25- خمسة وعشرون

Start from the beginning
                                    

"كانت عجباني وكده و .. كنا بنتكلم .. بس حاسسها تافهة وسطحية وكمان مش ناضجة وطفلة، وأنا زهقت وماما قاعدة تزن عليا كل دقيقة في موضوع الجواز."

قطب أحمد جبينه وصمت مفكرًا، راقب ملامح أخيه الحزينة، مراد .. لقد ضحى بكل شيء لأجل تلك العائلة، شبابه ونقوده ووقته ... لا يعلم لماذا الرجال الجيدون لا يجدون الفتيات الجيدات؟ الفتيات الجيدات يقعن مع أمثاله!

ابتلع الغصة في حلقه وتساءل "يعني مش عايز إيناس؟" فأومأ مراد "مش حاسس ناحيتها بحاجة، انجذبت ليها شكليًا بس."

"طب إيه رأيك في داليا؟" انسابت تلك الكلمات من بين شفتيه ببطء شديد، ولا يدري متى وأين تحول الشعور الجميل في قلبه إلى ألم مبرح!

توسعت أعين مراد وحدجه بنظرة غير مفهومة "مش دي اللي أنت بتحب.." قاطعه أحمد "لا، أنا وهي علاقتنا ماوصلتش لكده طبعًا، إحنا أصحاب بس، داليا بنت كويسة وعاقلة على فكرة، وأنت طيب ومحترم ومش هتجرحها."

بدى مراد تائهًا، نعم يتذكر أنها لفتت انتباهه، لكن ورغم قول أحمد بأن علاقتهما مجرد صداقة فإنه لا يصدق أخيه، أحمد لا يصادق الفتيات بل يرتبط بهن.

"لا، مش نوعي، بتشرب سجاير وكده، لا .." تملص مراد من هذا وراقب أحمد لوهلة تتهلل ملامحه لكنه سرعان ما مثل عدم المبالاة وتمتم "آه .. ماشي .. براحتك عمومًا."

ضحك مراد بخفة وهو يراقبه متوترًا بشدة رغم محاولته في إظهار عكس ذلك

"بتحبها؟"

"آه .. لا .. بص .. هو عمومًا .. إحم .." خرجت جملته لا علاقة لها ببعضها ثم ابتلع لعابه وأكمل "بحبها آه."

"طب ما يلا .. اتجوزها قبل ما تسافر، في الشركة هناك لما يعرفوا إنك متجوز هيبقى ليك امتيازات تانية."

"لا دي بالذات ماينفعش أتجوزها."

"ليه؟"

"أصلها ذكية ولو خونتها هتقفشني يا اسطا وأنا عيني زايغة ورايح ألمانيا كمان والمزز هناك كتير، مش ضامن نفسي لا، وهي مش ناقصة تتخان، حاسسها على شعرة عشان تقطع شرايينها."

ضحك مراد عاليًا حتى زجره أحمد وأخبره بأنه سيزعج الجيران فتوقف وتمالك نفسه

"أنا لقيتلك حل، إحنا نخزق عينيك بخازوقين عشان ما تقدرش تشوف تاني، وبكده نبقى ضمننا إنك هتلم نفسك."

"أنت فاكر يعني عشان مش هشوف هسكت وهلم نفسي؟ همشي أحسس يا أسطا، أنا شاكك إني مريض بالنسوان."

إزدادت قهقهات مراد التي حقًا جلجلت في الشارع الهادئ لتوقِظ جارتهم في العمارة التي أمامهم، كانت فتاة في أواخر العشرينات، نهضت عن سريرها بانزعاج والتقطت حجاب لتضعه على رأسها بعد أن ارتدت عباءة بيتية، وترجلت نحو الشرفة وهي تسُب في عقلها وتنوي إخراج كل كلمات السباب من عقلها إلى فمها.

أربعة في واحدWhere stories live. Discover now