أوقف سيارة أجرة وأخبره بالعنوان ثم أخرج سيجارة، أشعلها ووضعها في فمه وأشعلها وهو يأخذ نفسًا منها بالفعل، علق عينيه على النافذة أمامه حيث الطريق مظلما عدى من ضوء السيارات والمتاجر.

إن أمه منهارة في المنزل هي وأبوه، وهو يقسم بأنه لو وجد أحمد هناك سليمًا معافىً فهو لن يتركه يفلت بتلك الفعلة، يكفي طيشه وتهوره عند ذلك الحد، يجب أن يعرف أنه هنا بدلا عن والده المُقعد الآن.

بعد الساعة كان يقف أمام ذلك الباب المغطى بالتراب، أزال السيجارة عن فمه وألقاها في الأرض ثم داس عليها وطرق على الباب بهدوء، لكن لم تأتيه إجابة وهذا جعله يخرج المفتاح من جيبه ويفتح الباب بعصبية لم يستطع حقًا التحكم فيها.

دخل ووجد الضوء مشتعل، هو هنا، وهذا ذاد من غضبه وترجل باندفاع نحو الغرفة التي يأتي الضوء منها، هذا عندما وجد أخيه مُلقى على السرير بلا حول ولا قوة وأعقاب السجائر مرمية حوله في كل مكان، كان نائمًا كما يتضح ..

صك مراد على فكيه محاولًا إمساك أعصابه قليلا لكي لا يفيقه بصفعة على وجهه الآن، لكنه لم يحتمل وأمسك بسترته فجأة وهزه ففزع الآخر وبدأ يردد باسم سلمى بهلع وكأن نوبة أصابته .. توتر مراد وتركه بسرعة في حين بدى الآخر وكأنه لا يعي ما حوله ولا يرى من أمامه، بدأ يتراجع للخلف حتى ألصق جسده في الحائط وترقرقت عيناه من جديد ثم شرع يتمتم ب "آسف .."

اقترب منه مراد بهدوء هذه المرة بعد أن أصابته غصة في قلبه على حال أخيه وشعر بالتيه والقلق "أحمد .. أنا مراد."

رفع عينيه له ومسح بظهر يده على عيناه وهو يومئ بجسدٍ مرتعش فجلس مراد بجانبه وهو يتساءل "مالك؟"

ترقرقت عيناه من جديد وأخفض رأسه بخزي وبعدها حارب ليخرج صوتًا مبحوحًا وبدأ يقص عليه كل شيء بينما أنصت الآخر جيدًا حتى انتهى الآخر من كل شيء ومعه بدأ ينتحب من جديد.

سحبه مراد نحو عناق وربت على كتفيه رغم غضبه الشديد مما فعل أخيه، لكنه أشفق عليه حقًا.

"عشان تتعلم إن البنات مش لعبة، وإن الخيانة مش حاجة سهلة يا أحمد .. بس رغم كل ده هو ده كان عمر سلمى، ربنا لا بيقدم أجل حد ولا بيأخره، بس بيسبب الأسباب، ولعله يكون درس ليك عشان تتربى وتعرف إن السكة اللي أنت ماشي فيها دي غلط."

أومأ الآخر بهدوء فربت الآخر على ظهره "قوم يلا، أمك وأبوك هيموتوا عليك في البيت، اغسل وشك وظبط نفسك ما تخوفهومش عليك أكتر، وخليك رجل كده .. الرجل مش بالبنات حواليه، الرجولة بتحمل المسؤولية وبالاحترام، الرجولة إنك تبقى رجل في كلمتك ومشاعرك، أنت عارف أنا ما قربتش من أي بنت ليه؟"

نفى أحمد برأسه فأكمل مراد "عشان ماكنتش شايف نفسي أقدر أقدم لأي واحدة حياة كويسة، وطول ما أنا مش قادر فالأفضل إني ما أبهدلش بنات الناس معايا .. مع إني كان ممكن أعمل أي حاجة تخطر على بالك معاهم، كان ممكن أكذب وأخدع وأخلع .. الموضوع سهل وأنت عارف ده كويس، إنك تبقى عيل ده سهل، الأصعب إنك تبقى رجل له كلمة ويعتمد عليه وتبقى عالي في نظر نفسك وعارف قيمتك كويس."

أربعة في واحدWhere stories live. Discover now