الفريدة " النسخة المعدلة"

Por nhas178frm3

13.4K 705 220

ماذا لو كان حبك الكبير وهم؟ ماذا لو عشت حياة كاملة تبنين قصوراً من رمال امام بحر أهوج لا تعرف رياحه الرحمة! ق... Más

ميلاد سعيد (١)
صالح (٢)
إياد(٣)
ملك الأقفال (٥)
صديقان(٦)
بدون استسلام(٧)
صراع (٨)
غرام (٩)
المصلحة (١٠)
يوم (١١)
شريف (١٢)
المصير (١٣)
على اسمي (١٤)
من أول السطر (١٥)
حربٌ باردة (١٦)
لا سبيل إليك (١٧)
قرار (١٨)
بلا حب (١٩)
دخان (٢٠)
فرق توقيت (٢١)
خريف (٢٢)
الاتفاق (٢٣)
رد فعل (٢٤)
الفشل (٢٥)
بلا عنوان (٢٦)
الشخصيات الرئيسية
تنويه
اقتباس
اقتباس ٢
سلامات 🕊

فاضي شوية (٤)

830 35 17
Por nhas178frm3


" دا أحنا يدوب ملحقناش نقرأ المكتوب علشان نلقى هموم وقسية "
" دا اسمه كلاام عشنا العمر نربي حمام بس نسينا نقوم غية " ..

رداء خفيف فيكفيها سخونة جسدها في هذا الجو البارد لا تعرف حقاً في أي شهر هي الآن ..
أ يعقل أنه الشتاء ؟!! كيف وجسدها يطلق حرارة وسخونة كأنها في اعتى شهور الحر ، نيران مشتعلة تجعل جسدها لا يتحمل أي رداء أو غطاء ولم تجد أمامها سوى الاستجابة له وترتدي رداء شبه شفاف لا يمثل للبشر ثوباً ساتر ..

لا يهم منذ أسبوعان لم ترى انسياً ولا يهم ! كل ما تريده هو ما هي به الآن تجلس في غرفتها المظلمة بعيداً عن أعينهم الخبيثة وأصواتهم المزعجة و تلك التراهات التي تُقال كلما قابلت أعين أحد منهم عينها .. واللعنة ! كأنها قصيدة حفظها جميعهم ويريدون منها ان تستمع لها وكأنها أحد الوصايا العشر ....

تضع سماعة هاتفها في اذنها وتسمع القصيدة التي تريد ... دون إلحاح أو تطفل من أي كائن حي أياً ما كان .. فالكل سواء الآن ..

جالسة الآن في الشرفة كعادتها في ظلمة الليل الذي أصبح صديقها المريح الودود الذي يأتي في هدوء و يصحبها في أجوائه في سلام .. سلام .. تلك الكلمة وهذا الشعور الذي فقدته منذ سمعت هذه الكلمة اللعينة من فم والدها ... الكلمة التي كتبت سطور النهاية .. لكل شئ .. لها ، لأحلامها ، لسلامها الفاني !...

لم تعد تسمع سوى صوته وصوت لحنه الجميل وأغنيته العذبة التي تمثلها حالياً بكل ما تحمله الكلمة من معنى ... لا تسمع تلك الطرقات التي كادت أن تكسر باب غرفتها ..

نهى بقلب مفطور : يا بنتي حرام عليكي ردي عليا بقى !! انت بتعملي فينا كدا ليه ؟! ...

صمتت من تلقاء نفسها بعد أن جذبتها يد أحمد وسط مقاومة جسدها وصمت فاها الذي آلمها من كثرة النداء على تلك القابعة في قلعة أحزانها منذ سمعت خبر وافته المزعوم ..

نهى بتعب : سيبني بقى ! لازم اتطمن عليها !!

أحمد برفض وهو يجلسها على سرير غرفتهم : انت مش بتشوفيها كل يوم في البلكونة ؟ !!!! هي مصدومة ! واللي بتعمليه دا مش هيجيب نتيجة !!

نهى بغضب وهي تدفع يده عنها : يعني ايه يعني ؟ أنت عايزني أسيب بنتي تحبس نفسها أسبوعين في أوضة كأنها قبر من غير أكل ولا شرب غير الهيافات اللي في تلاجتها وطول الليل اسمعها بتعيط وتصحى على كوابيس وصريخ ومش بترد على حد فينا وتقولي مصدومة !! وبشوفها في البلكونة !! أنت مصدق نفسك !!

" عايزاني أعمل أيه يعني " قالها بغضب وهو يهشم أي شئ أمامه كعادته في الفترة الأخيرة وتابع بغضب أشد غير مهتم بأن يمسعه أحد من عمال المنزل أو لا : ايه !!! ارحميني !! أنت وبنتك والحيوان اللي هي مقطعة نفسها علشانه !! ايه !!!!!

نهى بتهكم : وهو إياد غلط في أيه يعني !!!

نظر لها بصدمة وقد فهم ما تقصده ليقول بغضب أشد حد الجحيم وصوت عالي زلزل كيان المنزل : انت اتجننتِ صح ! خلاص مش فارق معاكي حاجة ؟!

نهى ببكاء : بنتي بتضيع منِ !!

أحمد بصوت مبحوح متعب من الصراخ : ما هي بنتي أنا كمان مش بنتك لوحدك !! وقولت مفيش غير حل واحد وأنتِ رافضة.

نهى بنفاذ صبر : أحنا في ايه الوقتي !! ما اسخم من ستي إلا سيدي !! انت عايزني أوافق أجوز بنتي لابن كامل المملوكي بعد كل اللي عمله زمان ! واللي خلاك أنت وأصحابك تقتطعوا معاه رغم كل اللي كان بينكم !!؟

أحمد بملل : قولنا الموضوع دا قديم وكامل خلاص معدش عايش في مصر زي زمان ! ابنه هو اللي شايل الشغل هنا وهو برا ... بعدين قولتلك دي فرصة ! بنتك بعد اللي حصلها مش هتقدر تتجوز والوحيد اللي هيعرف يصونها هو شريف !! شريف اللي عرض عليا أنه يتجوزوا وهو عارف كل حاجة عملها الزفت التاني !!

نهى برفض : وهو عرف منين ؟ ها .. ازاي أصلاً يقبل حاجة زي دي على نفسه ؟؟

أحمد بنفاذ صبر : بيحبها !!!! بيحب بنتك من زمان من قبل خلافنا مع أبوه ومقدرش ينساها !!

" وعرف منين " قالتها مرة أخرى بنفاذ صبر هي الأخرى ..

أحمد وهو يجلس بجوارها محاولاً استرضائها للموافقة على هذا الطلب : قالي أنه كان بيراقبهم ساعات ويوم عيد ميلادها بالذات راقبها عشان كان عايز يديها هدية ولما .... لما حصل اللي حصل قرر يتدخل وهو الوقتي اللي مخبي إياد عنها !

قال تلك الجملة بقلب مكسور على ابنته وبغل شديد وهو يلفظ اسم إياد ..

نهى بصدمة : إياد عنده ؟؟

أحمد : معرفش بالظبط هو فين بس هو قالي أنه يقدر يبعده عنها تماماً !! بس مقاليش تفاصيل كتير !.

نظرت له نهى نظرة موجوعة فليست هذه هي الفرحة التي كانت تنتظرها لابنتها الوحيدة ولا هذا هو المصير الذي كانت تتمناه لإياد الذي ربته كأنه ابنها وكأنها امه دون تفرقة كابن عم ابنتها قبل أن تعرف الحقيقة المُرة ...

••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

< غرفة فريدة >

جالسة على كرسيها تقلب بعينها في نجوم السماء علها تجده وسطهم أو تجد شبحاً له مبتسماً يجعل للراحة طريق لقلبها المشروخ والذي سال منه بحوراً من الدم تكفى لملأ شريان ثالثاً لنهر النيل ..

تمسك في يدها تلك الورقة التي كتب لها فيها أخر كلمات منه لها .. الكلمات التي حفظتها عن ظهر قلب ، فكلما شعرت بوحدة روحها ودمارها بدونه قرأتها حتى صارت تستطيع إلقائها على السامع دون النظر لسطر واحد من أسطر تلك الرسالة الأخيرة ..

بكاء وصراخ وتهشيم للأشياء التي وجدتها أمامها عندما سمعت تلك الجملة المكونة من كلمتان لعينتان.. واللعنة قد كرهت الحروف التي تكونت منها تلك الجملة .. " إياد مات " ..
جملة قاتلة وقد كانت حقاً كفيلة بقتل أي فرحة أو أمل أو مشاعر بداخلها ....

" لحظات من الماضي "

كانت تسير بجواره في النادي منذ سنين لا تذكرها حقاً ، بالخطوة السريعة كما تعودت هي وهو كل يوم صباحاً قبل أن تكون الساعة حتى التاسعة في هذا النادي الفخم الذي اعتادا قضاء وقتاً طويلاً فيه ..

" ما تشدي بقى أنت خستعتي ولا أيه " قالها بخبث وقد قصد ان يستفزها لتقول وهو تلحق به في سرعة ورشاقة ..

فريدة : بس يا حبيبي أنا سبقتك امبارح مجتش على مرة من نفسك يعني !!

إياد وقد ضحك على كلمتها تلك فهما يعرفان جيداً أنه يترك لها فرصة لكي تربحه من أجل روحها المعنوية : شكلك صدقتي نفسك يا فري !!

ابتسمت له وقالت وهي تجذب يده ليجلسا على أحد مقاعد النادي : كفاية ........ تعبت !

قال بمرح : عجزتي الوقتي !! .... عمتاً عشان خاطر عيونك نعديها بس أنا رايح اجيب ماية عشان هموت من العطش !..

ابتسمت له بينما جلست تلتقط أنفاسها لتشعر بيد على كتفها لتلتفت بتلقائية متوقعة ان يكون هو قائلة في مرح : أنت لحقت م .....

لم تكمل جملتها حيث وجدت شخص لأول مرة تراه ينظر لها نظرات وجدتها وقحة لتدفع يده في غضب وقالت وهي تقف : أنت مين وازاي تتجرأ تحط أيدك عليا !!؟

ابتسم لها احدي ابتساماته الساحرة وقال : عادي يعني ! هو أنا عملت حاجة ؟؟

نظرت له باحتقار وقبل أن يكمل سخافته التفتت لترحل فهي اعتادت على ساخافات هذه الأشكال من هذا الجنس الغريب ولكن قبل أن تتحرك وجدته يقطع طريقها واقفاً أمامها قائلاً بثقة شديدة وهو يضع يديه الاثنتان على كتفها وكأنهما صديقان منذ الطفولة : استني بس هو ....

لم يستطع اكمال جملته حيث وجد يد تجذبه من خلفه وبسرعة شديدة لكمته على وجهه ليقع أرضاً وسالت الدماء من أنفه..

إياد بغضب وشرار يُطلق من عينه : لم أيدك دي يا شاطر بدل ما توحشك وأوعى تتجرأ تفكر بس في انك تكلمها تاني !!

قالها بغضب وغل بانا في عينه ليقول وهو ينظر لها : يلا ....

نظر له غير عابئاً بالدماء السائلة من فمه وانفه وبسرعة شديدة عرقله بقدمه ليقع إياد ارضاً وبسرعة شديدة أيضاً جلس فوقه يلكمه باحترافية شديدة حتى سالت الدماء من وجهه هو الأخر ..

بينما فريدة تشاهد هذه المعركة قررت التدخل فهي سببها على أي حال وبسرعة شديدة دفعته بقدمها ليبتعد عن جسد إياد الذي أخذ يسعل دماء بينما وقع الآخر أرضاً وقامت بسرعة شديدة بضربه مجدداً بقدمها على رأسه لكنه امسكها هذه المرة من قدمها ودفعها للأمام لتقع أرضاً واقترب هو منها قائلاً بثقة وهو يميل بجسده ليكون في مستوى نظرها غير عابئاً بتحذير إياد الذي يحاول استعادة توازنه بألا يقترب منها ..

" أنت عنيفة بقى ! يعني مش حلوة بس دا أنت كمان قطة شرسة !! " قالها وقد غمز لها وعاود محاولاً أن يمسك يدها ولكن لكي يساعدها أن تقف ولكن قبل أن يفعل شعر بالذي خلفه يحاول لكمه ليلتفت له سريعاً وبسرعة البرق أخرج شيئاً ما لم يتبينه أياً من هم سواء فريدة أو إياد وكأنه آلة حادة وجرح بها كتف إياد الأيمن الذي صرخ بصوت أرعش قلب فريدة وما زاد رعبها هو تلك النافورة الدامية التي انطلقت من كتفه ..

" أنت مجنون !!!!!! " صرخت بها وهي تدفعه بعد أن استعادة اتزانها لتحاول اسعاف إياد الذي سقط أرضاً غارقاً في دمائه ..

لم يبالي بصراخها ولا أنها نعتته بالمجنون وسار بشموخ وقد مسح دماء إياد التي على سلاحه هذا الذي لم تتبين بعد ما هو في فوطة من الفوط التي كانت معها على الأرض ووضعه في جيبه كما كان ..

فريدة بغضب : والله ما هسيبك يا حيوان !! ..

التقت لها بعد أن كان ابتعد مسافة معقولة وقال بصوت عالي نسبياً وهو ينظر لها بشموخ : يوسف الإمام يا حلوة !! مستني ...

وغمز لها ثم التقت وأكمل سيره كأنه كان في عرض مُسلي يسير بكل ثقة كأنه لم يفعل شئ بينما هي تابعته بغضب وكم تمنت حقاً أن تلحق به لتكافئه على ما فعله بإياد الذي كان يتألم أمامها ..

فريدة بقلق وهي تقطع قطعة قماش من ثيابه : أهدى هكلم السواق يجي حالاً ..

قالتها وهي تضمد الجرح بقطعة القماش لكي يتوقف النزيف ؛ وبينما هي تبحث عن هاتفها وجدت من يتحدث لها باحترام وخنوع ..

" آنسة فريدة .. صح ؟ " قالها هذا الرجل الذي كان يرتدي بدلة سوداء ويبدو عليه الجدية كأنه أحد أفراد الحرس الوطني أو حرس رئاسة الجمهورية يضع سماعة سوداء في أذنه ويقف أمامها بتربص واحترام في نفس الوقت يده الاثنان امامه ..

فريدة بتوتر : نعم !!!

الرجل بكل أدب : يوسف به الإمام بعتني عشان أوصل حضرتك والأستاذ للمستشفى ...

نظرت له بصدمة وقالت باستهزاء : والله !!! كتر خيره .. مش محتا.........

قبل أن تكمل كلماتها المتهكمة كان الحارس قد قاطعها وهو يشير ليد إياد : العربية برا جاهزة بالسواق والجرح دا لو فضل كدا هيبقى خطر !! على اما حد تبع حضرتك يجي هيبقى عدا وقت ! ارجوكي ساعديني اساعد حضرتك وحضرته وانفذ الأوامر ..!

" أوامر !! " قالت باستنكار ونظرت لإياد الذي كان يحاول الوقوف بصعوبة ولدماءه التي غطت المكان اسفله ثم عادت بنظرها للحارس وأومأت له باقتضاب فهي حقاً خائفة على إياد ولا تملك حل حالياً سوى أن تنقذه من هذا الجرح ..

{ الآن }

كان من الممكن أن تكون تلك أسوأ الزكريات التي جمعتها بإياد منذ سنين لولا أنها بسبب تلك الذكرى اكتسبت صديقاً من أوفى من عرفت في حياتها وكذلك إياد ، لذا عندما راودتها تلك الذكرى ابتسمت لأنها كلما رأت تلك العلامة في كتف إياد الأيمن بثياب السباحة تبتسم له ابتسامة لا يفهم معناها سواهم ..

ابتسامة امتنان لأن هذا العشق الطفولي البرئ لم يكن فقط ذكرى أو كلمة يمكن أن تمر على البال ؛ بل كانت مثبتة بعلامة موثقة على جسد أحد العاشقين .. تلك العلامة التي كلما نظرت لها شعرت به كأنما يهمس لها قائلاً بحب " لا تقلقي ! أنا دائماً هنا " ..

لم يدم الابتسام طويلاً حيث كانت تلك الذكرى كفيلة بعودة دموع القهر والحزن مرة أخرى لتكمل ما تجرعته هذان الأسبوعان ..

بينما أكملت الأغنية التي عادتها اكثر من مرة وكأنها هي سبيل الحياة بالنسبة لها الآن ..

" فاضي شوية نشرب قهوة في حتى بعيدة اعزمني على نكتة جديدة وخلى حساب الضحك عليا "
" فاضي شوية دا أنا وحشاني القعدة معاك وان مقدرتش تيجي هناك هستناك المرة الجاية " ..

••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
< اليوم التالي >

جلست وسط الخضرة وضوء الشمس المتسلسل من تلك الجلسة المظللة بسعف النخيل في حديقة المنزل وهي تشرب من قهوتها بعد أن قضت حوالي ربع ساعة كعادتها كل صباح طوال الأسبوعين أمام غرفة فريدة تحاول ان تستميل قلبها بكل الجمل التي يمكن أن يرق لها قلب أي انسان حتى لو لم يكن يعرف القصة وكالعادة عندما تيأس من البكاء والصياح والنداء تتجرع الألم في قلبها وتخرج برأس منكس أرضاً تحاول أن تلملم ما تبقى من قلبها الممزق على ابنتها الوحيدة وعلى مستقبلها وكل شئ حتى على إياد نفسه ؛ الذي رغم كل ما حدث لا تكن له مشاعر سخط أو غضب مثل أحمد زوجها لأنها تعرف انه مجروح مثله مثل ابنتها بل وربما أكثر منها لأنه صُدم في علاقته بعمه شقيق والده وربما تدمرت أحلامه كلياً بعدما سمع تصريح عمه بسبب رفضه لأي ارتباط بينه وبين فريدة ..

وسط كل هذا العذاب والرعب الذي انتابها ما ان خطر على بالها أن تكون ابنتها قد تهورت وقتلت نفسها ولذلك لا تستجيب لندائها .. ربما شربت أي لعنة أو قطعت شريان في يدها بأي قطعة حادة أو ربما طعنت نفسها بسكين أو ما شابه ..

اللعنة كيف لم تفكر في هذه الاحتمالات وهي أمام غرفتها ؟!!

وقبل أن تهب مسرعة لكي تطمأن عليها كانت أحدى الخادمات امامها قائلة : يوسف بيه برا يا هانم عايز يقابل حضرتك !

نظرت لها وكأنها وجدت طوق النجاة لتقول بهرجلة وهي تتجرع ما تبقى من قهوتها في فوضى : دخليه بسرعة ! واعملي فنجال تاني واسأليه يشرب أيه بالمرة ..!!

أومأت لها الخادمة بحسرة على حال تلك السيدة الوقورة التي لم تسمع منها يوماً كلمة متعالية أو شئ يجرح كرامتها بل بالعكس كانت آية في التواضع والانسانية ..

تحركت العاملة بسرعة تنفذ أمر نهى بينما نظرت نهى لشرفة فريدة التي تطل على الحديقة لتجدها كما هي مغلقة منذ أسبوعين ..
لتتنهد في حسرة قائلة بصوت لا يكاد يُسمع : يارب ..!

" صباح الخير يا طنط نهى " قالها يوسف الذي دخل ببسمة ولكنها ليست بسمته المعهودة المرحة وعندما رأته نهى هبت واقفة كأنها وجدت ضالتها ....

" يوسف " قالتها وهي تجذبه ليجلس أمامها في دهشة فهي حتى لم ترد تحيته لكنه متفهم قلقها ويعرف ما بها وقبل أن ينطق قالت بحزن ودمعة قد فرت من عينها : فريدة يا يوسف !! بنتي هتموت من الحزن ! أنت ...... أنت الوحيد اللي ممكن تسمعله بعد ا ..... بعد إياد ا!!! أنت فاهم صح !.؟؟ أنت عارف اللي بيحصل !!.؟ صحيح انت كنت مسافر ! بس أكيد .... أ ..... أكيد سمعت اللي حصل !! صح ؟! قولي أنك تقدر تخرجها دي حابسة نفسها اسبوعين !!! في .. أسبوعين في الأوضة من غير أكل ولا شرب ... و ..

بدأت تفقد السيطرة وقد شعر بها تتكلم بفوضوية وتجد صعوبة في تكوين الجمل بسهولة وبدأت دموعها تزيد وشهقاتها بدأت تظهر ليجد نفسه تلقائياً يضمها في حضنه بحزن فهي في مقام والدته كما أنه فعلاً يحبها مثل والدته التي لم يلقاها ولا مرة ..

" اهدي .. اهدي يا طنت " قالها وهو يرتب على ظهرها بينما استجابت له محاولتاً نفض تلك المشاعر التي وجدتها غير مفيدة الآن وابتعدت عنه بارتباك وقالت بنظرة متعبة : هتكلمها ؟؟

ابتسم يوسف ابتسامة مقتضبة وقال وهو يستعد للنهوض : هروح أشوفها ...

أمسكت يده سريعاً وقالت قبل أن يلتفت : أرجوك رجعلي فريدة يا يوسف أنا عارفة انك الوقتي الوحيد اللي يقدر يساعدها !!

قبل يدها التي كانت تمسك يده ووجدها ترتعش خوفاً على ابنتها ليقول بنبره حانية وصوت واثق يحاول من خلاله أن يبث لها بعض الثقة : ان شاء الله خير !.

تابعته وهو يتحرك بسرعة معقولة إلي أن اختفى تماماً داخل المنزل بينما عادت هي لبكائها الذي تخلله بعض الشهقات وكأنها أخيراً شعرت ببعض الراحة فقط لقدوم يوسف ..

بينما هي تبكي على حالتها تقدمت العاملة بصمت وشفقة وكم تمنت لو تكلمت معها أو قالت لها كلمات ودودة تبث لها الراحة والأمان مثل " ان شاء الله هتبقى كويسة " أو " متقلقيش " لكنها فضلت الصمت التام حتى لا تزعجها أكثر وتتطفل عليها ووضعت الفنجال وركدت سريعاً آمله أن تجد تلك السيدة الطيبة قسطاً من الراحة والأمل ...

{ أمام غرفة فريدة }

لم يكن يحتاج لسماع كلمات نهى المتوترة وشرحها لحالة فريدة لأنه كان يعرف بل كان متيقن أن هذه حالتها ؛ منذ سماعه خبر وفاة إياد هادي العلمي الشاب الوسيم ابن المرحوم هادي العلمي والذي يعد الوريث الوحيد الذكر لآل العلمي وهو يعرف حال فريدة الآن ..

لا يحتاج وصف أو شرح .. فهو كحال أي فتاة فقدت حبيبها وصديق دربها الأول والأخير ، صحيح أنه تمنى من كل قلبه أن تكون حالتها أفضل لكنه لم يكن يتوقع أفضل من هذا بل توقع الأسوأ كمحاولة انتحار بائسة او ما شابه ذلك وهذا ما جعله يقطع رحلته السياحية سريعاً ويعود إلي مصر وأيضاً يتخذ دربه منذ أن هبط من الطائرة منزل فريدة ...

وقف أمام باب الغرفة ووضع رأسه على الباب محاولاً سماع أي صوت أو حركة لكنه الصمت التام والسكون أيضاً ..

لينتهد استعداداً لبدأ معركة اخراج فريدة من قبوها الذي تقبع فيه منذ مدة ليست بهينة ..

تلقائياً مد يده ليدق على الباب مرة ، اثنان ، ثلاث ولكن لا جواب ابداً بل الصمت الرهيب ..

ماذا يفعل ؟! لقد بدأ القلق يتسرب لقلبه وخطر على باله ما خطر على بال نهى قبل قدومه ؛ ليجد نفسه يعاود الطرق على الباب لكن بالإضافة إلى ذلك صوته الذي شارك دقاته القلقة ..

" فريدة !!! افتحى ! أنا يوسف " قالها بصوت عالي نسبياً واستمر في الطرق على الباب وحاول أن يتوقف عله يسمع أي حركة بالداخل كاستجابة منها لنداءه لكن كما كان في السابق .. سكون ..

لم ييأس من أول محاولة وعاود النداء مرة أخرى قائلاً : يا فريدة افتحى لازم نتكلم !! طب ... طب طمنيني عليكِ طيب ؟!

محاولة استرضاء عابثة .. هو يعلم من ثناياه أنها لن تستجيب لو كانت تسمعه فهي حقاً عنيدة وفي حالة لا تُحسد عليها ..

تنهد بقلق وتلقائياً أخرج تلك الأداة التي لا تفارق جيبه أو اكمام ملابسه أينما كان ، تلك الأداة التي اعتاد استعمالها لأسباب سنتعرف عليها لاحقاً ورغم ما عزم على فعله لم يتوقف عن النداء ..

" افتحى يا بنتي كلنا قلقانين عليكي " قالها وقد بدأت يده تستعمل تلك الآلة التي ربما لو وجده أحد يستعملها الآن لظن أنه لصاً وليس يوسف ابن ماهر الإمام الوجيه المليونير ؛ ولكن هذا هو يوسف وهذه هي وسيلته لفتح الأبواب التي اعتاد دائماً أن يجدها مغلقة ..

قطع هذا الصمت والسكون هذا الصوت الذي دل على أنه تمكن من فتح الباب المغلق بمفتاح وعندها وضع يوسف تلك الآلة السحرية في جيبه مرة أُخرى ودفع الباب برفق محاولاً أن يعطيها إشارة أنه فتحه كي تتخذ الاحتياط ما أن كانت في وضع لا يجوز أن يراها عليه ولكن هيهات أنه الصمت والسكون ...

تقدم بخفوت وهو يرى تلك الغرفة المظلمة وتلقائياً تنحنح بصوت مسموع لكي يلفت انتباهها لكن لا حياة لمن تُنادي وبينما هو يسير على استحياء وحد قدمه تتعثر في شئ حاد .. أنها قطع من الزجاج المكسور ويوجد الكثير منها متناثر في أرجاء الغرفة يبدو أنها أحدى ثورات الغضب اللعينة .

ظل يسير بحظر وهو يخطو بين الزجاج المتهشم والورق الممزق وأيضاً الكثير والكثير من الصور المبعثرة على الأرض وعلب الهدايا التي كان على يقين أنها هدايا من إياد لفريدة .. مهلاً .! أين هي الي الآن لم يظهر ظلها ؟؟

شعاع منكسر من الضوء يبدو عليه الحزن تخلل ظلام الغرفة .. إنها الشرفة ..

ادرك الآن أين هي ؛ وعندها أسرع ليطمأن عليها ليفتح باب الشرفة الغير محكم ليجد المشهد لا ينم إلا عن الحزن ..

جالسة على أرجوحة الشرفة بملابس بالية لا تستر مثلما تُظهر ولا حتى تدفي الجسد وسط هذه الدرجة المنخفضة من الجو ، جالسة كأحد تماثيل الرومان على قدمها الهاتف ومشتبك بأذنها سماعة وهذا ما يفسر عدم استجابتها لأي نداء كأنها قررت أن تعزل نفسها تماماً عن العالم وما يحيط بها من بشر مهما كانت درجة قربهم منها ..

تقدم على استحياء وهو حقاً لا يعرف ما هي ردة فعلها إذا رأته !! هل ستغضب لوجوده أمامها هكذا فجأة ؟! أم ستقوم بطرده تماماً من الغرفة ؟! أم ، أم ، أم ... الكثير والكثير من الفرضيات ولكن نحن الآن بصدد معرفة الجواب ...

تحركت بتلقائية شديدة عندما شعرت بخيال أحدهم يقف امامها وللحظة ظنت أنه أخيراً استجاب لطلباتها وبكائها وعاد لينتشلها من هذا الكابوس المزعج الذي طال وأصبح مؤلم وكأنه سكين غير سان يذبح ببطء وقسوة حتى حُرِّمت على الحيوان فما البال بالبشر ..

وجدها تنظر له بدهشة وقد توقع منها الغضب والصراخ أو حتى الطرد لكنها فاجأته بقفزة سريعة بين أحضانه وظهر فجأة صوتها .. صوت البكاء وللشهيق ليستجيب لها سريعاً ويضمها في خوف من تلك الحالة التي يراها بها لأول مرة وقد فهم الآن معنى الشعور بعذاب أحدهم وكأنه عذابك ..........

Seguir leyendo

También te gustarán

1.2M 41.2K 68
_ السرد فصحى والحوار عامية مصرية🕯️ تاريخ البدء:٢٠٢٠/٢/٢٤ وتم حذفها في شهر يوليو لعام ٢٠٢٠ ، ثم عادت رسمياً في منتصف شهر سبتمبر ولكن في عام ٢٠٢١ لتس...
1.7M 35K 72
هل من الممكن لملاك ان تذيب قلب الشيطان !؟؟ هي فتاه متدينه، مرحه فقط مع اصدقائها ، عاانت وهي ب مقتبل شبابها ، ليأتي هو ليكون الضربه القاضيه لقلبها ال...
3.9M 117K 112
حاصلة على المركز الأول في #تنمر #اجتماعية #نفسية #سادية بتاريخ ٥ فبراير ٢٠٢١ المركز الأول في تصنيف #مرض بتاريخ ١٣ فبراير ٢٠٢١ كان قاتماً بماضٍ مؤلم ...
1.2M 32K 52
القصص رائعة، قد تُصدقها وقد لا تفعل.. إلي أن تعيشها بحذافيرها! سقطت الأقنعة.. انهار الكبرياء.. أُقيمت العهود.. ونُسي الماضي.. ولكن ماذا لو تكرر الم...