☘الفصل الأول☘

18.6K 392 23
                                    


الفصل الأول:
(حديث المرايا)
************

فلنعتبرها البداية...حتى إشعار آخر!!!!

**************

_ها قد وضعتِ صغارك يا جميلتي!
هتفت بها أمام القطة مشمشية اللون التي أوقعها حظها البائس في طريقها ليلة البارحة...

كانت قد عادت من ليلة صاخبة بالإثارة لا تكاد تذكر شيئاً من تفاصيلها سوى ذاك "القبيح" الذي كان معها وزجاجة الخمر التي ابتلعت نصفها كاملاً لتُغيّب عقلها -طوعاً-عن تذكر ما تلا ذلك من تفاصيل.
وأثناء صعودها للدرج القديم المؤدي لشقتها المتواضعة سمعت مواء تلك القطة والذي رد لها جزءاً من ذكريات بعيدة قاسية ربما كانت السبب في استعادتها لنذر يسير من الوعي!
وجدت نفسها تتتبع الصوت بحذر حتى قادتها خطواتها نحو سطح البيت فسارت بحذر لتفاجأ بهذه "البائسة" تختبئ خلف صندوق قديم... تموء بصوت غريب وقد وشى انتفاخ بطنها البارز بما تعانيه...
فتارةً تنام على جنبها وتارة تنام على صدرها مع مد رجليها للأمام وجسدها يرتجف بقوة ألمه...
كانت تدرك بخبرتها أن هذه أمارات قرب ولادتها...
وقفت مكانها تتأملها لفترة بذهن مشوش والصورة في ذهنها تختلط بمشاهد عديدة من حياتها السابقة...
مشاهد تتخضب بحمرة الخطيئة مرة... .والغدر مرة أخرى...
حتى ما عادت تدري موقعها بالضبط من هذه اللوحة المدنسة!!
لهذا لم تشعر بنفسها وأظافرها تنغرس في لحم ذراعها العاري بقوةٍ تدميه وهي تراقب القطة بشرود ،
حتى انتبهت أخيراً على شعورها بالألم فتوقفت عما تفعله وهي تزفر بقوة قبل أن تطلق سبة بذيئة .
رمقت القطة بنظرة طويلة غامضة ثم همست بصوت غريب:
_سأعود لكِ عندما أستيقظ لأمنحكِ مشهداً لن تنسيه أبداً!

وها هي الآن تفي بوعدها وهي تجلس القرفصاء أمام القطة التي انتصبت شعيرات جسدها بتحفز وعلا صوت موائها موازياً لتكشيرها عن أنيابها وهي تقرب صغارها منها بحمائيتها المعهودة...
لكنها لم تبالِ وهي تبرز السكين الذي كانت تخفيه خلف ظهرها بخفة لتغرسه بعنف في ظهر إحدى القطيطات الوليدة!!!!
هنا هجمت القطة عليها بعنف تخمش ذراعها بمخالبها وهي حائرة ما بين حماية صغارها أو التصدي لهذا الهجوم الغادر!
لكنها لم تتوقف وهي تدفع القطة عنها بقوة ليعرف سكينها الحاد طريقه نحو الصغيرات جميعهن بخفة وسرعة ...
علا صوت المواء حولها يكاد يصم أذنيها لكنها لم تتوقف عما تفعله...
صورة الدم المراق حولها كانت تمنحها لذة خاصة...
وهجوم "القطة" العنيف الذي كان يعاود تمرده لم يزدها إلا إصراراً رغم الألم!
حتى وقفت على قدميها أخيراً تراقب "المجزرة" التي أحدثتها يداها بنظرات زائغة قبل أن تلوح بسكينها مهددةً في وجه القطة التي كادت تهاجمها من جديد بمواء شرس...
لكنها سلمت أخيراً بوجوب الفرار بعدما فقدت صغارها وقدرتها على المقاومة!!
راقبت هروب القطة بشرود وخفقات قلبها تزداد جنوناً حتى همست أخيراً بصوت لاهث:
_سامحيني ...أردت فقط الاستمتاع برؤيتك تدافعين عن صغارك...منحتِني مشهداً افتقدته ...وأظن أنني أنا الأخرى منحتكِ مشهداً لن يفارقك!
قالتها وهي ترفع ذراعها -الذي امتلأ بجروح قوية أحدثتها "الأم المكلومة" - أمام وجهها تراقب الدم الذي تخضب به سكينها بنظرات غريبة...
قبل أن تردف ببطء وبنظرات زائغة:
_صدقيني...لن يسعدكِ أن يكبرنَ في عالمٍ كهذا!
ثم خفضت ذراعها الذي كان الآن يؤلمها بأكثر مما يمكنها تجاهله...
لتهبط درجات السلم نحو شقتها التي تترك بابها غالباً مفتوحاً ...
فليس لدى -مثلها- ما تخاف فقده...
لا مال...ولا شرف!!

تعاويذ عمران  لِـ" نرمين نحمد الله"Where stories live. Discover now