🍃الفصل الخامس عشر🍃

6K 228 14
                                    


الفصل الخامس عشر:
(مذاق الاختيار)
=====
كوني كما تشائين لكن لن تصيري إلا لي!!!
احلمي كما تشتهين في ليلك ...لكن اعلمي أن الشمس لن تشرق عليكِ إلا بين ذراعيّ...
اكتبي ما تبغين من أشعار وأساطير وتعاويذ...
وأعدكِ أن أعدّلها بخط يدي لتلائم مزاجي!!
نعم ...يا ملكة "النار والثلج" ...
اعلمي أن قيدكِ وتاجك كليهما بين أناملي...
فلا خيار ...لا خيار!!
"جاد"
========
يقولون إنها شعرةٌ فارقة بين الحب والجنون!
شعرة رقصنا عليها بخفة أقدامٍ تطير فوقها ولا تلامسها...
لا تلومي الحب لو وعدنا بما لم يستطع منحه...
ففي النهاية كلنا أسرى اللحن...عندما ينتهي...نتوقف عن الرقص!!
"كنان"
======

_انكشفت خطتك وذاك القذر الذي لا تقل أنت عنه قذارة!!
رمقها بنظرة طويلة عاصفة بعد عبارتها السابقة قبل أن يقول لها بصوت لم يفقد رباطة جأشه:
_إذن كنتِ تغوينني بتقربك الغريب ذاك؟! أنا أيضاً شعرت أن ثمة شيئ ما خطأ!!
فاشتعلت عيناها أكثر ووجهها يزداد احمراره بوضوح رغم خفوت الإضاءة...
لكنه أشاح عنها بوجهه ليرتدي ملابسه مع قوله بغضب مكتوم:
_سأستخدم الحمام الآخر وأترك هذا لكِ...وبعدها لدينا حديث طويل...
قالها وهو يقوم من الفراش بحركة سريعة فضحت غضبه ولما انتبه لصمتها الغريب عاد يلتفت نحوها ليردف بتهكم مستفز:
_ويفضل أن ترتدي ملابسك فلا أظنك تفضلين أن نتحدث وأنتِ عارية!!
قالها وهو يعلم كم ستثيرها عبارته لكنه كان يريدها أن تفعل!!!
هو يفهم تفكير كليو جيداً ...
صمتها المريب هذا يخفي كارثة واستفزازها هو ما سيدفعها لتعلنها !!!
وكم كان مصيباً حيث انتفضت بعد عبارته لتهب واقفة وهي تلف جسدها بغطائها لتصرخ بجنون:
_ولديك الجرأة لتكون بهذا البرود؟! طوال هذه الأيام وأنت تخدعني؟! تجبرني على صحبتك البغيضة التي ما كرهت مثلها في حياتي!!
فابتسم ساخراً وهو يعقد ساعديه أمام صدره ليقول :
_صحبتي البغيضة؟!! أين ذهبت إذن تلك المرأة التي كادت تذوب بين ذراعيّ منذ قليل؟!
عبارته المستفزة تزيد انفجاراتها الداخلية فتصرخ بانفعال أكبر:
_كنت أريد أن أكشف خطتك الدنيئة فحسب!
اتسعت ابتسامته الساخرة وهو يقترب منها ببطء بينما عيناه تموجان بغضب لا يقل عن غضبها ليقول بنفس النبرة:
_كان يمكنك التأكد من ذلك بطرق أخرى...لا تخدعي نفسك ...أنتِ فعلتِ هذا لأنك تريدينه!!
وكما ينسكب البنزين على النار فتزداد اشتعالاً زادتها كلماته ثورة على ثورتها لتعاود صراخها الهستيري:
_كنت أريد أن أرى ردة فعلك أنت على الأمر...ربما لو كنت شديد الذكاء كما تظن لتعمدت التظاهر بالمفاجأة...لكن غباءك كنذالتك ...بلا حدود!!
هنا كان قد وصل إليها فوضع كفه على شفتيها بحركة عنيفة قبل أن يهمس من بين أسنانه:
_لا تتفوهي بما سأجعلك تندمين عليه...اخرسي!!!
سالت دموعها حارقة على وجنتيها وكفه معاً !!!!
دموعها التي تزامنت مع أنّات خافتة نزفت مع وجعها رغماً عنها ...
ورغم أنها لم تكن المرة الأولى التي تبكي فيها أمامه لكن شتان بين هذه المرة وسابقتها!!!
ملكته تنزف بجرح هو من صنعه...لكنه يحتاج لكل حكمته في مداواته...
وإلا ستخرج من دائرته للأبد!!
لهذا ازدرد ريقه ببطء وهو يشيح بوجهه عنها مقاوماً رغبة عنيفة في احتضانها ...ثم أعطاها ظهره ليغادر الغرفة كي يتأهب للمعركة التالية ...
بينما بدت دموعها وكأنها تأبى التوقف وهي تفكر في عبارته التي بدت لها أكثر وجعاً من الحقيقة التي اكتشفتها ...
هي لم تسلمه نفسها فقط لتختبره كما تزعم ...
هي وحدها من تعلم أنها فعلتها لأنها ...
لأنها...
لأنها احتاجت لعاطفته!!
أجل رغم صعوبة الاعتراف لكن ذاك الحنان الذي رأته في عينيه هادراً كطوفان كان ضالتها منذ سنوات بعيدة ...
ذاك الحنان الذي تبخر فجأة مع كشف ما سُتر من خديعته!!!
لقد ظنت نفسها ستجد فيه سحر يوسف القديم لكنه ردها لحقيقة واقعها بأقسى طريقة...
لهذا جرت قدميها بخطوات متثاقلة نحو حمام غرفتها تحاول إطفاء نيران جسدها تحت الماء البارد دون جدوى...
كل قطرة ماء كانت تسقط على جسدها كانت تلسعها بمذاق الخسارة...
لقد تمنت بكل جوارحها أن يكون بريئاً من زعم عمران...
أن يتفاجأ ويفرح معها ب"براءة شرفها"!!
لكنها تقسم بحق جرح هذه الليلة التي لم تذق مثله أن تجعله يدفع الثمن غالياً !!!
وبهذا القسم المتوعد انتزعت نفسها من تحت الماء لتجفف جسدها وتجفف معه دموعها كاملة ...
ارتدت أحد قمصانها الطويلة وهي تشعر انها تكره رؤية جسدها بعد ما كان بينهما ...
قبل أن تخرج إليه بوجهها الخالي من الأصباغ كما يفضله ...
كان جالساً على الأريكة الجانبية للغرفة يسند مرفقيه على ركبتيه وهو يتابعها ببصره بتفحص ...
إحدى قبضتيه متكورة بينما يشير بالأخرى جواره وهو يبادرها بقوله الحازم رغم رنة السخرية فيه:
_ساعة الحقيقة يا سمو الملكة!
رمقته بنظرة حاقدة طويلة لكنها استجابت لدعوته وهي تجلس جواره ليفاجئها بأن بسط قبضته المتكورة ...
فاتسعت عيناها بصدمة وهي ترى ما يلتمع الآن فيها ...
لقد كان خاتم "كنان" ذا الفص الأحمر!!!
لكنها استوعبت صدمتها بسرعة وهي تهتف بهستيريتها المعهودة:
_ماذا؟! هل تستعرض الآن عضلاتك الزائفة؟! عرفت إنك اتفقت مع ذاك الحقير عليّ...لم أعد أحتاج لدليل!!
فصمت قليلاً بصبر وهو يتابع ملامح وجهها بتفحص ثم قرب الخاتم من عينيها ليقول وهو يشير بإصبعه نحو تجويف ما بداخله :
_اقرئي الاسم هنا عليه !!
عقدت حاجبيها بقوة وهي تنتزع الخاتم من كفه لتحاول تبين ما يحكي عنه ...
قبل أن تعض على شفتها بغيظ وهي ترى الاسم المنقوش -خفية- بداخل التجويف...
لقد كان اسمه هو "جاد"!!!
_كنت تتلاعب بي طوال الوقت؟! الخاتم في يدي وعليه اسمك لكن المغفلة تظنه لغيرك؟! كنت تضحك مني مع صاحبك على الساذجة التي صدقت خديعتكما؟!
اندفعت كلماتها السابقة كالسهام نحو صدره لكنه تحملها صابراً حتى ختمتها بسؤالها الذي تهدجت نبراته:
_كنت تتعمد إذلالي؟!!
هنا هب من مكانه بعنف وقد ذهب صبره أدراج الرياح مع سؤالها ...
فنفض كفها بعنف ليطيح بالخاتم بعيداً بينما يهتف بحرقة قاسية:
_أنا الذي تعمدت إذلالك؟!! أنا الذي تحملت ما لم يتحمله رجل فقط كي أنتزعك من بحر ماضيكِ الذي كاد يبتلعك؟!! سنة وراء سنة...أراقبكِ وأنتِ تذبلين أمام عيني...ترفضين كل محاولاتي للاقتراب منك...وتحاربين الجميع بقسوة تمردك ...ووسط كل هذا تلقيه الظروف في طريقي...طبيب نفسي ماهر موثوق به...ويدين لي بمعروف...عقلي يخبرني أنه مناسب تماماً لينتزعك مما أنتِ فيه دون أن ترفضي تدخله كالجميع...بينما أحترق وأنا أراه يتقرب منكِ بهذه الخصوصية التي لم تمنحيها لغيره!!!
دفنت وجهها بين كفيها تحاول حجب شعورها الحقيقي عنه ...
لكنه انحنى ليزيح كفيها بعنف عن وجهها بينما يردف بصرامة:
_لا تغطي وجهك...ألا تريدين الحقيقة؟! دعينا نكشف كل الأوراق إذن!!!
التمعت عيناها ببريق تحدّ وهي تهتف مدافعة:
_أنا لم أخطئ في شيء...الآن فقط أفهم كيف كان يعرف عن أدق تفاصيلي ...كيف استطاع اختراق أسواري...أنت منحته مفاتيحي كلها كي يتمكن من خداعي!
فعاد يستقيم بجذعه وهو يهتف بغيظ:
_لم يكن خداعاً أيتها الجاحدة...كان علاجاً!
وقفت مكانها تناطحه برأسها وهي تهتف باستنكار:
_علاج؟! هل العلاج الآن بالكذب والاحتيال؟!
_نعم!! إذا كانت المريضة عنيدة برأس صلب كرأسك!!!
هتف بها بحدة وهو يوكزها بسبابته في صدغها لتعاود صراخها المستفز:
_صحيح؟! خبرني عن شعورك برجولتك وهو يعبر أسوار بيت الأمير ليراقصني أول مرة !
ظنت أنها أصابت هدفاً بعبارتها لكنها أشعلت غضبه أكثر ليعتصر ذراعيها بين قبضتيه وهو يهمس بعينين متقدتين :
_أنتِ التي طلبتِ منه!!
شحب وجهها تدريجياً بينما هو يردف بمزيج من غضب وخزي:
_تماماً كما تسللتِ برغبتك لحديقته ثاني مرة تجلسين معه وحدكما وتحكين له عن أسرارك...وكما قبلتِ أن يختلي بكِ في ركن المطعم بعدها...قبل أن تستمر محادثاتكما الهاتفية بعدها بالساعات ...
دمعت عيناها بقهر وهي عاجزة عن الجدال ليستطرد :
_كل خطواته معكِ كنت أراقبها...تذكرين الاتصال الذي تلقاه في المطعم من إحدى قريباته بمجرد أن اختلى بك ؟! لقد عجزت وقتها عن كتم غضبي وأنا أراه يفعل شيئاٌ لم أتفق معه عليه !!
شردت ببصرها وهي تتذكر ما يحكي عنه ...

تعاويذ عمران  لِـ" نرمين نحمد الله"Where stories live. Discover now