وجـوه خلف الأقــنـعـة (رواية)

By H_Zara_H

8K 479 208

سعيها لبلوغ غايتها الوحيدة يقودها لطريق مليء بالمتاعب، كما سيتحتم عليها ارتداء عدة أقنعة للصمود، غير مدركة أن... More

المقدمة
(1)
(2)
(3)
(4)
(5)
(6)
(7)
(8)
(9)
(10)
(11)
(12)
(13)
(14)
(15)
(16)
(17)
(18)
(19)

(الخاتمة)

309 27 19
By H_Zara_H


مر أسبوعان على أول لقاء بين العائلتين، تلاه وبعد أيام فقط انتقال سمر وعائلتها لتلك المدينة بشكل استعجالي جدا.

استأجروا هناك بيتا قريبا من بيت العمة شهرزاد، ووجد يونس بمساعدتهم عملا جيدا لم يكن ليحض به مع سوابقه القضائية. حتى أنهم وجدوا مدرسة لسيلين حيث ستتابع دراستها، وكل ذلك لتسهيل أمر انتقالهم.

عادت سمر و والدها إلى بيتهم في المدينة لأخذ آخر الأغراض منه وترك مفاتيح الشقة عند صاحبها، لتستقر هي نهائيا في مدينة جديدة ومحيط جديد لا تعرف عنه شيئا. كل ذلك يهون في سبيل اجتماعها وعائلتها.

خرجت من البيت لقضاء أمر ما غير بعيد عن الحي، وأثناء سيرها في أحد الأزقة المؤدية للشارع تفاجأت بتوقف شاحنة عند نهاية الزقاق تسد عليها الطريق بشكل فجائي.

توقفت لحظة تنظر لتلك الشاحنة بريبة، وقبل أن تقرر هل تتابع طريقها أم تعود أدراجها يتم فتح باب الشاحنة يطل من وراءه إياد.

لم تكن تتوقع رؤيته مجددا وفي وقت قريب، وها هو يقف أمامها وليس بمفرده حتى، يتجول في أنحاء المدينة مع جماعته دون أي خوف مما يمكن أن يحصل. فما الذي يريده منها ويدفعه للمخاطرة بسلامته؟

ترجل إياد من السيارة بعد أن شاهدها متسمرة أمامه بلا حراك، بينما اكتفى الأخرون ممن أتو معه في الشاحنة بالتلويح بأيديهما لها كتحية بكل بساطة وأريحية.

سألها إياد وهو يتقدم ببضع خطوات نحوها ولا تعبير على وجهه يمكنها من قراءته:

"نهال! أهذا اسمك؟"

عقدت ما بين حاجبيها لا تفهم ما مقصده من التظاهر بعدم معرفتها الآن، فأضاف هو يتوقف أمامها يدفن يديه داخل جيبي بنطاله:

" سمعت عما حدث البارحة...عن شجاعتك وتهورك في ذات الوقت"

قلبت عينيها في محجرهما محاولة تذكر شيئا، فابتسمت عندما تذكرت لقاءها الأول به، وكأنه البارحة. أجابت تسايره في تمثيليته:

" هلا ذكرتني بمن تكون؟ ثم عما تتحدث تحديدا لأن الكثير حدث معي البارحة؟!"

ابتسم يمد يده للسلام عليها، وعوض أن تمد هي يدها بالمثل قامت وعلى غفلة منه بتوجيه لكمة لوجهه جعلت رأسه يسقط نحو الأسفل مدهوش مما أقدمت عليه.

وضعت يدها على فمها متأسفة لما أحدثته بوجهه، في حين انطلقت ضحكات الآخرين من داخل الشاحنة بسبب فعلتها تلك.

اقتربت منه تحاول لمس وجهه بينما كان يضغط على مكان لكمتها يحاول كتم غيضه، وما إن وضعت يدها عليه حتى رفع يده مبعدا إياها.

أخبرها بعد أن رمق رفاقه بنظرة أخرستهم:

"فقط لو كنت شابا يا سمر... ماذا تعتقدين نفسك فاعلة؟ هل هكذا أصبحت تلقين التحية الآن؟"

أخرجت منديلا ورقيا من جيب سترتها الصيفية لتمده إليه، معتذرة عما بدر منها وفي نفس الوقت تشعر بالإرتياح بعد فعلتها:

"آسفة لهذا ولكنك تستحق! اعتبر هذا ثمنا لخيانتك لي و تركي أواجه كل ذلك وحدي وبتلك السهولة."

لمست موضع اللكمة تسأله بتعاطف:

"هل تؤلمك لهذا الحد إياد؟ لكن لماذا أنت في المدينة حتى؟ ظننتك قد غادرتها ودون رجعة"

عاد هو نحو الشاحنة يسند ظهره عليها، ثم أجابها مبتسما:

"لم أكن لأغادر دون توديعك، ثم هل أغادرها قبل ضرب ضربتي الكبيرة بها؟!"

لم تصدق بأنه يسعى للعودة للسرقة والسطو بعد كشف أمره، تقدمت نحوه تسأله بصوت خفيض أشبه بالهمس وكأنها خائفة من أن يسمعهم أحد ما:

"أجننت إياد؟! أمرك قد كشف وأنت وباقي الشباب في خطر الآن، يجدر بك المغادرة إن لم ترغب في قضاء باقي سنين عمرك خلف القضبان"

أخذ سيجارة ليشعلها ثم يضعها في فمه بين أسنانه يجيبها وكأن لا خطر يترصده:

"لا تقلقي لن يحدث شيء، هذه ستكون آخر عملية وهدفي الأخير، بعدها سأغادر المدينة والبلاد كلها نحو حلمي الجديد!"

استفزها هدوءه وطريقة تعامله مع المشكلة، فصرخت به:

"ماذا عني؟! وعنهم ألا تفكر بما يمكن أن يحل بنا لو تم القبض على أحدنا فقط؟ سيجر معه باقي الأفراد وأنا لا أريد أن ينتهي بي المطاف في السجن... ليس بعد أن تم جمع شمل عائلتي"

حدق بها مطولا يرى نظرات الخوف التي لم يشاهدها منها قبلا، فحتى لو كانت قد شعرت بذلك سابقا فهي لم تظهر أيا منه لهم. نفث الدخان السام من فمه يبتعد منها نحو الباب يقابل من بداخل الشاحنة، ليطرح عليهما سؤاله:

"أنتم يا رفاق هل تعرفون فتاة باسم سمر؟"

توقفت جانبه تنظر نحو الشابين، ليجيباه معا:

"كلا!"

نظر إليها إياد يضيف:

"لا نعرفك، ولم نرك من قبل، فكيف ستكونين عضوة معنا بالعصابة؟ ارتاحي أنت فقط، فحتى لو تم القبض على أحدنا أو كلنا لن نذكر اسمك مهما حدث، هذا وعد الرجال!"

ابتسمت بخفة لا يخفى عليهم قلقها، تنفست بعمق ثم تحدثت:

"لا أتمنى أن يحدث لأحدكم أي مكروه، أنتم تستحقون حياة أفضل من هذه يا أصدقاء"

****

بعد لقاءها بإياد ورفاقه، ذهبت سمر لمكان بعيد عن الحي حتى تأخذ راحتها فيما هي عازمة عليه. تحمل بيدها حقيبة تحوي جزءا من سنين عمرها، ماضي وحكاية لن تروى لأحد آخر بعد الآن.

توقفت في مكان بدا لها مناسبا لخلوة قصيرة مع نفسها، تلتفت يمينا وشمالا للتأكد من عدم وجود شخص متطفل، لتترك الحقيبة تسقط من بين يدها على الأرض وتجلس أمامها القرفصاء.

سحبت السحاب لتظهر ثيابها وأشياءها التي كانت تستعملها في تنفيذ عمليات السرقة. أعطاها إياد تلك الحقيبة في لقاءهما الأخير، فقد أرادها أن تُتلفها بنفسها عل ذلك يفيدها في نسيان مرحلة غيرت من حياتها و شخصيتها الكثير.

أخرجت سترة جلدية سوداء يليها بنطال "جينز" أزرق داكن لتضعهما أرضا، ثم أخذت قناعا أسود خاصا بها كانت قد أحدثت به فتحة في الخلف لينفذ منها شعرها حتى لا يزعجها.

حدقت بالقناع مطولا، وكأنها تشاهد من خلفه أحد وجوهها وهو يتلاشى شيئا فشيئا حتى يختفي تماما. ثم وضعته فوق الثياب مستخرجة باقي الأشياء من الحقيبة؛ أدوات حادة تستعملها في فتح الأبواب، سكين للحماية، وحذاء رياضي احتياطي.

أعادت جميع الأشياء إلى الحقيبة لتنهض من عندها، تستخرج من جيب بنطالها علبة عود ثقاب عازمة على حرقها متمنية في نفسها أن تحترق معها خطايا ثلاث سنين من عمرها.

شاهدت اللهب ينتشر ملتهما الحقيبة وما تحتويه، تسترجع معها لحظات حاسمة ولحظات شعرت فيها بالرعب و بقرب نهايتها، مواقف حرجة وأخرى مضحكة أيضا.

ستترك كل ذلك يحترق وراءها لتتابع حياتها، فهناك أيام جميلة ولحظات ومواقف تستحق عيشها بانتظارها..وكل ذلك ستعيشه بوجه واحد فقط لا غير.

🎭 تـــمـــت 🎭

وانتهت وجوه خلف الأقنعة، الرواية التي تحملت مني التقصير في كثير من الأحيان، إذ لا أصدق أني استغرقت مدة 6شهور لإنهاءها.

اتمنى من اي شخص قرأ الرواية للنهاية أن يترك لي هنا تعليقا يخبرني فيه برأيه في الرواية عامة.

الى الملتقى ان شاء الله.

Continue Reading

You'll Also Like

1.6K 135 10
⤷𝕥𝕩𝕥 × 𝕚𝕥𝕫𝕪⤶ ⦃ ظَنّنتُ حقاً إننا لَنْ نَفْتَرق ، و لن تُصبِحَ حَياتِنا رواية . ⦄
2.4K 103 13
نوع القصة:خيال علمي،مغامرة نبذة مختصرة:في عام 2050 حيث يتغير نظام الكون ويصبح تحت ادارة اربعة مؤسسات تسيطر على الاراضي وتآسر شعبها وتستخدمهم لتحقيق د...
795K 45.7K 58
من أرضِ الشجَرة الخبيثة تبدأ الحِكاية.. "العُقاب 13" بقلمي: زاي العَنبري. لا اُحلل اخذ الرواية ونشرها كاملة في الواتباد 🧡.
54.5K 1K 10
هناك في إفريقيا تركت تيري ماسترز طفولتها وأحلامها ودعت طبيعتها الحبيبة ليلاني بغاباتها المليئة بالأسرار .. ودّعت بلاد الأسود .. وودّعت فارس احلامها...