الفصل الرابع

87 5 0
                                    

الفصل الرابع

دخلت لينا مكتب الدكتور حسن وهي تحمل بعض الملفات.
لينا: دكتور هذه هي ملفات المرضى التي طلبتها مع كل الأشعة و التحاليل.
حسن: شكرًا... بحثت عنك فترة الاستراحة ولم أجدك؟
لينا: لقد غادرت لإنهاء بعض الأمور العالقة، لكن هل من أمر مهم؟
حسن: لا، فقط أردت منك إيجاد ممرضة لي.
نظرت لينا إليه مستغربة فابتسم.
حسن: ليس لي أنا شخصيًا... أمي مصابة بداء السكري وارتفاع ضغط الدم، إنها تعيش وحدها مع ابنتي وأنا خارج البيت أغلب الوقت كما أننا انتقلنا حديثًا إلى هذه الضاحية... أخشى عليها من النوبات المتكررة التي تصيبها، أريد شخصًا موثوقًا للاعتناء بها وإعطائها الأنسولين وقياس ضغطها دائمًا وبانتظام...
لينا: أنا أعرف الكثير من الممرضات هنا وسأختار لك من تكون أهلا للثقة.
حسن: سأكون شاكرًا لك.

أسدل الليل ستاره على تلك البلدة فأعتمت السماء وسطعت النجوم كالماس يتلألأ في ثوب من السواد. القمر نير تضاريس تلك المنطقة الوعرة والبيوت المتناثرة تتلألأ مضاءة هنا وهناك. لا يكسر ذلك الصمت الدامس سوى صوت صفير صراصير الليل ينبعث من الحقول.
كان ليوباردو واقفا مع جدته في الشرفة يراقبان معا الحديقة المضاءة بأعمدة الإنارة.
ليوباردو: أصبح الجو باردًا جدتي لندخل .
الجدة: لحظة واحدة، من ذاك الذي يقف هناك...
ليوباردو: أين؟ ليس هناك من فرد.
الجدة: أي قرد؟!... من أحضر قردًا إلى هنا؟!
ليوباردو: لا جدتي، أنا أقصد أنه لا يوجد أحد.
الجدة: أأنت أعمى أم ماذا هناك قرب المسبح... أحدهما واقف والآخر مستلق على الأرض.
ليوباردو: جدتي... إنها المضلة الشمسية وكرسي طويل للاستلقاء قرب المسبح تحت أشعة الشمس!
الجدة: أنا لست بمثل غبائك... إنهما شخصان اثنان.
ليوباردو: جدتي، نظرك ضعيف...
الجدة: لا تقل أن نظري ضعيف أنا أبصر أفضل منك... ألست أنا من عثر على الخاتم الذي ضاع من جدك في أكوام القش.
ليوباردو: كان هذا قبل سنوات.
الجدة: أيها الغبي الأحمق. حصل هذا منذ أيام فقط...
ثم جاءت بهية وهي تبتسم.
بهية: لن تقنعها مطلقًا... قل أنها محقة لتتخلص من عنادها.
ليوباردو: إنها أعند من طفل صغير... بدأت تخرف.
قامت جدته بضربه بعصى صغيرة كانت تحتفظ بها في كرسيها المتحرك.
الجدة: ولد قليل الأدب كيف تنعت جدتك بالخروف.
ليوباردو: لا قلت أنك بدأت بالخرف.
فضربته مرة أخرة.
ليوباردو:آي جدتي، هذا مؤلم!
الجدة: هذا لأنك قدمت عذرًا أقبح من ذنب...

كانت نهاد مستلقية على سريرها وهي تتذكر ما حصل معها صباح اليوم. ثم شدت على رأسها بكلتا يديها لتنسى تلك اللقطة المريبة التي تجعل قلبها يرتجف كلما تذكرتها.
أيعقل أنه كان سيقبلها حقا؟ لماذا لم يفعل إذن؟... هل أشفق على نظرة الرعب التي ارتسمت على محياها؟ لا أعتقد أن رجلا مثله قد يرق له جفن على ابنة عدوه اللدود وهو أصلا كان سيفعل ذلك ليذل كبرياءها ويقتل عنفوانها... الأصح ربما أنه لم يستطح أن يضع شفاهه على شيء يخص جمال رشوان... إنه يتقزز منه لهذا الحد!!! هذا هو التفسير الوحيد المقنع الآن ومن لم يقتنع فعليه فتح رأس ذلك الهادئ الشرس لعله يلقى الجواب مع أنني أشك أنه يحمل غير سواد من الضغينة.
نهاد: تبًا لك... رجل شيطان.
قالتها نهاد وهي تتذكر عيونه الحزينة تلك عندما اخترقت حاجز الصمت واستقر الألم الذي تحمله بقلبها هي...
رباه لماذا تشعر أنه يحترق... هل هو قلبه المعذب ذاك من أطلق صرخات استغاثة من تلك العينين السوداوين الغاضبة؟ ثم لماذا هي؟ لماذا هي دون الجميع...
تجهمت قليلا مشفقة على حاله... إنها لا تعرف عنه إلا الشر الذي يخبرها به والدها وبعض الخوف الذي تراه في عيون الآخرين... هل يعقل أنها غبية لهذه الدرجة... أن تستمع لعيونه وتتجاهل رأي الجميع؟
لماذا لم يستغل سكرها تلك الليلة؟ لماذا على الأقل لم يتجاهلها ويتركها في تلك الحانة للسكارى كما أخبرها هذا الصباح؟
هل أراد حمايتها؟ أم أن له خطط تجهلها... كانت ستدفع نصف عمرها مقابل أن تعرف الجواب. لكنها في هذه اللحظة تشعر تجاهه بالامتنان. لولاه لما كانت تدري أي نهاية ستلقى بسبب ذلك المعتوخه الذي خرج ولم يلتفت لورائه... هل هذا هو الحب.
تساءلت في نفسها مرة أخرى " هل هذا هو الحب، أن يعطيها ظهره وهي في أمس الحاجة إليه!!"

بقايا ركام لكاتبة  بريق الاملWhere stories live. Discover now