عَذْرَاء بيُوتْيآ ✔️

By peace_Of_Soul

16.7K 1.6K 1.1K

عند اختلاط الدم بالدم. و تدسّس العرق إلى العرق ،أُزيح النّقاب و أُنكشِف المَستُور ،حين تنقلب قواعد المنطق إلى... More

Chapter 1 ||سفرٌ مفاجئ
Chapter 2 || غريب أطوارٍ معتوه
Chapter 3 || تخرج و عودة للوطن
Chapter 4 || تخاريف ، بدء المهمة
Chapter 5 || حلمٌ غريب، صندوق مفاجآت
Chapter 6 || قلب التنين و ضيف غير متوقع
Chapter 7 || تحت شجرة الياسمين
Chapter 8 || طريقٌ مسدود و معلومة مفاجئة
Chapter 9 || كنيسة مريبة
Chapter 10 || سرٌ جديد بالعليّة
Chapter 11 || تغير بمسار الخطة و أول قطع الأحجية
Chapter 12 || بوصلة و بلوغ المنى
Chapter 13 ||مفاجأة، إلقاء قبض
Chapter 14 || تضحية صديق
Chapter 15 ||...إحتمال ، إحتمالان
Chapter 16 || الطريقة الصحيحة
Chapter 17 || عودة و محاولة أخرى
Chapter 18 || آخر مهلة
Chapter 19 || تأكد من إنهاء عدوك
Chapter 20 ||تحت غَيْهَبِ الليل
Chapter 21 || إنذار بالخطر
Chapter 22 || في رحاب الكوكب المنبوذ
Chapter 23 || تلك القنينة
Chapter 24 || حدِيثُ ما بعد منتصَف الليل
Chapter 25 || أغيوس ثومَاس
Chapter 26 || الإنتقال
Chapter 27 || أ هو الطريق للحقيقة؟
Chapter 29 || حلمٌ و مفتاحٌ أولِيْ
Chapter 30 || تلك الليلة
Chapter 30 || تلك الليلة
خاتـمـــة : عذراء بيوتيا

Chapter 28 || أصل الحكاية المفقود

265 28 64
By peace_Of_Soul

سعادتنا ليست شيئا علينا الوصول إليه أو تحقيقه ، ما يزال بإمكاننا إيجاد السعادة في طريقنا لتحقيق شيءٍ ما.»

_Kim Namjoon_

____________________________________

إنفرجت البوابة بذلك العالم المخفِيّ لمرةٍ ثانية ،  لوجهة جديدة، حاملةً مسافرين جدد، قراراتٍ مصيرية، و أحداثٍ جديدة لا تقل أهمية عمّا سبق.

إِنغلقت من وراءِ آخر ساحرٍ وطأت قدمه تلك  الدوامة، لتتشكل في هيئة شعلةٍ مضيئةٍ لا تكاد تتحاوز حجم عقلة الإصبع ، إنطلقت من حدود - مملكة بلوتو للسحرة -  مخترقةً الجو ، أسراب الطير المهاجر ، أشعة الشمس ، أكوام السحب و طبقات السماوات  السبع وصولا إلى الفضاء المُهيب.

أكملت رحلتها صوب طبقة الأوزون مخترقةً إياه  من ثُقبه، لتزيد من سرعتها مما جعلها خفِيّةً، حالما بدءت تتوضح معالم الأرض .

و فجأةً إنطلق نورٌ مشّعٌ مكتومٌ وسط مساحةٍ خضراء تضاريسية كسر وحدة و عتمة الليل المُلَيِّلِ ،  كان منبعِثًا من كهفٍ  تجوَّفَ جبلًا باذِخًا عالي القمةِ، يلوث به الغيم و يسدٌ مهب الريح من كل وجهةٍ.

كهفٌ لم يلبث أن تغيّرت معالمه و دواخلُه منذ  أن أصبح مقراً يعجُّ بزائرين  غُربٍ عنه لم يمرّ عليه بمثلهم.

" هذا أَأْمَنُ مكانٍ نستطيع التواري به دون إثارة أيّةِ شكوك، بحكم أنه بعيد عن أي مناطق سكنية."

أعربت خضراء الحدقتين إلى مخدومَتِها عمّا يختلج عقول بني جنسها القلائِلِ و هم يتفحصون مكان إقامتهم المؤقّت حسب علمهم.

" جيد بل ممتاز، يمكننا أن نعدّ تجهيزاتنا هنا دون أدنى عوائق أو تلوث البشر السمعي اللامتناهي. "

علّقت ميوريل على كلامِها و دَيْجُورُ عينيها يتفحص أنحاء المكان فيما إتخذت  مدخل الكهف موقِفا لها، و ذهنها ساهِمٌ بدهاليز الماضي يستحضر ما تريد نثره عن صفحة الذكريات.

               ⚛️___________________⚛️
              

" هيا هيا بسرعة سنتأخر على الحضور ."

صاحت تلك الشّابة و هي تسحب في يدها اليمنى فتاةً طغت علامات الملل على وجهها بينما تحاول أن ترفع نهايات  فستانها المصبوغ بلون السماء  باليد الثانية.

ضاقت ذرعا من حالها المزري و هي تجوب أروقة القصر للمرة الثانية بسرعة لم تسعفها، لتعاود الحديث ثانيةً لكن بنبرة مرتفعة نسبيا

"  ميُو ساعديني قليلا و تحركِ معي، أكاد أسقط على وجهي من هرولتي، ثم لا أريد لأبي أن يغضب من غيابنا هيا..."

لم تكد أن تكمل جملتها إلا و إرتدت للخلف بعنفٍ كان نتيجة سحب الثانية - أو  شقيقتها بالأحرى - بغتة و تجيب سؤالها الغير مطروح.

" لا تقلقِ أنغراسيا لا نحن سنتأخر و لا أبي بالأصل سيلاحظ غيابنا و إن فعل لن يؤثر بتاتاً به. "

" مالذي تقولينه بالطبع سيحزن منا، هذا اليوم  لا يأتي  إلا بالسنة مرة واحدة و أنا لا أوّد التفريط به ."

" أوه حقاً؟"

سألتها بسخرية و أعينيها مثبتةٌ على خلفِها، لتستدير هي الأخرى بعد أن وصل مسامعها همسات.

وجدت والدها يقف بنهاية الرواق قرب الدرج، يحتضن تحت ذراعه الأيمن فتاة مراهقة، و الإبتسامة تعلو وجهَيْهِما

" حتى بذِكرى وفاة مَلكته السنوية لم يتنازل و يتذكرنا، فقط إبنته ثم إبنته و من بعدها الطوفان ."

أكملت ميُو - كما لقّبتها شقيقتها -  كلامها مع نفسها عندما وجدت شقيقتها الصغرى تتجه نحوهما و تحتل كتف والدها الثاني ، لتكمل سيرها و هي تتجاهلهم بينما تتمتم بين شفتيها.

              ⚛️___________________⚛️

كانت تجلس  بمفردها داخل الغرفة  على طرف سريرها، محنية الرأسِ تنظر لكفَّي يديها المتوضعتين فوق رُكبتَيها.

كانوا قد عادوا قبل نصف ساعة من الان ، فبمجرّد أن خرجوا من ذلك الكوخ وجدوا أنفسهم على مقربة من الطريق السيّار الذي ركن به جاكسون السيّارة.

إستدارت تنظر لحقيبة يدها بلون الخَيْشُ الغامق المرمية بإهمالٍ فوق الأرضية بالركنة،  لم تلبث طويلا إلى أن جذبتها نحوها بيدٍ مرتعشة ، فتحتها تحرّر ما بداخلها على سطح السرير لترى غايتها.

أخذت ذلك المجلد الذي تبيّن لها أنه دفتر مذكراتٍ  بيدها و هي تتجه نحو الباب، إلا أنه بلحظةٍ فُتِح و ظهرت من ورائه صاحبة الشعر البلاتيني.

" تالا العشاء جاهز هيا."

أعلمتها تنتظر إجابتها، لتتنهد ثم تجيبها بعد أن وضعت الدفتر خفية على المنضدة بجانبها.

" هيا إذا، أنا قادمة."

خرجت معها ناحَ طاولة الأكل المرصوصة لتشاركهم بوجبة الطعام التي و لأول مرة تحس أنها تأدية واجبٍ لا أكثر، فلم تكن على طبيعتها المعهودة.

لم تشارك تشايونغ بمضايقاتها لغرينها الأشقر، لم تضحك و تعلق على نكات جاكسون و مدى شغفه بالأكل، لم تجلس مع عريض المنكبين و تحضر معه الأكل وسط نصائحه و وصفاته، لم تجالس نامجون و تثرثر معه حول الكتب و الثقافات أو حتى عمله، و الأهم باتت ترى الشخص الوحيد الذي عرفته طيلة سنواتها الواحد و العشرين كمن يتكتم على أمرٍ ورائه خبايا، غيرتها كل الأمور السابقة و ما مرت به نعم، لكن لعل اليوم كانت القشة التي كسرت ظهر البعير، إذًا ستضع حدًا و تتوضح الليلة كل المبهمات.

" جورجي ناوليني طبق المقبلات من أمامك إن كنتِ لا تريدينه."

أفاقت من غيبوبتها الواعية على حديث جاكسون الذي تلاه صرخته المتألمة.

" ماذا؟ ماذا بك أنتِ أيضا؟".

" ألا تخجل يا رجل! لقد أكلت حصتك و خاصة جين و شاركت نامجون و لا زلت تطمع بطبقها."

صاحت تشايونغ تنهره بعد أن سحبته من شحمة أذنه و هو غير منتبه.

" أنت ما دخلكِ ها؟ لم أقترب منكِ لذا دعيني و شأني، حقاً متوحشة ، أين أنوثتك يا فتاة!"

تذمر و هو يدعك أذنه المحمرّة، لتجيبه الثانية بتشفٍ و هي تلعب بحاجبيها.

" لا تقلق بشأن أنوثتي هي بالحفظ و الصون، تبلغك تعازيها على كرامتك المقصوفة ."

نظر لها و الشرار يتطاير من عينيه قبل أن يصرخ بإسمها و يهرول وراءها متوعدًا

" سأقتلك، أقسم أني سأنزع شعرك شعرة شعرة بعد أن أحلقه."

أعادت رأسها لطبقها تلعب فيه بشوكتها بشهيةٍ مسدودة.

وقفت تعتذر من الجالِسَيْنِ تتمنى لهم أكلا هنيئها تريد اللحاق بوالدها الذي غادر قبل دقائق.

أخذت طريقها نحو غرفته إلا أنها عادت أدراجها في آخر خطواتها، ذاهبةً إلى حجرتها تبتغي ان تتسلح بما لديها  كدليل لا هروب منه.

دقت الباب ثلاثًا، لتدخل ما أن سمِعت صوته المرحّب بالطارق، وجدته يتصفّح أحد كتبه الفرنسية مستعينا بنظاراته الخاصة بالقراءة، غير أنه أوقف نشاطه حالما وجدها تدخل عليه.

" صغيرتي أهلا بك."

رحّب بها بإبتسامة تكاد لا تختصر عُشُرَ حبه و مدى معزتها عنده، ليكمل حين لاحظ جمودها و وقوفها عند الباب.

" ماذا بك عزيزتي،. تعالي إجلسِ بجانبي."

ربّت على جنب السرير الثاني، لتنطق و لازالت صفحة محياها يُسْتَعْصى قراءتها.

" أبي لم آتي للجلوس. "

طغت ملامح الاستغراب و الدهشة الممزوجة على سيمون، لتكمل و هي تتقدم خطوات ناحيته .

" هناك موضوع أريد الحديث به معك و أتمنى... لا بل أرجوك  أن تصدقني القول به ."

" تالا بدأتِ تثيرين خوفي يا إبنتي، أي موضوعٍ هذا."

ردّ على طلبها بعد أن إعتدل بنبرة سرت بها ارتجافة قلق، فكانت هذه أول مرةً  لها تترجاه، و الأغرب  أنه هناك نسبةٌ و لو بالألف أن تكذّبه، حقاً إنها حقاً لسابقةٌ لم يعهدها!

" لا داعي للقلق كل ما في الأمر أنني سأطرح بعض الأسئلة التي تطن برأسي كالنحلةِ حبيسةٌ منذ مدة، و أنا شبه متأكدة أنك تملك إجاباتٍ لها."

أجابته تحاول خمد نيران تخيلاته إلا أنها لم تقم سِوى بتشتيته، فحدّت نظرته.

" باشرِ إذا، لنرى ما هذا الذي يؤرق راحتك."

قابلته بإبتسامة خالية من الفكاهة  قبل أن تتحدث

" حسنا إن كان هذا رأيك، دعنا نبدء من أول شيء حدث. "

عَقَب كلامها صوتٌ حادٌ نتج عن وضعها لصندوق فوق طاولة القهوة الزجاجية، لم يكن قد سبق و  رآه عندما دخلت.

إلتقت رماديتاه بعسليتيها في نظرةٍ مطولةٍ مليئةٍ بالمعاني لم تقطعها حتى و هي ترفع غطاء الصندوق العلوي، إلا أن صرير فتح الباب نال شرف تلك المحاولة المثمرة.

إستدار سيمون ليجد قَمحِيّ البشرة يُناوِب نظراته المتسائلة بينهما.

" أعتذر على المقاطعة ، لقد أتيت لكِيْ أناقش معكَ ملفـ..."

توجه بندقِيُّ الحدقتين بحديثه إلى الرجل الماثل أمامه حين طال الصمت بالمكان، إلا أنه قطع جملته حين وقعت عيناه على ما تحتضنه يد أتالانتا، لينظر لها بنظرة - مالذي تنوين فعله - هو يرفع أحد حاجبيه.

بادلته نظرته من شفير جفنيها و هي تزم شفتيها كخطِ مستقيمٍ بتذمر قبل أن تجيبه بنفس النبرة.

" ماذا؟ لا تنظر لي هكذا و كأنني المذنبة هنا، علي إيجاد نهايةٍ لهذا الأمر."

" لماذا أشعر و كأنك مُتوُاطِئٌ معها بما تريدني به؟"

سأل سيمون نامجون و هو يعود لمجلسه بطرف السرير.

" ليس و كأنني متواطئ."

نطق نامجون يضغط على حروف آخر كلمة، ليكمل و هو يجلس بكرسي المكتب الصغير واضعا رجلٍ فوق الأخرى.

" فقط على علمٍ برؤوس أقلام ما ستتكلم به، لذا إن كان يناسبكما طبعا أودّ حضور هذه الجلسة."

أنهى ليتلقى هزة يدٍ واهيةٍ من فحميّة الشعر دلالةً على موافقتها، قبل أن تستأنف معركتها الصامتة و والدها و هي تقول.

" على كُلٍ لنعد لموضوعنا ، هل تتذكر هذه أبي ؟"

أشارت لتلك الجوهرة القرمزية التي تقبع بقلب ذلك الصندوق الخشبيّ، لتكمل حين رأت إتساع بؤبؤ رماديتاه و هو يحدجها بتركيز.

" عندما سئلتُ نامجون عنها بعد إستفاقتي من إغمائي أسكتني و  أخبرتني أنك قُمتَ بإتلافها، ثم أتفاجؤُ بأنك لم تفعل، لماذا؟ "

" من أين لكِ بها تالا ؟"

" هذا ليس مهم."

" من أين لكِ بها؟ أنا أسأل للمرة الثانية. "

" أبي."

صاحت إسمه بعد سؤاله الذي وجدته دون مغزى لتكمل بسأم.

" المغزى من أنني أريتُكَ إياها ليس لكي تسألني من أين لي بها ، بل لتخبرني لماذا كذبت عليْ؟ في الحقيقة لتخبرني في المقام الأول ما الغاية من إخفائك لها عني؟ "

" نعم لقد أخفيتها. "

أجابها بوجه جامدِ الملامح ليسترسل.

" و إن وُضعتُ بعذا الموقف مرةً أخرى سأفعل نفس الشيء. "

" لكن لمـ... "

لم بدعها تكمل سؤالها الواضح حتى قال

" هذا لمصلحتكِ أتالانتا، و لا تسأليني لماذا."

" ماذا؟ مصلحتي؟ حقاً! "

أعادت كلماته بدهشة ممزوجة بسخرية خفية، قبل أن تهز رأسها و تتحدث.

" حسنًا لمصلحتي لمصلحتي لن أناقشك مع أنها إجابةٌ لم و لن تقنعني البتة. "

سكتت للحظات تنكس رأسها بين يديها قبل أن ترفعه و هو لا يزال مستندًا على كفّها.

" أ تتذكر يوم رأيت لوحةَ والدتي بغرفتي و ما أخبرتك به؟ "

" نعم لا أزال أذكر تلك الرسمة لقد كانت كأنها هي، ثم أ لم تخبريني أنك حاولت جهدك و عصرتِ ذاكرتك لأجلها؟"

إبتمست بفتورٍ و هي تسمعه لتجيبه ما أن أكمل كلامها.

" لقد كذبت عليك يومها ، أنا حتى لم أعرف بكونها والدتي إلا عندما أخبرتني. "

" ماذا؟ "

" نعم كذبت، ثم بربّك كيف لفتاةٍ توفيت والدتها و هي بعمر السابعة أن تتذكر وجهها بتلك الدقة! "

ردت بسخرية، لتنعدم المساحة بين حاجبيه و هو يعتدل قبل أن يُعلن سؤاله.

" إذًا كيف رسمتِها؟ "

" حلُمتُ بها. "

أجابته ببساطة، لتلتفت بعدها لذلك الماكِثِ معهما بالغرفة يتّخذ دور المُشاهِد الصامت، بادلته نظرته قبل أن تُحدِّثه.

" نامجون تتذكر الحلم الذي روَيته لك و كان به إمرأة؟ لقد كانت والدتي إعتمادًا على ما قاله أبي."

أدلت إجابة سؤالها نيابةً عن المعني به، لترى تحديقاته بها  المتفاجئة من الحقيقة إلا أن خاصتها أكدته له ثانيةً.

" حقا تالا؟ لقد خِلت أنك ستقولين أنك إلتقيتها. "

تنهد سيمون براحة ليكمل و بوادر الطمأنينة شرعت تخالج نواجده.

" من الطبيعيّ أن تحلمِ بها، في بعض الأحيان شوقنا لأحبّائنا يحفز العقل الباطنيّ على إستحضار ذكرياتهم الماضية."

" ذكرياتهم الماضية و  ليس  تحت شجرة كرزٍ بمشتل زهور تهذي عن النهاية و القربان و لا أعلم ماذا أيضاً."

صرخت تستقيم من مكانها بعد نفاذ آخر ما بقي من عقلها.

" أبي لا تعاملني كبلهاء، فلا أنا بالثانية من عمري و أنت يمكنك تركي هكذا دون تفسيرات منطقية."

" أتالانتا مالذي تريدينه بالتحديد لقد بدءت تخرجينني عن طوري. "

بادلها بالحديث بصوتٍ تبنّى نبرة خاصتها.

" ماذا بكما إهدءا قليلا! أتالانتا تريثِ الأمور لا تحل بهذه الطريقة. "

كسر بني الشعر صمته حين لاحظ إنعراج سير الحديث بين الأب و إبنته.

" نامجون أرجوك. "

ترجّت مساندته لتكمل دون مراعاةٍ لصوتها الذي أثار جلبةً  بالمنزل و جذب قاطنيه ليتجمهروا بجانب الباب المفتوح  و هي تعد على أصابعها .

" لقد أُصِبتُ بالرصاص، خُطفتُ، رأيت تشايونغ غير التي أعرفها، تدهورت نفسيتي، كدت أن أهرب بكَنَفِ الليل لبقعة يعلم الرّب ماهيتها لولا إيقافك لي بالوقت المناسب . "

" لا تخلطِ الأمور، تعلمين جيدًا لما منعتك من الرحيل."

هسهس من بين أسنانه  و هو يتقدم خطوةً للأمام.

" أعلم، نعم أعلم و ليس هذا ما أقصده هنا . "

أجابته  و هي تجوب الغرفة لتكمل و هي تأشّر بيديها.

" في وسط كل ما أعيشه من مدٍ و جزرٍ  بين المبهمات و الكوابيس اللامتناهية التي تراودني ،  أُخطف لتسلبني مجموعة فتيات مخبولاتٍ قلادتي و كأن بها حياتهن، أعود لحياتي و لنفس الدائرة المغلقة ، ثم فجأةً أجد في طريقي رسالةً كشعاع نور وسط الدجى تخبرني أنه إن عليّ معرفة ماهية ما أعيشه أعود لأصل القصة بيوتيا ".

توقفت تتجه ناحية سيمون الذي لم يقم بشيءٍ سوى تربيع ذراعيه و مراقبة عاصفة إنفجارها، لتكمل و على ثغرها إبتسامة صفراء.

" أتأخر بيومٍ و لا أذهب لأجد باليوم الثاني قرارًا موثّقا من القيادة بالإنتقال و يالمصادفة إلى أين؟"

سألت دون نية إنتظار الجواب فلم تلبث و أعلنته

" إلى بيوتيا، حقا أبي! تظنني بهذه السذاجة؟ لا تنسى بالأخير إنني تربيتك سيد براون."

" عن أي بيوتيا تتحدثين؟ نحن بأغيو... "

" أعلم أي نحن جيداً جاك "

إستدارت له لتكمل تفسير إستنتاجها

" أغيوس ثوماس ليست إلا بلدةٍ تقع بمقاطعةٍ وسط اليونان، فويوتيا و التي كانت سابقاً بيوتيا، أي نحن ببيوتيا. "

" إلهي كيف تعلم كل هذا؟ "

همست تشايونغ مع نفسها ليجيبها الأشقر الذي كان وراءها و سمعها.

" غوغل تشايونغ غوغل."

" إخرس دعني أسمع ما تقوله."

نهرته و هي توكز بطنه بكوعها.

" إذا أبي قل لي أنها مجرد مصادفة جديدة. "

قالت و هي تعود لمكانها، لتكمل و هي تلقي في حجره ذلك المجلد، فيما عيناها حبست خاصته.

" مصادفة تتضمن هذه أيضًا."

ألجمته صدمةٌ لم تظهر سوى بإتساع بؤبؤ رماديتيه عن الكمال، لتريح عناء الكلام عندما لاحظت محاولاته الفاشلة.

" أرح نفسك، لقد وجدته بكوخٍ وسط الغابة."

صمتت برهة تنزل رأيها فيما تدعك عينيها بإبهامها و سبابتها،. لتكمل بصوتٍ مشحرجِ إثر غصتها المكبوتة فيما تلأتلأت عسليتيها بطبقة دموعٍ براقة.

" حبًا باللّٰه أبي مالذي تخفيه عني؟ أ هو خطيرٌ لهذه الدرجة؟"

تنهد قبل أن بغيد نظراته نحوها و يتكلم

" تالا..."

إلا أن صوتاً خشنًا قطعه و كان بالمفاجئة للكل.

" سيدي أعتقد أنه من الأفضل لها و لنا  أن تعلم الآن."

" سوكجين مالذي تقوله؟"

سأله سيمون و أعين الجميع إتسعت لحديثهما.

" أنا متأكِدٌ و على يقينٍ مما أقوله."

" هل كنت تعلم؟"

صاح جاكسون و هو يقصد عريض المنكبين، الذي لم يلتفت له بل بقي يحدّق بسيده - كما ناداه-.

" يا إلهي كيف سأفعل هذا! "

همس مع نفسه ذلك الرجل المتقدم بالعمر، ليرفع رأسه نحو وحيدته و يشرع بالحديث.

" حسناً إن كان هذا ما تريدينه، ركزِ معي جيدا فيما سأقوله الآن ( إستدار للأخرين قاصدا إياهم) أنتم أيضا فلا شك لدي بأنكم على علم بكل ما قالته "

هزت رأسها للأعلى و الأسفل دليلا على موافقتها، فيما إقترب جاكسون و تشايونغ ليجلسا على مقربةٍ منهما و عاد نامجون لكرسيه.

" قديماً في مكانٍ بعيدٍ كل البعد عن الأرض ، كانت هنالك مملكةٌ لغير بني البشر حكمت بقاع تلك المنطقة بالعدل و السلم، وضع حكّامها الشعب و الرعية فوق كل أحلامهم و طموحاتهم الجشعة.

إلى أن حان وقت رحيل الملك هارولد الرابع و تسلّمِ نجله الأكبر جوناس من بعده الحكم.

إزدهرت أمارته و عمها الأمن و الخير ، تزوج و أنجبت له زوجته توأمين ذكرين « كيفن و كلاود».

مرت الأيام و الفصول و تلاحقت السنوات و شبّ الولدان و عجّز والدهما و حان وقت إختيار وليّ العهد.

لكن التوأمان لم يكونا بتلك الشهامة كأسلافهم، فكانا يحقدان كلٌ على أخيه ظناً أنه يسلب حقه بالنفوذ، و  تأصل الشجع و حب النفس بطبعهما.

لذا رأى جوناس و بعد مشاورته مع زوجته  أن يقسّم أرضه إلى قسمين متساويين فيحكم كل واحدٍ على هواه، فبهذا يجتنب سفك الدماء و يأمل أن يرى كلٌ مالا يملكه.

توفي الملك و توّج كلٌ من كيفن و كلاود ملكاً على شعبه.

فكانت بداية حكمهما فترة دمارٍ و تقهقرٍ على كلتا  المملكتين لم يسبق و أن شهدها معشر السحرة... "

" سحرة ؟"

سألت تشايونغ تتأكد مما سمعته ليجيبها.

" نعم سحرة ألم يسبق و قلت أنها لغير بني البشر، على كلٍ لنكمل.

كما قلت، سارا في طريق تحقيق مصالحهما الدنيئة و لو على حساب الغير.

فلم يكونا يضعان إعتبارًا لأي أحد حتى والدتهما التي نال منها الزمن و هي تحاول إثناءهما.

حتى حلّ يومٌ و تجرء كلاود على مَسِّ و إنهاك حرمة والده تحت التراب، فكانت كما يُقال النقطة التي أفاضت الكأس.

قدّمت الملكة الأم  و وهبت كل طاقتها و قوتها، و قد كانت من سلالةٍ نقيّة نبيلةٍ، في لعنةٍ حطّت كالوباء على المملكتين لتلفظ آخر أنفاسها  من بعدها. "

" و ماذا كانت تتضمن تلك اللعنة؟ "

سأل ذو العينين البندقيتين.

" كانت لعنة ضد النار، كل ساحرٍ بإختلاف رتبته ملكاً كان أم من العامة يضعف ما أن يقرب  النار و إن حدث و أصابته فَنَى. "

" لا زلت لا أفهم ما علاقة هذه الحكاية بما أريد معرفته! "

قالت أتالانتا بملامح جامدة، ليجيبها والدها بتمهلّ

" وراء تلك التفاصيل المبهمة تكمن بواطن الحقيقة، للحصول على الإجابات الموعودة ، ابحثِ عن أصل الحكاية المفقود . أليس هذا ما جاء بتلك الورقة؟ "

ذكرها ليكمل دون إنتظار جوابها.

" و هذا هو أصل الحكاية المفقود ، لذا إستمعِ و إربط الأحداث ببعضها بعض ."

" ماذا حدث بعد تلك اللعنة؟ "

سألته بإستسلام ليجيبهم.

" في البداية لم يعرها شخص أهمية إلى أن بدءت تظهر نتائجها، فمن مات و من خسر سحره و من بات مبتور أو مشوّه الأعضاء.

حينها مُنعت كل مصادر النار و ما يسببها، فكلا الملكين إتخذا حذرهما، حتى أنه تم وضع غشاء ضد ضوء الشمس فلا يلج منه إلا نورها.

ظلّ هذا الحال لأعوام عديدة كان قد أسس  فيها الاخوين أسرتيهما ، فكان لكلاود طفل وحيد توفيت والدته إثر ولادة مبكرة ، بينما كانت زوجة كيفن بأوائل حملها .

بتلك الفترة ظهرت نبوءةٌ من أحد شيوخ المجلس الأعلى تنص على أن خلاص الأمة بإتحاد الشقيقين، فما هذه اللعنة إلا نوعٌ من عقاب والدتهما لأفعالهما المشينة، لذا حتما سيظهر مَنْ مِنَ سلالتيهما يحمل قلبا طاهراً نقياً لم يمسسه السواد يكون به الخلاص، فيجب تقديمه قربانًا للربّ تحت طقوسٍ خاصةٍ للتكفير عن خطاييهما و ذنوبهما

رفض الملكين تلك النبوءة و كذبوها، إلا و أنه تحت ضغط الشعب و خوفا من أي عصيانٍ أو إنقلاب، صرّح و وعد  كيفن أنه إن كان مولوده القادم أنثى سيقوم بتزويجها لطفل أخيه شريطة عدم قتلها و بذلك تكون تحققت النبوءة.

و حدث  ما قال، فبعد شهور الحمل التسع، رُزِقت المملكة الشرقية بوريثتها  و كُنِّيت أنستازيا  و منذ أول لحظات ولادتها كُتِبت بإسم إبن عمّها الأوحد غابرييل إبن كلاود.

كان غابرييل يكبرها بفارق ما يقارب الخمس سنوات، فكبرا و ترعرع على و كبر على فكرة أنه الموعود بالعرش، فتلقى دروسا و تدريباتٍ قاسية سواءا للحرب بالسلاح أو بالسياسة طبعا دون إهمال قواه السحرية .

و قطع وعداً على نفسه أن لا يكون بغشم و ظلم والده مع رعيته و الذي بدوره قد تذوق القليل منه .

فكان كما يقال الرجل المناسب في المكان المناسب"

" أ لم يعترض على زواجه من قريبته تلك؟ "

إستفسرت تشايونغ ، ليلتفت لها سيمون و يجيبها.

" لم يكن قد سبق له و أن فكّر بأمر الزواج حتى.

فبعد ولادة أنستازيا، كانت الشرارة التي إندلعت بين الرعية قد أُخمدت حتى قبل أن تنثر لهبها ، لذا لم يعد أمر النبوءة بذلك الموضوع النيّر المتداول.

و بعد أن أتمت أعوامها الثمانية عشر و باتت جاهزة للزواج، عُرِض الموضوع لكليهما من قِبل آبائهم.

أنستازيا موافقتها كانت أمراً حتمياً مسلّما به كسائر بنات ذلك الجيل و خاصةً الطبقة الحاكمة، أما غابرييل فزواجه منها كان لكي يتقي شر والده و يضمن عرشه.

أي بعبارة ثانية زواج مصالح متبادلة.

ليلة عُرسِهما أقر غابرييل لزوجته الحديثة منظوره لهذه العلاقة و أنها خالية من أي عواطف أو مشاعر و إنه إن بيومٍ ما أرادت حريتها سيحررها و المثل له، فلكل الحرية كيف يعيش حياته .

هي وافقته مع علمها أنها لن تتراجع عن قرارها ظنًا منها أن الزمن سيغيره، لكن ما حدث أن الزمن كان كفيلاً بها لا به، فمع الوقت بدءت تعجب بلطافته و سماحته و هيبته و غيره من خصاله ، و مع ولادة إبنتها الأولى تأكدت من حبها له.

زادت عائلتهم فرداً ثانٍ و غابرييل لا يزال على حاله، يؤدي دوره كزوجٍ تأدية الواجب و يكون لبناته خير والدٍ رغم تعلق الكبيرة بأُمّها.

ذات مرة كان قد خرج بإحدى رحلات صيده القليلة لوحده دون حراسه، فبعد تسلمّه حُكْمِ الأمارتين و إعادة لم شملهما في مملكةٍ واحدةٍ كما كانت دائماً، كان يسير مع الحراس كنا تقتضي العادة ."

قاطعه صوت جاكسون السائل.

" ماذا عن والده و عمّه؟"

" هما كانا كبيرين بما فيه الكفاية ليشاهدا أحفادهما ، لذا بعد ولادة البنت البكر توفيا كلاهما بنفس اليوم، و كأنه كتب لهما أن يذهب للعالم الآخر كتوئم.

على كلٍ خرج غابرييل في رحلةٍ صيدٍ إلى إحدى غابات حدود مملكته الشرقية.

فبينما هو يتربّص بأيلٍ يرتوي من مياه  ضفة أحد ضفاف النهر بقوسه و سهمه ، فجأة دبّ صوت صيحةٍ بعثرت شتات سكون المكان.

ففقد تركيزه و هرب الأيل جانيًا بحياته و طارت الطيور من أعراف الشجر.

زاد حنقه من فشله بالنيل من فريسته، ليقوم متتبعاً ذلك الصوت الذي بات من صيحةٍ إلى نداء إستغاثة.

وصل إلى بؤرة الصوت لتتبين له حفرة بالأرض تتواجد بداخلها فتاة عشرينيةٌ، أخذت من سواد الليل لوناً لعينيها و من حمرة البكور صبغةً لشعرها.

ساعدها على الخروج لتروي له كيف أصبح بها الحال من بين الشجر إلى حبيسةٍ تحت الأرض.

مضت مدةٌ و هما يتكلمان وجد غابرييل فيها أنهم قد وصلوا إلى بيتٍ بأطراف الغابة عرف أنه يخصُها ووالدتها، ودعهما ليعود إلى قصره و حياته المرهقة.

مرت الأيام و تعاقبت الأسابيع فالشهور، و فتيل مشاعر جديدة يكبر يوما عن يوما في قلبي الملك و « ديانا».

فكان هو يسرق الوقت ليزورها بمنزلها  تحت حجة الإطمئنان و الصداقة و كانت هي تقبل بصمتٍ رضًا منها  بالقليل.

إلى أن جاء يومٌ  كان قد غادر فيه القصر برحلة لتفقد الرعية و شؤونهم، بعد إنتهائه عزف على بيتها ليراها قليلا..."

" متأكدٌ من أن هذا هو عنصر التغيير بالقصة. "

فكّر  الأشقر بصوتٍ عالٍ مع نفسه ، ليلتفت له ذلك الذي إتخذ دور الراوي باسماً و يقول.

"  نعم لقد أصبت قليلا ، لذا إستمع معي.

عندما وصل، وجد باب البيت مفتوحاً و هو ما لم يعهده منذ معرفته بأهله.

دفعه و دخل شاخِصًا بصره بالمكان ليتأكد من خلو حينها، لكن قبيل خروجه طرقت مسامعه صوت شهقاتٍ مكبوتة يعرف صاحبتها جيداً.

نادى بإسمها مراراً ليتجه في الأخير إلى غرفة والدتها طارقًا الباب،. لم يأته جواب مع ذلك دخل.

و تصلبت أوصاله، كانت ديانا تجلس فوق جسد والدتها الهامد فوق السرير، تذرف أسيال دمعها حتى باتت مقلتيها محمرتين، كانت تحتضن يدها بخاصتيها عندما رفعت رأسها لتعطيه شبه نظرة ثم تعود لوضعها.

إقترب يردد إسمها يبتغي إفاقتها من كابوسها، ليجد جزء ورقةٍ ظاهرًا من الوسادة التي ترفع رأس كبيرة السن... "

" ماذا كانت مكتوبًا بها؟ "

إستفسره نامجون محاولا إستخلاص لبّ الحدث.

" كانت قد كتبتها حينما أحست بقرب أجلها، ذكرت فيه ما كان تخفيه عن إبنتها فيما يتعلق بوالدها المزعوم.

كانت سابقا إحدى خدم القصر الملكي الشرقي، فكانت ديانا نتيجة ليلةٍ عابرة قضاها عمّه مع والدتها،  و التي حين علمت بحملها قررت الفرار قبل أن يقرر كيفن إنهاء حياتها.

و تأكدت من صحة القرار الذي إتخذته عندما وصلها خبر حمل الملكة و هي بأولى أيّام نِفاسِها. "

" أ لهذا السبب إنتبذت و إبنتها مكاناً شبه خالٍ؟ و ماذا فعل غابرييل حينها؟ "

سألته أتالانتا لأول مرةٍ مبديةً إهتمامها بما يرويه ليجيبها.

" بالضبط ففي ذلك الوقت كان الكل يبتغي رحمة الملك الظالم  و لو على حساب إزهاق روح غيره .

أما فيما يخص غابرييل فبمجرد ما أن أنهى قراءة تلك الورقة، كان قد حسم أمره في الزواج بها، فلم ذلك غير دافعاً إضافياً لما كان قرره مسبّقا.

عندما علمت أنستازيا عن زواجه جنّ جنونها، فهي كانت متيمة به لأبعد الحدود، لكنه لم يأبه لأنه ذكرها بكلامه و أنه لم و لا يوجد أي مشاعر بهذا الزواج.

فصارت تبثُّ ألمها و غبطتها من زوجها إلى بناتها أو بالأحرى إلى إبنتها الكبرى « ميوريل» ، لأن الصغرى آنذاك كانت لا تعي شيءً.

شيئاً فشيئاً بدأت تتولد مشاعر الحقد و البغض لدى ميوريل تجاه زوجة والدها الجديدة، خاصةً عندما كانت ترى تعامل والدها معها و تقارنه بما تتلقاه والدتها.

رغم أن غابرييل لم يمس يوماً أنستازيا بأذى إلا أن فقط حبه لديانا كان يقلب الموازين، و الذي جعلها تتقهقر أكثر هو حملها.

فحملها كان حلماً جميلا عاشه العاشقان ليصفعهما الواقع بمرارته، فقد كان خطراً على ديانا أن تحتفظ بجنينها. "

" و هل فرطت به؟ "

صدح صوت الأشقر يتساءل بدهشة، ليجيبه سيمون بإبتسامة.

" لا بالطبع لم تفعل، رغم إصرار زوجها و رفضه وضعها بمنطقة الخطر إلا أنها تشبثت برأيها.

في ليلةٍ كان قد قرر المبيت معها و هي بآواخر شهرها السابع، فاجأه أن أتاها المخاض قبيل شروق الشمس بقليل.

تجمهر الجميع على صوتها خارج باب غرفتها الذي ضمّها و القابلة المشرفة على حالتها و زوجها الذي لم يقبل أن يفارق مطرحها.

صدح صوت صياح الرضيع الذي وصل ليعم أرجاء القصر.

رغم ذلك غابرييل كانت عيناه المدمعة متشبثة بمن سلبته كيانه و هي تستودعه نفسه و توصيه خيراً بمولودها اللطيم.

مرت أيام النعي و هو لم يقرب تلك الغرفة مطلقاً، ليذهب بيومٍ قتله فيه عذاب الضمير و هو يتذكر وصية زوجته.

رأى إبنته التي كانت نسخة عنه، في شعر رأسها الأسود الناعم و عينيها اللتان تشع بعسلهما الشمس، إلا أنها أخذت بياض والدتها المتوفية.

مع مرور  السنين و الزمن إنتقلت مشاعر بغض و حقد ميوريل لأختها الصغرى و هي ترى والدها لا يفارقها إلا إذا ذهب إجتماعا طارئا.

إلا أنه من جهة ثانية غابرييل كان حريصاً كل الحرص ألا تحس صغيرته بحرمان حنان الأم و الذي عاشه هو،. لذا كان لا يفرط أي فرصة معها.

كانت الفتيات الثلاث قد بدأن يكبرن و يتعقلن، فكانت أصغرهن تتدرب معهما رغم سنها إلا أنها كانت فائقة الطاقة، فلاحظ غابرييل مع الوقت طاقاتها الزائدة عن الطبيعة إلى جانب معاملة ميوزيل لها فكانت لا ترحمها و لو بجرعة ماء. "

" ماذا عن أنستازيا أ لم تعارض إبنتها و هي تراها تتمادى؟ "

كان هذا دور نامجون للسؤال بعد صمته الطويل، ليواجهه سيمون.

" لم تكن أصلا موجودةً لتوعيتها، فبعد زواج زوجها الثاني باتت تعيش في ملكوتِها الخاص لسنين عديدة، لتفارق دنياها بعدها منتحرةً، و لعل هذا ما ضاعف مشاعر ميوريل لوالدها و أختها.

على كُلٍ، عندما بلغت الفتاة السابعة عشر من عمرها و بليلة مولدها، أصابتها حمى جعلتها طريحة الفراش طيلة الليل.

سهر والدها بجانبها يحاول كل ما في يده لخفضها حتى أنه إستعمل سحره عليها إلا أنه لم يجد نفعاً.

ليتفاجأ بها في الصباح و هي توقظه ليعدل نومه و كأنه هو المريض لا هي.

بقي يحدق فيها بتعجب و هي تدور بالغرفة لا تكف عن ثرثرتها المعتادة معه، لكن فجأة و هي تمشط شعرها إستقام بسرعة متجها نحوها، لتتصلب ملامحه و هو يرى ما يحتل نهاية رقبها. "

" ماذا كان ذلك؟ "

" كان وشم، وشمً جعله يعود بذاكرته لسنوات مراهقته و هو يسمع عن المختار الذي ينهي لعنة الموت بعالمهم. "

صمت قليلا يأخذ  أنفاسه ليكمل

" كانت هي تلك المختارة، من سلالتهم، بقلب نقي طاهرٍ لم يمسه سواد، كحلم اليقظة الذي به يتحقق المستحيل .

يومها لم يفكر كثيرًا، ليقرر فورًا إبعادها عن القصر بأي وسيلة.

لم يتطلب منه الكثير ليخرج من عندها معلنا وفاتها بحمى شديدة، و يقوم بتهريبها سِرًا نحو الأرض برفقة أكثر شخصٌ وفاءٍ لها  « مربيتها» "

" لكن لماذا؟ كان يمكنه أن يورثها العرش و تكون أقوى حاكمة. "

سألت تشايونغ بغشاوة ، ليهم بإجابتها إلا أن صوت أتالانتا قاطعه و هي تقول.

" لأنه النبوءة كانت أن يُقتل المختار، و حتى و إن نجت كانت ميوريل ستنهيها لكي تضمن حقها الشرعي بالعرش، لذا قرر نفيها ضمانا لسلامتها إلا أنها أيضا لم تسلم من براثن الموت . "

" ماذا؟ كيف تعلمين أنها ماتت؟"

أعادت عليها تشايونغ لتجيبها و هي تحدق بوالدها بوجه فارغ الملامح.

" لأنني أعلم، فقط أعلم، لأن إبنته الأخيرة تكون والدتي « أدريانا أورلاندو وارنغتون». "

تزامنت نهاية كلامها و هي تكشف عن الوشم الذي نُحِت بمقدمة صدرها، لتخرج بعد أن صمت والدها عن الكلام.

____________________________________

The end of the chapter : )

Waiting for your comments and sory to be late 💜💜




Continue Reading

You'll Also Like

6.3K 534 6
المُحامِي جِيونْ و موكِلة زَعِيم مافِيا tae:top
4.6K 904 35
ماضيك الْأَسْوَد وحاضرك السّي ذكرياتك الَّتِي تُحَاوِل أَنْ تَنْسَاهَا أَنَا أَسْمَعُهَا بِوُضُوح أَنَا لستُ مِثل الجميع.. أَنَا أُراهن القدر.. *...
2.6K 64 31
حيث فتاةٌ غنيَّة و فتىً مشرَّد يقعان في الحب بأعجوبة. The writer/الكاتبة: @electrahes ٢٩/١٢/٢٠١٩ - ٩/٨/٢٠١٩
370K 32.3K 58
مالذي سيحل بليام الذي استيقظ ووجد نفسه شريراً في رواية كان قد قرأها من قبل؟ بداية كل شيء في وسط الظلام فتحت عيناه بصعوبة يبدو عليهما التعب والثقل..أ...