الفصل السابع

116 6 3
                                    

بوني كانت ترقص مغمضة عينيها جاعلة الموسيقى تقودها ، في اللحظة التي فتحت فيها عينيها رأت میریديث تشير إليها لتأتي ، رفعت ذقنها بتمرد ، لكن إشارة ميريدیث اصبحت اكثر إلحاحا ، فرفعت عينيها بیاس نحو رایموند وتقدمت نحو میریديث يتبعها رایموند . مات وإيد كانا خلف میریدیت ، مات كان متجهما ، وإيد يبدو عليه الضيق والتململ " لقد غادرت إلينا لتوها " قالت میریديث . " إنها بلد حرة " قالت بوني . " لقد خرجت برفقة تایلر سهولوود " ، قالت میردیث ، " مات هل أنت متاكد انك لم تسمعهم يقولون أين ذهبوا ؟ " هز مات راسه ، " كنت أود القول بأنها تستحق ما يجري لها ، لكنني أشعر بالذنب ، فبطريقة ما أنا السبب في ذلك ، قال مات بكآبة ، ثم أضاف : " أعتقد من الأفضل أن نخرج للبحث عنها " . " ونترك الرقص ؟ " ، قالت بوني ، ونظرت إلى ميرديث التي غمغمت لها بصوت غیر مسموع " يا إلهي لا أصدق ذلك ! " همهمت بعنف . " لا أعرف أين سنبحث عنها بالضبط " " لقد وعدت "قالت ميرديث ، " لكن يجب أن تحاول " ، ثم اضافت بتردد : " بوني ، أنت لم يصدف أن عرفت این ذهبت ، أليس كذلك ؟ " . " بالطبع لا ، لقد كنت أرقص طوال الوقت ، لقد سمعتني أقول ذلك ، أليس كذلك ؟ ثم ما الذي ترمين له من وراء سؤالك هذا ؟ " " ابقى هنا انت ورايموند " قال مات لإيد ، " أن عادت إلينا أخبروها أننا خرجنا للبحث عنها " . " إن كنا سنذهب ، فمن الأفضل أن ننطلق الآن " ، قالت بوني بفظاظة ، ثم استدارت على الفور  اصطدمت في طريقها بسترة رياضية سوداء قالت : " المعذرة " ، نظرت لأعلى وإذ بها تفاجأ ب ستيفان سيلفاتور ، لم يقل شيئا عندما رآها هي ومات ومیریديث يغادرون ، تارکین وراءهم رايموند وايد متجهمین . كانت النجوم بعيدة تلمع بلون أزرق کالجليد في سماء بلا غيوم ، شعرت إلينا بانها باردة وبعيدة مثلها ، جزء منها كان يضحك ويصرخ مع ديك وفيكي وتایلر بصوت يعلو هدير الرياح ، والجزء الأخر منها كان يشاهد ما يجري من مكان بعيد أوقف تایلر سيارته في منتصف الطريق  أعلى التل قريبا من حطام الكنيسة القديمة ، تاركة اضواء السيارة مشتعلة ، بينما يخرجون جميعهم منها ، بالرغم من أن العديد من السيارت تبعتهم عندما خرجوا من المدرسة ، لكن يبدو أن سيارتهم هي الوحيدة التي واصلت الطريق نحو المقبرة . فتح تایلر صندوق السيارة واخرج منها صندوق يحوي ستة زجاجات من الشراب ، " المزيد من أجلنا " ، ثم عرض زجاجة بيرة على إلينا ، فهزت راسها رافضة ، محاولة تجاهل الاضطراب في معدتها ، لقد شعرت بانها اخطات تماما عندما جاءت إلى هنا ، لكن لا مجال للرجوع عليها أن تستسلم وتتحمل ذلك . تسلقوا الممر الحجري ، ترنحت الفتيات في سیرهن بسبب كعوبهن العالية متمایلات على الفتيان ومتكئات عليهم ، عندما وصلوا القمة إلينا لهثت ، بينما فيكي صرخت صرخة صغيرة . شيء ضخم أحمر اللون كان يتوسط أفق السماء ، لم يلبث أن أدركت إلينا أنه كان القمر ، كان ضخما وغير واقعي كما لو كان أحد أفلام الخيال العلمي ، وكان يتوهج بخفوت مرسلا ضوءا يؤذي العينين . " يبدو كيقطينة ضخمة فاسدة " ، قال تایلره ثم قذف حجرا باتجاهه . غصبت إلينا نفسها التبتسم له ابتسامة خلابة . " لماذا لا ندخل هناك " ، قالت فيكي مشيرة بيدها البيضاء ناحية فجوة كانت إحدى المرات بابا للكنيسة المتهدمة . معظم السقف هناك قد تهدم وسقط على الأرض ، لكن برج الجرس لا يزال سليمة ، و قد امتد فوقهم ثلاثة جدران بقيت صامدة ، الرابع كان يصل فقط إلى مستوى ركبهم وكان هناك الكثير من الركام والحصى المتجمع من بقايا الكنيسة . توهج ضوء على خد إلينا ، فجفلت ثم استدارت لتجد تایلر يحمل ولاعة ، ابتسم ابتسامة عريضة مظهرا أسنانه البيضاء القوية وقال : " هل أشعل لك سيجارة ؟ " ضحكة إلينا كانت هي الأعلى وذلك لكي تغطي بها على قلقها واضطرابها ، أخذت الولاعة وسلطتها على القبر الموجود في جانب الكنيسة ، كان لا يشبه أي قبر آخر في المقبرة ، بالرغم من أن والدها أخبرها بأنه يوجد مثله في انجلترا . كان يبدو صندوق حجري ضخم ، کبیر كفاية ليتسع الاثنين ، مع تمثالين من الرخام استلقيا بسکون فوق غطاء القبر . " توماس کیبنغ فیل وهوناريا فيل " ، قال تایلر وهو يشير لهما بعظمة وجلالة كانه يقدمها لهم . " توماس الكبير يزعم أنه هو من اسس فولز تشيرش ، لكن لا ينكر بان آل سهولوود كانوا موجودين في ذلك الوقت ، جدي الأكبر ، بل الأكبر الأكبر ، كان يعيش في الوادي بجانب نهر ( درونينغ كريك ) .. " " وبقي هناك حتى ... اكلته الذئاب " قال ديك ، ثم ارجع رأسه للوراء مقلد حركة الذئب ، ثم أصدر صوتا مثل صوت عواء الذئب ، قهقهت فيكي ، أما تايلر فقد تخللت لمحة من الانزعاج ملامحه الوسيمة ، لكنه مع ذلك اغتصب ابتسامة من شفتيه . " توماس وهوناريا يبدوان شاحبين قليلا " ، قالت فيكي وهي لا تزال تضحك ، " أعتقد أنهما بحاجة إلى بعض اللون ، ثم اخرجت أحمر الشفاه من محفظتها وبدأت تطلي شفاه تمثال هوناريا بلون قرمزي . شعرت إلينا بوخزة اخرى في معدتها ، فطالما ارتعبت وهي طفلة من منظر وجهي التمثالين الشاحبين اللذان فوق القبر وعيونهما متقاربة ، وايديهما مطويتان فوق صدورهما ، وعندما مات والديها فكرت فيهما وهما مضجعان جنبا إلى جنب بنفس الوضعية في قبرهما ، لكنها مع ذلك ثبتت ضوء الولاعة بينما تقوم فيكي برسم شارب ، وانف كأنف المهرج على وجه توماس فیلم كان تایلر يراقبهما ، " خسارة ، هل ارتديا وتزينا دون أن يذهبا إلى أي مكان ! " ، و وضع يده على حافة غطاء القبر ضاغطا عليه محاولا إزاحته ، " ما رأيك ديك .. هل تريد أن تمنحهما ليلة ليقضوها خارجا في البلدة ؟ ربما يمينا في وسط البلدة ؟ " . لا ، فكرت إلينا بفزع ، بينما قهقه ديك ، وهتفت فيكي ضاحكة ، لكن سرعان ما وقف ديك بجانب تایلر ، وهو على أهبة الاستعداد ، واضعا راحتي كفيه على غطاء القبر . " عندما أقول ثلاثة " ، قال تایلر ، ثم بدا يعد : " واحد ، اثنان ، ثلاثة " ركزت إلينا نظرها على شكل المهرج الفظيع المرسوم على وجه توماس فیل ، بينما يقوم الفتيان بدفع الغطاء بقوة مصدرین صوتا کالنخير ، وعضلاتهم بارزة من تحت ثيابهم ومع ذلك لم يستطيعوا إزاحة الغطاء ولو إنش واحد . " اللعنة ، يبدو أنه قد ثبت بطريقة ما " ، قال تایلر بغضب ، ثم استدار مبتعدا . شعرت إلينا بالضعف والارتياح في نفس الوقت ، لكنها حاولت أن تبدو عفوية وغير مبالية ، مالت باتجاه غطاء القبر لكي تستند عليه ، ... حينها عندما وقع الحادث .. سمعت صوت كصوت طحن الحجارة وتحركها ، وشعرت بالغطاء يتحرك تحت يدها اليسرى في آن معا ، كان يتحرك مبتعدا عنها ، ففقدت توازنها ، وانطفأ ضوء الولاعة ، فصرخت صرخات متتالية محاولة تثبیت قدميها على الأرض ، لقد سقطت داخل القبر ، فشعرت برياح باردة كالصقيع تهدر حولها . وأصوات الصراخ كانت ترن في أذنيها ۔ ثم فجأة وجدت نفسها في الخارج ، تحت ضوء القمر الذي كان كافيا لكي ترى الآخرين ، كان تایلر يحملها ، فأخذت تحدق فيما حولها برعب . " هل أنت مجنونة ؟ ماذا حدث ؟ " ، سألها تایلر . " لقد تحرك ! الغطاء قد تحرك ! لقد فتح القبر القبر و ...... لا أعرف ... لقد سقطت فيه ، لقد كان باردا " ضحك الفتيان ضحكة عالية : ثم قال تایلر " مسكينة حبيبتي ، لقد اصبت بإنهيار عصبي " ، ثم أضاف : " تعال يا ديك لنتفقد الوضع " " تایلر ، لا ... لكنهم كانوا قد دخلوا ، فیکي بقيت واقفة عند المدخل تشاهدهم ، بينما إلينا ترتعش خوفا .. بعد لحظات رات تايلر يشير إليها من أمام الباب : " انظري " ، قال تایلر عندما تقدمت إلينا للداخل بضعة خطوات  ، كان قد استرجع الولاعة ثم أضاءها مثبتة ضوءها على صدر تمثال توماس فیل ، " لا تزال سليمة ، مستكينا بدفء ومختبئا مثل حشرة بق في سجادة ، هل رأيت ؟ " حدقت إلينا في البناء البديع للقبر و الغطاء ، وقالت : " لقد تحرك ! لقد سقطت فيه تقريبا ... " قال تایلر : " بالتاكيد ، كما تقولين حبيبتي " ثم حضنها ولف ذراعيه حولها ، شادا إياها للخلف . نظرت لأعلى لتشاهد فيكي وديك في نفس الوضعية تقريبا ، بإستثناء ان فيكي كانت مغمضة عينيها مستمتعة بذلك ، ثم شعرت بذقن تایلر القوي يمسد شعرها " أود العودة إلى الحفل الراقص الان " وضحت إلينا رغبتها بشكل قاطع تماما . توقف تايلر عن تمسید شعرها ، وتنهد تم قال : " بالتاكيد حبيبتي " ، ثم نظر إلى ديك وفيكي قائلا : " ماذا عنكما أنتما الاثنين ؟ " . ابتسم ديك ابتسامة عريضة وقال : " سنبقى هنا لفترة " ، ضحكت فيكي وعينيها لا تزال مغمضتين . حسنا " ، تساءلت إلينا کیف سیتمکنان من العودة ، سمحت ل تایلر بان يقودها للخارج ، وفي اللحظة التي خرجا فيها توقف تایلر . قال : " لا يمكنني تركك تذهبين من دون أن تلقي نظرة على قبر جدي " ، " هيا إلينا " قال ذلك عندما بدأت تعترض ، " لا تجرحي مشاعري ، يجب أن تريه ، فكبرياء آل سمولوود يجري في عروقي " تصنعت إلينا الابتسام ، بينما من الداخل شعرت بأن معدتها تحولت إلى جليد ، و فکرت بانها لو سایرته فإنه سیدعها بعد ذلك تخرج من هنا ، " حسنا " ، ثم نظرت  باتجاه المقبرة . " ليس من هذا الطريق ، بل من هنا " ، وفي اللحظة التالية كان تایلر يقودها للاسفل باتجاه المقبرة القديمة ، " لا تقلقي ، صدقيني أنه لا يبعد كثيرا عن المهر ، انظري ، ها هو " ، ثم أشار بيده باتجاه شيء ما يلمع تحت ضوء القمر . أطلقت إلينا صرخة صغيرة ، وشعرت بان يدا تعتصر قلبها ، يبدو كان شخصا واقفا هناك ، عملاق برأس أصلع مستدير ، ولم يعجبها أن تكون هنا أبدا ، بين تلك القبور الجرانيتية المفتتة والمهترئة الموجودة منذ قرون عدة ، وضوء القمر الساطع الذي بصور لها أشكال غريبة ومخيفة ، والظلام الذي يلفها في كل مكان كأنه احواض مياه عميقة لا يمكن اختراقها . " إنها مجرد كرة مستديرة فوق القبر ، لا شيء يخيف " ، قال تایلر ، ثم سحبها معه بعيدا عن الممر متجها للاعلى نحو القبر الذي يلمع تحت ضوء القمر . لقد كان مصنوعا من الرخام الأحمر ، والكرة الضخمة التي تعلوه تذکرها بمنظر القمر الأحمر الذي كان في الأفق ، ذلك القمر الذي تحول الآن إلى لون أبيض مثل بیاض يدي تمثال توماس فیل الرخامي ، في تلك اللحظة لم تعد إلينا قادرة على كبح ارتعاشها ورجفتها . علق عليها تایلر قائلا : " أوه ، الصغيرة المسكينة ، إنها تشعر بالبرد ، إذهب إليها تایلر کی تدفنها ؟ " . حاولت إلينا أن تدفعه عنها ، لكنه كان قويا جدا ، احاطها بذراعيه ، وجذبها نحوه ثم أدارها لكي تواجهه . " تایلر ، اريد الخروج من هنا ، أريد الخروج من هنا وفورا ... " " بالتأكيد حبيبتي ، سوف نغادر " ، قال تایلر ثم أضاف : " لكن يجب أن تهدأي اولا إلهي ، انت باردة جدا " . " تایلر توقف " ، قالت إلينا ، فيديه اللتين تحيطانها أصبحتا مزعجتين ، وتشعر بأنهما تقیدانها ، لكنها صدمت بعد لحظات بان يديه تتحركان فوق جسدها ، تتلمسان طريقهما فوق أجزاء جسدها المكشوفة . لم تتعرض إلينا في حياتها لموقف كهذاء وبعيدة عن أي مساعدة ، حاولت توجيه ضربة قوية لقدمه التي يغطيها حذاء جلدي  وذلك بكعب حذائها المسماري ، لكنه استطاع أن يتفاداها ، ثم قالت : " أبعد يديك عني .
هيا إلينا ، لا تكوني هكذا ، أنا فقط أحاول أن أبعث الدفء في جميع انحاء جسدك ... " " تایلر ، دعني أذهب " ، قالت بصوت مخنوق ، وحاولت أن تسحب نفسها بقوة من بين يديه ، فتعثر تایلر وسقط فوقها  ساحقا جسدها فوق الأعشاب المتشابكة على الأرض ، فصرخت إلينا بیأس : " سوف أقتلك تایلر ، وانا اعني ما أقول ، سأقتلك ، ابتعد عني ! ' حاول تايلر أن يتنحى جانبا ، وهو يضحك ، لكنه لم يستطع فحركة أطرافه كانت ثقيلة وغير متناسقة ، كأنه شخص مشلول ، " أوه ، بربك إلينا ، لا تكوني مجنونة ، أنا فقط أحاول أن أدفئك ، إلينا أميرة الجليد تحاول أن تدفا ، أصبحت دافئة الان ، أليس كذلك ؟ " ، ثم شعرت إلينا بفمه الحار الرطب فوق وجهها ، كانت لا تزال محشورة تحته ، ثم سمعت صوت تمزق ملابس . " اوبس " ، غمغم تایلر ، " آسف على ذلك " لوت إلينا راسها ، ووجد فمها يد تایلر التي كانت تداعب خدها بشكل أخرق ، فعضتها غارزة أسنانها فيها بقوة ، عضت بقوة أكبر حتى تذوقت طعم الدم في فمها ، وسمعت تایلر يصرخ متالما ، محاولا سحب يده بعيدا " أووه ، لقد قلت أني آسف " ، نظر تایلر إلى يده المجروحة كنظرة ضحية تعرضت للاضطهاد ، ثم أظلم وجهه ، وهو لا يزال يحدق بها ، ثم جمعها على شكل قبضة . هذه هي النهاية ، فکرت إلينا ، الهدوء الذي يسبق العاصفة ، فإما سوف يضربها ضربة قوية ، أو يقتلها ، فجهزت نفسها لتلقي الهجوم .
....
لقد قاوم ستيفان نفسه لكي يمنعها من المجيء إلى المقبرة ، كل شبر في جسمه يصرخ فيه لئلا يفعل ، فآخر مرة كان فيها هنا في الليلة التي هوجم فيها الرجل العجوزه تقلصت أمعاؤه من الخوف والاشمئزاز مع مرور تلك الذكري في ذهنه ، يكاد يقسم بانه لم يستنزف الكثير من دم الرجل تحت الجسر ، بانه لم يشرب ما يكفي لكي يلحق ضررة به ، لكن كل شيء في تلك الليلة بعد أن انفجرت تلك القوة ، كان مشوشة و مضطربا ، هذا إن كان هناك أي قوة أصلا ،ربما كان ذلك من مخيلته ، أو من فعله هو ، فالكثير من الاشياء الغريبة قد تحدث عندما تخرج حاجته وتعطشه للدم عن السيطرة . اغمض عينيه وأخذ يتذكر . عندما سمع بان الرجل العجوز في المستشفي وعلى وشك الموت ، كانت صدمته شديدة بحيث لا يمكنه وصفها أو التعبير عنها ، كيف سمح لنفسه بأن يخرج عن السيطرة ؛ بأن يقتل فهو لم يقتل أحدا منذ ........... لا يمكنه التفكير في ذلك حتى . الآن بينهما يقف أمام مدخل المقبرة تحت ظلام منتصف الليل ، لم يرغب في أي شيء رغبته في الاستدارة والعودة من حيث أتى ، العودة إلى الحفل الراقص ، إلى كارولين ، تلك المخلوقة البرونزية الهادئة التي كانت طوع بنانه ، التي كانت آمنة تماما ، لأنها ببساطة لا تعني له شيئا . لكنه لم يستطع العودة ، لأن إلينا في المقبرة ، إنه يشعر بها ، يشعر بألمها الذي يتزايد ، إلينا هنا وفي محنة وعليه أن يجدها . كان في منتصف الطريق صاعدا التل ، عندما أصابه ذلك الدوار ، لقد جعله يترنح فجاهد نفسه وتقدم بصعوبة نحو الكنيسة لانها الشيء الوحيد الذي كان يستطيع التركيز عليه . شعر بأن هناك موجات أو أبخرة رمادية تلف عقله بالضباب ، لكنه جاهد ليستمر بالتحرك ضعیف ، إنه يشعر بانه ضعيف جدا ، و عاجز أمام هذه القوة الساحقة من الدوار إنه بحاجة ..... للذهاب إلى إلينا ، لكنه كان ضعيفا جدا ، إنه كان يريد مساعدة إلينا فهو بحاجة .... إلى ..... وجد باب الكنيسة مفتوح.
....
و رأت إلينا القمر من فوق كتف تايلر الأيسر كان يدور بشكل غريب ، وفكرت بان هذا آخر شيء سوف تراه ، واختنقت الصرخة في حلقها من الخوف . فجاة .. شيء ما رفع تایلر عنها ورماه باتجاه قبر جده ، هذا ما بدا ل إلينا ، استدارت على جانبها ، وهي تلهث ، إحدى يديها قابضة على فستانها الممزق ، بينما الأخرى تبحث عن حجر لكنها لم تكن بحاجة إليه ، فقد رأت شيئا ما يتحرك في الظلام ، ورات الشخص الذي دفع تایلر بعيدا عنها ، إنه ستيفان سلفاتور . لكنه كان ستيفان لم تعرفه ولم تراه من قبل ، فملامح وجهه الوسيمة كانت شاحبة وباردة ويبدو عليه الغضب الشديد ، وكان هناك وميض قاتل في عينيه الخضرواین ، بالرغم من أنه لم يتحرك ، إلا أنه كانت تنبعث منه شرارات من الغضب والتهديد وكان شكله ينذر بالخطر ، مما جعل إلينا تخاف منه أكثر مما كانت خائفة من تايلر منذ أول مرة قابلتك ادرکت بانك شخص عديم الأخلاق " قال ستيفان ، صوته كان ناعمة باردة وخفيفة كصوت شخص مبتهج خالي من الهموم ، وبطريقة ما جعل صوته إلينا تصاب بدوار لم تستطع أن ترفع عينيها عنه ، بينما يتقدم باتجاه تایلر الذي كان يهز راسه بدهشة وانبهار ، وبدأ ينهض ، كان ستيفان يتحرك برشاقة راقص ، كل حركة من حركاته سلسة ومخطط لها بدقة ، " لكن لم يكن لدي فكرة بأنك شخص همجي بربري متخلف " . ثم ضرب تایلر . الفتى الأضخم مد يدا قوية لكن ستيفان عاجله بضربة غير واعية تقريبا على جانب وجهه قبل أن تصل يده إلى ستيفان . طار تایلر باتجاه قبر آخر ، زحف قليلا وامسك بحافة القبر ليعجل الوقوف على قدميه ، وعندما وقف كان يلهث ، ابيضت عيناه ، رأت إلينا الدم يقطر من أنفه ، ثم تقدم ليهاجم ستيفان مرة ثانية . " الرجل المهذب لا يفرض نفسه على أحد " قال ستيفان ، ضاربا تایلر وملقيه جانبا . سقط تایلر مرة اخرى وجهه لأسفل فوق الأعشاب والشوك ، هذه المرة كانت حركته بطيئة في الوقوف ، وتدفق الدم من كلا من أنفه وفمه ، وكان يلهث مثل فرس مرهق خائف عندما رمي نفسه باتجاه ستيفان . أمسك ستيفان بالجهة الأمامية من سترته  ثم لفه بحركة دائرية ، وقد استحوذ عليه اندفاع قاتل ، هز تایلر مرتين بشدة ، بينما كانت قبضتي تايلر القويتين تحيطانه إلا أنه لم يستطع أن يصيبه . ثم ترکه ستيفان يسقط على الأرض . وقال : " الرجل المهذب لا يهين امرأة " وجه تايلر كان يتلوى من الالم ، وعينيه تدوران ، مع ذلك حاول أن يمسك بساق ستيفان ، لكن ستيفان أوقفه على قدميه وهزه هزة عنيفة مرة أخرى ، فأصبح تایلر يترنح كانه دمية قماشية ، عينيه تدوران في محجريهما .
استمر ستيفان في كلامه ، حاملا جسد تایلر الثقيل بشكل عمودي ، لا و لافظ كل كلمة و مؤكدا عليها بهزة عنيفة تخلع العظام ، : " فوق كل هذا ، فهو لا يؤذيها ... " ستيفان " صرخت إلينا ، فقد كان راس تایلر يتحرك إلى الخلف والامام مصدرا صوت طقطقة مع كل هزة ، لقد كانت مرعوبة مما تراه ، مرعوبة مما قد يفعله ستيفان ، وفوق ذلك كله كانت خائفة من صوت ستيفان ، ذلك الصوت البارد الذي هو مثل رقصة السيف جميل ومميت ، و عدیم الرحمة تماما . صرخت ثانية : " ستيفان توقف " . ادار رأسه ناحيتها مجفلا ، كانه قد نسي وجودها ، للحظة نظر إليها بدون وعي أو إدراك ، كانت عيناه سوداوين في ضوء القمر ، ففكرت في شيء مفترس ، طائر ضخم ضار ، أو آكل لحوم أملس الشعر غير قابل لأن يشعر بأية مشاعر انسانية ، ثم بدأ الإدراك يعود إلى ملامح وجهه ، وخفت حدة نظراته وبدأ اللون الأسود في عينيه يخبو نظر لاسفل نحو راس تایلر المتدلي ، ثم أجلسه بلطف مقابل القبر الرخامي الأحمر ،كانت ركبتيه ملتويتين فانزلق لأسفل ، و الحسن حظ إلينا فتح عينيه اليسرى على الأقل- أما اليمني فبدات تتورم وتنتفخ . سیکون بخیر " ، قال ستيفان بفتور بدا خوفها يخبو ويتراجع ، لكنها شعرت بفراغ في داخلها ، " مصدومة " ، فکرت إلينا ، " أنا فعلا في صدمة " ، وقد اصرخ بشكل هستيري في هل يوجد من يوصلك للمنزل ؟ " ، سالها ستيفان ، وصوته لا يزال باردا ، میتا ومميتة فكرت إلينا ب ديك وفيكي - الله وحده يعلم ماذا يفعلون عند تمثال توماس فیل- قالت : " لأ " . بدا عقلها يعمل مجددا ، بدا يلاحظ ما يجري حولها ، فستانها البنفسجي كان ممزقة من الأمام بالكامل ، وقد تلف تماما بحيث لا يمكن إصلاحه ، فشدته وجمعته معا التغطي ملابسها الداخلية . " إذا انا ساوصلك " ، قال ستيفان . حتى مع الخدر الذي تشعر به ، فقد انتابتها رعشة سريعة من الخوف ، نظرت إليه ، شكله غريب ورائع بين هذه القبور القديمة ، وجهه شاحب تحت ضوء القمر ، لم تره من قبل هكذا .. وسيما .. وسيما جدا ، لكنه كان جمالا غريبا ، ليس فقط غريبا ، بل غیر بشري ، لأنه لا يوجد بشري باستطاعته إظهار تلك الهالة من القوة ، أو من البرود . " شكرا لك ، هذا لطف منك " ، قالت ذلك ببطء ، ليس بإمكانها قول أو فعل شيء آخر . لقد تركا تایلر بجانب قبر جده يحاول الوقوف على قدميه متالما ، شعرت إلينا برعشة أخرى عندما وصلا الممر واستدار ستيفان متجها نحو جسر ویكري . " لقد تركت سيارتي عند النزل " قال ستيفان ، " هذه أسرع طريق للعودة " . " هل جئت من هذه الطريق ؟ "
" لا ، لم أعبر الجسر ، لكنه سيكون آمن " وقد صدقته إلينا . كان شاحبا وصامتة ، وكان يسير بجانبها من دون أن يلمسها ، بإستثناء اللحظة التي خلع فيها سترته ووضعها حول كتفيها ، لقد راودها شعور غريب ؛ فقد كانت متيقنة . بأنه مستعد ان يقتل كل من يحاول أن يؤذيها ! جسر ویكري كان يبدو لونه أبيض تحت ضوء القمر ، والمياه الباردة التي تحته تجري فوق الصخور القديمة كان العالم ساکنا ، جميلا ، وباردة ، بينما يمرون من بين أشجار البلوط متجهين نحو الطرق الريفية الضيقة . مرا في طريقهما بالمراعي المسيجة ، و الحقول المظلمة ، حتى وصلا إلى طريق متعرج لقد كان النزل عبارة عن بناء كبير واسع مبني من القرميد الأحمر الذي بلون الصدا والمصنوع من الطين الأصلي ، وكان محاطا أشجار الأرز القديمة وأشجار القيقب ، كله ما عدا إحدى النوافذ كانت معتمة . فتح ستيفان إحدى أبواب النزل المزدوجة وخطوا داخل رواق صغير ، وقد كانت السلالم أمامه مباشرة ، الدرابزين كان مثل الأبواب مصنوعة من خشب البلوط الأصلي الخفيف ، الذي كان مصقولا جيدا ومدهونة بمادة ملمعة بحيث بدا وكأنه يتوهج . صعدا الدرج إلى الطابق الثاني ، وتفاجات إلينا بأنهما كانا بالكاد دورين . قادها ستيفان داخل إحدى الغرف ، ثم فتح بابا بدا وكأنه باب خزانة ، ورأت من وراء هذا الباب درج ضيق جدا ، مرتفع وشدید الإنحدار  يا له من مكان غريب ، فكرت إلينا ، هذا الدرج المخفي والمدفون في عمق المنزل الخارج بحيث لا يصله أو يتسلل إليه أي صوت من وصلت إلى أعلى السلم ، ووجدت نفسها داخل غرفة ضخمة تشكل لوحدها الطابق الثالث باكمله ، وكانت مضاءة بضوء خافت جدا تماما مثل الدرج والطابق الثاني . استطاعت ان ترى الأرضية الخشبية المدهونة ، والدعامات المكشوفة في سقف الغرفة المائل ، كان هناك نوافذ عالية على كل جوانب الغرفة ، والكثير من الصناديق المتناثرة بين قطع من الاثاث كبيرة الحجم . أدركت أنه كان يشاهدها ، فقالت : " هل يوجد حمام هنا ، كي ... " أشار إلى أحد الأبواب ، فخلعت إلينا السترة وناولتها إياه من دون أن تنظر إليه ، ودخلت الحمام .

مذكرات مصاص دماء الجزء الاول &الصحوة&Where stories live. Discover now