~رحلة قطار~

156 15 4
                                    

يقول بتهوفن إنهُ يحتقر العالم الذي لا يحس أن الموسيقى أنبل وحياً من الحِكمة والفلسفة.
لابد إن ولعه بالموسيقى كان مشتعلاً إلى درجة إنه كان يفضلها على الحكماء و الفلاسفة. و لكني أعارضه و إن كان هذا رأيه الشخصي. شغفه في العزف لا يجعل بقية الفنون أقل جمالاً و متعة. لا يحق لأحدهم أن يحتقر الاخر لهذا السبب.

عندما يدرك العالم إن لكل فردٍ حياته و أفكاره و مبادئه الخاصة فسيعيش الجميع بسلام.
حياة الإنسان يجب أن تُصان، له الحق أن يعيش و يحقق أحلامه. الحياة الطويلة ليست بتلك الأهمية. ما يهم هو أن نرى احلامنا على أرض الواقع؛ هذه هي الحياة. إن تحيا أحلامنا.

سألني مرةً هيسوكا فجأةً كعادتهِ
"إلى أي عمرٍ تتمني أن تعيشي؟"

لم أجبه ليس لأني لا أملك الإجابة لكنه لم يمهلني وقتاً كافي لأجيبه حتى تابع مضيفاً
" هل تودين أن تعيشي إلى سن طويل؟ أم تتمنين الخلود؟
آه... تخيلي الا تموتي ابداً، و لا تهرمي أو تضعفي كم من.... "

"هيسوكا"
قاطعته لأجعله ينصت الي و يلتفت نحوي، كان يكنس الأرضية كل هذا الوقت بينما يثرثر؛ و حقيقةً لم تكن الأرض غير نظيفة هو فقط يشغل نفسه.

" لا أريد أن تكون حياتي طويلة، أريدها عميقة.. أن أمر أنا بالأيام لا أن تمر بي."

أرسل لي بعدها هيسوكا نظرات إعجاب،إلا إنه لم يتمكن من الرد. و بقي صامتاً شارداً لفترة من الزمن، متمعناً في إجابتي.

و لم يعود إلى وعيه حتى بعد سماعه صوت أجراس الباب الرنانه..

"هيسوكا.. دع الزبون يمر"

ناديت له ليهز رأسه بحركة راجفة، نظر نحو الزبون و تراجع خطوتين للخلف و عندما عبر الزبون عاد و تقدم خطوتين ناظراً نحوي... فتح فمه لكنه صد عن الكلام مجدداً و عاد ليكنس الأرضية مجدداً. إبتمستُ لأجل قلب هيسوكا الخجول و كم تمنيت أن اتعرف عما كان يجري في خلده.


_::::::::::::::::::::::::::::_

في وقتٍ باكر من الصباح إستيقظ جونغكوك من نومه. إت لديه رحلة ليقوم بها إلى منزله في القرية.
جلس على الكرسي يتناول فطوره سريعاً ناظراً نحو إيلي من خلال النافذة و التي كانت تلهو من طائرها الارزق و تطبع القبلات فوق ريشه الناعم و تسقي النباتات و تقطف بعض الخضروات الناضجة.
يرتشف هو من زجاجة الحليب و يتابع إستراق النظر إليها و هي تتجول من نبتةً إلى أخرى، ربما كان يفكر بلوحة الحركة بينما يترصد بعينيه السوداويتين حركتها في الحديقة كحشرة طائرة.

--_______________--

أفترشتُ قطعة قماش مربعة فوق عشب الحديقة. خلعتُ نعليّ و تربعت وسطها. أستقمتُ بظهري. اغمضتُ عيني و أخذت نفساً عميقاً... رياح باردة تلاعب غُرتي.
تنفستُ شتى الروائح، و اندمجتْ روحي مع روح الطبيعة.
أحاول تحليل شعوري من الداخل، لكني أعجز.. ما أشعر به وسط الطبيعة أشبه بالتحرر من القوانين و العادات، القيود و التبعية. اتخيل نفسي وسط غابة. أعلى قمة هضبة.
أشرفُ على ثروات الأرض المتناثرة تحت اقدامي. و أستشعرُ نبض الحياة المنبعث عن المياه الجارية. لا أحتاج إلى تشغيل موسيقى.

قَهوة حُلوةWhere stories live. Discover now