الفصل السابع والثلاثون

4.7K 103 5
                                    

أوقف السيارة وأطفأ المحرك ليبتسم لها برقة ويقول : هل سعدتِ اليوم ؟!
ابتسمت بخجل امتزج بحرجها الدائم : بالطبع ، العرس كان رائعًا والعروسان يليق كل منهما بالآخر بشكل خيالي .
ابتسم من بين أسنانه لتتبع بهمس ووجنتيها تتقد بقوة : زوج أختك يحبها كثيرًا .
رفع حاجبيه والضيق يغزو حدقتيه رمشت  بعينيها وهي تنتبه لضيقه اللحظي فآثرت الصمت ليقول هو محاولا أن يزيل التوتر الذي سرى في أوردته : نعم أعلم ، هي الأخرى سعيدة بزواجها منه .
نظرت له بتفحص فقال مبدلًا مجرى الحديث : هل تشعرون بالراحة جميعكم في ذلك السكن أم نبحث عن أخر ؟
هزت رأسها نافية بقوة وقالت : لا أنه مريح و رائع ، الغرف تكفينا والحمد لله ، والمنطقة هادئة .
ضحكت بخجل وقالت : اه كم كنت أتوق لذلك الهدوء بدلاً من الاستيقاظ كل يوم على صوت بائع الأنابيب أو صراخ جارتنا الغليظ وهي تتشاجر مع أخرى لا ذنب لها إلا أنها فضلت أن تنشر غسيلها في الصباح .
ابتسم بسعادة ظللت عينيه وهو يراقب انفعالات وجهها البريء وهي تتحدث بأريحية في سابقة نادرة الحدوث منذ أن عرفها ، تنبهت إلى مراقبته لها لتطبق شفتيها بقوة وهي تشعر بالحرج يغزوها مما استرسلت في قوله في غفلة من عقلها ، قال بهدوء وهو ينظر إليها منتظرًا : لماذا توقفت عن الحديث ؟!
زمت شفتيها في حرج لتقول : لا أريد أن أشغل رأسك بتلك الأمور التافهة .
مط شفتيه بعدم رضا وقال : كل ما يخصك هو أمر هام بالنسبة لي اسما ، أريد أن أكون قريبًا منك لا تتعاملي مع كالغرباء .
رمشت بعينيها ووجهها يحتقن بالحرج لتهز رأسها بالموافقة ثم رفعت رأسها وهي تنظر إليه بتساؤل اضطرب في حدقتيها الرماديتين المظللتين بالكحل الأسود فاظهر لونهما الرائق بطريقة لم يراها من قبل ، قال بهدوء وهو يحاول أن يشيح بعينيه بعيدًا عنها ولكنه لم يستطع : ماذا يشغل رأسك ومترددة في سؤالي عنه ؟
انتفضت بخفة وهي تتراجع برأسها للوراء وتقول : لا شيء .
ابتسم برقي وقال : حقا ؟!
رطبت شفتيها بتوتر شعر به يسيطر على جسدها لكنها تحكمت به قويًا وقالت بعد أن رفعت رأسها ونظرت له : لا أعلم هل علي أن أسألك أم لا ؟!
نظر لها بحذر وقال بهدوء : عن ؟!
تنفست بعمق وقالت : من تلك السارة ؟!
اتسعت ابتسامته على الفور لينظر إليها متفحصًا ويقول : لماذا تسألين عنها ؟
أتبع بصوت أبح والإدراك يغزو عيناه : لا تخبريني أنك تغارين .
امتقع وجهها بقوة وهي تقول بتلعثم : ألا يحق لي ؟
اتسعت عيناه بحبور لم يستطع التحكم فيه وتلك الابتسامة تملأ وجهه وقال بنبرة سعادة حقيقية : أن تغارين علي ؟!
ضحك بخفة وقال سريعًا عندما لاحظ توترها من فركها لكفيها  : بالطبع يحق لك اسما ، أنتِ خطيبتي ويحق لك كل شيء .
تدفق الأمل في أوردتها فرفعت رأسها تنظر له بسعادة لم تستطع كتمانها وهو يتبع : ولكني أشفق عليك من ذاك الشعور المقيت .
انطفأت سعادتها وقتيًا وهي ترى حدقتيه اللتان أصبحتا بلون قاتم ولمعة السعادة بهما اختفت وهو يردف : إنه شعور حارق يحرق خلاياك كلها دون فائدة .
رددت ببلاهة : دون فائدة .
ابتسم بهدوء ابتسامة لم تخرج صادقة وهو يهز رأسه إليها بالإيجاب : نعم ، لأني منذ أن وضعت خاتمك بأصبعي أصبحت لك اسما فلا فائدة من تلك الغيرة التي لا تناسب رقتك .
لا يعلم لم أقترب منها ليلامس خصلات شعرها بأنامله في رقة وهو ينظر إليها : تلك الغيرة ستبدلك وتقتل رقتك الفطرية لتحولك إلى النقيض التام ، فأرجو أن لا تدعيها بيننا فأنا ملك لكِ اسما.
نظر إلى عمق عينيها وقال وهو يلامس وجنتها بظهر سبابته : اطمئني .
أبعدت رأسها عن محيط يده وهي تخفض نظرها بخجل فأدار عينيه عليها وهو يشعر بالسعادة تغمره عندما ازدانت وجنتيها بتلك الشرارات الوردية التي تزيدها جمالاً ، فهمس دون وعي : هل أخبرتك اليوم كم أنتِ رائعة ؟!
انتفض قلبها بخفة وهي تحاول أن تتحكم في الفرحة التي ملأت أوردتها ولكنها لم تستطع ، لم تستطع أن تمنع جريان ذاك الدفء الذي غلفها من اطرائه البسيط إليها ، لم تستطع التحكم في ذاك الارتواء الذي شعرت به بعد قحط دام طويلاً ، ها هو يراها أخيرًا .. يشعر بها .. يمدحها ، فلن تتحكم بشيء بعد الآن ، ستبحر معه لآخر العالم إذا أراد ، تستمتع بكل ثانية معه دون أن تبالي بشيء !!
أفاقت من أفكارها على فرقعة أصابعه أمام وجهها وهو يقول بمرح : هاي ، أين ذهبتِ اسما ؟!
هزت رأسها بلا شيء وهي تشعر بالحرج ليقول : بمناسبة سؤالك عن سارة ،
أتبع بمرح وهو يبتسم بشقاوة :حتى يطمئن قلبك .
ابتسمت بخجل ليقول ببساطة : أنها أختي .
رفعت رأسها إليه على الفور وهي تنظر بتشكك فضحك بخفة وأتبع : لا أعلم كيف ليس لديك فكرة عن ذاك الأمر
أكمل ببساطة : أنها أختي من الرضاع .
عقدت حاجبيها بانزعاج وقالت : كيف أنها من سن إيناس وهكذا لا تكون أختك كما تقول
أتبعت باستهجان : ثم أنها تطالبك بخطبتها .
دوت ضحكته مجلجلة ليقول من بين ضحكاته : آها ، أهذا ما أزعجك وجعلك تسأليني عنها ؟!
سيطرت على حرجها قويًا وقالت : بالطبع .
تحكم في ضحكته ليقول : أنها تمزح دائمًا بتلك الطريقة فهي تريد أن تصبح ممثلة وتتمرن معي كما تحب أن أمازحها دومًا وأنا أخبرها أنها مزيفه ومفتعله كما رأيت .
نظرت له بتفحص فأكمل : ثم والدتها قامت بإرضاعي أنا وليس العكس كما استنتجت أنتِ .
عقدت حاجبيها وهي تنظر باستفهام فأتبع : بعد أن سافرنا إلى الخارج تعرفت أمي على جارتها المصرية وأصبحتا صديقتين وخاصة بعد أن رزقت أمي بي ورزقت ماما سهام بأحمد كان يكبرني بشهرين
تنهد قويا وقال ببوح وهو ينحي ضيقه جانبًا : أمي مرضت بعد أن أتممت الستة أشهر لمرض حجزت على اثره في المشفى حاولت عمتي حينها أن تقوم بفطامي ولكن لم تستطع .
ابتسم بحرج أشعل اذنيه : أخبرتني ماما سهام عندما كبرت أني ظللت اصرخ لمدة يوم كامل دون أن استجيب لمحاولات عمتي لأن أتناول أي شيء حتى الماء قمت برفضه ، لتقرر هي أنها ستقوم بإرضاعي مع ولدها وبالفعل احتضنتني طوال مدة تواجد أمي بالمشفى لأصبح أخ لولدها من الرضاع .
زفر قويًا واردف : طفلها الذي مات دون مرض بعد أن أتم السنتين ونصف .
أكمل والخنقة تتملكه قويًا : لطالما أخبرتني وهي تحتضنني قويًا ، أنت عوض الله عما فقدته .
نزلت دموعها رغمًا عنها وهي ترى التأثر واضح على وجهه ليتنفس قويًا ويقول : ومن حينها وأنا أمتلك والدتين وخاصة أن ماما سهام والعم محمد أصبحا رفيقين لعائلتنا  وبعد موته رحمة الله عليه أصبحت أنا رجلها الوحيد كما تسمعني دائمًا 
وعلى الرغم من ابتعادها الفترة الماضية فهي آثرت أن تسكن بجانب شقيقها في الإسكندرية ، إلا أنها عادت السنة الماضية لتقدم سارة اوراق جامعتها برفقة إيني ولكنهما يقضيان الصيف بأكمله هناك وسارة أتت اليوم لزواج ليلى وتخلفت ماما سهام عن المجيء لوعكة صحية انتابتها فجأة.
ابتسم بامتنان وهو ينظر إلى دموعها فمد سبابته يلتقط دمعاتها التي انهمرت بقوة وقال بتأثر : كم أنتِ رقيقة اسما .
أبعدت وجهها عن محيط كفه ليكح هو بحرج ويقول : لا أتذكر ذلك الأخ بالطبع ولكني أحمل له امتنان كبير فهو ترك لي أم وأخت يعتنيان بي ،
زفر بقوة وقال بمرح : ستغضب ماما سهام عندما تخبرها سارة عن خطبتي ولكني سأرضيها فأنا أعلم دائمًا كيف أراضيها .
ابتسم بحنو وقال : وسأطلب منك في القريب العاجل أن تأتي برفقتي لزيارتها .
هزت رأسها بالموافقة سريعًا وقالت : بالطبع وقتما أحببت سآتي معك .
همس بهدوء : إن شاء الله .

        ***
ضرب بوق السيارة عدة ضربات متتالية ليهرع إليه حارس الفيلا ويفتح البوابة الرئيسية على مصرعيها وهو يلوح له بالترحيب فيندفع هو إلى الداخل بسيارته الفارهة ، توقف بأخر المكان المخصص لصف السيارات فعقدت حاجبيها بتعجب وقالت بمرح : هل قررت أن ه تمضي ليلتك هنا يا ابن الوزير ؟!
ابتسم بتفكه وهو يحاول أن يمحي غضبه : إذا وجدت فراش يستقبلني ،
أتبع وهو ينظر إليها : حقًا ، لن أمانع .
ضحكت بشقاوة وقالت : يوجد ملحق مجهز للضيوف يا باشمهندس يستطيع أن يضمك بين جوانبه في حنان .
ابتسم بخبث وقال : أتمنى أن يكون شيئًا أكثر لينًا ولكني لن أعترض .
اطفأ المحرك فرمشت بعينيها وهي تنظر له بتساؤل وتقول : حقًا تريد المبيت لدينا .
ضحك بقوة وقال : لا طبعًا لست شريدًا تامي ولكني أريد الحديث معك .
تنفس بهدوء ليقبض على المقود بقوة ويقول بهدوء ونبرته تكتسي بالجدية : أرجو أن تدعوني لاحتساء القهوة فأنا لا أريد أن يظل هذا الأمر عالقًا بداخلي .
ركنت ظهرها للباب من خلفها وقالت بريبة : ما الأمر وائل ؟!
فتح باب السيارة وترجل منها وهو يقول ببرود : ستعلمين الآن .
ازدردت لعابها بقوة وهي تشعر بالتوتر يخيم عليها لترفع حاجبها بقوة وهي تنظر له من بين رموشها بعجرفة تعمدت إخراجها وهو يفتح لها باب السيارة ، ارتجلت بكبرياء وقالت : حسنًا ولكن لا تتأخر فوالدي لم يصلا بعد ولا أريد للأمور أن تتعقد بيني وبينهما .
ابتسم بسخرية تجلت في عينيه ليقول : لا تخافي يا زوجتي العزيزة فأنا أبالي بتلك الأمور أكثر من اهتمامك أنتِ بها .
شعرت به يخرج الكلمات بسخرية مبطنه بتلميح لم تستطع التوصل لمكمنه لكنها رفعت رأسها في غرور وهي تمر بجانبه أشارت إليه بأن يسير بجانبها فنظر إليها من بين رموشه وحدقتيه تلمع باللون الأسود القاتم وملامحه تبعث الخوف في أوصالها .
أرشدته إلى غرفة الصالون المطلة على الحديقة لترمي حقيبتها الفاخرة بعصبية على الأريكة وقالت وهي تنظر إليه بحدة وتعقد ساعديها أمام صدرها : ما الأمر يا باشمهندس ؟!
ابتسم بسخرية شعت من مقلتيه ليجلس ببرود ويضع ساقًا فوق الأخرى وغروره الفطري يشع من كل انش به ويقول : لم أعتاد منك البخل تامي ، لقد كنت دائمة العطاء ولا أظن أنكِ ستضنين علي بكوب من القهوة طلبتها بنفسي .
رجفت أوصالها بخوف لا تعلم مصدره ولكنها شعرت به يتلاعب بها وهو يبتسم تلك الابتسامة الساخرة التي تضفي غموضًا مخيفًا عليه ، بروده الذي يخيم عليه وجلسته كطاووس مزهوًا بنفسه يبعثرانها ، يشعروها بخطأ ما ارتكبته وهي لا تعلم ما هو ، أحست بأنه يريد الانتقام منها على غلطة فادحة لم تقم بفعلها ، رفعت رأسها بغرور وعنجهية وقالت ببرود : أنها الثانية بعد منتصف الليل يا باشمهندس ، للأسف أنه ليس وقت القهوة .
أشاحت له بلامبالاة وقالت : تستطيع أن تعود غدًا في وقت القهوة وأعدك أن أعدها إليك بنفسي على الطريقة التركية .
ابتسمت بزهو أرادت أن تثير ضيقه به : فخالد من عملني إياها .
ضيق عينيه وهو يرمقها بحدة ليقول ببرود : شكرًا لا أريد القهوة على طريقة خالد بك ، أنا أفضل القهوة السريعة على كل حال .
أردف بأمر مغلف بغضبه الذي شع من مقلتيه : اجلسي تامي أريد الحديث معك .
نظرت له طويلاً ليتألق التحدي بمقلتيها فارتسمت السخرية واضحة على ملامحه وهو يرفع لها حاجبه بتحد مماثل ، زفرت بقوة ثم جلست بعد قليل لتتسع ابتسامته وهو ينظر إليها من بين رموشه
زمت شفتيها بضيق وقالت بحدة تعمدتها : ماذا تريد ؟!
أتبعت وهي تشيح بيدها بضيق : ما ذاك الأمر الذي لا يستدعى التأخير للغد واكسبك تلك الجدية التي لا أحبها .
وضع كفه على فمه لينظر إليها مليًا ثم قال بهدوء : ماذا يمثل أمير لك ؟
ارتدت للخلف بعنف وهي تحدق به بعينين متسعتين باستنكار وقالت : ماذا ؟!
قفزت واقفة وهي تصرخ بحدة وتتحدث بلغتها الأقرب إليها بعصبية : هل جننت وائل ؟!
رددت بغضب شع من كل انش بجسدها : ماذا يمثل أمير لي ؟!
أتبعت ولون الكراميل يشع من حدقتيها وهي تصيح بحدة : لقد أخبرك خالد مسبقًا بأنه صديق للعائلة .
نظر لها بتفحص ثم نهض واقفًا بهدوء ، اقترب منها بتمهل أخافها ، ليتوقف على بعد انشين منها ونظر لها من بين رموشه وقال بخفوت أمرًا : توقفي عن الصراخ .
رمشت بعينيها وهي تنظر له بتبعثر لمسه جيدًا فسحبها من ساعدها إليه وقال وهو يصر على كلماته : عندما أسألك عن شيء من المفترض عليك أن تجيبيني عنه بصراحة كما اتفقنا مسبقًا لكن ما أراه الآن فاطمة .
دفعها بلطف ليجلسها بركن الأريكة وعيناه تشع بغضب كامن داخله : أنتِ تكذبين .
امتقع وجهها بقوة فابتسم بسخرية تجلت بملامحه ، تحرك بهدوء وجلس مرة أخرى  كالسابق وقال : وها أنا مستعد لسماع الحقيقة فاطمة .
رجفت شفتيها قويًا وقالت : حقًا وائل ؟!
عقد حاجبيه وهو ينظر إليها باستفهام لتتبع بابتسامة ساخرة وهي تعتدل بجلستها : هل عندما أخبرك الحقيقة ستكون متفهمًا لها ؟!
اعتدل بجلسته لينظر إليها بتفحص فأتبعت وهي تعقد ساعديها أمام صدرها  وتشيح بكتفيها في لا مبالاة : ليس لدي أدنى مشكلة في اخبارك بالحقيقة كاملة ولكن تذكر أنك لن تتقبلها ولن تكون متفهمًا كما تتغنى بذلك دائمًا .
اكتسى وجهه بالجدية وقال بهدوء : فلتخبريني أولاً ولتدعي ردة فعلي لي تامي .
ابتسمت بألم لم يخطئ هو في تفسيره وهي تحاول مجابهة دموعها التي تجمعت بحلقها قويا لتقول بصدق وامتنان شع بحدقتيها : الحقيقة هي أن سيادة الرائد أنقذني من الموت .
شحب وجهه بقوة لتتبع هي ودمعه تطفر من عينها اليسرى رغمًا عنها : بل هو أنقذني من مصير أبشع من الموت .

        *****

تحركت سريعًا ليقف أمامها على الفور فنظرت له بريبة ، قال بهدوء كعادته  : انتظري قليلاً .
رمشت بعينيها وهي تفرك كفيها ليقول بابتسامة لبقة وهو يشعر بغرابة الوضع الذي فرضته عليهما : أريد أن نصلي سويًا .
نظرت له بدهشة ورددت بحذر : نصلي .
هز رأسه بالإيجاب وهو يتحكم في ابتسامته فأومأت برأسها وقالت : حسنًا سأبدل ملابسي وآتي إلى هنا .
ابتسم بمكر شع من عينيه وقال : نستطيع الصلاة في الداخل ليلى .
هزت رأسها نافية وقالت بخفوت وهي تحني رأسها للأسفل وتسارع خطواتها : لا أفضل أن تكون هنا .
كتم ضحكته قويًا وهو يشعر بتوترها غير المفهوم بالنسبة له ليقول بخبث قصد أن يثير توترها به : ألا تريدين مساعدة في تبديل ملابسك ؟!
شحب وجهها بقوة لتهز رأسها نافية والتوتر يجري بعروقها وتهمهم بصوت محشرج بكلمات غير مفهومة وهي تركض إلى الغرفة وتغلق الباب ورائها .
نظر إلى الباب المغلق من خلفها مليًا ليشعر بالذهول يتملكه وهو لا يفهم سببًا لتلك التصرفات التي لا داعي لها .
أطبق فكيه بقوة وهو ينحي استياءه من الموقف بأكمله جانبًا ويهمس لنفسه " انه الخجل "
زفر بقوة وهو يباشر في فك رابطة عنقه وخلع سترته وهو يتجه إلى دورة المياه الأخرى ليتوضأ ويستعد للصلاة معها .

           ***
اطمئن على الطفلين وأمر المربية أن تظل بجوارهما ، اتجه إلى غرفتهما وهو يتذكر تلك الأشياء التي ذكرتها له حماته ليأتي بها ، إذا قام الطبيب بتوليد منال قبل موعدها
زفر بقوة وهو يشعر بالتوتر يخيم على رأسه ، فتعب منال وصراخها المفاجئ وهما يسلكان طريق العودة جعله يشعر بأنها نهاية العالم
ورغم أن الطبيب طمأنه إلا أنه لازال خائفًا عليها ، فهي لم تكف عن التأوه إلا عندما أمر الطبيب بحقنها بمهدئ أجبرها على الخلود إلى النوم
زفر بقوة وهو يضع ما يحتاجه بحقيبة صغيرة كانت هي أعدتها مسبقًا بعد أن أبلغها الطبيب أنه من المحتمل أن تلد بشهرها السابع فالطفلين وضعهما غير مستقر !!
عقد حاجبيه وهو يشعر بشيء خاطئ ، شعور خفي بالضيق تسلل إليه ليهتف بحنق وهو يتذكر وجوده حمويه اللذان تركهما بجانب زوجته في المشفى  : فاطمة .
حمل الحقيبة وخرج راكضًا في اتجاه سيارته ، الذي انطلق بها مندفعًا والتوتر يسري بأوردته مسرى النار في الهشيم ، رن هاتفه لينظر إليه بنزق ويرد على الفور :نعم.
أتاه صوته العميق يتحدث بلغتهما الأم :لا تذهب إلى فيلا السفير الآن خالد .
عقد حاجبيه والرفض يتألق في سواد مقلتيه وقال : ولكن .
قاطعه جاك على الفور : نعم أعلم ، ولكن تذكر نحن لا نريد إثارة ريبتهم ، وجودك الآن هناك بدلاً أن تذهب إلى زوجتك المريضة سيثير ريبته والخطة تقتضي على
زفر قويًا وأكمل ببرود والحنق يتجسد على ملامحه : الكتمان أعلم .
أكمل جاك بهدوء : ولتعلم أنها ليست بمفردها فتوقف عن القلق .
عقد خالد حاجبيه وقال بتفكير :  ليست بمفردها  ، كيف ؟!
ابتسم جاك وقال : نعم ، فصديقها برفقتها .
اتسعت عينا خالد بصدمة وردد دون استيعاب : صديقها .
صمت جاك قليلاً ليقول : حسنًا ، المعذرة ، لا أعلم المسميات هنا ولكنه ذاك الشاب ابن الوزير برفقتها ،
تمتم خالد من بين أسنانه وهو يدق بوق السيارة بنزق : وائل
أتبع سائلاً وعيناه تغيم بعاصفة سوداء ابتلعت مقلتيه بالكامل : منذ متى هو برفقتها بالداخل .
عقد جاك حاجبيه مفكرًا ليقول بلامبالاة : أعتقد ما يقارب النصف ساعة .
انحرف خالد بقوة عائدًا لدرجة أن أستمع الآخر إلى صرير العجلات المدوي ، فهتف جاك : خالد استمع إلى الأوامر من فضلك ، فذاك الشاب لن يؤذيها أبدًا ، أوليست في حكم خطيبته ؟!
تمتم خالد وهو يطبق فكيه بقوة : إنها زوجته جاك .
رفع جاك حاجبيه بتعجب وقال : إذًا ؟!
مط خالد شفتيه بحنق وقال بانزعاج : ماذا تريد الآن جاك ؟!
قال جاك بهدوء : عد إلى زوجتك وأقنع حماك أن يعود إلى ابنته حتى لا يتركها تبيت بمفردها ولا داع إلى القلق  فنحن نؤمن الفيلا جيدًا .
جز خالد على اسنانه قويا وقال : حسنًا جاك ، سأفعل .
ضغط بقدمه قويًا لتنطلق السيارة بعنف محدثه ضجيج لم يغطى على ضجيج عقله المدوي !!

           ****

أطبق فكيه بقوة وهو يستمع إليها يشعر بالغضب يتملكه وهي تقص عليه ذكرى ذاك اليوم البعيد ،فيقبض كفيه بقوة وهو يتخيل ذاك الحيوان الذي تتحدث عنه والرعب يطل من عينيها ، اجهشت في البكاء وهي تخفي وجهها بين كفيها فقفز مقتربًا منها ، يجلس أمامها على ركبه ونصف يرى دموعها التي أغرقت خديها وصوتها الأبح بنشيجها الباكي يثيران حنانه ويمزقان أوردته ، ضمها إلى صدره وهو يريد أن يمحي ذاك الألم من ملامحها ، بل يريد أن يمحي ذكرياتها السابقة قبل أن يتواجد هو بدنياها شهقت بقوة وهي تتمسك بكتفيه فجلس بجوارها وهو يقربها منه ويتمنى أن يخفيها بين ضلوعه لتهمهم بخفوت : لقد ضحى بحياته من أجلي لن أستطيع أن أمحي من ذاكرتي صورته وهو يهوى من النافذة بسببي .
قبل رأسها بحنو جارف وهو يربت على خصلاتها الثائرة والتي افترشت صدره فنشرت عبيرها بدمائه ليهمس برقة : هشش توقفي عن البكاء تامي ، توقفي .
أغمض عينيه قويًا وهو يضمها إليه أكثر ويقول : لقد فعل ما يتوجب عليه فعله فلا تحملي نفسك أكثر من وسعها ، وها هو سيادة الرائد يتزوج ولم يحدث له شيئًا .
مسحت دموعها بقوة وهي تبتعد عنه بعد أن أدركت وجودها بين يديه فتمسك بساعدها وهو يجبرها على السكون بجانبه ، نظر إليها بحنان تدفق من حدقتيه  ليلتقط تلك الدمعة الهاربة من بين رموشها بظهر سبابته ، همس بخفوت : إذًا سيادة الرائد لديه مكانه خاصة لديك .
شعرت بضيق الذي يكتمه قويًا لتبتسم رغمًا عنها وهي ترمش بعينيها وقالت : لن أنكر أني انشغلت به بعد تلك الحادثة ولكن طبيبتي النفسية أخبرتني أنه مجرد امتنان خالص لما فعله معي ، فما فعله معي لا يقدر بثمن .
أتبعت وهي ترى الضيق يلوح بعينيه : ثم أنه يحب الأستاذة منذ أن كانت تدرس لأحمد وهنا وهو متخفيًا يحمي والدي .
رفع حاجبيه بتعجب تجسد على ملامحه وتساءل بدهشة  : أمير يحب ؟!
ابتسمت بتشنج وقالت : نعم ، لا أعلم ما الذي يحبه بها ولكنه للأسف يحبها هي دونًا عن الأخريات جميعهن .
نظر لها من بين رموشه وقال : لماذا اشتم رائحة الحقد بين حروفك تامي ؟!
عقدت حاجبيها وقالت بنزق : لأنها لا تليق به وائل .
جمد وجهه وهو يرفع لها حاجبه بتساؤل التمع بعينيه فاتبعت سريعًا : ليس كما تظن وائل ولكني بالفعل لا أرى أنها تناسبه .
قال بهدوء : بل لا يليق إليه غيرها ، فهي تناسبه بهدوئها ورقتها الفطرية ، تستطيع احتواء تلك القوة النابعة منه بابتسامة بريئة تلمع بعينيها.
رمشت بعينيها وهي تشعر بالضيق ينتابها وهو يتحدث عن ليلى بتلك النبرة الرقيقة فأتبع : هي تكمله تامي ، فأمير لا يحتاج إلى امرأه قوية يستند عليها ، بل يحتاج إلى تلك الليلى بضعفها ليحتويها هو بداخله
ابتسم بتعجب وقال : توقعت أنهما تعارفا في حفل عقد قران وليد وقررا الزواج لم أعلم انها قصة حب خرج منها الأمير ظافرا منتصرًا كعادته .
نظرت له بتساؤل : هل تعرفه جيدًا إلى ذاك الحد ، ظننتكما ليسا أصدقاء .
ابتسم بسخرية وقال وهو يحاول أن يخفي ضيقه جيدًا :هذا الأمير الرائع دائمًا ، أنا أعلم عنه الكثير  ، وفعلاً ليس بصديق لي ولكنه صديق وليد المقرب وعلى الرغم من عدم اتفاقنا في كثير من الأمور أنا احترمه وأقدره
أتبع بحذر وصوته يتضمن أمرًا لها غير معلن : ولكني لا أحبذ أن أشعر بأن شيئًا ما بداخلك متعلقًا به .
أتبع بهدوء : اليوم وأنت تصافحينه بتودد شعرت بالانزعاج .
همست : لا أساس لما شعرت به وائل .
تنفس بقوة ونظر إليها مليًا ليشع الصدق من حدقتيها : أنه مجرد امتنان ويلي ، أنه في مكانة خالد لدي .
تأفف بقوة وهو يشيح برأسه بعيدًا عنها وقال بهدوء وهو يشبك كفيه ببعضهما : تلك الأمور غير مقبولة لي تامي ، أنتِ الآن زوجتي وأنا متملك بطبعي وبعض الأمور التي تفعلينها دون وعي منك تثير ضيقي .
ابتسمت بشقاوة لمعت بعينيها وقالت وهي تقترب منه : بل توقف عن الكذب وأخبرني الحقيقة يا باشمهندس .
عقد حاجبيه باستنكار وقال : الكذب .
هزت رأسها بالإيجاب وقالت : نعم ، أن تلك الأمور تثير غيرتك أيها الشرقي المتعنت .
ابتسم بخفة وقال وهو يلتفت إليها : من لا يغار لا يستحق الحياة تامي ، يكفي أني تركتك تحضرين العرس بذاك الفستان .
لوت رقبتها في حدة وقالت : ما به فستاني ، أنه طويل وفضاض .
ابتسم بمكر وهو يلامس بشرتها الرقيقة لكتفها القريب منه : ولكنه عاري الصدر تامي.
ابتسمت بإغواء لم تقصده وقالت : ألم يعجبك ؟!
اتقدت عيناه بشرارات ذهبية حارقة ، لدرجة أنها شعرت بحرارتها تلفح وجهها وهو يقترب منها ويهمس بنبرة أجشه : بل أثار جنوني .
اكتنف كتفها بكفه وقال : ولولا أني لم أرد مضايقتك لطلبت منك أن تبدليه بأخر ، فأنا لا أفضل أن يرى الجميع ما هو ملك لي .
همست بلغتها الأقرب إليها : رجعي .
ضحك بتسلية وقال : نعم ومتخلف أيضًا إذا أردت القول ولكني أحب نفسي على ذاتها هكذا بشرقيتي المتعنتة على قولك .
ابتسمت بهدوء وهي تهز رأسها بعدم فهم ليكح برقة وقال وهو يقترب منها : أريد أن أسألك .
صمت لتنظر إليه باستفهام فأتبع بهدوء : هل يوجد ما يؤخر زواجنا ؟!
احتقن وجهها بقوة وهي تهز رأسها وتقول بثبات : لا لقد أكملت جلسات العلاج النفسي والطبيبة أخبرتني أني بخير .
هزت كتفيها بعدم معرفة تجلت على ملامحها وقالت : لكن حقًا لا أعلم ،
صمتت وهي تشعر بتبخر الكلمات من عقلها ليبتسم بخبث شع من عينيه وهو يقترب منها ويقول بخفوت : أنتِ تقصدين أنك لا تعلمي النتيجة .
ابتعدت تلقائيًا للوراء وقالت بعتب : أخاف حقًا من نظرتك تلك .
لامس كف يدها بطرف سبابتها برقة ليحتضن أناملها براحته ويقربها منه بلطف وقال بخفوت وهو يدير عينيه على وجهها : لا داعي للخوف تامي .
لف ذراعه حول خصرها في حركة خاطفة وهو يقربها منه لينتصب جسدها تحت يده فيلامس بيده الأخرى جانب وجهها وهو ينظر إلى عمق عينيها ويهمس بأمر حاني : اهدئي .
سكنت على الفور وهي تغرق في بحوره الذهبية ، لامس وجنتها بأطراف أنامله لينزلها برقة مثيرة  مرورًا بعنقها .. كتفها ، إلى أن فرد كفه بمنتصف ظهرها العاري ، احتضن خصلاتها بين أنامله ليهمس أمام شفتيها : مبهرة يا حوريتي .
شعرت بقلبها يقفز من همسته فأغمضت عينيها وهي تشعر بتلك الشرارة الحارقة تندلع ببشرتها مكان موضع يده ، فرجت شفتيها بلهاث خفيف لتشعر بابتسامته الواثقة تزين شفتيه وهو يتبع بهمس : لا ضرر من التجربة .
لم تستطع التوصل إلى فحوى كلماته إلا عندما شعرت بأنفاسه الساخنة تلفح وجنتيها تنبئها بقربه الشديد منها ، فتحت عينيها لتتبين موضعه فغرقت في لون حدقتيه الفريد واللتان امتزجتا بمزيج من البني والذهبي المحدد بالأسود القاتم ، لتشعر بانجرافها إليه وهو يمتلك شفتيها بشفتيه في رقة مثيرة جعلتها تحيط عنقه بذراعيها .
لا تعلم كم استغرق الإبحار معه في ذاك البحر هادئ الأمواج ولكنها انتبهت من تلك السعادة التي تغلغلت بأوردتها على همسته السعيدة : أنتِ لا تجيدين التقبيل .
رمشت بعينيها وهي لا تفهم جملته لتهمس بلغتها الأصلية : ماذا ؟!
نفض رأسه  بلا شيء وهو يبتسم باتساع والحبور يتألق من حدقتيه ليقول بلغتها الأقرب إليها : أنا سعيد.
ابتسمت بخجل وهي تحاول الابتعاد عنه ليحاصرها بين ذراعيه ويهمس بشغف تجسد بملامحه : لا تبتعدي عني تامي .
عضت شفتها برقة والتوتر يزحف إليها فهمس وهو يجبرها على النظر إليه : لا داعي للتوتر فاطمة ،
أكمل بحنو وهو يقربها منه : أنا زوجك الآن ، وما حدث بيننا طبيعي .
همست بهدوء : أعلم ،
أكملت بهدوء : لست متوترة من ذاك الأمر بل متوترة أن يعود والدي فيجدني بين ذراعيك ، حينها سيقلتنا سيادة السفير بطيب خاطر
ضحك بقوة وقال : لا سيؤمرني بغضب أن أحملك لبيتي دون زفاف
التمع الخبث بعينيه وهو يقول بحبور : اوه كم أحب تلك الفكرة .
ضحكت برقة لتقول وهي تحاول أن تكسب ملامحها الجدية : تهذب يا باشمهندس .
رفع حاجبيه بعدم تصديق وتساءل بجدية : معك ؟!
هزت رأسها بالإيجاب ليتبع بلامبالاة : لا طبعًا.
دوت ضحكتها من حوله لتندفع موجة السعادة التي تثيرها نغمتها بأوردته فابتسم بشغف وهو يراقبها تسيطر على ضحكتها بقوة وهي تدفعه بلطف وتقول : هيا ، انصرف قبل أن يأتي بابا .
ابتسم باتساع  والسعادة تضخ بأوردته وقال : ألن تستضيفوني عندكم اليوم ؟
ابتسمت بغرور وقالت : غرفة السائق فارغة ياباشمهندس .
رفع حاجبيه بتسلية وقال : لا يهم ،
نظرت له بتعجب فأتبع بمكر : طالما ستأتي ابنة السفير وتطمئن على الرعية في الليل .
شحب وجهها قويًا وهي ترتد بعنف للوراء فعقد حاجبيه بعدم فهم وقال : أنا أمزح معك ،
زفر قويًا ليحتضن كفيها بيديه ويقول : لا تدعي هذا الأمر عائقًا بيننا ، فما حدث منذ قليل يخبرك أن جميع الأمور بخير .
ابتسمت بهدوء وهي تطرد توترها من فكرة أنه يلمح لأمر السائق هذا ، لتهز رأسها بالموافقة فأتبع بمرح : إذًا طبيبتك كانت محقة .
ابتسمت بخفة وقالت : أعتقد ذلك .
نهض واقفًا وقال : ممتاز ،
مد إليها كفه لتنهض واقفه بدورها فيقربها منه وهو يحتضن خصرها بكفيه ويهمس : ألن تودعيني بطريقة لائقة يا ابنة السفير.
ابتسمت بغرور وقالت : سأقف في الشرفة والوح لك بيدي إلى أن تختفي عن الانظار يا باشمهندس .
لعق شفتيه وهو يدير عينيه عليها ويهمس : أنا افضل أن تلوحي لي بشيء أخر .
دفعته في كتفه برقة وقالت : تهذب وائل .
ابتسم بمكر وقال بعد أن رسم التفكير على وجهه : لا .
جلجلت ضحكتها بقوة ليضمها إلى صدره بحنو ويهمس وهو ينظر إلى عمق عينيها : لن اؤخذ شيء لم تقدميه أنت لي فاطمة .
ابتسمت بخجل وقالت : أحب قناعتك وائل .
قبل جبينها بحنو وقال : وأنا أحب اختلافك يا ابنة السفير .
رفعت عينيها إليه لتعض على شفتيها بتوتر ثم تبتسم بخفة وهي تقف على مقدمة حذائها وتقبل وجنته وتهمس بخفوت وهي تخفض بصرها بخجل : تصبح على خير يا باشمهندس .
لمعت عيناه ببريق غامض فابتسم وهو ينحني ليقبل جبينها مرة أخرى ويقول : وأنتِ من اهل الخير .
هم بالانصراف لتتمسك بساعده وتهمس : ألا زلت مصر على السفر غدًا ؟!
اتسعت ابتسامته وقال : لا ، سأؤجل السفر قليلاً وسأحاول إدارة الأمور من هنا .
اقترب منها مرة أخرى وهمس : من أجل عيون مليكتي أفعل أي شيء .
  ابتسمت بسعادة وحدقتيها مظللتان بالغرور لتقول : مليكتك راضية تمام الرضا ويلي .
ضمها الى صدره بحنو وقال : وهذا يسعدني .
قبل جانب اذنها وهمس : سأشتاق إليكِ .
ابتعدت عنه بخجل وآثرت الصمت فقال : سأهاتفك .
هزت برأسها موافقة وقالت بثقة : سأنتظرك .

           ****

ابتسم وهو ينظر إليها تخطو بتبعثر ، ترتدي إسدال الصلاة وتربط حجابها بطريقة صحيحة  ، تخفض وجهها أرضًا وتفرك طرف سجادة الصلاة بأصابعها .
ابتعد عن محيطها بعد أن سحب سجادة الصلاة من بين كفيها ووضعها بجانب خاصته افسح لها مجالاً لتقف بجانبه متأخرة خلفه بخطوتين .
نظرت إلى ظهره العريض ، ثم ازدردت لعابها ببطء وهي تتأمل عضلاته التي ظهرت من خلف قميصه الأبيض الشفاف لترمش بعينيها وهي تشعر بانتفاخ بسيط يحيط بخصره ، انتبهت من افكارها على تكبيرته التي خرجت بصوته الرخيم ،فخفضت بصرها أرضًا وهي تكبر من خلفه بصوت خافت .
أغمضت عينيها رغمًا عنها وهي تشعر بصوته يتسلل إلى أوردتها بدفء نبرته الفخمة ، لتبتسم بهدوء وهي تتبعه في الصلاة ، إلى أن انتهيا .
نظرت إلى ظهره وهو يتبع صلاته بهمهمات لم تتبينها ،فظنت أنها تسبيحات  خافته ، شعرت بقلبها يقفز على أنغام دقاته المتقاربة ، لا تعلم سر سعادتها فهي ليست أول مرة تصلي خلف أحدهم ، فهي فعلتها من قبل كثيرًا لطالما أحبت أن تصلي برفقة عمها في طقس خاص بصلاة العشاء يوم الجمعة ، ولكن اليوم تشعر بشيء مختلف ، كأجنحة عصفور صغير لازال يتعلم الطيران يموج بقلبها .
عضت شفتها السفلى وهي تدير عينيها بوله لم تستطع التحكم به لتنفرج شفتيها عن تنهيده هائمة في بحر خياله .
التفت إليها على الفور وعيناه تلمع ببريق خاص تعلم معناه جيدًا ، حاولت أن تنهض واقفة عندما شعرت باقترابه منها ولكنها تعثرت بطرف الاسدال فتراجعت للخلف وهي تستند على كفيها حتى تقاوم السقوط  ، ابتسم بهدوء وهو يمد يده إليها ليساعدها على الاعتدال ، ثم يضمها من خصرها ويشدها إليه ليمنعها عن الحركة ، حاولت التملص من ذراعه التي تطوقها بحنو وهمت بالحديث  في حدة افتعلتها ، لتشعر بالحرج وهو يرفع يده الأخرى ويضعها فوق رأسها ويهمس بصوته الرخيم ذا البحة الأجشة : اللهم إني أسألك من خيرها ومن خير ما جبلت عليه وأعوذ بك من شرها ومن شر ما جبلت عليه .
رمشت بعينيها سريعًا لتغمضها وهي تشعر به يقربها منه أكثر ليطبع قبله هادئة على جبينها ويهمس أمام عينيها : آمين .
رددت من خلفه بخفوت شديد : آمين .
شهقت بخفة عندما حاولت أن تبتعد عنه فسحبها إليه بلطف وأجلسها بقربه ليهمس آمرًا : اهدئي .
تمتمت سريعًا : لقد
أكمل بتفهم : وعدتك أعلم
تنفس بقوة وقال : أريد الحديث فقط معك .
تململت بين ذراعيه اللذان طوقتاها بتصميم لمع من حدقتيه وهي تقول بصوت خافت : نستطيع الحديث بطريقة ثانية .
ابتسم بخبث وقال : ولكني أفضل تلك الطريقة أنها اقرب لقلبي .
زمت شفتيها بعدم رضا وهي تشيح ببصرها بعيدًا عنه ليعتدل جالسًا بطريقة أكثر أريحية وهو يحملها و يجلسها بحضنه ، يضمها إلى صدره ، حرك أنامله ليعبث بحجابها فتمسكت به قويًا وهي تبعد رأسها عن محيط يده وتقول بنزق : توقف أمير أرجوك .
عقد حاجبيه باستياء ليزفر قويا ويقول : لماذا ليلى ، ليست المرة الأولى التي أراك بدون حجابك ، ثم .
عضت شفتيها بتوتر ليهمس بهدوء : حسنًا ، اهدئي .
تنفس قويًا ليقول بهدوء وهي تشعر أنه يريد ترتيب حديثه جيدًا فرفعت بصرها إليه ببراءة منتظره ذاك الحديث الذي أكسب ملامحه الجدية
قال بهدوء والفخامة تشع من نبراته : لا أريدك أن تقضي ليلة زفافنا وأنتِ غاضبة ليلى
ابتسمت بهدوء وهو يتبع : ما حدث لم يكن يتحمل ثورتك ولا غضبي
تنفس بقوة وهو يقول بحنو : من الأفضل لنا أن نتخطاه بهدوء وكأنه لم يكن
جمدت الابتسامة على شفتيها وقالت : ولكني ضائقة بالفعل أمير  ، فأنت صرخت في من أجل تلك الفتاة التي لا تقربك ولا تمثل لك أي شيء .
أتبعت بعتب ظلل عينيها : بل غضبت وأغلقت هاتفك حتى لا تستقبل اتصالاتي أيضًا .
ابتسم بمكر وقال :إذًا هاتفتني لأجل أن تصالحيني .
هزت رأسها نافية سريعا لتقول : بل إيني من هاتفتك لتعلم ما سبب بكائي .
تدفق الحنان من عينيه وقال : لم أشأ أن أضايقك ليلى ولكنك تجاوزت في حديثك سواء معي أو عن فاطمة .
جمد وجهها والغضب يتدفق لحدقتيها وهو يتبع بجدية : أعلم أن تصرف فاطمة يعد تجاوزًا ولكنه  لا يعطيك الحق بأن تنعتيها بتلك الصفة المهينة .
أتبع بهدوء : أنها فتاة جيدة ولكن ظروف تنشئتها جعلت بعض من تصرفاتها خاطئة وهذا لا يعطينا الحق أن نعمم تلك التصرفات ليلى .
زفر بقوة وقال : هي فقط طائشة وعلينا أن نتحملها فهي صغيرة السن وتائهة في تقاليد وأعراف مجتمع لازالت تتعرف عليه .
أطبقت فكيها بقوة لتقول وهي تنهض واقفة رغمًا عن محاولاته في ابقائها قريبة منه : وهل كل ما شرحته الآن يعطيك الحق أن تصرخ بي من أجلها وتتركني أقضي ليلة زفافي في بؤس هي المتسببة فيه ؟
أكملت وهي تنظر إليه من علو  :أهذا يعطيك الحق يا سيادة الرائد في أن تسمعني محاضرة عن تلك الفاطمة يوم عرسي وأني لابد أن أتحدث عنها بطريقة جيدة رغم أنك تعلم جيدًا أنها كانت تركض ورائك وأنت سائق لدى عائلتها .
نظر لها بحدة وهي تتبع : لا يا سيادة الرائد ، لا يعطيك الحق في ذلك
أتبعت والغضب يرتسم على وجهها والدموع تتجمع بعينيها : لا يعطيك أدنى حق في أن تعطيني محاضرة عن الأخلاق بسبب تلك الفاطمة وأنت تدافع عنها مرة أخرى أمامي ، وتشعرني بأن حديثي عنها أمامك أهم من ارضائي 
نهض واقفًا على الفور وهو يقول : لا ليلى لم أقصد ذلك .
قبضت كفيها بقوة لتدفعه في صدره برقة لم تؤثر به وهو يحاوطها بذراعيه : بل قصدت أمير ، قصدت أن تخبرني أنها مهمة لديك فلا داعي لأن أتحدث عنها أمامك بطريقة لا تليق بفاطمة العظيمة .
هز رأسه نافيًا وقال : لا تعطي الأمور أكبر من حجمها ، أنها ليست مهمة لدي ولا شيء من ذاك الذي يعتمل في عقلك أنها بمعزة إيني .
صاحت بحنق ووجها يحتقن بقوة  : ولماذا من الأساس لدى إيني معزة لديك ، لا يجب أن تغلي أي أخرى غيري .
رفع حاجبيه بتعجب ليهمس بعدم تصديق : أنت تغارين لذلك الحد ليلى .
نفضت يديه المتمسكة بساعديها وقالت وهي تنتفض بقوة : أنا لا أغار ، علام أغار يا سيادة الرائد ؟! لا يوجد ما أغار عليه !!
جمد وجهه على الفور وهو ينظر إليها بعتب ويبتعد عنها بغضب لاح في حركة جسده ، خفضت بصرها عنه وهي تعض شفتيها بقوة مؤنبة نفسها على غبائها  لتبتعد عنه وهي تتحكم في دموعها قويًا و تقول بخفوت : تصبح على خير .
أشاح بوجهه بعيدًا عنها لتسرع بخطواتها مختفية خلف باب الغرفة الذي أغلقته من ورائها ، ليزفر هو بقوة ويقول : تبًا ليلى تبًا .

         ****
شعرت بموجة من الهواء البارد تكتنف جسدها فارتعدت ، وتقلبت على جانبها الآخر فأحست بدفء عميق يشدها إليه ، اقتربت اكثر من مصدر الدفء ودفنت جسدها به ، ليتبخر شعورها بالهواء البارد ، داعبت أنفها رائحته المميزة ، فابتسمت بحب وهي تشعر بسعادة من ذلك الحلم الذي يداعبها ، وأنها بين ذراعيه تنعم بدفء صدره العريض !!
دفنت أنفها اكثر من مصدر الرائحة ، ظهر الانزعاج على وجهها  من ذلك الملمس خشن تحت وجنتها ، عقدت حاجبيها بعدم فهم ورفعت رأسها لتنقله إلى مكان أخر غير تلك الخشونة التي لا تفهمها ، وضعت رأسها فوق قلبه مباشرة ، ليثير ذهنها صوت النبض القوي الذي تسمعه ، ففتحت عيناها وهي شبه نائمة ، وحاولت أن تستوعب ما تراه أمامها
وضعت أناملها وهي تتحسس تلك الوسادة غير اللينة في محاولة منها لاستيعاب  ما تراه ، والإدراك  يزحف إلى عقلها  ويجبره على العمل والوعي يتدفق رويدًا بعينيها ، اتسعت عيناها بقوة وهي تكتشف أنها تنام بالفعل بين ذراعيه فأجفلت وهي تبتعد سريعًا وتقفز واقفة من الفراش .
تململ من حركتها المفاجئة ولكنه جلس سريعًا عندما شعر بحركتها الغير متوقعة
نظر لها بدهشة وأثر النعاس يبدو ظاهرًا بوضوح على وجهه
فقابلت نظراته بغضب وقالت بصوت مبحوح من أثر النوم : ماذا تفعل هنا ؟
تنفس بقوة ودعك وجهه بكفيه ليعود إلى الخلف ويتكئ بظهره على الفراش وينظر لها ،ابتسم تلك الابتسامة الجانبية وقال وهو يدير عيناه عليها : صباح الخير .
نظرت له بذهول وقالت شبه صارخة : ماذا تفعل هنا ؟
رد ببساطة : كنت نائمًا .
رفعت حاجبيها وقالت بانفعال : كيف دخلت إلى هنا ؟
زفر بقوة وقال : أخفضي صوتك من فضلك ، ثم لا أفهم لمَ تصارخين في الصباح بذلك الشكل الغير مفهوم ، هل كنتي تتوقعين أني سأبات خارجًا .
نظرت له بغل ليتبع وهو ينهض من الفراش ويقف أمامها : سأنام بفراشي وسأبيت بغرفتي كل ليلة فلا تفعلينها مجددًا من فضلك .
أبعدت بصرها عنه وقالت بصوت متوتر : أنت وعدتني .
ابتسم على شرارات الخجل التي بدأت بالزحف على وجنتيها واقترب منها وعيناه تلمع بمكر وقال هامسًا بعتب : نعم وعدتك ألا أجبرك على شيء كما طلبت أنتِ ،
أتبع بمكر تألق بحدقتيه : ولكن لم أعدك أني سأبات في الخارج أو أن أبتعد عنك .
شعرت بالحرارة تزحف في أواخر عنقها من همسته الدافئة لتكتشف أنه أصبح قريبًا منها كثيرًا ، ارتدت إلى الوراء بعد أن التفت إليه لتترقب حركته القادمة فارتطمت ساقها بالجلسة الموضوعة في جانب الغرفة
تأوهت بضعف لتجد ذراعيه يحاوطنها باهتمام ويقول : سلامتك حبيبتي ، ماذا حدث ؟
حملها برفق ليضعها على الكرسي الذي ارتطمت به ويقول : أين مكان الألم ؟
وضع يده على ساقها العارية فانتفضت بقوة وقفزت واقفة وهي تكتشف ما ترتديه فقط الآن ، فهي بدلت ملابسها الليلة الماضية إلى شيء مريح ولم تتخيل أبدًا أنه سيراها هكذا.
قالت بأنفاس ذاهبه : أنا بخير لا عليك .
استقام واقفًا أمامها ليحاصرها بين ذراعيه مرة أخرى ويقول بهمس والمكر يتألق بابتسامة عينيه : لم أسمع تحيتك إلي الآن .
حاولت أن تفلت من بين يديه ولكنها لم تستطع فقالت سريعًا وبصوت منخفض : صباح الخير .
أمسك ذقنها بحنان وقال وهو يرفع وجهها إليه : لم أسمعك جيدًا
تأمل ملامحها بنظرات ولهه وهو يشعر بقلبه يثب بجنون بسبب احمرار وجهها وحركتها المتوترة بين ذراعيه ،نظر إلى عينيها مباشرة
وقال بصوت اجش: صباح الخير ليلتي.
أغمضت عيناها وهي تشعر بأنفاسه الدافئة تجول على وجهها بقبلات رقيقة طبعها كرفرفة الفراشة على كل انش بوجهها ، شعرت بقلبها يفقد انتظام دقاته وهو يهمس لها بمدى اشتياقه
أحست باقترابه وبقرب شفتيه منها لتفتح عيناها وعقلها يستيقظ من غيبوبته اللذيذة ، لتقول سريعًا وبصوت أبح : أمير أنت وعدتني .
أغمض عيناه بقهر وابتعد للوراء قليلاً ليفتح عيناه وينظر إليها بعتب فرددت مرة أخرى : أنت وعدتني .
افلتها من بين ذراعيه على مضض وقال بنبرة غامضة وهو يبتعد عنها و يتحرك باتجاه دورة المياه : حسنا ليلى كما تريدي أنتِ .
...
عضت شفتها بلوم شديد تدفق من قلبها وهي تنظر لباب دورة المياه المغلق من خلفه ، تعلم جيدًا أنها مخطئة فيما تفعله ولكنها تشعر بالخوف يدب في أوصالها كلما اقترب منها ، خوف لا تعلم سببه وضائقة منه وتحاول التحكم به ولكنها لا تستطع !!
زفرت بقوة وهي تنظر لما ترتديه مرة أخرى وأطبقت فكيها لقميصها القطني القصير  ، لوت شفتيها بنزق وهي تفكر كيف دخل إلى الغرفة فهي تتذكر أنها أغلقتها بالمفتاح البارحة قبل أن تخلد إلى النوم ؟!
تحركت سريعًا للباب لتحاول فتحه ، اتسعت عيناها بصدمة وهي تنظر إلى باب الغرفة الذي فتح بسهولة .
نظرت إلى القفل لتجد أن مفتاح الغرفة اختفى من موضعه الذي تركته البارحة به وهي متعمدة حتى لا يستطيع هو أن يقوم بفتح الغرفة حتى لو امتلك نسخة أخرى من المفتاح !!
دعكت جبينها بقوة وهي لا تفهم كيف استطاع الولوج إلى الغرفة من الخارج ، شحب وجهها قويًا عندما لامست أصابعها أطراف شعرها القصيرة الأمامية ، لتزدرد لعابها قويًا وهي تفكر في ردة فعله على قصها لشعرها .
نفضت رأسها وهي ترفعه بكبرياء تسلحت به وهي تحدث نفسها " اهدئي ليلى ، أنه أمر يخصك وحدك ، ثم أنه لم يبد أي تعليق عليه ، من المؤكد أنه لم يلتفت إلى ذاك الأمر .
هزت رأسها بالإيجاب وهي تهمس : نعم لم يلتفت إليه بالتأكيد !!
انتبهت من أفكارها على صوت باب دورة المياه الذي فتح ، لتشهق بخفوت وهي تنظر إلى قطرات المياه التي اتخذت طريقها السلس على صدره العريض ، دارت سريعًا لتعطيه ظهرها فلا تنظر إليه وهو يرتدي ملابسه داخل غرفة التبديل ، لتعض شفتيها بتوتر امتلكها وتدعو الله أن لا يقترب منها !!
اتسعت عيناها بصدمة وهي تستمع إلى باب الغرفة الذي أغلق ، فالتفتت سريعًا وهي تنطق بخفوت : أمير أنت ..
لفت عيناها بالغرفة الفارغة من أمامها وهي ترفع حاجبيها بدهشة شديدة وتنظر إلى الباب المغلق من ورائه ، زفرت بضيق وهي تتأمل فضاء الغرفة الفسيح من حولها وتشعر بالاستياء منه لتركها هكذا دون أن يتحدث معها ، اتجهت الى الفراش بخطوات غاضبة لتبدأ بترتيبه وهي تمتم بنزق غير مفهوم لها !!
        ****

اقترب منها وهو يعقد حاجبيه بعدم فهم ليهمس بجوار أذنها وهو يتلاعب بخصلات شعرها : نودا ، هيا استيقظي ، أنها المرة السادسة الذي أوقظك بها وتعودين للنوم !
همهمت بكلمات متفرقة وهي تنقلب على جنبها الأخر وتعاود النوم ، ليهزها برفق ويقول بصوت أكثر ارتفاعًا : هنادي ، هيا استيقظي .
التفتت تنظر إليه من  بين رموشها والنعاس يغلق اجفانها رغمًا عنها فهمست بصوت أبح : هشام ؟! هل يوجد زلزال أم ماذا ؟ اتركني انام من فضلك .
ضحك بخفة وهو يقترب منها أكثر ويقبل وجنتيها ويهمس : الساعة قاربت على الواحدة ظهرًا وأنتِ لا تريدين الاستيقاظ من النوم .
زفر بقوة وهو يتبع : بدأت أشك في أنك مريضة .
ابتسمت رغمًا عنها لتهمس بصوت غلبه النعاس : لا لست مريضة ولكني متعبة قليلاً ، هلا تركتني لأنام قليلاً ؟
ابتسم بحنو وقال : حسنًا حبيبتي
قبل شفتيها برقة وهمس : اخلدي إلى النوم لبعض من الوقت قبل أن تصل ديدي فهي ستأتي برفقة جدي ومحمود بعد العصر إن شاء الله .
رفع حاجبيه بدهشة وهو ينظر إليها مستغرقة في النوم ومن الواضح أنها لم تستمع إليه من الأساس ، مط شفتيه بعدم فهم وهو ينهض من جوارها متجها للخارج !!
ابتسم في وجه والدته بسعادة وهو يراها تجلس على كرسيها المتحرك والتي تدفعه تلك الفتاة التي جلبها لتمرضها ، ابتسمت  هي بدورها في وجهه وقالت : ألم تستيقظ هنادي بعد ؟!
هز برأسه نافيًا وقال وهو يستلم مهمة دفع الكرسي بدلاً عن الممرضة : لا أخشى أن تكون مريضة فأوقات نومها أصبحت كثيرة وعندما تستيقظ أشعر بخمولها الذي تحاول أن تخفيه عني .
ابتسمت السيدة فوزية وعيناها تلمع بتفكير وقالت : لماذا لا تؤخذها للطبيب ؟ حتى تطمئن عليها .
تنفس بعمق وقال : سأفعل بالتأكيد ولكن أنتِ تعلمين في فترة العيد لا يوجد اطباء وحالتها لا تستدعي أن أذهب بها للمشفى .
أتبع بعد أن زفر قويًا : هانت ، أنه اليوم الأخير في اجازة العيد وإذا استمر حالها هكذا لآخر الأسبوع سأذهب بها بكل تأكيد .
دفعها ليدلف بها إلى غرفة كريم الذي صاح قويًا عندما وقع نظره عليهما ليبتسم هو بسعادة ويقول بحبور: أرأيت ماما كيف كريم يرحب بك .
هزت رأسها بالإيجاب وهي تشعر بالسعادة ممزوجة بقلق طغى على حدقتيها وهي تحاول أن تنحي احساسها السلبي اتجاه ما هو قادم !!
       
         ****
خرجت وهي تشعر بتوتر يسيطر على حواسها كلها ، لا تعلم كيف تتعامل معه ، فهي إلي الآن تشعر بالخجل من وجودها بين ذراعيه طول الليلة الماضية وهي لا تشعر بذلك ، اللعنة عليها وعلى نومها العميق
زفرت بقوة لترفع حاجبيها وهي تنظر اليه يتحرك متنقلاً بخفة في المطبخ
اقتربت بهدوء وهي تحاول أن تفهم ما يفعله ويدعوه للشعور بتلك السعادة المنبعثة منه
حاولت أن تتحرك بخفة حتى لا يشعر بها ليقول هو بابتسامة جانبية وهو لا ينظر إليها : اجلسي حبيبتي ريثما انتهى من إعداد الفطور .
انتفضت بقوة وقالت في حرج بالغ : تعد الفطور.
تحركت نحوه وهي تقول بتوتر : أخرج من المطبخ وأنا سأفعل لك ما تريد فقط أعطني دقائق لأتذكر أماكن الأشياء .
أكملت بتوتر وهي تفتح ابواب الخزانات : أو أجدد ذاكرتي سريعًا.
توقفت عن الحديث وهي تلاحظ جمود حركته ، رفعت عيناها ونظرت إليه لينظر لها هو بجمود والغضب يشع من عينيه
ازدردت لعابها ببطء وحاولت أن تخفي ارتباكها بسبب نظراته النارية التي تعلم سببها جيدًا
وضع ما بيده بقوة على طاولة المطبخ وقال وهو يقترب منها : ماذا ترتدين ليلى ؟
بللت شفتيها بتوتر فأكمل هو بهدوء ظاهري : هل سيأتي أحد الزائرين الان ؟ أم أنك ستخرجين دون أن تخبريني ؟
هزت رأسها نافية وقالت بهدوء : لا لن أخرج .
قال بغموض : إذًا سيأتي أحد أقربائك للمباركة إلينا .
قالت بهدوء : لا أمي أخبرتني أنها ستأتي في الغد .
اقترب منها بخفة ودون أن تدري وجدته يفك حجابها سريعًا وهو يقول : إذًا لما ترتدي حجابك .
عقدت حاجبيها بغضب وهي تبتعد عنه وتتمسك بحجابها قبل أن يسقط عن رأسها وتقول : لا تلمسني .
هز أكتافه بلامبالاة وقال : لم ألمسك إلى الآن على الرغم أن لي كل الحق في ذلك .
احمرت وجنتيها بقوة فأتبع هو بهدوء غاضب : توقفي عن التصرف بحماقة ليلى ، أنا زوجك وتلك الملابس للغرباء .
قالت بحدة : لا زلت غريبًا عني ولا أستطيع أن أتحرر من حجابي أمامك .
رفع حاجبيه بدهشة مفتعله ثم ابتسم بسخرية وقال في هدوء : أعتقد أني رأيتك بدون حجاب من قبل أكثر من مرة ، وبلباس النوم منذ النصف ساعة على الأكثر .
قالت بخجل وهي تخفض نظرها عنه : كنت نائمة ولا أدري أنك هناك .
ابتسم بخفة وقال : هذا يجعل كلماتي أكثر منطقية ، فأنا رأيت شعرك ولمست خصلاته بل استقر على ذراعي كشلال الشوكولا وأنتِ نائمة ،بل وأغراني أن اقبله أكثر من مرة ، فلا فائدة من اخفائه عني الآن .
ابتسم بمكر شع من عسل حدقتيه وهو يتبع : بل فعلت من قبل أكثر من تقبيل خصلات شعرك .
احتقن وجهها خجلاً وتحركت مبتعدة عنه فابتسم بخبث فطري وهو يقول  بهدوء آمر : بدلي تلك الملابس ليلى ريثما أحضر الفطور ولا تتأخري حتى نتناول الافطار سويًا .
ابتسم وهو يسمع خطواتها المغادرة الحانقة ، لتتسع ابتسامته وهو يتذكر تفاصيل ما حدث الليلة الماضية  !!
تحرك باتجاه الغرفة مغلقة الباب ليدق الباب بطرقة واحدة وهو يقول بهدوء : ليلى .
تنفس بعمق وهو يرهف سمعه لما تفعله بالداخل ليشعر بالهدوء يخيم على الغرفة ، كتم تنفسه وهو يدير مقبض الباب بخفة دون أن يصدر صوتًا ، ليرفع حاجبة بدهشة انقلبت إلى غضب عندما تأكد من إغلاق الباب من الداخل
أطبق فكية بقوة ليتمتم بغضب كمن بداخله : تبًا ليلى .
مرر أصابعه في خصلات شعره القصيرة بعصبية لم يتحكم بها ليزفر بقوة وهو ينظر إلى باب دورة المياه المفتوح أمامه
شعت عيناه بنظرة غامضة ابتلعت العسل المتدفق من عينيه لتترك السواد يعتم حدقتيه وهو يهس بخفوت : إذًا ليلى تذكري أنكِ من بدأتي .
دلف إلى دورة المياه بخطوات هادئة يعلم جيدًا أنها لن تصدر صوتًا ، لتتسع ابتسامته المنتصرة وهو يدير مقبض الباب الآخر لدورة المياه ويجده مفتوح ، فتحرك بخطوات اتسمت بالسعادة وهو يمر من خلاله إلى غرفة تبديل الملابس الخاصة بغرفتهما !!
كادت ضحكته أن تنفلت وهو ينظر إلى باب غرفة الملابس المفتوح على مصرعيه ليهمس داخليًا : ليلتي الحمقاء .
تحرك بخفة نمر إلى داخل الغرفة ليكتم تنفسه وهو ينظر إليها نائمة بطريقة مرهقة لعنقها ، زم شفتيه بقوة وهو يعلم أنها إتخذت النوم كوسيلة لهروبها كما تفعل دائمًا .
رقت عيناه بفيض من العسل وهو يقترب منها بخطوات متمهلة كسولة وكأنه يريد أن يشبع نظراته منها ،بلل شفتيه بهدوء وهو يجلس بجانبها على الفراش بهدوء شديد ، سحب الهواء إلى صدره بخفوت ليتوقف عن التنفس وهو يدير عينيه عليها من اخمص قدميها فابتسم لنقوش الحناء التي زينت ساقيها بمهارة وأظهرت بياضها النقي كلون البلور الشفاف ،قبض كفه حتى لا يلامسها وهو يرفع نظره لذاك القميص الذي انحسر لآخر ساقيها !!
زفر هواء صدره بقوة وهو يجز على اسنانه بشدة رافضًا ذاك العذاب الذي يشعر به كيف تكون بين يديه ولا يستطيع لمسها أو التقرب منها ، مرر كفه في شعره مرة أخرى وهو يؤمر عينيه بأن لا تنظر اليها مرة أخرى ليقع نظره رغمًا عنه على وجهها الملائكي الخالي من الزينة ، تزم شفتيها بطفولية  وأنفها المكور محمر جراء نوبة بكاء علم جيدًا انها سقطت في فخها عندما تركته هاربة إلى الغرفة ، اقترب منها وهو يشعر باللوم يقفز بداخل قلبه أنه السبب في بكائها اليوم أيضًا ، ابتسم بحنو وهو يلامس خصلات شعرها المبعثرة من حول وجهها ويزيح تلك الخصلات التي تزين جبينها ولكنه شعر بأن هناك شيئًا ما خاطئًا !!
عقد حاجبية وهو يغرس أنامله في شعرها ويمررها لآخر الخصلات ، لتتسع عيناه بصدمة وهو يقبض بأصابعه على أخر تلك الخصلات المقصوصة أكثر بكثير مما كانت عليه أخر مرة .
قفز واقفًا وهو يشعر بخلاياه تغلي غضبًا ، كيف تجرأت أن تفعلها ، لقد تحدثت معه في هذا الأمر من قبل وأبلغها رفضه الكامل له ، وهي وافقته قائلة " أنها بالفعل رفضت اقتراح إيني في تغيير أو قص شعرها من أجله "
لمعت عيناه بضيق فعلي وهو يستنتج أنها فعلتها من أجل اغضابه فقط
تمتم بحنق لمع بعينيه : أيتها الحمقاء.
زفر بقوة وهو يشعر بأنه كالليث محبوسًا في قفص لا يستطيع فعل أي شيء ، اتجه بخطوات حانقة وهو يلتقط بعينيه موضع ذاك المفتاح بقفل الباب ليفتح القفل ويحمل المفتاح بين يديه وعيناه تغشى بالغضب .
التفت إليها وهو ينظر إليها بغضب عارم تدفق إلى أوردته حتى أنه فكر بلحظة ضيق أنه سيوقظها ويحاسبها على تلك الفعلة الغبية ، لينظر إليها بتفحص عندما شهقت بطريقة آلمت قلبه رغمًا عنه وهي تمتم باسمه عاتبه !!
ضمت نفسها بذراعيها وهي تهمس بعتب ظهر بنبرة صوتها الخافتة : أمير لا تتركني .
تحرك باتجاهها في خطوات سريعة ليجلس بجانبها على الفراش ويدعوها بصوت هادئ : ليلى
كرر ندائه بهدوء وهو يقترب منها بجسده ليرفع حاجبيه ويكتم تنفسه بدهشة تخللت حركة جسده وهي تدنو بجسدها إليه متلمسة منه القرب منها ، لتستكين بين ذراعيه اللذان التفا حولها وسحابها إلى حضنه
تنفس بقوة وهو يضمها إلى صدره لتمتم هي بكلمات غير مفهومة وابتسامة الرضى ترتسم على شفتيها وترغمه على الابتسام بدوره وهو يغمرها بعناقه وقبلاته الرقيقة التي نثرها على رأسها وكل انش بوجهها وهو يعلم أنها لن توقظها فهي تستغرق بنومها العميق ، زفر بسعادة تجددت بخلاياه وهو يشعر بدفئها يتلمس خصلاتها بشوق ويقبل أطرافها القصيرة وهو يستمع لهمسات قلبه بأن يتروى في ردة فعله على ذاك الأمر الذي فعلته هي بلحظة غضب هو المتسبب بها .
تحركت بأريحية بين ذراعيه وهي تعدل من وضع رأسها فوق ذراعه لينظر إلى وجهها الذي أصبح مقابلاً له ويحنى رأسه في بطء أجج شوقه إليها ليقطف فاكهته الشغوف بها في توق رقيق ،رمشت بعينيها وهي تبتسم بإغواء لم تتعمده ولكنه صدر دون وعي منها وهي بطيات ذاك الحلم الواثق من كونه فارسها به ليطبق فكيه بقوة وهو يبتعد عنها سريعًا ويهمس بحنق : أحتاج إلى حمام بارد .
تمتم بضيق خافت وهو يطحن ضروسه بقوة : لم يكن علي وعدها بذاك الوعد الأحمق .
لف لينظر إليها ثم يغمض عينيه بغضب اسره وهو يهمس : تبًا ليلى .
تنفس بعمق وهو ينحي ذكرى الليلة الماضية التي سيطرت على عقله ليبتسم بمكر سطع بعينيه وهو يقلب محتويات تلك المقلاة من أمامه ويهمس لنفسه " لا ضير من بعض الانتظار " !!    

         *****

فتح الباب بترقب ومد رأسه إلى الداخل ليرى أين هي ، نظر إلى ساعته ليبتسم بشوق أغشى عينيه ، فهي بذاك الوقت تكون بجوار النافذة تتأمل السماء الصافية وهي ممسكة بكوب من النسكافية واضعة لوح الرسم أمامها وتنظر إليه بتمعن .
تقدم إلى  الداخل وابتسم باتساع وهو يراها كما تخيل بدقة ، تنفس بعمق ناظرًا اليها من بوله فشعر بالدماء تندفع في أوردته بقوة
أدار عيناه عليها مرة أخرى وهو يراها بذلك الشورت القصير والقميص النسائي المثير الذي ترتديه يسقط عن أحد كتفيها محددًا خصرها بفتنه ، رمش بعينيه وهو يتأمل تلك البقع البنية التي تثير شغفه بقوة وتجعله يزداد فتنة بها .
تنهد بقوة وهو يشعر بأنه على وشك الموت ظمئًا بها ، ولكن هناك شيئًا ما يحول بينهما ، لا يعلم ما هو وما سر ذاك الانزعاج الدائم الذي يحاوطها ورغم أنها تحاول أن تخفيه بعيدا إلا أنه يشعر به ، يشعر به قويًا مخيمًا عليهما !!
سحب الهواء إلى صدره ليكتمه بداخله وهو يقترب منها بخطوات متمهلة ويمني نفسه  أن يتذوق ولو القليل منها ومن مذاق بقعها البنية الجميلة كما اعتاد أن يفعل وهي نائمة
أطبق فكيه قويًا وهو يعلم أنه لا يستطيع ذلك ، لا يستطيع التعبير الصريح عن رغبته بها بالطريقة التي يتمناها وهي مستيقظة !
فهي تتصلب بطريقة غير طبيعية كلما اقترب منها وهذا الأمر يزيد من توتره فيبتعد عنها معطيًا لها بعضًا من المساحة لتتقبله كما أخبرته سابقًا
تنفس بقوة وهو يحاول أن يسيطر على مشاعره قليلاً ويهدأ من دقاته الواثبة فهو عاد باكرًا اليوم بسبب شوقه المتزايد إليها
اقترب واحتضن خصرها بكفيه لتشهق بقوة وهي تلتفت إليه وتنظر معاتبه وتقول بنزق : وليد .
ابتسم بحب وقال وهو ينظر الي شفتيها : اشتقت إليك ياسمينتي .
ابتسمت بدلال : وأنا أيضًا .
لمعت عيناه بجزل : حقا اشتقت إلي كما اشتقت إليك .
هزت رأسها بعدم معرفة وقالت : لا أفهم نوع الشوق لديك ولكني أعلم جيدًا اني أشتاق لك كل دقيقة ، أشتاق لوجودك من حولي أشتاق لصوتك وهو يحدثني ، أشتاق لعينيك وهي تنظر لي .
نظر لها منتظرًا أن تكمل حديثها ، ولكنها صمتت فحثها بلهفة : أكملي ياسمين إلام تشتاقين أيضًا ؟
ضحكت بخفة وقالت ببراءة ارتسمت على وجهها فجلعت قلبه يئن من شوقه إليها : أتنتظر شيء محددًا من المفترض أن أشتاق إليه ؟
هز رأسه بالإيجاب وأجاب سريعًا : طبعًا ، انتظر أن تشتاقي لشفتي وهي تقبلك ، لكفي وهي تحتضنك ، لأناملي وهي ...
وضعت يدها على فمه لتسكته وقالت ووجنتيها تتوردان قويًا  : حسنا ، حسنا فهمت لا داعي لذلك الحديث إطلاقاً الآن .
اتسعت عيناه بقوة وهتف بنزق : لماذا ؟
ابتسمت وقالت بتلقائية : كنت أنتظر أن تأتي ونذهب سويًا إلى ليلى لنبارك لها .
رفع حاجبيه باعتراض وقال بإحباط : اليوم ، إنه يوم الصباحية .
هزت رأسها بالموافقة وقالت بهدوء : نعم أعلم ، أريد أن أذهب لابنة عمي لأبارك لها .
ظهر الرفض الصريح بعينيه وأجابها بصوت هادئ : لا لن نذهب لهما الآن ، تريدي الاطمئنان على ابنة عمك هاتفيها ، لكن نذهب اليوم لهما لا .
مدت شفتيها بغضب طفولي فقال وهو يبتسم وانحنى ليضع عينيه بعينيها : لن تؤثري بي ياسمين ، مهما فعلت .
نظرت له بمكر : حقًا ؟!
عاد برأسه للوراء وقال بابتسامة تسلية سطعت بعينيه : بعد تلك النظرة لا أعلم حقا ، من الممكن أن أفعل كل ما تريدينه بنظرة أخرى كتلك النظرة .
ضحكت بانطلاق ليضمها إليه مقربها من جسده ويقول بصوت مثير : أحبك ياسمينتي .
ابتسمت بحب وقالت وهي تحاول أن تخرج من بين ذراعيه : حسنا سأعد لك الغداء .
ابتسم بتفهم وقال وهو يصر على أن يقربها منه : أنا أريد شيء أشهى من الغداء ياسمين .
احمرت اذنيها بقوة وتحاشت النظر إليه فقال بخفوت : أخبريني ياسمين هل أذيتك ؟
رمشت بعينيها لوهلة وهي لا تفهم مقصده  ، لتحتقن وجنتيها بقوة عندما أدركت ما يعنيه ، فهزت رأسها بالنفي سريعًا ، نظر لها بتفحص وأتبع وهو يتنهد بقوة : إذًا لماذا  تبتعدين عني بتلك الطريقة ؟!
قالت بخجل : لا أبتعد عنك ، أنا أخجل منك فقط لا أكثر .
رفع حاجبيه بعدم تصديق وأثر الصمت ليقول بعد وهله بابتسامة ساخرة قصد منها محي توترهما سويًا  : تخجلين مني ،
أضاف بمرح مبطن بتهكمه : لماذا ؟!
احتضن خصرها بكفيه وسحبها أكثر إليه وهو يتبع بصوت مغوي : أنا زوجك حبيبتي لا داعي للخجل بيننا .
رفعت نظرها له لتجده ينظر إليها بعتب تضمن لومه لها ، فخفضت نظرها مرة أخرى ، ليبتسم باتساع وعيناه تتألق بمكر وهو ينحني هامسًا لها ببطء بلهجة أذابت أطرافها : ما رأيك أن نتحكم في ذلك الخجل الذي يفقدني عقلي .
توترت بين يديه وقالت بهمس : كيف ؟
ضمها ليلصقها بصدره قويًا ثم وضع يده تحت  ذقنها إليه مجبرها على النظر له وهو يدير عينيه على تفاصيل وجهها بعشق تفجر من حدقتيه  ، ليستقر أخيرًا وينظر إلى عمق عينيها قائلاً بصوت أجش ملائته العاطفة : هكذا
قبل أن تفهم ما يحدث وجدت أنفاسها تذهب معه في قبلة حملت لها ظمائه الشديد إليها ، تركها بعد أن شعر أنها لا تستطيع التنفس ليقبلها بقبلات خاطفة سريعة
شعر بها ذائبة بين يديه فأحل عقدة شعرها لينساب حول وجهها بلافته اللولبية المثيرة ، شعر بها تبتعد عنه فغرس أنامله بين خصلاتها ليقرب وجهها إليه مرة أخرى ويقبلها برقة أذابت ما تبقى من عقلها ، ابتسم بإغواء من بين شفتيها ليحملها بين يديه ويهمس بصوت عميق ساحر: لننتقل إلى مكان أفضل

         ****

خرجت وهي تخطو بثبات أكثر ، ترفع رأسها بكبرياء حاولت أن تبثه في أوصالها التي ترتجف رغمًا عنها  لتتنفس بعمق وهي تنظر إلى  قميصها الفضفاض  الطويل الواصل إلى ركبتيها ، بأكمام متسعة إلى الكوع ومزموم من عند الرسغ بشكل رقيق ،  ترتدي من تحته بنطلون جينز ضيق إلى حدٍ ما و ترفع شعرها على هيئة ذيل حصان ليصل لأواخر عنقها بشكل ناعم وجذاب
بللت شفتيها بتوتر وهي تهمس لنفسها ألا تهتم لأمر شعرها ذاك فهي من حقها أن تفعل ما تريده به ، فهو أولًا وأخيرًا شيئًا يخصها بمفردها !!
ابتسم وهو يشعر بتوترها وعروقها النافرة رغم أنها حاولت أن تبث الثقة في نفسها لينظر إليها بطرف عينه وهو يضع الأطباق على طاولة المطبخ ويقول بهدوء : لم ترتدي هذا الجينز؟
رمشت بعينيها في تبعثر لمسه جيدًا عندما نظرت له بتعجب وقالت : لا أفهم .
زفر بقوة : قميصك طويل بما فيه الكفاية فلم يكن يحتاج أن ترتدي الجينز من تحته
رفعت حاجبيها باستهجان ليقول على مضض : هذا أفضل بالطبع ولكني
صمت لبرهة ثم تحدث بخبث شع بعينيه وهو يتعمد استفزازها : أرى الفتيات في النادي يرتدن تلك الأشياء الطويلة ولا شيء أسفلها
اتسعت عيناها بغضب وهي تقول بانفعال لم تستطع التحكم به : وأنت  لماذا تنظر إلى فتيات النادي ؟
ابتسم بخبث وهو يشعر بقلبه يقفز فرحًا : لا أنظر لهن إنما هن من يمرون من أمامي .
زمت شفتيها بغضب فأتبع هو بهدوء : المرة القادمة سأغمض عيني حتى لا أرى أيًا منهن ، أو الأفضل أن لا أذهب على الإطلاق .
قالت بتبرم وهي تتحرك لداخل المطبخ بعصبية : نعم هذا أفضل .
رفع حاجبيه ونظر لها بمكر فزفرت بقوة  ، وهي تتحرك باتجاه غلاية الماء الكهربائية وتسأله باهتمام : ماذا تشرب بجانب الفطور ؟
ارتكن إلي طاولة المطبخ من خلفها وهو يقول بهدوء : لا شيء معين سأشرب مما ستشربين منه أنتِ .
هزت رأسها بهدوء وهي تملأ الغلاية بالمياه وتقوم بتشغيلها، التفت لتأتي بالأكواب ، شهقت بخفة وهي تتحكم في حركتها حتى لا ترتطم به ، ابتسم وهو يناولها الكوبين من يديه أشاحت بعينيها بعيدًا عنه فقال بهدوء : الشاي في الخزانة التي أمامك بالضبط
شكرته بخفوت ، لتشعر بالتوتر ينبض أسفل عنقها بسبب أنفاسه التي لامستها بخفة ، انتصب جسدها وهي تسمع همسته القريبة منها : لم قصصته ؟
التفتت إليه وهي لا تستوعب عما يسألها ليكرر : لم قصصت شعرك ليلى ؟
نظرت له وقالت ببرود اصطنعته : ضقت به فقصصته .
نظر لعينيها بثبات وقال : لأجل أن تغضبيني أليس كذلك ؟
ابتسمت بسخرية وقالت : لا إيني اقترحت أن أقوم بعمل نيو لوك من أجل العرس ومصففة الشعر اقترحت أن أقص شعري وأنا وافقت
أتبعت بلا مبالاة أثارت ضيقه : لقد أخبرتك بذاك الأمر من قبل .
هز رأسه بعدم اقتناع وقال : أبلغتني بأنك رفضت اقتراح إيني ، ولقد رأيتك يوم الحناء وشعرك كان بكامل هيئته التي أريدها
أتبع بفحيح غاضب : أنتِ فعلتي ذلك نتيجة لردة فعلك الغاضبة مني .
أشاحت بيدها وهي تصيح بحنق : كف على إلصاق تصرفاتي كلها بك .
لفها من ذراعيه إليه سريعًا لتشهق هي من المفاجأة ونظر إليها بهدوء : ضعي عينك بعيني وأخبريني أنك لم تقصيه من أجل أن تغضبيني .
رمشت بعينيها وقالت بحنق وهي تحاول أن تفلت من بين قبضتيه : اتركني .
هزها بهدوء وقال آمرًا : انظرى إلي ليلى وأخبريني لمَ قصصت شعرك .
رفعت عيناها إليه بتحدي وقالت بانفعال : نعم لأغضبك ، لأنك تغنيت بحبك له المرة الماضية لأنك أخبرتني بمذاق الشوكولا الذي تشعر به كلما رأيته ، نعم قصصته لأجل أن أغضبتك ، كما أغضبتني أنت مئات المرات أليس من حقي أن أغضبك ولو قليلاً
أليس من حقي أن أتصرف بمطلق الحرية في أي شيء يخصني ،
ألم تكتفي بما فعلته اليومين الماضيين لتحاسبني الآن على قصي لشعري ؟
لا تعلم إلي أين ذهب صوتها فهي فوجئت به يشدها إليه ليخرسها بقبلة ألجمت لسانها
حاولت الخلاص منه والابتعاد عنه إلا أنها لم تستطع فهو أطبق على شفتيها قويًا وحاصرها  بين جسده والخزانة من ورائها ضمها بيديه  إلى صدره حتى لا تستطيع الافلات منه
شعرت بخدر بسيط يسري من عمودها الفقري ليصل إلى أطرافها ، وهي تحس بقبلاته التي أصبحت عاطفية أكثر عن ذي قبل
ذابت برقة بين يديه وهي تشعر أنها تسافر معه إلى عالم اللاوعي ، عالم خيالي من صنعه هو ، عالم لا شبيه له حتى في كلماته التي كان يخطها بيديه
استيقظ عقلها فجأة وهي تتذكر ما فعله معها وكيف دافع عن الأخرى ليلة عرسها  ، لتدفعه بعيدًا عنها بقوة وهي تقول بصوت أبح : توقف.
ابتعد عنها سريعًا رغم أن دفعتها إليه لم تحركه قيد أنمله لينظر إليها من بين رموشه ويهمس بخفوت غاضب : حسنًا ليلى ، سأتوقف .

       *****
رن هاتفها بنغمته الجديدة التي قضت وقت طويل في البحث عنها بعد أن سمعتها البارحة في حفل تلك الليلى ، أطبقت فكها بقوة وهي تتذكر تلميحها المبطن البارحة وهي تخبرها أنها لن تجد أميرها الوسيم أبدًا .
لتبتسم بثقة ظللت حدقتيها وهي تنظر إلى صورته التي أضاءت شاشة هاتفها بتلك الابتسامة الغامضة المنطلقة من عمق حدقتيه وهي تحدث نفسها " فلتموتي بغيظك يا أستاذة فأنا وجدت فارسي المنتظر "
فتحت الخط وهي تهمس : مرحبًا .
تمطا بكسل وهو يبتسم بتسلية ، انقلب على جانبه الآخر وهمس : اشتقت إليك يا حوريتي .
اتسعت ابتسامتها وهي تشعر بوجنتيها اللتان احتقنتا بالخجل لتهمس وهي تبتعد وتقف بالنافذة تطلع للخارج : وأنا أيضًا
ابتسم بإغواء وهو يهمس بلغتها المقربة إلى نفسها : وأنتِ أيضًا ماذا ؟
ابتسمت بتسلية وهي تشعر بالسعادة تغمرها ، فهمست وهي تطلع للغرفة الفارغة من حولها وتتأكد من عدم وجود أحدهم  : اشتقت إليك ويلي.
سحب الهواء إلى صدره وهو يشعر بأن قلبه متخم بسعادة لم يشعر بها من قبل ، ليزفره ببطء وهو يستمع إلى انفاسها اللاهثة التي وشت له بشعورها نحوه ليهمس : أريد أن أراكِ .
عضت شفتها بغنج وقالت : وأنا أيضًا ولكني لن أستطيع .
اعتدل بفراشه جالسًا وهو يعقد حاجبيه بتساؤل منزعج : لماذا ؟!
همست سريعًا وهي تشعر بدخول أحدهم إلى أن الغرفة : لأني بالمشفى .
قفز واقفًا وهو يهتف بلهفة لم يتبين سببها : لماذا ؟ هل أنت مريضة ؟!
أتبع سريعا دون أن يعطيها فرصة للإجابة عليه : لقد تركتك البارحة وأنتِ بخير .
ضحكت بمرح وهي تشعر بفرحة عارمة تتخلل إلى اوردتها وتقول بتسلية امتزجت بمكرها الفطري : اهدئ ويلي ، لا تخف بيبي أنا بخير .
جمد وجهه وهو يشعر بتلاعب نبرتها فآثر الصمت منتظرًا لتتبع هي بهدوء : أنا برفقة منال فهي شعرت ببعض التعب البارحة ونقلت على أثره المشفى .
اتسعت ابتسامته وقال بسعادة امتزجت بسخرية تألقت بعينيه : هل رزق خالد بك بطفليه أخيرًا .
ابتسمت باتساع وقالت : لا لم يحدث بعد ولا نعلم إلى الآن هل ستخرج منال اليوم أم سيتمر حجزها هنا .
تألقت عيناه بمكر شديد أضفى الغموض على ملامحه ليهمس: حسنا سآتي إليك انتظريني .
ازدانت وجنتيها بشرارات وردية وعيناها تلمع برضى : حسنًا ويلي .
أغلقت الهاتف لتركن مقدمته على شفتيها وهي تبتسم بفرحة حقيقية امتزجت بشعورها الدافئ المتدفق نحوه ، لا تعلم سر ذلك الحبور الذي تشعر به كلما تحدثا سويا ولكن البارحة رغم ضيقها بسبب تعب منال وخاصة بعد أن رفض والدها العودة بها للاطمئنان على شقيقتها إلا أن كل ما اعتمل بصدرها ذهب أدراج الرياح عندما هاتفها ليلاً لدرجة أنها نست أن تخبره عن نفس الأمر الذي أثار حنقها قبل اتصاله مباشرة !!
بل انغمست في حديثها العفوي معه وهي تشعر بسعادته التي انتقلت إليها بسلاسة شديدة لتستوطن روحها ، إلى ما يقارب الفجر فهي لم تنهي حديثها معه إلا عندما ابصرت اشعة الشمس المشرقة تغزو سماء كونها .
احتقنت أذنيها بقوة وهي تتذكر همسه الدافئ المطعم بغزله الجريء بها وهو يتحدث عن شعور السعادة الجارف الذي تغلغل بداخل خلاياه وهو يقبلها وكأنه لم يقبل إحداهن من قبل
تنفست بقوة وهي تغمض عينيها وصوته يتجسد بأذنيها وكانه حقيقي عندما اخبرها وصوته يداعبه النعاس فاصبح أكثر غموضًا بنبرته الأجشة ممزوجة بإغواء لم يتعمده  " فاطمتي .. حوريتي .. أتمنى أن أشعر بقربك دائمًا من حولي "
تنهدت بقوة وهي تضم الهاتف إلى صدرها لتنتفض بقوة على خالد الذي هتف بسخط لم يتحكم به : فاطمة .
التفت إليه وهي تنظر له بعدم فهم وقالت بصوت خافت لم تستطع في إخراجه عاديًا : ماذا حدث ؟!
أطبق فكيه بقوة وقال ببرود جاهد لترسيخه على ملامحه : ماذا تفعلين ؟!
تحركت بتوتر وهي تشعر بالخجل يخيم عليها ، فهزت اكتافها بلا مبالاة وقالت : لا شيء كنت أتحدث بالهاتف .
نظر لها من بين رموشه وقال بغضب قصده : مع الباشمهندس .
هزت رأسها بالإيجاب وقالت وهي تبتسم بوله رغمًا عنها : نعم .
اتسعت عيناه بقلق فعلي وهو ينظر لملامح وجهها التي اختلفت جذريًا وعيناها اللتان تألقتا بشعور يعلمه هو جيدًا ، هتف عقله بسخط " يا اللهي أنها مغرمة بذلك ال .."
زم شفتيه بقوة وهو يشعر بالخوف عليها يتمكن منه فهمس بغضب بارد : وهل من اللائق أن تتهامسي مع الباشمهندس بتلك الطريقة ؟
رمشت بعينها ونظرت إليه بعدم فهم وقالت : لم أفعل شيئًا غير لائقًا .
تنفس بقوة ليتحرك باتجاهها ويقول بمهادنة : اسمعي فاطمة ، أنتِ بالطبع تعلمين غلاتك عندي .
ابتسمت بمرح لتتأبط ساعده بعفوية وتقول : طبعًا خالد ، أنتِ شقيقي الأكبر .
ابتسم بحب اخوي لمع بزرقتيه ليضمها من كتفيها إلى صدره فتبتسم بتوتر وهي تعاود وضع الجلوس بعيدا عنه قليلاً ، نظر لها بصدمة لم يحاول اخفائها فهمست وهي تخفض نظرها بعيدًا عنه : المعذرة ولكن ..
أطبق فكيه بقوة وهو يشيح برأسه مبتعدًا عنها ويقول : بالطبع أنها تعليمات الباشمهندس .
شعرت بضيقة الذي حاول اخفاؤه لتقول بمرح حاولت اضفائه على التوتر الذي تسببت بوجوده بينهما : لا خلود ولكن زوجتك تغار وأنا خائفة أن تأتي الآن فتجدني بالقرب منك فتقلتني وهي مرتاحة الضمير .
ابتسم بسخرية أضفت اللون الأسود على مقلتيه وهو ينظر إليها بعتب فأتبعت بوضوح : حسنًا ، أنه من اجله بالفعل ، أنه يغار .
رفع حاجبيه بدهشة وهو ينظر إلى وجهها الذي تورد عندما أتت بسيرة وائل ، فأردفت وعيناها تغيم بعاطفتها المنجرفة نحو الاخر : ليس منك ولكنه متملك بطبيعته الشرقية التي لا أفهمها حقا ولكن ..
صمتت قليلاً وهي تتبع بنبرة هائمة ظهرت بوضوح في صوتها الأبح : لا أريد اغضابه ولكن ذلك لا يمنع أن مكانتك لدي لم ولن تتغير خالد .
ابتسم بتعجب ليقول : وأنتِ ستظلين شقيقتي فاطمة مهما حاول وائل أن يبعدك عني .
هزت رأسها  بانزعاج وقالت : لا أنه لا يريد ابعادي عنك خالد ولكنه .
نظر لها مليا ليقول بهدوء : ماذا ؟
ابتسم بسخرية وقال : هل أخبرك بأنه يحبك ؟!
شحب وجهها تدريجيًا وهي تنظر إليه بعدم فهم ليتبع خالد بصوت أقوى : هل أخبرك ابن سيادة الوزير بحبه لك ، وهيامه بك .
ابتسم باستهزاء تجلى في نبرته وهو يردف : هل أخبرك بأنه لا يستطيع الابتعاد عنك وكل ما يريده هو ارضائك وتلبيه رغباتك .
شعرت بالحنق وهي ترى الاستهزاء يلمع بمقلتيه فقالت : ماذا تقصد خالد ؟
زفر قويا ليقول بهدوء : اسمعي فاطمة إن وائل لديه سمعته التي تعلمينها أنتِ جيدًا وكل ما أريد اخبارك به أن لا تبالغي في ردة فعلك اتجاهه ، لا تنجرفي بمشاعرك معه ، وعقد الزواج الذي بينكما لا يجعل منك زوجته بالفعل .
عقد حاجبيها وهي تنظر اليه باستنكار وتهتف بنزق : كيف لا يجعلني زوجته ؟!
مط شفتيه باستياء ونظر إليها بنظرة خاصة وقال : أنتِ تفهمين ما أرمي إليه فاطمة .
احتقن وجهها قويًا فابتع بابتسامة ساخرة : جود جيرل ، الآن نحن نستطيع التفاهم حول ما يحدث بينكما .
نهضت واقفة بضيق ظهر بحركة جسدها الغاضبة وقالت وهي تشيح بيديها في عصبية  وتعطيه ظهرها : لا يحدث شيء بيننا .
شعر بالحنق منها فقل بلهجة : وما حدث بينكما البارحة ؟!
امتقع وجهها قويًا لترتجف داخليًا بقوة وهي تتساءل من أين علم بما حدث بينها وبين وائل ، ضيقت عيناها بنظرة غاضبة وذاك الخاطر الذي ضرب عقلها بأن خالد يراقبها لتلتفت إليه وهي تنظر إليه بغضب شديد ليتبع هو بسخط : لم يرق لي طريقتكما في الرقص سويًا .
ظهر التبعثر على وجهها جيدًا وهمست بتساؤل متردد : الرقص ؟!
أومأ برأسه إيجابًا وقال : نعم الرقص ، كيف ترقصين معه بتلك الطريقة فاطمة ؟
جاهدت بقوة حتى لا تلمع الابتسامة على شفتيها وهي تشعر بنغمات الأغنية تنساب إلى أذنيها مرة أخرى وتتذكر رقصها معه ، كيف شعرت بالأغنية تتخلل بأوردتها وهي تصفه هو دونًا عن الآخرين
انت بجد تجنن انت هواك محصلش
وانا وياك بطمن ليه وازاي معرفش
وياك حاسه اني ممكن انسى الدنيا وكل الناس
لا دانا شايفه اني لاقيه نفسي بسلملك وخلاص
وقلبي وخدني احبك وقلبي مبيهزرش

لفها إليه بطريقة حرفية وكأنه اعتاد الرقص من الصغر لتعود إليه وتتمسك بكتفيه قويًا وهي تنساب بتمايل ممزوج بدلالها وهي تدور بين ذراعيه بأريحية وكأنها خلقت لترقص معه فقط !!
انتبهت من ذكراه القريبة على صوت خالد الذي قال بسخط : فاطمة أنا أتحدث معك .
هزت رأسها وكأنها تنفض وجوده من داخل طيات عقلها لتهمس بصوت خرج سعيدًا رغمًا عنها : المعذرة انشغلت .
تنفست بقوة وقالت : اسمع خالد ، أنا لم أفعل شيئًا خاطئًا لقد رقصت برفقة زوجي ولم يكن بطريقة غير لائقة كما شعرت أنت وإلا لكان وبخني سيادة السفير .
هزت كتفيها ببرود وهي تتبع : كل ما حدث إننا انغمسنا بالأغنية سويًا فشعرت أنت بوجود شيئًا خاطئًا ، أنا اؤكد لك أن لا أساس لوجوده ,
تنفست بقوة وهي تقول : لا تخف خالد فسيادة السفير أخبرني جيدًا أن الأمور هنا مختلفة وانني لست بزوجته
ابتسمت بفخر جعله ينظر إليها بدهشة وهي تتبع : ووائل أيضًا أكد على ذلك وأخبرني أنه لن يتعدى حدوده معي مهما حدث .
أشارت برأسها له وهي تحاول طمأنته ولكنها زادت قلقه دون أن تقصد وهي تقول : فلا تخف أنه ليس كما تفكر به
تنهدت بقوة : فوائل تطارده الاشاعات التي التصقت به رغمًا عنه ولكنه مختلف كثيرًا عما تظن !!
ارتد برأسه إلى الوراء وهو ينظر إليها بتفحص حتى يستطيع التوصل إلى مكمن تغيرها ، وهو يتساءل داخليًا " أتلك فاطمة التي كبرت أمامه ورعاها لأعوام كثيرة وحرص على تلقينها كل ما يجعلها قادرة على ان  تكون مستقله بشخصيتها وحياتها ، ألتلك الدرجة لا ترى ذاك الاخر "
زفر بقوة وهو يطبق فكيه بقوة ويفكر " أنها مغرمة خالد ، فلا تلومها "
انتبه من أفكاره على صوت هاتفها الذي صدح بنغمة جديدة لم يسمعها من قبل ليدوي صوت أنثوي قوي
حبك غير فيا واتعودت عليه
يعني سنيني الجايه هعيشها لمين غير ليه
وياك حاسه اني ممكن انسى الدنيا وكل الناس
لا دانا شايفه اني لاقيه نفسي بسلملك وخلاص
وقلبي وخدني احبك وقلبي مبيهزرش

أغمض عينيه وهو يشعر بالغضب يحرق خلاياه وخاصة عندما اتسعت ابتسامتها الملهوفة وهي تنظر لهاتفها بهيام تدفق من عينيها وتهمس بحب : أنه وائل ، من المؤكد أنه وصل هنا .
أتبعت وهي تنظر إليه برجاء : أرجوك خالد توقف عن معاملته سيئًا .
أطبق فكيه بقوة وهو يتمتم بخفوت حانق : ارحمني يا رب العالمين .
     
        *****

سألت وهي تنظر إليها بحذر : ما بك هنادي ؟
كتمت الأخرى شعور الغثيان المفاجئ الذي داهمها لتهمس بصوت مرتجف : لا شيء أنا فقط أشعر ببعض التعب .
نظرت لها بوهن : لا تقلقي .
تحركت إلى خارج المطبخ متجهة الى غرفة نومها لتتبعها الأخرى على الفور وهي تشعر بالقلق سألت سريعًا عندما أبصرت هنادي تبتلع حبتي من دواء لم تتعرف عليه هي : ماذا تفعلين ؟!
تنفست هنادي بعمق وقالت وهي تضغط برفق على معدتها : أنه مسكن فمعدتي من الصباح تؤلمني .
بللت مديحة شفتيها وقالت وهي تجلس بجانب هنادي على الفراش : ألا يستحسن ان تستشيري طبيب من أجل أن تصبحي أكثر اطمئنانًا .
هدأت هنادي قليلاً لتهمس : لا داعي للطبيب ، أعتقد أني أصبت بنزلة برد سرعان ما ستنتهي .
نظرت لها مديحة بتشكك وقالت : هنادي ،
نظرت لها هنادي باستفهام فهمست الأخرى متبعة : لا أعتقد انها نزلة برد .
عقدت هنادي حاجبيها والتفكير يرتسم بملامحها فأكملت مديحة : من الأجدر أن تستشيري الطبيب .
ابتسمت هنادي باتساع وقالت وهي ترقص حاجبيها بشقاوة : أرى أنك اصبحت تؤمنين بالأطباء كثيرًا ديدي .
عبست مديحة بطريقة طفولية وقالت وهي تفك حجابها وتحرر خصلات شعرها شديدة السواد : أنا أثق بالأطباء جميعهم ما عدا اطباء العيون ، أنهم دون فائدة حقيقية .
مطت شفتيها باستياء واتبعت وهي تحتفظ بحجابها الشيفوني حول عنقها : لا يجدر أن نطلق عليهم اطباء من الأساس .
ضجت هنادي بالضحك وهي ترى الضيق يرتسم على وجهها وقالت قاصدة اغاظتها : لا أوافقك الرأي ديدي بل انا أعتقد انهم من أرقى الاطباء وأفخمهم .
أتبعت وهي تنظر لها بشقاوة : وخاصة جراحي العيون منهم .
مطت مديحة شفتيها بغضب بالغ وقالت : توقفِ عن اغاظتي نودا ، فكفاني أني أتيت الطريق من المنصورة لهنا برفقته وسأعود معه أيضًا .
أتبعت بغيظ فعلي : لا أعلم من أين ظهر هذا الصباح لأفاجئ بمرافقته لنا أيضًا .
ضحكت هنادي بقوة لتصمت وهي تنظر إليها مؤنبة : لا أرى سببًا فعليًا لضيقك ديدي
اتبعت بهدوء : بل من المفترض أن تكوني سعيدة فهو عاد من الخارج خصيصا كي يراك ويعيد عليك .
عقدت ديدي حاجبيها بضيق وقالت : لم أطلب منه ذلك بل كنت أكثر ارتياحًا وهو في الخارج يحضر ذاك المؤتمر الذي أخبرني به .
نظرت لها هنادي بلوم واضح وقالت : مديحة ألا زلت على تفكيرك القديم .
امتقع وجه مديحة على الفور وقالت سريعًا : لا هنادي ، أبدًا لقد نسيت ذلك الأمر تمامًا ، انتزعته من تفكيري ولقد أخبرتك بذاك من قبل
تنهدت بقوة وهي تتبع : ولكني لا أستطيع تقبل ذلك المحمود إطلاقًا بل أشعر بالضيق كلما تذكرته .
أطبقت فكيها بقوة وأكملت : أنتِ لا تعرفين كمية معاناتي منه في الصغر لقد كان دائمًا يشاكسني ويضايقني ولا يتركني إلا وأنا أبكي بنحيب حاد وأغادر مسرعة الخطوات لأشتكي لجدي منه .
ابتسمت هنادي بحنان والأخرى تقول بانتصار لمع بصفاء حدقتيها الزرقاوتين : ورغم أن جدي كان يعاقبه بقوة من أجلي .
أتبعت بتذمر اعلنته حدقتيها اللتان اشتعلتا بثورة : إلا أنه لم يكف إطلاقًا عن مضايقتي .
ضحكت هنادي بخفة وقالت : أنه يحبك منذ الصغر إذًا ؟!
رمشت مديحة بعينيها وهي تشعر بعدم الفهم يخيم على رأسها لتتبع هنادي بهدوء : كل ما كان يفعله ديدي كان لأجل أن يلفت نظرك إليه ، كان يستجدي انتباهك في حين أنك كنت متعلقة بشيء يعلم هو جيدًا أنكِ لن تفوزي به وإلا لما تعلق بك إلى الآن .
شحب وجه مديحة بقوة وهي ترمش بعينيها غير مستوعبة لما تفوهت به هنادي للتو لتهمس بعد قليل : أنتِ ترمين أنه كان يعلم بتعلقي ب ..
صمتت ووجها يمتقع بقوة لتزفر هنادي بهدوء وتقول : لا بالطبع يا حمقاء ، لا أعتقد بالطبع أنه كان يعلم تعلقك بهشام ولكنه كان يشعر بطريقة ما أنكِ لست منتبهه إليه .
زفرت مديحة هواء صدرها بأكمله براحة وقالت بنبرة صادقة : لا أتمنى أبدًا أن يعلم بذاك الأمر .
ابتسمت هنادي باتساع وقالت : لا أعتقد أنه على دراية به ولكن ذلك لا يمنع أنه متيم بك يا هانم .
لوت مديحة شفتيها وقالت : نعم أعلم .
أتبعت بتذمر : فهو لا ينفك أن يخبرني بذلك الأمر
تنهدت بقوة وقالت : ولكني لا أستطيع تقبله هنادي ، لا أستطيع .
رتبت هنادي على ركبتها وقالت : حاولي فلا ضير من المحاولة ، امحي الماضي من بينكما وفكري في الغد
مطت مديحة شفتيها بعدم اقتناع بدا على وجهها لتهز هنادي رأسها بقلة حيلة انتبها الاثنتين على صوت طرقات هادئة على الباب المفتوح ليطل هشام برأسه وهو مغمض العينين ويقول بمرح : هل أستطيع الدخول ؟
عدلت مديحة من وضع حجابها بطريقة عشوائية حول رأسها فلم يحتوي خصلات شعرها كلها لتبتسم هنادي بهدوء وتقول : تعال حبيبي ، أتريد شيئًا ؟!
ابتسم باتساع وهو يخطو بداخل الغرفة ولا ينظر إليهما بطريقة فعليه ويقول : لا ولكن جدي يسأل عنكما .
ابتسم بسخرية لاحت بعينيه وهو ينظر إلى جسد ابنة خاله الذي توتر رغم سيطرتها على أعصابها وزوجته التي تبتسم له بهدوء كعادتها وأتبع : فلم أشأ أن أبلغه أن اختفائكما سويًا يعني كارثة موجهه لنا .
شحب وجه مديحة بقوة وهي تخفض رأسها في حين ابتسمت هنادي باتساع والسخرية تتألق برماديتيها : من أنتم ؟!
ابتسم بمرح وقال : أعتقد أن اتفاقكما اليوم موجه نحو حكيم العيون فأنا حبيبتي وزوجتي راضية عني تمام الرضا .
ضحكت هنادي برقة ونهضت واقفة مقتربة منه وهي تقول بشقاوة: لا تراهن على ذلك يا سيادة المستشار .
دفعته بلطف إلى خارج الغرفة وهي تتبع بمرح : هيا اذهب من هنا ونحن سنتبعك .
اتسعت ابتسامته وهو يسحبها من كفيها إليه ويقول بمرح : أجرؤت على طردي من غرفتي ؟!
نهضت الأخرى سريعًا وهي تخفض بصرها عنهما وتتحرك إلى الخارج في خطوات سريعة : سأذهب أنا إلى جدي .
صاحت هنادي وهي تتحرك لتتبعها : انتظري ديدي .
تمسك بساعدها قبل أن تبتعد عنه وقال وهو يسحبها إليه مر أخرى : انتظري أنتِ
ابتسمت بخفة وهي تنظر إليه باستفهام فأتبع وهو يحاوطها بذراعيه اللذان التفتا حولها باهتمام حاني ، همس وهو ينظر إلى عمق عينيها: أخبريني عنك كيف حالك الآن؟
اتسعت ابتسامتها وهي تشعر به يقربها أكثر منه ففردت كفيها على صدره بحب سطع بحركة جسدها السعيد بقربه منه : أنا بخير ، لا تقلق أنت ،
تنفست بعمق وقالت : أعتقد أني مصابة بنزلة برد قوية ،وأنت معتاد على ذلك
أتبعت وهي تنظر إليه بعشق تفجر من حدقتيها اللتان لمعتا بشعورها نحوه : فأنا أصاب بها عند تغيير الفصول .
تنفس بقوة وقال : نعم أنا أعلم ولكن هذا لا يعني أننا في حاجة لاستشارة طبيب يطمئنا عليك .
لوت رقبتها وهي تنظر له بإغواء : هشام أنت تعلم أني أكره المرض والأطباء ، فأرجوك توقف عن سحبي إليهم كلما أتتني نزلة برد أنا أعلم علاجها جيدًا .
رفع حاجبه إليها بنظرة تعلم معناها جيدًا فزفرت قويًا وقالت : حسنًا إذا شعرت بالتعب مرة أخرى سأبلغك ونذهب إلى الطبيب سويًا .
ابتسمت بحب وقالت وهي تهمس أمام عينيه : هل أنت راضٍ الآن ؟
هز رأسه نافية والمكر يلتمع بعسل حدقتيه ويهمس : لا طبعًا
عقدت حاجبيها باستفهام ليقول بصوت أجش خافت وهو ينظر إلى شفتيها بشوق التمع بابتسامة الماكرة : فزوجتي لم تمنحني تحية الصباح إلى الآن !!
ضحكت هنادي بخفة وهي تقترب منه أكثر وتقول : يا لي من زوجة حمقاء .
...
تحركت بخطوات متعثرة الى حد ما لتجد نفسها بجوار غرفة كريم فاتجهت للداخل وهي تبتسم باتساع للطفل النائم بفراشه ، ملامحه الوديعة وبراءة تقاسيمه تشابه لديها تقاسيم الآخر ،
تنفست بقوة وعيناها تفيض برقة وهي تنظر إلى أنف الطفل التي أتت نسخة مصغرة من أنف هنادي وكأنها علامة دامغة تذكرها بأنه نتاج الاثنين معًا فهو طفلهما سويًا ولا مكان لها هي بينهما !!
ابتسمت بألم شعرت به ينغز قلبها قويًا وهي تلامس خصلات الطفل الشقراء والتي تشابه خصلات شعر والدته في نعومتها ولونها
لتتسع ابتسامتها عندما فتح كريم عينيه ينظر إليها بتعجب بريء لتضحك هي ضحكة حزينة شقت حلقها وهي تنظر للون حدقتيه والمزيج من العسل مختلطًا بشرارات رمادية تؤكد انتسابه إليهما سويا ويذكرها بأنها دخيلة على تلك الاسرة المكتملة بدونها .
همست وهي تربت على رأسه مرة أخرى عندما داعب النعاس جفنيه : عد إلى النوم يا صغيري .
انتفضت بقوة على صوته الهادئ الذي حاوطها وهو يهمس لها : أتحبين الأطفال إلى ذلك الحد ؟!
التفتت إليه بصدمة وهي تنظر إلى الغرفة الفارغة إلا من وجودهما وهمست بصوت خافت وهي تنظر إلى كريم الذي عاود النوم مرة أخرى : ما الذي أتى بك إلى هنا ؟
ابتسم بخفة وهو يضع كفيه بجيبي بنطلونه وهمس هو الآخر : شعرت بأن جدي يحتاج إلى الحديث مع عمتي بمفردهما فاعتذرت لهما متخذًا الذهاب إلى دورة المياه كحجة قوية ولكن قدمي آتا بي إلى هنا
أتبع بهمس أجش فاض من بنيتيه : وكأن قلبي يشعر بمكان تواجدك .
توترت وقفتها وهي تشعر باقترابه فحركت رأسها ملتفته من حولها ليسقط حجابها الشيفوني من حول رأسها كاشفا عن خصلاتها شديدة السواد لتلمع عينيه بشرارات بندقية زينت حدقتيه بمزيج دافئ خطف أنفاسها
كتم تنفسه بقوة وهو ينظر إليها بعشق ضخه قلبه قويًا فسرى بدمائه متدفقا يبعث الحياة لكامل جسده ، تأمل خصلات شعرها بلونه الغني كليل معتم ولكنه مضيء بهالة تلفها منذ أن كانت صغيرة
اقترب دون وعي منه وهو يرفع كفه اليسرى ويلامس خصلاتها التي تبعثرت حول وجهها وكأنها تدعوه لملامستها ،ليهمس : لا زال على لونه الآسر .
ابتعدت خطوتين للوراء لترتطم بفراش كريم من خلفها فتهمس بصوت أبح ضاعت نغماته أمام ذاك الهجوم الكاسح من نظراته وهي لا تفهم ذاك الاجتياح الذي تشعر به : لا تقترب مني .
رقت ملامحه بحنو وهو يكتنف كتفيها بكفيه ويهمس بصوته الشجي :ليتني أستطيع يا ابنة العم .
لم تستوعب في أول الأمر ما الذي يفعله إلا عندما دوت صوت دقات قلبه القوية بأذنيها فسيطرت على دقات قلبها أيضًا ليعزفا سويًا نغمة لم تستمع إليها من قبل ، ضمها برقة وكأنه يخشى عليها من الكسر ، فأشعرها أنها هشة ..ضعيفة .. تحتاج إليه حتى تستعيد قوتها الكاملة من ذاك الحضن الدافئ وهي بعيدة عنه !!
استفزها ذلك الشعور فدفعته عنها بقوة ولكنه لم يتزحزح من موضعه فابتسم وهو يبعدها عن صدره بلطف نظر إلى عينيها وهمس : اشتقت إليك يا امنيتي .
عقدت حاجبيها وهي تنظر إليه باستنكار : اسمي مديحة يا دكتور.
دفعته بقوة في كتفيه قاصدة إيلامه وهي تهمس بغضب فعلي من بين أسنانها : فلتذهب لتلك الأمنية وتبتعد عني .
سيطر على ضحكته حتى لا تنطلق  مجلجلة ولكنها التمعت بعينيه قوية .. رائقة ..سعيدة وهو يقول : حبيبتي تغار ، اليوم يوم سعدك يا محمود .
لكمته بحدة في كتفه ليكتم تأوه بداخله وهو يضغط على أسنانه قويًا لتقول بحنق لمع بعينيها : لست أغار عليك يا محمود بك فأنت لا تعني لي شيئًا .
قبض بكفه على قبضة يدها التي لكزته بها منذ قليل ليضغط عليها بطريقة قصد إيلامها بها وهو يقول : أنا زوجك يا ابنة عمي فحذار أن تفعليها مرة أخرى
أنّت بضعف وهي تحاول أن تملص كفها من يده ليضغط عليها مرة أخرى ويقول بتحذير لمع بعينيه : نعم أنا متيم بك ، أعشقك وأجاهر بذلك فلا يهمني شيء فالحب ليس عيبًا ولكني لن أسمح لك أبدًا بالتطاول علي مهما حدث .
تجمعت الدموع بعينيها وهي تنظر إليه بتحدي ممزوج بنقمتها عليه فهمست بغل : اتركني وإلا شكيتك لجدي .
ابتسم بسخرية تجسدت بملامحه وقال : أخبريه يا زوجتي المصون ولا تنسي أن تقولي له أني لكزت زوجي بكتفه مرتين وأنا قاصدة ومتعمدة ذلك حتى تري الوجه الآخر لجدي .
نفض يدها بقوة وهو ينظر إليها بعتب خاص ازدردت لعابها على أثرة بقوة وهمست : ماذا تريدني أن أفعل وأنت تدعوني باسم إمرأة أخرى غيري.
تنفس بعمق مسيطرًا على ضيقه منها ليقول بخفوت : أيتها الحمقاء أنا أدعوك أنتِ .
مط شفتيه باستياء وقال : لا أفهم حقًا لمتى ستغفلين عما أخبرك به في كل لحظة مديحة ؟
ابتسم برقة زينت ملامحه وهو يدير عينيه عليها بعشق لم يحاول أن يتحكم به وهمس : فأنت حبيبتي .. حلمي وأمنيتي التي لطالما حلمت بتحقيقها فعندما أهمس لك بها فأنا أعنيها حقًا ديدي .
خفضت بصرها عنه بخجل وقالت : لم أفهمك .
لامس وجنتها برقة أصابت جسدها بقشعريرة تحكمت بقلبها وهو يتبع بصوته الشجي : لا عليك حبيبتي .
ابتسمت ابتسامة لم تخرج من قلبها لتتسع ابتسامته هو وهو ينظر إليها بعشقه الجارف لينتبها الاثنين على هشام الذي تنحنح بخفة وهو يقول بصوت خافت : اوه لم أكن أعلم أنك شقي لتلك الدرجة يا دكتور .
امتقع وجه مديح ونظراتها تزيغ ليبتسم محمود وهو يقف أمامها مباشرة ويقول : بل أنا شقي أكثر مما تتوقع يا سيادة المستشار .
اتسعت ابتسامة هشام ليقول بجدية التقطها الآخر جيدًا : حسنا كن شقيًا كما تريد ولكن ليس ببيتي من فضلك فأنا لدي طفل صغير لا أريده أن يلتقط شقاوتك .
ضحك محمود بمرح وقال : حسنا لك ذلك .
تحركت من خلفه لتغادر الغرفة بعد أن شعرت بوجهها سيحترق من الخجل عندما استمعت إليه يتفاخر بشقاوته أمام هشام ليقبض على ساعدها ويسحبها خلفه مرة أخرى وهو يقول لهشام بهدوء : من فضلك هشام غادر الغرفة فمديحة لا ترتدي حجابها .
رفع هشام حاجبيه بإعجاب وقال : اوه المعذرة لم ألاحظ ذلك ،
تحرك بالفعل مغادرًا الغرفة ليقف على عتبها ويقول : ولكن بعد إذن سيادتك فلتتبعني على الفور .
ابتسم محمود بهدوء وقال وهو يهز رأسه بالإيجاب : بالطبع ستجدني في أعقابك حالاً.
غادر هشام لتزفر هي بضيق وتقول : لماذا فعلت ذلك ؟لقد أحرجتني .
قال ببرود وهو يضع كفيه بجيبي بنطلونه : لم أفعل شيئًا مديحة فهشام يعلم جيدًا أني أمزح ليس أكثر
أتبع بلامبالاة وقال : وحتى إن لم يتفهم مزاحي فلا يهمني ما سيفهمه فأنت زوجتي .
قالت بحنق وهي تشعر بالدموع تتجمع بمقلتيها : لم يرق لي ذاك المزاح السخيف ، لقد أحرجتني للغاية .
أتبعت بعنف تجسد في حركة جسدها الغاضبة وهي تتجه للمرآة الطويلة بغرفة الطفل وتقوم بتعديل حجابها : ثم ما كان هناك داعي لتحرج هشام أيضًا بتلك الطريقة فهي ليست المرة الأولى التي يراني بها دون حجاب .
اتسعت عيناه بغضب لاح في عمقها وقال : ليست المرة الأولى .
رمشت بعينيها وهي تشعر بالخوف يتسرب لأوردتها وقالت : اه نعم إنه بمثابة ممدوح فلم أكن أهتم بوضع حجابي أمامه .
نظر لها مليًا ليبتسم بألم استشعرته أم هيأ إليها لم تتوصل للإجابة ولكنها صفعت بإجابته الباردة وهو يقول بصوت خشن : نعم أعلم أن فارق السن بينكما كبيرًا ولكني لا أحبذ أن يرى أيًا كان ما يخصني ديدي فأرجوك توقفي عما كنت تفعلينه قبل أن تصبحي زوجتي .
ارتجف جسدها رغمًا عنه وهي تشعر بأنه على دراية بكل شيء لتنفض رأسها من ذاك الهاجس الذي لاح بخاطرها وهي تهز رساها بالإيجاب سريعًا و تمتم وهي تغادر الغرفة سريعًا : إن شاء الله .
نظر في أثرها وهو يقبض كفيه بقوة ليهمس بخفوت :كفاكِ عذاب يا أمنيتي.
      
        *****



قبلت شقيقتها بحنو وهي تهمس لها : أتريدين شيئا حبيبتي ؟
ابتسمت منال وهي تجلس باعتدال في فراشها وهمست بصوت يكاد أن يكون أقرب للهمس : ألن ترافقينا ؟
هزت فاطمة رأسها نافية والشقاوة تلمع بعينيها لتقول بهمس خافت : لا سأذهب برفقة ويلي للعشاء وسآتي إليكِ بعدها لأقضي الليلة مع الطفلين لقد اشتقت إليهما كثيرًا .
اتسعت ابتسامة منال وظهرت سعادتها بحدقتيها وهي تومأ براسها موافقة وهمست بدورها : أسعد الله أوقاتك دائمًا حبيبتي .
ابتسمت فاطمة وهي تشعر بالخجل يغزو وجنتيها فهمست بخفوت شديد وهي تشعر بالسعادة تعزف لحنا خاصا بدقات قلبها المتراقص "آمين"
نفضت رأسها سريعًا عندما شعرت بابتسامته الماكرة تقتنص تلك السعادة من على شفتيها فتخلصت من خجلها وهي ترفع حاجبها له بتحدي وتعتدل واقفة وتقول بصوت طبيعي وهي تشيح ببصرها عنه عندما اتسعت ابتسامته الواثقة التي زينت عينيه قبل أن تتجسد على ملامحه كلها : حسنًا اركما ليلاً .
عقد خالد حاجبيه ونظر لها بتساؤل وهو يحاول أن يمحي انزعاجه من ابتسامة وائل التي ازدادت اتساعًا ، جز على أسنانه بقوة وهو يلف برأسه لها ويقول : إلى أين ؟ ألن ترافقينا إلى البيت ؟!
توترت وقفتها وهي تلتقط الحنق الذي اكتنف حدقتي وائل فأصبحتا بلون أسود غائم بشرارات دخانية غاضبة ، قالت سريعًا : سأوفيكما ليلاً ، فأنا سأذهب برفقة وائل
ابتسمت رغمًا عنها وقالت وهي تعض شفتها بسعادة طفولية : لقد دعاني للعشاء .
أطبق خالد فكيه بقوة وهو ينظر إليها بضيق وتحذير واضح لاح ببؤبؤ عينيه الأسود الذي اتسع ليلتهم صفاء زرقاوتيه بنهم ، فقال من بين أسنانه بخفوت ساخر عندما تعمدت تجاهل معنى نظراته : هل سيادة السفير على علم بذاك الأمر أم سموك قررت من نفسك الخروج برفقة الباشمهندس ؟!
زمت شفتيها بضيق وقالت بهمس حتى لا يلتقط وائل فحوى حديثهما : سأتصل به وأخبره خالد لا تقلق .
التمع الغضب بسواد عينيه فأشاحت بوجهها بعيدًا عنه وهي تحاول الابتسام حتى لا يستشف وائل ضيقها الذي ألم بها ، لتبتسم فجأة وهي تنظر للباب الذي فتح وتقول بمرح : بابا .
التفت خالد إلى حماه الذي دلف للتو هو وزوجته مبتسما برزانه كعادته لتتسع ابتسامته بحنو أبوي وهو يلتقط تلك التي تعلقت برقبته محتضنه إياه وكأنها عثرت على كنزها الثمين ، ضمها سيادة السفير من خصرها إلى صدره ليصافح وائل بحفاوة ويتبادل معه بعض الحديث الروتيني عند اللقاء ويشكره لمبادرته الطيبة في زيارة ابنته الكبرى ، إجابه وائل بلباقة كعادته ابتسم باتساع وهو يصافح السيدة هناء ليتابع حديثه مع سيادة السفير وهو يبتسم بهدوء زين وجهه ، ولكنها هي الوحيدة التي التقطت حديث عيناه وهو يشير إليها بأن تبتعد عن والدها لتبتسم باتساع وترقص له حاجبيها بشقاوة وهي تتعمد أغاظته .
قاطعت  حديثهما بشكل لافت وهي تتمسك بساعد والدها الذي التفت إليها وهو يبتسم بحنو فهمست : بابا ، هلا أذنت لي في الخروج مع الباشمهندس.
عقد وائل حاجبيه بتعجب لينظر إليها مستفهما فأشارت له بعينيها أن ينتظر ليلتقط إشارتها بهزة بسيطة من رأسه أظهرت مدى تفاهمها سويًا وانسجامهما الذي صعق خالد المراقب للموقف بعينين صقريتين ،ابتسم سيادة السفير وقال بهدوء : بالطبع حبيبتي ولكن لا تتأخرا .
ابتسمت بانتصار زين ثغرها وهي تلتفت إلى خالد وترفع حاجبها بثقة أضفت جمالا خاصًا على ملامحها جعل الآخر يشعر بتغيير انتظام دقات قلبه الخافق بقوة ، رمش بعينيه وهو يحاول أن يتخلص من تأثيرها القوي عليه ليبتسم باتساع وهو يسمع خالد الذي قال من بين اسنانه : وقت سعيد لكما
أتبع وهو يتحرك ليقف بجانبه : لا تنس أن تأتي بها إلى بيتي ، فهي وعدت الطفلين أن تقضي الليلة معهما .
ابتسم وائل بثقة وقال بنبرته الغامضة : لا تقلق ، بالتأكيد سأفعل فانا لا يرضيني أن أخلف وعدًا قطعته فاطمتي بنفسها.
ابرقت حدقتي خالد بتحذير صارم جعل وائل يطبق فكيه بضيق واضح وهو ينظر إليه بتحدي سرى بينهما قويًا ليهمس خالد بنبرته الجليدية التي تثير الفوضى لدى الاخرون : أعمل على حمايتها .
التمع الغضب بحدقتي وائل ولكنه شد جسده باعتزاز فطر عليه ليبتسم بغموض ويهمس : لا تخف يا بك سأفديها بحياتي إذا تطلب الأمر فهي زوجتي ونحن المصريون متملكون بطبيعتنا الشرقية المتزمتة .
ابتسم خالد بسخرية وهو ينظر إليه بخبث أسرى القلق في أوردة وائل رغمًا عنه  وهو يهمس : لا تنس أنك افتدتها بحياتك يا باشمهندس فأنا سألزمك بذاك الوعد الذي قطعته فيما بعد .
زم وائل شفتيه ببرود ليبتسم بضيق وهو يلتفت إلى فاطمة ويقول : ألن نغادر تامي ؟!
نظرت له بتساؤل ليهز رأسه بلا مبالاة فقالت سريعًا : بالطبع هيا بنا .
ابتسم بهدوء وهو يحاول أن يسيطر على الغضب الذي حرق خلاياه بسبب ذلك الانجليزي البغيض ويقول بلباقته المعهودة : بعد اذنك عمي .
هز سيادة السفير رأسه بالإيجاب وهو يقول : تفضل بني .
هز رأسه بالتحية للسيدتين ليخطو بخطوات سريعة مغادرًا الغرفة لتقف فاطمة وتنظر بعتب لخالد الذي نظر لها بصرامة ارتسمت على ملامحه فهزت رأسها بضيق وهي تتمتم بالتحية وتلحق وائل سريعًا .

          *****


تزرع الغرفة يمينًا ويسارًا وهي تشعر بالذنب يعتصر جوانب قلبها فهو يعتزلها منذ الصباح .. منذ أن غادرها إلى غرفة مكتبه ولم يفكر حتى في تناول الطعام الذي أعده هو بنفسه لتشعر بالغضب من نفسها وتمتلكها الخنقة فتقرر هي الأخرى عدم تناول الطعام واللجوء إلى غرفة النوم والمكوث بها ،
ولكنها بعد بضعة ساعات تحركت للخارج وهي تستمع إلى جرس الباب الذي دوى كاسرًا للصمت الذي يخيم على عشهما الزوجي وهي تبث لعقلها أنها حجة قوية تستطيع الخروج بها والتحدث معه ، ولكنها تفاجأت به يقف أمام باب الشقة ويتكلم مع السائق الخاص بوالدتها والذي خصها به بلال أيام تجهيزات عرسها فهو كان معظم الوقت غير متفرغ ليكون معها .
انتظرت في مكانها حتى أغلق الباب والتفت يحمل حافظة حرارية حجمها كبير إلى حدٍ ما لينظر إليها دون اهتمام ويقول بنبرة لا مبالية : والدتك بعثت إلينا بطعام الغداء
لوى شفتيه بسخرية أسرت البرودة في أطرافها وهو يتبع ببرود : إنها تلتزم بتقاليد العرس وأن والدة العروس تبعث بالأطعمة للأيام الأولى من الزواج احتفالاً بالعروسين .
شع التهكم من أخر كلماته لتزم شفتيها بضيق وهي تشعر بالدموع تتجمع بعينيها وتقول بحدة رغمًا عنها : نعم احتفالاً بالعروس التي قضت ليلة زفافها تبكي بسبب دفاع زوجها عن أخرى .
رفع عينيه لينظر إليها بقوة وهو يقول من بين أسنانه : ولم تهتمين ليلى ، فزوجك لا يستحق أن تغاري عليه .
شحب وجهها سريعًا لتعض شفتيها بقوة وتقول بخفوت وقلبها ينهال عليها لومًا وتقريعًا : لم أقصدها أمير وأنت تعلم ذلك ،
أتبعت واللون الأحمر يندفع قويًا لوجنتيها : بل أنت تعلم جيدًا أنني احترق من غيرتي عليك .
صمتت وهي تشعر بأنها ستقع مغمى عليها بسبب ارتباكها وخجلها الذي غمرها قويًا ، ليزداد الصمت بينهما فترفع عيناها متطلعة إليه ، شهقت بدهشة عندما أسرها بنظراته الماكرة وهي تكتشف قربه الشديد منها ، انتفضت بخفة وهي تشعر بكفيه يحاوطان خصرها ويقربها منه وهو يقول بهدوء : بعد الشر عليكِ من الغيرة ليلى
رمشت بعينيها وهي تشعر بالتوتر يخيم عليها فهمست دون وعي منها : كيف اقتربت مني هكذا دون أن أشعر بحركتك .
ضحك قويًا وهو يضمها إلى صدره بحنو : لا تشغلي رأسك بتلك الأشياء ليلى فقط اعتاديها ، فأنا اعتدت على التحرك دون إصدار أدنى صوت .
ازدردت لعابها ببطء وهي تشعر بالخوف يسري بأوردتها تنظر إليه بنظرات زائغة فزفر بقوة وهو يبعدها عنه قليلاً ،وينظر لها مليًا : ما الذي يبعدك عني ؟!
عضت شفتها بتوتر لمسه قويًا منها فتركها وهو يرفع رأسه بكبرياء تجسد بملامحه الهادئة و قال بنبرة هادئة شعرت بأنها أبعد عما يعتمل بصدره وهو يتحرك مبتعدًا عنها إلى غرفة مكتبه من جديد : حسنًا ليلى ، خذي وقتك كاملاً.
زفرت قويًا وهي تشبك كفيها ببعضهما وتهمس لنفسها بالمرآة :غبية.
صاح قلبها في تقريعًا حادًا " ما الذي يخفيك منه بحق الله ، أنه أمير ، حلم العمر الذي تحقق أخيرًا .
همست بصوت كاد إلا يخرج من حلقها : وهذا أكثر ما يخيفني !!
.....
يزفر بضيق وهو يشعر بمدى غرابة الوضع بينهما ، لا يعلم ما الذي يفصل بينهما ، ما الذي يخيفها ؟
عقد حاجبيه بتفكير عميق لمع بحدقتيه اللذان اشتد سوادهما وهو يحدث نفسه : لماذا تخاف ليلى ؟! ألم أشعرها بالأمان كفاية وهي بجواري ؟!
زفر بقوة ليستغفر الله أكثر من مرة وهو يزيح هذا الشعور السلبي الذي بدأ بالسيطرة عليه ، تحفز جسده تلقائيًا وهو يستمع إلى صوت ضجة خفيفة آتية من الخارج ، زم شفتيه وهو ينهض واقفًا ليتحرك مغادرًا غرفة مكتبه التي اتخذها ملجًأ له منذ الصباح لعله يعطيها بعضًا من الهدوء النفسي الذي شعر بأنها تحتاجه وبشدة !!
عندما اقترب من المطبخ الذي علم أنه مصدر الصوت منذ أن استمع إليه أول مرة ،انساب له صوتها الهادئ تشدو بخفوت كلمات لم يتبينها هو ابتسم بخبث وهو يتحرك بخفة كما اعتاد دومًا ولكنه توقف عند باب المطبخ الخشبي القصير وعيناه تتسع بحبور وهو يضاهي ما يتجسد أمام عينيه بحلمه القديم ، سحب الهواء إلى صدره ليكتمه بداخله والفرحة ترقص بمقلتيه على شرارات العسل التي تماوجت بتناغم مع دقات قلبه السعيد وهو يراها تقف بمنتصف مطبخه ، تتحرك بتلقائية وهي تعد شيئًا تأكله ،تغني باندماج مع الاي بود الموضوع سماعتيه بإذنيها !!
أدار نظره عليها بهيام وهو يراها لأول مرة بذلك الشكل ، تلبس منامة حريريه مكونة من شورت قصير يصل لركبتيها وقميص بحمالتين رفيعتين قصير و يحدد تفاصيلها ، شعر بخفقاته تعلو لتصم أذنيه تدعوه أن يذهب إليها ويضمها إلي صدره .. أن يزيل تلك الحواجز الوهمية التي وضعتها بينهما ، تدعوه أن يتخلص من تلك الاعتراضات الواهية التي تطلقها في وجهه
انتبه من أفكاره على شهقتها العالية وصوت الزجاج الذي تناثر على الأرضية الرخامية قفز سريعًا وهو يحملها بين ذراعيه : احترسي .
حملها في رقة من خصرها وألصقها بجسده قويًا لينظر إلى عينيها :احترسي حبيبتي .
شعر بتوترها بين يديه فابتسم بمكر وأجلسها بأعلى جزء من طاولة المطبخ الرخامية ، ابتسم بسخرية : أرأيت شبحًا لتنتفضي هكذا ؟
زمت شفتيها بتوتر وهي تشد طرفي شورت المنامة لعلها تخفي شيئًا من انكشاف فخذيها وتحاول أن تخفي مقدمة صدرها بيدها الأخرى زاغت عيناها بتبعثر وهي تقول بأنفاس ذاهبه : لا ظننتك نائمًا
تحكم في ضحكته بقوة وهو يقول في هدوء : عندما أريد النوم سأنام بفراشي .
احتقن وجهها بقوة ، ليشعر بأنه قلبه يدق كطبول إفريقيا وهو يرى تلك التفاحتين الناضجتين ، تنهد بقوة وهو يشيح بوجهه عنها ويدير عيناه ليذهب إلي أحد الدواليب ويخرج منه عدة تنظيف ، سألت سريعا : ماذا ستفعل ؟
نظر بهدوء : سألملم الزجاج المكسور .
كادت أن تلقي نفسها وهي تقول سريعًا : لا طبعا سأنظفه أنا .
نظر لها وهي تتمسك بقوة في حافة الرخام وتقول بعصبية : من فضلك تعالى أنزلني .
رفع حاجبيه بعدم فهم فأتبعت بعصبية أكبر : لا أستطيع القفز.
نظر لها بعنين مدهوشتين فأكملت بنفاذ صبر : أنا أخاف من القفز ومع وجود هذا الزجاج أشعر برعب أن أجرح ساقي.
نظر لها مطولاً ليخفض عينيه إلى ساقيها بتفحص ويقول بنبرة جذابة وهو يبتسم تلك الابتسامة التي تضييع عقلها : من حقك أن تخافي على ساقيك بالطبع .
شعرت بنظراته تحرقها فشدت طرفي الشورت بقوة ، زم شفتيه قويًا حتى لا تنفلت ضحكته مجلجلة وقال بلامبالاة : اتركيه ليلى .
انتبهت لتقول له بغباء : ما هذا ؟
ضحك بخفة وهو يعطيها ظهره : منامتك حبيبتي ، ستنقطع من كثرة شدك بها ،
رفع كتفيه باستسلام وقال بغيظ : وحقيقةً لا أعلم ردة فعلي حينها .
رمشت بعينيها سريعًا وهي تحبس أنفاسها ، لتراقبه عن كثب وهي تهيم بتفاصيله عندما انحنى لينتهي من تنظيف ما سببته هي ، تأملته وهو يتحرك بنظاميه اعتادت عليها منه ، الجدية ترتسم على ملامحة فتزيد خشونته وسامة وتجعل من اسمه أقل صفة يوصف بها !!
عضت شفتها بخجل وهي تلوم نفسها على مسار تفكيرها لتنتبه عليه وهو يتقدم باتجاهها ، وقف أمامها وأسند راحتيه حولها ليبتعد بقدر طول ذراعيه ، نظر إليها طويلاً لتتحرك هي بعصبية وتقول بنزق افتعلته : توقف لا تنظر إلي بتلك الطريقة .
رفع حاجبية بعدم فهم : أية طريقة ؟
زفرت بضيق وهي تتحاشى النظر إليه : ماذا تريد الآن ؟
رفع كتفيه بلا مبالاة : لا شيء أنا اطمئن أنكِ بخير.
نظر إلى عينيها وقال بهمس مشتعل : أنتِ بخير أليس كذلك ؟
هزت رأسها بآلية وهمست : نعم .
أدار عينيه عليها بتوق رقيق أشعل وجنتيها ليقول بخفوت ونبرته الملكية تتصدر نغمات صوته : لا فائدة من إخفاء مشاعرك عني ليلى فأنا أشعر بك رغمًا عما تفتعليه .
نظرت إليه بدهشة امتزجت بعدم فهمها الذي صرخ بعمق عينيها ليبتسم هو بخفة وعيناه تتألق بمكر جذبها إلى طوفان مشاعره الداعية لها ، شهقت بخفوت وهو يحملها من خصرها ويلصقها به في لهفة اشعلت عروقها وهو يهمس بأنفاسه الحارقة : حمدًا لله على سلامتك .

سلسلة حكايا القلوب .. الجزء الاول  رواية " امير ليلى " Opowieści tętniące życiem. Odkryj je teraz