الخاتمة

326 21 5
                                    

الخاتمة :
( بعد فترة )
كثيرا ما يقف الإنسان عاجزا أمام رحمة ربه و كرم عطاؤه ..
فهو الذي خطط لأشهر طويلة لسلب أموال عائلته و هو الذي حمل الحقد في قلبه لسنوات أطول !
هو الذي كاد يقتل ابنة عمه في لحظة غضب ..
و هو أيضا من فر هاربا من مشاعر نقية حملت له راية بيضاء و حسمت  حربه ضد نفسه لصالحه !
الحقيقة قد تكون مؤلمة أحيانا لكن لا مفر منها ، و مهما تأخر ظهورها ستنبلج يوما مثل البدر و تبدد ظلام الباطل ..
و حقيقته هو تخطو أمامه الان مثل البدر في تمامه كما سبق و وصف !
حقيقة ترتدي ثوب أميرة تسلب الألباب تنظر إليه كما لو أنه الرجل الوحيد على الأرض ..
حقيقة بددت بضيائها عتمة أعوام قضاها فريسة لوحش الخيانة و الحقد ..
حقيقة تتحرك ناحيته بهالة من عشق سيتمرغ فيه لما تبقى عمره !
" وصال "
همس اسمها بتنهيدة راحة حين وقفت أمامه تتطلع فيه بعينين واسعتين وكأنها لا تصدق ما يحدث !
كانت أجمل من أن يصدق وجودها على أرض الواقع ..
أكثر طهرا مما يستحق ..
و أكثر قوة و شموخا ممن يستنكرون زواجها منه !
مال يلثم جبينها بعشق ثم غمرها بين ذراعيه هامسا بصوت أجش :
" لو لم تكوني في لوح القدر
لكنت كونتك ياحبيبتي
بصورة من الصور
كنت استعرت قطعة من القمر
وحفنة من صدف البحر ... وأضواء السحر
كنت استعرت البحر ... والمسافرين ... والسفر "
أبعدها جاسم عنه يحدق في عيناها المبتسمتين له بسعادة و غير تصديق فيمسك بكفها و يتحركا سويا في حديقة المنزل التي زُينت من أجل زفافهما ثم صعدا فوق المنطقة المخصصة للرقص فيما انبعث انغام هادئة للغاية أضافت حولهما هالة من الجمال و السحر ..
ضمها جاسم الى قلبه ثم استطرد بصوت خافت جوار اذنها :
" كنت اخترعت الغيم ياحبيبتي
- و من أجل عينيك - أنزلت المطر
لو لم تكوني أنتِ في حياتي
ما كان في الأرض هواء ... أو مياه ... أو شجر
ما كان في الأرض بشر "
لفت وصال ذراعيها حول عنقه تغمره بجسدها الضئيل فيما تتمتم بهمس خافت :
" أتذكر يوم ارتديت ثوب سندريلا و سرقت حذاء أمي "
اومئ لها جاسم فيما يقول ضاحكا :
" يوم طلبتِ مني أن ألعب دور الحصان "
ضحكت وصال ثم قالت :
" لقد كنت احاول إثارة غيرتك "
اتسعت عينا جاسم بصدمة لتستطرد هي بشقاوة :
" يبدو انني كنت واقعة في عشقك منذ أن وعيت إلى الدنيا "
ضحك جاسم مرة أخرى مستمتعا ثم سأل بمشاكسة :
" إذا ً من كان الأمير ؟!! "
" انت "
" و من كان الحصان ؟!! "
" انت "
" و من سيلتهمك الليلة ؟!! "
اتقد وجهها بالخجل من وقاحته و لم ترد عليه ليضحك هو و يقربها منه قائلا :
" انا أرى ان قصة سندريلا و الأمير لا تليق بي ، اعتقد ان الأنسب لنا الجميلة و الوحش .. ما رأيك ؟!! "
سألته وصال بعدم فهم :
" في ماذا ؟!!! "
فيجيب هو بابتسامة عريضة وقحة تحمل بين طياتها الكثير من الوعود :
" سنبدأ بتأديتها من الليلة ، استعدي أيتها الجميلة فالوحش قد نفذ صبره "
فتضربه وصال بقبضتها على كتفه ثم تضحك بسعادة و تضم نفسها إليه تستمتع بما ظنت يوما انها لن تحظى به ابدا .
...........................................
" ماذا تفعل يا أمين ؟!! .. لا يصح ما تفعله ؟! "
هتف امين و هو يستمر بسحبها بعيدا عن التجمع :
" ماذا ؟! .. ألا يحق لي التسلل مع زوجتي بعيدا عن الزحام ؟!! "
وبخته عهد بحنق و خجل و هي تتطلع إلى نظرات والدها :
" الجميع ينظر لنا "
" لا يهم اتركيهم ينظرون "
اخذها أمين و التف حول المنزل فيما يقول بحماس :
" تعالي لتشاهدي المفاجأة "
تحركت عهد جواره إلى أن وصلا إلى الملحق الذي أصبح أشبه بفيلا صغيرة جاهزة للإقامة فيها فسألته عهد بعينين متسعتين بعدم تصديق :
" هل وافق بكر على منحك إياها بعد كل التعديلات التي أجراها فيها ؟!! "
اومئ امين ثم قال ضاحكا بيأس :
" طوال الفترة الماضية و انا أحاول معه و هو يهتف حانقا بأنه يرغب في السكن بمفرده إلى أن وجدت حيلتين جعلوه يوافق مضطرا بل و يقنع زوجته أيضا "
سألته عهد و قد انتقل حماسه إليها :
" اي حيل هذه ؟؟! "
أشار لها بإصبعه إلى شيء ما خلفها فالتفتت لترى جاسم ووصال يرقصان فعادت بنظرها إليه تسأله بضحكة خفيفة :
" ماذا ؟!! "
فيجيبها أمين ببساطة :
" جاسم "
رددت عهد خلفه بعدم فهم :
" جاسم ! ... لا افهم ، ألم تهدأ الأمور بينكما ؟!! "
اومئ لها مجددا ثم قال بنبرة خبيثة :
" الأمور هدأت و هذا ما لم أخبر به بكر و لله الحمد ، هو الآن لا يزال يعتقد أن وجودي مع جاسم في مكان واحد سيسبب المشاكل للجميع فوافق ممتعضا "
ضحكت عهد بخفة ثم سألته بحماس :
" و الحيلة الثانية "
أشار لها مرة أخرى لكن هذه المرة الى ادم الذي كان يحمل قصي قائلا :
" أخذت ادم معي و حللت الخلاف بينهما "
اتسعت عينا عهد بفرحة عارمة ثم هتفت :
" حقا تصالحا ؟!! "

اومئ لها امين بابتسامة واسعة ثم أوضح :
" دون شيء ادم جاء إلى الشركة يبحث عن بكر لمراضاته بعد أن توقف بكر عن السعي وراءه للتحدث معه لكني أمسكت به قبل أن يصل لبكر و اتفقت معه على الأمر "
ضحكت عهد بفرحة عارمة ليعقب أمين بعد لحظات بغيظ :
" لكن النذل سلب مني غرفتي و غرفة قصي أيضا و بهذا أصبح الدور الثالث بالكامل ملكه هو و زوجته و الثاني لوصال و جاسم و الدور الأول لأبي و عمي و جدي "
ابتسمت عهد برضا و هي تدلف معه إلى داخل الملحق المُعد لاستقبالها ليتركها امين تسبقه بخطوتين ثم وقف خلفها و الصق صدره بظهرها هامسا بنبرة ذات مغزى :
" لقد تزوج الجميع و لم يتبقى غيرنا "
  اراحت عهد ضهرها على صدره فيما تشير حولها ضاحكة :
" لقد حللت انت كل العقبات ، لم يعد يبقى غير الثوب و الطرحة و كعكة الزفاف "
لثم امين جانب عنقها مستمتعا برائحتها الخلابة و همس بمشاعر مشتعلة :
" و شهر عسل طوووووووووووويل لا نهاية له "
ضحكت عهد بخفة و اطرقت بوجهها فلفها امين قائلا بمشاغبة :
" ألا يوجد منحة من منح شهر العسل تحت الحساب ؟!! "
بعكس طبيعتها الخجولة اقتربت عهد منه و قبلته بنعومة شديدة ليسحبها هو إليه راغبا في المزيد فتبعده هي بحسم فيما تقول :
" يجب أن نعود ، لا يجوز أن نختفي هكذا .. كما انتي يجب أن أشكر بكر لأنه تنازل لنا عن الملحق بعد كل تلك التحضيرات "
تأفف أمين بحنق ثم أبتعد عنها قائلا بضيق :
" تستطيعين شكره في وقت لاحق يا عهد "
ضحكت عهد بخفوت  ثم قالت بصوت ناعم :
" في كل الحالات يجب أن نخرج الآن "
لوى امين شفتيه سائلا بغيظ :
" و منح شهر العسل ؟!! "
تحركت للخارج وهي تنظر له و ترد :
" بعد الزفاف "
يلحقها امين قائلا باصرار :
" و متى الزفاف ؟!! "
فتهز كتفيها بشقاوة و تهتف له قبل أن تتحرك تجاه والده :
" وقت ما تشاء "
تبعها امين ليتوقفا أمام عبد الحميد الذي كان يجلس مع آدم و قصي فتسألهما عهد و هي تتلفت حولها :
" اين بكر ؟!! "
كتم ادم ضحكته بينما لوى عبد الحميد شفتيه قائلا بامتعاض :
" أخذ زوجته و هرب "
........................
" لما هربنا مبكرا ؟! .. لقد كنت اريد البقاء قليلا مع وصال "
هتفت بها جزاء بمعارضة حانقة لينظر لها بكر بطرف عينيه ثم يرد ببرود مغيظ :
" يؤسفني أن اخبرك أن اختك ستركلك قبل جاسم نفسه لو اقتربتِ منها لشهر قادم .. وصال لم تعد بحاجتك يا جزاء بينما أنا بحاجة بعض الاهتمام "
لوت شفتيها بحنق من منطقه ثم قالت بعد لحظات :
" على الأقل أخبرني الى اين تأخذني "
لعب لها بكر حاجبيه بمشاكسة ثم قال ببطء :
" الى بيت المزرعة "
اتسعت عينا جزاء بفرحة عارمة و صفقت كالاطفال ثم سألت من جديد بحماس كبير :
" الى متى سنبقى هناك ؟!! "
" الى أن تملين من المكان "
اتسعت ابتسامتها اكثر ثم ما لبثت أن قالت ضاحكة :
" جدي سيقتلنا يوما ما لما نفعله به "
رفع هو كتفيه بلا اهتمام ثم زاد من سرعته قائلا :
" فليفعل ما يشاء ، انا لست فلبيني العائلة حتى يرمون كل الاحمال فوق كاهلي ... من حقي كفرد من العائلة أن احظى ببضعة ايام من الراحة و التمتع بزواجي كما اشاء "
ضحكت جزاء مجددا ثم قبلت خده بشقاوة فيضحك بكر قائلا :
" لو كنت اعلم أنكِ ستسعدين بهذا القدر كنت فعلتها من زمن "
بعد أن وصلا إلى المنزل ترك بكر هاتفه و محفظته في السيارة ثم أخذ حقيبتها و وضعها جوارهما أمام نظراتها المستغربة ليساعدها بعد ذلك على الترجل بينما ينظر باعجاب و أسف دفين الى ثوبها متعدد الألوان ليقول بعدها :
" لم اراكِ ترتدين مثل هذا الثوب من قبل ، أصبحت ِ تحبين الألوان "
ابتسمت جزاء ثم قالت بحماس وهي تتحرك معه إلى الداخل :
" لقد لفت نظري فور أن رأيته .. يبدو رائعا أليس كذلك ؟!! "
مال بكر فجأة و حملها بين يديه فيما يقول بحماس مشابه :
" مبهر .. تبدين مثل الزهور"
ضحكت جزاء و تشبثت فيه ليتحرك هو بها إلى أن وقف أمام المسبح فيما يقول بشقاوة :
" هل جربتِ السباحة ليلا من قبل ؟!! "
لم تفطن جزاء الى ما يفكر به فقالت ضاحكة ببساطة :
" ولا حتى في النهار ، انا لا اجيد السباحة من الأساس "
اومئ لها بكر متفهما ثم هتف مرة واحدة و هو يقفز بها داخل المسبح غير مباليا بصرختها المرتعبة :
" إذاً هيا لأدربك "
تلقفتهما المياه لتسعل جزاء للحظات طويلة بينما يمسك بها بكر ضاحكا بمرح و فور أن استطاعت التقاط أنفاسها ضربته بغل على كتفيه فيما تهدر بعصبية :
" يا غبي .. يا متخلف ، حرام عليك يا بكر دمرت ثوبي و شعري "
تعالت ضحكاته و شدد ذراعيه حولها فيما يقول :
" الحق عليّ قلت ابدد حالة الملل التي كنتِ تعيشين بها الفترة الماضية "
ضربته جزاء مرة أخرى ثم تشبثت به أكثر بخوف ليهددها هو ضاحكا :
" هل افلتك ؟!! "
فتصرخ هي به حين أرخى ذراعيه قليلا عنها :
" اياااااااااااااااااك "
" لا قوليها كاملة .. لا تتركني أبدا يا بكر "
نظرت لها جزاء شزرا فأرخى ذراعيه أكثر لتصرخ هي مرة أخرى و هي تتشبث به برعب :
" لا يا بكر .. لا تتركني "
" كاملة "
" لا تتركني أبدا يا بكر اللعنة عليك "
ضمها إليه ضاحكا باستمتاع يسبح بها هنا و هناك بينما تشبثت به جزاء  بقوة ليسندها هو على حافة المسبح غير مباليا بشتائمها التي تدوي في المكان ثم يهمس أمام شفتيها الرطبتين :
" و بكر لن يفلت غزالته ابدا "
ثم لثم شفتيها بخفة فتبعده هي هامسة بخوف :
" ابتعد .. سأغرق "
فيضغط بجسده على جسدها يلصقها أكثر على الحافة هامسا باحتراق :
" و ماذا بها ؟!! .. انا غارق بمفردي منذ سنوات ، لنغرق الآن سويا "
أمسكت جزاء بحافة المسبح بيد بينما تشبثت بكتفه بالاخرى ثم قبلته بسرعة خاطفة وقالت :
" اتركني لأخرج من هنا هداك الله "
ضحك بكر قائلا :
" هل ترشيني بقبلة يا زوزو ؟!! .. حسنا اعطيني أخرى و سأخرجك "
أعطته ما أراد فيكرر هو بشقاوة :
" واحدة أخرى "
تجز على أسنانها غضبا و تعطيه لكنه يمسك بخصرها قبل ان تبتعد هذه المرة و يسحبها إليه ثم يهمس بتوق قبل أن يغوص بها تحت الماء :
" سأخرجك لكن تعالي يا حلوتي أولا "
و بعد وقت ليس بقليل كانت جزاء تجلس بين ذراعيه على العشب ظهرها يستند على صدره بعد أن ابدلت ملابسها بأخرى كانت قد تركتها هنا سابقا ليبعد بكر شعرها الرطب عن اذنها ثم يقبلها هامسا جوارها :
" شكرا لك ِ "
التفتت برقبتها تنظر إليه تسأله بعينيها عما يقصد فيستطرد هو بهمس خافت و هو يحدق في عينيها :
" شكرا لأنكِ عدتِ "
فتميل هي بجزعها تلتصق به أكثر كقطة ترغب في الدلال ثم تنظر لعينيه كما فعل و ترد همسه :
" شكرا لأنك انتظرتني "
ابعد بكر غرتها الكثيفة عن وجهها ثم مال يقبل جبينها هامسا بشقاوة محببة :
" هل اغني لكِ ؟!!! "
فتضحك جزاء بخفوت ثم تهز رأسها رفضا فيقطب بطفولية بددتها هي حين قالت :
" بل سنغني سويا "
ابتسم بكر بسعادة و دفء كأنه يلاعب طفلته لتفاجئه هي حين دندنت بأول ما غنى لها :
" في هويد الليل ولقيتك
ما أعرف جيتني ولا جيتك "
التمعت عينا بكر ليرد عليها بصوته النشاز :
" ما أعرف غير إني لقيت روحي
ونجيت من همي ونجيتك "
فتضحك جزاء بخفة ثم يستطردا سويا بروح خفيفة .. عاشقة :
" واداري و لا ما اداري
دا هواها داري ومداري
وهواها زهزه خضاري
زرع البداري غوايش
ده الحب مش سهم طايش
الحب زاد اللي عايش
دانا كنت مت انا كنت مت
و حيتني ست الصبايا غوايش
ست الصبايا غوايش "

_ تمت _

ضربة جزاء
بدأت كتابتها : ٧ - ١١ - ٢٠١٨
انتهت : ٣  - ٥ - ٢٠١٩

ضربة جزاء .. الجزء الأول من سلسلة قلوب تحت المجهر Where stories live. Discover now