Aşk Adası

By Mrmr18970

17.6K 1.1K 778

المحبون هم أكثر الناس حماقةً في العالم و لكنهم فقط لا يرون الحماقة التي يقترفونها فهم يخطئون في حق أنفسهم حين... More

مريضاً نفسياً..؟
سر التفاحة السابعة
عطلة بين النجوم
حُطَمَةِ البِيانُ
فُؤَاد عَلَى عَرشَ السَعِير
قلبين بين براثن العشق
أرواح تائهة
قلب ورقي
داء الحب
لا مجال للهرب
العُشَ الآمِنَ
بتوقيت القلب
لوحة بألوان العشق
قلب على جناح طروادة
ديچافو
دخان الوهم
فجر أم غسق ؟
إخترتك طرفاً
أيسرك مسكني
روحك التي بداخلي
ٱلالام لا تُشفى
للرمق الأخير معك
مبعوث الماضي
رصاصة الأستركنين
تميمة الموت
جسارة المتحابين
صاحبة الدم الهجين
لكل عاشق...وطن!
أسطورة اللا نهاية
قبس من الأحلام

ملائكياً المنبت

597 38 30
By Mrmr18970

إلتقيت به ملاكاً هابطاً من الفردوس يوم ما ظننت أن الشياطين فقط من تحيا بيننا
التقيتُ به حين قضى الخوف على كل آمالي في اللقاء، حين أقعدتني التجربة عن التطلع، حين ماتت أحلامي في رجلٍ يحسن معاملتي كأنثى، يقدر كياني كإنسان، يعطف عليّ كطفلة، حين فقدت الأمل في وجود إنسان يشبهني في هذا الكون، قلبًا وعقلًا وفكرًا وشخصيةً وحنانا وإنسانيّة. حين رأيتُ الجميعُ مسوخًا تغلفهم القساوة والكبر وسوء الخلق.. حين أردت إنسانًا وعز عليَّ الطلب

لازالت الأرض تدور و العقارب تسير و المارة يتحركون في عالم و هما الإثنان معاً في عالم آخر...عالم لا دقات للساعة فيه ولا دوران للأرض به ولا حركة تحدث غير أنامله الشغوفة بشكل يزيدها حناناً التي تحتوي عنقها بتملك و أناملها الرقيقة المرتجفة بشكل يزيدها نعومة التي تنزلق ببطء شديد من فوق كتفه لتمر على ساعده بكسل دون أن يُكتب على قُبلتهما الإنقضاء بعد حتى مع نهوضه و نهوضها واقفين
و بعد مرور بضعة ثواني على حالهم هذه إبتعدت الطبيبة عنه أخيراً بعدما عاد لعقلها أين هم و بأي صفة هي هنا و الحقيقة المؤسفة بوجود آخرين معهم على الكوكب
و لكن حتى مع ابتعادها عنه لم تقوى على الخروج عن مدار ذراعيه الملتفة حول خصرها أو حتى الرحيل بعينيها الزائغتان عن عينيه المشتعلة بالشغف أبداً
- دينيز ، أنا يجب أن أذهب..
مجرد كلمات مبحوحة الحروف قالتها عن الرغبة في العودة من حيثما آتت هي من تحررت من شفتيها و لم يستوعبها قلبها أبداً فبالرغم من كونها على صواب من جهة التفكير بالعقل أن وجودها هنا في هذا الوقت الليلي ممنوعا طبقاً لسياسيات المستشفى و قد يتسبب لها في حرج كبير إذا مر أحد أفراد الطاقم الطبي لتفقده أو حتى إذا عادت شريكتها في السكن و لم تجدها إلا أن قلبها الذي كان ينتفض فرحاً داخل صدرها و يقرع بجنون لقرب إشتاقه...تلك اللحظة ، هذا القرب الشديد منه ، هذه النظرة المشتعلة بجنون الحب في عينيه الجميلتين ، هاتان العينان اللتان يسحبونها نحو عمق البحار بنظرة واحدة ، هذان الذراعين اللذان أحاطا بها في عناق حرمها منه لتسع أيام كاملة ، هؤلاء الأنفاس اللواتي عادت تهرب و تسلل من و إلى رئتيه بسلاسة
كل هذه النعم الغارقة فيها الآن هن اللواتي بكت و تضرعت فجر ليلة وصولها هنا لكي يمنحها الله فرصة للتمتع بهم فكيف ستقنع قلبها بحتمية الذهاب بعد كل هذا؟
و رفقاً بها من القدر و من دون أن تنتظر من أياً عقلها أو قلبها ترجيح إحدى الكفتين شعرت بقُبلة صغيرة تنام على شفتيها مجدداً و هو يغمغم بحزم بينهما
- لن تذهبي..لن أتركك تذهبي
أغمضت عينيها بإستسلام حتى بعد رحيل شفتاه عنها و عقلها الذائب تماماً لازال يتخبط بين كل هذا محاولاً إيجاد طريقة يقنعها من خلالها بأهمية الذهاب و بشكل سريع من هنا لو لم تشعر بشفتيه تُقبل جبينها طويلاً و يضم رأسها إليه معترفاً أخيراً بما كان يخالجه من إشتياق خبأه وراء كبرياء غبي طوال تسعة أيام...أحترق بالشوق مهما إدعى الكبر...لم تغب عن أحلامه طوال الليل...رأى الكثير من السيناريوهات المختلفة لتصالحهم في أحلامه حتى مع إستيقاظه كل صباح مدعياً الجمود... ذاب مع دلالها عليه حتى مع تمثيله للثبات...أراد ضمها إلى صدره منذ لحظة إفاقته حتى وهو يرتدي عباءة اللامبالاة لمدة يوم كامل...إشتاق بشكل يجعل الخدر ينتشر في جسده الآن و هي محتجزة بين ذراعيه بهذا الشكل
- إشتقت إليكِ جداً..إشتقت جداً يا أدا!
و على الفور يعود هذا الدلال يجري في عروقها فتكور قبضة يدها و تلكمه بخفة في ساعده السليم و هي تقول بدلال مدعية الغضب منه
- الآن تذكرت يا حضرة القبطان.. لقد كدت أيأس من أن تنطق هذه الكلمة
تلمع عيناه مع دلالها عليه و تشتد قبضته على خصرها و هو يشعر بقلبه يرتعش بقوة داخل محبسه مع طريقتها في الدلال..إنها تقتله دون أن تدري و هي تدلل بطريقة لا يفهم عقله أبداً كيف يمكن أن تجمع بين طفولة صغيرة لم تتجاوز حدود السبعة أعوام و بين دلال أنثى تعرف كيف تنادي العاشق من داخله مهما كان محتجزاً وراء آلالاف الأسوار
و لكنها لو ظنت أن طريقتها هذه ستمر من أمامه مرور الكرام فقد إخطئت و لهذا ما إن أنهت كلمتها مال بوجهه بعدها مباشرةً ناحية أذنيها هامساً بعبث يعرف جيداً تأثيره عليها
- و لكنكِ سمعتيها في أنفاسي و قرأتيها مرارا في عينايّ..لا تنكري هذا
و إستمراراً لتصنعها الغضب حركت جسدها خطوتين للخلف لكي تخرج من حضنه تماماً ثم بدأت سيل لومها المتدلل مرةً آخرى و هي تتابعه بعيون متوترة من إبتسامته الجانبية المرسومة على شفتيه و كأنه نصب لها فخاً ما و ها هي بمحض حريتها تسير نحوه بخطى ثابتة
- و إذا قلت أنه لم يكن يكفيني..؟
تراه إقترب منها ما إبتعدته من خطوات و قد أصدر من فمه صوت يحثها به على الإستمرار فترتجف رموشها خجلاً من نظراته لها و تتعاظم رغبتها في إستكمال لومها له و هي تتراجع خطوات آخرى عنه مستكملة حديثها بسؤال آخر
- و لو قلت أنني إشتقت إلى سماعها من شفتيك ؟
يعاود للإقتراب منها أكثر فتبتلع ريقها الجاف أساساً و هي تتراجع القليل من الخطوات الجديدة و التي سرعان ما قلصها هو بحركة واحدة منه و لازالت أعينهم متعلقة ببعضهم البعض
- هل هذا عيباً ؟
و في اللحظة التي أطلقت فيها سؤالها الأخير شعرت بقدميها تصطدم بالحائط فرفعت عينيها الجميلتين المستعتين بدهشة و ترقب و هي تراه يتحرك خطوة واحدة فقط تغدو على أثارها محتجزة بين الحائط من جهة و دينيز من الجهة الأخرى
ترفع عينيها المتوترة ناحيته بدلاً من الأرضية مع حركة أصابعه لكي يزيح شعرها على إحدى كتفيها ثم همس داخل أذنيها متنهداً بشوق يحرق كل حرف من حروف إعترافه بالشوق الشديد لها طوال فترة غيابها عنه
- لو قُلت أنني إشتقتُ إليكِ كل يوم...رأيتكِ في أحلامي كل ليلة...رأيت تصالحنا كلما غفت عيني...هل سيكون عيباً ؟
تهز رأسها بالنفي فوراً شاعرة بوجنتيها يحترقان من شدة الخجل بينما صدرها يعلو لأقصى إرتفاع تارة و يهبط لأدنى مستوياته تارة أخرى دلالةً على توترها بين إحدى كفوف يديها المرتعشتان قد تحرك ليمسك بكفه الأيسر و كأنها تحاول أن تبقيه على هذا الوضع كي تقي ذراعه الجريح من أي تهور قد يفترقه أما أن عن كفه الآخر فقد إستلقت أنامله على الحائط الذي ورائها و هو يقترب بوجهه منها أكثر حتى بات لا يفصلهما إلا إنشات مغمغماً بنبرة عابثة يطفو على وجهة حروفها بعض العتاب
- هل. سيكون عيباً لو قلت أنني لم أكن لأتركك ترحلين عني خطوة لولا كلام‍..
عند هذه النقطة قرر قلبها أن يأمرها بآخذ ردة فعل تقاطع بها لومه الذي كان سيبدأ فيه لتوه فهي لا تريد سماع ما قالته...لم يغب عن عقلها أساساً...لامت نفسها عليه قبله...لا تريد سماع و تذكر شماتة إستيرا بها مجدداً...لا تريده أن يأتي بأسم أبيها أمامها مجدداً...لا تريد إفساد جنون الليلة بأي شيء جدي و عقلاني!
و لهذا السبب و على الفور حركت كف يدها الحر لكي تضعه على رقبته و تجذبه ناحيتها فجأة لتقبله برقة شديدة مقاطعة مسار حديثه بعدما همست بصوت خفيف جداً لا يكاد يُسمع
- ألست بحاجة إلى الراحة قليلاً في رأيك بعد هذه الليلة الطويلة ؟
في البداية تفاجأ الرجل من حركتها و لكن سرعان ما تبخرت دهشته في لحظات و أغمض عينيه مستسلماً لقُبلتها الرقيقة حتى النهاية
...............................................................

كان القمر قد عاد للظهور من وراء السحب من جديد و قد راقت ألوان السحب عائدة إلى صفائها معُلنة خلوها من الأمطار و قد مر معها ما يتجاوز السبعون دقيقة على وصول أدا إلى هنا قضوا منها ساعة كاملة يشاهدان فيلماً سوياً و لكن مع تجاوز حدود المنتصف من زمن الفيلم شعرت البرتقالية بأنفاسه تنتظم تحت رأسها الراسية على صدره فدرات بعينيها تجاهه لتجد أن أميرها الوسيم قد غفى بالفعل بعدما مالت رأسه على الوسادة التي كان يستند عليها معترفاً بوقوعه تحت تأثير الإرهاق مجدداً الذي يدفعه إلى النوم في غفوات متقطعة بشكل مستمر و مزعج
فمنذ إصابته الغائرة في ساعده هذه و جهازه العصبي يتعاون ضده بشكل بشع - فيجعله حتى مع رغبته الشديدة في النوم - يستيقظ إذا تحركت إحدى عربات النظافة في الخارج أو إذا تحرك ذراعه المصاب أية حركة مهما كانت بسيطة..يستيقظ حتى من حديث الاطباء في الخارج او من رائحة المطهرات
- Canım..
" روحي.. "
همست أدا بصوت خفيف و كأنها تتحاور مع نفسها ثم دارت بعينيها للتلفاز مرة أخرى و قد قررت إغلاقه كي لا توقظه فإلتقطت جهاز التحكم و بضغطة زر واحدة إنقطعت أصوات التلفاز و توقف تماماً و بعدها مباشرة بدأت تحرك ذراعه ببطء شديد من فوق كتفيها لكي ترحل من غرفته قبل أن تصطدم بمن يحرجها لوجودها هنا و في هذا الوقت الغير مصرح لها بالتواجد فيه
و لم يُقدر لها التزحزح إنشات حتى شعرت بذراعه السليم يتشبث بجسدها الذي كان
قد وصل بالفعل إلى نهاية الفراش و صوته الخافت من ورائها يهمهم بنبرة ناعسة لا تخلو أبداً من العبث
- للمرة الأولى أحب النوم الخفيف لهذه الدرجة.. إلى أين ؟
و رغم شعور عقلها بالتوتر لفشل مخططاتها في الخروج إلا أنه لم يكن أقوى من إندهاشها من نومه الخفيف لتلك الدرجة و الذي يجعل النوم في كل هذه الجلبة والضوضاء مستحيلاً لهذا لم تتراجع أبداً عن إبداء دهشتها من الأمر دون أن تنسى أن تختلق إجابة مزيفة وسريعة على سؤاله
- سأخلع معطفي و أعود...اخبرني أنت..طالما أنك لا تستطيع الإستغراق في النوم هكذا..كيف تنام في هذه الضوضاء؟
و رغم أن تساؤلاتها كانت مجرد خدعة إختلقتها سريعاً لإشغاله و لكنها نجحت في جعله يفتلها لتبتعد و تخلع معطفها بالفعل و هي تحدق بيده التي كانت تمسك بها و هي تُوضع تحت رأسه قائلاً بسخرية ظهر فيها الإنزعاج جلياً
- أقضي الليل كله هكذا أغفو وأستيقظ.. جهازي العصبي يحرق نفسه بنفسه
و بعد جملته تلك مباشرةً صغطت الطبيبة الحمراء بأسنانها على شفتها السفلية بلطف دلالةً على تحيرها.. أتبقى بجانبه و تجاذف بإمكانية تعرضها للإحراج إذا مر أحداً ما و بالأخص في وجود ذاك الطبيب الحطبي الذي نهرها بكل وقاحة حينما شهقت خوفاً على حبيبها أم ترحل و تترك قلبها يحترق بالإشتياق لمالكه طوال الليل؟
و بعد تفكير دام للحظات أقنعها قلبها بحلاً وسطاً و هو أن تبقى هنا حتى يغط في سبات عميق قليلاً عن سابقه ثم ترحل..هكذا ستكون إكتسبت القليل من الوقت و لم تحرج نفسها
و لأنها إقتنعت بهذا الحل السديد بالنسبة لقلبها فقد أسرعت خطواتها ناحية الفراش من جديد و كأنها تخشى لو فكرت ثانيةً أن يقنعها عقلها بالذهاب
يلاحظها آتية ركضاً فيبتسم و هو يتنحى جانباً و لكنها لا تتمدد على الفراش بل تقفز لتجلس أمامه على الفراش متربعة بطفولية واضعة كلتا يديها تحت جانبي وجهها و هي تهتف فيه بمرح
- إييه..ماذا سنفعل الآن؟
رفع الرجل كتفيه بلا معرفة دون أن تتخلف إبتسامة عينيه و شفتيه عن الظهور أو أن يتخلى عن صبره و هو ينتظر أن تقترح عليه تلك الصغيرة المتحمسة ما تريد أن تفعله و لكنها لم تقل شيئاً مكتفية بالحملقة فيه بتلك العيون المتحمسة المبتهجة لذا أعاد هو سؤاله بشكل متخلف قليلاً هذه المرة عله يسحب من فمها الكلمات حينها
- هل أنتِ بخير؟
و للمرة الثانية توالياً تهز رأسها بالإيجاب عدة مرات دون حديث كي ترسم أفعالها صورة مشرقة لإبتسامة عريضة على وجهه و هو يسألها مجدداً إن كانت أكيدة فتكرر الإيماء مرات عديدة من جديد.. يبتسم أكثر مع إصرارها على الصمت ثم يسألها إن كانت جائعة فتهز رأسها بالإيجاب دون النطق للمرة الثالثة..تسمعه يقهقه على أفعالها الطفولية هذه فتعقد حاجبيه في استنكار و رغم ذلك تبقى ملتزمة بمبادرة الصمت المطبق التي أقامتها كما لم يتخلى هو عن ملامحه الضاحكة حتى وهو يغمغم متشدقاً بنزق
- يوجد هنا الكثير من الطعام الصحي...و لكن لأكن صادقاً طعام المستشفيات غير فاتح للشهية بتاتاً
و بشكل تلقائي ترتسم البسمة على شفتيها و تومئ مراراً موافقة في صمت دام للحظات تحركت فيه أقدام السينيور آركان هابطاً من فوق الفراش متوجهاً ناحية الثلاجة الصغيرة ليفتحها و يخرج منها بعض الأغراض بينما كانت أدا تتحرك لكي تتبعه إلى النقطة ذاتها قائلة برفض قاطع و نبرة معاتبة
- Hayır hayır, Deniz bırak onu..kolun
" لا لا ً، دينيز أتركها..ذراعك "
بل هي في الواقع لم تكتفي بمجرد الكلام كمحاولة لمنعه بل سرعان ما هرولت لتقف بمحاذاته أمام نفس الطاولة و لكن قبل أن تنتشل ما في يده وجدته يفتح عبوة زجاجية تحتوي على الكثير من. الشوكولاتة الذائبة و يبدأ في وضعها على إحدى شرائح الخبز الفرنسي المحمص
و على الفور تنسى إصابة ذراعه أمام سعادة الطفلة الصغيرة التي بداخلها بوجبتها المفضلة فتكتفي بالنظر إليه مطولاً بعيون تشكلت على هيئة قلب كبير و هو يغطي شريحة الخبز بالشوكولاتة ثم ينثر بعض الحبات المقطعة من الموز و الفراولة على عليهما و يغطيها بشريحة آخرى من الخبز و يناولها إياها بعد ذلك مبتسماً مجيباً عليها أخيراً بحقيقة غابت عن عينيها و هي تجزع بهذا الشكل خوفاً على ذراعه من مجرد حركة بسيطة كهذه و هي من كانت محتجزة بين ذراعيه منذ قليل...ركضت لحضنه و ضمها بكلتا ذراعيه.. حاوطها بكلتا يديه أثناء قبلتهما
- هذا الذراع كان يضمك منذ قليل يا أدا
و لسبب لا تعرفه توردت وجنتيها البيضاء خجلاً من جملته لذا إلتجأت إلى قضم قطعة من الطعام الممسوك بيديها كوسيلة للحد من خجلها ولو قليلاً
و لكن للاسف كان حظها العاثر حليفاً لها حتى في هذا لأن الشوكولاتة لم تقبل الإنصراف ببساطة و تركت آثارها عالقة على زواية فمها دون أن تدري المسكينة عن وجودها شيء إلا عندما إنحنى شاه السمر طابعاً قُبلة بطيئة على زواية فمها مغمغماً بإعجاب
- للمرة الأولى في حياتي أتذوق شوكولاتة بهذه اللذة
ترتجف خجلاً تعقبياً على أفعاله وأقواله و تزداد حمرة شكلها توهجاً شاعرة بكامل أجهزتها تتبخر و تتوقف عن العمل و هي تراه قد إنسحب بعيداً عنها و بدأ يعيد الأغراض التي أخرجها إلى الثلاجة و قد أعطاه ظهره نسبياً مما منحها فرصة ذهبية لتلكمه في ظهره هامسة بغضب خجول بينما كانت اصابع يدها الآخرى تلمس موضع قبلته
- S..Sen ne yapt..yaptın şimdi ?
"أ...أنت ماذا فعلـ...فعلت الآن ؟"
رغم أنها من سألت عما فعله إلا أنها هي ذاتها من ركضت من أمامه بعد سؤالها مباشرةً تجنباً لإجابته التي مؤكد ستكون مخجلة و عوضاً عن ذلك إنجرفت بمسار الحديث بعيداً قليلاً متسائلة بمرح ممتزج بالدهشة من قدرة والدته على جلب كل هذه الأطعمة للمشفى دون رفض من الإدارة إلى جانب هاتف جديد و ملابس له و لوالدته..حتى عطره و بعض الروايات!
- خالتي جولاي لا يُستهان بها البتة...لا اعرف كيف تمكنت من الإتيان بكل هذه الأشياء دون أن تبرح مكانها بالمشفى
تقضم قطعة صغيرة من طعامها بعد ذلك السؤال حينما كان هو يتجه ليجلس على حافة الفراش مبتسماً بلطف متكلماً بنبرة تملؤها المحبة والفخر لتلك الملائكية التي رزقه الرحمن بها لكي تغدقه بعاطفة جياشة من الحب والدفء.. إنها ملاكه الذي هبط عليه من السماء..اليد التي أمسكت به دائماً و تحملته مهما فعل.. إنها هي الركن الوحيد الذي ينهار عنده كل قشوره المزيفة..كبريائه و غضبه و حزنه و انعزاله.. كلهم ينهاروا تحت لمستها الحنونة و كلماتها و هي تضم رأسه إلى صدرها!
- رغم أن التسوق عبر الإنترنت يسهل كل شيء إلا أنني لم أتوقف يوماً عن الإقتناع أنها تملك الكثير من القدرات الخارقة
تباشير إبتسامة عريضة مشاكسة هي من إمتطت صهوة حروفه حتى ترسى على شفاه الحمراء التي جثت على ركبتيها أمامه في الأخير و هي تتلاعب بحروفها بدلال طفلة صغيرة لازالت تشكو لأمها جرح متناهي الصِغر أصابها
- عرفت هذا...لقد عانقتتي قبل أن أبنها بساعات
تشدقت في جملتها فرفع حاجبيه ساخراً و هو يفتح لها أبواب ذراعيه متسائلاً بعتب مصطنع إن كانت جادة في كلامها فعلاً فتميل برأسها على صدره و هي تهمس أنه بحاجة إلى النوم فلا يكابر
هو بالفعل يعرف هذا فهو فعلياً يحس بعينيه على وشك الإنغلاق عنوة و جفونه ثقيلة و كأنها تزن أطنان و لكنه كعادته لم يمتثل إلى شعوره المستبد بالإرهاق و عوضاً عن هذا لفها بذراعه و راح يمرر أنامله على شعرها مراراً للحظات قبل أن تشعر به يتمتم بخفة
- İyiyim böyle..Boşver sen
" أنا بخير هكذا...لا تهتمي أنت "
و على الفور خرجت من بين أحضانه رامقة إياه بنطرات كشفت رفضها و إعتراضها بل و كادت أيضاً أن تفتح فمها كي تصوغ قائمة طويلة من الإستنكار إذا لم يطبع قُبلته الحانية على جبينها و من ثم نهض دينيز قائماً قاصداً الدلوف إلى الشرفة لو لم تقبض على كفه متكلمة بنبرة جادة و قد إرتدت جلباب الطبيبة على أكمل وجه
- لا نقاش في هذا...جرحك غائر و تحتاج إلى النوم حوالي ثماني ساعات يومياً على الأقل..هكذا ستفسد صحتك
إبتسامة عريضة مشاكسة تألقت في إطلالة ساحرة فوق محياه و هو يتابع كفها الذي تحرك من تلقاء نفسه ساحباً إياه ليجلس بجوارها قسراً ثم تنهض هي من مكانها ليستلقي بأريحية مستسلماً لطلبها
- Ah söyle ya...azcık laf dinle
" آه هكذا..إستمع إلى كلامي قليلاً "
لا تعرف تلك الصهباء المشاكسة كم تلعب بأنفاسه و تحرقه بمشاكستها هذا..ليتها تدري كم يرتجف قلبه كما الزلزال مع تراقص الحروف على شتفيها..كم يحترق بجاتبها المتسكع هذا
هكذا غمغم شيطان عقله قبل أن يسحبها بيده من معصمها بقوة فتميل بنصفها العلوى فوقه على حين غرة و تتطلق فوراً تأوه مندهش و هي تجبر عينيها العسليتان على الحملقة في عينيه بترقب محاولة أن تستكشف منهما الحقبة الاستعمارية التالية منه لخلايا مخها
تنجرف أصابعه السمراء نحو خصلات شعرها الني تأثرت بفعل جذبه المفاجئ لهل فسقطت على عينيها الجميلتين كي يعيدهما إلى سيرتهما الأولى ثم يبقي على إحدى خصلاتها بين أنامله وهو يسألها عابثاً بصوت عميق لا يتجاوز الهمهمة
- Gerçekten mi ?
" حقاً ؟ "
تغمض عينيها مع تدرحج أنامل كفه مداعبة وجنتها ثم تبتعد فجأة و كأنها قد أفاقت من سكرتها تواً بل في الواقع لم تكتفي بالإبتعاد فقط و ركضت نحو الطرف البعيد من الغرفة حيثما كانت بعض الروايات مترصصة طباقاً فوق طاولة التلفاز
- لا أريد النوم...هل يمكنني إستعارة واحدة ؟
و على الفور تطير من رأسه إيماءة سريعة لم تراه للاسف مما دفعه إلى إستخدام الكلمات للرد عليها مستخدماً نبرته الودودة في النطق بحتمية إستطاعتها قراءة ما تشاء منهن دون أن يعي عن الطفلة الصغيرة التي ستخرج من داخلها للعلن شيء
دقائق مرت على جملته تابع فيها حبيبته الصغيرة تعبث بين كتبه و بغض النظر عن سرعة يديها في الحركة إلا أنها كانت تعامل الكتب برفق شديد و هي تقلب كل واحد منهم على حدى بين كفيها تقرأ العنوان و الوصف ثم تتركه جانباً حتى رصدت عدسات عينيها الجميلتين رواية يغزو غلافها اللون الأسود ماعادا ذاك الظل لراقصة باليه باللون الدموي و جملة قصيرة بلون الذهب تعنون الرواية
راقصة الباليه
- ماذا يروي هذا..؟
غمغمت أدا بصوت خفيف آتى الصمت رداً عليه للحظات إستدارت بعدها تعجباً من صمته و إستنكاراً منها لرغبته في إثارة تشوقها بأساليب لم ترتضيها
و لكن كل هذا الإستنكار تبخر تماماً ما إن دارت بظهرها ناحيته و وجدته قد تراخت جفونه دلالةً على بداية غفوته لذا لم تتراجع أبداً عن السير في خطوات سريعة تجاه الفراش و الكتاب مسجون بين أصابعها العشر و الذي إنتهى به المطاف مُلقى على الكرسي المقابل للسرير بينما جثت هي على ركبتيها و راحت تمرر أصابعها برقة شديدة بين خصلات شعره مطالعة تقاسيم الألم التي دوماً ما تُكتشف أثناء نومه قد عادت للبزوغ مجدداً بأسى
- İyi uykular canım
" نوماً هنيئاً يا روحي "
تمرر أصابعها بين خصلات شعره للمرة الاخيرة ثم تهبط بشفتيها لتقبل ظهر يده الموضوع على قلبه قُبلة عميقة قبل أن تنهض من مكانها و تهبط بجذعها على الكرسي المقابل للفراش بعدما أعادت الكتاب إلى داخل يدها و قد قررت أن تقرأ في هذا الكتاب قليلاً حتى تطمئن أنه راح في سبات عميق ثم ترحل بعدها
و لكن الرواية و طبيعتها البوليسية تجذب إنتباهها أكثر مما تخيلت و تثير فضولها لدرجة تجعلها تضع الإحتمالات والشكوك حول جميع الأبطال والأفعال كمحققي الثمانينيات حتى إنفصلت كلياً عن عالمنا و غرقت في أحداث الرواية حد أذنيها حتى تجاوزت قرب النصف منها
حينئذٍ تثاقلت جفونها بشكل كبير جعلها تحتضن الكتاب إلى صدرها و تميل برأسها إلى ظهر الفراش و لايزال عقلها حتى الرمق الأخير يقنعها أنها لن تنام
و لكن ربع ساعة آخرى كانت كفيلة لتفضخ كذبتها كما كانت كافية لإيقاظ القبطان من غفوته القصيرة عندما وصل إلى أنفه رائحة كمية كبيرة من المطهرات الكحولية التي إستخدمتهم إحدى عاملات النظافة في تطهير الممر الذي توجد فيه غرفته لكي تقطع عليه غفوة بالكاد وصلت مدتها إلى الخمسة والتسعين دقيقة فقط مما أثار ضيقته حقاً و هو يسافر بعينيه من سقف الغرفة إلى أرجائها بحثاً عن حمرائه حتى وجدها غافية على الكرسي في وضعية غير مريحة البتة و الكتاب لازال نائماً في حضنها كالطفل الصغير
و على الفور يزيح عن قدميه غطاء الفراش لينهض قائماً متوجهاً نحوها و قد قرر تنفيذ ما تمناه قلبه دون حاجة إلى التفكير مرتين
يقترب من كرسيها و تسلل أنامله كي تلتقط علكتاب برفق لقد حظى بالكثير من الحظ هذا الكتاب بقضاء وقت ليس بقصير أما الآن فقد حان وقته هو
يلتقط الكتاب و يضعه بجوار باقي الروايات ثم يعود إليها من جديد قبل أن ينحني أمامها واضعاً ذراعه السليم وراء ظهرها و يتوقف لثواني معدودة محدقاً في ساعده الجريح و كأنه يرجوه ألا يرتجف ألماً و يخذله
ثواني ثم يتحرك به حتى يرسى تحت ركبتيها حاملاً إياها إلى صدره
و كما توقع تماماً حدث و إرتعش ذراعه المصابة مراراً خالقاً معه حريق هائل من الألم جعله يعتصر شفتيه كاتماً تأوهه داخل صدره بينما شدد ذراعه اليسرى حصاره على جسدها و كأنه يخشى أن يتخاذل ذراعه الآخرى فيؤذيها بينما قدميه تحارب ببسالة حتى تصل بهما سالمان إلى الفراش
يصل بها إلى الفراش فيدنو بها ببطء شديد حتى يلامس ظهر يده الفراش ثم يشرع في إزاحة كفيه من تحتها برفق حتى يتمم مهمته بسلام و يعاود صلب جذعه و يتابعها بعيون باسمة لامعة كالماس و هي تدس جسدها تحت الأغطية متقلبة في القراش بأريحية كبيرة دلت على عدم استرخائها بتاتاً في وضعية نومها السابقة بينما كانت أنامله تدلك ذراعه المصاب ببطء محاولاً تجاوز هذا الفصل الطويل من الألم
إلى أن بدٱت ألالامه تتوراى حينئذٍ سمح لنفسه بالتحرك نحو الجهة المقابلة من الفراش و إزاحة الأغطية ليندثر بعدها بلحظات تحتها
يتلوى الشوق في نيران عينيه فيتقطر من نظراته لها...بداخله شوق يأكل فؤاده و كأنه لم يراها منذ أعوام...إشتاق لقربها منه لهذه الدرجة... غفى كل ليلة على حلم يتراقص فيه صوتها على نغمات الحب...إشتاق كثيراً جداً لنيران شعرها و أنهار عينيها و سحب وجهها..إشتاق حتى لنفسه بجانبها
و مع روعة أفكار كتلك التي كانت تدور في رأسه لم يكن في وسع شيء إعادته للواقع إلا حركات إبنة التوناي الحمراء البسيطة التي أسفرت في نهاية المطاف عن دخول جسدها كلياً بين ذراعيه
و على الجهة الأخرى بدأت رائحة عطره تتهادى إلى أنفها فحركت رأسها لتقترب أكثر عن طريق رفع رأسها الصغيرة و الهبوط بها على حافة وسادته بينما كانت عيناه تتابعها بزهو المنتصر..ها هي من تتودد و تتقرب منه حتى دون الحاجة إلى أي تدخل من طرفه..لم يحتاج للكلام كي تلبي رغبات قلبه كان يكفيه ويكفيها أن تتبع رائحة عطره فتأتيه كالمنومة تشاركه الفراش ذاته و الوسادة نفسها و نبضات القلوب نفسها
و ربما لهذا السبب لم يستطع أن يمنع رغبته أكثر و رفع أصابعه السمراء ناحية. شعرها مستمتعاً للغاية بملمسه الناعم و رائحة الياسمين التي تغزو رئتيه بمجرد الإقتراب منه. لمدة تجاوزت العشرون ثانية قبل أن تنزلق أنامله لتلامس حدود وجهها الجميل بحنو بالغ و كأنها مصنوعة من ماس يخاف أن يخدشه سهواً للحظات آخرى و لكن تملمها داخل أحضانه جعله يتوقف خوفاً من إيقاظها و يكتفي بإمساك كفها الصغير و يضعه تحت وجنته الملتحية
و على الفور آتى رد فعلها الأول على تصرفاته حينما بدأت تحك أبهامها الصغير في لحيته مغمغمة بصوت خفيف خارج من بين براثن النعاس و كل هذا من دون أن تفتح عينيها حتى
- دينيز...
صوتها و هذه النبرة تجعله يرتعش...إسمه بهذا الحب من فمها يصيبه بالدوار..وجودها داخل أحضانه كهذا يشعل النار في خلايا تعقله..إنها تجعله يتنفس الصعداء و يختنق بأنفاسه في آن واحد
- أنا هنا..أكملي نومك يا حبيبة دينيز
تخرج زفرات صدره محترقة بالشوق و هو يُقبل شعرها طويلاً مغمغماً بكلماته هذه ثم يغمض جفنيه و يضمها بحنان إلى صدره مستسلماً لغفوة آخرى متمنياً من الله تعالى أن تكون أطول من سابقاتها ولو قليلاً
و بعد مرور ما يقارب النصف ساعة عادت السيدة الخمسينية من كافتيريا المشفى بعد نهاية هذا اللقاء الإضطراري الذي أرغمتها عليه إحدى الطبيبات هنا و التي كانت في وقت سابق إحدى الجيران لمنزل عائلتها في دينيزلي
- آكلت المرأة رأسي بالحديث ياربي
هكذا تمتمت جولاي آركان و هي تدلف إلى الداخل مبترمة و في نيتها لازال هناك الكثير من جمل التذمر التي قاطعها رؤيتها لأدا و قد سكنت ببن أذرع صغيرها
و في نفس الوقت الذي كانت فيه أقدامها تسير ناحية الفراش كي تتضح لعينيها أكثر كانت إبتسامة عينيها و شفتيها تتوسع أكثر فأكثر صوت كبريائه الغاضب يُعاد داخل رأسها فتزداد إبتسامتها في توسعاتها
قال الكثير و قالت أدا الكثير...ترك إسطنبول بأكملها كي لا تسوقه قدمه إليها و رفعت أسوار قعلتها كي لا يرميها شوقها داخل صدره..ثم..ثم جمع بهما القدر في مدينة واحدة و في مستشفى واحدة و دبر تصالحهم بأسلحة الموج تارة و المطر تارة أخرى و كل هذا بين عشية وضحاها!
أولئكَ الذين كانوا يسعون وراء كبريائهم و يصيحون أنهما المظلومان و ليسا بظلامين هما ذاتهم من يتشاركان الآن الفراش والوسادة!
كانت جولاي بالفعل قد وصلت إلى حافة الفراش عندما إنتهت أفكارها المتعجبة و الساخرة لذا فإن محاولاتها في كبح ضحكتها الخافتة باءت جميعها بالفشل و هي تنحني لتقبل مؤخرة رأسه هامسة بمرح وكأنها تتكلم بلسان حال القدر
- istediğiniz kadar inat eten..sonunda siz Birbirinizi aşık oluyorsunuz
" عاندوا بقدر ما شئتما في النهاية تحبان بعضكما البعض "
...............................................................

ساعات تمر و سويعات تنقضي دون تغيير على الثلاثة النائمين في الغرفة سواء تلك الأم التي إستوطنت الغطاء البديل للفراش و الأريكة الوثيرة أو أولئك الذين إحتلوا الفراش
حتى أشرقت شمس يوم القبطان الثالث هنا في هطاي و أيقظت جولاي التي ما إن تخلصت من تأثير النعاس عليها حتى دلفت إلى الشرفة و بحوزتها إحدى الكتب بعدما عدلت من وضع غطاء الفراش على جسديهما أولاً
كما و للأسف الشديد أيقظت الطاقم الطبي الخاص بالمستشفى و الذي من الواضح أن هناك البعض منه لم ينم منذ البارحة لكونه يعقد مناقشة هامة جداً في أعينهما و التي من من سوء حظ الأسمر الوسيم كان موقعها في الردهة الموجود فيها غرفته
- يا رجل لا تفل هراءً...يجب أن تعترف بأن بيشكتاش كان جدير بالفوز بالمبارة عن فنربخشة
بل و لم يتوقف نقاش هذان المتعصبان عند هذا الحد و راح يصيح كل منهم مقدماً للآخر كل الأدلة والبراهين التي تبرهن و تؤكد على صواب رأيه دون أن يتزحزحا من مكانهما بوصة مربعة واحدة
و بالطبع مع تلك الحالة المزعجة التي يعاني منها الشاب فلم تبوء أياً من محاولاته المستميتة في إستكمال نومه بأي نجاح يُذكر و أضطر في نهاية المطاف إلى فتح عينيه متأففاً لاعناً تحت أنفاسه فنربخشة و بشكتاش و تلك المجادلة الهزيلة التي قطعت عليه نومه سدى
و لكن ما إن عاد له كامل وعيه و نجح في فتح عينيه بشكل كامل تلاقت مقلتيه بوجهها الجميل الذي لايزال نائماً بإسترخاء جم محى كن فوق تقاسيم وجهه كل علامات الإمتعاض مستبدلة إياها بإبتسامة كسولة و هو يتابع ستار أهداب حبيبته تُفتح رويداً رويداً حتى أطلت راسية فوق تقاسيم وجهه فيبادر هو بتحية الصباح بنبرة كسولة
- صباح الخير..
في بداية ظهرت فوق ملامح وجهها الجميل تباشير إبتسامة عريضة و هي تحدق في وجهه القريب جداً منها و لاتزال تاركة كفها تحت خده و الآخر يمسك بكف يده اليمنى في حركة قاربت على أن تصبح عادة تعودت عليها كلما إقتربت منه منذ إصابته حتى تقي ذراعه أي حرجة منه أو منها قد تؤذيه ثم تغمغم بعدها بلطف
- صباح الخير...هل إستطعت النوم جيداً ولو قليلاً
يومئ برأسه بالإيجاب ثم رفع أنامله مداعباً وجنته بإبهامها بحنو بالغ قبل أن يجعد وجهه و تضيق المسافة الفاصلة بين حاجبيه و هو يقول مستنكرًا بعدما عادت أصوات الطبيبان تصل إليه مجدداً
- لم أنم جيداً بهذا الشكل منذ أيام...و لكن ليسلما لم يتركوني أنام كالبشر
تبتسم للحظات بتوتر حينما تشعر بأنفاسه الساخنة تلفح بشرتها و لكن..دقيقة دقيقة كيف يمكن أن تكون هنا الآن..؟ هي على ما تذكر لم تشاركه الفراش بعدما اوقفوا الفيلم...هي جلست على المقعد لتقرأ...حسناً ربما غفت هناك و لكن كيف إنتقلت إلى الفراش...لهذا الحد القريب جداً جداً منه؟
- bir saniye..Ben nasıl geldim buraya ? Uykumda yürümüyorum
" ثانية...أنا كيف جئت إلى هنا..أنا لا أسير وأنا نائمة "
بل هي في الحقيقة لم تحتاج إلى أكثر من عشر ثواني فقط من بعد سؤالها كي تخمن أوقع السبل لوصولها إلى هنا و تبدأ التحديق طويلاً فيه بتهديد متوجس و كأنها تخبره بأنها أمسكت به متلبساً بجريمته
- دينيز إياك أن يكون ما أفكر فيه صحيح
يضحك مليء فاهه فتعرف أن ما خمنته صائباً و رغم ذلك لا يتراجع عن إيفائها إجابة مستوفية غير مبالياً البتة بنظرات الغضب و التهديد اللواتي يتقافزن من عينيها الجميلتين تجاهه
- Evet..ben getirdim sana buraya
" نعم...أنا أحضرتك إلى هنا "
و فور ما غمغم مبتسماً بحقيقة صواب ما ظنته حتى رأى الإنزعاج والضيق يكسيان ملامحها التي إنكمشت دلالةً على الرفض المطلق لما فعله بحق ذراعه اليسرى و قد بلغت عينيها أقصى إتساع من الممكن أن تصل قبل وقتاً قليلاً من بداية سيل لومها
- يا إلهي كيف تفعل هذا؟ أتعرف كم أزن أنا؟ كيف تحمل ذراعك وزن إثنان وخمسون كيلوغراما وهو لا يزال جريح؟ ألم يؤلمك هذا؟ و لكن مع من تتحدث هي...هو في دوامة آخرى لا يسمع فيها صوتاً ولا يستشعر فيها غضباً...هو يراها تتحدث سريعاً..تعقد حاجبيها و ترفعه..تضم شفتيها و تبسطهم..تبدو جميلة في عينيه بشكل مختلفة و هي غاضبة هكذا..تبدو عينيها الجميلتين بُنية أكثر حينما تخاف عليه..تبدو مميزة جداً في عينيه حتى و هي تنفث النار من أنفها من فرط الغضب
و من هذا المنطلق تماماً حرك الشاب أنامله لكي يحاوط بها وجنتها بلطف مقاطعاً إياها بكلماته العابثة و الغير متناسقة البتة مع الأسئلة التي طرحتها عليه
- تبدين جميلة جداً وأنت غاضبة وتتحدثين بسرعة كهذا
توقفت فجأة عن الحديث رافعة كلتا حاجبيها في إستنفار لمحاولته في التهرب من غضبها و لهذا لم تأتي عبثيته بثمارها المرتقبة إلا في مجرد تهدئة غضبها فقط و ليس العدول عنه
- دينيز، أنا جادة جداً...
للحق لم يكن كلامها قد صمت هنا و لكن مقاطعته لها للمرة الثانية مغمغماً بذات النبرة السابقة حالت بينها وبين المزيد من اللوم أو حتى تقفد الجرح
- وأنا أيضاً جاد جداً
يتابعها و هي تقلب عينيها بخجل شديد فيعرف إنها إستسلمت و قبل أن ينطق بحرف سمعها تغمغم بيأس إنها هي المخطئة أساساً..تتكلم مع من هي
و بعدها مباشرةً يتخلص الإثنان من غطاء الغراش و تنزلق خطواتهم تباعاً إلى الشرفة حيثما كانت جولاي جالسة هناك و قد تجاوزت بعض فصول الرواية بالفعل من فرط الملل
- Günaydın Canım!
همس دينيز وهو يستدير ليواجهها ثم يجثو على ركبتيه أماماً طابعاً على ظهر كل كف من كفوفها قُبلة عميقة كان ردها عليهما هو عناق كبير من طرفها قبل أن تتركه و تنهض قائماً لتستدير نحو أدا فاتحة لها كلتا ذراعيها و هي تقول بمرح قلل توتر أدا التي إصطبغ وجهها الجميل بالأحمر القاني خجلاً من موقفها أمام والدته و لكنها تفاجئت بجولاي تسحبها ر تضمها طويلاً و هي تغمغم بحنان شديد
- صباح الخير يا صغيرتي
تعانقها أدا طويلاً و تقبل جبينها بعمق بعد ذلك ثم تبتعد سامحة للسيدة ذات العقد الخامس من العمر أن تسحبهم للداخل من جديد بعدئذٍ و هي تقول بحزم قاطع رادع
- هيا تعالوا لتناول الطعام سوياً
عندئذٍ أفلتت الطبيبة الحمراء يدها من يد جولاي و هي تقول بحرج و قد إنتبهت أخيراً إلى إلزامية رحيلها الفوري عن هنا و تبديل ملابسها إلى ملابس الخروج كي لا ينتبه أحد إلى مبيتها هنا ليلة أمس
- Hayır hayır ben gitmem lazm...Kıyafetlerimi değiştirim sonra dönüyorum
" لا لا، أنا يجب أن أذهب..سأبدل ملابسي وأعود بعدها "
و لأن هذا الشبل من أسد ولبؤة كما يقولون فلم تنتظر جولاي من إبنها أن يحاول أن يثني حمرائه عن قراراها بالذهاب و أشارت هي سبابتها في وجه الصهباء بتهديد كاذب و هي تتراجع بظهرها للخروج من الباب
- إنظروا إليّ لا جدال في هذا...سأذهب لأحضر طعام ذو روح بدلاً من ذلك الكئيب الخاص بالمشفى وأعود...لا مهرب
و بعدها مباشرةً خرجت جولاي كما تعالى رنين هاتف الفتاة الشابة ذات البشرة الصهباء والشعر الأحمر مستنيراً بأسم صديقتها المقربة ذات البشرة السمراء إيليف مما أدى إلى هرولتها سريعاً إلى الشرفة كما الطفلة الصغيرة الني لا تطيق الإنتظار أكثر حتى تزف بشرى نجاحها إلى والدتها
- مرحباً يا سمرائي..صباح الخير
للحظات قليلة شعرت إيليف بالغرابة من هذه الحالة المبتهجة الغير المبررة لخليلتها حتى أنها كادت تظن للوهلة الأولى أن الخبر السار الذي إتصلت كي تزفه إليها قد سبقها القدر و عرفته و لكنها فضلت الإستمرار في نفس النهج الذي رسمته منذ البداية فقالت ضاحكة بنبرة تعرفها بياض الثلج حق المعرفة
- أنظروا إليها تبكي و تبكي و تلعنه ثم تبيت معه في النفس المكان ليومان..و يتعدل مزاجها...أليس كذلك
و بشكل ما لا تعرفه تشعل سيرته من فم صاحبتها الشوق في قلبها فتدور بعينيها بحثاً عن صورته إلى أن تجده يحاور شخصاً ما على الهاتف و من. خلال ما إستنبطته من ردوده الممتنة القصيرة تخمن أن المتصل على الأغلب يسأل نفس الأسئلة المعتادة للإطمئنان على صحته فتتابعه للحظات قليلة ثم تتنهد معترفة بإستسلام
- Vallah yalan söylemiyorum...öyle galiba
" والله لن أكذب...غالباً هكذا "
تقهقة إيليف مرات ثم تكرر كلمتها الأخيرة بميوعة زائفة و لازال لضحكاتها الساخرة آثر كبير يتخلل كلماتها التي كانت توجهها إلى الحمراء الذائبة في الحب على الطرف الآخر
- أساساً العتاب على من يدخل بينكما...لا داعي لأن يقلق عليكما أحد..انتما ما شاء الله مثل وجهي العملة تماماً يعني
تناديها البرتقالة غضباً وخجلاً فتزداد ضحكاتها صخباً لفترة وجيزة إلى أن تنخفض وتيرة مزحاتها أكثر و يعود ليزور ذاكرتها الهدف الأساسي الذي إتصلت بالبرتقالية من أجل إخبارها به كما يعود إلى صوتها البهجة والإفتخار بصديقتها الناجحة و ما حققته من نجاح طبي عالمي وصلت. حدوده إلى منظمة الصحة العالمية بذاتها!
- إنظروا إلى من وصل إلى العالمية إنظروا...لقد نجحتِ يا صغيرتي..نجحتِ يا حلوى القطن...لولا هذا القبطان وإصابته لكنتِ أمامي أعانقك...لقد صنفتك المنظمة الأولى على الائتلاف..نجحتِ مقالتك يا حبيبتي و يريدون تكريمك
ماذا؟ ما الذي قالته صديقتها لتوها..؟ نجحت مقالتها؟ إستطاعت إقناع الجميع بطريقتها في تناول موضوع شائك ومتشابك مثل الإنتحار؟ آتت الحلول التي قدمتها بثمارها على المستوى العملي حقاً وفعلاً ؟ هناك من إنقذوا و سينقذون بفضلها؟ هل ما تعيشه منذ مساء أمس حقيقة صدقاً أم ما هو إلا حلم طويل الأمد ؟ فعلياً لم تعد تدري
و من هذا المنطلق فإن فرحتها العارمة التي إعترتها بفعل الخبر كانت أكبر من أن تخرجها في نبرة صوت هادئة و جمل مترابطة مدركة للوضع لذا فقد إلتجأت أحبالها الصوتية إلى الهتاف بأسئلة متلاحقة
Ne ? Nas..Nasıl yane ? Ben miyim ? Bir dakika..Sen Cadde misin ? Mutluluktan ağlayacağım şu an
" ماذا؟ ک..كيف يعني ؟ أنا ؟ دقيقة...هل أنتِ جادة ؟ سأبكي من السعادة الآن "
و بينما كانت أدا تحاور صديقتها المقربة بتلك الحماسة لم تنتبه إلى أن أسئلتها ذات النبرة المرتعشة قد أثارت قلق الأسمر الوسيم الذي وصل نسبة قلقه بشأن الكامن وراء تلك المكالمة الهاتفية إلى درجة أنه أنهي مكالمته سريعاً بإقتضاب و إستدار بكامل جسده مواجهاً ظهرها
إما بالنسبة لها هي فقد كانت تسمع بجسد يرتعش جميع خلاياه من رأسها إلى أخمس قدميها صوت صديقتها السمراء و هي تؤكد لها حقيقة و واقعية ما تعيشه في هذه اللحظة
- اقسم أنني جادة...وصلتتي الدعوة منذ قليل و تذكرة سفر إلى جنيف بسويسرا...بعد عشرة أيام بالضبط يا شعلة الطب التركي ستكونين اصغر وأول طبيب تركي يتم تكريمه من منظمة بهذه المكانة المرموقة
و على الفور ينتفض قلبها داخل صدرها مع كلمات صاحبة البشرة الحطنية والشعر البندقي و ترتجف شفتيها السفلية مرات بعدما تجمعت في عينيها الجميلتين الكثير جداً من الدموع و هي تقول بتأثر كبير
- أقسم أنني أسمع ولا أصدق...يا إلهي...سأفقد وعيي الآن..لا تتخيلي كم أود أن أعانقك لو كنتِ أمامي الآن يا إيللي
- إييي لقب الثانوية..أتذكرين ؟
هكذا همهت زوجة ألب أرسلان بحنين و هي تتذكر بداية تعارفهم أعقاب عامهم الثانوي الأول و ذلك اللقب الذي كان ينادونها به زملائها و الذي لم تحبه يوماً لربما لهذا السبب جعدت الطبيبة الشابة ملامحها الناعمة بطفولية و هي تتكلم متشدقة بنزق معترضة عن كونها بعيداً عن البرتقالة تلك المسافة الكبيرة التي تمنعهم من الإحتفال بخبر كهذا
- ماذا سأقول كل هذا بسبب إصابة حضرة القبطان..لا يظن أنني سأمرر ذلك ببساطة...لقد تسلل و سرق صديقتي رسمياً..على أية حال سأنتظرك لنحتفل ما ان تعودين سالمة لإسطنبول
يتبادل بعدها المرأتين السلامات وتعود إيليف لإغراقها بالتبريكات والتمنيات بنجاحات أكبر في القادم من حياتها ثم تغلق إيليف الخط و تعود أدا للواقع مجدداً محتفظة بحالة النشوة التي تحاوطها بشكل يشعرها وكأنها تلامس السماء بأناملها و تعانق النجوم و تراقص السحاب
تجوب بمقلتيها الباكية الغرفة فتراه واقفاً في الداخل يناظرها بعيونه الحانية الممتلئة بمزيج من القلق والترقب فتهرول ناحيته ركضاً...إنه الأحق أن يشاركها فرحتها...البطل الذي يغتر قلبها و هو يخبره بنجاحه...رجلها وحبيبها الذي يستحق أن تشاركه الأمر...هو من شاركها برأيه وأفكاره...كان الوجه الآخر المضاد لأفكارها...عناق طويل منه و نظرة مليئة بالفخر من عينيه هي أجمل مكأفأتها في لحظة كاللتي تعيشها الآن
- لقد ربحت يا دينيز...بعد عشر أيام سأكون أول تركي يتم تكريمه
و من دون الحاجة إلى التفسير أكثر لمعت عيناه بالفخر و زينت محياه إبتسامة عريضة عاشقة جعلتها تظن في بادئ الأمر أنه سيحتضنها عناقاً كبيراً دافئاً عميقاً من فرحته لإنجازها ما كانت تتمنى إنجازه و لكنها تفاجئت به قد رفعها عن الأرض و دار في المكان بها عدة مرات بينما ذراعيه إلتفا حولها بقوة كحزام الآمان و كأنه يحقق لها أمنيتها الدفينة بالطيران في السماء من سعادتها
و لهذا السبب لم تتوانى البتة أن تصدر هي من شفتيها الكثير من الضحكات المندهشة قبلما تحيط هي جسده بذراعيها و تحتضنته بشدة
- Aferin aşkım... Başardın!
"أحسنت حبي... نجحتِ!"
بعد عدة لفات أنزلها السينيور آركان إلى الأرض أخيراً ليرى اتساع ابتسامتها السعيدة لاستطاعتها تحقيق واحدة من أكبر أمنيات أي طبيب و ليس هي فحسب
و حينما أطال النظر لعينيها و رأى بريق السعادة الماسي يبرق فوق بحار العسل زاد شعوره بالفخر بها و بما حققته من نجاح كبير في سن يُعتبر في عالم العمل صغير وبالاخص في موضوع معقد كهذا فطبع قبلة عميقة على وجنتها متكلماً بفخر
- لك هدية مني لنجاحك الباهر هذا!
و على غير عادتها الخجلة التي إعادتها منها فقد فجأته أدا بتشديد قبضتها على ظهره تعانقه بقوة متلهفة و دست وجهها بين طيات عنقه كي يخرجها صوتها الرقيق الهامس بوله مكتوم في النهاية
- أنا لا أحتاج هدايا، أنت تكفيني!
...............................................................
و بعد بضعة سويعات قليلة و بالتحديد قبل الظهيرة بقليل عادت الفتاة الشابة أدا ألتوناي إلى مشفى هطاي مرةً ثانيةً بعدما بدلت ملابسها و عقصت شعرها في كعكة مبعثرة بعض الشيء معيدة إلى نفسها هيئتها الرسمية كطبيبة تقضي ساعات عملها
و من بوابة المشفى إتجهت أولاً إلى خزانة الأدوية لتخرج بعض القطن و زجاجة المطهر و لفافة من الشاش الطبي ثم تتجه بعدها مباشرةً إلى الطابق العلوي حيثما تقع غرفة دينيز
و إستكمالاً للطريقة العملية التي تتبعها منذ عودتها إلى المشفى قامت بطرق الباب بخفة مرتان حتى تلقت أذنيها صوت دينيز بعد لحظات يأذن للطارق بالدخول فتفتحه قائلة بعملية شديدة برعت في تصنعها
- Gelebilir miyim ?
" أيمكنني الدخول ؟ "
و مع خروج آخر كلماتها من شفتيها إستدارت جولاي نحوها بإبتسامة عريضة حنونة متوقفة عن هذا الحديث الذي كانت تخوض فيه مع دينيز كي تسمح لها بالإنضمام لهما بنفس الطريقة الودودة التي إمتازت بها شخصيتها دوماً
- Ada, Gel tabii gel
" أدا، تعالي طبعاً تعالي "
أما هو فقد تعلقت عيناه اللامعة كالفضة بوجهها المبتسم يتابعها و هي تأتي إلى الفراش حيثما يجلسان بخطوات بطيئة إلى حداً ما قبل أن تضع الطبق المعدني الحاوي على أدوات تعقيم الجرح جانباً ثم تقول مبتسمة بإرتياح شديد و كأنها تخلصك من أكبر مخاوفها
- سيكون بإمكاننا الرحيل في صباح الغد...فقط سأعقم جرحك للمرة الأخيرة و نتأكد بأنه سيتحمل ضغط الجو أثناء السفر..و في النهاية سنجري فحص دم
بالرغم من عمليتها الشديدة في سرد الاحداث الطبية اللازمة خلال الدقائق القادمة إلا أنها بينها وبين نفسها كانت تحاول قدر المستطاع أن تشعرهم ببساطة القادم خصوصاً مع إنكماش ملامح الأم حزناً و هي تذكر إصابة أبنها أمامها
- آه اخبريه انتِ يا أدا...أقول له أريحه ولا يسمع
و على الفور ترمقه الصهباء بنظرة طويلة معاتبة يعرف سببها جيداً جداً ثم تدور بعينيها لتواجه جولاي و هو تقول كلماتها من بين أسنانها بضيق
- أخبرته بذلك...أخبرته ألا يحمل شيء و لم يسمعني...
و كمحاولة منه لكتم ضحكة كادت تنساب من شفتيه أخفض الرجل رأسه للأسفل و راح يحركها جيئة وذهاباً مراراً وتكراراً بعدم تصديق من تحالفهم في لحظة ضده و لكنه لم يجادل معهم بتاتاً وإكتفى بالتحديق فيهم بإستسلام حتى عندما سمع جولاي تستأذن بالرحيل لأنهاء ورق خروجه من المشفى و التأكيد على السيارة التي إستأجرها لكي تنقلهم من المشفى إلى المطار غداً إكتفى بالإيماء برأسه فقط
و لم تمر على خروج المرأة لحظات حتى طلبت منه ذات الشعر الأحمر أن يخلع سترته فنهض قائماً ليفتح السحاب ثم خلعها عنه ببطء شديد خاصةً عندما لمس القماش الجزء المصاب
لحظات قليلة تمر بعدها ثم يلقي الرجل السترة بعيداً و يجلس على الفراش كما فعلت هي و جلست بجواره و شرعت في رفع كم تيشيرته ببطء و ما إن وصلت لقرب مكان إصابته حتى شعرت به يجفل و يضغط شفتيه معاً كاتماً أنينه
- تمام تمام.. لا تقلق..لن أؤلمك
آه من صوتها الذي يحمل رنة البكاء هذا.. يؤلمه أكثر بكثير لو كانت تدري...تبدو كطفلة صغيرة تكتم الدموع بتهديد من والدتها...أناملها التي ترتجف و هي ترفع القماش عن جرحه تحثه على التماسك..يعرف أنه لو تأوه بقدر ألمه ستبكي حتماً
- أنطر تعقيمه سيؤلمك قليلاً و لكن سأحاول ألا أطيل تمام ؟
كانت تقول هذا و هي بالفعل تزيل عنه الشاش الطبي القديم برفق شديد حتى أزاحته تماماً عندئذٍ آتى رد فعله على كلامها عندما حرك أنامل كفه الأيسر ليرفع بها ذقنها كي تواجهه بعدما ترأى لعينيه دمعة يتيمة قد سقطت من بين أهدابها الناعمة على وجنتها قائلاً بتشجيع و حروف مليئة بالثقة
- أنتِ لستِ بطبيبة مبتدئة يا أدا أنت واحدة من أنجح الأطباء عالمياً..علاوة على هذا لقد سلمتك جراح قلبي كلها من قبل و دوايتها أستقلقي الآن ؟
و على عكس توقعاته تماماً هزت وحيدة ألتوناي رأسها مؤكدة أنها ستقلق الآن متممة في عينيه صورة الطفلة الصغيرة الساكنة داخلها تماماً
ولم يتسنّى له أن يجادلها حتى سمعهما تهمس بكلمة آسفة و تسكب البعض من السائل المطهر على القطن و تمرره على جرحه ببطء
و للاسف الشديد فلم تنجح جميع عهوده في إخفاء وجعه عنها بالرغم من أنه نجح في كتم آهات ألمه إلا أن صدره كان يعلو ويهبط بسرعة فائقة و رئتيه تسشنتق الهواء و تخرجه بسرعة أكبر جعلته يهلث...عيناه التي إعتصرهم و وجهه الذي أشاح به بعيداً عنها..رجفة ذراعه في كل مرة تعيد لمس القطن لجرحه..حتى كيفية إصابته كلما تذكرتها ترتجف من الحزن
و الأسوأ من كل هذا أن طبيعية عملها و واجبها المهني يستحكم عليها ألا تبكي او ترجف أبداً طوال عملية تطهير جرحه وإلا ستؤذيه أكثر
و بعد قرب الدقيقة كانت قد بدأت لتوها تلف الشاش الطبي الأبيض حول جرحه مجدداً ثم حرك هو أنامله ليعيد ضبط كم ملابسه من جديد و من ثم أحاط رأسها ليضعها على صدره فتهمس هي بضعف بعدما أحاطت ظهره بكلتا يديها و أمتلأت مقلتيها بالدموع
- أردت البكاء في حضنك بشدة يوم ما جئت إلى هنا...و لكن ذلك الطبيب كان يمنعني حتى عن التأثر..هل يمكنني البكاء الآن ؟
ضمها إليه أكثر فوراً و ترك وجهه يندثر بين خصلاتها المشتعلة كما ترك مطلق الحرية لأنامله التي راحت تربت على ظهرها برفق محاولاً بث القليل من الطمأنينةُ في قلبها وبالأخص بعدما شعر بكفها يزيد من قبضته على ظهره فنطق هامساً بلطف
- لا تبكي..سأخبرك شيئاً أفضل..أخبريني من هو الطبيب هذا
إبتسامة خفيفة ظهرت على زواية شفتيها و هي ترمقه بنظرة سريعة قبل أن تتحول فجأة إبتسامتها إلى أخرى أعرض و تتربع على الفراش أمامه هاتفة بحماس طفولي و كأنه لو أجاب بنعم سيحقق أمنيتها الكبرى
- هل ستضربه..؟ أقسم أنني أردت لكمه في أسنانه و لكنني تراجعت
تلك الفتاة الصغيرة تجعله يبتسم ببساطة لم يتخيل أن هناك مخلوقاً يستطيع فعلها قبل أن يراها و لكن من الواضح أن هناك الكثير من الأمور التي سيعيش حلاوة مذاقها للمرة الأولى بجوار تلك البرتقالية النحيلة غالباً
- أتعرف رغم أن فترة غيابك عن الوعي لم تكن طويلة بشكل مفزع من الناحية الطبية..إلا أنني عشت أسوأ ساعات حياتي حينها...كنت أنظر ليداي وأنا لا أقتنع أنهن قادرات على تغيير شيء...رأيته يعتصر بدم بارد بجهاز الأشعة صدرك..ثم. يمسك بذراعك المصاب ليجلسك..لم. يبدو عليك الألم و لكن أنا أكيدة أنها ألمتك..و بعد كل هذا يطالبني ألا أتأثر
طريقة سردها للأحداث التي حدثت في غيابه أزعجته ضعف و لكن تطاول ذاك الرجل الغبي عليها مستغلاً غيابه أغضبه مائتي ضعف فلم يجد ما يفعله حتى يحين موعد لقائه مع ذاك الطبيب إلا أن يضمها أكثر و قد ظهرت في مقلتيه نفس النظرة الغاضبة التي تكاد ترعب كل مخلوقات الأرض من قساوتها و هو يغمغم بشراسة بينما أفكار عقله تزيد من قساوة غضبه
- لننتظر سيادته و نرى..أنا أشتاق للشجار أساساً
و فور ما نطق بجملته الأخيرة حتى إستجاب القدر لطلبه بفرصة تجمعه مع الطبيب الذي تتحدث عنه حبيبته عندما وصل إليهما صوت طرقات خفيفة على باب الغرفة إنتفضت أدا بتوتر على أثرها دون أن تنتبه ليديها التي ضغطت على جرحه دون أن تنتبه سوى عندما أحست به يجفل و للمرة الأولى منذ الصباح يهرب من شفتيه تأوه طويل فتعود إليه بكامل جسدها محاوطة وجهه بدموع تملأ عينيها
- أنا آسفة أقسم أنني آسفة...هل تؤلمك كثيراً؟
و لكن قبل أن تُتاح له الفرصة لكي يطمئنها فُتح الباب مطل منه والدته و من خلفها هذا الطبيب الذي كانا يتحدثوا لتوهم عنه و ممرضة عجوز يبدو عليها ملامح الجمود
و قبل أن يزيح القبطان القماش عن ساعده من أجل سحب عينة الدم منه سمع الحمراء تلعن الطبيب الذي طالبها فور دخوله بالخروج بفرنسية متقنة لذا فقد قاطع هو حديثه متكلماً بعدائية شديدة
- لا افهم الآن ما الداعي من خروجها والأمر كله سحب عينة دم ؟
يطالعه صاحب الرداء الأبيض الطويل بنطرات حانقة لثواني و من ثم يغمغم من بين أسنانه بازدراء و سخرية لاذعة قابلها دينيز بنظرات مريبة أشبه بطلقات الرصاص
- هذا من أجل صحتك انت..
و على الفور إرتفعت حاجبي الرجل الأسمر بضع سنتيمترات للأعلى مستنكراً و بعدها لمعت عيناه ببريق الغرور و بزغت على جانب شفتيه إبتسامة مهددة متكلماً بصبر فارغ
- أنا أدري جيداً كيف أحافظ على صحتي..أدا ستبقي هنا في جميع الأحوال و يمكنني كتابة إقرار مني لتقلبي لأي شيء سيأتي من طرفها
و بالرغم من صراحةً إسلوبه الشديدة والتي جعلت الأجواء في المكان تبدو مشحونة و كأنهما سيخلعان عيون بعضهم بعد دقيقة واحدة فقط إلا أن هناك إبتسامة عريضة منتصرة زينت ثغرها الصغير أبان حديثها الهامس مع والدته و الذي كانت تحكي لها فيه عما فعله هذا الطبيب سابقاً
و لم يكن هناك أفضل من إستسلام الطبيب الذي أوكل للممرضة مهمة القيام بتحليل الدم له ثم غمغم بنزق إنه طالما أنه يثق بها بهذا الشكل فهو أدرى ثم يسحب الباب ليخرج و يصفعه وراءه
بينما إستدار الشاب بعدها ليواجهه الممرضة التي كانت تتابعه بتوتر حتى بعدما جلس مكانه في سكون لم تجرؤ أن تنبس بكلمة واحدة إلا تمنياتها له بالسلامة بعد إنتهائها من سحب الدم و قبل رحيلها عن المكان
و بعدما ساد الهدوء في المكان قليلاً عادت جولاي لتكسر الصمت و هي تقول بنبرة متبرمة من صفات هذا المعالج غريب الأطوار
- رجل كاره حتى لنفسه يا الله
...............................................................

مرت ساعات النهار الباقية في اليوم دون أن يبرح إياً من الثلاثة مكانه خارج حدود الغرفة و لكنها مرت ثقيلة و بطيئة جداً على الفتاة الشابة بعدما حكمت على نفسها أن تتحكم في مشاعرها قليلاًكي لا تؤلمه مجدداً ولا نعرف كيف فعلت هذا و لكنها بالكاد استطاعت تجليم مشاعرها فألهت نفسها مع والدته في إعداد العشاء مرة و إختلت بوالدته في الشرفة لقليلاً من الوقت تارة أخرى و تحدثوا عن طفولته كثيراً جداً رغم تذمره الواضح للجميع و الذي آتى بنتيجة عكسية و جعل والدته تخوض في الحديث أكثر
لن تنكر البرتقالة تفاجئت إنه كان طفلاً مشاغباً لهذه الدرجة رغم الرزانة التي تحيط به الآن..أحبت جانبه العطوف الذي دفعه إلى ضرب أحد المراهقين لأنه ضرب هريرة صغيرة كما أضحكتها إنكماش ملامحه خجلاً حينما ذكرت والدته تلك المرات التي دمر هو والده المنزل أثناء غيابها فيها مهما قصرت مدة هذا الغياب
و لكن للاسف الشديد الشيء الوحيد الذي لم يضعونه في حسبانهم خلال حديثهم عن الماضي هو أن يأتي الحظ بجزء من هذا الماضي الذي يتحدثون عنه أمام وجههم هكذا فجأة و هنا في هطاي البعيدةً جداً عن إسطنبول سوى عندما نهضت جولاي لتفتح الباب بعد سماعها خبطات خفيفة فوق خشبه و تفاجئت بإستيرا أمامها باكية العيون ببلوزة حمراء و بنطال أسود واسع متشابكان

مرت ساعات النهار الباقية في اليوم دون أن يبرح إياً من الثلاثة مكانه خارج حدود الغرفة و لكنها مرت ثقيلة و بطيئة جداً على الفتاة الشابة بعدما حكمت على نفسها أن تتحكم في مشاعرها قليلاًكي لا تؤلمه مجدداً ولا نعرف كيف فعلت هذا و لكنها بالكاد استطاعت تجليم مشاعرها فألهت نفسها مع والدته في إعداد العشاء مرة و إختلت بوالدته في الشرفة لقليلاً من الوقت تارة أخرى و تحدثوا عن طفولته كثيراً جداً رغم تذمره الواضح للجميع و الذي آتى بنتيجة عكسية و جعل والدته تخوض في الحديث أكثر
لن تنكر البرتقالة تفاجئت إنه كان طفلاً مشاغباً لهذه الدرجة رغم الرزانة التي تحيط به الآن..أحبت جانبه العطوف الذي دفعه إلى ضرب أحد المراهقين لأنه ضرب هريرة صغيرة كما أضحكتها إنكماش ملامحه خجلاً حينما ذكرت والدته تلك المرات التي دمر هو والده المنزل أثناء غيابها فيها مهما قصرت مدة هذا الغياب
و لكن للاسف الشديد الشيء الوحيد الذي لم يضعونه في حسبانهم خلال حديثهم عن الماضي هو أن يأتي الحظ بجزء من هذا الماضي الذي يتحدثون عنه أمام وجههم هكذا فجأة و هنا في هطاي البعيدةً جداً عن إسطنبول سوى عندما نهضت جولاي لتفتح الباب بعد سماعها خبطات خفيفة فوق خشبه و تفاجئت بإستيرا أمامها باكية العيون ببلوزة حمراء و بنطال أسود واسع متشابكان

- دينيز..كيف حالك...؟ كيف حدث هذا؟ أقسم أنهم صباح اليوم فقط فتحوا المجال الجوي لهطاي
كانت هي الصوت الوحيد المتكلم في الغرفة أما البقية فقد سيطر عليهما جميعاً حالة من الوجوم التام المطلق بدايةً من جولاي التي بقيت على وضعيتها السابقة الممسكة بمقبض الباب و ترمق الصورة المقابلة لها بعيون حزينة على هذا السلام الذي من الواضح جداً أنه لن يدم طويلاً مروراً بدينيز الذي كان يمر أمام عينيه العديد من لقطات فراقهم بسببها و نيران الغضب تحت جلده وصولاً إلى أدا التي إستدرات بفزع و قد بهت لونها كمن رأى شبحاً مرعباً ما أن وصل إليها فحيح صوتها
أهذا إختبار القدر لها الآن؟ أيختبر القدر مدى تمسكها بحبيبها ؟ أم أنها البائسة التي لم يكتب على السعادة في حياتها أن تكون أكثر من مقتطفات كي تأتيها عدوتها في عقر دارها؟
تتابعها بعيون مشتعلة بالنيران و هي تقترب من دينيز المتجمد بالأرض لتقبله فيبتعد دينيز خطوتان دلالة واضحة منه على الرفض..تستعوض القُبلة بالسلام فتمد يدها طالبة مصافحته
عندئذٍ طاف في رأس الحمراء ذلك التسجيل الصوتي لإستيرا الذي أرسلته لها والدة القبطان يوم إصابته...تتذكر سخرية إستيرا من تذبذبها..يطوف في عقلها إستغلالها لتشككها..لولا فشلها الذريع في إخفاء خوفها عن عيون تلك الغبية لربما لما كانا إنفصلا...لو كانت أقوى ولو قليلاً ريما لم يكن ليصاب دينيز
هكذا فكر عقلها في غضب فإستعادت رباطة جأشها و تولت هي المهمة التي رفض توليها شاه السمر و قبضت على كفها حتى كادت تهشمه و هي تصافحه بقوة قائلة بنبرة أسف مزيفة
- أعتذر منك و لكن دينيز ممنوع من إرهاق ذراعيه ولو حتى في التصافح
تصمت حروفهم عن الإندفاع قليلاً حين تدور برأسها جهة دينيز متسائلة بنبرة عملية شديدة أبهرته بقدرتها السريعة جداً على إختلاقها
- değil mi Deniz ?
" أليس كذلك يا دينيز ؟ "
و لكي يجيب على سؤالها ذو النبرة التحذيرية إجابة نموذجية تطمئنها أنه ممسك بطرف خيط لعبتها عقد حاجبيه معاً بعبوس مصطنع وهو يومأ لها برأسه موافقاً قبل ان يقول نبرة غايه ف الجديه
- بالضبط...غير مسموح لي بإرهاق ذراعي أو حمل أي شيء
جملته الأخيرة رسمت إبتسامة خجولة و عابثة في آن واحد فأضطرت إلى الضغط فوق شفتيها محاولة اخفاء ابتسامتها خاصه وهي ترى إبنة عمه قد تنهدت بإحباط شديد و جلست على الأريكة المقابل لهما بجوار جولاي التي لجأت إلى كفيها لتحجيم إبتسامتها الواسعة بعض الشيء
أما هو فلقد رأي ضحكة حبيبته العنيدة التي خبأتها من على شفتيها فظهرت بازغة في عينيها قبل أن يغمز لها بعينيه فى الخفاء دون ان يراه أحد
- إييه يا أدا أخبريني كيف تركك الأمن و أنتِ لستِ من أقارب المريض ؟
في الواقع عندما قذفت ذات العيون الحشيشية ذاك السؤال في وجه صاحبة حجري التورمالين كانت سعيدة و فخورة بالمعنى الكامن وراء سؤالها و لكنها تفاجئت بجولاي المسالمة تخرج عن صمتها و تقول بنبرة ذات مغزى هي الأخرى
- أدا لها إمتيازات ليست عند غيرها ؟
هي تعرف..هي تعرف هذا و ليست بحاجة إلى تذكيرها كلما رأوها...هل يستمتعون بحزنها أم ماذا؟
تمتم عقل الصغيرة ذات الشعر البني فوجدت نفسها عفوياً تعض على شفتها السفلية لكتم غيظها حتى كادت تدميها ثم ترحمهما في نهاية المطاف و تفلتهما موجهة كلامها القبطان هذه المرة
- بالسلامة يا دينيز..أتمنى لك الشفاء العاجل..لقد إشتاقت إسطنبول لك كثيراً
و بعفوية شديدة ترفع أدا حاجبها بسخرية لاذعة و هي تسألها إن كانت محقة في كلامها فتهز إستيرا رأسها مراراً و هي تقول
بنظرات مائعة أنها جادة طبعاً
هل لو نهضت الآن و سحبتها من شعرها للخارج سينطفئ غضبها أم تنهض و تضربها حتى تخلع عينيها أولاً سيكون أفضل؟
و بينما هي ترجح بين الكفتين سمعتها تحاور حبيبها فستدير بعينيها الحانقة تجاهها و قد صبت جام تركيزها على فحوى الحديث
- دينيز، إنهم يطلبون مننا في الجامعة بعض التصميمات المعمارية القديمة لشكل المستشفيات في العصر العثماني...ألا تعرف كيف تساعدني ؟
و للوهلة الأولى كادت جولاي أن تخبرها ببعض المكاتب التي قد تساعدها و قد عاد حنان الأم يطفو على سطح مشاعرها و لكن دينيز قاطعها قبل تكلمها بثانية واحدة و هو يقول بجفاء
- تعرفين يا إبنة عمي أنني قبطان ولا علاقة لي بالمعمار
و قبل محاولتها لإستمالته طرق فرد الأمن على الباب مطالباً إياها بالرحيل لأن الساعة قد تجاوزت التاسعة مساء فتنهدت تنهيدة طويلة محبطة ثم أومئت برأسها ببطء شديد و قد إمتلأت عينيها بدموع الأحباط قبل أن تنهض قائمة لتصافح جولاي ثم تدور برأسها ناحيته هاسمة بحروف مهزوزة و قد رأت يده التي تحاوط خصر أدا منذ مجيئها لقد رست على كتفيها
- سأنتظر عودتك لأسطنبول...
نعم ستنتظره...ستنتظره عمرها كله..ستحارب للرمق الاخير و حتى قطرة عرقها الاخيرة..لقد اسمت نفسها بإسطنبول و سنتظر أن يعود يوماً إليها..مهما طال سنتظر بلا ملل..مهما كان طريقها صعب..مهما ألمت و تألمت سوف نتنظره...لقد آتت اليوم على أمل أن يكون وحيداً جريحاً قلباً وقالباً فتدوايه..و لكن تلك الوقحة الحمراء لازالت معه...إلى الآن!
و قبل أن تبكي بكاء شديداً أمام كل هذا الجمع عاد صوت الرجل يناديها من الممر يعيدها إلى الواقع فسارت بضع خطوات بسيطة تجاه الباب...و لكن دقيقة واحدة..لقد نهضت الطبيبة الصهباء لتوصلها إلى الباب بكل برود وثبات إنفعالي رغم الرغبة المتعاظمة داخلها في قتلها و التمثيل بالجثمان
- ألا تعتقدين أنني لربما أساعدك في أمر التصميمات؟
قالت الحمراء ضاحكة وسع فاهها و هي تجاري خطوات إبنة عم شاه السمر إلى الخارج تلك الخطوات التي توقفت المهندسة الشابة عن سيرها مع سماعها كلمات البرتقالة المتسائلة بإهتمام مزيف و بدلاً من السير دارت في مكانها لكي تتقابل العيون المتحدية بعضهما بعضاً ثم همست بازدراء
- أنتِ أخر بشري على الأرض قد يكون معه ما يفيدني أو ما أريده حتى
و للحق فقد أعجب الأمر الطبيبة ذات الشعر الأحمر كثيراً جداً و قررت أن تكون جريئة صريحة أمامها للمرة الأولى لهذا السبب إقتربت من أذنيها هامسة بتحدٍ صريح
- الجميع يعرف أن ما تريدينه أرادني أنا
و بشكل فوري إندلعت شعلات الكراهية والحقد على مراجل حشائش عيون إستيرا آركان بعدما إسنفزتها صراحة و ثقة الحمراء في الحديث فقالت هي الآخرى بتحدي أكبر
- طالما أن هذا الصدر يتنفس سيكون دينيز لي أنا..كوني على ثقة...أنا لم أصمت أبداً.. أنتظري حتى تعودين إلى إسطنبول
تهمس أدا أنها تنتظر في شوق في الوقت نفسه الذي تنهض فيه والدة السينيور آركان لإصطحاب إبنة عم زوجها إلى خارج المستشفى بعد وصول شرارات النيران بينهم إليها
و ما إن يُغلق الباب على العاشقين حتى يتفتت قناع الثبات المزيف من على وجه أدا و تشعر برغبة ملحة تعتريها في معانقته وإلا ستنهار...هي لا تعرف أساساً كيف صدمت كل هذا أمام وجود هذه المخلوقة التي تضغط على أعصابها بشكل سيدفعها إما إلى قتلها أو البكاء
و في نفس اللحظة التي كادت تدمع عيونها العسلية فيها شعرت به يضغط على كتفها بحنان متسائلاً بلطف
- iyi misin sen ?
" هل انتي بخير؟ "
بل هو لم يكتفي بسؤالها فقط و أمسك بكلتا كتفيها بين يديه ليديرها كي تصبح على بُعد بوصات لا تكاد تُحصى منه
يرى عينيها الجميلتين اللتان تجمع في طرفهما دمعة يتيمة فيجبرها على أن تواجه عينيه عن طريق الإمساك بطرف ذقنها و رفع وجهها الجميل قليلاً
ترفرف بإهدابها مراراً في علامة على الخجل و يتساقط مع رفرفة رموشها عهودها لنفسها بعدم الإقتراب منه...بالمعنى الأدق تتساقط نسبياً لأنها لجأت هذه المرة إلى سؤاله قبل أن تفعل ما يدور في عقله وعقلها و كأنها تحاول أن تحمله الذنب لو أوجعته
- هل يمكنني أن أحتضنك..؟
و لم تمر ثانية واحدة حتى على طيران إيماءة الموافقة في الهواء حتى لفت جذعه القوي بكلتا يديها الصغيرتين قبل أن تطلق تنهيدة عميقة طويلة الأمد و هي تقول بإصرار
- أنت حقي أنا..
.................................................................................
أنا جيت. 😃😃😃😃😃
العيدية بدري اهو. 😎😎😌😌
عيد سعيد عليكم يارب و على كل اللي بتحبوهم و بارب تكون أيام هنا للكل بإذن الله 😚😚💜💜💜
إن شاء الله تعالى لو أمكن هيكون فيه بارت في العيد. 💃💃💃
Sizi seviyorum. 💙😙💙

Continue Reading

You'll Also Like

62K 2.6K 46
،بلا رحمة،... بلا قلب.. فهل عند ظهورها سيختفي الشيطان الذي بداخله، ام ستجعل شيطانه يظهر بكل تعاويذه الغلاف هدية من @Aagulia لوسي...
307K 12.2K 22
* هل في ليلة واحدة يفقد الإنسان كل مايملكه حقا أم أنه مجرد تعبير مجازي لا أساس له من الصحة * لكنه حقا حدث وفي ليلة واحدة إنقلبت حياة تلك المراهقة ذا...
22.2K 907 36
وصلت لصفحة الجرائم لتقرأ العنوان التالي مع التفاصيل . [ ' جريمة تحت الجسر ' وقعت الجريمة مساء أمس وتم العثور على الجثة في الرابعة فجرًا، لم يُظهر فحص...
60K 2.6K 22
إختلفت الطرق فاختارت طريق الجحيم في نهايته ...هل ستنحني؟