الفصل الخامس والعشرون

172 11 0
                                    

الفصل الخامس والعشرون .........

(ضباب الحقيقة)

كانت ليلة زفاف حزينة بالفعل وهذا ما شعرت به سحاب اثناء تجهيز نفسها لحضور ذلك الحفل الريفي الذي يحمل بين طياته كثير من القسوة والاضطهاد والتغييب لحقوق المرأة باختيار شريك حياتها انه ليس بعرس انه جنازة لقلب فوزية يتم تشييعه الى حيث قلب وسام الذي يعتبر القبر الذي سيغير معالمه ويمحو كل ألوان السعادة والاحلام بداخله
انها تشعر وبقوة بإحساس فوزية الليلة وستشاركها الدموع والالم بدلا من الفرحة والسعادة التي يتوجب على كل بنت ان تعيشها بليلة زواجها
إحساس كئيب اعترى قلبها يرفقه شعور بالذنب والتقصير ووخز الضمير لأنها السبب بالظروف التي حلت على الصبية لولا وجودها بالقرية لما اضطر خليل ان يحدد مصيرها بذلك الزواج القهري
ليس الحزن والذنب فقط ما تعاني منه الان انما العجز أيضا انها عاجزة ليس عن مساعدة نفسها فقط انما كل من يلجأ اليها ويطلب العون منها
ان الشعور بالعجز لم يكن مجرد إحساس يمر عليها انما غضب داخلي كامن بداخلها يجعلها تتمنى ان تقوم بانتفاضة وتمتلك كل الأسلحة التي تمكنها من قمع الظلم والجبروت ومقاومة سلطان الظروف التي تضطر الانسان للرضوخ والتسليم وأول تلك الأسلحة القلب القوي والمشاعر المتحجرة.
تزينت بلمسات من الماكياج الخفيف لكنها سرعان ما تناولت منديل ومسحت وجهها بالكامل لماذا تتزين ولمن؟ تريد ان تشاركهم الرقص على جراح فوزية؟ انه عزاء بالنسبة لها ولولا انها تريد رؤية فوزية وتسمعها بعض الكلمات لما ذهبت أساسا
لما اضطرت ان ترى مراسيم تقديم القربان الى الهة الجور والاضطهاد والاغتصاب.
فتحت خزانتها وانتقت ملابس بسيطة جدا عبارة عن جينز ازرق وكنزه صفراء باهتة ليست سميكة تماما تناسب الطقس المتردد هذه الأيام وربطت شعرها على شكل كعكعة متناثرة الأطراف وعندما انتهت جالت ببصرها بأنحاء المنزل وغزى قلبها شعور سريع من الرضا والاحساس بنعمة الاستقلال والتفرد والقيادة فكل شيء هنا يخصها وحدها ومرتب وفق مزاجها وذوقها .... كل شيء دافئ وشفاف لقد صنعت مملكة لها بأشهر قليلة وجعلت من البيت المهجور الذي تملأ اركانه العناكب وتتجول فيه الفئران الى صومعة من نتاج لمساتها وافكارها البسيطة .... كوب قرب السرير وكتاب هناك ومنشفة هنا وطلاء اظافر على ركن النافذة وفرشاة شعر ملقاة على السرير انها من فعلت كل هذه الفوضى وهي من سيتكفل بإعادة كل شيء الى مكانه لا أحد يتحكم بساعة نومها ولا بوقت استحمامها ولا وقت طعامها ولا أحد يجرؤ على اغتصاب أي لحظة انفعال او بهجة من قلبها لا أحد قادر على لمسها او اكراهها ... ربما لن تنعم بذلك طويلا لكنها ستجاهد وتحاول اغتنام أي لحظة ودقيقة وثانية وهي ملك نفسها وتجاهد من اجل عدم الرجوع الى هيمنة الظالم وسجن الجبروت.
سارت مسافة سيرا على الاقدام قبيل غروب الشمس وشيئا فشيئا ظهرت لها معالم الاحتفال في المزرعة القريبة حيث وجدت تجمعات من الناس وسمعت أصوات ضحكات الأطفال وجلبة الشباب والمصابيح قد انارت المزرعة بالكامل كأنها شعلة متوهجة وتساءلت ما حال فوزية الان؟ وماذا عن الام؟ هل هي مبتهجة كالأخرين؟ سعيدة بذبح قلب ابنتها الوحيدة؟ فقدت الإحساس بالكامل مثلها مثل ميرال ام مازال في القلب رمق مستنكر ورافض؟

اغوار جارى لكاتبة هند صابرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن