بداية🥀

4 1 0
                                    

- أخي، أخيي، هيا استيقظ أيّها الكسول!!
-همم ماذا هناك؟ لماذا تصرخين هكذا كالبلهاء؟! دعيني أنم قليلًا!!
- هيّاا انهض أيّها الكسول هناك شيءٌ ما يحدث في القرية!!
- ماذا؟ وما الّذي سيحدث؟ أخبريني بالتّفاصيل لاحقًا، أريد إكمال حلمي الجميل الآن...
- دعك من الأحلام الآن، هناك أشخاصٌ دخلوا القرية وشكلهم يبدو مريبًا وزيّهم يبدو وكأنّه زيٌّ عسكريٌّ لبلادٍ أخرى، وجميع أهالي القرية مجتمعون عند مدخل القرية ويبدو الوضع مريبًا جدًّا!!
- ماذا؟!! لماذا لم تقولي هذا من البداية؟ هيّا دعينا نذهب بسرعةٍ ونرى!

كان صباح ذلك اليوم بداية كلّ شيء، حين استيقظت على صوت أختي الصّغرى لتبثّ لي تلك الأنباء المشؤومة! كان يوما عجيبًا وكان معظم المراهقين والشبّان والأطفال يظنّون أن الأمر مرِحًا حين بات يتجوّل جنو.د البلد المجاور في قريتنا يوميًّا بعد ذلك اليوم، وبالطّبع كنت واحدًا من أولئك المراهقين الّذين لم يعرفوا حجم المصيبة القابعة خلف وجود الجنو.د في قريتنا حيث كانوا يسرحون ويمرحون ويعيثون فسادًا فيها.

ويومًا بعد يوم، بدأ التّعب والخوف والإرهاق واضحًا على محيّا أهالي القرية، وازداد عنف الجنو.د واستعبادهم لهم أكثر فأكثر إلى أن وصل بنا الحال لأن نصبح عب.يدًا لأولئك الجن.ود وبات الطّعام والنّوم والرّاحة أسمى وأعلى أمانينا. لم نكن نذق الطّعام لأيّام متتالية وكنّا نبحث عن فُتات الخبز في الطّرقات وعن بقاية الطّعام بين القمامة خُفيةً حتّى نخفّف ألام جوعنا الشّديد. كنّا نعمل في الحقول ليلًا نهارًا دون راحةٍ، كبارًا وصغارًا، إلى أن تنهار أجسادنا أو يأذنوا لنا بالرّاحة لمدّةٍ محدودةٍ، وكان منّا من يلقى حتفه من شدّة التّعب والجوع.

ورغم ما عانيناه من ظلمٍ واضطهادٍ في ذلك الوقت، إلّا أنّه لم يكن سوى البداية لجحيمٍ أكبر! فما هي إلّا بضعة شهورٍ حتّى وصلتنا أنباءٌ عن مق.تل حاكم بلدنا واستيلاء البلد المجاور على الحكم وتمّ احتلال بلدنا بشكلٍ كامل. هنا إزداد الجن.ود وحشيّةً وبدؤوا بالتّعذ.يب والقت.ل بشكلٍ وحشيّ. كان يتمّ تعذيب الصّغار وكبار السّن وضر.بهم، وأُخذت النّساء سبايا لهم وتمّ قت.ل الرجال بأبشع الطّرق أمام مرأى الجميع!

في ذلك الوقت العصيب، كان أبي قد أخذني وأمي وأختي الصّغرى إلى مخبأ أسفل منزلنا لم يدرِ عنه أحد، وبقينا هناك فتراتٍ طويلةٍ إلى أن بدأت تنهار أجسادنا لقلّة الغذاء وانعدام الطّعام والماء. حينها بعد تفكيرٍ مطوّلٍ قرّر أبي أن يخاطر بنفسه ويخرج بحثًا عن الطّعام، ثمّ يعود بسرعة. ولكن مرّت الدقائق والسّاعات والأيّام وأبي لم يعد! وأمي كانت تحاول إخفاء قلقها لكن ملامح وجهها كانت أقوى من أن يتمّ إخفاؤها.

وفي أحد الأيام بينما كنت أجلس برفقة أمّي وأختي في ذلك المخبأ، فاجأتنا أصوات خطوات الأقدام التّي كانت تقترب أكثر وأكثر من المكان الّذي نختبئ فيه، عندها هرعت أمّي إلينا وهمست قائلةً :"اسمعاني جيّدًا، مهما حصل، إيّاكما أن تصدرا أيّ صوت، أتفهمان؟ ستختئبان في هذه الخزانة الصّغيرة إلى أن يزول الخطر وإيّاكما أن تخرجا قبل ذلك أو أن تصدرا أيّ صوت!" فأومأنا رأسينا والخوف يسيطر علينا ثم اختبأتُ في تلك الخزانة واضعًا أختي الصّغرى بين أحضاني لكي يتّسع لنا المكان وما إن دخلنا وأقفلت أمّنا الخزانة، وإذا بجنديّين يظهران فجأةً عند مدخل المخبأ، فشعرتُ باقتراب أجلنا وأنّها ستكون النّهاية، ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان!!

حينها، بدأ الجنديّان يسخران من أمّي ويقولان كلامًا وقحًا وحاولا إيذاءها لكّنها كانت تدفعهما عنها وتصرخ في وجهيهما، بينما كنت أنا أضع يدي على فم أختي حتّى لا تصرخ مما تراه أمامها إذ أن للخزانة فتحات صغيرة يمكننا الرّؤية من خلالها. وللأسف أمّي لم تستطع حماية نفسها حتى النّهاية مهما بلغت قوّتها، لقد استطاعت أن تصدهما عن لمس جسدها لكنّهما ضاقا ذرعًا من عنادها في النّهاية واستخدما العن.ف وغر.زوا سيو.فهما في جسدها بوحشيّةٍ ليتناثر جسدها إلى أشلا.ءٍ أمام ناظرينا. كان مشهدًا مروّعًا لم يتم عرضه حتّى في الأفلام!! شعرت وكأنّني في حلم، لا بل كنت واثقًا أنّه كابوسٌ مرعبٌ سينتهي حالما أستيقظ ولكنّه للأسف لم يكن! بل كان الواقع المرير الّذي وجب علينا تقبّله. كنت مذهولًا ممّا رأيته، لم يستطع عقلي أن يتقبّل حقيقة أن تلك الأشلا.ء هي بقايا أمّي الّتي قُت.لت وقُطّ.عت بوحشيّةٍ أمامي!! شعرت حينها وكأنّ تلك السّيو.ف تُغرز في جسدي أنا وليس في جسدها، كان الأمر مؤلمًا جدًا يفوق الوصف بأضعاف!! وآنذاك لا زلت أذكر كيف قمت بتغطية عينيّ أختي بإحدى يديّ وفمها باليد الأخرى رغم توقف دماغي عن التّفكير وتجمّد الوقت بالنّسبة لي، لكنّه كان الأمر الوحيد الّذي استطعت أن أفعله في ذلك الوقت لأحمي ما تبقّى لي من عائلتي الّتي أحبّها، ولكن كان الشّيء الوحيد الّذي أستطيع حمايته هو نظرها وذاكرتها وروحها من ذلك المشهد المروّع.

لم نلبث سوى أيّامٍ في ذلك المكان الموحش الّذي عبقت به رائحة دما.ء وج.ثّة أمّي، حتّى سمعت هتاف أهالي القرية في الخارج فعلمت أن جنو.د الاحت.لال قد أعلنوا انسحابهم من قريتنا، على الأقل، فحملت أختي بين ذراعيّ بينما أغمض عينيها وأخبرها كما كنت أفعل خلال الأيّام السّابقة أن أمّي قد أخذها الجن.ود معهم وأن هناك جرذ ميّت معنا لذلك كنّا نشتمّ تلك الرّائحة الكريهة. وبعدها خرجنا من المخبأ وبالفعل وجدنا أهالي القرية، أو بالأحرى بضعة أشخاص ممّن تبقّى من أهالي القرية، يهتفون احتفالا بانسحاب الجن.ود من قريتنا بأمر من كبارهم دون سبب واضح.

آنذاك، قمت باستغلال الفرصة لتحضير بعض الطعام لي ولأختي وحزمنا أمتعتنا لنهرب إلى أقرب بلد مجاور بعيدًا عن الحروب وفي أقرب وقتٍ ممكن، وبالفعل نجحنا في ذلك، لكن كما هو متوقع فالاحت.لال كان لا زال متغلغلًا في بلادنا وذاك الانسحاب من قريتنا حينها لم يكن سوى البداية لدما.رٍ أكبرٍ وإبا.دةٍ لشعبنا بطريقةٍ تقشعرّ لها الأبدان!...

(إن أعجبتكم القصة، لا تبخلوا علي بالمتابعة فهذا سيزيدني سعادة وبالتالي سأسعدكم بالكثير من القصص المختلفة مستقبلا إن شاء الله)😉🤭

بداية🥀Waar verhalen tot leven komen. Ontdek het nu