الفصل الحادي عشر

282 20 6
                                    


" ما هذا ؟!! "
هتف بسؤاله محدقاً فيها بصدمه لترتفع بعدها ضحكاته فتخجل هي قليلاً ثم شاركته الضحك و هي تستعرض أمامه ثوبها الازرق بطبقاته المتعددة ليسألها هو من بين ضحكاته بعينين دامعتين :
" ما هذا الذي فعلتهِ بنفسك يا مجنونه ؟!
لفت حول نفسها للمرة التي لا تعرف عددها فيما تجيبه بسعادة غامرة و براءة قاتله :
" أنا سندريلا "
انفجر ضاحكاً من جديد فابتسمت بانتشاء فيما تقول بحماس شديد :
" لقد رأيتها ترتدي ثوباً ازرق يشبه هذا و كانت تضع احمر شفاه وردي اللون و كحل وجدت ما يشبهما عند امي و أخذت أيضاً حذاء امي ذو الكعب العالي لأكون جميله مثلها .. الا ابدو جميله ؟! "
مازحها قائلاً بضحك :
" تبدين جميلة لدرجة الفزع "
قطبت قليلاً ثم سألته بعدم فهم :
" يعني جميله ام مفزعه ؟! "
لم يتمالك نفسه أمام براءتها فضحك مجدداً فيما يقترب منها سائلاً بنبره خفيضه و كأنه يشي لها بسر :
" اتركينا من كل هذا و اخبريني .. كيف خرجتِ هكذا ؟! .. ألم تراكِ الخالة مديحه بهذه الحالة بعد ؟! "
هزت رأسها نفياً فيما تقول بثقه مضحكه :
" لا لم يراني أحد .. لقد تسللت من خلف الجميع و خرجت لأبحث عن الأمير مثلما فعلت هي "
للحظه شعر بالغباء فسألها بعدم فهم :
" من هذه ؟! "
تأففت بضجر ثم اجابته من بين أسنانها :
" سندريلا .. عن ماذا اتحدث انا منذ الصباح ؟! .. ألا تركز معي ؟! "
تعالت ضحكاته و كأن هيئتها تدغدغه بأحمر الشفاه الملطخ حول فمها الصغير و كحل العين شديد السواد الذي لطخت به وجهها مثلما دمرت وجنتيها بلون احمر مريب فبدت حرفياً كعروس مولد هاربه من عريس محترق !
أجلى حلقه حين لاحظ ضيقها من ضحكه الذي لا يتوقف ليقول بعد ذلك محاولاً التحكم في نفسه :
" و هل اتيتِ لي لأصحبك الى الحفل ام ماذا ؟! "
اومأت له بسعادة جليه دون أن تستطيع التحكم في ذراعيها اللذان شاركاها الحديث :
" اجل .. ستضعني فوق كتفيك و تركض بي مثلما ركض الحصان بها و بعدها سنذهب الى حفل زفاف جارتنا و نرى الأمير هناك "
أوشك على الضحك مجدداً لكنه بدلاً من ذلك تصنّع التفكير ثم سألها مجارياً خيالها الخصب :
" انا حصان ؟! .. حسناً يا سندريلا و ماذا سنفعل إن لم نجد الأمير في الحفل بعد أن نتكبد عناء الطريق ؟! "
وضعت اصبعها على شفتيها المطليتين تفكر بجديه جلبت لشفتيه الابتسامة كما جلبت الفضول الى عقله منتظراً حلها السحري الذي سيتحفهم به عقلها !
لم يدم انتظاره كثيراً إذ هتفت بعد لحظات بصوت مرتفع .. متحمس :
" إذا لم نجده سنفعل مثلما تقول ام رمزي و نضع زيتنا على دقيقنا "
قطب مجدداً بعدم فهم ثم اقترب منها يسألها بترقب :
" ماذا تقصدين ؟! "
فهتفت و هي ترفع كتفيها ببساطة قاتله :
" سأجعل منك اميري و في النهاية أنت أولى من الغريب "
هذه المرة جلس أمامها ارضاً دون أن يستطيع التحكم بضحكاته اكثر من ذلك فيما يقول :
" أنتِ حقاً مجنونه يا وصال "
" وصال "
" وصاااال "
" وصاااال ... هيا افيقِ بحق الله "
" وصاااال "
فتحت عينيها بصعوبة بالغة تشعر بتشوش شديد لا تدرك حتى ماضيها من حاضرها لتتكون الصورة أمامها بعد عدة لحظات فنهضت ببطء ووهن فيما تسأل أبناء عمومتها الذي يحلقون حولها جميعاً ( إلاه بالطبع ) بذهن مشوش :
" ماذا حدث ؟! "
جاءتها الإجابة من جزاء التي قالت بتوتر لا يزال يؤثر عليها منذ أن رأتها ملقاه ارضاً كخرقة باليه :
" لقد فقدتِ وعيك منذ وقت ليس بقليل "
اعتدلت في جلستها فوق الأريكة ببطء و تعب ليسألها امين و هو يفتح لها علبة عصير و يقدمها لها :
" ماذا حدث لكِ فجأة ؟! .. لقد كنت بخير "
اخذت منه العصير دون أن تجيبه بشيء غير هزة جهل من كتفيها لتسألها عهد هي الأخرى بعد أن جلست جوارها ترتب لها شعرها :
" كيف تشعرين الان ؟! .. هل نذهب الى المستشفى ؟! "
تركت علبة العصير جانباً فيما تقول بصوت لا حياة فيه :
" لا .. انا بخير ، انا فقط لم اتناول فطوري هذا الصباح لهذا لم استطع الصمود "
لم تكن تكذب .. فهي بالفعل لم تتناول أي شيء منذ البارحة و قد اختفت شهيتها تماماً هذه الأيام على الأغلب بسبب حالتها النفسية السيئة التي تلازمها بعد الأحداث الأخيرة في البيت !
تكلم امين مجدداً قائلاً برفق  :
" هل تستطيعين النهوض الان لأعيدك الى البيت ام ما زلتِ دائخة ؟! "
اومأت له وصال دون أن تجد في نفسها القدرة على التحدث بينما نهضت عهد تهتف بقلق :
" سأذهب معكم انا ايضا ً .. حتى اكون بجوارك اذا احتجتِ إلى شيء "
" لا داعي لكل هذا .. انا بخير "
قالتها وصال و هي تهم بالنهوض لتترنح قليلاً فتمسك بها كلاً من عهد و جزاء لترد عليها عهد بصوت حازم :
" سنعيدك الان إلى البيت و بعدها يجب أن نخبر ادم ليجري لكِ ببعض الفحوصات "
بعد ذلك امسكت بها عهد و اسندتها بينما سبقهن امين ليحضر سيارته .
و بعد لحظات جلست وصال في السيارة تحدق أمامها بنظرات فارغة بينما عقلها اختار مجدداً صوت ضحكاته في ذلك اليوم ليكون رفيقه لكن و للعجب لم يجد الأمر صدى في قلبها مثل كل مره تذكرت فيها هذا الموقف بل كان شعوره اقرب للخواء !
قلبها الذي كان يقفز من مكانه في كل مره تراه تشعر به الان كقطعة جليد تحتل صدرها لا اكثر !
قلبها الذي كان دائما ً عليل بهواه و لم تبحث هي يوماً عن شفاءه اجتثه هو اليوم حين تركها ورحل !
اغمضت بعد لحظات عينيها تهرب من نظرات عهد و امين القلقة فيما تخبر نفسها ان عليها أن تكون قوية ، صامده ... فهي لم تُخلق يوماً للسقوط !
فإن لم يرغب بها فليرحل عن عالمها و إن لم يفعل ستجبره هي على الرحيل !
اما هي فلديها رحله جديده عليها أن تبدأها ..
رحله ستبني فيها نفسها بعيداً عنه تماماً ، بعيداً عن ضعفها نحوه !
رحله ستكتفي فيها بكل ما يقدمه لها عقلها من قرارات ..
اما القلب .....
فقد زال اوان حكمه و اُغلقت اسواره .
...............................................
" لا تقلقي ... اختك اقوى بكثير مما تبدو عليه "
اجفلت جزاء على صوته القريب جدا منها فالتفتت لتجده يقف خلفها تماماً ينظر لها بهدوء بينما عيناه تنظر إليها بتركيز تام تطالبها بالبوح عما يؤرقها فأسبلت هي اهدابها تخفي بتنهدها ما يدور بداخلها !
حتى هذه اللحظة لا تعلم لماذا قفزت لها صورة ندى حين رأت وصال ممدده ارضاً بلا حراك ؟!
حتى وجع ذلك اليوم عاد و حفر مكانه في صدرها و كأنه يثبت وجوده من جديد !
ربااااااااه كم تكره الموت و الفقد !
لقد قاست ما قاسته كله لكن لم يكسرها غير موت احبابها تباعاً ابتداءً من شيخها ثم امها و راضي و انتهاءً بندى !
تنهدت باختناق عند الخاطر الاخير فيأتيها صوته الخافت و كأنه يأبى جرح صمتها :
" ماذا بكِ ؟! "
نظرت اليه بعد لحظات فارتجف قلبها من تلك النظرة التي وجدتها في انتظارها !
نظره اختصرت لها امان و دفئ العالم أجمع فوجدت نفسها تبوح دون مقدمات و كأنه نومّها مغناطيسيا ً :
"  تعبت "
" من ماذا ؟! "
سألها هامساً يحارب نفسه التي تستحلفه بعناق اخر تهفو إليه خاصة ً الآن!
لتصمت هي قليلاً تنظر ارضاً ثم تعود فتعطيه ظهرها من جديد تحدق من النافذة في اللاشيء ثم تهمس باستسلام و كأنها تهمس لنفسها :
" تعبت من الخسارة "
قطب بكر بعدم فهم ثم كاد يسألها عما تقصده ليجدها استرسلت بمفردها و كأنها في لحظة لقاء مع النفس :
" تعبت من رؤية شبح الموت يحوم حول من اعرفهم فيخطفهم تباعاً .. أولاً الرجل الذي لم اعرف طعم الأبوة إلا على يده ، ليتبعه بعدها أول رجل استسلم له قلبي و حاربت لأجله اشباح الغدر بعد أن كنت قد اقسمت ان لا اطمئن الى رجل يوماً .. لينقصم ظهري بعدها بموت امي و حين ظننت أن الحياه اكتفت مما تفعله بي اخذت لطمتي الاخيرة حين ماتت صديقتي الوحيدة أمام عيني "
للحظه توقف النشاط العقلي عنده فلم يعرف بكر هل عليه ان يجذبها و يخبئها بين حنايا روحه كما يشتهي ام يجذبها من شعرها المستفز لأعصابه و يستفهم منها عن ذلك الآخر الذي تحدثت عنه الان دون أن تراعي أن من يقف خلفها و يسمعها هو المحروس خطيبها العتيد !
ذاك الذي ما أن تكونّت جملتها الخاصة به حتى انطلقت صافرة انذار الحريق في رأسه تنبهه بوجود شيء خاطئ !
حك بكر رأسه بتوتر ليجلي حلقه مستدعياً اقصى درجات التفهم التي قد يملكها انسان فيما يسألها ببطء كما لو أن لسانه على وشك الإصابة بالشلل :
" من هذا ؟! .. احكِ لي عنه "
التفتت له جزاء مجدداً تنظر له و كأنها كانت قد نسيت وجوده ثم سألت بعدم فهم :
" من ؟! "
طحن بكر ضروسه فيما يقول من بين أسنانه محاولاً التحكم في أعصابه :
" ذاك الذي استسلم له قلبك و علمك الثقة بالرجال "
عاد الحزن يعتلي وجهها فتمنى لو يصفعها ثم يجلس جوارها يلطم خديه لتهمس هي بعد عدة لحظات احرقته فيها بالترقب و الغيظ :
" راضي "
" اممممممممم "
همهم بها بصوت مرتفع لترفع له عينيها باستغراب فتجد النظرة المتفهمة قد اختفت تماماً و حلت محلها أخرى مذبهله ... غبيه !
سألته بتوجس و هي تتعجب من حاجبيه المرتفعان اللذان كادا يصلا لمنابت شعره :
" ماذا بك ؟! "
" راضي ! "
همهم  باسمه مجدداً لتقطب هي لا تفهم ماذا حدث له فيما تردد خلفه بتشوش و بطئ :
" اجل راضي "
وضع يده في جيبه ليهز كتفيه قائلاً بصوت خفيض منفعل :
" لا تفرق كثيرا ً .. هو راضي و انا صابر و محتسب "
حدقت فيه جزاء تسأله و كأنها تقف أمام مختل عقليا ً :
" ماذا تقول انت ؟! "
رد بكلمات سريعة فارتفع حاجبيها بقلق منه :
" لا اقول شيئا ً يا غاليه .. ادعو له بالرحمة "
ليرتفع صوته مره واحده مما اجفلها فاتخذت خطوه احتياطيه للوراء :
" و الاخ راضي ما موقعه من الاعراب ؟! "
" لا افهم "
همست بها بخوف حقيقي من منظره و هو يأكل شفتيه ليعيد سؤاله بنفس النبرة المرتفعه السريعه  :
" ماذا كان يعني ؟! .. خطيب .. حبيب .. زوج ، اعربِ لي راضي "
ابتعلت جزاء ريقها بتوتر فيما تبحث بعينيها عمن ينقذها من هذا المختل الذي يقف أمامها فيما ترد عليه بخفوت شديد :
" خطيبي لمدة عامين تقريباً "
حشر عقله نفسه في الحوار هامساً له كشيطان حارق :
( الله .. خطيبي لعامين تقريباً ! .. مؤكد اختطف خلالهم لمسة يد ، خصلة شعر ، يد على خصر في إشارة مرور و قال ايه بيعديييييييني )
جاءه اخر خاطر بصوت فوزيه فاستغفر الله مغمضاً عينيه بغضب مكتوم ثم فتحهما فجأة و عاد بتركيزه لها فوجدها تنظر إليه و كأنه معتوه فتمتم من بين أسنانه بصوت مكتوم :
" اممممممممم .. كلنا لها ... الله يرحمه و يرحم موتانا جميعاً "
" آمين "
همست بها جزاء تسايره بقلق ليقف أمامها قليلاً مطرقاً برأسه إلى الأسفل فيما يضرب الأرض بقدمه ضربات خفيفة متتاليه بصمت تام لتسأله هي بترقب و كأنها تتعامل مع احد نزلاء السرايا الصفراء :
" ماذا بك يا بكر ؟! "
" ماذا ؟! "
" ماذا بك ؟! "
هز لها كتفيه مجدداً بلا أعلم ثم هتف مره واحده وهو يلتفت بغته تاركاً اياها  ليمضي في طريقه :
" انا اريد ادم "
اتسعت عيناها و نظرت في اثره بذهول ثم حوقلت لتقول بعدها دون أن يفارقها الاستغراب :
" ما به هذا المجنون ؟! "
..................................
جلست عهد بجوار امين تتنفس الصعداء بعد أن اعادا وصال الى المنزل و تخلصا اخيراً من سيل التحقيقات الذي وقعا فريسةً له سوياً ففور أن رأتهم الخالة مديحه من شباك المطبخ و رأت حالة وصال حتى ركضت إليهم و امطرتهم بوابل من الأسئلة عن ما حدث دون أن تتوقف عن البكاء للحظه حتى اضطرت وصال في الأخير إلى طردهما حتى ترحمهما من ثرثرة امها التي لا تتوقف !
نظرت لمن يجلس بجوارها بطرف عينيها فوجدته مازال على صمته الذي التزمه منذ أن اقتحم عليها مكتبها مرة واحدة بدون استئذان و رأى انس يجلس أمامها على حافة المكتب و يمسك يدها ...
رباه كم توترت من نظرته الجامدة التي تطلع إليهما بها و كأنه على وشك ارتكاب جريمة مما جعلها تسحب يدها من بين يدي انس ليقترب هو بعدها منهما تحت نظراتها المتوترة و يضع أمامها الملفات التي كان يحملها ببعض العنف فيما يقول من بين أسنانه :
" هذه الأوراق بحاجة إلى المراجعة "
حتى الان لم تنسى ملامح وجه انس المستنكرة خاصة ً وان امين لم يطرق الباب حتى و دخل مباشرة ً لكن وقوع وصال بعدها شتت انتباههم جميعاً ليستأذن انس بعد ذلك بملامح يعتليها الضيق مما جلب الاستياء الى نفسها هي الأخرى .
توقف تفكيرها عندما توقف امين بغتةً دون سابق إنذار مما اجفلها لتسأله بعدها بقلق :
" ماذا هناك ؟! .. لماذا توقفت ؟! "
زفر امين قائلاً بصوت مكتوم :
" اريد ان ألفت نظرك إلى شيء "
ردت عهد بصوت قوي و هيئة انس المحرجه لا تغادر عقلها :
" و انا ايضا ً "
التفت لها امين بجلسته ينظر إليها ثم قال :
" اخبريني ما لديكِ أولاً "
اخذت عهد نفساً عميقاً ثم قالت بصراحه :
" اريد ان ألفت نظرك إلى ما حدث اليوم قبل سقوط وصال .. حين دخلت عليّ انا و انس المكتب ..... "
للحظه ظن امين انها ستوضح له ما رآه لكنها زفرت بقنوط ثم رفعت وجهها قائله بهدوء حازم :
" لم يكن يصح أن تدخل هكذا دون استئذان يا امين .. ارجو أن تراعي هذا الأمر فيما بعد لأن انس تضايق من الأمر "
بهت امين و حدق فيها يستوعب ما قالته فهذه المرة الأولى التي توبخه فيها أو تلفت نظره لأمر الابواب بينهما ليتكلم هو بعد لحظات بنبرةٍ مغتاظه متجاهلاً التعليق على حديثها :
" و على ما اعتقد انتِ أيضاً لا يصح أن تغلقِ باب مكتبك و معك بالداخل رجل غريب ، ولا يصح أيضاً أن تتركيه يمسك يدك هكذا كما يشاء "
تورد وجهها بحرج و زفرت بضيق ثم ردت عليه بنبرة خفيضه .. حاده :
" أنس ليس رجلاً غريباً يا امين كما انني اجلس معك انت أيضا ً و بالساعات بمفردنا في المكتب و نغلق الباب احيانا حين نرغب بالهدوء اثناء العمل "
ارتفع حاجبيه بذهول من منطقها وظل يحدق فيها للحظات بدون استيعاب ليهمس بعدها اول ما جاء في باله :
" هل تساوين بيني و بين رجل تعرفتِ عليه منذ أيام معدودة ؟! .. هل تعطينه نفس مقدار الثقة و تضعينه معي في نفس الخانة ؟! "
همست عهد بإحراج :
" انا لم اقصد أن ...... "
قاطعها امين هادراً بغيظ و حديث بكر السابق يضرب عقله و يجعله يكره نفسه على تأخره في فهم مشاعره مما وضعه في هذا الموقف :
" انتهينا يا عهد .. انا آسف انني تدخلت فيما لا يخصني ، و اعدك أن انتبه الى حدودي و لا اتخطاها مجدداً .. واضح انني اعطيت لنفسي حجم اكبر من اللازم في حياتك "
دمعت عيناها بعجز لا تدري ماذا عليها أن تفعل فهمست تسترضي فيه صديق عمرها :
" يا امين انا ...... "
ليقاطعها هو مجدداً بحزم تحفظه هي عن ظهر قلب وتعلم جيداً أن لا نقاش بعده خاصةً بعد أن  شعر هو بالإهانة من حديثها معه :
" انتهينا يا ابنة عمتي .. لا داعي للمزيد من الكلام لكني سأوضح لكِ أمراً اخيراً و هو أن الشركة ليست المكان المناسب للقاءاتك العاطفية .. اتمنى ان تراعي هذا الأمر المرة المقبلة "
ليشغل بعدها السيارة و ينطلق بها مجدداً لاعناً حظه للمرة التي لا يعلم عددها ..
لا يدري ماذا عليه أن يفعل ؟!
لقد اوشك على اخبارها بمشاعره ناحيتها أو على الأقل التلميح لها بما يكنه منذ لحظات لكنها جعلته يبتلع حديثه كاملاً حينما الزمته بحدود لم تكن موجودة بينهما يوماً !
و الآن ها هو عاد لنقطة الصفر معها ...
قلبه يلح عليه أن يأخذ خطوه قبل أن تضيع من بين يديه للأبد و عقله يحذره من أن يفعلها خاصةً و هي تبدي كل هذا الاهتمام بمشاعر الآخر !
ربااااااااه .. ألن تنتهي تلك الحلقة المفرغة التي يدور بها ؟!
تأفف امين بضيق شديد بينما كانت هي بجانبه تحاول التحكم في دموعها التي تهدد بالسقوط و تتنفس بعمق فيما تصبّر نفسها وتخبرها بأنها الان فقط أصبحت تمشي على الطريق الصحيح المؤدي إلى نسيانه !
اجل يجب أن تنساه و تلتفت إلى حياتها و خطيبها الذي يستحق منها افضل بكثير مما تقدم له .
.......................................
منهمكاً في إعداد حقيبته و عقله يدور في ألف اتجاه ليجفل على صوت أخته :
" جاسم ! .. ماذا تفعل ؟! "
التفت جاسم إليها ثم عاد و اكمل ما يفعله قائلاً بصوت هادئ اكثر من اللازم :
" اجهز حقيبتي كما ترين "
اقتربت منه رغده بوجل فيما تسأل بنبرة خافته .. متعجبه :
" الى اين سنذهب ؟! "
وضع جاسم بعض الأشياء الأخيرة ثم التفت لها قائلاً بنبرةٍ يشوبها التوتر محاولاً تجنب نظراتها المتسائله :
" انا فقط من سأذهب ، أنا ........ "
صمت قليلا ً يحاول استجماع أفكاره لتمسك هي بمرفقه و تقول بصوت به غصة بكاء لم تحاول كتمانها :
" إلى أين ستذهب أخي ؟! .. هل ستتركني هنا بمفردي ؟! "
تطلع إليها متظاهراً بأن حديثها لا يؤثر به فيما يقول موضحاً :
" انا بحاجه الى الانفراد بنفسي قليلاً يا رغده لذلك قررت أن أقيم في شقتي القديمة لبعض الوقت "
" و انا ؟! "
تنهد جاسم بضغط و صمت قليلا ً ثم قال محاولاً مهادنتها :
" أنتِ هنا لستِ بمفردك .. الجميع حولك "
دمعت عيناها فيما تصحح له قوله بحشرجة :
" الجميع حولي لكن لا أحد معي "
زفر جاسم شاعراً بالذنب نحوها لكن ما باليد حيله ..
يجب أن يختفي قليلاً و يريح أعصابه المشدودة دائما ً حتى يستطيع المواصلة !
من دون شيء عقله مضطر للعمل أربع و عشرون ساعة و الاحداث الاخيرة في المنزل استنزفت أعصابه بما يكفي ليأتي اعتراف وصال المستتر و يكمل على ما تبقى منه .
هو خائف !
اجل لا يخجل من أن يعلن لنفسه و لأول مرة أنه خائف من امرأه !
امرأه !!
حتى مجرد اعتبارها امرأه شيء غريب و جديد على عقله !
تنفس بعنف محاولاً تصفية أفكاره لتسأله رغده دون سابق  إنذار :
" هل تحبها ؟! "
نظر لها جاسم مجفلاً فيما يهتف بعصبيه :
" لا .. لا بالطبع "
" إذا ً لما طلبتها للزواج ؟! "
قطب جاسم قليلاً ليدرك بعد لحظات أن رغدة تتحدث عن جزاء بينما ركضت أفكاره هو إلى وصال ليرد عليها بعد عدة دقائق كاذباً :
" اعجبت بها و لكن على الأغلب لم تبادلني هي الشعور "
ابتسمت رغده بألم فيما تهمس بنضج جديد عليها :
" على الأغلب قدرنا أن نحب دائماً من لا يرغب بنا "
و كأنه يرغب بتعويضها عن غيابه القادم ببضعة دقائق إذ قال برفق قلما يتحدث به :
" هل ستتحدثين امامي عن الغبي بكر مجدداً ؟! "
مسحت رغده دمعتها من على وجهها ثم قالت بخفوت منكسر :
" لا يا اخي .. لن اتحدث اكثر من هذا ، لقد أخبرني عمي عبد الحميد انني اغلى من أن افرض وجودي على من لا يرغب بي "
رغماً عنه ابتسم لها ليربت على وجنتها لينطق لسانه بحنان حاول قتله في نفسه مراراً :
" ليس هناك من هو اغلى عندي منكِ يا فتاه "
عانقته بحرمان يلازمها منذ طفولتها خاصة ً بعد انعزاله الجزئي عنها :
" لا تذهب ، و ستنساها مع الوقت .. صدقني "
لف جاسم ذراعيه حولها يضمها إليه بضيق من نفسه و رغماً عنه قلبه ينغزه على حالها ليقول بعدها بوعد :
" سأهاتفك كل يوم .. لكن الان انا حقاً بحاجه الى الذهاب .. و من يعلم قد اعود اليك ِ جاسم جديد ! "
حررت نفسها من بين يديه ثم نظرت اليه نظره شطرت قلبه نصفين و قالت :
" انا اريد جاسم القديم .. ابحث عن اخي الذي لا اعلم اين فقدته بالضبط "
أعطاها جاسم ظهره فيما يهمس لنفسه بمراره
( انا أيضاً ابحث عنه .. عل شفائي في عودته )
تحركت رغده تنوي الخروج من غرفته لتتوقف فجأة بعد أن تذكرت و قالت بصوت اكثر ثباتاً :
" بالمناسبة .. امين وعهد كانا هنا و رحلا قبل مجيئك بدقائق "
انزل جاسم حقيبته ووضعها ارضاً فيما يسألها باستغراب :
" ماذا كانا يفعلان هنا في هذه الساعة ؟! "
خيم على وجهها الحزن من جديد فيما تقول :
" لقد جلبا وصال بعد أن سقطت و فقدت وعيها في الشركة "
ارتد جاسم للخلف بحركة غير ملحوظه بينما قالت رغده و هي تخطو إلى خارج غرفته :
" هي في غرفتها الان ترتاح .. رباه لو رأيت رعب الخالة مديحه حين رأتها ، المرأة كادت تصاب بانهيار عصبي .. مسكينه لقد فقدت واحده لهذا ترتعب على الأخرى بهذا الشكل "
ظل جاسم واقفاً مكانه يشعر كما لو أن أحمال الدنيا كلها سقطت فوق ظهره و شعوره بالفشل في كل شيء يجلده بسياطه ليميل بعدها يمسك بحقيبته ثم يتحرك مغادراً المنزل .
توقفت خطواته عند غرفتها بتردد مدركاً عظم الجرح الذي جرحه لها دون قصد منه لكنه في نفس الوقت يعرف اكثر من اي شخص آخر أن لا مستقبل قد يجمع بينه وبينها بعد ما عاناه على يد اختها و لم يبرأ منه حتى الآن !
لمس باب غرفتها و كأنها يتواصل معها عبره هامساً بوجع يسكنه ولا يعلم  أحد عنه شيئاً :
" ليت قلبي في طهر قلبك ، بل ليت كل ما حدث لم يكن قط "
لمس بابها بعجز لمرةٍ اخيره ثم جرجر خطواته بعدها حاملاً حقيبته مغادرهم جميعاً متجهاً نحو ذاته القديمة بخطوات بطيئه .. مرهقة  .
.....................................
" سلام عليكم "
" و عليكم السلام يا ولدي تفضل "
دخل بكر خلف العم إمام الى منزل عمته مكرهاً فهو لا يطيق التواجد هنا لكنه مجبر لأن السيد ادم لم يرد على هاتفه رغم أنه أرسل له عشرات الرسائل يستفسر عن مكانه ليضطر بعدها إلى الذهاب إلى المستشفى أولاً لكنه عاد خالي الوفاض مغتاظاً اكثر بعد أن تطوعت المساعدة و أخبرته بأن سيادة الطبيب قد انهى مناوبته و غادر .
" اجلس يا بكر .. ماذا بك ؟! "
تنحنح بكر بضيق ليجلس يهز ساقه بعصبية فيما يقول بلا صبر :
" اين ادم ؟! .. لقد اتصلت به كثيرا ً و لم يجيب "
ضحك إمام بخفه فيما يقول :
" حضرة الطبيب نائم مثل القتيل .. مسكين .. لقد عاد منذ ساعه او اكثر على حد علمي "
اومأ بكر بخفه ليسأل بعدها بوقاحه و ما زالت صدمته تؤثر على عقله :
" و انت ماذا تفعل هنا هذه الساعة يا عمي ؟! "
قطب إمام ليجيبه ضاحكاً و هو يراه ليس على طبيعته :
" بيتي و أجلس فيه وقتما اشاء "
" اسف عماه لم اقصد "
همهم بها بكر محرجاً ليضحك امام مجدداً فيما يقول بسماحة :
" انا امزح معك يا ولدي .. لقد نسيت بعض الأوراق التي كنت قد جلبتها معي بالأمس لهذا عدت مجدداً منذ نصف الطريق لأخذها و سأذهب الى العمل بعد قليل "
اومئ له بكر مجدداً لا يدري من اين يبدأ ليقرر بأن اقصر الطرق الخط المستقيم فقال مره واحده :
" انا لا اريد تعطيلك عماه .. سأذهب و اوقظ ادم بعد اذنك "
" هل هناك خطب ما ؟! "
سأله امام بتوجس وهو يرى حالته الغير طبيعية فقال بكر باختصار :
" لا أبداً .. انا فقط اريد التحدث معه ، هل عمتي في غرفتها ؟! "
سأله بكر و هو ينهض من مكانه ليرد عليه إمام ضاحكاً :
" لا يا سيدي .. عمتك في المطبخ مصرة على صنع كعكة برتقال حتى يفطر بها طبيبها المحترم حين يستيقظ "
هز بكر رأسه دون أن يهتم بعدم استقبال عمته له فحبل الود بينهما شبه مقطوع من الأساس لهذا استأذن زوج عمته و اتخذ طريقه الى غرفة صاحبه مطمئنا ً لوجود عهد مع أمين مما ترك له حرية التحرك في المنزل ..
" انت ... استيقظ "
هتف بها بكر و هو يهز جسد آدم بجلافة ليهمهم ادم ببضعة كلمات متفرقة دون أن يكلف خاطره و يفتح عينيه ليهزه بكر مجدداً بلا رحمه و يهتف بغيظ :
" انهض هياااااااا .. استيقظ يا كلب البحر انت ... هياااااااا "
بعد عدة محاولات فتح ادم عينيه بصعوبة بالغة فيما يهمهم بتشوش :
" ماذا حدث ؟! "
فيلكزه بكر بغل فيما يقول بسخرية سوداء :
" استيقظ يا حبيبي .. بابا جلب موز "
توجع ادم من ضربة بكر لينهض بعدها بتثاقل فيما يقول بضيق :
" ماذا تفعل في غرفتي يا بني ادم في هذه الساعة ؟! "
فيتراجع بكر قليلاً فيما يقول بغيظ لا ينتهي :
" اشتقت لطلتك البهية "
تأفف ادم فيما يقول من بين نوم و يقظه و جسده يسترخي ببطء على الفراش مجدداً و كأنه مغناطيس قوي يجذبه :
" انا لست متفرغاً لظرافتك في الصباح ، انا كنت مستيقظ طوال الليل في المستشفى و لا ينقصني برودك الان "
قذفه بكر بالوسادة المجاورة له هاتفاً بحنق :
" لا استيقظ .. انا صديقك و من حقي عليك أن تضحي و تستيقظ لأجلي حين احتاجك "
هتف ادم بصوت باكي من الإرهاق :
" انجز ... ماذا تريد ؟! "
اخفض بكر صوته فيما يقول بحذر مقترباً من صاحبه :
" انهض أولاً لنجلس في الحديقة حتى اضمن أن لا تتنصت علينا الست الوالدة كعادتها "
فتح ادم نصف عين فيما يقول ممازحاً و هو ينهض اخيراً من مكانه :
" لا تأتي بسيرة ست الحبايب .. منزلها و تتنصت فيه كما تشاء "
جذبه بكر أمامه غير سامحاً له بغسل وجهه حتى و حديث جزاء يعود و يكوي قلبه بغيرة بدائية لأول مرة يمر بها !
بعد وقت طوووووووووويل هتف ادم بانفعال مما اجفل بكر :
" كفى .. كفى .. اخرس "
نظر له بكر بحده لكن ادم استطرد بغيظ :
" ايقظتني و اكلت لحم رأسي من كثرة الثرثرة و لم افهم حتى الآن ما هي مشكلتك بالضبط ! "
هتف بكر بغيظ مشابه و قلبه يشتعل غيرة :
" كل هذا و اين المشكلة ؟! .. اقول لك خطبها لعامين .. عامين يا ادم أي ما يقارب السبعمائة و ثلاثون يوما ً و يا عالم ما حدث خلالهما ! .. كيف لم تخبرني بالأمر سابقاً كيف ؟! "
قال ادم بتشفي ممعناً في قهر صاحبه :
" تستحق "
" استحق ! "
" اجل تستحق .. ألم تورطها في خطبتك البائسة حتى تنقذها من لسان زوجة أبيها كما قلت ؟! .. إذاً تستحق حتى تفكر المرة القادمة قبل أن تتصرف من رأسك دون أن ترجع للطرف الآخر "
نهض بكر قائلاً بصوت مشتعل :
" ماذا كنت تريد مني أن افعل ؟! .. هل كنت اتركها لجاسم يحظى بها بعد كل تلك الأعوام التي انتظرتها بها ؟! "
أوشك ادم على الرد لكن بكر صرخ بغيظ و هو ينهض و يلف حول نفسه كالممسوس :
" آآآآآآآآه ... انا كنت ادور و ابحث عنها في كل مكان و هي كانت تتسكع برفقة السيد راضي خاصتها "
نهض ادم هو الآخر قائلاً بعقلانية مضطر لاستخدامها الان حتى ينهي هذه الجلسة البائسة و يعود إلى فراشه مجدداً :
" يا بكر يا حبيبي شغّل مخك قليلاً ... أولاً الفتاه لم تعلم بوجودك على وجه هذه الكرة الأرضية إلا منذ بضعة أسابيع ! .. ثانيا ً و الأهم ألست مستوعب اننا نتحدث الان عن سيادة ( المرحوم ) راضي ؟! .. لقد مات الرجل و ترك لك جزاء و الدنيا كلها يا بكر إذا ً ما فائدة كل هذا الجنون و الهذر الذي لا  ينتهي ؟! "
تنهد بكر فيما يقول باشتعال لا يتوقف :
" لا اقدر .. كلما اتخيل انني كنت واهبا ً نفسي لأجلها ابحث عنها هنا و هناك بينما كانت هي تستمتع مع رجل اخر يتوقف العقل و المنطق عن العمل و أشعر كما لو أن آلاف الخناجر تقطع في قلبي "
" سلامة قلبك يا حبيب قلبي "
تمتم بها ادم من بين أسنانه باستخفاف ليقذفه بكر بزجاجة المياه البلاستيكية فيما يقول بغضب :
" انا مغتااااااااااااااظ "
فيردها له ادم مصححاً :
" بل تغااااااااااااااار "
صمت بكر قليلاً ليضحك ادم مستطرداً :
" يا اخي بدلاً من نواحك الذي ملئت به رأسي هذا .. اذهب و اجعل الفتاة لك بشكل رسمي بدلاً من الخطبة الشفهية التي فضحتنا بها "
توقف بكر يهز رأسه بموافقة فيما يقول :
" انت محق .. يجب أن أضع النقاط على الحروف ، لا يوجد خطبة "
قطب ادم و نظر إليه بعدم فهم ليهتف بكر بحزم مضحك :
" سيكون عقد قران و يا أنا يا السيد راضي "
ضحك ادم مقهقهاً بينما يعلق :
" الفتاه جعلت منك معتوه يا فتى "
و كأنه بمفرده تماماً إذ همهم مجدداً دون أن يهمه ما يُقال :
" في النهاية نحن نقيم في نفس المنزل بغرفتين ملتصقتين و خطبة مع هذا القرب ستكون كارثة وحطت على رأس الجميع و أولهم انا .. لا .. يجب أن اعقد قراني عليها .. و سأعقده "
لم يتمالك ادم نفسه فضحك مجدداً ثم قال و هو يستعد للعودة إلى الداخل ليكمل نومه :
" ممتاز يا أخ .. هيا شرفت و آنست ، اذهب الى جدك و ورط الفتاة معك أكثر و أكثر حتى تقتلك يوماً و نرتاح جميعاً منك "
لم يهتم به بكر و تحرك مغادراً ليتوقف بعدها مبهوتاً و هو يحدق في من  يتحرك أمامه من الاتجاه الآخر !
مجرد رجل يرتدي ملابس بسيطة لكنه كان لعنة و حطت على حياتهم جميعاً ...
ركض بكر وسط السيارات محاولاً الوصول إليه لكن الرجل بدا كفص ملح و ذاب إذ اختفى عن عينيه تماماً فظل بكر ينظر حوله و يشتم لاعناً نفسه لأنه قد أضاع فرصة ذهبية لإظهار حقيقة ما حدث !
فالوحيد الذي كان سيخبر الجميع بما حدث في ذلك اليوم اللعين هرب من أمام عينيه الان ..
الوحيد الذي يعرف الشق الآخر من القصة التي يعرفها الجميع أو بالأحرى بطل هذه القصة !
لقد كان نوح !!


نهاية الفصل الحادي عشر

ضربة جزاء .. الجزء الأول من سلسلة قلوب تحت المجهر Waar verhalen tot leven komen. Ontdek het nu