.

ذلك الطفل الغائر بجسده الضئيل في قميص بنصف أكمام رفقة بنطال قصير مثبّت على خصره بحزام مشدود بإحكام، قدماه بداخل الحذاء الرياضي أبيض اللون متأهبّتان لما يغوص به بملئ تركيزه، هيئته توحي أنّ ما يفتعله دماغه من تشويق يختلف تماماً عمّا يدور في الحجرة من أحداث رتيبة.

مَن يجاوره بالمقعد نظر نحوه بطرف عينه يراقبه يحاول استنباط ما يدور بداخل دماغه المتقد على الدوام، يستغلّ اللحظات القليلة التي يقتطعها المعلم لغرض الارتواء ببعض الماء أو السماح لرئتيه باختطاف عدة أنفاس حرمها منها أثناء انغماسه في الشرح والتلقين.

حين أحس لوكاس بنظرات أخيه قرر إطلاعه على متعته الفردية.

يقرر أنّ توأمه المُجتهد يستحقّ جرعة من المرح بين الحين والآخر.

بينما كان المعلم يستدير ينهال على السبورة بالكتابة وفمه الثرثار لا يكفّ عن التفوّه بما يبدو أنّه يعادل طنّاً من الكلمات والقوانين الغريبة على الأطفال المنكبّين على كراساتهم يدوّنون ما تراه أعينهم وما تسمعه آذانهم مما يستدركوه مع السرعة الرهيبة التي تتصف بها سلوكيات الرجل أمامهم.

في تلك الأثناء ظهرت قطة مرقّطة صغيرة الهيكل مقابل الباب المفتوح عن آخره، تدلف إلى الغرفة تكسب انتباه الصغار ومن ثَمّ المعلم، تسير بمهل وأحياناً على عجل، فقط كما يريد محرّكها.

قرص بيتر فخذ الطّفل بجانبه يتسبب بصدور صرخة متألمة عن أخيه، وجفول القطة تقفز مع مواء عالٍ تهرع باتجاه الباب تتوارى خلفه بسرعة.

عاد المعلم للشرح مجدداً، هذه الأحداث قد تكررت كثيراً مؤخراً تجعل من السهل عليه تجاهلها والمضي قدماً.

ومثله فعل الطلاب يعودون إلى درسهم بعد انقضاء المهلة البسيطة.

«كفاكَ لهواً. وانتبه لما يقوله المعلم»
هسهس بيتر ينهر توأمه.

Avelos babies: High twinsWhere stories live. Discover now