الفصل السابع والعشرون

4.4K 138 2
                                    

شعرت بالشلل يجتاحها وهي تنظر إليه بعينين مذهولتين، لا تفهم ما يجري من حولها ولا تستطيع أن تستوعب ما يطلبه ذلك ال...
للمرة التي لا تعرف عددها لا تستطيع سبه، حاولت أن ترفض، بل تصرخ رافضة، أن تغضب وتقفز واقفة وتخبره برأيها الصريح فيه وفيما يفعله وتخبر عمها وأخيها بما فعله بها.
ولكنها بكل بساطة لم تستطع صوتها لم يصعد خارج رئتيها، كل ما استطاعت فعله هو أن تقبض كفيها قويًا وهي تحاول أن تحافظ على المتبقي من عقلها لتستوعب ما يحدث أمامها ، حاولت أن تنصت لما يقوله لترفض ما يطلبه بهدوء كما يفعل هو كل شيء بهدوء، ولكن عقلها ظل جامدًا، لا يستطيع الإتيان بأي ردة فعل فظلت صامتة وهي تسمع ما يحدث حولها دون أن تفهمه، فعقلها وتفكيرها أصابهما شلل مؤقت.
انتبهت من حالتها تلك على صوته يهمس بفحيح جانب أذنها: ارفعي يديك عزيزتي واقرئي الفاتحة حتى يبارك لنا الله في تلك الزيجة.
نظرت له بعينين خاليتين من التعبير، جعلته يجفل ويشعر بالتراجع في كل ما يفعله بها، همس بلطف تلك المرة: هيا ليلى، أعلم أنك موافقة ولكن كبريائك هو من يمنعك.
نظرت إلى الأمام محدقة ليهمس مرة أخرى بتلك النبرة التي عشقتها قبلاً وكانت تراود أحلامها دائمًا: اقرئي الفاتحة حبيبتي، فأنت تريدين ذلك مثلي تمامًا.
ولدهشته العارمة التي ماثلت دهشتها، فتحت كفيها ببطء وخجل، لم ترفعهما عاليًا بل وضعتهما بحجرها وظلت تنظر إليهما بصمت، اقترب منها بطريقة كافية لتسمعه، دون أن يثير حنق بلال بعد أن لاحظ تحديقه بهما، وهمس برجاء تلك المرة: ليلى، هيا حبيبتي، لنتلوها سويًا.
وبالفعل بدأ بتلاوة الآيات قرب أذنها بصوته الفخم وبنبرة خافته لتشعر براحة تتسلل إلى قلبها وعقلها، تشعر بهدوء نفسي لسماعها بصوته العميق، فتردد بتلقائية من خلفه: آمين.
نطقتها بهمس خافت لم تسمعه هي شخصيًا ولكنه التقطه فبرقت عيناه برضا ونظر لها بامتنان وقال بحب، تخيلت هي أنه لمع بعينيه: مبروك حبيبتي.
ظلت تنظر إلى عينيه وذلك اللمعان بهما يزداد، ويزداد فيفيض ويغلف قلبها براحة ظلت تنشدها طيلة الأيام الفائتة. شعرت بتلك الرجفة التي تنعش قلبها، وهي تنظر إلى عينيه الهادئتين كبحر عميق أسود اللون، لتشعر بعدم ألفة وهي تنظر إلى ذلك البحر العسلي.
رمشت بعينيها وهي تنظر إلى لون عينيه العسلي الذي صار يلمع ليتحول إلى بحر رائق من الذهب المصفى بعد أن اختفى اللون الغامق منه، لتسال نفسها "من هذا؟ "
تمتمت داخليًا: انه ليس عبد الرحمن.
اقترب من أذنها فجأة ليقول بهدوء وإصرار: أنه أنا أمير.
شعت عيناها فجأة ببريق حاد ليعقد هو حاجبيه بدهشة وهو يعلم أنها ستعود إلى حالة العند التي لبستها، فقال بمهادنة: اهدئي ليلى.
همت بالرد لتصمت وهي تسمع إيني المرحة وهي تنتزعها من الكرسي الجالسة عليه لتبارك لها، تبعتها والدتها التي ضمتها إلى صدرها بحنان وأخذت تدعو لها بالتوفيق وأن يتم لها الله على خير.
تنفست بقوة وهي تسمعها تبارك لأمير بدوره وتوصيه عليها بكلمات أنيقة، ابتسمت رغمًا عنها وهي تشعر بحضن عمها الدافئ وهو يقول: مبارك حبيبتي، سأنتظرك تؤازريني أمام ياسمين عندما تعلم وتهب عاصفتها علينا.
ابتسمت بود وهو يتبع: ولكني لست قلقًا منها، فهي ستفرح كثيرًا بذلك الخبر.
جمد وجهها وهي تشعر بالذهول عندما نطق الآخر بفخر: أعتقد أنها ستفرح أكثر لو عملت بأن الخطبة ستكون آخر الأسبوع.
التفتت إليه وعيناها تنطق بالغضب لتسمع بلال يقول بحنق: لا، لن يحدث.
رفع أمير عينيه ونظر له وقال ببراءة: لماذا؟
شعرت بالضعف وهي ترى أخاها يجز على أسنانه ليكتم غضبًا لاح منه وقال: ولماذا يحدث؟ أنا أكره التعجل في الأمور.
ابتسم أمير وقال باتزان: ليس تعجلاً ولكنني أريد أن يصبح الأمر رسميًا حتى أستطيع أن أتردد على البيت أو نخرج أنا وليلى سويًا.
رفع بلال حاجبه وقال بسخرية: الخطبة لن تخول لك الخروج مع ليلى أو القدوم إلى هنا مرارًا.
لمعت عينا أمير بانتصار أخافها هي وهو يقول باستسلام: حسنًا لنجعله عقد قران، لم أشأ أن اطلب ذلك حتى لا تستاء أنت، ولكن بم أنك موافق فأنا أرحب بذلك فعلاً.
صاحت إيني بفرح: واو سيكون لدينا عرس قريب.
ضحك بخفوت وهو ينظر إلى وجه بلال المكفهر والذي صاح قويًا: اصمتي إيني.
شحب وجه الفتاه لتنطق الأم بتحذير: بلال.
رفع هو حاجبه برفض لأسلوب بلال الغاضب فتنفس الآخر وهو يحاول أن يتحكم بأعصابه  وفهم هو ذلك جيدًا وأعطاه الفرصة الكافية فلم يحاول أن يتحدث أو يستفزه أكثر من ذلك ليحافظ على ما وصل إليه ولا يخسره.
قالت الأم بهدوء: لماذا نقف هكذا؟ اجلسوا من فضلكم.
كانت هي أول من جلس وهي تشعر أن ساقيها لم تعد تتحمل وزنها عليها، نظر إليها وهو يجلس وشعر بما تعانيه، رق قلبه لها وفاض الحنان بعينيه ليذكره عقله جيدًا بأنها هي من أوصلته لذلك بتحديها السافر والمعلن على الملأ البارحة.
أدار عينيه بعيدًا عنها وهو يجبر قلبه على الهدوء والتوقف عن الخفقان بتلك الطريقة المؤلمة له، تنفس بقوة ثم نظر إلى بلال منتظرًا منه أن يتحدث.
زفر الآخر بضيق وقال: من أتى بسيرة العرس الآن.
ابتسم بتفكه وقال: أنت من قال ذلك.
اتسعت عنيا بلال بقوة وقال: متى؟
هز أمير رأسه بحيرة وقال بتعجب: الآن، أنت من قال أنه لابد من عقد القران حتى أستطيع أن أزور ليلى أو أخرج برفقتها.
اتسعت عينا بلال بقوة وقال نافيًا: كلا لم يحدث هذا، أنا اعترضت على موعد الخطبة القريب، لا أرى أنه من الجيد التعجل بتلك الطريقة.
قال أمير بهدوء: لابد من وجود ارتباط رسمي بيننا، على الأقل أن نرتدي الدبل ونعلن رسميًا أننا خطيبان، حتى نستطيع التعامل معا بأريحية ليس كالسابق.
احتقن وجه بلال وشعر بأنه سينفجر وهو يسمع حديثه الهادئ، وأحس بدمائه تغلي وهو يسمع تلميحه الصريح عن علاقته بليلى، ليجز على أسنانه قويًا ، التفت ونظر إلى أخته وسألها بقوة: ما رأيك ليلى؟
رفعت عينيها وهي تشعر بالدمع يملأهما. تعلم الآن ما سبب ترحيبهم به، لقد أخبرهم أنه على علاقة وثيقة بها، أخبرهم بأنه كان صديقًا لها، أو من الممكن أنه أخبرهم أنه كان حبيبها السري، لا تعلم ما الذي أخبرهم به ذلك الشخص الغريب كليًا عنها ولكن كل ما وجدته بعيني بلال آلمها، فهي لأول مرة ترى الغضب بعينيه، تلك النظرات النارية التي وجهها إليها بعد أن نغزه عبد الرحمن بعلاقته السابقة لها
شعرت بأنها تحرقها. . تؤلمها، أرادت أن تنفي ما قاله ذلك الوقح، وأن تخبر أخاها بأنه لا صحة على الإطلاق لما تفوه به منذ قليل، ولكنها لم تستطع، لأنها ببساطة لا تستطيع الكذب والأهم أنها لا تريد التسبب بفضيحة يفتعلها ذلك الأمير الجالس منتفخاً كطاووس أحمق مغرورًا بريشه المبهر الجميل.
نظرت لأخيها بترجي لعلها تحصل على غفرانه وقالت بتلعثم: لا أعلم.
نطقا الاثنان بنفس الوقت: ليلى.
نقلت نظرها بينهما لترى بلال يحثها بعينيه على رفض موعد الخطبة السريع، لترمش بعينيها وهي ترى حجري الذهب يلمعان بوعيد خفي وهو يبتسم لها بدهشة مفتعلة، أكمل بخفوت: لا عزيزتي، لابد من موافقتك على موعد الخطبة، فأنت من سيكون العروس.
قال بلال بحنق: لن نجد قاعة لإقامة الحفل بها.
هنا قررت والدته أن تتدخل وهي تشعر برفض ولدها المبطن بالغيرة التي لم يستطع أن يتحكم بها، ولأنها شعرت بعجز ليلى عن اتخاذ قرار مناسب يرضي الطرفين.
قالت بهدوء: ما رأيك يا سيادة المستشار؟
هز السيد كامل رأسه بحيرة وقال: بلال محق لن نجد مكانًا مناسبًا لإقامة الخطبة في ذلك الموعد القريب وخاصة أننا في منتصف موسم الصيف.
تنهد بلال بارتياح وللمرة الثانية يشعر بالامتنان لوجود ذلك الرجل، وشكره على رأيه الذي أتى سندًا له، ليعقد حاجبيه ووالدته تقول بلطف: نستطيع إقامة الحفل هنا بالبيت، فالصالة الأساسية واسعة وسنقيم حفلاً يضم الأقارب فقط ومعارفنا الأكثر قربًا، ولنعوض ليلى في حفل زفافها بإذن الله.
رمشت بعينيها سريعًا وهي تردد داخليًا: حفل زفاف.
ابتسم أمير بسعادة لمعت في عينيه وقال: أنها فكرة رائعة أمي، وأنا أتعهد بإقامة حفل زفاف كبير لليلى فأنا مهما فعلت لن أجد شيئًا يساوي قدرها عندي.
قال آخر كلماته وهو ينظر إليها بحب لم يحاول إخفاؤه، لتضحك إيني بمرح وتقول: أنت رائع.
احمر وجه ليلى بقوة وزمت شفتيها بحنق ليصيح بلال لائمًا: إيناس.
هزت كتفيها بتعجب وقالت: ماذا الآن، أنا أبدي رأيي بزوج أختي.
ابتسم أمير بسعادة وهو ينظر إلى تلك الصغيرة المرحة التي أتبعت سريعًا وبلال يرمقها بنظرات نارية: باعتبار ما سيكون.
ضحك أمير وقال: حسنًا، اتفقنا.
زم بلال شفتيه برفض لينقل نظره هو إلى سيادة المستشار الذي قال: حسنًا أمير، أنا لا أحبذ أن نقرأ فاتحة ويظل الوضع كذلك دون أن يتم شيء رسمي.
ابتسم أمير وهو يعود بعينيه إلى بلال وقال: هذا ما حاولت أن أوضحه لبلال بك.
تنفس بلال بقوة وقال: أنا أفهم قصدك سيد أمير لكنني لا أحبذ هذا الموعد القريب.
قال أمير سريعًا: ولكن هذا أقل ما يجب فعله، فلابد على الأقل أن ترتدي ليلى خاتمي ليكون من السهل عليها أن ترتب لأمور الزفاف.
هز بلال رأسه بضيق: حسنًا، موافق ولكن لا زفاف قبل انتهاء الصيف،
نظر له أمير قويًا فأتبع بسخرية: ليتسنى لك إقامة ذلك الحفل الرائع الذي تعهدت به.
أكمل وهو ينظر إلى أخته ويقول بصدق: وليتنسى لنا نحن أيضًا شراء جهاز رائع يليق بليلى.
ابتسم بإعجاب تلك المرة فذلك الشاب أصبح أقوى بعد أن سيطر على غيرته التي تبينها أمير منذ أن رآه اليوم صباحًا، هز رأسه بالموافقة وقال: حسنًا، رغم أنني لا أعلم ظروف عملي جيدًا في ذلك التوقيت ولكن سأرتبها بعون الله.
قال سيادة المستشار وهو يبتسم بسعادة: حسنًا على خيرة الله، مبارك لك أمير، ومبارك لك ابنتي.
نهض واقفًا وهو ينظر إلى ساعته وأتبع: سأنصرف أنا فالوقت تأخر.
نهض أمير بدوره وهو يبتسم بهدوء: أنا الآخر سأنصرف.
قالت السيدة ماجدة بهدوء: اجلس بني وتناول العشاء معنا.
زفر بلال بقوة ليضحك هو بخفوت وقال: لا أمي شكرًا لك، يومًا آخر.
أتبع وهو ينظر إلى بلال ويبتسم بمكر: فالأيام القادمة كثيرة.
صافح سيادة المستشار بود وهو يقول: تشرفت بمعرفتك سيدي.
بادله المستشار الود وقال وهو يبتسم: بل أنا من تشرفت بمعرفتك بني، سأطمئن على ليلى وهي معك.
قال بصدق: لا تقلق على ليلى سأضعها بعيوني وأغلق عليها أيضًا.
ضحك المستشار بوقار وقال وهو يهم بالانصراف: هذا ما أنتظره منك، فهي أمانة بعنقك.
رد بوله وهو ينظر إليها ويتحرك ليقف بجانبها: سأحافظ عليها وأحميها بحياتي.
رفعت عيناها أخيرًا ونظرت إليه وهي تشعر بتلك القشعريرة التي سرت في جسدها كله جراء حديثه، لم تستطع منع قلبها وهو يقفز فرحًا، وهي تستمع لتلك الكلمات التي لطالما تمنت سماعها من عبد الرحمن، أغمضت عينيها بقوة وهي تردد داخلها " أنه ليس هو.. أنه ليس بعبد الرحمن، ليس هو، عبد الرحمن لم يكن ليجرؤ على أن يتلاعب بي هكذا، لم يكن يستطيع أن يذلني ويهينني بتلك الطريقة، عبد الرحمن كان يخاف علي من نسمات الهواء"،
هزت رأسها برفض وهي تكرر بخفوت داخليًا " ليس هو، عبد الرحمن كان وهمًا كبيرًا صنعته بيدي، فهذا ليس هو "
فتحت عيناها لتنظر إليه وهي تشعر بالدموع تتجمع بهما لتكرر هامسة وهي تشعر بالأرض تميد تحت قدميها: أنه ليس هو .

        ***

وقف ينظر إلى الغرفة التي فرغت من احتياجاته هو الآخر، ليتنفس بقوة وهو يتذكر جميع مراحل عمره التي قضاها بها، وأخيرًا أجمل أيام حياته التي قضاها برفقتها، زفر بضيق وهو ينحني ليحمل آخر حقيبة له بعد أن بعث بقية أشياؤه الأخرى مع حارس العقار
ويخرج بهدوء من جناحه وهو يرفع رأسه بإصرار بعد أن لمح والدته التي تقف بجانب باب الشقة.
نظر لها بهدوء وهو يلحظ جيدًا تمسكها القوي بقطعة الأثاث الموضوعة بجانب مدخل البيت، ترفع رأسها في كبرياء يعرفه جيدًا، تلاقت أعينهم فنظرت له بقوة وقالت بصوت متماسك: ستغادر إذًا؟!
خفض عيونه عنها وقال بهدوء: نعم.
قالت بصوت مخنوق لم تستطع أن تتحكم به: إلى أين ستذهب؟
نظر لها بصلابة وهم بالكلام لتقول بعصبية: أنت حتى لا تعلم أين زوجتك المصون.
زم شفتيه بضيق ونظر لها محذرًا بألا تجرحه بحديثها فبرقت عيناها هي بوميض غاضب وقالت بانفعال: زوجتك التي تركتك للمرة الثانية دون أن تنظر ورائها أو تفكر بك.
تحركت بعصبية لتقف أمامه وتقول بغل: زوجتك التي لا تحتاج لوجودك في حياتها من الأساس فوجودك مثل عدمه لديها.
جز على أسنانه بقوة واحمر وجهه من الغضب ليقول بصوت منخفض غاضب وهو يتجه إلى باب الشقة: شكرًا أمي.
اتسعت عيناها غضبًا وقالت: انتظر يا ولد إنني أتحدث إليك.
ابتسم بألم وهو يقبض على يد الحقيبة جيدًا ويقول: آسف أمي لن أستطيع الانتظار، فأنا لم أعد ولدًا.
شحب وجهها بقوة وهي تستمع إلى نبرته المتألمة لتتجمع الدموع بعينيها وهي تراه يخرج من الباب وينظر إليها ويقول بابتسامة حزينة: أراك على خير أمي.
أغلق الباب ورائه لتشعر بروحها تنسحب منها بقوة وتنهمر دموعها بغزارة وهي تنظر إلى الباب المغلق لتسقط جالسة على المقعد الواقع خلفها وهي تمتم بانهيار: هشام. . هشام.

       ****

صرخ بدهشة: ماذا؟!
أتبع بغضب: لست موافقًا على ما تقوليه.
ابتسمت بمكر وقالت في هدوء: حسنًا، على راحتك، ولكننا سنؤجل الزفاف إلى أن أقرر أنا.
عقد حاجبيه غاضبًا وقال بنزق: ياسمين.
رفعت حاجبها ونظرت بتصميم وقالت في إصرار: سأخبر أبي أنني لست موافقة على الموعد وأنا متأكدة أنه سيساندني، فهو لن يكون مقتنعًا أساسًا بذلك الموعد القريب.
نظر لها بغضب وهو يضيق عينيه لتنظر له هي وعيناها تلمعان بإصرار فتنفس بقوة وقال: حسنًا موافق ولكن على الشطر الأول من شرطك.
نظرت له وهي تضيق عينيها وهمت بالرفض ليتبع بصرامة جديدة عليه ولكنها أغرمت بها منذ لاحت بعينيه: لا نقاش ياسمين، سنتزوج بعد أسبوعين وأنا سألتزم في تلك المدة بما تريدينه كاملاً، ولكن عند الزواج سنحيا بطبيعية.
نظر لعينيها وقال بغضب حزين: تخلصي من مشاعرك غير المنطقية تلك إلى أن نتزوج.
ابتسم لتلمع عيناه بشقاوة: وحينها سأفهمك أنا بطريقتي.
احتقن وجهها بقوة وقالت وهي ترص على حروفها: لست موافقة.
حرك حاجبيه بإغاظة وهو يقول: لم أكن أخذ موافقتك، كنت أبلغك حبيبتي.
اقترب منها وهو يجبرها أن تضع عينيها بعينيه وضحك بسعادة وهو يكمل: ثم أنا متأكد من موافقتك.
نظرت له بسخرية وقالت: حقًا ؟!
التمعت عيناه بحبه وقال وهو يدير سيارته مرة أخرى: نعم قلبك أخبرني.
قالت وهي تنظر من حولها: إلى أين أنت ذاهب؟
قال بهدوء: سأوصلك إلى البيت حتى أصعد لأرى عمي أيضًا ونتفق على كل شيء اليوم.
قالت بعتب: وليد لدي موعد في الجاليري ثم انتظر سأتحدث أنا مع بابا.
نظر لها وقال بلهجة قاطعة: أولاً: لا أريد وسيطًا بيني وبين والدك، سأتحدث معه أنا. ثانيا: ستلغين ذلك الموعد واعتادي بعد ذلك أن تحددي أوقات عملك في الصباح،
ثم أتبع بلهجة مثيرة وهو يعض على شفتيه بقوة، قاصدًا إغاظتها: فالليل ملكي أنا.
زمت شفتيها بضيق وقالت: وليد.
ضحك بخفوت وهو يقول بابتسامة متلاعبة: اتفقنا  أن الشرط يفعّل في خلال أسبوعين، والأسبوعان يبدءان من الغد، اليوم لي مطلق الحرية في التعبير.
ابتسمت رغمًا عنها فهي معجبة بتلاعبه بها، نطق قلبها " أنت تحبين كل شيء يفعله بك ياسمين "
رمشت بعينيها لتزيل تأثير قلبها الواله به وقالت بهدوء وثقة: لا أقبل تدخلك في عملي وليد.
رفع حاجبه ونظر لها بطرف عينه: لا أتدخل في عملك ولكنني أبلغك بما لا أحبذه. ثم أنا زوجك الآن ومن حقي أن أبلغك برأيي وما أراه مناسبًا أم لا.
أكمل بخفة: اعتادي حبيبتي اعتادي.
هزت رأسها وزمت شفتيها لتقول من بينهما بضيق: حسنًا .

         ***

يجلس أمامها وهو ينظر إليها بحنو ويعاتب نفسه عتابًا شديدًا على ما فعله بها.
تمتم داخليًا " يا الله كيف فعلت ذلك؟"
اقترب بجلسته منها ليلامس أطراف أناملها بأصابعه ويضمها إلى راحة كفه وهو ينظر إليها بحنان وقلبه يعاتبه بقوة وهو يتذكر تلك الدموع التي ملأت عينيها وهمستها التي التقطها وهي تقول بألم مزق قلبه إلى شطرين: أنه ليس هو.
جز على أسنانه قويًا وهو يشعر بالغضب من نفسه، لقد ضغط عليها بشده حتى أنها فقدت وعيها بسببه،
لازال يتذكر كيف وقعت بين ذراعيه فيؤلمه قلبه عليها
كيف هلع كلاً من بلال وإيناس وصرخا باسمها فأتت السيدة ماجدة من الخارج سريعًا بعد أن أوصلت سيادة المستشار للخارج ومن الواضح أنه غادر فهو لم يلح في الأفق!!
كان سريع البديهة كعادته فالتقطها بين ذراعيه قبل أن تهوى أرضًا و وضعها على الأريكة وحاول إفاقتها دون فائدة فحملها واتجه بها إلى خارج البيت دون أن يحاول ان يوضح لأحدهم شيئًا.
كان أول من تغلب على صدمته بلال وهو يركض خلفه ويوقفه أمام باب المصعد ويسأله عما سيفعله فأجابه باقتضاب أنه سيأخذها إلى المشفى.
نظر إليه بقوة وإصرار وهو يتبع: نظرًا لحالتها الصحية والعملية التي أجرتها من وقت قريب فلابد أن نطمئن عليها ونعلم سبب الإغماء.
رمش بلال بعينيه وظهر بوضوح على وجهه رفضه لحمل ذلك الدخيل لأخته واتخاذ قرار ما بشأنها دون مشاورته.
زمجر بضيق ليقطع صمت بلال وتلك النظرات النارية التي لا تهمه إطلاقًا: لن نقف هنا ننظر إلى بعضنا ونحن لا نعلم ما حل بأختك.
أومأ بلال برأسه وفتح باب المصعد ليدلف بها إلى الداخل وبلال يتبعه، وقبل أن يغلق باب المصعد كانت إيني تحشر نفسها بداخله وقالت سريعًا: سآتي معكما.
نطق بلال بغيظ: وأمي.
قالت هي بنزق: الخادمة معها وأنا أخبرتها أننا سنتصل بها لنطمئنها.
نظر لها وهو يصم أذنيه عن المشاجرة الفعلية التي نشأت بين الأخوين، ورغمًا عنه ضمها إلى صدره قليلاً وهو يتناسى وجود كتلة الغيرة الواقف بجواره والذي انتبه له رغم مشاجرته مع شقيقته.
نظر له بغضب فتحكم بابتسامته حتى لا يتشاجرا معًا.
عندما وصلا إلى جراج السيارات الواقع أسفل البناية اتجه بخطوات سريعة لسيارته وأراح جسدها على المقعد الخلفي، تحت نظرات بلال النارية الذي قال ببعض من الحدة: ما هذا؟ ضعها في سيارتي.
تنفس بعمق وقال: ليس هذا بوقته بلال، سأعود بكم جميعًا عندما نطمئن عليها.
زفر بلال بقوة وزم شفتيه بغضب وهو يرى إيني التي أسرعت في الركوب بجوار أختها وهي تضع رأس ليلى بحضنها.
دلف هو إلى السيارة ونظر إلى ذلك الفتى العنيد الذي دلف بعده بدقيقة كاملة وهو يزم شفتيه وعدم الرضا يعتلي وجهه، ليزفر أمير بقوة وينطلق بسيارته.
دلفوا إلى الطوارئ سريعًا ليتلقاهم الطبيب المناوب الذي أجرى الكشف عليها وأمر بتعليق المحاليل لها وبدأ في أسئلته التي أجابته عليها إيناس وأتمت كلامها وهي تشرح كيف أن ليلى لم تأكل شيئًا طوال النهار بل شربت كوبًا من القهوة صباحًا قبل أن يغادرا المنزل، وحتى عندما جلسوا بالمطعم ليتناولوا غدائهم تلاعبت هي بطعامها ولم تتناول أي شيء وعندما أجبرتها ياسمين على تناول كأس من العصير الطازج شربت هي نصفه بالكاد.
زفر بلال بقوة وقال بعصبية: وأنت كيف تركتها تفعل ذلك؟ ألم يخبرنا الطبيب أنها لابد وأن تهتم بطعامها الفترة القادمة إلى أن تستعيد عافيتها كاملة.
ظهر الذنب على وجه إيناس ليقول الطبيب بهدوء: لا تقلق ستكون بخير عندما يسري المحلول بجسدها،
أتبع وهو يبتسم بمهنية: سننقلها للغرفة حتى تستعيد عافيتها وينتهي المحلول وأيضًا لأننا سنجري لها بعض التحاليل والأشعة لنطمئن عليها نظرًا لتاريخها المرضي الذي أخبرتموني به.
زفر بلال بقوة ليقول أمير بهدوء: نشكرك.
وها هو ينظر إليها وهو يجلس بكرسي جانب فراشها بعد أن خرج بلال مع إيناس التي أصرت عليه أن يغادر الغرفة ليتصل بوالدتهم.
نظر إليها مرة أخرى وهو يشعر بالارتباك وهو لا يعلم ما الذي عليه فعله "أيتركها بعد أن أصبحت معه، أم يكمل ما بدأه حقًا ؟ "
ضغط على أناملها برفق وهو يتنهد بخفوت وينظر إلى وجهها الشاحب والذي بدأ في استعادة بعض من الدماء الهاربة منه بفعل ذلك المحلول الذي يغذي جسدها عن طريق إبرة كريهة موضوعة بظهر كفها.
زم شفتيه بضيق وهو يقلب كفها وينظر إليه بحنو ويلامس حول موضع الإبرة بأطراف أنامله ويدلكها برفق ورقة.
لا يعلم لماذا شعر أنها مستيقظة. نظر لها مليًا فلاحظ الدموع المحبوسة بداخل عينيها المغلقة!!
قال بهمس حاني وهو يقترب برأسه منها: هل آلمتك حبيبتي؟
شهقت في البكاء ليتبع بندم: آسف لم أقصد إيلامك ولكني توقعت أن تشعري ببعض الراحة إذا دلكت كفك هكذا.
تمتمت بألم: اتركني، فأنت تسببت لي بكثير من الألم
فتحت عينيها وأكملت وهي تنظر إليه بعينيها المغرورقة بدموعها: ولن تستطيع أن تخففها عني أبدًا مهما حاولت!
تذمر بقوة: إيناس، لا أفهم ماذا تفعلين؟
زمت شفتيها وهي تكتم ابتسامتها لتظهر الجدية على وجهها وتقول وهي منحنية تبحث بمبرد الحلويات: أبحث عن الشوكولا التي تحبها ليلى.
زفر بضيق وقال: لقد تأخرنا عليها فأنت منذ ربع ساعة تبحثين عن أشياء من الواضح أنها ليست متواجدة في تلك الكافتيريا، لنعود لها الآن وعندما نخرج من المشفى سآتي لها بكل ما تريد.
أتبع بنزق وهو يراها لا تزال مستمرة في بحثها: تحركي إيناس فأنا لا أحبذ تواجد ذلك الشخص معها بمفردهما.
عقدت حاجبيها ونظرت له بتعجب وقالت باستياء: ذلك الشخص؟!
اعتدلت ووقفت مواجهة له: أتقصد أمير؟!
لوى شفتيه بحنق فأكملت هي بهدوء: بلال لا أفهم حقًا ما الذي تشعر به؟ من المفترض أن تكون سعيدًا ولكنك أبعد ما تكون عن السعادة.
نظرت له بتفحص وهي ترى احمرار وجهه والضيق الظاهر في مقلتيه وقالت بدهشة: بلال، أتشعر بالغيرة؟!
تأفف بصوت مسموع وتكلم بلهجة خشنة: تحركي لنعود من فضلك.
تنهدت بقوة وهي تجمع الأشياء بيديها وتناوله جميعها وتقول في هدوء: ليلى لن تعجب بطريقة حديثك تلك، وحتى أن كنت تشعر بالغيرة عليها من أمير، حاول أن تتصرف بطريقة طبيعية.
نظر لها بغضب فأتبعت: لا تريد إغضابها أليس كذلك؟
أشاح بنظره بعيدًا عنها فقالت وهي تربت على كتفه: اعتاد عليه يا شقيقي العزيز فهو سيصبح فردًا من العائلة.
أكملت وهي تلف ذراعها بذراعه وتقول بمرح: ثم لا تقلق عليها فهو إنسان رائع ومن الواضح أنه يهيم بها حبًا.
أكملت وهي تغيظه متعمدة: وهي أيضًا من الواضح أنها تعشقه.
زم شفتيه بقوة حتى لا يصرخ بها على الملأ وقال من بين أسنانه: اصمتي من الأفضل لك إيناس.
ضحكت بمرح وقالت: حسنًا ابتاع تلك الأشياء لنذهب ونطمئن عليها.
نظر لها بغل وقال وهو يدفع لها بالأشياء بغضب واضح وقال: لا لن أفعل ذلك وسأذهب وأتركك أيضًا فأنت تستحقين ذلك.
أكمل جملته وهو ينصرف بالفعل لترفع حاجبيها بحنق وتنادي عليه بصوت منخفض حتى لا تجذب أنظار الموجودين : بلال، انتظر من فضلك.
جزت على أسنانها قويًا وقالت: حسنًا بلال لن انساها لك، وخاصة أن ليس معي أية نقود لابتاعها.
عادت لتضع ما بيديها حسبما اتفق لتتبعه مسرعة حتى لا تفقد الطريق لغرفة ليلي.
نظر لها مليًا لمدة دقيقتين كاملين، يتأمل وجهها الشاحب ودموعها التي ملأت عينيها وأبت أن تسقط، يشعر بألم قلبها ويريد أن يخففه عنها ولكنها لا تريد ذلك، بل تدفعه بعيدًا عنها بقوة وتشعره بنفورها منه وهذا ما يؤلم قلبه ويجبره على أن يؤذيها أكثر.
تنهد بقوة وهو ينتقل ليجلس بجوارها فانكمشت على نفسها وابتعدت عنه بتلقائية ليتمسك هو بكفها الذي كان بيده ويحتويه بين كفيه بحنو ويقول: لم أقصد إيلامك ليلى وكل ما أريده هو أن تستمعي لي.
هزت رأسها برفض قاطع وهي تقول: لن أصدقك على إي حال فلا تتكلم من الأفضل لك.
شد على يدها برفق وقال برجاء: ليلى استمعي لي لن تخسري شيئًا.
حاولت أن تنزع يدها من بين كفيه للتأوه فيتنهد هو ويتركها برفق فتقول بغضب نتج عن ألم يدها: سأخسر كثيرًا يا أسطى.
جمد وجهه ونظر إليها بغضب تألقت شذراته بمقلتيه وقال: حمدًا لله على سلامتك يا أستاذه من الواضح انك أصبحت بألف خير.
نهض واقفًا واتجه بعيدًا عنها ليقول وهو يتأهب للخروج من الغرفة: استعدي يا عروسي، سآتي بعد غد وأصحبك أنت وعائلتك لشراء الخواتم التي سنرتديها بآخر الأسبوع.
شعرت بالغصة تتملكها فقالت بصوت مخنوق: لماذا تصر على إكمال تلك المهزلة يا سيادة الرائد، ألم تكتفي من إذلالي بعد؟
التفت إليها بحدة وقال باستياء وضح على وجهه: إذلالك.
هزت رأسها وهي تقول ودموعها تنهمر على خديها: نعم ألم تذلني بما فيه الكفاية وأنت ببيتنا وتتم خطبتك علي وأنا رافضة لها، ألم تذلني وأنت تلهو بي الأشهر الماضية وتتلاعب بمشاعري، ألم تكتفي بعد كل هذا أمير؟
شد قامته وهو ينظر إليها بغضب فعلي وقال بهدوء: هل تتوقعين أنني أريد إذلالك ليلى؟
رمشت بعينيها وهي تسمع اسمها مجردًا من بين شفتيه، خرج هادئًا قويًا كما كان يناديها دائمًا، بتلك الخطفة اللذيذة التي يخطفها لحرف الياء بين اللامين ويمد آخره فيخرج فريدًا. لم يسبق لأحد أن نادها بتلك الطريقة التي أجبرت قلبها على الرقص طربًا على نغمات صوته وهي تشدو باسمها
هزت رأسها نافضة. . رافضة تلك الغيمة التي اكتنفتها بسبب انه نادها بتلك البساطة التي اشتاقت إليها. ولكنها أفاقت رغمًا عنها وهو يقول بنزق: أتتوقعين أم لا؟
رفعت رأسها في كبرياء وأطل الكبر من عينيها وقالت: لن أسمح لك بإذلالي مرة أخرى يا أسطى.
ابتسم بسخرية وقال: أحقًا تؤمنين أنني أريد إذلالك ليلى؟!
صمت أذنيها عن الاستماع إلى اسمها منه وقالت في تعجرف: بل تريد إيلامي وأنت تتلاعب بي مرة أخرى ولفترة قادمة لا يعلم مدتها إلا الله ومزاج سيادتك.
عقد حاجبيه بغضب: هل ترينني سيئًا إلى تلك الدرجة ليلى؟
شعرت بالدموع تتجمع في حلقها وقرأ هو النفي الصريح في عينيها، النفي الذي لم تستطع أن تنطق به، النفي الذي نطق به قلبها وأرغمها على السطوع بعينيها، أغلقت عينيها وقالت بألم وهي تتحكم في دموعها حتى لا تسقط أمامه : إذًا لماذا؟ أخبرني لماذا تفعل ذلك؟
اقترب منها مرة أخرى ووقف أمام الفراش الذي تنام عليه وقال: ألا تعلمين السبب حقًا ليلى؟!
فتحت عينيها وقالت بصوت مبحوح شبه صارخة: نعم لا أعلم.
نظر لها مليًا لتنظر إليه بتحدي وترفع رأسها بقوة، ابتسم بسخرية وهو يرى الكبرياء يتألق في مقلتيها فقال ببرود: عندما تعودين كما كنت، سأخبرك لماذا ليلى؟
رفع حاجبيه بدهشة وهو يستمع إلى ضحكتها الساخرة التي انطلقت: لن أعود يا بك.
ثم اتبعت باستهزاء: هل ستعود أنت إلى ما كنت عليه يا سيادة الرائد؟
نظر لها باستفهام وتعجب لتهمس وهي تبتسم ساخرة: هل ستعود لتعمل سائقًا لدى سيادة السفير؟
أشارت بيديها وهي تتبع بتلك النبرة التي كرهها: وتتنازل عن عملك العظيم.
أجاب قاطعًا: بالطبع لا.
لتضحك مرة أخرى وتقول: إذًا لماذا علي أنا الأخرى العودة لتلك الفتاة المغلوبة على أمرها.
لمعت عيناها بعجرفة جعلت الدماء تغلي بعروقه وهي تتبع: فلتنس ذلك الأمر يا أمير بك، فأنا الآن ليلى جديدة،
جز على أسنانه لتتبع هي بتلاعب جعل عينيه تتسعان ذهولاً: استمع إلى نصيحتي وابتعد الآن، فنسختي المعدلة لن تعجبك.
نظر لها لثواني عديدة وهو يرى تلك الابتسامة الجديدة كليًا عليه ليقول ببرود مستفز وهو يخفض عيناه بلا مبالاة أتقنها: لا عليك.
وضع يديه بجيبي بنطلونه وهو ينظر لها بهدوء: سأعتاد على جميع نسخك يا ليلتي.
لمع الغضب بعينيها وقالت بنقمة: ماذا تريد؟
ابتسم تلك الابتسامة الجانبية التي تجعلها تغلي غضباً وقال: لقد أخبرتك من قبل، وأنا لا أحب أن اكرر نفسي.
قالت بسخرية: آه نعم، فأنت كل يوم باسم جديد وشخصية جديدة.
أتبعت باستهزاء: أتعجب من التحاقك بكلية الشرطة.
نظر لها بتعجب لتتبع: معهد التمثيل خسرك يا أسطى.
انطلقت ضحكته بقوة تلك المرة فهو لم يستطع أن يمنعها وقال بإعجاب صادق: من الواضح أني سأعجب بنسختك المعدلة تلك كثيرًا.
اقترب ليجلس بجانبها مرة أخرى ويمسك يدها الخالية ويضغط عليها بقوة ويقول بجبروت وهو ينظر إلى عينيها بوعيد: وأنت يا ليلتي ستحبين جميع أسمائي وشخصياتي، رغمًا عنك.
نطقت عيناها بالرفض لتقول بحدة: بأحلامك يا أسطى.
سحب كفها فجأة إليه ليطبع قبلة هادئة عليه ويقول بهمس: سنرى عزيزتي.
غمز بعينه وهو يتبع: لا تتحديني من الأفضل لك ليلى، صدقيني ستخسرين كثيرًا.
تحكمت في خجلها بقوة لكنه ابتسم وهو يرى الشرارات الوردية التي لونت خديها لتقول هي وهي تسحب يدها منه بعنف: سنرى يا أسطى.
ابتسم وهو ينظر إلى الباب ليبتسم باتساع وهو ينهض واقفا عند دخول بلال للغرفة
وقف ينقل نظره بينهما بوجوم فنظر له أمير وهو يبتسم بهدوء لتتحاشى هي النظر إليه، دلفت من بعده إيناس وهي تقول بابتسامة فرحة: حمدًا لله على سلامتك ليلى.
هزت رأسها وهي تبتسم بتوتر لتتبع الأخرى وهي تجلس بجانبها: سيأتي الطبيب الآن ليطمئن عليك وإن شاء الله سنعود اليوم للبيت ونطمئن على نتائج التحاليل فيما بعد.
جلس مرة أخرى على الكرسي القريب من فراشها نظر لها مليًا وقال بهدوء: عدلي من وضع حجابك حتى لا يدخل الطبيب وأنت هكذا.
امتقع وجهها بقوة وحاولت أن تدخل تلك الشعيرات القليلة التي انزلقت من تحت حجابها لتتأوه بألم لأنها تناست موضع إبرة المغذي فعاونتها إيناس وهي تقول بعتب: انتظري أنت سأعدله لكي.
ابتسم بوله وهو ينظر إليها وهي محمرة خجلاً تخفض بصرها بعيدًا عنه ليتذكر أنه من شدد على إيناس أن تهتم بوضع حجابها فترة تواجد الطبيب.
شعر بنظرات الأخ المسلطة عليه ليبتسم بلا مبالاة ويعاود النظر إلى ليلاه الخجول.
رفع عينيه مجبرًا عن ذلك الرائد وهو يشعر بالغضب يملؤه منه لينقل نظرة إلى أخته التي تلاعبت بطرف الغطاء متحاشية أن تنظر إليه، فابتسم بحنان واقترب منها بهدوء وقال بخفة لإيناس: ابتعدي إيني سأساعدها أنا، فأنت تزيدين الوضع سوءًا.
رفعت عينيها غير مصدقة ليبتسم لها بشقاوة كعادته ويغمز لها عندما صاحت إيني: لا والله.
دفعها بلطف بعيدًا عن ليلى ثم جلس ملاصقًا لها وهو ينظر إليها ويقول بحب أخوي: نعم.
اقترب ولامس خصلات شعرها وأعادها برقة لداخل حجابها وهمس: حمدًا لله على سلامتك.
خفضت عيناها وردت بخفوت: سلمك الله.
اقترب أكثر وقبل جبينها وهمس مرة أخرى: مبروك حبيبتي لم يتسن لي ان أبارك لك فأنت وقعت قبل أن أصل إليك.
احمرت وجنتيها بقوة ورمشت بعينيها فهمس سائلاً: هل أنت سعيدة ليلى؟
شعرت بتوتر الآخر رغمًا عنها فرفعت عيناها للحظة واحدة باتجاهه لتجده ينظر إليهما والغضب متجسد في وجهه لتهمس وهي تخفض عينيها مرة أخرى: نعم.
ليبتسم بلال بعدم رضا ويقول: مبروك مرة أخرى ليلى ولكن عليك الاهتمام بنفسك أكثر.
همست: إن شاء الله.
لف برأسه لينظر لذلك القابع ورائهم ليبتسم له أمير بهدوء وينهض واقفًا عندما سمع دقة الباب وهو يقول: إنه الطبيب.
عقد بلال حاجبيه لينظر إلى الباب الذي دلف منه الطبيب بالفعل وينهض واقفًا وهو ينظر إلى أمير بنظرة متسائلة فابتسم الآخر ببرود وتحدث مع الطبيب الذي أخبره أنه من الأفضل أن تخرج غدًا.
نطق بلال سريعًا: لا داعي لذلك سنذهب بها إلى الطبيب غدًا بإذن الله.
هز الطبيب رأسه بالموافقة: حسنًا تستطيعون الانصراف.
تحرك خلف الطبيب وقال وهو يخرج من الغرفة: سأنتظركم بالسيارة أمام باب المشفى حتى لا تسير ليلى وتجهد مرة أخرى.
خرج وهو يعلم جيدًا أنه غادر حتى لا يرى بلال وهو يحملها تلك المرة، فهو يعلم جيدًا أنه لم يكن ليسمح له بحملها مرة أخرى،
ولأنه لن يستطيع رؤيتها تستند على صدر آخر غيره، فهو بالكاد تحمل اقتراب بلال منها وتقبيله لها،
فلم يكن ليتخيل يومًا أنه سيشعر بتلك النيران التي أخذت في نهش قلبه على الرغم من ترديده كثيرًا لنفسه أنه أخاها، وحاول أن يهدئ من قوة تلك النيران إلا أنه لم يستطع!!
فكيف يستطيع تقبل فكرة أن إي شخص آخر غيره لديه حقوق ليس يملكها هو.
زفر بقوة وعيناه تلمع بتصميم: ستكون لديك جميع الحقوق أمير، أنه فقط لبعض الوقت، اصبر أمير اصبر.

       *****

زفر بضيق وهو مستلقي على الفراش المعلق في الحديقة، ينظر إلى السماء المليئة بالنجوم اليوم على غير العادة، زفر بقوة وهو يفكر مليًا في الحال الذي آل إليه.
كيف فعل ما فعله معها منذ قليل، أغمض عينيه بقهر وأذنيه تعيد على مسامعه تأوهاتها المتألمة مرة أخرى فيجز على أسنانه قويًا وهو يشتم نفسه بعنف.
تنفس بعمق وهو يحاول أن يهدئ من أعصابه ويخبر قلبه أنها من أوصلته لتلك الحالة بكلماتها التي أشعلت النار في قلبه ولكن لا فائدة فهو يشعر بالغضب من نفسه.
تمتم بحزن: يا لله، إلى أين سنصل منال؟
زفر بضيق ليتوقف عن التفكير وهو يسمع رنين هاتفه يصدح، نظر إليه بتعجب وهو يرى رقم الهاتف ويفكر أنه اتصال من لندن، مط شفتيه " لكن جاك لم يغادر بعد "
تنفس بقوة وهو يفتح الخط ويقول بلغته الأم: مرحبًا ، خالد سليمان يتحدث.
تهللت أساريره فجأة وهو يبتسم برقة ويقول: اشتقت إليك.
أتبع بضحكة حانية: كيف حالك؟
رفع حاجبيه بدهشة وبانت السعادة الصافية في مقلتيه الزرقاء وهو يقول: حقا؟!
أتبع سريعا: طبعًا سآتي لأقللك في الغد.
تنفس بهدوء وهو يقول: إلى اللقاء قريبًا ، سلام.
أغلق الهاتف وهو يرمش بعينيه غير مستطيع التصديق، ظهرت فجأة شرارة زرقاء لاهبة بعينيه والتفكير العميق يظهر على وجهه لتلمع شفتيه بابتسامة ماكرة تثير القلق في النفوس!

       ***

استيقظت من نومها وهي تلتفت حولها لعلها تجد أي اثر له بأنه قضى ليلته هنا. تنهدت بقوة وهي تتذكر أحداث الليلة الماضية، اغرورقت عيناها وشعرت بالآلام تعاودها من جديد فوضعت يدها على بطنها وتنفست بقوة حتى تمنع دموعها من التساقط، يكفيها بكاء ورثاء للنفس، فهي من دفعته لفعل ذلك البارحة، أرادت أن تذيقه من نار غيرتها فاحترقت هي بالأخير!
تحركت بهدوء ونزلت من الفراش لتخطو ببطء شديد في اتجاه دورة المياه. رغم أنها لم تشعر بأي ألم من حركتها إلا أنها حذرة، فهي لا تريد أن تفقد طفليها فهما آخر خيط يربطه بها،
ألم يخبرها بذلك صراحة البارحة وهو يبتعد عنها عندما تألمت بشكل حقيقي بعد أن ضغط على بطنها دون قصد منه.
تنفست مرة أخرى بقوة وهي تحاول أن تمنع نفسها من البكاء وهي تتذكر كيف ابتعد عنها سريعًا بعد ان تأوهت بألم ذكره بأنها تحمل طفليه وأن طريقته العنيفة والحادة في التعامل معها منذ أن حملها من الحديقة إلى أن وصلا إلى غرفة النوم وما فعله بعد ذلك لا يناسبها إطلاقا!
وكيف نظر لها بجمود وقال بلهجة خالية من المشاعر " اهدئي لن اقترب منك بعد الآن، فأنت آمنة معي إلى أن تضعي الطفلين وبعدها لك حرية الاختيار إما أن ننفصل بهدوء وإما أن نستمر وتظلين أُمًا لأطفالي.
نظرت له بعدم فهم من بين دموعها فقال بصوت جامد " ستكونين أُمًا لأطفالي فقط منال، لن تعني لي شيئًا آخر بعد الآن "
ثم تركها وانصرف ليستفيض منها الدمع وتبكي بحرقة على ما خسرته هي إلى الأبد!!
نعم الآن فقط تستطيع أن تشعر بمقدار الخسارة، فهي تعرفه جيدًا وتعلم أن تلك النبرة حملت لها تصميمه وصدقه فيما ينوي وأنه لن يعود في قراره ذلك أبدًا.
تنفست بقوة للمرة الأخيرة وهي تقرر أنها ستأخذ حمامًا دافئًا لتستطيع أن تهدأ وستنتظره إلى أن يعود وتتحدث معه للمرة الأخيرة لعله يفهمها.
بللت شفتيها بتوتر وهي تتحرك خارجة من غرفة النوم وتعدل هندام فستانها، تريد أن تدفع ببعض من الثقة لأوردتها لعلها تستطيع أن تفهمه بعضًا مما كانت تشعر، لتستطيع أن تقنعه أنها لم تكن تنتقم منه بل كانت مشوشة ولذا تصرفت بذلك الشكل.
وصلت للدور السفلي وتنفست بقوة لتعقد حاجبيها وهي تسمع تلك الضحكة الأنثوية المنطلقة تصدح من مكان قريب.
تحركت وهي تشعر بالتوتر يكتنفها لتنطلق ضحكة أخرى. حددت اتجاهها وأنها آتيه من الحديقة الخلفية للمنزل، فاتجهت إلى الباب الخلفي الخاص بالمطبخ وخرجت منه لتشعر بالدماء تنسحب من وجهها وتتسع عيناها وهي لا تستطيع تصديق ما تراه أمامها!

نظرت بدهشة وهي تزدرد لعابها ببطء لتلك الشقراء الحسناء الجالسة أمامها وتضحك بمرح وهي تنظر بهيام لخالد الجالس بجوارها ويظهر على وجهه الحبور.
ابتسم بشغف وهو يراها أمامه ولمعت عيناه من تحت نظارته الشمسية بوميض ماكر وهو يرى ملامحها المصعوقة من رؤية ضيفته المميزة.
رمشت بعينيها وهي تنظر إليهما معًا وترفع حاجبها مفكرة في هوية تلك الضيقة الغير مرغوب وجودها لديها، لترفع رأسها بكبرياء عتيد وتتحرك بخطوات أنثوية في اتجاههما وهي ترسم ابتسامة دبلوماسية على شفتيها وتنظر إليه باستفهام مُصّر!!

نهض واقفًا عند اقترابها من مكان جلوسهما وهو يبتسم باتساع، لتلتفت الأخرى بدلال طبيعي وتنظر في اتجاهها وتتسع ابتسامتها بتلقائية وتقف أيضًا لاستقبالها.
لاح التعجب بمقلتيها وهي تنظر لتلك الحسناء التي تتصرف بطبيعية وكأنها في بيتها أو كأنها تعرفت عليها من قبل، نظرت إلى ملامحها التي لم تتبين معظمها بسبب النظارة الشمسية التي ترتديها الأخرى وتخفي نصف معالم وجهها تقريبا!
رفعت عينيها وهي تنظر إليه بسؤال عنها ليبتسم ويقول بالإنجليزية في هدوء: صباح الخير عزيزتي،
ردت بهدوء وبالعربية: صباح النور حبيبي.
مط شفتيه وهو يتغاضى عن لفظ التحبب التي نطقته ليقول بهدوء وهو يشير للأخرى: بهار ابنة خالي.
عقدت حاجبيها بتشكك لتنظر إلى الأخرى التي اتسعت ابتسامتها وصافحتها بود ملحوظ وقالت بإنجليزية ذات لكنة استشفت منها هي أنها ليست انجليزية: مرحبًا سررت بالتعرف عليك .
ابتسمت منال بطبيعية رغمًا عنها ولم تستطع إنكار أن تلك الشقراء تمتلك حضورًا قويًا وابتسامة جميلة مألوفة تجعلها تدخل إلى القلوب سريعاً. قالت بالإنجليزية تلك المرة: مرحبًا بك، أنا أيضًا مسرورة بالتعرف عليك فلأول مرة أرى أحد أقرباء خالد.
ابتسمت الأخرى وقالت بتلقائية وهي تربت على يد خالد الموضوعة على المنضدة أمامهم بعفوية: خالد أكثر من قريب لي.
زمت شفتيها وهي تنظر إليه بغيرة لم تستطع كتمانها فقالت بنزق وصله هو بوضوح: حقًا؟!
أكملت بعصبية لم تقصدها ولكنها خرجت منها طبيعية أكثر مما ينبغي: فلتخبريني عن مدى علاقتكما سويًا.
ابتسمت بغل وهي تنقل نظرها إليه: فزوجي للأسف كتوم للغاية ولم يخبرني عنك من قبل.
رفعت الأخرى حاجبيها بدهشة والتفت إليه وقالت بلغة شعرت منال أنها سمعتها من قبل ولكنها لم تتعرف عليها في أول الأمر: حقًا خالد، كيف لم تخبرها عني؟
هتفت منال بعصبية وقالت بالعربية: ماذا تقول تلك؟
لتردف بغضب: وما تلك اللغة بحق الله؟
ابتسم ببرود وهو يقول للأخرى بنفس اللغة خاصتها: اهدئي بهار من فضلك.
ليكمل بالإنجليزية: وإذا سمحت تكلمي الانجليزية فمنال لا تستطيع فهم التركية.
صاحت تلك المرة بغضب واضح: بماذا تحدثها أنت أيضًا؟
نظر لها بقوة وقال من بين أسنانه بالعربية تلك المرة وبلهجة سريعة: اهدئي منال، ولا تثيري فضيحة لا داع لها، ثم لا تنسي أنها ضيفة لدينا.
زمت شفتيها وظهر الحنق على وجهها لتبتسم الأخرى بادراك وقالت بالإنجليزية في أسف واضح: آسفة لسوء الفهم ولكنني إلى الآن لا أتحكم في لغتي وعندما أتعجب أتحدث بلغتي الأم.
نظرت لها منال في انتظار لتكملة حديثها: أنا تركية الأصل وعلى الرغم أن لندن مسقط رأسي إلا أن أبي أصر على احتفاظنا بهويتنا التركية.
ابتسمت بشغف وهي تكمل وعيناها تلمع بفخر: وأنا الأخرى أحب الحفاظ عليها.
ابتسمت في وجه منال وقالت: أعذريني لم استطع ان امنع نفسي من سؤال خالد كيف لم يخبرك عني فخرج مني سريعًا وتلقائيًا وبلغتي القريبة لقلبي.
ابتسمت منال وهي تنظر إليها وتذكرت نفسها عندما كانت تصر على الحديث بالعربية مع أصدقائها العرب وكيف كان الشغف يحتل عينيها وهي تتكلم عن بلدها وأصلها والفخر يملأ أوردتها بمصريتها.
ابتسمت ونظرت لها لتقول بهدوء: لا عليك.
ابتسمت الأخرى باتساع وقالت وهي تنظر لخالد: ولكني عاتبة عليك خالد كيف لم تخبرها عني من قبل.
عقدت منال حاجبيها وهي تلتقط تلك الكلمة التي تقرنها الأخرى باسم خالد دائمًا حتى وهي تتحدث الانجليزية فهمت بالسؤال عنها ليقاطعها خالد بهدوء وهو يقول للأخرى: دعي ذلك التحقيق لوقت آخر بهار، فحان وقت تناول الطعام.
شعرت منال بتشتت وقالت بالعربية حتى لا تفهمها الأخرى: طعام، لم أُحضر إي طعام.
ابتسم لها ببرود وقال هو الآخر بالعربية: نعم أعرف.
ليكمل بالإنجليزية وهو ينظر إلى بهار: سأعد الفطور أنا على شرف الآنسة بهار.
جمد وجهها وهي تستمع إلى ما قاله لتجز على أسنانها قويًا وهي تراه يمد يده ليطبق على كف الأخرى بكفه ويحني رأسه لها بتصرف مهذب مليء بالكياسة وهو يقول لها برقة: من بعدك آنستي.
لمعت الدموع بعينيها رغمًا عنها عندما رفع رأسه لها ونظر نظره خاطفة إليها ليبتسم ويتبع الأخرى بخطوات رشيقة ويقترب منها ليتحدث معها بهدوء وبتلك اللغة التي لا تفهم منها شيئًا!

       ****

تنظر إلى باقة الورد التي أصرت إيني على وضعها لها في غرفتها البارحة بعد أن عادوا من المشفى، وهي تقول لها بهيام: أنها تخصك. أتى بها أمير البارحة.
تلاعبت بأطراف الورود وهي تتنهد وتتبع برقة: أنه رائع ليلى. ربي يتمم لك بالخير حبيبتي.
لم تكن قادرة على مناقشة إيناس بأي شيء فآثرت الصمت لتأتي الأخرى بعلبة الشوكولا الفخمة التي أتى بها أمير أيضًا وقالت: انظري.. أنه النوع المفضل لديك.
تنهدت مرة أخرى ورفعت يديها إلى السماء وقالت: العقبى لي بإذن الله.
ورغم حزنها وقهرها من ذلك ال... فكرت بيأس " يا الهي لماذا لا أستطيع أن اسبه أو أن أسيء إليه بداخلي حتى؟"
إلا أنها ضحكت مرات عديدة على تعبيرات إيناس الحالمة وهي تتحدث معها وتصف لها بدقة ما فعله أمير عندما سقطت أرضًا.
ابتسمت بسخرية وهي تتذكر وصف إيناس المبالغ فيه والذي تعلم جيًدا أنه تظاهر به ليقنعهم جيدًا بدوره!
تأففت بصوت مسموع وهي تفكر في كيفية التخلص منه وكيف ستبعده عن حياتها التي دخلها عنوة.
ركنت رأسها وهي جالسة بفراشها تنظر إلى أشعة الشمس المشرقة وتشعر بالاستياء من أوامر والدتها المشددة والتي أجبرتها عليها إيني وهي ألا تغادر فراشها أبدًا اليوم وتتغذى جيدًا حتى موعد الطبيب ليًلا!
رمشت عيناها حينما رن هاتفها، فتنهدت بقوة وهي تتوقع أنها ياسمين، أغمضت عيناها ومدت يدها لتأتي بالهاتف وهي تفكر أنها لا تستطيع تحمل ثورة ياسمين عليها ولن تستطيع أيضًا ان تخبرها بما حدث على الهاتف، ستطلب منها المجيء.
عقدت حاجبيها وهي تنظر إلى شاشة الهاتف التي تظهر اسم " حبيبي "
رمشت بعينيها أكثر من مرة وهي تنظر إلى الرقم الظاهر أمامها " أنه ليس رقم بلال وبلال ليس مسجلاً بذلك الاسم لديها "
حركت كتفيها بعدم فهم وقررت أن تفتح الخط لتجيب وهي متوقعة أنها إحدى مقالب إيناس العديدة!!
تجمد وجهها بقوة وهي تستمع إلى صوت أنفاس الطرف الآخر الذي قال بهدوء: مرحبًا، كيف حالك حبيبتي؟؟
اتسعت عيناها بقوة وهي تنظر إلى الهاتف مرة أخرى وقالت بعنف: من أين أتيت برقم هاتفي وكيف حفظت رقمك هنا؟؟
ضحك بسخرية وهو يقول ببرود: عمت صباحًا أنت الأخرى، لقد أخذت كفايتي من النوم والحمد لله. ماذا عنك أنتِ؟
رمشت بعينيها بصدمة ونظرت إلى الهاتف مرة أخرى لتغلق الخط بعصبية دون أن تفكر مرتين!!
شهقت بقوة وهي ترمي الهاتف من يدها ثم تضع كفها على فمها وتنظر إليه بترقب وتتوقع كيف سيكون ردة فعله على إغلاقها الخط بوجهه.
ابتسمت بسعادة وهي تشعر بانتصار لحظي وأنها ردت له قليلاً مما فعله بها، لتأخذها نشوة الانتصار وتمسك الهاتف مرة أخرى وتقرر أن تبدل ذلك الاسم السخيف الذي حفظ رقمه به، ليرن الهاتف مرة أخرى بيدها فتنتفض مجفلة وهي ترى انه المتصل تلك المرة أيضًا.
تنفست بقوة وهي تفكر هل ترد عليه أم لا؟
صدح صوت عقلها قويًا " لا تختبري صبره ليلى من الممكن أن تجديه أمامك في إي لحظة، أجيبيه لتعرفي ماذا يريد "
هزت رأسها بتفكير لتفتح الخط وهي تشعر بأصابعها ترتجف، تحكمت في صوتها بأعجوبة وقالت بعجرفة: ماذا تريد الآن؟ ألم تفهم أنني لا أريد الحديث معك؟
ساد الصمت مطبقًا ليقول أخيرًا بعد أن وترها صمته: إذا كنت لا تريدين الحديث معي، لماذا أجبت الهاتف؟
احمر وجهها بقوة وهي تشعر بالارتباك والحرج فأجابت بصوت متردد: لأنني لا أريد أن تظل تهاتفني باستمرار، لا أريد إزعاجًا، فلدي صداع قوي برأسي.
ابتسم باستهزاء وقال بخفة: سلمت رأسك حبيبتي.
زفرت بضيق وقالت: ماذا تريد الآن؟
قال بصوت حيادي: لا شيء كنت أريد الاطمئنان عليك لا أكثر.
زمت شفتيها بحنق وقالت: أنا بخير طالما أنت بعيد عني.
صمت مرة أخرى ليقول بهدوء: ليلى.
تنفست بقوة وهي تسمع اسمها منه بتلك الطريقة التي تذيب عظامها، لتقول بصوت مبحوح: نعم.
ابتسم بخفة وهو يشعر بتغيرها غير المرئي له، فقال بصوت هادئ ولكنه صارم لأبعد الحدود: لا تفعليها مرة أخرى، لا تتعمدي إغضابي من أجل صالحك.
اتسعت عيناها بغضب وقالت هاتفه: أنت تهددني؟
ضحك بخفوت وقال: لا حبيبتي أنا أوضح لك بعض النقاط حتى تستمر حياتنا دون مشاكل.
رددت باستياء: حياتنا؟!
أتى رده سريعًا قويًا: نعم حياتنا، تخلصي من تفكيرك غير المنطقي يا خطيبتي العزيزة.
شعرت بالقهر يملؤها منه وتمنت أن تغلق الخط مرة أخرى ولكن تهديده الطازج منعها. أتبع دون أن يهتم بأنفاسها التي أوصلت حزنها له: استعيدي عافيتك حتى ننزل غدًا لشراء شبكتك يا عروسي الحسناء، إلى اللقاء.
أغمضت عيناها بقوة وهي تسمع رنين انقطاع الخط الذي دوى في أذنها لتمتم بعنف وهي ترمي هاتفها بجانبها وتدفن وجهها في وسادتها حتى تمنع نفسها من البكاء: تبًا لك عبده!

          ****
 
صافحه بقوة وهو يبتسم بمكر ويقول: اشتقت إليك يا كابتن.
ابتسم أمير بهدوء وقال وهو يعود للجلوس على تلك الطاولة التي اعتاد الجلوس عليها بالنادي: وأنا الآخر أيها السمج.
قهقه وليد ضاحكًا فاتبع الآخر: توقف عن تلك التصرفات حتى لا أحطم لك أسنانك.
اتسعت ابتسامة وليد وهو يقول وهو يجلس مقابلاً له: وهل أهون عليك يا كابتن؟
هز رأسه بالإيجاب وهو يقول بابتسامة: نعم ولكن لن تهون علي ياسمين، ما ذنبها أن تتزوج منك وأنت بدون أسنان؟
ضحك وليد مرة أخرى ليصمت وينظر إليه ويقول بابتسامة متلاعبة: هيا أخبرني.
عقد الآخر حاجبيه وقال: عن ماذا؟
تنهد وليد بقوة ونظر له بمغزى وقال: أمير لا تلاعبني، هيا تحدث.
تنهد الآخر بقوة وهو ينظر إلى الشمس التي قاربت على المغيب وقال بهدوء: لا شيء أخبرك به.
رفع الآخر حاجبيه بتعجب واقترب من الطاولة الموضوعة بينهما وقال بخفوت: أمير لا تستفزني أرجوك، تحدث بصراحة وكف عن خططك وأفهمني ما علاقتك بليلى وكيف لم تخبرني عنها وأنت تعلم مدى قربي لياسمين.
تنهد بقوة واثر الصمت ليتبع وليد: حسنًا أخبرني لماذا تعجلت بالخطبة ولماذا لم تهاتفني قبلها أو بعدها لتخبرني؟
نظر له وهو لا يعلم بم يجيبه، فأكمل الآخر بغضب: لقد صعقت وحماي العزيز يبلغني عن خطبة ليلى وكدت أتهور وأخبره أن يرفض ذلك العريس من أجلك إلا أن ياسمين سبقتني وسألت عن هوية الحديث لأشعر بالغباء يخيم علي وأنا اسمع اسمك وأنك أنت العريس الهمام.
ابتسم رغمًا عنه فقال وليد من بين أسنانه: أمير تحملت غموضك كثيرًا ولكن من حقي أن افهم الآن ماذا يحدث؟
نظر له طويلاً وقال: لم يحدث شيء، أنا أحب ليلى وأريد أن أتزوجها.
اتسعت عينا وليد بدهشة وقال: لا والله، أنا اعرف ذلك.
نظر له أمير من بين رموشه فأتبع الآخر: أريد ان اعلم لماذا أخفيت عني معرفتك بها؟
تنفس الآخر بعمق وقال: ليس الآن وليد.
نظر له مليًا وقال: لماذا أشعر أنك لست سعيدًا كما ينبغي؟!
أشاح أمير بعينيه بعيدًا وقال: لن أشعر بالسعادة حقًا إلا عندما تكون في بيتي.
ابتسم وليد وقال: ألهذا الحد أنت مغرم أمير؟
ربت على كتفه وهو يتبع: مبارك يا صديقي.
ابتسم أمير: بارك الله فيك العقبى لك.
ظهر الحماس على وجه وليد وقال: قريبًا بإذن الله. لذا أنا احتاجك معي الفترة المقبلة وبتلك المناسبة لم تخبرنا عما تريده بغرفة نومك الرئيسية.
هز أمير رأسه: سأمر عليك بعد غد ونحددها سويًا.
تألق المكر بعيني وليد وقال: أرى أن تأخذ رأي عروسك فهي من المؤكد ستريد إبداء رأيها في عش الزوجية.
نظر له أمير ببرود وقال: إي جزء لم تفهمه من جملة توقف عن تلك التصرفات وإلا حطمت أسنانك.
قهقه وليد مرة أخرى وقال من بين ضحكاته: فهمتها كليًا ولكنها فرصتي أخيرًا أمير.
ضحك أمير بخفة وقال: نعم أنها فرصتك أخيرًا.

        ****

ابتسمت باتساع وهي تحتضنها بود لتقول الأخرى: أين أختك الخائنة؟
ضحكت الأخرى بمرح وقالت: أنها نائمة ولكن قدومك فرصة سانحة لأوقظها.
ظهر القلق على وجه ياسمين وقالت وهي تنظر إلى ساعة يدها: نائمة إلى الآن، أنها الرابعة عصرًا!!
ظهر الحزن على وجه إيني قليلاً وقالت وهي تشير إلى ياسمين لتتحرك معها ليذهبا سويًا إلى غرفة نوم ليلى: آه نعم، لقد تعبت البارحة بعد أن غادر والدك، وذهبنا بها إلى المشفى.
اتسعت عينا ياسمين: المشفى!!
أكملت برعب: ماذا حدث لها؟
قالت وهي تبتسم حالمة: لا شيء الحمد لله. أنه انخفاض في ضغط الدم عائد إلى قلة تناولها للطعام البارحة، ولكن أميرنا الهمام أصر على الذهب بها إلى المشفى وخاصة أنها لم تستفق سريعًا من الإغماء.
تنهدت بقوة وهي تكمل: آه لو رأيته يا ياسمين إن القلوب تقفز من عينيه كلما نظر إلى ليلى.
ضحكت ياسمين بقوة عليها وقالت: تأدبي يا فتاه.
أكملت بمرح: لو سمعتك ليلى لقطعت لك رقبتك.
عبست الأخرى وقالت: نحن في بلد حر وأستطيع أن أُعبر عن رأيي.
انحنت لتهمس لياسمين وهما واقفتان خارج الغرفة: أنه رائع بل أكثر من رائع، طويل وعريض المنكبين وغامض لأبعد الحدود، شُبه على أبطال السينما.
ابتسمت الأخرى وهزت رأسها بالإيجاب: نعم أعلم، وأوفقك الرأي فهو يتميز بحضور طاغي وغموض آسر.
رفعت إيناس حاجبيها بتعجب لتلمع عيناها وهي تقول: أنت تعرفينه؟
اتسعت ابتسامة ياسمين وهي تطرق الباب بهدوء وتقول: نعم أنه أحد معارفي من النادي.
قفزت إيني بمرح وهي تقول لها: إذا ستخبريني بالقصة كاملة.
توقفت ياسمين عن طرق الباب وهي تنظر إليها: أية قصة؟!
همست إيني وهي تفتح باب الغرفة: القصة التي جمعت بينهما، الأحمق وحده هو من لا يرى تلك الكيمياء الدائرة بينهما.
اتبعت سريعًا وهي تقول بخفوت وتنظر إلى فراش أختها الفارغ منها: وأنا متأكدة من وجود قصة حب رائعة بينهما.
ابتسمت ياسمين بتوتر وتغاضت عن الإجابة عليها وقالت: أين ليلى؟
هزت الأخرى كتفيها وقالت: لا أعلم، كانت نائمة.
نظرت إلى دورة المياه وقالت وهي تتجه لتضع أذنها على الباب: من المؤكد أنها تستحم فصوت المياه يعلو بالداخل.
هزت ياسمين رأسها بتفهم فأتبعت الأخرى وهي تشير إلى باقة الورود وعلبة الشوكولا: انظري لقد أتى بهما البارحة معه.
ابتسمت ياسمين ونظرت إلى باقة الورود الفخمة والمعبرة في آن واحد لتفكر أن تلك الفتاة الصغيرة محقة فيما تقوله فهي شعرت به أيضًا، توجد قصة حب بين أمير وليلى ولكن كيف؟!
وأين ذهب ذلك المدعو بعبد الرحمن؟ و كيف تعرفت ليلى على أمير وهي لا تذهب إلى النادي قط؟! والأهم أن ليلى ليست هوجاء المشاعر بل أنها رزينة ومتأنية في اختياراتها فكيف ترتبط بتلك السرعة بأحد آخر غير عبد الرحمن؟!!
زمت شفتيها مفكرة " توجد حلقة مفقودة ولابد أن تتوصل هي إليها "
انتبهت من أفكارها على صوت ايني التي قالت: هيا أخبريني.
ابتسمت ونظرت إليها: عن ماذا؟
نظرت إلى باب دورة المياه بقلق: عن أمير وليلى.
ضحكت ياسمين بقوة وقالت: لماذا لم تسألي ليلى؟
مدت الأخرى شفتيها بطفولية وقالت: لا أستطيع، فهي لم تخبرني عنه.
ابتسمت ياسمين وقالت: ستخبرك بالطبع ولكن عندما تسنح الفرصة.
أتبعت وهي تسمع تكة فتح باب دورة المياه وليلى التي تخرج منه لتنظر لها مليًا وتقول والابتسامة على شفتيها: ها قد آتت ليلي.
واقفة تحت المياه الغزيرة مغمضة العينين وتشعر بالغضب يملأ نفسها، بل تشعر بالقهر مما يفعله بها وما زاد قهرها هي استجابتها له.
تذكرت كيف استيقظت من إغمائها وهي تكتم أنفاسها قويًا عندما شعرت بكفه الذي يلامس أناملها برقه وحنان وهي تشعر بوجوده بقربها وقلبها يعيد إليها صورة عبد الرحمن مرة أخرى بحنانه الذي كان يتدفق من عينيه. وبتلقائية زادت في غلق عينيها قويًا حتى لا يلحظ أحدهم أنها استيقظت بالفعل وهي تتذكر ما حدث بينهما جيدًا وتعاتب قلبها على استجابتها له. كيف وافقت وأمنت خلفه بقراءة الفاتحة؟ كيف استجابت لقلبها وغاصت في بحور عينيه؟ وكيف خفق قلبها بشدة وهو ينظر إليها بتلك النظرات الحانية التي ابتلعتها كلها وأنستها ما فعله بها؟
فتحت عينيها وهي تنفض رأسها قويًا تحت المياه " ولكنها الآن تتذكر ما فعله جيدًا، تتذكره كله، بكل تفاصيله وتفاصيل تلاعبه بها وتريد الانتقام منه دون أن تزج بعمها واو بلال بينهما، لا تعلم كيف ستفعل ذلك ولكنها تريد أن تفعله"
عاد صوتها الداخلي يقول " لست ندًا له ليلى، وأنت تعلمين ذلك جيدًا"
لتغمض عينيها بأسى وتفكر أنها في حاجة إلى المساعدة.

وقفت الاثنتان لتذهب إليها إيني سريعًا وتقول: تعالي حبيبتي، ألا زلت متعبة؟
ابتسمت ليلى بتوتر وهي تتحاشى النظر في عيني ياسمين: لا الحمد لله بخير.
اقتربت منها ياسمين واحتضنتها بقوة: أولاً حمد لله على سلامتك، إيني أخبرتني الآن عن ذهابك للمشفى.
أبعدتها قليلاً عنها وهي تنظر إليها: ثانيًا مبارك على الخطبة، ويتمم لك الله على خير بإذن الله.
رمشت ليلى بعينيها وقالت بخفوت: بارك الله فيك جاسي.
نظرت إلى أختها وأتبعت: احضري شيئًا لياسمين، ألم تضايفيها بعد؟
احمر وجه إيناس حرجًا وقالت: حالاً.
ضحكت ياسمين وهي تعود لتجلس على الأريكة العريضة المتواجدة بغرفة ليلى وتقول: لا تهتمي إيناس أنا لست ضيفة على إي حال.
نظرت ليلى إلى باب الغرفة الذي توارت خلفه ايني لتذهب وتغلق الباب وتقف قليلاً وهي تجفف شعرها بالمنشفة ثم نظرت إلى ياسمين التي نظرت إليها بدورها، تنفست بقوة فقالت ياسمين: تعالي ليلى اجلسي فأنا أشعر أنك ضائقة إلى أبعد الحدود.
نطقت ليلى من بين أسنانها: بل غاضبة.
نظرت لها ياسمين وقالت: لا أفهم ما يحدث ليلى.
صاحت ليلى بخفوت وهي ترمي المنشفة التي كانت تجفف بها شعرها بقوة على الأرض: ولا أنا.
عقدت ياسمين حاجبيها وقالت: حسنًا أخبريني الأمر كاملاً، وقبل أن تأتي إيناس. فهي تريد أن تعرف قصة الحب الدائرة بينك وبين سيادة الرائد.
قالت ليلى بغضب مكتوم: تبًا له ولليوم الذي رأيته به.
رفعت ياسمين حاجبيها وقالت: ليلى.
أغمضت ليلى عينيها وركنت جسدها على باب الغرفة وقالت وهي تعود برأسها للوراء: لا أعلم كيف أخبرك ولكن أمير وعبد الرحمن هما نفس الشخص.
اتسعت عينا ياسمين بدهشة وقالت: ها، لا أفهم.
نظرت لها ليلى وقالت: تذكرين عبد الرحمن؟
هزت ياسمين رأسها وقالت سريعًا: نعم السائق الذي أغرمت به حضرتك.
قالت ليلى بضيق واضح: أنه أمير.
نظرت لها ياسمين بذهول وقالت: أريد أن أعرف الأمر كاملاً ليلى.

اتسعت عيناها بدهشة وهي تنظر لها غير مصدقه لما سمعته منها منذ قليل، خيم عليهما الصمت قليلا لتشققه هي بفرقعة أصابعها القوية واحدًا تلو الآخر!!
التقت أعينهم فسألت بوضوح ومباشرة: أتحبينه؟!
احمر وجه ليلى بقوة وزاغت عيناها فكررت ياسمين: أتحبينه ليلى؟
رفعت عينيها لتنظر إلى ابنة عمها ولم تستطع الرد عليها لتبتسم الأخرى برقة وتقول: هو الآخر يحبك.
احتقنت خجلاً والأخرى تتبع: كما قالت إيناس الأحمق وحده هو من لا يرى تلك الكيمياء الدائرة بينكما.
أشاحت بوجهها بعيداً وقالت بقهر: ولكنني لست موافقة على طريقته تلك ياسمين.
لمع المكر في عيني الأخرى وهي تقول: بالطبع هذا حقك لا أحد يوافق على ما يفعله، ولكن سأحدثك بصراحة، هل كنت ستوافقين لو أتى وتقدم إليك بطبيعية؟
هزت ليلى رأسها بالرفض وقالت بصلابة: لا.
لتتسع ابتسامة ياسمين وتقول: حسناً هو معه الحق إذًا فيما فعله.
مطت شفتيها بغضب وقالت: لا ليس لديه إي حق فيما فعله لا الآن ولا قبل ذلك.
تنهدت ياسمين بقوة وقالت برقة وهي تقترب لتجلس بجوارها: ليلى هل ستحبين غيره، هل ستستطيعين العيش بدونه، هل ستوافقين على الزواج من شخص آخر غير حب حياتك كلها؟!
دمعت عيناها وقالت بأسى: ولكني مجروحة منه.
ربتت على كتفها وقالت: أعلم حبيبتي ولكن في حالتك تلك، الانتقام سيكون مختلفًا.
نظرت لها مستفهمة لتغمز لها الأخرى بعينها وهي تقول: ستأخذين حقك منه كاملاً وأنت معه ليلى.
نظرت لها ليلى بتشكك وقالت: كيف؟!
ابتسمت ياسمين بخبث أنثوي وقالت: سأخبرك.

سلسلة حكايا القلوب .. الجزء الاول  رواية " امير ليلى " حيث تعيش القصص. اكتشف الآن