فتّانٌ

6.7K 131 113
                                    

-
قَلق البداية كان اصدق لحظة
-

تنَهد قبل ان يُفتَح باب المَشفى الزُجاجي مُستقبلًا اياه

مَشى بَين الممرات مُطأطأ الرأس يَمسح قطرات العرق المُنتشرة على مؤخرة رقبته

طَرق باب المكتب عِدة مرات ليفتحها بهدوء
استقبلهُ الهواء البارد الصادر مِن النافذة المفتوحة

ابتلَع بصعوبة ليدخُل المكتب ويُغلق الباب خلفه محاولًا عَدم اصدار اي صَوت

تَقدم ناحية المكتب يُحدق بالمقعد المُتجه نحو النافذة

زَم شفتيه لينطق بصوتٍ خافت
"دكتور ديمتري؟"

تنهَد بخفة واعاد خُصلات شعره البُني للوراء لتنسدَل مُجددًا على جبينه

تقدَم بخُطى ثقيلة ليميل برأسه يُحدق بالمقعد الذي تَبين انه فَارغ

عَقد حاجبيه ليتقَدم صَوب النافذة

دَوى صوت الرَعد لتبرُق السَماء عاكسةً الوانها عَلى حدقتيّ الرجُل

رَعشة سَرت بكامل جسده عِندما لامس الهواء البارد بشرته القَمحيّة

استند على قاعِدة النافذة ليرفَع بصرّه مُحدقًا بِلَون السماء الرماديّ وقطرآت المطر التي تتسارع بالهطول شيئًا فشيئًا

ارتسَمت ابتسامة شاحبة على مَحياه حين حَطت قطرات المطر على وجنتيه بكُل لطف ليردُف بصوتِه العَميق
"اتسائل إن كَان حُزنها أعمَق مِن حُزني"

"اتسائل إن كَان العالَم يُلاحظ شحوب وَجهي كَما يُلاحظون شحوب السَماء"

"اتسائل إن كَان واضحًا عليّ كَوني غارِق بالرماديّ"

ابتسم الرجُل بجانبية وهو يُحدق بجسد الآخر الغَافل عَن وجوده
تلاشت ابتسامتُه بينما عَيناه تَمركزت على شَعره الحَريريّ الذي يتطاير بعشوائية آثر الرّيح الغاضبة ..
"السَماء تَبكي خَطايا التُعسَاء"

استفاق الآخر مِن شرودِه ليستَدير بجسده ناحية الصَوت

أضطرَب نَبضُه عِندما اتضحَت لَه هَوية الرجُل
تَقدم ليلتقط ملّفه الخَاص مِن على المَكتب

رَفع يَده ليُعيد ترتيب خصلآت شعره ويضعها خَلف اُذنِه بأنامِله الرقيقة ..

تَنفس الرجُل بصعوبة وهو يتأمل الآخر
عيناهُ تأبى الكَف عن النظر
كأنها -وأخيرًا- وَجدت شيئًا يستَحق التأمُل دَهرًا

فتّانٌWhere stories live. Discover now