الفصل الثانى والثلاثون

69 3 0
                                    



الفصل الثاني والثلاثون





لاحت تلك الشمس الذهبية في الأفق تمحو معالم ليلة سوداء مشؤومة عانى منها الجميع.
عاد ريان لينال قسطا من الراحة بعد ليلة شاقة ومتعبة وألقى بجسده المنهك على أقرب أريكة ليغفو بعدها مباشرة، أما فراس فقد رفض العودة إلى المنزل ورغم محاولات الجميع في إقناعه إلا أنه لم يبارح مكانه ما جعل نهاد تبقى معه بعد رحيل الجميع. إلا صفية التي انزوت في ركن ذلك الرواق وبقيت تذرف دموعها في قهر وحسام يحاوطها بذراعيه محاولا بعث الأمل في قلبها الكسير.
حطت نهاد يدها على كتف أخيها تهمس له: فراس، أنت لم تأكل أي شيء منذ البارحة... وجهك مصفر وعيونك متعبة... قال الدكتور أنها لن تستفيق قبل ساعات... هيا لترتاح حتى تتمكن من البقاء معها عندما تستفيق لا أن تغفو بقربها سريعا...
لم يجبها بأي كلمة فأخذت بيده: اذهب على الأقل لتغتسل وتغير ثيابك... هل ستجعلها تراك بهذا المنظر المقرف.
نظر إلى الغبار الذي كسى ثيابه ويديه وربما حتى وجهه ولم يحرك ساكنا وكأنه يخشى أن يخرج من تلك الباب فيفقدها. لكن تحت إصرار نهاد اقتنع أخيرا بالمغادرة لبعض الوقت حتى يستحم.
ودعت نهاد صفية التي رفضت ترك المكان بشكل قاطع وبقيت هناك تسترجع ذكريات من طفولة فلذة كبدها وهي تشهق بتتابع.
حسام: أمي... نهاد معها حق فيما قالته لك... قال الدكتور قبل قليل أنها لن تستفيق الآن... لنغادر حتى ترتاحي ساعة واحدة... واحدة ونعود، أنت متعبة...
تمتمت بغيظ: لا أريد رؤية وجه والدك المقيت وهو ينتظر سماع خبر موتها...
حسام: لا تبالغي أمي... إنه والدها ولابد وأنه قلق من أجلها...
صفية: لهذا كلف نفسه عناء السؤال عنهاx!
حسام: إنه يكابر بعدما حدث من مشاكل بينهما وتدخل فراس بالموضوع... أنا متأكد من أنه يحبها رغم كل شيء.
وانتبه لجحوظ عيونها باتجاه الممر فالتفت سريعا ليشاهد والده واقفا بكل هيبته وغطرسته ينظر إلى كليهما، ليقترب في الأخير بخطى متثاقلة.
هادي: كيف هي؟
أشاحت صفية بوجهها بعيدا عنه وكأنها تحمله بعضا من الذنب على ما حصل، بينما وقف حسام ليشرح له تلك المعلومات الشحيحة التي صرح بها الدكتور قبل قليل.

بعد أن غفا ريان لبعض الوقت استفاق على وقع كابوس شاهد فيه رحيل لينا إلى القبر... تمتم متعوذا ثم دخل إلى الحمام لينعش نفسه بحمام ساخن يمسح عنه تعبه. وقبل أن ينتهي رن الجرس فاستعجل ليلبس ثيابه ويخرج وهو يجفف شعره بالمنشفة. وأخيرا فتح الباب ليطل منه المحامي جابر، هل كان لابد له بتذكيره بتلك الأوراق اللعينةx!
أدخله إلى الصالة الرئيسية وهو يقول: هل تشرب شيئا؟
جابر: شكرا سيد ريان... أنا مستعجل لدي قضية بعد ساعة ويجب أن أكون بالمحكمة أبكر بقليل... أين أوراق الطلاق؟
أشار إليها ريان دون أن يقول كلمة، فنهاد البارحة قالت كل شيء...
حملها المحامي وهو يتفحصها سائلا ريان: هل وقعت أيضا؟
ريان: ليس بعد...
أخرج المحامي قلما من الجيب الداخلي لبدلته حتى ينهي المسألة. يبدو أنه مستعجل على خراب البيوتx!!!
وقبل أن يمد القلم لريان توقف وهو يمعن القراءة ثم انفجر ضاحكا بقهقهة ليلقي بالأوراق على الطاولة ثم يعيد القلم إلى جيب سترته ويستعد مغادرا وهو يقول: أنت وزوجتك... لقد ضيعتما وقتي بما يكفي سيد ريان...
وعاد للضحك من جديد وهو يتجه إلى الباب مرددا: طاب يومك...
لم يفهم ريان شيئا مما يجري. ما بال هذا المحامي الأحمق يتصرف بهذه الطريقةx! لا والأدهى أنه شغل محرك سيارته وغادر... هل هو مجنون؟

بقايا ركام لكاتبة  بريق الاملحيث تعيش القصص. اكتشف الآن