✨الفصل السابع عشر ✨

430 42 11
                                    

الفصل السابع عشر

همَّ آلن يترجل إلى السَّيارة بمساعدة أخيه
الأكبر، اتَّجهوا إلى المنزل بعد رقوده
في المشفى ليومين، ممَّا جعل جسده
ضعيفًا غير قادر على المشي لفترة،
ها هو يجلس بالمقعد الخلفي
بوجه عابس ومكتِّفًا يديه نحو صدره
" لماذا ؟ لا أفهم سبب رفضكم لذهابـ- "
قاطعه جاردن قائلًا بنفاذ صبر :
" آلن لقد تناقشنا في هذا الموضوع
أكثر من عشر مرات، وها أنتَ تفتحه
ثانيةً، لقد قرَّرنا عدم ذهابكَ إلى ذلكَ
الكاتب وانتهى ! كنْ مُطيعًا "
أجاب آلن بحزن : " لكن .. لكن، هذا ليس عدلًا "
وضع أليكس يده على فم الأصغر
بارتباك " اصمتْ، إيَّاك أنْ تعيد كلمة
العدل وإلَّا سأقتلك، لستُ مستعدًّا لأن
يعيد السَّيد ليام محاضرته المملَّة عن
العدل وأهميَّته ! "

هذا ما قاله أليكس الذي لَمْ يكنْ عقله
بما يقولون أساسًا، ولكن بمجرد سماعه
لكلمة العدل جنَّ جنونه، أدار ليام رأسه
للخلف لينظر للاثنين قائلًا بحاجب مرفوع :
" وكأنَّني سمعتُ اسمي ! "
أومأ الاثنان بالنَّفي بقوَّة، ليستكمل حديثه
بعد أنْ أعاد رأسه للأمام : " على كلٍّ،
اسمع آلن لنْ أخفيَ عنكَ الأمر، لقد نصحَنا
الطَّبيب بعدم ذهابكَ لأيّ مكان والتزامكَ
بالراحة التامَّة " صمتَ قليلًا قبل أنْ ينطق
بصوتٍ أشبه بالهمس : "لَمْ تكنْ نتائج
الفحوصات جيدة "

قالها ليعمَّ الصَّمت في أرجاء السيارة 
بسبب ثقل ما تفوَّه به ليام على قلوبهم
قبل أيّ شئ آخر، شدَّ جاردن على
المقود قهرًا على الحال التي وصل
لها أخوه الصَّغير.

بعد ربع ساعة، وصلو إلى القصر
ليترجَّل الجميع من السَّيارة والحزن يخيِّم
عليهم، دخل آلن بخطوات سريعة
دون أيَّة كلمة، صعد السُّلم وصولًا
إلى باب غرفته الذي أقفَله بالمفتاح فور دخوله،
تبعه إخوته بخوف بينما أخذ جاردن
يهتف بقلق : " هل يمكننا التَّحدُّث ؟ "

لَمْ يَسمع ردَّ المعنِي ليطأطئ رأسه
بخيبة أمل، أمسكَ ليام كتفه قائلًا
بحزن : " دعه وحده الآن "
أومأ جاردن بالإيجاب ليغادروا بهدوء.

~ داخل غرفة الأصغر~

استلقى آلن بتعب آخذًا أنفاسه، وفي
داخله يلوم ذاته ألف مرَّة على إجهاد
جسده، فهو أعلمُ شخص بوهنه وبحالة
قلبه التي لا تزيده الأيام إلا ضعفًا،
وبين أفكاره كان قد أخذه النوم بعيدًا "

في الجهة الأخرى، كان الأكبر
جالسًا على أعصَابه ينتظر خروجه،
لكنَّه وعلى عكس ما توقَّع لَمْ يخرج
ممَّا أثار مشاعر القلق في داخله،
وبعد مرور أكثر من نصف ساعة
نفذ صبره، فنهض من مكانه دون
أنْ ينطق كلمة واحدة قاصدًا غرفة
الأصغر ومن خلفه ليام وأليكس
اللذان لحِقاه على عجلة، أخذ يسابق
الرِّيح بخطواته السَّريعة حتى وقف
أمام غرفة آلن، لتستقر إحدى
يديه على مقبض الباب والأخرى
أخذتْ تدقُّه
" آلن .. افتح الباب، أو سأفتحه
أنا بالقوَّة، آلن !!! "
أخذ يتحدَّث بنبرة تهديد لَمْ تدمْ طويلًا :
" آلن أرجوكَ دعنا نتحدَّث، أعدكَ أنَّني
لن أُرغمكَ على شيء، هلَّا تحدَّثنا ؟ "

لكن .. ما من إجابة !

همَّ جاردن يفركُ عينيه وهو يرسم
نظرات ألم " أنا المُلام، لَمْ يكنْ عليّ
التَّحدُّث معه بهذه الطريقة "
رفع ليام يده على كتف شقيقه مُهوِّنًا عليه
" لا عليكَ، هو مايزال طفلًا،
ومن الطَّبيعيّ أنْ يثورَ أحيانًا ويحتجَّ
وفي النِّهاية سيعود إلى سابق عهده "
": أتمنَّى ذلك … "
لكن بُترتْ جملته بسبب صوت المفتاح
الذي بدأ بالدوران فجأة، وها هو
الباب أخيرًا يُفتح، بعد الكثير من
لحظات التَّرقُّب، تقدَّم آلن من خلف
الباب بشَعره المُبعثر وعَينيه الناعستين
التي أخذ يفركهُما، وهو يحمل بداخله
الكثير من علامات الاستفهام،
أردف بنبرة ناعسة : " ماذا يحصل ؟ "

بَاغتهُ جاردن ممسكًا برأسه ليُدخله إلى
صدره بحنان وبصوتٍ مُنكسر همَس :
" أنا آسف "
قالها ثمَّ راح يضع يده على كتف
الأصغر بعد قطعه للعناق، ليضع
عينيه بعين الأصغر الذي صاح
بخجل : " م ..مم..ماذا هنااااك ؟ "

" أعدكَ، لنْ أمنعكَ عمَّا تحبّ،
سنتحاور في المرَّة القادمة
حتى أُقنعكَ أو تُقنعني، حسنًا ؟ "
جفل آلن عدَّة مرَّات ممَّا جعل
جاردن يهتف مرَّة أخرى : " حسنًا ! "

" حسنًا حسنًا "
تنهَّد الأكبر براحة راسمًا ابتسامة
مُطمئنة أخيرًا " يوووش،
والآن هل نتحدَّث ؟ "

~ في غرفة آلن ~

وأخيرًا استقرَّ جاردن على مقعده
بجانب السَّرير بعد أنْ تأكَّد من أنَّ
جسد أخيه الأصغر ينعم بالدِّفء،
فهو لَمْ يتركْ شبرًا من جسده تقريبًا
قبل أنْ يضعَ الغطاء عليه، باستثناء
رأسه الذي تركه مُرغمًا حتى يتأكَّد
من بقائه حيًّا، كشف آلن عن صدره
بعد شعوره بالاختناق
" إذًا آلن، كما اتَّفقنا .. سنطلب من كاتبكَ
المفضَّل أنْ ياتي إلى المنزل "
أومأ آلن بتردُّد قبل أنْ يهتف : "
وإنْ لَمْ يوافق ؟ "
" إنْ لَمْ يوافق، أعدكَ بأنِّي سأرتِّب
موعدًا آخر لكَ معه، اتَّفقنا ؟ "
قالها وهو يضع الغطاء على الجزء
الذي قام الأصغر بكشفه، أردف آلن
بابتسامة متجاهلًا ما قام به جاردن
" اتَّفقنا "
صمتَ قليلاً، ربط يديه ببعضهما
بخجل " هل يمكنكَ سؤاله الآن ؟ "
قالها وقد حرَّر يده، لينزع الغطاء
عنه على مهل، قهقه جاردن
بخفَّة قائلًا : " إنَّكَ حقًّا تبدو كطفل
في العاشرة من عمره يحاول طلب
قطعة شوكولاتة "
" جاااااردن، توقَّف أرجوكَ "
" حسنًا حسنًا، لا تغضب، سأتحدَّث
معه الآن "
قالها ليهمَّ بإخراج هاتفه من جيب
بنطاله بإحدى يديه، بينما أخذ يرفع
الغطاء بالأخرى، حدَّق آلن بيد
جاردن لينقضَّ عليها مُمسكًا بها
وبنبرة منزعجة صاح :
" هل يمكنكَ التَّوقُّف ؟ 💢 "
": مستحييييل " هتف بها بدون
لحظة تفكير، بينما يرسم ابتسامةً
بلهاء على وجهه، ممَّا جعل الأصغر
يبكي على حاله داخليًّا مستسلمًا
للواقع المرير، وفي لحظة
تناسى كل شئ عند سماع
جاردن يتمتم ببعض الكلمات في الهاتف
" … حقًّا ؟ أشكركَ على تفهُّمكَ،
إذًا سأنتظركَ غدًا، إلى اللقاء "
وما إنْ أغلق هاتفه حتى هتف
آلن متسأئلًا : " اذًا ماذا ؟ "
" احزر ماذا ؟ لقد وافق على
القدوم غدًا "
لَمْ يصدِّق آلن ما سمعه، ليقفزَ باتِّجاه
جاردن مُعانقًا إيَّاه بسعادة غامرة
" إييييه حققاااا، أنتَ الأفضل أخي الأكبر "

يتبع…

حُلم بين صفحات 🌠 | مُـتـوقِـفـة مـؤقَـتـًاWhere stories live. Discover now