عادات خادعة

By NorBlack8

660K 12.7K 423

عادات خادعة ..حكايات وحيوات من قلب البيئة العربية عامة وروح الصعيد خاصة ..تتنازع العادات التى تنمو وتكبر غارز... More

الفصل الاول
الفصل الثانى
عنوان الجزء
الفصل الرابع
الفصل الخامس والسادس
الفصل السابع
الفصل التاسع
الفصل العاشر
الفصل الحادى عشر
الفصل الثانى عشر
الفصل الثالث عشر
الفصل الرابع عشر
الفصل الخامس عشر
السادس عشر
الفصل السابع عشر
الفصل الثامن عشر
التاسع عشر والعشرون
الفصل الحادى والعشرون
الثانى والعشرون
الثالث والعشرون والرابع والعشرون
الخامس والعشرون والسادس والعشرون
السابع والعشرون
الثامن والعشرون
التاسع والعشرون
الثلاثون
الواحد. والثلاثون
الواحد والثلاثون والاخيرجزءثانى
الواحد والثلاثون والاخير جزء ثلاثة
الخاتمة

الفصل الثامن

21.3K 453 6
By NorBlack8

الفصل الثامن

أنفاسه المنفعلة لفحتها كنيران أوقدت عليها لسنين، دقائق مرت والصمت يلف كليهما لم تحد عيناها عن عينيه المظلمة بمشاعر متضاربة لم تستوعبها كلها: غضب..إستنكار..صدمة..وانتصار لم تفهمه .
مال فمه بإبتسامة شبه ميتة وهو يقترب منها يلصق نفسه بجسدها المكشوف من تحت جلبابها يده السليمة أمتدت تزيح طرف جلبابها المفتوح من على جانب كتف واحد سمعت صوته يأتي بشقاوة غامضه يخبرها:
"دعيني أجرب بنفسي ما سيقدمه جسدك البارد والى متى سيستمر في برودته قبل أن يجبره قلبك العاشق ككل مرةعلي الإنصياع لنيراني"
أغمضت عينيها بقوة عندما أمال وجهه يقبل ما بين كتفيها ولم تحد عيناه عن مراقبة وجهها المنفعل..رعدة قوية وعاطفة تمكنت منها مرغمة برعشة إستجابة لتشعر بقبلاته تزداد همجية منتصرة في محاولة لإذابتها كاملة ،لتسلم حصونها برضي كالشهور السابقة !!كبحت دموع المهانة بقوة تلعن هذا القلب العاشق الذي يجعلها مكشوفة لديه..لم تتحرك قيد أنملة حاولت السيطرة على هذا الجسد الخائن الذي يتفاعل معه رغماً عنها تُذكر نفسها بكل سبل الرفض..تراجع حديثها مع أمها بإصرار تأخذ منه القوة سلاح لا لن تستسلم لأصيل أبداً لن تجعله ينتصر..هوسه ازداد معها يده امتدت لبطنها العاري يقبض عليه بقوة وهو يقول بإنفعال:
"لا تدَّعي القوة يا هدير، لا تحاولي محاربتي ،جسدك الطائع لعاطفتي يكشف زيف كذبتك و أحشائك الممتلئة بطفلي تخبرني بأنكِ لي كلك ملكي أنا"
لم ترد والنفور والرفض بدأوا يرتسموا طواعية على ملامحها..وجنونه ازداد ،كبرياؤه بدأ يدك حصونه بتجلدها..صرخ بإسمها:
"هدير.."
فتحت عيناها وكل ما يقوله ويفعله جعلها تسيطر على مشاعرها بجدارة أخبرته هامسة بهدوء غريب:
"ربما أصيل ما تقوله صحيح جسدي الخائن كما تدعي أطاعك ،لكن عقلي يرفضك, أنا أرفضك..فماذا ترى يا سيد الرجال هل ستكتفي بالجسد الطائع رغم رفض صاحبته"
إبتعد عنها خطوات الى الخلف ينظر اليها بتوتر إستغربته وهو يقول بنبرات مستهزئه:"أنتِ كاذبة لن تكرهينني بيوم وليلة"
ضحكت ضحكة قصيرة جعلت الغضب يتمكن منه لتخبره بسخرية مريرة:
"لن أكذب عليك يا أصيل وأدَّعي ما ليس بي..نعم أحبك ،ولكن أعدك أن أُعلِّم نفسي كيف أكرهك وأستمد من كل جبروتك وأفعالك المهينة سلاح ضد حبي لك، أعدك يا أصيل أن تصبح في عيني وقلبي طيفاً لرجل لم يستحق حبي يوماً"
تلاحقت أنفاسه بفزع ونبراتها الصادقة في وعدها تجعل قلبه يهتز بقوة،بحث في قاموس قسوته عن ما يجلدها به فلم يجد..كاد أن يضعف وأن يعترف أمامها بحبه ،أن يخبرها عن ذلك الخاطر الكريه بندمه في حقها ولكن كبرياؤه أبى وشيطانه رفض ان ينصاع أبداً لإمرأة حتى وان كانت مرارتها تُضعفه..تمكن منه البرود وأخبرها بإستخفاف لاذع:
"داري نفسك وأغربي عن وجهي ،لم يعد بكِ شيء يغريني"

إرتعش فمها مع دموع غزيرة ملأت عينيها منعتها بقوتها الوليدة أن تهبط أمامه وبكل كبرياء جريح رفعت يديها المتصلبة تلملم جلبابها بجمود أمام عينيه المراقبة لها بلا تعبير وبنفس يدها إمتدت تأخذ حجابها تلفه بعشوائية وتعطيه ظهرها مغادرة للمكان كله ،تاركة وراءها رجل إنهارت كل حصونه دفعة واحدة يحدق فيها بعينين مفرغة وقلب مشتعل بجحيم لم يفهم أسبابه أو ربما مصيبته أنه فهم لقد نالت من كبريائه وهذا ما لن يغفره لها ما حيا..
............................
كانت تحدق أمامها بعيون مطفئة تضم شفتيها بقوة وصور ما حدث معها منذ قليل تنحرها..عندما شعرت بيد حانية تُربت عليها برتابة..وصوت فاطمة الهادئ يخبرها:"إهدئي ،من أجل طفلك بنيتي انه أهم ما لديك الأن"
رفعت عيناها تحدق في فاطمة وتخبرها بصوت مرتعش:"أنا هادئة يا عَمة"
أخذت فاطمة نفس عميق وهي تقول:
"عينيك وارتعاشك الواضح لا يُخبرني بذلك يا هدير..آسفه على حالك..أعرف ما تعانين منه فالتعامل مع غباء ابن أخي ليس سهل"
أحست بغصة البكاء تخنقها وهي تكافح كي لا تنفجر باكية..أمسكت فاطمة بيدها وهي تقول:
"تعالى معي الى غرفتي جلستك هنا على السلم ودموعك تحجب عيناك إهانة لك إن رآكِ أحد الخدم"
إستسلمت لِيَد فاطمة بطواعية وهي تنهض معها . وتتبعها بصمت..بعد وقت قليل كانت تجلس أمام فاطمة على الأرض..تطوي قدميها تحتها وتحدق بشرود في كوب الليمون البارد بين يديها أتاها صوت فاطمة بعد أن جلست بأريحية أمامها تحدثها مازحة:
"لم آتي بكِ..الى هنا لتجلسي كالتمثال يا ابنة أحلام"
رفعت هدير عينيها تتفحص وجه فاطمة الهادئ بتمهل..عينان واسعتان بزرقة خاطفة ولامعة ،وجه أبيض مشبوب بحمرة خلابة,شعر محمر قليلاً غزير وناعم من الأمام وينتهي بحلقات حلزونية: يتخلّله بعض الشيب..قالت هدير بهدوء:
"أنتِ تشبهين أثيلة كثيراً"
تنهدت فاطمة قائلة:
"بل هي من تشبهني ،أثيلة كانت تعويضا من الله لي عن قطعة من روحي فقدتها"
صمتت لبرهة وهي تسحب إحدى الوسائد تضعها خلفها ،تمددت بأريحية على الارض تضع يدها على جبهتها وهي تردف:
"يوم ولادتها ساد الحزن بين رجال العائلة لأنهم كانوا يتعشمون في ولد أخر بعد توقف نعمة عن الإنجاب ثلاثة عشر سنة ورفض خطاب زواجه من أخرى"
إبتسمت بإشراق عندما طرقت عقلها الذكرى وهي تقول:
"ولكن عندما فتحت عينيها بين ذراعي أنا تسللت لقلبي مباشرة وعلمت أنها عطية الله لي وتعويضه..عينيها المشابهة لعيني ذكرتني بضناي عندما فتحت تحدق بي ثم أنطفأت مرة واحدة"
خف صوتها بمرارة عند ذكرها لطفلتها لتقطع كلماتها مرة واحدة وتضع مرفقها على وجهها المتوجع تضغطه بقوة على عينيها كأنها تصارع دموعها وتُجبرها ألا تسارع في الهبوط..مدت هدير يدها تلمس مرفقها برفق تخبرها مشفقة:
"أنا آسفة لتذكيرك لم أقصد،أنا فقط عندما أرى وجهك أتذكر أثيلة"
عندما لم ترد فاطمة أضافت تفتعل المرح لتخرجها من سكونها قائلة:
"ولكن لن أخفي عليك أنا أيضاً أتعجب لملامحك أنت وأثيلة المختلفة عنا"
إستجمعت فاطمة أنفاسها وهي تجبر نفسها ككل مرة على تناسي الذكرى لتجيبها وهي تتفاعل مع مرحها:
"ربما السبب لأن لدينا عرق غير صعيدي تماماً ،يقولون أن جدة أبي غيرعربية"
قالت هدير:"يقولون أنكِ لا تعلمين أصل جدتك"
هزت فاطمة رأسها نافية وهي تهمس لها كأنها تبوح بسر خطير:
"لا بالطبع أعرف ،ولكن تعلمين أن الناس هنا ترى العروق المختلطة أقل منهم مكانة فعودنا أبي ألا نكرر الأمر بيننا"
إبتسمت هدير لمزاح فاطمة غير المعتاد معها لتهمس نفس همسها قائلة:
"أنا فقط أتمني أن تحصل إبنتي على هذا العرق الدسيس بينكم سأكون ممتنة جدا"
إبتسمت فاطمة وهي تتأمل هدير لتسألها مباشرة:
"تتمنين فتاة ،ولكن ربما أصيل يريده ولداً"
إرتعش فك هدير وهي تحاول الإبتسام ولكنها فشلت لتخبرها بصوت إكتساه الحزن:"أعتقد ان أصيل لن يهتم بما آتي به"
يدها إمتدت تمسد على بطنها المسطحة تتذكر قسوته في إمساكه بها ،إعلانه بسفور أن كل ما يخصه بطفلها أنه فقط صك إمتلاك أخر لها وأردفت قائلة:
"انه لم يهتم يا عَمة، الطبيب الماهر ورئيسي الهمام لم يلاحظ علامات حملي الواضحة لأصغر طالب طب..كل ما اهتم به كيف يقوم بإرضاخي ومعاشرتي"
هبطت دموعها مرغمة هذه المرة الألم كان أكبر من أن تمنعه، الوجع كان يمزق أعماقها وهي تقول بصوت مختنق:
"حتى عندما علم وفعل فعلته أمامكم لم يهتم أن يسأل عن حاله ،أن يعرف هل أصابه ضرر مما حدث..كل ما إهتم به عند عودته أخذ حقوقه مني"
بهت وجه فاطمة فجأة وتغضنت ملامحها بقوة وكأنها تعاني من ذكري تطوف عقلها لتقول بنبض متسارع:
"أشعر بكِ يا هدير، أعلم مدى الجرح الذي تعاني منه روحك..أشعر بمقدار الذل الذي ينحر كرامتكِ أفهم كيف يكون الوجع والظلم عندما تتحولين لمجرد ظل امرأة لرجل يفرغ فيك شهوته غير مهتم اذا كنت راضية ام مجبرة"
صمتت لبرهة تستعيد أنفاسها المتلاحقة بإنفعال من ذكرياتها المريرة لتضيف بعدها:
"أنا أفهمك يا هدير ،صدقاً لن يفهمك غيري..عندما كنت أدعمك وأدفعك بمجرد حديث بسيط في الشهور السابقة لأني كنت أرى فاطمة أخرى تعيش نفس الحدث بمشاهد مكررة متشابة ،محاولة دحر قوتها إلغاء كينونتها ،تحطيمها لتصبح تابع ذليل وأنا لم أرد لك ذلك في الواقع إن كان الأمر بيدي أنا ،لطُفتُ على كل إمرأة وقدمت لها المساعدة"
كفكفت هدير دمعها وهي تسألها بتردد:"هل تريدين القول أنكِ وقعتي في أخطائي وأحببتي تهامي وفعل معكِ ما يفعله أصيل بي"
النفور والكره والغضب ارتسم على ملامحها الجميلة وانتفضت فاطمة من سكونها لتهتف بشيء من الوحشية والغل:"أنا لم أحب تهامي قط لا قبل زواجي منه ولا بعده لم يعطني سبباً واحد لحبه يا هدير"
ضمت شفتيها بقوة تكبح سيل شتائم وألقاب تليق بتهامي وأشباه الرجال مثله..تراجعت هدير عن إكمال حديثها وهي تنظر بتوتر لشراستها التي تشع حولها طاقه غاضبه وقاسية..عدة لحظات فقط وعادت فاطمة لنوع من الهدوء لتخبرها بصوت مكتوم.:"أصيل ربما أفعاله الظاهرية تجبر أيا كان لعقد مقارنة بينه وبين تهامي وللأسف سوف تصبح مطابقة ولكن"
قربت وجهها من وجه هدير وهي تسألها بنوع من الغلظة:
"أصيل أهانك كما قلتي ،ولكن هل إغتصبك يا ابنة أحلام مثلاً أجيبيني؟!"
إرتعدت هدير من لهجة فاطمة الصريحة،المرأة تحدثها وكأنها تعرف إجابة السؤال وكأنها تفهم ما يدور في الخفاء..تكشفها، تعلم الحقائق..حقيقة مشاعرها ضعفها لأصيل والمشكلة الأكبر أنها تعرف أصيل الذي لم تعرفه هي هدير حقاً !!صوتها خرج مرتعش وهي تجيبها:
"أنا لا أفهم ما علاقة سؤالك بعقد مقارنه بين أصيل وتهامي ؟"
خرج صوت فاطمة بحسم قائله:
"لا تجيبي سؤالي بسؤال..هل أجبرك عليه منذ أول  يوم زواج منك ؟!"
هزت هدير رأسها بتوتر بالإيجاب مرة وبالرفض مرة أخرى ،لتجلي صوتها بعدها وهي تشيح بوجهها قائلة:
"ربما لم يجبرني حقاً ولكنه استغل عاطفتي نحوه ليجعلني أُسلم نفسي راضيه رغم رفضي في أول الأمر"
عادت فاطمة بجزعها للوراء وهي تقول لهدير بإبتسامة ميتة:
"أتعلمين,عامين كاملين مع تهامي يأخذ حقوقه مني كل ليلة مجبرة،مرغمة ولم أسلم له مرة واحدة قط وهو بكل جبروت لم يتوقف أبداً بل كلما زادت مقاومتي يتفنن في طرق إذلالى وإمتلاكي"
إرتعشت هدير من قسوة كلمات فاطمة وتمتمت بخفوت:
"يا إلهي ولما قد يفعل بك هذا ،لما ؟!"
قاطعتها فاطمة بحزم ،لا تريد أن تغرق في طيف ذكرياتها القاتلة لأنوثتها ،كبريائها ونفسها التي تركها أسعد أمانة بين يديها واجتاحها تهامي كمغتصب معتدي حقير ولم يجد رادع واحد لإيقافه..مستغلا كل ضعف ومرارة كانت بها لإجبارها..أفاقت من توجعها ومسحت دمعة يتيمة هبطت عنها دون وعي وهي تعود بإبتسامة مهزوزه تخبر هدير:"لا يهم يا هدير الماضي وذكراه أو حتى أسبابه، ولكن كما أخبرتك ربما الحالة مشابهة، ولكن الأسباب مختلفة"
لتضيف بلهجة ناعمة قليلاً بإقرار ونبرة واثقة:
"هدير..أصيل يحبك، أنا أدرى بإبن أخي من الجميع.."
هزت هدير رأسها بقوة وهي تخبرها بحزم مجزمة:
"لا تكذبي..إبن أخوك رسم دور العاشق المتيم بمهارة على الجميع ،ليجعلني.."
قاطعتها فاطمة بصبر:"لا تكذبي أنتِ على نفسك في لحظه غضب يا هدير ،المرأة خير من تشعر بقلب زوجها..وأنتِ تعلمين جيداً أنه متيم بحق بكِ ،ولكن لديه من الغباء وجنون العظمة الذكوري ما يجعله ينكر هذا حتى لنفسه"
ساد الصمت في الغرفة الواسعة تتراقص في عيني هدير ومضات متعددة من ذكرياتهم معاً ،إبتسامته الذكورية الجذابة,كلماته العاشقة بلغته الصعيدية الرخيمة، غزله المتواري ببعض الجمل العميقة،غيرته الجنونية وحميته إن إقترب منها أحد زملائها إعلانه بدون خجل للجميع في كلية الطب جامعة القاهرة مكان دراستهم سوياً بين الطلبة والمدرسين الأكبر سنناً أنها إمرأته وتخصه..إبتسمت بشجن تتذكره ،قراره بالحديث مع تليد  لخطبتها بعد أن تجرأ أحد زملائها في الجلوس بجانبها في أحد الدورات التدريبة وملامسته يدها عن طريق الخطأ..لينتظره المجنون خارج الجامعة ويقوم بضربه وتحذيره بالبعد عنها ؟! هبطت دمعة يتيمة منها وذكرياتها معه تتعاقب عندما قررت أن تأخذ سنة الامتياز هنا في قريتها قرر هو أيضاً عدم تركها وتقدم بإلتماس لجعله الطبيب المعالج في الوحدة وفتحه لعيادة خاصة في المركز فقط ليكون بجوارها..اذاً ماذا حدث؟! ما الخطأ الذي إرتكبته ليجعله يحول حياتهم لجحيم هكذا ؟!علا صوتها الحائر بالسؤال تخاطب فاطمة قائله:
"إن كان يحبني حقاً لما يعاملني هكذا أين وعوده لي عمتي ؟! هل تعتقدين حقاً بسبب خروجي معه وخيانة ثقة أهلي هو ما جعله هكذا معي؟!"
قالت فاطمة بهدوء:
"ربما يا هدير ولما لا أصيل في النهاية يظل رجلا بفكر شرقي حبيبتي ،ربما هو يلاحقك لتطيعيه، تحبيه ولكنه أبداً لن يرضى عن خضوعك حتى وان كنتِ له، أبداً لن يمحي من ذاكرته خيانتك لثقة أهلك رغم أنها معه تلك هي الحقيقة"
تلاحقت أنفاس هدير وهي تقول:"إذاً عمتي حياتنا مستحيلة لأنه لن ينسي قط ما حدث وطلاقي الذي رفضتوه آتي لا محالة"
برتابة أجابتها قائله:
"أنتِ متعجله! أنا لم أكمل حديثي إسمعيني جيداً,ربما الثقة التي اهتزت قليلاً بينكم سبب من أسبابه ،ولكن أضيفي أيضاً زواج أثيلة الذي كان يرفضه..أتعلمين أنه كان في صراع طوال الشهر مع والده في زواجها من أخوكِ وعندما هدد بفقدك تردد كثيراً وتراجع عن اعتراضه على الزواج..ومع إصرار خطاب الذي لم نفهم سببه على زواج تليد من أثيلة صمت تماماً ولم يعد يجادل في الأمر لكنه لم يتخلص من شعور الذنب والندم أبداً..أصيل كان أشبه بأب أخر لأثيلة يا هدير كان يهدهدها كطفلته رغم أنه كان في كثير من الأحيان يتلبسه جنون معها كما يفعل معك.."
قاطعتها هدير وهي تعقد حاجبيها متفكرة وهي تقول:
"أتقولين ان أصيل كان يرفض زواجهما حقاً!! لكن عمي خطاب كان مصراً ربما لحقن الدماء وعدم عودة الماضي كما أخبر الجميع"
طرقعت فاطمة بلسانها نافية وهي تقول:
"لا أظن ربما هذا السبب الأول في موافقة خطاب على زواجهم والبدل ولكن إصراره بعد هذا وتردد أصيل وربما كان سيتراجع عن الزواج ولكن اصرار والده يجعلني أجزم أن خطاب كان لديه سبب أخر ولكن للحقيقة أنا لم أستطع أن أكتشفه"
لتضيف ساخرة:"ولكن فِعلة تليد ليلة الزفاف وما أعقبها من فضائح جعلت الجميع يتلبسه حالة من الندم والجنون..وربما هذا سبب أخر لجنون أصيل"
توترت هدير ولم تجد ما تقوله أو تدافع به عن تليد..أشفقت فاطمة عليها وهي تمد يدها ترفع وجهها وتخبرها بحنان:"أنا لا ألومك ربما في أول الأمر كانت حرقة قلبي وغضبي منكم وما فعلتموه معي في الماضي يتكرر مع ابنة أخي جعلني حاقدة عليكِ..ولكن حقاً الآن أنا لا أحملك ذنب أحد"
"تليد ليس سيئاً يا عَمة صدقيني بل هو زينة الرجال أنا لم أفهم ما فعله حقاً ولكن هذه هي حقيقة أخي"
• ردت فاطمة بندم حقيقي:"ليلتها جميعناً تلبسه جنون وحرقة وحقد ،ربما هو أكثر واحد ظُلم فينا ولكن تجبره على صغيرة هو ما جعلني لا أستطيع الغفران له"
قطعت إسترسالها في الحديث تخبر هدير بقوة:
"دعينا منهم الآن يا هدير لدي كلمتين يا ابنة أحلام خديهم نصيحة من امرأة تعاقبت عليها جميع المصائب بكل ألوانها"
إبتسمت هدير لوصفها الغريب لتسمع صوت فاطمة يأتي عميق أجش تخبرها:
"أصيل يعاني وينازع بين أفكار معظم رجال بلدتنا وبين قلبه الذي يتشبث بكِ يا ست البنات"
ذكرها للقب بتلك الطريقة جعل قلب هدير يرتعش بين ضلوعها تتذكر خشونته، قسوته، ورقته ،وصوته المشتعل بحرقة مشاعره وهو بين يديها يردده بتأوه عاشق مجنون حتى وإن لم يعترف به(ست البنات)لا تفهمه عاجزة عن فهمه أو مقصده..مدت فاطمة يدها تضعها على كتف هدير تخرجها من شرودها وهي تقول:
"إن أردتي الطلاق يا هدير فهو سهل مكالَمة صغيرة لتليد ومجلس عُرفي يجمع كبراء القرية وتعاطف عمك خطاب ووعده لكِ أيضاً وسيُجبَر صاغراً لطلاقك"
إرتعدت هدير بقوة ليسقط الكوب من بين يديها..إرتبكت وهي تحاول أن تلملم ما حدث قائله بتوتر:"آسفه لم أقصد أنا"
أوقفتها فاطمة وهي تمسك بيديها الإثنين تخبرها بصوت خشن قوي متلاحق:"إسمعي يا ابنة أحلام ان ما في قلبك له وعشقه لك يعطيكِ الدفعة القوية لمحاربته في عقر داره، لهزيمته بنفس أسلحته..ساعديه وساعدي نفسك بإخراجك من دوامته رافقيه في نفقه المظلم وأجبريه أن تخرجوا منه للنور سوياً لا تستسلمي يا هدير مهما طال الأمر إستخدمي سلاح الأنثي فيك..مكرها، ودهائها..إن إبتعد إقتربي ،وإن أقترب..،إبتعدي ،وتذكري جيداً..أن الرجل مهما أحبك، يكره المرأة الخانعة الضعيفة المستلمة ،ناوريه بقوتك و أحرقيه بنار غموضك ،وأذيبه بجليدك
.......................
"يبدو أن المشهد يعجبك، فأنت منذ نصف ساعة تحدق بهن"

إلتفت لها بهدوء يراقب جلستها الأنيقة كالمعتاد ترفع حاجب واحد بخبث,وكأنها تخبره أنها تفهم كل ما يدور بعقله..أجابها على سؤالها المعلق قائلاً:
"لا تحاولين لعب دور المعالجة معي يا عبير القواعد بيننا واضحه أصدقاء فقط"
هزت كتفيها بمرح وهي تقول:"أي دور بالضبط، أنا فقط أسألك سؤال برئ"
سخر قائلاً:"عبير أنتِ والبراءة عاملان متنفاران فرجاءًا لا تدّعي على نفسك بما ليس فيك"
ضحكت بخفة وهي تجيبه بخبث:
"يبدو أن طويلة اللسان حرَّرتك لتعود لسخريتك القديمة يا أستاذ الحيل"
إلتوي فمه بضجر يخبرها بإقرار:
"متى وجدت الوقت لتخبرك؟!وماذا أخبرتك بالضبط لتدعيني بأستاذ الحيل؟!"
إعتدلت من جلستها وهي تعقد كلتا يديها على سطح المكتب تخبره بدون مواربة:"حيلة فقدك لها وسط المول التجاري قد تقتنع به طفلة ساذجة كأثيلة ،لكن بالتأكيد أنا لن أقتنع بها..أنت لم تكن تسمح لنفسك بأن تغفل عنها لحظة"
بهدوء ومراوغة قال:
"الحوادث تقع يا عبير ،أنا بشر ولستُ بطل خارق بألف عين لحراستها"
عادت تؤكد بقوة:"ليس معك يا تليد ومع أثيلة بالذات فلا تتلاءم علي وأخبرني مباشرة ماذا تهدف بكل ما تفعله مع الفتاة؟؟"
تحرك من وقفته ليجلس بأريحية أمامها في الكرسي المقابل لها ليقول:
"وماذا تعتقدين أني أريد من فتاة مراهقة إلا مساعدتها"
قالت تدعي التعجب:"دائماً ما تترك جانب المساعدة لي يا تليد ،أنت مسئول عن الداعم المادي والمشجع فقط أتذكر؟!إذاً ماذا حدث مع هذه الحالة ؟!"
قال بهدوء:"هي ليست حالة،أثيلة زوجتي وقبل أن تسألى لما أتيت لكِ بها ،لأنها كانت تحتاجك في تلك الفترة"

"أتريد القول أنها ما عادت تحتاجني بعد الآن؟!"
زفر بضيق وهو يقول:
"أنا لم أقل هذا وإلا ما كنتُ سمحت لها بأن تستمر في القدوم الى هنا"
زمت شفتيها بدون تعبير وهي تقول:
"إذاً..ما الذي تهدف له لتواصلك معها هكذا وتأكيدك بأنها زوجة لك أمامها وأمامي"
هز رأسه مدعياً اليأس وهو يقول بتهكم:
"يبدو أن طويلة السان ،لم تغفل عن ذكر شيء"
صمتت عبير تتفحصه بإهتمام تحاول إختراق حصونه ممارسة ذكائها كمعالجة نفسية مع شخص أصبح يفهم ألاعيبها ليس بسهل خاصة مع إهتمامه بعلم النفس والتوسع في قراءته له وفهم جوانبه..قطعت الصمت بينهم وهي تقول:
"ما فعلته معها وفقدك لها متعمد يا تليد لا يمنحني إلا اجابة واحدة,أنت كنت تريد أن تضعف الفتاة وتجعلها تتعلق بك"
عقد حاجبيه وهو يقول مستنكر ينفي بقوة:"هل أنتِ فقدتي مهاراتك أم ماذا ؟! بالطبع لا..بل أردت أن أرى تعاملها مع الموقف ،كل ما هدفت له أن تثق في نفسها وتتجرأ في التعامل مع البشر ولكنها صدمتني بردة فعلها الهلعة ،والصاعقة الكبرى التي لم أكن أتوقعها..،ثقتها بي وارتمائها بين ذراعي"
إبتسمت عبير بأنتصار قائلةً:"إذن أنت أضعتها متعمداً"
زفر بضيق حقيقي عندما أستوعب لعبتها ليخبرها بطواعية:"نعم ،فقدتها عن عمد خوفها المتكرر جعلني أشعر بالاستياء ،أريدها بشدة أن تخرج من تلك القوقعة لا تهاب ،تتجرأ على فعل ما تريد ،تُكوِّن صداقات مختلفة وإن وضعت في مأزق تستطيع الخروج منه لا أن تنهار كما حدث يومها"
قالت عبير بمنوارة بسيطه تحثه على الحديث بهدوء:"ولكن نحن إتفقنا أن نجعلها تخطو للأمر ببطئ وتمهل..فما الذي حدث ليجعلك تدفعها دفع لهدفنا؟"
تنهد بصبر وهو ينظر لوجه عبير الهادئ ليقول:
"هل لو أخبرتك أني أخاف عليها ،من العودة للدراسة هنا ستصدقيني !؟"
أومأت قائلة:"بالتأكيد..أصدقك أنا أيضاً لدي نفس المخاوف"'
أردف يخبر عبير مكملاً بإسترسال:
"أنتِ تعلمين أنها هشة، رغم قوتها الدفينة ،بها براءة مرعبة..لديها العالم بلونين لا تعرف المنطقة الرمادية,هنا أخاف أن تُبدي افعالها الانطوائية أو ذعرها هذا فيسخروا منها من في سنها ،أنا قلق عليها أن تمنح أحدهم ثقتها وتصاب بخيبات الأمل لن تحتمل خيبة أخرى"
وقفت عبير تنتقل من مجلسها لتجلس أمامه مباشرة تتأمل مشاعره المتعاقبة بهدوء تلتقط كل كلمة منه وتحللها بعمق,تجنبت الرد على كلامه أو مشاركته ،خوفه وهي مستمرة في الضغط عليه بمواربة قائله قاصدة إرباكه:
"هذا جيد منك ،ولكن ما علاقة شراء حاسوب وهاتف وذلك الطوق بخوفك عليها..هل كانوا كتعويض منك عن خطتك لهذا الموقف ؟!"
نفي سريعاً وهو يقول بإندفاع عفوي وقد نجحت في إرباكه:"لا بالطبع أنا كنت أنوي من البداية شراء الأجهزة لها ،ربما الطوق أتيت به لانه أعجبها..ولكن الهدف الرئيسي أن أجعلها تشعر بثقتي بها ،أن يكون لها كيان خاص حتى لو بسيط تختار بنفسها والأهم أنا أحب أن أراها سعيدة"
إبتسمت عبير وهي تستمر في دفعه للحديث مفتعلة المرح:"في هذا لديك كل الحق فلديها ضحكة آسرة تجعلك تريد منحها كل شيء فقط لترى تلك الإبتسامة"
كان شارد تماماً وهو يجيبها:
"لا عينيها,أنا لا أفهمهما ،لديها عينين غريبتين تعبر عن كل ما يعتمل فيها بوضوح,متقلبة كبحر مجنون فتارة موج ساكن ساحر لا تملكين إلا أن ترغبي في الغوص به وتارة أخرى تكون كموج غاضب مجنون مشتعل يريد أن يغرق كل من أمامه فلا تملكين إلا الإعجاب بتلك النيران الشرسة والقوة"
رمشت بعينيها وهي تقول شبه ذاهلة:"يا إلهي!! أنت أحببتها تليد"
انتفض من كرسيه بقوة واقفاً يطل على عبير من علو ينفي بشدة:"ماذا هل جننت !!يبدو أنك تعديتي حدود الصداقه بيننا وتستخدمين إحدى طرقك النفسية الغريبة لتحليل غير موفق؟!"
وقفت عبير توازي وقفته وهي تصيح به قليلاً:
"وهل ما قلته كذب ،أم هو كل الحقيقة!؟ لهذا أنت غاضب لكشفك أمامي !"
نظر اليها وهو يقول من بين أسنانه:"بالطبع كذب ،أحب من !وكيف؟! مراهقة ،مكسورة..لا تتقبلني من الاساس!! أحب صغيرة !!قبل ستةأشهر لم أكن أعرف عن وجودها شيء؟!كيف تعتقدين أن أحب طفلة أجبرتني الظروف على الزواج منها ؟!"
عادت عبير للهدوء سريعاً وهي تجيبه بحكمة:"لم يحتاج الحب يوماً لوقت أو مكان أو معرفة سابقة ،حججك هذه ليس لها معني ،تعلم جيداً أنَّ تآلف القلوب ومشاعر الانسان لا دخل لها بها فلما تنكر الأمر؟!"
كان ينظر لها بمشاعر مغلقة هل يبالغ لو واجه نفسه بالحقيقة وأعترف أخيراً بأنه كان يتهرب من مواجهة من أمامه ،خوفاً من كشفها أكبر هواجسه ،تعلقه الذي لا يعلم سببه حتى اللحظة بتلك المراهقة ،منذ عدة أيام سابقه وهو يواجه نفسه بقسوة!! ما المميز في أثيلة بحق لجذبه بتلك الطريقة؟!! ما الذي يجبره للتعامل معها بذلك الصبر!! ما الذي يريد أن يصل اليه، بمحاولته كسبها أتُرى لأنها مست أحد أكبر جوانب نفسه المظلمة التي لم يكن يعرف عنها شيء بالسابق ،أم كونها مختلفة ببراءة لم يري مثلها من قبل !أم تلك القوة الدفينة التي جذبته مرغماً من أول حديث معها رغم رعبها منه ،صور متعددة متلاحقة كانت تمر أمام عينيه ضحكتها غضبها وجهها الطفولي عندما يتغضن بوجع فتجعل قلبه بين أضلعه يتلوى خوفاً عليها ،لا ينفي لنفسه بقوة أبداً لم يكن جمال محياها هو السبب فكم رأى من الجميلات وبالتأكيد هي ليست أولهن ؟!هز رأسه دون أن تفارق عيناه عيني عبير المراقبة بإهتمام للسؤال الحائر في عينيه يتخبط ،عاجز عن تحديد نفسه ربما ،وهي التي لم تراه أبداً في موقف مشابه من قبل سمعت صوته يأتيها قائلاً:
"ربما ما تقولينه صحيح الحب لا يعرف منطق ،ولكن أنا لم أحبها..ان بها شيء يجذبني ولكن مؤكد لم يصل للعشق كما تحاولين إقناعي"
إبتسمت عبير بإرتياح وهي تقول:"نصف طريق العلاج..الإعتراف بالحقيقة"
إلتفت لها بحدة يسألها بصرامة:"أي علاج وإعتراف تقصدين !! فقط أنا أقر بالإنجذاب للفتاة ،هذا لا يعني شيء وربما هو مجرد إهتمام بها لأني تسببت لها بعامل نفسئ سيء"
إبتسمت عبير بشغب توصله لما تريد بدون أن يشعر وهو يفتح أمامها المجال لسؤالها قائله:"وما هذا الشيء الذي فعلته معها ،أو ربما السؤال الصحيح تليد والذي ترفض الاجابة عليه !ما الذي دفعك للجنون تلك الليلة ما الذي حدث لتطلق براكين غضبك على طفلة عاجزة جاهلة كما قلت.."
هل شعرت بذبذبات سلبية غاضبة تملأ الغرفة من حولها..أعطاها ظهره وهو يقول بمهاجمة غريبة:"هذا شيء لا يخصك لتسألي عنه"
هزت كتفيها بدون إهتمام وهي تقول من وراء ظهره:"كما تحب، ولكن هل حقاً ستستمر في موجة غضبك؟!متي تستطيع ان تسامح نفسك؟! إن لم تغفر لنفسك أولاً يا تليد ستغرق في دوامة لجلد الذات لن تنجو منها.."
تحرك ناحية نافذة الغرفة مرة أخرى يده تقبض على الستارة بعنف يراقب جلستها مع فتيات الدار المرحة..هي تتحرر ،يصل معها لما يريد..تكوّن صداقات وإن كانت حذره. تسعي بنفسها لمشاركة عالم الأخرىن,يراقبها غير مصدق تحتضن هالة الصغيرة كأنها أخت كبيرة تعاملها برقة ،وتعلمها التعامل مع الجهازاللوحي الجديد .كسر الجمود السائد بينهم يخبر عبير بقنوط:"سأغفر عندما تسمح هي لي ،سأتحدث عن ما حدث ليلتها معها هي لا غيرها,سأمني نفسي بمواجهه معها نرتاح بها كليناً"
عادت عبير تقول بنوع من التحدي:"أنت تريد هذه الفتاة زوجة تصنع منها شيء لنفسك..أعلم أنك لن تستطيع طلاقها أو الزواج من أخرى يوماً"
إلتفت لها بهدوء يجيبها برزانه مقر بالحقيقة وبدون مواربه أوكلام منمق:
"نعم,كما تقولين أصنع أثيلة تليد بعد أن وجدت الخامة الجيدة ،ما المانع إذن؟ انها زوجتي يا عبير هل أحتاج تذكيركم طوال الوقت ؟"
صمت لبرهة وهو يأخذ أنفاسه يخبرها بقوة وثقة:
"ربما الفتاة فُرضت علي وأنا تقبلت الوضع، ولكن محاولتي معها ،ليست إستسلام للواقع إن أردت الزواج أو الطلاق لن يمنعني أحد"
خرج سؤالها حذر وهي تقول:"إذاً أنت تريدها برغبتك"
هز كتفيه قائلاً ببساطة:"نعم,أنا أريدالاحتفاظ بها بنائها بصبر وتمهل برغبتي الكاملة ولكن"
أخذ نفس عميق يخبرها بتشدد:"أنا لم أحبها كما تدعين أنا فقط مشدود اليها ،لم أعتد الحرام أو الإختلاط بالجنس الأخر يا عبير تعلمين تحفظي الدائمً معهن ،لذلك ربما صفة زوجتي والحلال الذي يميزها عن غيرها جعلني راغب بحق في التواصل معها"
نظرت اليه عبير عابسة وهي تقول:"ولكن الفتاة مميزة لا تُنكر"
عاد النظر اليها من النافذة قائلا بإبتسامة صغيرة:"هل بعد كل ما أخبرتك إياه ،لم تشعري..إقراري بأنها مميزة، مميزة جداً قصيرة القامة وطويلة اللسان"
وقفت عبير بجانبه حريصة كل الحرص على المسافة الدائمة بينهم والنابعة من داخلها..انها تراقبها معه وهي تراقص حاجبيها بمشاكسة خبيثة تخبره:
"قصيرة القامة ،طويلة اللسان التي ستفقدك عقلك وأيضاً البحرية خاصتك..أحب أن أخبرك أنها لا تفهم اللقب وتعتقد أنك تناديها بإسم أخرى"
أطلق ضحكه قصيرة وهو يقول:"ربما يجب أن أصل لبحريتي سريعاً لأحذرها أن تفشي أسرارنا الزوجية لأي أحد حتى أنتِ"
عادت عبير لجديتها قائلة:
"أنت ستحول الأمر بينكم وتريد الوصول اليها دعني أساعدك لتتقبل الأمر أسرع"
إلتفت لها برأسه وهو يقول بحزم قاطع:
"لا إياك والتدخل في هذا الأمر ،إن أردتها زوجة سأسعي بنفسي لدك حصونها، ستتقبلني ببطئ وهدوء,وبأفعالي أنا لا غيري,وبدون تلاعب منك"
عقدت عبير ذراعيها تنظر له بقنوط قائلة:
"عملي أصبح تلاعب,أنت غرورك الذكوري ما يدفعك لرفض مساعدتي ،عرقك الصعيدي يحرك كبريائك ويجعلك تسعى بنفسك"
أومأ بموافقة:
"نعم سميها كما تحبين أنا لن أنكر ما تقولين,لن يساعدني أحد في كسب قلب إمرأتي مهما طال الأمر"
هذه المرة تخلت عبير عن دور المعالجة المراوغة وهي تقول بإمتعاض:
"لا تحتاج أن تؤكد الأمر ،فأنا لدي نسخة منك مماثلة تثير جنوني"
عاد بنظراته اليها يخبرها ساخراً:"أنتِ قادرة على إثارة جنون عقل أكبر الحكماء فلا تظلمي صديقي معك ،أعانه الله على بلوته فيك وفي عقلك"
أجفلته عندما عادت بنبراتها الهادئة الوقورة وهي تصارحه:"هل تعلم أنك صرحت بأن أثيلة إمرأتك,وأنك تريدها برغبتها وسعيك وفي نفس الوقت تنكر حبك لها كيف يستقيم الوضع بتلك الطريقة"
وقف أمامها مباشرة وكأنه يحاول قرائتها هي لاالعكس ثم قال:"أتحاولين القول أني أكابر للإعتراف لو هذا مقصدك ،أريد أن أخبرك أن علمك خانك هذه المرة"
لم تتخلى عن هدوئها وهي تبادله تفحصه قائلة:
"لا لم يخنِّي دعني أخبرك عن تضاربك أنت لتضع خطوط واضحة تتبعها معها أنت منجذب حقاً لها ربما إعجاب قوي أنت تنكره لنفسك وتستنكره ،كيف تحب إحدى قضاياك وتقع في خطأ العددين؟؟"
سمعته يقول بصوت رجولي عميق منهياً الحوار:"أنتِ محقة عبير ،ولهذا كما أخبرتك سأخطو اليها بتمهل ولن أقربها بأي طريقة حميمية في الوقت الحالي"
رفعت عبير حاجب واحد وهي تقول:"أتريد اخباري أنك لن تُفعِّل زواجك في أقرب فرصة منها كما أعتقد ،ظننت بأن أفعالك تلك لتقربها منك"
ضحك بخفة وهو يهز رأسه نافياً:"ألم أخبرك أنك ستخفقين معي قليلاً!! أفعالي حقاً لمساعدتها ،وربما كما قولتي أنتِ تقبُلها لي سيمنحني نوع من الرضى الذاتي ولكني لن أخون مبادئي معها سأصبر الى ان تُصبح في السن العقلي والجسدي والنفسي لإستقبالي كزوج"
"علميا تليد لكن جسدياً هي مستعدة بالفعل"
أنهي الحديث بحزم قائلاً:"أنتهي الحديث هنا أنا لن أسمح لك بتلاعبك بي مرة أخرى ،كل ما أطلبه منك كصديقة قبل معالجة أن تحديثها في أمور عامة في العلاقات الصحية بين أي زوجين طبيعين رغبة مني فقط ،للتحرر من أفكارها وأرفض يا عبير أي محاولة منك في التدخل بعلاقتي بها"
**************
"أتعلمين أنكِ أصبحتِ مسار حسد الكثيرات هنا"
رفعت أثيلة رأسها من الحاسوب وهي تبعد عنها هالة قليلاً تاركة لها المجال تلهو في أحد الألعاب..نظرت الى حياة بعدم فهم وهي تقول:"هل تحدثيني أنا!!"
تحركت حياة بهدوء تجلس بجانبها وهي تقول:
"نعم..أحدثك أنتِ، وهل هنا غيرك يستحق الحسد!؟"
عبثت أثيلة بعدم فهم وهي تسألها:"لا أفهم !وماذا فعلت لأستحق هذا منكن؟!!"
أمالت حياة بوجهها تقترب من أثيلة أكثر قائله بنوع من المؤامرة:
"بعضهن وليس جميعهن فأنا مثلاً لا أحسدك ،ولكن أحقد عليك قليلاً"
ارتبكت أثيلة أكثر وهي تقول بتوتر:"أنا لا أفهم حقاً ،لم كل هذا ؟هل أزعجكم بمجيئي؟ يمكني التوقف و.."
أوقفتها حياة وهي تضحك بقوة تخبرها:"أنتِ كما توقعت حمقاء"
توحشت ملامح الأخرى وهي تقول بنبرة قوية:
"إسمعي يا حياة ،أنا لا أسمح لكِ أو لغيرك بإهانتي هل تفهمين ؟!!"
نظرت لها حياة بصمت للحظات قبل أن تقول:"أنا لم أقصد إهانتك ظننتك منَّا مشابهة لنا! ولكن يبدو الفتيات محقات ،المقامات محفوظة بيننا يا إبنة الأكابر"
نهضت حياة من جانبها تكتم إنفعال غاضب ساخط على ما أوصلتها الحياة له على يد أب ظالم تاجر بها وقام ببيعها لكسب المال وهي إبنة الرابعة عشر لرجل يماثله سِنَاً..تفاجأت بيد أثيلة تمسك بمرفقها بتردد تخبرها بإعتذار:
"أنا آسفه لم أقصد أن أشعرك بشيء سيء ،ولكن أنا لا أحب أن يهينني أحد.."
إلتفتت لها حياة وهي تقول:
"أنا كنت أمازحك فقط، إعتقدت أنك أصبحت جزءً منا وفهمتي طرق هزارنا"
تغضنت ملامح أثيلة وهي تقول:
"في الحقيقة، أنا فاشلة في التمييز بين المزاح وغيره"
صمتت لُبرهة وهي تأخذ نفس عميق قائلة:"حياة ،أنا لا أتكبر على أحد كما تعتقدن، ولكن أنا لدي مشاكل في التعامل مع البشر وأحاول حقاً حلها بالتواصل معكن"
قالت حياة بعجب:"أنت صريحة زيادة عن اللازم"
قالت بهدوء:
"أنا لا أفضل الكذب ولا أعرف تلك الطرق الملتوية فلا تتعجبي من ردود أفعالي"
إبتسمت حياة بمرح وتخلت عن غضبها وعادت لجذب أثيلة من يدها تفتعل الشغب قائلة بشقاوة:
"إذاً سوف أستغل هذا الصداقة معك وأولاً دعيني أخبرك أنك محظوظه جداً.."
أستسلمت أثيلة ليدها وهي تسألها بإهتمام::"لما تكررين حديثك هذا لا أفهم؟!"
تركت حياة يدها لتقف قبالتها في منتصف الحديقة تنظر لها مستغربة وهي تقول:"حقاً أنا متعجبة منك,أنت متزوجة من رجل نراه بطلنا الذي لا يُقهر ،وسيم جذاب طيب وحنون ويحب الحق ،ولا تدركين حقاً لما أنت محظوظة؟!"
تمتمت أثيلة قائلة:"بطلكن أنتن لا أنا ،أنا تزوجته رغماً عني ،أنت لا تدركين مدى الخوف الذي يلاحقني في حضوره لا تعلمين المأساة والرعب التي عشتها معه في السابق ،فلا تدعي شيء وتتحدثي عنه وانت لا ترين الحقائق"
صدمت أثيلة وهي تراقب عيني حياة التي إغرورقت بالدموع فجاءة..وهي تقول بصوت ضعيف لم تفهم سببه:"أنت لا تفهمين وأنا لا أصدقك ،هذا الرجل الذي تدعي عليه ،أنقذني منذ أربع سنوات من الموت"
،صمتت لبرهة تلتقط انفاسها لتربكها وهي تردف:
"هل أخبرتك قصتي من قبل امم لا أعتقد ،فهناك قانون غير مرئ تسنه عبير بيننا بأن لا ماضي فقط مستقبل مشرق نسعى اليه..ولكن هي لا تعلم ربما أنها مهما أصلحت من عطبنا لا نستطيع أن نمحي ذاكرتنا بسهولة"
إقتربت منها أثيلة تنظر لها متعاطفة بحق تمد يديها تربت عليها قائلة:
"أنا آسفة أيا ما كان قلت وجرحك أنا لم أقصده ،ولكن قصتي مع تليد مختلفة عن ما يظهر للناس"'
رفعت لها حياة عينين خاليتين من الحياة وهي تقول بجمود:"إذاً دعيني أخبرك قصتي وانت تخبريني ما لديك ونعقد المقارنة من منا مصيبتها أكبر"
إبتعدت أثيلة للوراء في إستعداد للهروب وهي تقول برفض قوي ويتلبسها الذعر:
"لا لا أنا أريدأن أسمع منك أو أحكي شيء أنا..أنا نسيت، لم يحدث شيء معي"
ولكن كانت مرارة حياة الأشد قسوة وهي تسارع للخروج بتهور تصرخ بها:
"بل يجب أن تسمعي ،كيف لفتاة في الرابعة عشر باعها والدها في صفقة مالية لرجل في الخامسة والاربعين من عمره ،يجب أن تسمعي كيف كانت معاناتها وهو يربطها كل ليلة في سريره لتمردها ومحاولتها الهرب"
،تمتمت من بين أسنانها بحرقة وغلظة وهي تزرف دموع القهر قائلة:
"يجب أن تعرفي ،كيف كان كل ليلة يأخذ حقوقه منها كحيوان وهي حتى لا تفهم سبب ما يفعله بها!!"
رفعت أثيلة يديها تصم أذنيها بقوة تأمرها بصوت ضعيف خافت:
"أصمتي..أصمتي لما تفعلي هذا!!"
رأت من بين رموشها الغزيرة يد عبير تلتف حول حياة بقوة تدفنها في صدرها تخبرها بصوت حازم رغم حنانه:
"حياة ،توقفي عن هذيانك ما الذي حدث لك ؟؟!"
تعالت شهقات حياة بقهر تتشبث بصدر عبير تهز رأسها بتشدد وهي تقول:
"لا أستطيع النسيان يا عبير أنفاسه القذرة مازالت تلفحني ،جسدي مازال يأن من الألم ،صفعاته مازالت تحرقني ،وهي تأتي تتهم من أنقذني منه بأنه مثل هذا الحيوان!! كيف تستطيع فعل هذا ؟إسأليها لم تريد تشويه الصورة الوحيدة الجيدة في عقلي عن منقذي"
أشارت لأثيلة بإصبع اتهام قائلة:"أنت إسمعي لقد أحببتك بحق ولكن لن أسمح لك بتشويه من يحمينا أمام باقي الفتيات أفهمت !!يجب أن تضعي في عقلك شيء واحد نحن فتياته اخواته وبناته ولن نسمح بتدخلك أبداً وتحطيمه لدينا"
تمتمت عبير وهي تربت على شعر حياة الشديد الكثافة:"حياة ما أنت فيه حبيبتي أثيلة لا ذنب لها به ،أنت ستظلين تتذكرينه في كل وقت وكل مناسبة، بدون حتى سبب..لأنك لم تخرجي من مراراتك بعد ،أنت يا حياة من تصرين على حشر نفسك في الماضي"
مدت حياة يديها تحتضن خصر عبير بقوة تقر لها بإعتراف كانت الأخرى شبه متاكدة منه:
"الليلة الماضية سمحت لنفسي أن أتطرق للماضي ،وعجزت عن التوقف حلمت به كبوس بشع يعود في صورته المتوحشة، يده الحقيرة كانت تمتد تمزقني"
قاطعتها عبير بحزم وهي تراقب المنهارة الأخرى أمامها بصمت وهي تقول:
"توقفي حياة ،إذاً ما قيمة كل ما فعلناه حتى اللحظة ،ما قيمة عودتك للحياة وتفوقك الدراسي صغيرتي، إن كنتي مصرة على العودة للذكري والعيش بين سطورها أخبريني"
رفعت حياة عينيها المطفأة تتأمل عبير وأثيلة المنهارة بجمود تشعر بتأنيب الضمير من أجل أثيلة لم تقصد أبداً أن تجعلها تري نوبة  إنهيارها لم يطرق أبداً خيالها بتعذيبها..صمتت ولم تكن مدركة لحقيقة كل كلمة تنطق بها عبير!! ما قيمة ما حققته إن كانت ذكرياتها تتغلب عليها!!..راقبت ظل تليد الضخم يأتي من بعيد في خطوات متسارعة يقلب نظراته بينهم بقلق وصل لأثيلة الملتصقة في الجدار تنتفض بقوة ،كان يصارع للإقتراب منها أولاً لضمها يطمئنها..يعاني لعدم فهمه ما حدث بينها وبين حياة..ونظرلعبير وحياة المنهارين على الارض وأخذ قراره بحسم رغم حكم قلبه المخالف واقترب من عبير وحياة وجلس القرفصاء وربت على شعر حياة بحنان وتفهم سألها:"ماذَا حدث حياة؟!"
رفعت عينيها وهي تضم نفسها لعبير أكثر تخبره بضحكة مرتعشة وشعور الذنب يتمكن منها:
"نوبة جنون أخرى ،انت تعرفني..ربما تسببت في نوبة هيستريا لزوجتك سامحني"
أخبرها بهدوء:"لا تهتمي، تعلمين أنكن لدي سواء صحيح!"
أومأت موافقة بهدوءولم ترد..همست له عبير قائلة وهي تساعد حياة على النهوض:"إذهب لأثيلة، الفتاة تحتاجك لم تبدي أي ردة فعل منذ وقت طويل"
لم يتباطئ في الإلتفاف الى أثيلة واقترب منها بحذر يمد يده ويمسك بيديها المطبقة على أذنيها قائلاً بصوت أجش خافت:
"هل تسمحين لي بلمسك أثيلة ،فقط أريدالاطمئنان عليك"
فتحت عيناها الدامعة  تحدق فيه بتأمل لم يكن الخوف والرعب الذي توقعه بعد ما سمعته مؤكد من حياة فهو خير من يعلم نوبة جنونها وعانى هو شخصياً لترديدها قصتها ،الفتاة منذ أن أرغمتها عبير على البوح بما جري معها وأصبحت لا تنفك عن ذكره ربما رعبها الجلي بأن يعود زوجها السابق لأخذها منهم مرة أخرى كما تعتقد..سمع صوت أثيلة يجذب تفكيره للعودة اليها تخبره:
"أنت لا تختلف عنه ،أنا عانيت منك"
أغمض عيناه يائسا،ً لا لن يعود للصفر معها لن تعود لتوجسها وخوفها منه..كانت أثيلة تنظر له بتفحص غريب ليسمع صوتها مرة أخرى تقول بهمس:
"ولكن أنا أكثر حظا منها..منهن جميعاً ربما فأنا لدي أنت"
همست بصدق تخبره وتزيد من حيرته وصدمته:
"لدي من يدفعني لأحلم بالأمل ،أنت كنت حقير يا تليد ولكنك علمت خطئك وحاولت إصلاحه ،أنا لا أسامحك ولكن أثق بك ،أنا لا أريد تركك ولكني مازلت أخاف منك"
جسده الضخم كان يرتعد حديثها المفعم بمشاعر رغم إثارته للحيرة كان صدره ينقبض رغم كل ما تقوله بقهر و بعجز لإخراجها من ذكرياتها لتحريرها من مخاوفها..ضربته في الصميم حقاً وهي تضم نفسهاً قائلة بضعف:
"عندما كنت أخاف ،او أشعر حتى بالحزن كان أبي يفتح عباءته ويضمني بها بقوة بين ذراعيه كان يحجبني عن العالم بين دفء عباءته يدفع اليَّ الاطمئنان ويزيح عني الحزن بمجرد ضمه لطرفي العباءه حولي"
همس بخفوت ومشاعر مفعمة بعاطفة لم تفهمها هي:
"أريد أن أضمك في عباءتي أثيلة"
ضحكت بقهر تخبره:"أنت لا تملك واحدة ،في تلك اللحظة وأنا أحتاجها بشدة"
فتح معطفه الطويل يكرر طلبه بحنان:
"أريد ضمك أثيلة,حتى وأن لم أملكها كما قلت"
وبدون تردد كانت تستقبل عطاياه بهدوء تلف ذراعيها حول خصره تخبره:
"وما الذي يمنعك إذاً..هل يجب أن أطلبها"
أغلق معطفه بكلتا ذراعيه يحتضنها بقوة يضمها الى صدره يردد دعائه بذهول:
"يا إلهي ،ألهمني الصبر والحلم معها,ألهمني القوة لعدم ظلمها"
..............................
بعد مرور ثلاث سنوات

كان يلحقها عند باب الشقة كعادته الأثيرة ،وهي تهرول الى غرفتها ،ولكن هذه المرة هروباً منه أمسك مرفقها بقوة يجذبها اليه وهو يصرخ بغضب:
"توقفي هنا عندما أحادثك ،لا تهربي وتحججي بخوف لم تعودي تملكيه حولي"
شراستها المعتادة تصاعدت وهي تجذب مرفقها منه تخبره:
"أبعد يديك عني تليد ولا تثير جنوني أكثر مما هو مُثار بالفعل في تلك اللحظة"
أمال بوجهه يشد مرفقها بخشونة قائلا بغيظ:"أخبرتك ملايين المرات عندما تتحدثين معي تتخذي من الأدب طريق ،لم تعودي صغيرة لأسمح لك بطول اللسان"
صاحت به بإنفعال:
"ولأني لم أعد صغيرة ،لا أسمح لك بالتعامل معي بتلك الطريقة تليد,لم أعد تلك المراهقة الجذعة التي ترتعب من تجبرك عليها وفرد عضلاتك المنفرة"
تمتم بغيظ يخبرها:
"أنا عضلاتي منفرة يا قصيرة القامةً ،إذاً توقفي عن النظر اليها بإنبهار طوال الوقت"
توسعت عيناها بذهول غير مصدقة وجهها يحمر خجلاً وغضباً لتهتف به بتلعثم:"أنت غليظ مدعي أنا لا أحدق بك ولا بغيرك..أنا أكرهكم جميع الرجال وأنت خير من يعلم"
رفعت يدها تجذب حجابها بعنف تشعر بالإختناق من يومها الطويل وما حدث ليكمل جمال يومها المبهر..نزع عينيه عن شعرها المنساب وحلقاته الحلزونية تتراقص حول وجهها وظهرها ،تمتم بإستغفار ملازماً دائماً له معها،لم تعد ترحمه منذ تحررها من خوفها منه منذ ان فهمت أن لاعيب ولا حرام في تحررها من حجابها وبعض من ملابسها أمامه ،ولا ترحمه ،يلعن هذا اليوم الأسود الذي أتى لها بكتب الفقهه لتأخذ منها ما يناسبها وتترك ما لا يعجبها مثل علاقتهم المعلقة منذ سنوات مازالت لا تعترف بها ولا تسمح بأي تماس بينهم..وهو لا يعلم حقاً ما الذي يدفعه لإنتظار ربما عدم تقبل الفتاة له وحصارها إياه في خانة أخوة لعينة لا يعلم من أوحي لها بهذا الخاطر أو أفهمها أنه يقبله على رجولته..لقد كان واضح وصريح معها أو مع اي أحد من معارفهم...تعريفه دائماً لها لا يقبل التأويل أو التلاعب فقط يكتفي بقول (زوجتي )
حرر معصمها وهو يأخذ خطوة بعيداً عنها ليسمعها هي الأخرى تأخذ نفس مهدئ تخبره:"أنا لا افهم سبب غضبك تليد أنا لم أخطئ في شيء ،رئيس الجامعة يدعيّ علي لأنني فتاة ويحمي هذا الدكتور البغيض ،ولعلمهم بصلتك بي وحرصي على اسمك يستغلوه ضدي"
سخر قائلاً يحاول الخروج من التوتر الذي اجتاحه بعنف وهو يقول:
"لا..بك الخير أثيلة هانم تخافين على سمعتي ،وكل يومين يستدعوني بسببك ،لأسباب مختلفة من ثوراتك الجنونية ،وأخرها تقومين بمحاولة التهجم على المعيد هل جننت؟!"
صرخت بغيظ وهي تقول:
"لقد كان يضرب الفتاة أنت لم ترى بعينك ما حدث كان المعيد المحترم يأخذ الفتاة في ممر منعزل ويضربها لقد كانت تتألم"
ماذا قد يخبر متوحشته العنيدة تنكر حقيقة ما رأته بعينيها وتُصر أنه كان تعدي من الحقير الأخر على الفتاة ،ترفض الإعتراف أن الإعتداء ما هوإلا سفور من المعيد المحترم وإستغلاله للطالبة التي وضح أنها خطيبته  كما يدعي..إدعى إبتسامة واهيه مغيظه وهو يقول:
"لم يكن إعتداء ولم تكن تتألم يا مجنونة"
توترت وهي ترفض بشدة تلميحه الذي وصلها عندما سخرت منها الفتاة الباكية لكشفها فعلتهم القذرة هل تكذب على نفسها لقد فهمت ولكنها لن تعترف أمام تليد بخطئها:
"أنا لا يعنيني ما قالوه..كان يعتدي عليها وأنا أردت مساعدتها كما علمتموني انت وعبير"
تحركت في أرجاء الإستقبال الواسع بتوتر للتحرك ناحية المطبخ وهي تتحرر من كنزتها الصوفية ذات الأكمام الطويلة ،لتظهر من تحتها بلوزة قطنية سوداء بأكمام قصيرة جداً تلتصق على جسدها وترسم منحنياتها بوضح غض بصره سريعاً عنها يخبرها بخشونه:"أنت أصبحتى خارج السيطرة ،ويجب أن أعود للحزم معك ،يجب أن تفرقي بين نشاطك في الدار ودراستك"
إلتفتت له وهي تلاحظ تباعده المفاجئ عنها لتخبره بتعجب:
"انت نسيت أن حسي الصحفي ما دفعني للدفاع عن الحق وليس نشاطي في الدار"
صاح بغضب مغتاظ قائلاً:
"هذا عندما يكون حقك ،كان جنون مني موافقتك لدخول مجال الصحافة..انتِ يجب أن يغلق عليك ألف باب"
إقترب خطوة منها يخبرها بإنفلات:"بأي حق يا أستاذة ؟فالفتاة كانت مستمتعة وراضية..وانت فقط قمتي بفضحها"
صرخت بِه بإنفعال:"حتى لو كان ما تقوله صحيح ولم يعتدي عليها هذا حرام وعيب مرفوض يا تليد وانت تخبرني انها راضية لا مشكلة"
كان مظهرها المثير لرجل محروم جائع أكبر من تحمله ليخبرها بتهكم مغتاظ:
"ربما لأنها تفهم,إمرأة بحق وليست طفلة محبوسة في ماضيها"
إقتربت بجنون وشعرها يتراقص حولها يعطيها حالة سحرية غريبة تشع قوة..شراسة..سحر..جنون و..و اثارة مدت إصبع حانق تضربه على صدره وقالت:
"توقف عن تمجيد الأمر، الإثنان يستحقان الجلد في ميدان عام لا الفضيحة فقط"تمتمت أكثر من بين أسنانها وهي تقرب وجهها من وجهه تستطيل على أطراف أصابعها لتخبره بصوت خافت وأنا لست طفلة أو مراهقة لا تعرف ما تريد أو ما تقصد"
أنفاسها برائحة البحر كانت تتسلل له مالحة لاذعة منعشه وهو قد نفذ صبره كلياً عندما قبض عليها بكلتا كفيه يمسك عضديها بقوة يخبرها بتلاعب وشقاوة وهو يدفعها الى الحائط خلفها قائلاً بصوت مثير لم تسمعه منه من قبل:
"كررتي انك لست بطفلة كثيراً ما رأيك أن تثبتي هذا وتنضمي لعالم الكبار، بحريتي"
حاولت أن تتملص منه وأنفاسه الساخنة تلفحها..جسده الضخم يلامس جسدها ملامسة غريبة لم تعرفها منه من قبل..مال بوجهه يهمس أمام شفتيها بمشاعر جياشة ،لم تسمعها منه من قبل كان قربه خطر..خطر مرعب ناقوس يدق في عقلها بالذعر ولكنها لم تخف منه..تليد لن يؤذيها أبداً لم تحاول الهروب وأنفاسها تتلاحق..صدرها يهبط ويعلو بترقب

Continue Reading

You'll Also Like

2.8M 56.3K 49
فتاة عايشة حياتها كلها فى أمريكا بترجع لمصر لأول مرة فى حياتها بعد وفاة أهلها وفى يوم وليلة بتصبح مرات أبن أكبر عائلات الصعيد يا ترى ايه هيحصل معاها...
972K 36.2K 40
فتيـات جميلات وليالــي حمـراء وموسيقـى صاخبة يتبعهـا آثار في الجسـد والـروح واجسـاد متهالكـة في النهـار! عـن رجـال تركوا خلفهم مبادئهم وكراماتهم وأنس...
5.5M 145K 78
عندما يتزوج الغضب من الثأر ينجبان الشراسة فماذا اذا تزوجت نيران العشق بنيران الثأر ماذا ينجبان ؟؟!! روايه #اباطرة العشق جزء ١ روايه #عشق_من_نار جزء...
749 63 13
ومَن لا يعرف كيف يصغي لا يمكنه سماع النّصائح... 👈👈القصة من فصل واحد فقط وبقية الفصول مراجعات ريفيوهات.