الفصل الثالث : طفولة

221 8 2
                                    

إذا أردنا أن نصف طفولة يزيد أو أبو سالم كما عرف فيما بعد فهي تكفي في كلمة واحد كانت طفولة صعبة ...

عانى من الفقر والجوع مع عائلته المكونة من الأب الذي يعمل كفلاح متواضع وأم واثنتان من زوجات الأب مع 6 أخوة و8 أخوات كان دائم الكره لوالده لإنه وعلى الرغم من فقره الشديد قام بالزواج عدة مرات وأنجب العديد من الأفواه لإطعامها ,لكنه عَلِمَ فيما بعد أن السبب في فعلة والده لم يكن سوى أنه كان يعمل في أراضي الإقطاعيين في ذلك الزمان فقد أحتاج للعديد من الأيدي العاملة لمساعدته فقد كان الإقطاعيون يعطون الفلاحين أقل مما أستحقوه بكثير لكن ذلك كان قدر الناس الفقراء, في ذلك الزمن تلك كانت قواعدهم والتي لم يعترض يزيد عليها بل حاول بكل مالديه للخروج منها.

وبالفعل لقد خرج لقد كان أول طفل من الفلاحين الذي يسافر للمدينة لإكمال دراسته وبالطبع لم يستطع فعل ذلك لوحده لقد كان تكاتف أخوته و أخواته في العمل والتغطية عليه في العمل في حين كانوا يعملون بكل مالديهم لتغطية مقدار العمل الذي توجب على يزيد فعله كان يجلس ويدرس بنفسه .

لم يكن فقط حب الأخوة هو الدافع لعملهم الخير هذا بل لإنهم علموا أن يزيد كان الأذكى بينهم والوحيد الذي لديه فرصة في ذلك فقد كان الوحيد بينهم الذي أثنى عليه شيخ القرية لاستطاعته حفظ الأحرف بسرعة وتعلم القراءة والكتابة بمفرده حتى بعد أن أوقفه والده عن الذهاب لجامع القرية ودفعه للعمل بالفلاحة بدلاً من ذلك لكنه لم يتوقف, حاول الدراسة والتعلم من أي شئ كان يأتي في يديه وكان ماهراً بالحساب الشفهي كذلك , ذلك مادفع أخوته لمساعدته ثم الوقوف في وجه والدهم للقول أنهم سيعملون بدلاً عنه و أن على يزيد الدراسة في المدينة فجامع القرية لم يعد يكفي لتعليم الفتى

وبعد عدة أسابيع من النقاشات الحادة بين الأب وأولاده توصلوا إلى حل أن على الأب إرسال الطفل البالغ من العمر اثنا عشر عاما وحيداً إلى المدينة ,فالأب سيدفع فقط نفقات السفر إلى المدينة والإقامة هناك لأسبوع واحد فذلك هو المبلغ الوحيد الذي يستطيع إعطائه لولده وأخبره أنها المرة الأخيرة التي سيعطيه فيها نقوداً فإن أراد المزيد عليه العمل أو التوسل أو أياً كان فلم يهتم الأب لما سيحدث لفمٍ من بين 17 فماً آخر توجب عليه إطعامهم وإكسائهم.

" أنا أعدكم ما أن أتعلم وأعمل سأصبح شيئاً عظيماً وأخرجكم من هذا الجحيم واحداً واحداً "

كان هذا هو الوعد الذي قطعه يزيد على نفسه وعلى أخوته وأخواته حين كانوا يودعونه قبل مغادرته ولم تكن العائلة لتتوقع أنه سيمر وقت طويل للغاية ليروا طفلهم الصغير مجدداً.

" إذاً فأنت أستاذ ؟ " سألت سوزان بصوت منخفض

" كنت كذلك ولكنني لم أعد ولكن آه من الأفضل ألا نتكلم عن أمورنا الشخصية كثيرا فأنا أشك بوجود جاسوساً بيننا "

تمتم العجوز أبو سالم بذلك

" آه هاهاهاهاهاهاها جاسوس وهل تحسب أننا في فيلم دراما ؟ " قال الرجل الآخر ضاحكاً

" ألا ترى ذلك الشاب أعتقد أنه كذلك فهو لم ينبس ببنت شفة إلى الآن "

رد أبو سالم

'' اه إذاً الشخص الخامس كان شاباً لكنني لم أسمعه يتحدث على الإطلاق لذلك لم أصدق عندما أخبرتني الخالة بوجود خمسة منا هنا '' قالت سوزان في نفسها

" دع الشاب وشأنه ولكن كما قلت من الأفضل عدم الخوض في التفاصيل الكثيرة , على أي حال أدعى ماجد وكما ترون أنا الأقدم هنا , لا معلومات كثيرة لدي لإنني مثلكم ,الفرق الوحيد أنني رأيتهم وهم يحضروكم الواحد تلو الأخر"

" وأنا سميرة يمكنك منادتي أم عبير .." وهنا أختنق صوت المرأة

" على أي حال دعونا ننتهي من الطعام الفاسد هذا وسنكمل حديثنا فالوقت طويل أمامنا "قال ذلك أبو سالم ولكنه عندما أنهى آخر لقمة في حبة الطماطم خاصته و التي كانت أكثر لقمة مشبعة بطعم الطماطم الفاسد لمعت ذكرى قديمة في رأسه أعتقد أنه دفنها بعيداً في ذاكرته وأنه لن يتذكرها حتى بعد أن يموت 

ذات مرة في ذاك القبوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن