الفصل الثامن

109 7 7
                                    

عندما دخلت إلينا الحمام كانت مصابة بالخدر وحالة من فقدان الحس ، منبهرة ، و شعور بالامتنان يفجرها ، لكنها خرجت منه غاضبة !.
لم تكن متأكدة متى حدث هذا التحول في مشاعرها ، لكنها تذكر أنها عندما كانت تغسل وتنظف الخدوش التي في وجهها ویدیها ، منزعجة من عدم وجود مرآة ، ومن حقيقة أنها قد نسيت محفظتها في سيارة تایلر ، حينها عادت المشاعر تضربها مجددا وما شعرت به حينها هو الغضب . اللعنة على ستيفان سلفاتور ، بارد جدا ومتحفظ ، حتى وهو ينقذ حياتها ، اللعنة عليه وعلى لطفه وتهذيبه الزائد عن الحد ، اللعنة عليه وعلى بسالته ونبله ، واللعنة عليه ايضا وعلى تلك الجدر التي بناها حوله والتي تبدو أعلى واسمك من ذي قبل !!
سحبت الدبابيس المتبقية في شعرها ، واستخدمتها لتغلق الجهة الأمامية الممزقة من فستانها ، ثم مشطت شعرها المرخي بسرعة بمشط عظمي مزخرف وجدته بجانب المغسلة . وخرجت من الحمام رافعة ذقنها لأعلى ، ومضيقة عينيها . لم يكن قد أعاد ارتداء السترة ، كان واقفا بجانب النافذة مرتديا كنزته البيضاء ، رأسه منحني ، يبدو عليه التوتر ، منتظرا إياها . من غير أن يرفع رأسه ، اوما باتجاه شيء ما طویل مخملي وغامق اللون موضوع على الكرسي وقال : " ربما تودين ارتداء هذا فوق فستانك " لقد كانت عباءة - بالحجم والطول الطبيعي - فخمة وناعمة الملمس ، ولها غطاء  ، وضعت إلينا هذه العباءة الثقيلة حول كتفيها ، لم تكن سعيدة بهذه الهدية ، فقد لاحظت أن ستيفان لم يحاول أن يقترب منها ، ولم ينظر حتى إليها وهو يتكلم . بشكل متعمد ومدروس ، حاولت أن تغزو عالمه الخاص ، شدت العباءة أكثر حول نفسها ، وشعرت حتى في تلك اللحظة - باعجاب بالطريقة التي تساقطت فيها طيات العباءة حولها ، ومستمتعة بملمسها على جسدها ، ومعجبة بمنظر الذيل الذي يمتد وراءها على الأرض تقدمت باتجاهه ، لكي تقوم بفحص التسريحة الموجودة بجانب الشباك و المصنوعة من خشب الماهوجني .
على تلك التسريحة كان هناك خنجر مخيف وغريب الشكل له مقبض عاجي ، و كأس رائع مصنوع من العقيق مثبت في حامل فضي ، وكرة ذهبية موجود بداخلها شيء يبدو كانه قرص ساعة ، وبعض العملات الذهبية . رفعت إحدى العملات الذهبية - لسببين- الأول لأن شكلها مثير للاهتمام ، والثاني لأنها أرادت أن تزعج ستيفان بالعبث بأشيائه ، ثم سألت : " ما هذه ؟ " صمت لبرهة ، ثم أجاب : " عملة فلورنسية قديمة " .
" وما هذه ؟ " " ساعة المائية للجيب تعود للقرن الخامس عشر " ، قال ستيفان ذاهلا ، ثم أضاف : " إلينا ... " رات صندوقأ حديديا صغيرا ، له غطاء مشبوك به ، " ماذا عن هذا ؟ هل يفتح ؟ " " لا " ، كانت حركته رشيقة وسريعة مثل القطة ، مد يده بسرعة نحو الصندوق وأنزل الغطاء ، : " هذا شيء شخصي قال ذلك بنبرة قوية واضحة . لاحظت أن يده لمست فقط غطاء الصندوق وتجنب لمس يدها ، في اللحظة التي رفعت اصابعها عن الصندوق ، ارتد ستيفان عائدا للخلف فجأة تصاعد غضبها بدرجة هائلة ، وطفح کیلها ، ولم تعد قادرة على التحمل أكثر من ذلك ، " احذر " ، قالت بعنف ، " لا تلمسني وإلا سوف تصاب بمرض ؟ " استدار مبتعدا نحو النافذة وهي ايضا ابتعدت عنه وعادت لتقف في منتصف الغرفة ، وكانت تشعر به يشاهد إنعكاس صورتها على النافذة ، وفجأة تنبهت كيف تبدو صورتها بالنسبة له !، شعر شاحب يتساقط فوق سواد قلنسوة العباءة  ید بیضاء تشد العباءة قريبا من حلقها ، مثل أميرة ماسورة تمشي و تدور داخل برجها ۔ أمالت راسها للوراء لتنظر إلى ذلك الباب الموجود في السقف ، ثم سمعت صوت شهيق ناعم وواضح تماما ، نظرت إليه ورأت نظرته متركزة على حلقها ، النظرة التي في عينيه أربكتها ، ثم تصلب وجهه ، واضعا حدا لنظرتها . ثم قال : " أظن .. " ، " من الأفضل أن أرجعك للمنزل " . في تلك اللحظة شعرت بأنها تريد أن أن تجرحه ، تريد أن تجرح مشاعره کما جرح مشاعرها ، لكنها أيضا تريد الحقيقة ، فقد سئمت من هذه اللعبة ، لقد تعبت من رسم الخطط للحصول عليه ، ومن تدبیر المكائد له ، ومن محاولة قراءة ما يجول بعقله ! لقد كان شعورا مخيفة ورائعا في نفس الوقت أن تسمع صوتها ينطق بتلك الكلمات التي طالما فكرت فيها . " لماذا تكرهني ؟ " نظر إليها للحظة متفاجئا ، ويبدو أنه لا يجد كلمة ليقولها ، ثم قال : " أنا لا أكرهك " " بل تكرهني .. " " اعلم أنه ليس من حسن الخلق أن أقول هذا .. لكني لا أهتم ، أعلم أنني يجب أن أكون ممتنة لك لأنك أنقذتني الليلة .. لكني لا أهتم بذلك أيضاء لم أطلب منك أن تنقذني ، ولا أعرف حتى لماذا كنت في المقبرة أصلا ، ولا أفهم لماذا حتى انقذتني .. نظرا لطبيعة شعورك تحوي ! " . لقد كان يهز راسه ، لكنه قال بصوت ناعم : أنا لا أكرهك "  لقد كنت تتجنبني من البداية ، كانني ... كانني مصابة بنوع من الجذام ، لقد حاولت أن أكون لطيفة معك ، لكنك رميت ذلك كله في وجهي ، هل هذا ما يفعله السيد المهذب الجنتلمان عندما يحاول شخص ما الترحيب به ؟ !!
" لقد كان يحاول أن يقول شيئا ما ، لكنها استمرت غافلة عنه : " لقد کنت تصدني مرة بعد مرة وامام انظار الجميع ، لقد أذللتني في المدرسة كلها ، ولم تكن لتتحدث إلي الآن لو لم تكن المسألة مسألة حياة أو موت ، هل هذا ما يتطلبه الأمر لكي يتم الحصول منك على كلمة ؟ ! ، هل يجب أن يكون هناك شخص ما على وشك الموت ؟ ! "
" وحتى الان .. " ، استمرت قائلة بمرارة : " لا تريدني أن اقترب منك ، ماذا حدث معك ، ستيفان سلفاتور ، لكي تعيش هكذا ؟ لكي تبني جدرا حولك لتمنع الناس من الاقتراب منك ؟ ... لكي لا تثق باي أحد ؟ .. ما مشكلتك ؟ ! " لقد كان صامتا الآن ، وحول بصره ليتجنب النظر في عينيها ، أخذت نفسا عميقا ، وقومت كتفيها ، رافعة راسها لأعلى ، ومع ذلك كانت عيناها متقرحتان تشتعلان بالالم والدموع ، : " وما العيب الذي في " أضافت بهدوء " ذلك الذي يمنعك حتى من النظر إلي ، لكنك تسمح لكارولين فوربس بان ترمي نفسها عليك ؟ لدي الحق في أن أعرف السبب على الأقل .. ولن أزعجك بعد ذلك أبدا .. وحتى انني لن اتكلم معك في المدرسة .. لكنني أريد أن أعرف الحقيقة قبل أن أذهب .. لماذا تكرهني كل هذا الكره ستيفان ؟
" أدار راسه ورفعه ببطء ، كانت عيناه کئیبتین ولم تعودا مرئيتين ، التوی شيء ما بداخلها لمراي الألم في وجهه . كان لا يزال متحكما في صوته ... لكن بشكل ضعيف ، واستطاعت رؤية الجهد الذي يبذله لكي يحافظ على ثبات صوته . ثم قال : " نعم " ... " أعتقد أن لديك كل الحق في أن تعرفي إلينا " .. نظر إليها ، ثم قابلت عيناه عينيها مباشرة ، فكرت إلينا هل الأمر بهذا السوء ؟ وما الذي يمكن أن يكون سیئا إلى هذه الدرجة ؟ " " أنا لا أكرهك " ، استمر لافظا كل كلمة بحذر ووضوح : " ولم اكرهك ابدا ، لكنك .. تذكرينني بشخص ما . لقد صدمت إلينا .. فأيا ما كانت تتوقعه .. ليس هذا بالتاكيد ... : " هل أذكرك بشخص آخر تعرفه ؟ "
بشخص عرفته " ، قال بهدوء ، " لكن .. " أضاف ببطء كأنه يحاول أن يحل لغز يفهمه لنفسه : " أنت لست مثلها حقيقة ، إنها تشبهك ، لكنها كانت هشة ورقيقة .. ضعيفة وقابلة للعطب ، من الداخل ومن الخارج " . " وانا لست كذلك " . أصدر ستیفان صوتا كان ليبدو ضحكة لو أن الوضع يستدعي الضحك ، ثم قال : " لا ، أنت مقاتلة ، أنت ... نفسك " الا سكنت إلينا للحظة ، لم تعد قادرة على الغضب منه وهي ترى كل هذا الألم في وجهه ، وقالت : " هل كنت مقربا منها ؟ " نعم " لكن ماذا حدث ؟ " لقد صمت لفترة طويلة ، بحیث ظنت إلينا أنه لن يجيبها ، لكنه قال أخيرا : " لقد ماتت " . اخرجت إلينا نفسا مرتجفة ، وتبددت آخر ذرة غضب لديها : " هذا مؤلم بشكل فظيع " ، قالت بنعومة وهي تفكر بالشاهد الأبيض الموجود بين أعشاب الجاودار و المكتوب عليه جليبرت : " أنا آسفة " . لم يقل شيئا ، وتصلب وجهه مرة ثانية ، ولم يعد يمكن قراءة تعابيره ، بدا وكانه ينظر بعيدا إلى شيء ما ، شيء فظيع ومفجع هو فقط من يراه ، لكن لم يظهر على وجهه أي تعبير إلا الحزن .... من خلال تلك الجدر التي بناها حوله ، ومن خلال تحكمه المرتعش ، لقد استطاعت رؤية نظرة العذاب ، عذاب الذنب الذي لا يحتمل ، عذاب الوحدة ، نظرة ضائعة ، نظرة شخص تطارده الأشباح ، نظرة جعلتها تتقدم لتقف بجانبه دون وعي منها . وهمست : " ستيفان " ، لكن يبدو انه لم يسمعها ، كان غارقا في بؤسه .
لم تستطع إيقاف يدها من أن تمتد إلى ذراعه ، : " ستيفان ، اعرف تماما شعور هذا الالم ... " " لا لا تعرفين " ، انفجر فجاة ، وكل هدوئه تبدد وتحول إلى غضب أبيض عارم ، نظر إلى يدها التي على ذراعه ، كأنه انتبه فجأة آنها هناك ، كانه غاضب من وقاحتها لجرئها علىه ، كانت عيناه الخضراوین متسعتين ومظلمتين بينما ينفض يدها بعيدا عنه ، ومد إحدى يديه ليمنعها من لمسه مرة ثانية .... وبطريقة ما ، بدلا من ذلك ، أمسك بيدها شابكا أصابعه في أصابعها ، كان حياته معلقة على ذلك ، نظر إلى ايديهما المتشابكة بحيرة وذهول ، ثم ببطء تحولت نظرته من اصابعهما المتشابكة إلى وجهها . وهمس : " إلينا ... " ثم رأته .. العذاب الذي اكتسح نظرته .. كأنه لم يعد قادرا أكثر على المقاومة ، لقد انهزم وبدا كأن تلك الجدر قد انهارت وتفتت اخيرا ، حينها استطاعت أن ترى ما بداخله ما كان مختبئة خلف تلك الجدر . ثم وبيأس وضعف أحني رأسه باتجاه شفتيها .
.....
" انتظر ... توقف هنا " ، قالت بوني ، أعتقد أني رأيت شيئا " . أبطأت سيارة مات الفورد " متجهة إلى جانب الطريق ، حیث العليق والشجيرات الصغيرة تنمو بكثافة هناك . وراوا شیئا ما ابدا كوميض أبيض متجها نحوهم . " يا إلهي " ، قالت میریديث ، " إنها فيكي بینیت " كانت الفتاة تمشي بترنح وتتعثر أمام الضوء المنبعث من مصابيح السيارة الأمامية ثم وقفت هناك ، وهي ترتجف ، وذلك في اللحظة التي كبح فيها مات فرامل السيارة . شعرها البني الفاتح کان متشابكة ومبعثراء وعيناها جاحظتان ومتسعتان ووجهها متسخ وملطخ بالقذارة والوحل ، وكانت مرتدية فقط قميص داخلي أبيض رقيق . " ادخلي في السيارة " ، قال مات ، في نفس اللحظة التي فتحت فيها میریدیث باب السيارة وخرجت منها متجهة نحو فيكي الخائفة والمنبهرة . " فيكي هل انت بخير ؟ ماذا حدث لك ؟ " أصدرت فيكي صوت أنين ، بينما كانت لا تزال تحدق أمامها مباشرة ، ثم فجاة بدا كانها رات میریديث ، فتشبثت بها حافرة أظافرها في ذراع میریديث . ثم قالت " أخرجوا من هنا " ، وعينيها ممتلئتين بياس شديد ، صوتها كان غريبا وغليظا كان هناك شيئا ما في فمها ، " جميعكم ... أخرجوا من هنا ، إنه قادم " . " ما هو الشيء القادم فيكي ؟ وأين إلينا ؟ " " أخرجوا الان ... " نظرت ميرديث لأسفل نحو الطريق ، ثم قادت الفتاة نحو السيارة ، وقالت : " سوف ناخذك بعيدا من هنا " .. " لكن يجب أن تخبرينا ماذا حدث . بوني أعطيني معطفك إنها متجمدة من البرد " ، " يبدو أنها تعرضت للاذي وجرحت " ، قال مات بتجهم ، " وتبدو مصدومة أو ما شابه . لكن السؤال الآن : این الباقين ؟ فيكي هل كانت إلينا معك ؟ " . بکت فیکي واضعة يديها على وجهها ، بينما میریديث تضع معطف بوني الزهري حول كتفيها ، " لا .... ديك " ، قالت ذلك بصوت غیر واضح ، يبدو أن شيئا ما يؤلمها عندما تتكلم ، " لقد كنا في الكنيسة ، لقد كان أمرا مرعبا وفظيعا ، لقد جاء ... مثل الضباب في كل مكان ، وعينين ، لقد رأت عينيه في الظلمة تشتعلان ، لقد احرقتاني ... " " إنها تهذي " قالت بوني ، " أو مصابة بحالة هستيريا ، او سهوه ما شئتم " تکلم مات ببطء ووضوح : " فيكي ، من فضلك ، نريد منك فقط أن تخبرينا بأمر واحد ، این إلينا ؟ ماذا حدث لها ؟ " . " لا اعرف " ، ورفعت وجهها المبلل بالدموع نحو السماء ، " لقد كنا أنا وديك وحدنا .. لقد کنا .. ثم فجاة أصبح في كل مكان حولنا لم استطع الهرب ، إلينا قالت بأن القبر قد فتح ، ربما كان هذا المكان الذي جاء منه ذلك الشيء ، لقد كان فظيعا ... "
" . لقد كانوا في المقبرة ، في الكنيسة المتهدمة " ، فسرت میریدث ، " وإلينا كانت معهم .. انظروا إلى هذا " ، على ضوء مصباح السيارة الرأسي ، استطاعوا رؤية خدوش عميقة ويبدو أنها جديدة تمتد من عنق فيكي حتى بداية التخاريم في قميصها الداخلي . " تبدو كانها آثار خدش حیوان " قالت بوني ، " مثل الآثار التي تتركها مخالب قطة لكن ليست قطة من هاجم ذلك الرجل العجوز تحت الجسر " ، قال مات  كان شاحبا ، وعضلات فکه بارزة ، تتبعت میریديث نظرته نحو أسفل الطريق ، ثم هزت راسها . ثم قالت : " مات ، يجب علينا أن نرجعها أولا ، نحن مضطرين " .. " استمع إلى .. أنا قلقة على إلينا مثلك تماما ، لكن فيكي بحاجة إلى طبيب ، ونحتاج أيضا أن نبلغ الشرطة ، ليس لدينا أي خيار ، يجب أن تعود " . جدق مات لأسفل نحو الطريق اللحظات طويلة ، ثم اخرج نفسا کالهسهسة ، صافقا باب السيارة بعنف ، ثم شغل السيارة ،واستدار بها ، فاعلا كل حركة بعنف . وطوال الطريق وهم عائدين إلى البلدة ء كانت فيكي تئن وتبكي وتتكلم عن تلك العيون التي في الظلام .
..........
شعرت إلينا بشفاه ستيفان تلامس شفتيها . هكذا كان الأمر بكل بساطة ... كل الأسئلة أجيبت ، وكل المخاوف اختفت ، جميع الشكوك أزيلت ، لم يكن ما تشعر به فقط مجرد شغف ، لكنها شعرت بضعف شدید ورقة بالغة ، وحب قوي جدأ جعلها ترتعش من الداخل ، كان من المفروض أن تخيفها قوة هذا الحب ، لكن مع ستيفان لا يمكنها أن تشعر بالخوف أبدا . لقد عادت إلى موطنها هذا المكان الذي تنتمي إليه ، وقد وجدته اخيرا ، مع ستيفان ، كانت في موطنها . اسحب نفسه عنها قليلا برفق ، وشعرت به يرتجف . " أوه ، إلينا " ، همس، " لا يمكننا " لكننا فعلنا وانتهي الأمر " همست له ، ثم شدته باتجاهها مرة ثانية . كانت تشعر بأنها قادرة على سماع أفكاره ،والإحساس بشعوره ،، تتنقل بينهما ، تربطهما ببعضهما ، تقربهما من بعضهما ، وأحست إلينا أيضا بمشاعر عميقة تنبع من داخله ، إنه يريد أن يحتفظ بها إلى الأبد ، أن يحميها من كل أذى ، يريد ان يدافع عنها ويصونها من كل شر قد يهددها ، يريد ان يربط حياته بحياتها . وبالكاد احتملت حلاوتها ، نعم فكرت إلينا ، تدفقت المشاعر خلالها وضربتها كما تضرب الأمواج الصخور ، وكانت مثل بركة صافية
  مسد شعرها بلمسة خفيفة جدا بالكاد تغرق بداخلها ، البهجة التي شعرت بها داخل ستيفان ، واللذة فسرتا تدفق تلك المشاعر بداخلها ، حب ستيفان غمرها ، اشرق بداخلها ، واضاء كل جزء مظلم من روحها مثل الشمس ، ارتعشت من اللذة ، والحب ، والرغبة والشوق . سحب نفسه ببطء بعيدا عنها ، كأنه لا يحتمل أن ينفصل عنها ، ثم نظر كل واحد في عيون الآخر ، ببهجة وتعجب . لم يتكلها ، لم يكن هناك حاجة للكلام ، شعرت بها ، كانه خائف من أن تنكسر بين يديه ، ثم عرفت حينها لم تكن الكراهية هي سبب تجنبه لها لفترة طويلة لا ، لم تكن كراهية أبدأ لم تدرك إلينا كم مضى من الوقت حين كانوا ينزلون الدرج في أي وقت آخر كانت إلينا ستبدو مبتهجة ومتحمسة لركوبها سيارة ستيفان ، أما هذه الليلة فبالكاد لاحظتها ، لقد كان يمسك بيدها طوال الطريق وهو يقود السيارة الشوارع المهجورة . أول شيء لاحظته إلينا عندما وصلوا منزلها ، كانت الأضواء المشتعلة .
" إنها الشرطة " ، قالت وهي تجد صعوبة في إيجاد صوتها . لقد كان غريبا أن تتكلم بعد كل تلك الفترة من الصمت ، " وهذه سيارة روبرت ، وسيارة مات أيضا " ، نظرت إلى ستيفان والسكينة التي شعرت بها يبدو فجأة أنها تبددت ، " اتساءل ماذا حدث ، الا تتوقع ا تایلر قد اخبرهم الآن .. ؟ " " حتی تایلر لن يكون بذلك الغباء " قال ستيفان . أوقف سيارته خلف إحدى سيارات الشرطة . سحبت إلينا يدها من يده على مضض ، فكل ما كانت تتمناه من صميم قلبها أن تكون لوحدها مع ستيفان ، بحيث لا يكونا بحاجة لمواجهة العالم الحقيقي لكن لا أمل في ذلك ، لقد سارا عبر الممر إلى الباب ، الذي كان مفتوحا ، في الداخل بدا المنزل كأنه شعلة من الأنوار عندما دخلت ، رات إلينا ما بدا كأنه عشرات الوجوه تلتفت نحوها ، انتبهت فجاة كيف تبدو صورتها ، واقفة عند عتبة الباب ترتدي تلك العباءة السوداء المخملية ، وستيفان سلفاتور إلى جانبها ، خالتها جودیث اطلقت صرخة ، ثم جرت نحوها ، تهزها وتعانقها في نفس الوقت . " إلينا ، اوه ، شكرا يا إلهي ، أنت بامان ، لكن این کنت ؟ ولماذا لم تتصلي بنا ؟ هل تدركين ما جعلتنا جميعا نمر به ؟ " حدقت إلينا عبر الغرفة بحيرة وذهول ، فلم تفهم شيئا . " نحن سعداء بعودتك " قال روبرت . " لقد كنت في النزل مع ستيفان " ، قالت ببطء ، " خالتي جودیث هذا ستیفان سلفاتور ، إنه يقطن في غرفة مستأجرة في النزل ، وهو من أوصلني " " شكرا لك " قالت الخالة جودیث لستيفان من فوق رأس إلينا ، ثم عادت التنظر إلى إلينا ، وقالت : " لكن فستانك .. شعرك .. ماذا حدث ؟ " " ألا تعرفون ؟ هذا يعني أن تایلر لم يخبركم ، لكن لماذا الشرطة موجودة هنا ، تقدمت إلينا نحو ستيفان بشكل غريزي ثم شعرت به يقترب منها لحمايتها . " إنهم هنا بسبب فیکي بینیت ، لقد هوجمت الليلة في المقبرة " قال مات ، كان هو وبوني وميريدیث واقفین خلف الخالة جودیث ، تبدو عليهم علامات الارتياح ، و قليل من الارتباك ، لكن ما هو واضح تماما عليهم هو التعب ، " لقد وجدناها منذ ساعتين أو ثلاث ، وكنا نبحث عن منذ ذلك الوقت " . " هوجمت ؟ " سألت إلينا بصدمة ، " هوجمت من قبل ماذا ؟ " " لا أحد يعلم " قالت میربدیث . " حسنا ، لا يوجد ما نقلق بشانه الان " قال روبرت بارتياح ، " يقول الطبيب على ما يبدو أنها تعرضت لفزع شديد ، فقد كانت تشرب الكحول ، فكل ما حدث قد يكون من مخيلتها حده " تلك الخدوش لم تكن خيالية " قال مات بتهذيب لكن بقوة وبشكل قاطع . " أي خدوش ؟ عن ماذا تتحدثون ؟ " ، سألت إلينا ، ناقلة بصرها بين كل واحد منهم سوف أخبرك " قالت میریدیث ، ثم بدات تشرح كيف وجدت وهي والآخرين فيكي : " استمرت بالقول بأنها لا تعرف أين أنت ، بانها كانت وحدها مع ديك عندما حدث الأمر ، وعندما أعدناها إلى هنا ، قال الطبيب بأنه لا يستطيع أن يعطي حكما نهائية فلم يجد دليلا قاطعة ، لم تتأذى كثيرا بإستثناء تلك الخدوش والتي قد تكون من فعل قطة "
لم يكن هناك أي علامات اخرى على جسدها ؟ " قال ستيفان بحدة ، لقد كانت المرة الأولى التي يتكلم فيها منذ أن دخل المنزل ، نظرت إلينا إليه متفاجئة من نبرة صوته . " " قالت میریديث ، " بالطبع ، قطة لا يمكنها تمزيق ملابسها لكن ديك بإمكانه ... ثم هناك أيضا لسانها .. قد تعرض للعض " " ماذا ؟ " قالت إلينا " لقد غض بشكل شيء ، ما اعنيه أنه نزف الكثير من الدم ، وهو يؤلمها عندما تتكلم " واقفا بجانب إلينا ، أصبح ستيفان ساکنا  للغاية ، " هل لديها أي تفسير عن طبيعة ما حدث ؟ " " كانت مصابة بحالة هستيريا " قال ماته " هستيريا كاملة ، كلامها كان غير واضح و غير مفهوم ولم يكن مترابطة ، فقد استمرت تهذي وتثرثر عن عيون في الظلام ، و الضباب ، وعدم قدرتها على الهرب ... وهذا السبب الذي جعل الطبيب يعتقد أنه نوع من الهلوسة ، لا أحد يستطيع أن يفهم أو يبرهن ماذا حدث ، لكن الحقيقة هي أن فيكي وديك كارتر کانا لوحدهما في الكنيسة المتهدمة بالقرب من المقبرة وفي منتصف الليل عندما جاء شيء ما وهاجمها " . أضافت بوني : " لم يهاجم ديك ، وهذا يوضح قليلا بعض الأمور ، لقد وجدته الشرطة مغميا عليه على أرض الكنيسة ، و لا يتذكر أي شيء مما حدث " لكن إلينا بالكاد سمعت آخر کلمتین ، شيء غريب وفظيع أصاب ستيفان ، لا تدري کیف عرفت ذلك ، لكنها عرفته ، شعرت به تصلب عندما أنهى مات كلامه ، والان بالرغم من أنه لم يتحرك ، شعرت بان هناك مسافة كبيرة تفصل بينهما ، كانما هي وهو واقفان في اتجاهان متعاكسان فوق صدع جليدي وهو يتكسر باعدا كل واحد منهما عن الأخر . قال بصوت رهيب متسلط كانت قد سمعته مسبقا في غرفته : " في الكنيسة ، مات ؟ " " نعم في الكنيسة القديمة المتهدمة " قال مات . " وهل أنت متأكد أنها قالت أن الوقت كان منتصف الليل ؟ " " ليست متأكدة ، لكن ينبغي أن يكون قريبا من ذلك ، لاننا عندما وجدناها لم يكن مضى على ما حدث الكثير من الوقت لكن لماذا تسال ؟ " لم يقل ستيفان شيئا ، شعرت إلينا بان الثغرة التي بينهما توسعت ، همست : " ستيفان " ، ثم قالت بصوت عال : " ستيفان ماذا يحدث ؟ " هز راسه ، لا تحاول إبعادي فكرت إلينا لكنه لم ينظر إليها حتی ، " هل سوف تعيش ؟ " سال فجاة . " يقول الطبيب انها حالتها ليست خطرة فلم تتعرض للكثير من الأذى " ، قال مات ، " لا احد ليح بانها قد تموت " . إيماءة ستيفان كانت جافة ، ثم استدار ناحية إلينا وقال : " يجب علي أن أذهب ، انت بأمان الأن " . أمسكت بيده بينما يستدير مبتعدة ، ثم قالت : " بالطبع أنا بأمان ، وذلك بسببك أنت " . قال : " نعم " ، لكن لم يكن هناك أي رد فعل في عينيه ، لقد كانتا غائمتين ، كان هناك درع حولهما . " اتصل بي غدا " ، ضغطت على يده ، لكي توصل له ما تشعر به ، تحت نظرات الموجودين الفاحصة ، لقد أرادته أن يفهم ماذا تريد .
نظر لاسفل نحو أيديهما بدون أي تعبير على وجهه ، ثم ببطء رفع بصره نحوها ، ثم أخيرا ضغط بيده على يدها ، وهمس : " نعم إلينا " ، وعينيه معلقتان بعينيها ، في الدقيقة التالية كان قد رحل . أخذت نفسا عميقا ، ثم استدارت عائدة إلى الغرفة المزدحمة ، الخالة جودیث کانت لا تزال تحوم حولها ، ونظرتها معلقة على ما قد يظهر من فستانها الممزق تحت العباءة . ثم قالت : " إلينا ، ماذا حدث ؟ " ، ثم تحول نظرها نحو الباب الذي خرج منه ستیفان لتوه . ضحكة هستيرية نوعا ما صعدت إلى حنجرة إلينا ، لكنها خنقتها ، ثم قالت : " ليس ستيفان من فعل ذلك ، بل هو من أنقذني " ، شعرت بوجهها يتصلب ، ثم نظرت إلى ضابط الشرطة الذي كان يقف خلف خالتها ، " لقد كان تایلر ، تایلر سهولوود ... " .

مذكرات مصاص دماء الجزء الاول &الصحوة&Donde viven las historias. Descúbrelo ahora