راقبتهما أمها من الشرفة بابتسامة آملة حتى دخلت إلى سيارته وكان سيتحرك ليدخل هو الآخر لكنها نادت عليه من فوق "خلي بالك منها يا أدهم." فابتسم ورفع رأسه بابتسامة مطمئنة جعلتها تهدأ وتومئ له.

في قاعة الفرح جلس قيس بجانب ليلى التي كانت بجهد تلقي عليه نظرة أو نظرتين، لكنه أمال عليها وتكلم "إيه القمر ده .."

وقبل أن يكمل جملته وجد هشام فوق رأسه يسحبه بعيدًا عنها وهو يزمجر "ابعد كده بس عشان ما أعملهاش معاك."

قطب جبينه ورفع رأسه له بدون أن يتكلم ثم صك على فكيه يمنع غضبه بكل صعوبة، لكنه نهض له يزمجر هو الآخر لكن بابتسامة مزيفة لكي لا يلفت انتباه أحد المعازيم "هشام، خلي الليلة تعدي يا صاحبي وبلاش مشاكل."

فاقترب الآخر منه بتحدي وابتسامة صفراء "خطبت أختي غصبًا عني فاستحمل بقى يا حلو.".

وصل أدهم برفقة داليا التي توترت فور دخولها إلى ذلك المكان المزدحم بالناس، وودت لو تهرول بعيدًا عن تلك الضوضاء، بينما تعلقت أعين أدهم على الإثنان اللذان يتهاوشان على المنصة أمام الناس! هو يعرف تلك النظرات، سيضربان بعضهما ..

نظر لداليا وقال بقلق "داليا، أنا هروح أشوف الإتنين المجانين دول شكلهم هيضربوا بعض، اقعدي على أي ترابيزة، أنا جايلك." ثم هرول دون أن ينتظر ردها ليتركها واقفةً تبحث بعينيها يمينًا ويسارًا بتوتر.

ابتلعت لعابها ووقعت عينيها على الباب الذي يؤدي للسور الحديدي الذي يفصل بين القاعة والنيل وتوجهت نحوه.

وصل أحمد الذي ظهر بجانبه أخيه مراد الذي جاء منذ يومين من ألمانيا لقضاء بعض الوقت مع عائلته بعد أن توسلت له أمه كثيرًا كي يعود، لكنه كان يعرف ما سبب هذا الإصرار على القدوم؛ فقد كانت والدته تحادثه بشأن الزواج مؤخرًا قائلةً بأنه سيتمم الخامسة والثلاثون قريبًا ويجب عليه أن يختار زوجة وإلا سيفوته قطار الزواج، وليكن صريحًا هو بالفعل مقتنعًا بكلامها، فالوقت يمر ولم يعد فيه بقية ليقضيها وحده.

كان يمتلك بشرة قمحاوية وقامة متوسطة الطول مع بنية نحيفة قليلًا وشعرًا أسودًا يتخلله بعض الشعيرات البيضاء الغير مرئية وملامح تشبه ملامح شقيقه الأصغر عدا عن عينيه الزرقاء التي كانت مختلفة عن أعين أحمد البنية المُحاطة برموشٍ طويلة

"بص، أنت تنقيلك عروسة بقى من هنا، ماما موصياني نشوفلك عروسة كويسة،" تكلم أحمد في حين ابتسم شقيقه بهدوء وهو ينظر حوله ثم أجاب "مش شايف إنها طريقة رديئة عشان أنقي عروسة؟"

رفع أحمد كتفيه وسخر "هو أنت يعني كنت جيت قولتلنا بحب واحدة وقولنالك لا؟ أنت سنجل من أيام الهكسوس، فخلاص بقى نعملك إيه؟ أشقطلك أنا واحدة يعني؟"

حك مراد ذقنه المشذبة جيدًا وتذمر "ما أنا طول عمري معكوك في الشغل من ساعة حادثة بابا! ماكنتش فاضي لأي حاجة، مصاريف البيت كلها فوق دماغي .."

أربعة في واحدWhere stories live. Discover now