تبسمت رسيل فكشفت عن لآلئ مخباة مصطفة
في ثغرها ..
وقد اكتنزت وجنتاها و اكتسبتا حمرة طفيفة ..

تهرب خصلة من شعرها العسليّ من قومها المتجمعين داخل ربطة شعرِ .. فتقع على عينها ..
فتشوش رؤيتها ..
تأتي سلمى لتزيحها برفقٍ .. و عشقٍ !

" شكراً سلمى"

يزامن قولها اقتحام نادلة في المطعم..

"انتبهوا فلدينا اليوم ضيف مهم .. يوصيكم المدير بأن تهتموا أكثر به "

" آه كم أمقت توصياته هاته .. فعندي الجميع مهم .. أتقن ما أفعل و حسب"

"رسيل أرجوكِ لا تُتحفينا بفلسفتك هاته! "

تتدخل سلمى مقاطعة إياها ..
" بل أنتِ يا دانيا كفاك استهزاءً "

" و من عيَّنك أنتِ كمحامٍ تدافعين عنها ؟ "

" دعينا ننهي الحديث .. من يكون يا ترى هذا الشخص المهم؟"

" إنها سيدة أعمال قادمة من أمريكا .. أتعلمين ؟ أظنها شاذة لعينة! "

" ماذا ؟ كيف عرفتي؟ "

" حباً بالله اصمتوا !! دعوني أركز ..
يا ربي نسيت هل أضفت الملح أم ليس بعد! "

" لقد أضفتيه أضفتيه " تبتسم دانيا بخبثٍ
و تقول في سرها " لنزعج تلك الساقطة قليلاً"

تجهز رسيل صحن المعكرونة بالدجاج .. كآخر
طبقٍ لليوم .. فقد حان انتهاء دوامها ..

تمسك دانيا بالصحن و تضع عليه من الشطة الحارة...
و تقدمه مع مقبلات على طاولة تلك السيدة ..

تتنهّد " إيفا " و تهمس ..

" وأخيراً قد أتى الطعام ..إذن سوف آكل و أخرج من هذا المطعم اللعين "

تمسك ملعقتها و تضع لقمة بفمها ..
تتجمّد ملامحها ، يحمرّ وجهها ذو البشرة المحيرة بلونها .. بين البياض و السّمار ..

تجعد حاجبيها .. ثم تبدأ بالصراخ غاضبةً ..

" اللعنة! هلّا كنتم بشراً لمرة واحدة في حياتكم و أتقنتم شيئاً واحداً فقط !!
ما هذا الطعم السيء ! "

لتقف رسيل التي كانت قد همت بالخروج .. مقابلةً إياها ...

" هيي أنتِ .. ما به طعامي حتى لا يعجبك يا صاحبة الذوق السيء"

ينهض رجلان بنيتهما قوية جداً كانا على الطاولة المجاورة .. ليقول أحدهما

" هل تعرفين مع من تتحدثي .. احترمي نفسك و إلا بأمرٍ من سيدتي أمسحك من على وجه الأرض"

" عابد عد إلى مكانك ، ألم أقل لكما ألا تقتربا مني إلا حينما أشير لكما؟ "

" ولكن سيدتي هي تقلل من احترامك "

" احترامي لا يقل ولا ينقص ، هي فقط من تقلل احترام ذاتها"

" لماذا لا تعودي من حيث جئتِ فمستواكِ ليس من مستوانا هه! ولا يعجبها طعامنا أيضاً ..
يا سيدة أنا أسكب فيه كل الودّ و الإتقان ..
نطهو بأيادٍ بسيطة .. نكتسب لقمة العيش
بصعوبة بالغة .. و أنتِ هنا تهزئين "

" هل تُسمّين هذا طعاماً !! هيا تذوووقي "

تدفع بلقمةٍ نحو ثغرها .. لم تدرِ ما تفعل .. فتحت فمها و التقطت اللقمة بحرج شديد ..
فهي تحدق بها عينان حالكتان سواداً ..
برموش سوداء كثيفة .. أربكت قلبها ..

سرعان ما أحسّت بسوء الطعم .. و تنافس على وجهها حمرتان ، من استحيائها و من حرّ الشطة المضافة ..

" آه قد عبث أحد بهذا الصحن بعدي .. أؤكد لك
لم أضف هاته الشطة و ظننت أني وضعت ملحاً كافياً ! "

لتمسك إيفا بسترتها و ترتديها .. و تقول "لا عليكِ"
تخرج من المطعم ثم مرافقَيها ..

ضربت رسيل بكفها على رأسها .. فتلمح قهقهة دانيا فعرفت أية لعبة قد حاكَتها قبل قليل ..

أسرع مدير المطعم و لحق بإيفا ..

" سيدتي يشرفني غداً أن تتناولي العشاء لدينا و اتركي الحساب علينا .. سننظم لك سفرة مليئة بالأطعمة.. و أعتذر لك حقاً عما حدث اليوم"

" سأرى غداً .. شكراً "

تسترجع اللحظات التي مضت ،
" غضبت هاته الفتاة بطفولية عندما انتقدت طعامها .. آهٍ وذاك الانزعاج الطفيف الذي أبدته حالما ذاقت اللقمة .. حقاً إنها لطيفة ..
لطيفة و طاهية سيئة .."

تعود رسيل إلى منزلها بعدما وبخها المدير ،
تلحق بها دانيا و تعتذر لها ..

" آسفة لم أظن أن الموضوع سيصل إلى هذا الحد .. لكن السيدة المتعالية إيفا قد بالغت بردة الفعل "

" إذن اسمها إيفا؟ .. لا عليكِ قد نسيت ما حدث بالفعل"

تصل إلى منزلها تفتح الباب ، فتقابل أمها المنتظرة خلفه ..
" ابنتي قلقت عليكِ ، لِمَ تأخرتي؟"

"لاشيء لكن الوجبة الأخيرة تأخرت حتى نضجت هاته المرة "

" هيا خذي حماماً دافئاً و استريحي على سريرك "
" حاضر أمي العزيزة"

تأتي سويعات الليل على رسيل .. تقضُّ مضجعها
تتقلب على السرير ..
تتذكر ملامح "إيفا" و كيف أطعمتها بالقوة ..
غضبها كان لذيذاً و جميلاً ..
" هل هي مثلية يا ترى كما ذكرت دانيا ؟
و ماذا سيفيدني إن علمت ، إذا أنني لم أتعرف ميولي حتى هاته اللحظة ..
و إن يكن ، فلا شيء يمكن فعله في هذا المجتمع! "

تنهض بسرعة .. تُخرِج مفكرة ..
تكتب فيها عنواناً عريضاً ..
أسطورة " حوا و رسيل "

إذن أنتِ قوة الحياة يا إيفا .. و أنا رسيل أي الماء العذب!
تتمتم بشغفٍ ..
"وجعلنا من الماء كل شيء حي"

_______________________________

يتبع ..

" كل عام و أنتم بخير"

ستتضمن البارتات القادمة الأسطورة التي ستكتبها رسيل في مفكرتها إضافة إلى أحداث الواقع بينهما ❤

اكتبوا آراءكم بالتعليقات ، فهي تهمني..

لها أنتمي (رواية مثلية)Opowieści tętniące życiem. Odkryj je teraz