الفصل الثامن

21.2K 451 6
                                    

الفصل الثامن

أنفاسه المنفعلة لفحتها كنيران أوقدت عليها لسنين، دقائق مرت والصمت يلف كليهما لم تحد عيناها عن عينيه المظلمة بمشاعر متضاربة لم تستوعبها كلها: غضب..إستنكار..صدمة..وانتصار لم تفهمه .
مال فمه بإبتسامة شبه ميتة وهو يقترب منها يلصق نفسه بجسدها المكشوف من تحت جلبابها يده السليمة أمتدت تزيح طرف جلبابها المفتوح من على جانب كتف واحد سمعت صوته يأتي بشقاوة غامضه يخبرها:
"دعيني أجرب بنفسي ما سيقدمه جسدك البارد والى متى سيستمر في برودته قبل أن يجبره قلبك العاشق ككل مرةعلي الإنصياع لنيراني"
أغمضت عينيها بقوة عندما أمال وجهه يقبل ما بين كتفيها ولم تحد عيناه عن مراقبة وجهها المنفعل..رعدة قوية وعاطفة تمكنت منها مرغمة برعشة إستجابة لتشعر بقبلاته تزداد همجية منتصرة في محاولة لإذابتها كاملة ،لتسلم حصونها برضي كالشهور السابقة !!كبحت دموع المهانة بقوة تلعن هذا القلب العاشق الذي يجعلها مكشوفة لديه..لم تتحرك قيد أنملة حاولت السيطرة على هذا الجسد الخائن الذي يتفاعل معه رغماً عنها تُذكر نفسها بكل سبل الرفض..تراجع حديثها مع أمها بإصرار تأخذ منه القوة سلاح لا لن تستسلم لأصيل أبداً لن تجعله ينتصر..هوسه ازداد معها يده امتدت لبطنها العاري يقبض عليه بقوة وهو يقول بإنفعال:
"لا تدَّعي القوة يا هدير، لا تحاولي محاربتي ،جسدك الطائع لعاطفتي يكشف زيف كذبتك و أحشائك الممتلئة بطفلي تخبرني بأنكِ لي كلك ملكي أنا"
لم ترد والنفور والرفض بدأوا يرتسموا طواعية على ملامحها..وجنونه ازداد ،كبرياؤه بدأ يدك حصونه بتجلدها..صرخ بإسمها:
"هدير.."
فتحت عيناها وكل ما يقوله ويفعله جعلها تسيطر على مشاعرها بجدارة أخبرته هامسة بهدوء غريب:
"ربما أصيل ما تقوله صحيح جسدي الخائن كما تدعي أطاعك ،لكن عقلي يرفضك, أنا أرفضك..فماذا ترى يا سيد الرجال هل ستكتفي بالجسد الطائع رغم رفض صاحبته"
إبتعد عنها خطوات الى الخلف ينظر اليها بتوتر إستغربته وهو يقول بنبرات مستهزئه:"أنتِ كاذبة لن تكرهينني بيوم وليلة"
ضحكت ضحكة قصيرة جعلت الغضب يتمكن منه لتخبره بسخرية مريرة:
"لن أكذب عليك يا أصيل وأدَّعي ما ليس بي..نعم أحبك ،ولكن أعدك أن أُعلِّم نفسي كيف أكرهك وأستمد من كل جبروتك وأفعالك المهينة سلاح ضد حبي لك، أعدك يا أصيل أن تصبح في عيني وقلبي طيفاً لرجل لم يستحق حبي يوماً"
تلاحقت أنفاسه بفزع ونبراتها الصادقة في وعدها تجعل قلبه يهتز بقوة،بحث في قاموس قسوته عن ما يجلدها به فلم يجد..كاد أن يضعف وأن يعترف أمامها بحبه ،أن يخبرها عن ذلك الخاطر الكريه بندمه في حقها ولكن كبرياؤه أبى وشيطانه رفض ان ينصاع أبداً لإمرأة حتى وان كانت مرارتها تُضعفه..تمكن منه البرود وأخبرها بإستخفاف لاذع:
"داري نفسك وأغربي عن وجهي ،لم يعد بكِ شيء يغريني"

إرتعش فمها مع دموع غزيرة ملأت عينيها منعتها بقوتها الوليدة أن تهبط أمامه وبكل كبرياء جريح رفعت يديها المتصلبة تلملم جلبابها بجمود أمام عينيه المراقبة لها بلا تعبير وبنفس يدها إمتدت تأخذ حجابها تلفه بعشوائية وتعطيه ظهرها مغادرة للمكان كله ،تاركة وراءها رجل إنهارت كل حصونه دفعة واحدة يحدق فيها بعينين مفرغة وقلب مشتعل بجحيم لم يفهم أسبابه أو ربما مصيبته أنه فهم لقد نالت من كبريائه وهذا ما لن يغفره لها ما حيا..
............................
كانت تحدق أمامها بعيون مطفئة تضم شفتيها بقوة وصور ما حدث معها منذ قليل تنحرها..عندما شعرت بيد حانية تُربت عليها برتابة..وصوت فاطمة الهادئ يخبرها:"إهدئي ،من أجل طفلك بنيتي انه أهم ما لديك الأن"
رفعت عيناها تحدق في فاطمة وتخبرها بصوت مرتعش:"أنا هادئة يا عَمة"
أخذت فاطمة نفس عميق وهي تقول:
"عينيك وارتعاشك الواضح لا يُخبرني بذلك يا هدير..آسفه على حالك..أعرف ما تعانين منه فالتعامل مع غباء ابن أخي ليس سهل"
أحست بغصة البكاء تخنقها وهي تكافح كي لا تنفجر باكية..أمسكت فاطمة بيدها وهي تقول:
"تعالى معي الى غرفتي جلستك هنا على السلم ودموعك تحجب عيناك إهانة لك إن رآكِ أحد الخدم"
إستسلمت لِيَد فاطمة بطواعية وهي تنهض معها . وتتبعها بصمت..بعد وقت قليل كانت تجلس أمام فاطمة على الأرض..تطوي قدميها تحتها وتحدق بشرود في كوب الليمون البارد بين يديها أتاها صوت فاطمة بعد أن جلست بأريحية أمامها تحدثها مازحة:
"لم آتي بكِ..الى هنا لتجلسي كالتمثال يا ابنة أحلام"
رفعت هدير عينيها تتفحص وجه فاطمة الهادئ بتمهل..عينان واسعتان بزرقة خاطفة ولامعة ،وجه أبيض مشبوب بحمرة خلابة,شعر محمر قليلاً غزير وناعم من الأمام وينتهي بحلقات حلزونية: يتخلّله بعض الشيب..قالت هدير بهدوء:
"أنتِ تشبهين أثيلة كثيراً"
تنهدت فاطمة قائلة:
"بل هي من تشبهني ،أثيلة كانت تعويضا من الله لي عن قطعة من روحي فقدتها"
صمتت لبرهة وهي تسحب إحدى الوسائد تضعها خلفها ،تمددت بأريحية على الارض تضع يدها على جبهتها وهي تردف:
"يوم ولادتها ساد الحزن بين رجال العائلة لأنهم كانوا يتعشمون في ولد أخر بعد توقف نعمة عن الإنجاب ثلاثة عشر سنة ورفض خطاب زواجه من أخرى"
إبتسمت بإشراق عندما طرقت عقلها الذكرى وهي تقول:
"ولكن عندما فتحت عينيها بين ذراعي أنا تسللت لقلبي مباشرة وعلمت أنها عطية الله لي وتعويضه..عينيها المشابهة لعيني ذكرتني بضناي عندما فتحت تحدق بي ثم أنطفأت مرة واحدة"
خف صوتها بمرارة عند ذكرها لطفلتها لتقطع كلماتها مرة واحدة وتضع مرفقها على وجهها المتوجع تضغطه بقوة على عينيها كأنها تصارع دموعها وتُجبرها ألا تسارع في الهبوط..مدت هدير يدها تلمس مرفقها برفق تخبرها مشفقة:
"أنا آسفة لتذكيرك لم أقصد،أنا فقط عندما أرى وجهك أتذكر أثيلة"
عندما لم ترد فاطمة أضافت تفتعل المرح لتخرجها من سكونها قائلة:
"ولكن لن أخفي عليك أنا أيضاً أتعجب لملامحك أنت وأثيلة المختلفة عنا"
إستجمعت فاطمة أنفاسها وهي تجبر نفسها ككل مرة على تناسي الذكرى لتجيبها وهي تتفاعل مع مرحها:
"ربما السبب لأن لدينا عرق غير صعيدي تماماً ،يقولون أن جدة أبي غيرعربية"
قالت هدير:"يقولون أنكِ لا تعلمين أصل جدتك"
هزت فاطمة رأسها نافية وهي تهمس لها كأنها تبوح بسر خطير:
"لا بالطبع أعرف ،ولكن تعلمين أن الناس هنا ترى العروق المختلطة أقل منهم مكانة فعودنا أبي ألا نكرر الأمر بيننا"
إبتسمت هدير لمزاح فاطمة غير المعتاد معها لتهمس نفس همسها قائلة:
"أنا فقط أتمني أن تحصل إبنتي على هذا العرق الدسيس بينكم سأكون ممتنة جدا"
إبتسمت فاطمة وهي تتأمل هدير لتسألها مباشرة:
"تتمنين فتاة ،ولكن ربما أصيل يريده ولداً"
إرتعش فك هدير وهي تحاول الإبتسام ولكنها فشلت لتخبرها بصوت إكتساه الحزن:"أعتقد ان أصيل لن يهتم بما آتي به"
يدها إمتدت تمسد على بطنها المسطحة تتذكر قسوته في إمساكه بها ،إعلانه بسفور أن كل ما يخصه بطفلها أنه فقط صك إمتلاك أخر لها وأردفت قائلة:
"انه لم يهتم يا عَمة، الطبيب الماهر ورئيسي الهمام لم يلاحظ علامات حملي الواضحة لأصغر طالب طب..كل ما اهتم به كيف يقوم بإرضاخي ومعاشرتي"
هبطت دموعها مرغمة هذه المرة الألم كان أكبر من أن تمنعه، الوجع كان يمزق أعماقها وهي تقول بصوت مختنق:
"حتى عندما علم وفعل فعلته أمامكم لم يهتم أن يسأل عن حاله ،أن يعرف هل أصابه ضرر مما حدث..كل ما إهتم به عند عودته أخذ حقوقه مني"
بهت وجه فاطمة فجأة وتغضنت ملامحها بقوة وكأنها تعاني من ذكري تطوف عقلها لتقول بنبض متسارع:
"أشعر بكِ يا هدير، أعلم مدى الجرح الذي تعاني منه روحك..أشعر بمقدار الذل الذي ينحر كرامتكِ أفهم كيف يكون الوجع والظلم عندما تتحولين لمجرد ظل امرأة لرجل يفرغ فيك شهوته غير مهتم اذا كنت راضية ام مجبرة"
صمتت لبرهة تستعيد أنفاسها المتلاحقة بإنفعال من ذكرياتها المريرة لتضيف بعدها:
"أنا أفهمك يا هدير ،صدقاً لن يفهمك غيري..عندما كنت أدعمك وأدفعك بمجرد حديث بسيط في الشهور السابقة لأني كنت أرى فاطمة أخرى تعيش نفس الحدث بمشاهد مكررة متشابة ،محاولة دحر قوتها إلغاء كينونتها ،تحطيمها لتصبح تابع ذليل وأنا لم أرد لك ذلك في الواقع إن كان الأمر بيدي أنا ،لطُفتُ على كل إمرأة وقدمت لها المساعدة"
كفكفت هدير دمعها وهي تسألها بتردد:"هل تريدين القول أنكِ وقعتي في أخطائي وأحببتي تهامي وفعل معكِ ما يفعله أصيل بي"
النفور والكره والغضب ارتسم على ملامحها الجميلة وانتفضت فاطمة من سكونها لتهتف بشيء من الوحشية والغل:"أنا لم أحب تهامي قط لا قبل زواجي منه ولا بعده لم يعطني سبباً واحد لحبه يا هدير"
ضمت شفتيها بقوة تكبح سيل شتائم وألقاب تليق بتهامي وأشباه الرجال مثله..تراجعت هدير عن إكمال حديثها وهي تنظر بتوتر لشراستها التي تشع حولها طاقه غاضبه وقاسية..عدة لحظات فقط وعادت فاطمة لنوع من الهدوء لتخبرها بصوت مكتوم.:"أصيل ربما أفعاله الظاهرية تجبر أيا كان لعقد مقارنة بينه وبين تهامي وللأسف سوف تصبح مطابقة ولكن"
قربت وجهها من وجه هدير وهي تسألها بنوع من الغلظة:
"أصيل أهانك كما قلتي ،ولكن هل إغتصبك يا ابنة أحلام مثلاً أجيبيني؟!"
إرتعدت هدير من لهجة فاطمة الصريحة،المرأة تحدثها وكأنها تعرف إجابة السؤال وكأنها تفهم ما يدور في الخفاء..تكشفها، تعلم الحقائق..حقيقة مشاعرها ضعفها لأصيل والمشكلة الأكبر أنها تعرف أصيل الذي لم تعرفه هي هدير حقاً !!صوتها خرج مرتعش وهي تجيبها:
"أنا لا أفهم ما علاقة سؤالك بعقد مقارنه بين أصيل وتهامي ؟"
خرج صوت فاطمة بحسم قائله:
"لا تجيبي سؤالي بسؤال..هل أجبرك عليه منذ أول  يوم زواج منك ؟!"
هزت هدير رأسها بتوتر بالإيجاب مرة وبالرفض مرة أخرى ،لتجلي صوتها بعدها وهي تشيح بوجهها قائلة:
"ربما لم يجبرني حقاً ولكنه استغل عاطفتي نحوه ليجعلني أُسلم نفسي راضيه رغم رفضي في أول الأمر"
عادت فاطمة بجزعها للوراء وهي تقول لهدير بإبتسامة ميتة:
"أتعلمين,عامين كاملين مع تهامي يأخذ حقوقه مني كل ليلة مجبرة،مرغمة ولم أسلم له مرة واحدة قط وهو بكل جبروت لم يتوقف أبداً بل كلما زادت مقاومتي يتفنن في طرق إذلالى وإمتلاكي"
إرتعشت هدير من قسوة كلمات فاطمة وتمتمت بخفوت:
"يا إلهي ولما قد يفعل بك هذا ،لما ؟!"
قاطعتها فاطمة بحزم ،لا تريد أن تغرق في طيف ذكرياتها القاتلة لأنوثتها ،كبريائها ونفسها التي تركها أسعد أمانة بين يديها واجتاحها تهامي كمغتصب معتدي حقير ولم يجد رادع واحد لإيقافه..مستغلا كل ضعف ومرارة كانت بها لإجبارها..أفاقت من توجعها ومسحت دمعة يتيمة هبطت عنها دون وعي وهي تعود بإبتسامة مهزوزه تخبر هدير:"لا يهم يا هدير الماضي وذكراه أو حتى أسبابه، ولكن كما أخبرتك ربما الحالة مشابهة، ولكن الأسباب مختلفة"
لتضيف بلهجة ناعمة قليلاً بإقرار ونبرة واثقة:
"هدير..أصيل يحبك، أنا أدرى بإبن أخي من الجميع.."
هزت هدير رأسها بقوة وهي تخبرها بحزم مجزمة:
"لا تكذبي..إبن أخوك رسم دور العاشق المتيم بمهارة على الجميع ،ليجعلني.."
قاطعتها فاطمة بصبر:"لا تكذبي أنتِ على نفسك في لحظه غضب يا هدير ،المرأة خير من تشعر بقلب زوجها..وأنتِ تعلمين جيداً أنه متيم بحق بكِ ،ولكن لديه من الغباء وجنون العظمة الذكوري ما يجعله ينكر هذا حتى لنفسه"
ساد الصمت في الغرفة الواسعة تتراقص في عيني هدير ومضات متعددة من ذكرياتهم معاً ،إبتسامته الذكورية الجذابة,كلماته العاشقة بلغته الصعيدية الرخيمة، غزله المتواري ببعض الجمل العميقة،غيرته الجنونية وحميته إن إقترب منها أحد زملائها إعلانه بدون خجل للجميع في كلية الطب جامعة القاهرة مكان دراستهم سوياً بين الطلبة والمدرسين الأكبر سنناً أنها إمرأته وتخصه..إبتسمت بشجن تتذكره ،قراره بالحديث مع تليد  لخطبتها بعد أن تجرأ أحد زملائها في الجلوس بجانبها في أحد الدورات التدريبة وملامسته يدها عن طريق الخطأ..لينتظره المجنون خارج الجامعة ويقوم بضربه وتحذيره بالبعد عنها ؟! هبطت دمعة يتيمة منها وذكرياتها معه تتعاقب عندما قررت أن تأخذ سنة الامتياز هنا في قريتها قرر هو أيضاً عدم تركها وتقدم بإلتماس لجعله الطبيب المعالج في الوحدة وفتحه لعيادة خاصة في المركز فقط ليكون بجوارها..اذاً ماذا حدث؟! ما الخطأ الذي إرتكبته ليجعله يحول حياتهم لجحيم هكذا ؟!علا صوتها الحائر بالسؤال تخاطب فاطمة قائله:
"إن كان يحبني حقاً لما يعاملني هكذا أين وعوده لي عمتي ؟! هل تعتقدين حقاً بسبب خروجي معه وخيانة ثقة أهلي هو ما جعله هكذا معي؟!"
قالت فاطمة بهدوء:
"ربما يا هدير ولما لا أصيل في النهاية يظل رجلا بفكر شرقي حبيبتي ،ربما هو يلاحقك لتطيعيه، تحبيه ولكنه أبداً لن يرضى عن خضوعك حتى وان كنتِ له، أبداً لن يمحي من ذاكرته خيانتك لثقة أهلك رغم أنها معه تلك هي الحقيقة"
تلاحقت أنفاس هدير وهي تقول:"إذاً عمتي حياتنا مستحيلة لأنه لن ينسي قط ما حدث وطلاقي الذي رفضتوه آتي لا محالة"
برتابة أجابتها قائله:
"أنتِ متعجله! أنا لم أكمل حديثي إسمعيني جيداً,ربما الثقة التي اهتزت قليلاً بينكم سبب من أسبابه ،ولكن أضيفي أيضاً زواج أثيلة الذي كان يرفضه..أتعلمين أنه كان في صراع طوال الشهر مع والده في زواجها من أخوكِ وعندما هدد بفقدك تردد كثيراً وتراجع عن اعتراضه على الزواج..ومع إصرار خطاب الذي لم نفهم سببه على زواج تليد من أثيلة صمت تماماً ولم يعد يجادل في الأمر لكنه لم يتخلص من شعور الذنب والندم أبداً..أصيل كان أشبه بأب أخر لأثيلة يا هدير كان يهدهدها كطفلته رغم أنه كان في كثير من الأحيان يتلبسه جنون معها كما يفعل معك.."
قاطعتها هدير وهي تعقد حاجبيها متفكرة وهي تقول:
"أتقولين ان أصيل كان يرفض زواجهما حقاً!! لكن عمي خطاب كان مصراً ربما لحقن الدماء وعدم عودة الماضي كما أخبر الجميع"
طرقعت فاطمة بلسانها نافية وهي تقول:
"لا أظن ربما هذا السبب الأول في موافقة خطاب على زواجهم والبدل ولكن إصراره بعد هذا وتردد أصيل وربما كان سيتراجع عن الزواج ولكن اصرار والده يجعلني أجزم أن خطاب كان لديه سبب أخر ولكن للحقيقة أنا لم أستطع أن أكتشفه"
لتضيف ساخرة:"ولكن فِعلة تليد ليلة الزفاف وما أعقبها من فضائح جعلت الجميع يتلبسه حالة من الندم والجنون..وربما هذا سبب أخر لجنون أصيل"
توترت هدير ولم تجد ما تقوله أو تدافع به عن تليد..أشفقت فاطمة عليها وهي تمد يدها ترفع وجهها وتخبرها بحنان:"أنا لا ألومك ربما في أول الأمر كانت حرقة قلبي وغضبي منكم وما فعلتموه معي في الماضي يتكرر مع ابنة أخي جعلني حاقدة عليكِ..ولكن حقاً الآن أنا لا أحملك ذنب أحد"
"تليد ليس سيئاً يا عَمة صدقيني بل هو زينة الرجال أنا لم أفهم ما فعله حقاً ولكن هذه هي حقيقة أخي"
• ردت فاطمة بندم حقيقي:"ليلتها جميعناً تلبسه جنون وحرقة وحقد ،ربما هو أكثر واحد ظُلم فينا ولكن تجبره على صغيرة هو ما جعلني لا أستطيع الغفران له"
قطعت إسترسالها في الحديث تخبر هدير بقوة:
"دعينا منهم الآن يا هدير لدي كلمتين يا ابنة أحلام خديهم نصيحة من امرأة تعاقبت عليها جميع المصائب بكل ألوانها"
إبتسمت هدير لوصفها الغريب لتسمع صوت فاطمة يأتي عميق أجش تخبرها:
"أصيل يعاني وينازع بين أفكار معظم رجال بلدتنا وبين قلبه الذي يتشبث بكِ يا ست البنات"
ذكرها للقب بتلك الطريقة جعل قلب هدير يرتعش بين ضلوعها تتذكر خشونته، قسوته، ورقته ،وصوته المشتعل بحرقة مشاعره وهو بين يديها يردده بتأوه عاشق مجنون حتى وإن لم يعترف به(ست البنات)لا تفهمه عاجزة عن فهمه أو مقصده..مدت فاطمة يدها تضعها على كتف هدير تخرجها من شرودها وهي تقول:
"إن أردتي الطلاق يا هدير فهو سهل مكالَمة صغيرة لتليد ومجلس عُرفي يجمع كبراء القرية وتعاطف عمك خطاب ووعده لكِ أيضاً وسيُجبَر صاغراً لطلاقك"
إرتعدت هدير بقوة ليسقط الكوب من بين يديها..إرتبكت وهي تحاول أن تلملم ما حدث قائله بتوتر:"آسفه لم أقصد أنا"
أوقفتها فاطمة وهي تمسك بيديها الإثنين تخبرها بصوت خشن قوي متلاحق:"إسمعي يا ابنة أحلام ان ما في قلبك له وعشقه لك يعطيكِ الدفعة القوية لمحاربته في عقر داره، لهزيمته بنفس أسلحته..ساعديه وساعدي نفسك بإخراجك من دوامته رافقيه في نفقه المظلم وأجبريه أن تخرجوا منه للنور سوياً لا تستسلمي يا هدير مهما طال الأمر إستخدمي سلاح الأنثي فيك..مكرها، ودهائها..إن إبتعد إقتربي ،وإن أقترب..،إبتعدي ،وتذكري جيداً..أن الرجل مهما أحبك، يكره المرأة الخانعة الضعيفة المستلمة ،ناوريه بقوتك و أحرقيه بنار غموضك ،وأذيبه بجليدك
.......................
"يبدو أن المشهد يعجبك، فأنت منذ نصف ساعة تحدق بهن"

عادات خادعةWhere stories live. Discover now