وجـوه خلف الأقــنـعـة (رواية)

By H_Zara_H

8.2K 483 208

سعيها لبلوغ غايتها الوحيدة يقودها لطريق مليء بالمتاعب، كما سيتحتم عليها ارتداء عدة أقنعة للصمود، غير مدركة أن... More

المقدمة
(2)
(3)
(4)
(5)
(6)
(7)
(8)
(9)
(10)
(11)
(12)
(13)
(14)
(15)
(16)
(17)
(18)
(19)
(الخاتمة)

(1)

1K 44 19
By H_Zara_H


عرض مغري

ها هي ذي تعيش ذلك الكابوس مجددا، و الذي يعود ليتكرر من فترة لفترة، وكأنه يأبى تركها تنساه. ورغم أنها لا تريد أن تنسَ، إلا أنَّ رؤيتها له في كل مرة يعكَّر مزاجها لبقية اليوم.


أصوات شخصين يتبادلان الإتهمات فيما بينهما، ثم صوت صفارة سيارة الشرطة، يليها صوت إطلاق نار، ثم فوهة مسدس يوجه نحوها وهي تقف وسط كل تلك الفوضى ترتعد فرائصها، تنتظر انطلاق تلك الرصاصة من المسدس لتستقر بين عينيها وتموت.

تخبر نفسها بأنها لا تود الموت، على الأقل الآن وعلى يدي ذلك الشخص بالتحديد..

لم يكن كل ذلك مجرد كابوس نسجته مخيلتها أو أضغاط أحلام، بل هو ذكرى قديمة عاشتها منذ سنوات مضت، تأتيها على شكل حلم تعيشه بكل تفاصيله، و قد نجح ذلك في عدم نسيانها للظلم التي تعرضت له يوما، كما أنه يجعلها تتذكر كل صباح دافعها القوي لعدم استسلامها في معركتها مع الحياة.

صوت ارتطام المشط على الأرض يوقظها، تُخرج رأسها من تحت غطاءها  تحاول معرفة مصدر الإزعاج، لتفتح عينيها المتورمتين من أثر بكاءها الذي يتصاحب في كل مرة-بشكل لا إرادي- مع كابوسها.

تلمح طيف أختها سيلين غارقة وسط ضوء الصباح الساطع و المتسلل وبقوة من نافذة الغرفة المفتوحة. سيلين أختها التي تصغرها بأربع سنوات، انعكاسها وضد كل شيء هي عليه. لطالما تساءلت: كيف لنفس البطن أن تخرج للحياة شخصيتين مختلفين بذلك الشكل؟

هما مختلفتين رغم نشأتهما في نفس البيئة، وتلقيهما نفس التربية، ثم مرورهما من نفس الحدث الذي جعل من سمر تكبر سينين عن عمرها الحقيقي وتغيير نظرتها عن الأمور، بينما مضت سيلين قدما في حياتها وتركت ما حدث يمر مرار الكرام من حياتها دون تعكير صفو طفولتها.

أسدلت سمر جفنيها مقررة العودة للنوم، إلا أن سيلين انتبهت لاستيقاظها لتقترب منها تقول بلطف زائد عن المعتاد:

" صباح الخير لأجمل أخت.."

أردفت بسرعة دون انتظار رد شقيقتها التي تعلم كونها تحت تأثير النوم؛ كحال أي شخص لا ينام إلا بعد الثالثة صباحا:

" سمر  لقد غادرت أمي البيت مع الخالة شهرزاد هذا الصباح، كنت لأطلب منها ظفر شعري ولكنها ليست هنا.. فهل يمكنك فعل ذلك لأني قد أتأخر عن المدرسة الآن"

تفتح سمر عينيها الذابلتين تحدق في المشط بين يدي اختها، تفكر في أمر والدتها الذي بات يشغلها مؤخرا. فيما جلست سيلين على الأرض أمام سرير سمر مولية إياها ظهرها بعد أن تركت المشط بجانبها.

وبالرغم من أن سمر لم ترد بكلمة فقد ترجمت سيلين صمتها ذاك على انه موافقة. تعلم أن أختها لن تمانع في تنفيذ طلبها بالرغم من أنها و بالكاد تستطيع فتح عينيها من أثر النعاس.

ما هي إلا لحظات بالفعل حتى شعرت بأنامل شقيقتها الكبرى تداعب خصل شعرها بينما تبتسم الصغرى.

***

كأغلب الأيام، وكنتيجة لإستيقاظها المتأخر فهي عادة ما تتناول إفطارها بمفردها إن لم يكن وقت وجبة الغذاء قد حل. تدخل المطبخ لتعد لنفسها عجة البيض، تتناولها مع كأي شاي وبعض الخبز والجبن إن هي شعرت بالجوع الكثير.

أخذت آخر رشفة من كوب الشاي تتذكر حادثة الأمس؛ كانت تلك أول مرة تشعر بالخطر يحدق بها بشكل قريب جدا، فهي لم تواجه يوما الشرطة ولن تريد حدوث ذلك في أي يوم.

حتى أنها قد تترك عملها ذاك مؤقتا لحين هدوء الأوضاع في المدينة التي دقت ناقوس الخطر من وجود تلك العصابات التي باتت تؤرق بال السكان.

دخلت غرفة والدتها متجهة تحديدا نحو خزانة ملابسها، تفتحها لتبحث عن شيء ما، نقود كانت والدتها تدخرها لتعود وفي كل مرة من الشهر لتأخذها في اليوم الذي تغادر فيه مع شهرزاد لوجهة غير معلومة.

وكما في كل مرة فالنقود قد اختفت.

تترك سمر الغرفة مقررة ترك الأمور على ما هي عليه، على الأقل لحين تحقيق ما تصبو له، عندها يمكنها فقط مساءلة والدتها لتكشف لها المخفي عنها.

***

جهزت نفسها لمغادرة البيت لتطمئن على ما آلت إليه أمور المجموعة بعدما حدث البارحة، وما تحمد الله عليه هو أن لا أحد منهم يعرف اسمها الحقيقي أو مكان سُكناها، وحتى إن تم القبض على أحد أفراد العصابة فإمكانية إيجادها من قبل رجال الشرطة ضئيلة جدا إن كان الحظ يقف في صفها.

دخلت أحد الأزقة التي تودي إلى الشارع الكبير المكتض بالمارة والسيارات. يأتيها صوت أحدهم من خلفها ينادي عليها بأحد تلك الأسماء المستعارة التي سبق وأطلقتها على نفسها.

التفتت إليه بذعر خشية أن يكون أحد رجال الشرطة، إلا أن منظر ذاك الشاب وعمره الصغير ضحد افتراضيتها تلك وتنفست الصعداء.

حدقت به تحاول تذكره إن كانت قد سبق ورأته في وقت سابق، لكنه لم يبدو لها مألوفا ولو قليلا. مظهره يوحي لها بكونه في أوائل العشرين من العمر، شعر أشقر مجعد يصل لما تحت أذنيه، وعيناه الحادة خضراء فاتحة برزت جيدا مع لون بشرته البرنزية وكأنه أخذ حمام شمس قبل يومين.

لم تشح عنه بينما تقدم هو نحوها بخطوات متزنة حتى اقترب منها بالقدر الذي سيمكّنها من سماع صوته مع تلك الضجة الخفيفة المحيطة بهما:

" نهال؟! هذا اسمك صحيح؟"

ولم تجب عن تساؤله؛ ليس من عادتها الأخذ والرد مع الغرباء، لا سيما مثل هذا العشريني الذي يعرف اسمها المزيف مسبقا. استمرت فقط في التحديق به بنظرات متسائلة وكأنها تحاول القول له بأنها لا تعرف من يكون أصلا حتى ترد عن سؤاله.

تابع هو بعد أن أدرك أن لا رد سيأتي منها قريبا :

" سمعت عما حدث البارحة؛ عن شجاعتك وتهورك في ذات الوقت"

قوله زاد من حذرها منه، يعرف أيضا ما حدث البارحة وهو ليس هنا ليهنئها ويمنحها مكافئة على تركها لباقي أفراد العصابة وفرارها، ولكن في ذات الوقت تريد البقاء لسماع ما لديه دون التورط في أي مأزق.

سألته تخطو نحوه بثقة :

" ذكرني بمن تكون؟ وعما تتحدث تحديدا لأن الكثير حدث معي البارحة؟!"

انشقت ابتسامة صغيرة عن ثغره مجيبا:

" محاصرة الشرطة لكم في المبنى القديم...وقفزك من سطحٍٍ لآخر بتلك الطريقة وهروبك من المكان بكل بساطة! و يمكنني سرد كيف مر باقي يومك على مسامعك إن أنت أردت"

طال صمتها هذه المرة، تفكر في مقصد هذا من كل ما قاله، وإن كانت هويتها الحقيقة قد انكشفت لهم بتلك البساطة وهي من كانت تظن أنها آمنة كليا.

وراحت تفكر في رد فعل والدتها إن هي علمت بحقيقة ابنتها التي كانت ترسم لها مستقبلا واعدا بعيدا عن كل ذلك، وفي نظرة اختها الصغيرة لمن تتخذها كقدوة في حياتها، تلك النظرة التي لا تريدها أن تتحطم بالتأكيد.

قاطع تفكيرها قول الشاب مقتربا منها أكثر:

" اسمي هو إياد، وسأخبرك من أكون وماذا أريد منك تحديدا إن أخبرتني اسمك الحقيقي"

حاولت التلاعب به هو الآخر واختلاق اسم وهمي لها، وقبل أن تنطق به سبقها هو بقوله:

" أؤكد على اسمك الحقيقي!"

ضربت خطتها تلك عرض الحائط لتقول بحدة:

" سمر هو اسمي الحقيقي، وعلى كل حال فأنت تعرف أين أقطن على ما يبدو لي من معرفتك لكيف سار يومي، فهل ستجد صعوبة في معرفة معلومة صغيرة كهذه عني؟"

أومأ لها سلبا مؤكدا كلامها، لتسأله هي هذه المرة:

" إذا من أنت؟ وماذا تريد مني؟ "

رمقته بنفس نظرته الكاشفة عن الكذب مما دفعه للإبتسام وهو يجيب يريح فضولها :

" أنا ذلك الشخص الذي سيجعل المدينة يوما ما تهابه، لكنني الآن مجرد شخص يبحث عن مؤهلين لتكوين عصابة جديدة ناضجة، بعيدا عن لعِب الأطفال ذاك، وانتِ من الذين أرغب في انظمامهم لفريقي"

ضيقت على عيناها محدقة به بصمت، ترى ثقته تلك التي يتحدث بها من خلال عيناه، وكأنها ترى ما سيكون عليه مستقبلا بطموحه الكبير ذاك، كما استطاعت هي التكهن بمستقبلها معه.

لقد أتتها الفرصة التي كانت تنتظر طويلا لتتقدم بخطوة في ذلك العالم  علها تصل لمبتغاها قريبا، وهي لن تفلتها من بين يديها مهما كانت نتيجة قرارها الآن.


****

نهاية الفصل الأول

يسعدني دوما سماع أراءكم وتعليقاتكم، وحتى انتقاداتكم البناءة❤💚

Continue Reading

You'll Also Like

2.9M 144K 39
وَدُون أن أَدرِي ، كُنْت أَهوَى بِـ كلمَتي لِنَفس اَلموْضِع اَلذِي هوى إِلَيه إِبْليس حِين رأى أَنَّـه خَيْر مِن آدم . لا احـلل اخذ الروايـه ونشرهـا...
3.6K 287 6
بين الضحكات والصرخات تتولد الاشباح.... بين الحب والكراهية يتولد الانتقام.... مجموعة من الفتيان والفتيات دخلوا قصر فبدأت جريمة قتل من القاتل؟!!
11K 584 16
مغامرة وقليل من الاكشن
981K 35.4K 48
تقدمت عليه واني احس الخوف والرعب احتل كل جسدي وقلبي أحسه توقف واني اشوفه جالس گدامي مثني رجله وخال عليه ايده والايد الثاني ماسك رأسه متوجع قربت عليه...