DEVILISH'|| (Arabic)

By sims828

293K 22.3K 14.3K

إنني أرّى هاري، لكِنهُم هُنا يدْعونهُ نورثن وجدتُ نفسي في مكانٍ لا أعلْم إن كانَ حقيقياً بالفِعل، أنهُ فقط... More

Demonic'II
تذكير بالشخصيات
Chapter 1
Chapter 2
Chapter 3
Chapter 4 - Part 1
Chapter 4 - Part 2
Chapter 5
Chapter 6
Chapter 7 - Part 1
Chapter 7 - Part 2
Chapter 8
Chapter 9
Chapter 11
Chapter 12 - Part 1
Chapter 12 - Part 2
Chapter 12 - Part 3
Chapter 12 - Part 4
Chapter 13
Chapter 14
Chapter 15
Chapter 16
Chapter 17 - Part 1
Chapter 17 - Part 2
Chapter 17 - Part 3
Chapter 18
Chapter 19 - Part 1
Chapter 19 - Part 2
Note for the next chapter and (chapter 18 )
Chapter 20
Chapter 21 - Part 1
Chapter 21- Part 2
Chapter 21 - Part 3
Chapter 21 - Part 4
Chapter 21 - Part 5 ((The Final chapter))

Chapter 10

9.2K 671 449
By sims828

(وجهة نظر ديلن)
-
في المنزل, الساعة الـ8:21ص

"أيها الرب! إنني أعيش في دور حضانة وليسَ منزلاً"

مع كلِ هذا الضجيج في الأسفل فتحةُ باب غُرفتي لأخرج منها مُستسلماً, أخطوا بكُلِ كسلٍ في الممر متجهاً إلى السلالم لأسلكُ طريقي نحو الأسفل وأنا أبعثرُ شعري أحاول أنا أستعيدَ تركيزي.

"أبي أختار عصير التفاح" صرخَ بيلومي الذي ظهر أمامي فجأة وهو يركض من صالةِ المعيشة إلى المطبخ بسُرعة.

كنتُ سأتبعُ ذلكَ الشبحَ إلى المطبخ, لكن عندما عبرتُ بجانب صالة المعيشة, أنا توقفت عند مدخلها, أسترقُ النظر لكريس الغريب هُنا.

يقفُ في منتصف الصالة بهاتفهِ عندَ أُذنه, بدى منزعجاً للغاية لكونهِ لم يحظى بردٍ من الطرف الأخر, تحديداً عندما سمعتهُ يشم بصوتٍ مُنخفض.

"سحقاً, هيا!" عبسَ, يتمتم بينهُ وبين نفسه "فقطَ أجيبِ على الهاتف وأخبريني بأنكِ بخير, هيا"

هززت كتفي وتجاهلتُ الأمر, تركتهُ وحده واتجهت إلى مصدر الإزعاج هُنا, المطبخ. أدخلهُ وأجلس على الكرسي أمام الرف دون أن أنطق بحرف.

"ديلن أستيقظ!" صاح بيلومي بحماس, أخذ يدور على الماصة من حولي وهو يصيحُ باسمي مراراً وتكراراً.

"بيلومي, أجلس هيا, البيضُ جاهز..." أمي نبهته وهي تُعِد الفطور, في الوقت ذاته تحمل هايدن بين ذراعيها "وها هو طبقكَ أيها البطل" أسرعَ في الجلوس بجانبي وهو يُصفق يديه ويهزُ قدميه بكلِ نشاط لتضعَ طبقهُ أمامه "صباح الخير صغيري" قبلت رأسي وعادة إلى الرف.

"صباحُ الخير ديلن" ظهرت ماليا أمامي, رفعت طبقاً نحوي وهي تبتسم بسعادة وحماس "لقد أعددت لكَ الفطُور بنفسي, والدتُك علمتني كيف أطبخ"

بصمتٍ أنزلتُ بنظري إلى الطبق, أرى فطائرَ البان كيك السوداء والمُحترقة تماماً.

لم أكُن قادراً على فعل شيء سوى أنني ابتسمت "لذيذ!"

التقطتُ الطبقَ منها ووضعتهُ أمامي لأرى كيفَ ضحكت بسعادة "رائع, سأُعد واحداً أخر لكريس"

"هو بالفعل يحظى بيومٍ سيء" تمتمت وأنا أراها بالفعل تعود لتُساعد والدتي, لكِن بطريقةٍ مُريعة.

هايدن بداء يبكي بضيقٍ وعدم ارتياح, بكاؤه أخذ يعلو ويعلوا مما جعلَ أمي تتشتت لتنسكب القهوة من الكوبِ فوق الرف "يا إلهي, أحدٌ منكم يأخذُ الصغير للحظة" صاحت طالبةً للنجدة.

والأمر المُتعاد هُنا, هو عندما ظهر الفتى الأشقر, جوي.

أسرع وأخذَ هايدن عنها, حملهُ بين ذراعيه وأتجهَ بهِ ليجلس كلامهم بجانبي, أحدقُ نحو جوي بصمت عندما أخذَ يطبطب على ظهر هايدن ويصنعُ تعابيرَ لطيفةً بوجهه محاولاً في جعلهِ يهدأ.

هايدن أخذَ يُحدق في وجهِ جوي ببراءة, بكاؤهُ توقف عندما ظهرت تلكَ الابتسامة الصغيرة, لأرى كيفَ أستمر جوي بصُنع تعابير ظريفة حتى نجح في جعل هايدن يضحكُ بطفولةٍ مُذهلة أجبرتني على أن أبتسم أخيراَ.

أتمنى لو كانت ديانا هُنا لترى أبنها, لقد اشتقت لها أيضاً. لم أرها منذُ أن أطلقَ صراحُنا من تلك المصحة اللعينة.

لكِن لا بأس, تبقى فقط يومين على زواج أيزك من أُكتيفيا بعدها هي ستعود إلى المنزل... أتمنى لو تفعل ذلك بسُرعة, أريدُ التأكد إن كانت بخير.

عبست وأشحت بنظري عن الجميع لأحدقَ بطبقي, هذه الكوابيسُ المُفزعة لم تتوقف عن إزعاجي طوال اليومين السابقة, وما يفزعني حقاً هو أنني أرى أختي ديانا تتعرضُ الأذى.

إنني خائفٌ للغاية بأن أراها في حلمي يوماً ما ميت-

شخصٌ ما نقر على كتفي أجبرني على أن أنظُر اتجاهه, بهايدن الذي يأكُل الكوكيز فوق حجره أرى عيني الفتى الأشقر الصافية مثل السماء وهي تُحدق بخاصتي بقلقٍ واضح. 

رفع كِلتا حاجبيه وهو يهُز رأسه مُتسائلاً ما إن كنتُ بخير, لكنني ابتلعتُ ريقي ولم أرُد. لم يتوقف عندما أغلقَ عينيه وبإصبعهِ رسم دوائر بجانب رأسه, لينظر نحوي متسائلاً مُجدداً.

أومئت بطريقةٍ غير واضحه "إنهُ كابوسٌ أخر, يتعلق بديانا" همست, أُحدقُ نحوه متمنياً بأن يكونَ لديهِ تفسيراً لذلك.

هو ابتسم ابتسامةً صغيرة, يدهُ استقرت أعلى ركبتي ليشد برفقٍ عليها ثم هز كتفه وأشار بيدهِ على أن أتصلَ بها.

"حاولت لكنها لم ترُد بعد, سأحاولُ في وقتٍ لاحق" زفرتُ بعُمق ليومئ باتفاق على ذلك.

"لقدَ حان وقت الرحيل" تقدمت نحونا أمي وهي ترتدي معطفها على عجل "شكراً لكَ عزيزي جوي في الاعتناء بهايدن, الأن أعطني إياه" حملته واشارت لبيلومي "أرتدي حقيبتك وأتبعني, هيا!"

"إلى الحضانة, هـي!" صاح بيلومي مُجدداً وهو ينهض من كرسيه ويتبع أمي.

دخل كريس إلى المطبخ وهو يصيحُ لأبنه منبهاً "أستمع إلى ما تقولهُ لك السيدة آبي"

زفرت وأنا أُدير عيناي بتذمر "الأن بإمكاني تناول إفطاري بسلام" جلستُ بإعتدال مُستعداً لفعلِ ذلك, لك قلبي تحطم عندما وقعت عيناي على فطائر البان كيك المُحترقة.

أخذ جوي الطبقُ من أمامي وهو يضحكُ بخفة ووضع طبقاً أخر لي, السعادة استحوذت عقلي وأنا أرى المنظر الحقيقي للحم المُقدد والبيض المخفوق بالطريقة الحقيقية.

"هذا هو الواقع!"

-

بينما جميعُنا يتناول إفطاره, عيناي معلقةٌ على الهاتف طوال الوقت، أحدق في رقم ديانا منتظراً اللون الأخضر بأن يشعُ في الشاشة... لكِن ما حدث الأن، هو أن اللون الأحمر ظهر معلناً بانقطاع الخط.

"بحق الإله ديانا" زفرت متذمراً وأنا اضربُ الهاتف بسخطٍ بجانبي، رفعتُ بنظري اتجاه كريس "هل اتصلت بكَ شقيقتي؟" سألت لأشعر بالفتى الأشقر ينظرُ نحوي.

ارتشفَ من قهوته ثم هز رأسه نافياً "كلا... أنت!"

"هي لم تتصل بي أيضاً, حتى مكالماتي لم تُجب عليها" فسرت لأراه يعبس ويُحدق نحو كوبه مما جعلنُي أعقد حاجباي.

"إنهُ متوترٌ للغاية" نطقت ماليا ببساطة فجاءة مما جعل كريس ينظرُ نحوها بدهشة، اشرت له بفطيرتها المُحترقة "بإمكاني شمُ توتُرِك، والأن نبضات قلبك تتسارع وهذا مزعجٌ للغاية... فقط قل الحقيقة وأنهي الأمر"

"قُل الحقيقة!!" تعجبتُ, أنظارُنا جميعاً اتجهت نحوه "هل تكذب بشأن أمرٍ ما؟"

"ا-ا... كلا!"

"إنهُ يكذب" أخبرتني ماليا.

"يا رجل, تصرُفاتك غريبةٌ مؤخراً. هل تخفي شيءٍ يتعلقُ بديانا؟"

"انتظر لحظة" رفع يده أمامي ثم أشار اتجاه ماليا وهو يضحكُ مندهشاً "هذهِ الفتاة هي الغريبةُ هنا"

هززت رأسي نافياً "كلا, أنت"

"حقاً!" تسأل مُنفعلاً ثم أشار بكِلتا يديه اتجاه ماليا "ماذا بشأنها؟ إنها تتناول فطائر البان كيك المُحترقة وتشرب حليب أبني بيلومي وكأنها قطٌ متشرد في هذا المنزل..."

"هـي, إنني من البشر" ردت ماليا ببساطةٍ مُجدداً بينما بقيتُ أحدق نحوه بمعنى 'هل أنت جاد!'.

أزداد انفعالُه "هي خلعت ذراع زميلي في الفريق, وقذفت بزميلي الأخر ضد الحائط حتى كاد يفقدُ فقرات عمودهِ الفقري. فعلت كلَ هذا رُغم أن ما كنا نفعلهُ هو إنقاذكم من ذلك الوحش في المصحة" 

الأن ماليا من بداء يغضبُ هُنا "أخبرتُك بأنني لن أترك ديلن وحده!"

"أنتِ بالكاد أرسلتِ رجالي إلى الموت!"

أدرتُ عيني منزعجاً "حسناً هذا يكفي"

"كلا, تبقى نقطةٌ واحدة" توقفَ من كرسيه وهو يُشير بإصبعهِ اتجاهها "هي قالت بأنها استطاعت السماع لنبضات قلبي, و, بإمكانها شم توتري" نظر نحوي بوجهٍ مرتعب "يا رجُل, هذه الفتاة تُفزعني"

نظرت اتجاه جوي لأراهُ متفقاً على ما يقولهُ كريس, يجعلني أعقد حاجباي وأنا أحدقُ أتجاه ماليا هذهِ المرة... أعني; إنهُ محق أليس كذلك!

"ماذا!" تسألت ماليا ببراءة "توقف عن التحديق نحوي, أنهُ يهرُب"

نظرةُ بسرعة اتجاه كريس, لكنني لم أجده ولم أجد معطفَ عمله. هو بالفعل هربَ عندما سمعتُ صوت باب منزلنا وهو يغلقُ من خلفه. 

"رائع" صفعتُ جبيني بسخط.

ليُعطيني جوي نظرت اعتذار بينما تهزَ ماليا كتفيها وتشربُ من كاس الحليب غيرَ مُهتمة "لقد أخبرتُك"

-

-

-

-

-

الساعة الـ4:45عصراً
-
داخل إحدى المقاهي في المدينة

استندُ على رف المُحاسبة، أرتشف من قهوتي المُثلجة وألعب بهاتفي بينما انتظر ماليا والفتى الأشقر بداخل مكتبِ مُديرَ هذا المقهى, لأن ما يبحثون عنه هو العمل. أمي أجبرتهم على ذلك لكونهم أصبحوا يسكنون معي الأن, أي أن النفقة على المنزل أصبحت أعلى.

كلاهما فقدوا عائلتهم, جوي أخبرني مسبقاً بأن والديه تخلوا عنه منذُ صغره, وماليا توفي والديها في حادث مريع في الغابة من صغرها هي الاخرى.

كلاهما يعنيان شيءً مهماً بالنسبة لي لان كلاهما أنقذاني من ما كنتُ عليه في تلك المصحة، جميعنا مررنا بالمُعاناة نفسها أيضاً.

أنا فقط لا أُريد تركهم، إنهم أصدقائي.

"تهانينا لكِ ماليا، بإمكانكِ الابتداءُ من الغد"

استدرتُ خلفي لأرى ماليا وجوي يخرُجان مع مدير هذا المقهى، هي تقدمت نحوي تبتسمُ بسعادةٍ عارمة "لقد قُبلت"

ابتسمت، ألفُ ذراعي حولها وأُقربها نحوي لأضع قبلةً ناعمة فوق شفتيها لأُهمهم مستمتعاً "هذا حقاً جيد"

"أعلم، أليس كذلك!" قفزت بحماس وهي تُصفق بكلتا يديها، لا تعلمُ بأن الجيد هُنا هو شفتيها.

ضحكةُ بخفة لأعجابي بمنظرها اللطيف، سعيدٌ للغاية بأنهُ اصبح عليها أن تتواصل مع البشر أكثر الأن. هي لم تعتد على ذلك منذُ صغرها، وحظاؤها بعمل أمرٌ جيدٌ جداً لها.

"أنا متأكد بأن الأنسة ماليا ستقومٌ بعملٍ رائع هُنا، إنها مُذهله!" المُدير مدح لإرى كيف نظرت ناحيته بتلك الابتسامة العريضة.

أما أنا فتلاشت ابتسامتي وأطبقت على شفتي بخطٍ نحيل، انسحبتُ عن ماليا وتقدمتُ نحوه لأهمس في أُذنه مُهدداً "سأقومُ بقتلك أن فكرَ عقلك الثري في الأعجاب بها"

رأيتُ كيف اتسعت عيناه وأبتلع ريقه في توتر، أعطيه ضربةً طفيفة على كتفه بينما أغمز لهُ مبتسماً ومُحذراً في الوقت ذاته.

"ماذا بشأن جوي!" سألت أنظر نحوه "هل قُبلت؟"

هز رأسه نافياً مبتسماً بحزن.

"لم يقبله لأنه لا يستطيع التحدُث" قالت ماليا ببساطة لأرى كيفَ أدارَ عينيه وضحِك بخفه يدعي بأنهُ لا بأس في ذلك.

هذا خامسُ مقهى لم يقبلوا به لكونه لا يستطيعُ التحدُث.

تنهدتُ، أعلم بما يشعرُ به الأن "لا بأس بإمكاننا البحث غداً أيضاً" اهون الأمر لأرهُ وهو يومئ متفقاً.

المُدير لوح لنا بتوترٍ مودعاً وهو يعود إلى مكتبه، يجعلني أعطيهِ ابتسامةٍ تحذيرية حتى أختفى عن نظري.

ليخطوا ثلاثتُنا بعد ذلك خارج المقهى، أرتشفُ من قهوتي المُثلجة بينما ذراعي تلتفُ حول عنق ماليا ونحنُ نقفُ عند الرصيف وننظُر للعالم من حولنا.

"الأن ماذا؟" سألت ماليا.

"الأن هذا" أشرتُ للمكتبة المُقابلةِ لنا، أنظر للفتى الأشقر "أظنُ بأنهُ يجدر بنا معرفةُ ما نحن، والكتُب ستساعدنا في ذلك"

أومئ متفقاً، يبتسمُ برفق لبيداء هو بالانطلاق وقطعِ الشارع أمامنا، لأتبعهُ أنا وماليا حتى وصلنا للجهة الأخرى من الشارع.

نعبر في الساحة الكبيرة حتى وصلنا إلى مدخلِ المكتبة، يدفعُ جوي البوابة ونحن خلفهُ تماماً. أختبأُ من أمينة المكتبة وأنا أشربُ من قهوتي بينما جوي أمامي وماليا بجانبي.

"الطعامُ والمشروباتُ ممنوعةٌ هُنا" نبهت بنبرةٍ باردة.

كلاهما توقفا ونظرا نحوي، أما أنا فأدعية بأنني لم أسمعها وتابعتُ تقدمي أُريد الاختفاء عن نظرها والمصاص لا يزال بين شفتاي.

شعرتُ بحركةِ أحدهم خلفي حتى تقدم وأصبحَ يقفُ أمامي، أرى أمينة المكتبة وهي تضعُ كِلتا يديها على خصرها وتُحدقُ نحوي بملامح باردة ومُستاءة.

"هل بإمكاني خدمتُك؟" سألتُ مبتسماً بغباء.

"أجل، أعطني قهوتك" التقطتها من يدي واستدارت لتعود إلى رفها.

"لا لا لا" تتسع عيناي لألحقَ بها "كلا ليس قهوتي!"

توقفت أمام الرف ورفعت يدها أمام وجهي دون أن تلتفت لي "أنها ممنوعة في الدخل، عُد وخُذها بمُجرد أن تنتهي"

سحبني جوي بعيداً عنها، ينظر إلي بطريقةٍ يُخبرني فيها بأن أتوقف، يجعلُني ادير عيني وأعود إليهم "هذه سخافة"

أشار جوي لهذه الصالة الكبيرة والممتلئة بالكُتب من حوله، الملايين منها. يتساءلُ من أين نبدأ، وما فعلتهُ هو أنني هززت كتفي ببساطة "كلٌ منا يبحث وحده حتى نجد ما ينفعُنا"

أقول ليومئ لي كليهُما، ليتفرق كلٌ من ماليا والفتى الأشقر في هذهِ المكتبةِ الضخمة، وبدوري فعلتُ المثل بعد أن حملقتُ نحو أمينة المكتبة وتذمرتُ تحت أنفاسي بانزعاج.

-

-

-

(وجهت نظر ماليا)

أبحثُ بين هذهِ الكُتب عن أي شيء يتعلق بأمر ديلن وجوي، عن حقيقة بأنهم شيءٌ يدعى بانشي، لكنني لم أجد شيءً حتى الأن.

عيناي تثقبُ كلَ كتابٍ بأحرفهِ الصغيرة والغيرة واضحة، أتفحص بعناية كل رفٍ مصفوفٌ أمامي حتى وجدت كلمةَ بانشي على كتابٌ أزرقٍ وكبير.

بحماس أسرعت وسحبتُه, أُضيق عيناي وأعقد حاجباي في حيرة وأنا أرى غلاف الكتاب، أرى صورة لدراجةٍ نارية ضخمة وأسمُ بانشي يعتلي الغلاف.

"هل جوي وديلن يُصبحان دراجاتٍ نارية؟ هذا غريب"

"تبحثينَ عن هذا!"

أرتفعَ نظري سريعاً لمصدر الصوت، أرى رجُلاً عبر المساحة الخالية التي سحبتُ منها الكتاب، أي أنهُ يقفُ في الجهة المُقابلة من الرف. يرتدي معطفاً من الجلد ليُضفي عليه طابعاً صالباً وقوي بينما يرفعُ بكتابٍ بُني أمامي.

عيناهُ بندقيةٌ وحادة وهي تُحدق نحوي، شعرهُ أسودٌ ومُصفف بطريقة جيدة ولديه لحيةٌ كثيفه، غير أن أنيابهُ الحادة ظاهره بينما يعطيني ابتسامة تكلُفيه.

لا أعلم لماذا انزعجت بشدةٍ فجأة ودونَ سببٍ يُذكر، طريقةُ تحديقهِ نحوي لم تُعجبني أبداً, يعطيني شعوراً غريباً وغير مريحٍ بعض الشيء. وهذا جعلني أعقدُ حاجباي له من ثمَ أُعيد الكتاب لمكانه لأمنعَ ظهوره.

أخطوا في الممر بسُرعة نية الخروج منه، لكن الرجل ظهرَ مجدداً أمامي، يجعلُني أقف، أُكشر بأسناني له وأحدق نحوه بشراسه رغم أنني لاحظت بُنيته الضخمة والقوية.

"على مهلك أيتها الذئب" ضحِك بتهكُم وهو يتقدم نحوي حتى أصبحَ قريباً مني بعض الشيء "هذا هو الكتابُ الذي تبحثين عنه"

لم أنظر للكتاب حتى ومع ذلك هو تقدم نحوي أكثر "الأمر لا يحتاج في إظهار غضبك في مكانٍ كهذا" مدهُ لي "خُذيه!"

بعد مدةٍ ليست بقصيرة في أتخاذ القرار، التقطتُ الكتاب منهُ بعنف دون أن أرى ما كُتبَ عليه, لأرى ابتسامته تتسعُ أكثر.

"جيد، لكِن قبل أن أذهب، يجبُ عليك أخذ شيءٍ أخر"

"ماذا؟" بصقت.

أدخل يدهُ إلى جيب معطفهِ الداخلي ليُخرج لي بعد ذلك قلادةٌ بقلبٍ فضي صغيرٌ ومُغلق "أنها تخُصك"

دونَ شعور, أنا لم أتردد ثانيةً واحدة عندما رفعتُ يدي وأخذتُها منه، أحدق نحوها في حيرة لكوني شعرت إنهُ بالفعل هناكَ شيءٍ يخصُني قد يكون مخبوءٌ بداخلها.

"أتمنى بأن تجعلكِ تتذكرين" أخبرني بهدوء.

أرفعُ بنظري اتجاهه لأرهُ وهو يخطوا بعيداً من هُنا وأتجه يميناً "مهلاً، أنتظِر!" لحقتُه بسُرعة ولكِن عندما ظهرت للمنطقة المكشوفة والمُخصصة للقراءة, أنا لم أجدهُ "ما اللعنة!"

"ماليا, هـي! هل وجدتِ أي شيء؟" التفتُ لأجد ديلن يخطو نحوي وهو يلوح بكِلتا يديه "أنا لم أجدَ أي شيءٍ حتى الأن, ربما يجد بن--" وقع نظرهُ على الكاتب لتتسع عينيه بدهشة "أجل أنتِ وجدته! ماليا أنتِ مُذهلة"

أسرعَ نحوي والتقط الكتاب بحماس, يضعُ قبلةً سريعة على وجنتي لأخبئ القلادة في جيبي بينما يسحبني معه إلى أقرب طاولة هُنا مستعدين للبحث.

لكِنني لم أشعر بحماسه كما يجبُ علي أنا أشعُر, عيناي تُحدق في الطريق الخالي لذلك الفتى, أُريد أن أعرفَ من يكون, أو ماذا يعني بأنهُ يتمنى أن أتذكر.

أتذكرُ ماذا؟

-

-

-

(وجهة نظر ديلن)

مع كل الحماس الذي انتابني بمُجرد إيجاد الكتاب, ومع كُل أقلام الرصاص التي سرقتُها من الأُناس من حولي دون أن يشعروا, إلا إنني أقلبُ صفحات هذا الكتاب ولم أستطع إيجاد كلمةٍ واحدة استطيع قراءتها.

"أنا لا أفهم أي شيء هُنا. إنهُ باللغة الألمانية وأنا لا أستطيع تحليلَ طلاسمِ هذهِ اللغة الغريبة" تذمرت.

"الشيءُ الوحيد الذي تبدي عملاً مذهلاً فيه هو التذمر طوال الوقت" تدخل ليام وهو مُنفعلٌ لكونهِ قررَ الظهور من أجل الكِتاب "أنت ذكي ولديكَ رأسٌ كبير مثل ديكستر, أستخدمه! أتوسلُ إليك" سخِر بغضب.

"رأسي ليس كبيراً يا صاحب السروال الوردي والضيق!" تمتمت خشيت أن يستمع إلي جوي أو ماليا, لأنهُ لا زلتُ الوحيد هُنا القادر على رؤيته.

"أصمت يا صاحب الجوارب!"

أدار جوي عينيه بُسخريةٍ مني, سحبَ الكتاب إليه والتقطَ إحدى أقلام الرصاص من خلف أُذني, يجعلُنا نحدق نحوه بحيرة عندما أخذ يقرأُ من الكتاب ومن ثم يكتبُ في الأوراق البيضاء الموضوعةٍ أمامنا.

يقلب الصفحات ويكتبُ, يفعل ذلكَ لمدةٍ ليست بطويلة حتى أنتهى أخيراً ليُغلقَ الكِتاب ويرفعُ الورقة أمامي.

"أنتَ تعرف تترجم الألمانية؟" حدقتُ نحو الورقة بصدمة وفمٍ مفتوح ليومئ مبتسماً ببساطة.

"على الأقل هو أفضلُ منك" تدخل ليام.

"أعطني إياها" التقطتها ماليا, عيناها أخذت تقرأ ما هو مكتوب لتبدأ بالقراءة لنا.

"بانشي, هو روح لأنثى في الأساطير الايرلندية. عيناها غائرتين, لديها شعرٌ سيال, أسودٌ وطويل, ترتدي ثوباً بلونٍ أحمر مثل لون الدم. عادةً ما تظهر بشكل امرأة جميلة وفي بعض الأحيان قبيحة أو عجوزٌ كبيرة... تظهر في أوقاتٍ محددة وتجول خارج المنازل في القرية عندما تُريد التحذير من الموت الوشيك من أحد أفراد الأسرة, وطريقةُ إخبارها بذلك هو أنها تصرُخ بحدةٍ عالية للغاية"

أسرعَ جوي وفتح إحدى صفحات الكتاب ثم أشار على الصورة الموجودة.

"الأشخاص الوحيدين الذي بإمكانهم سماعُها هم الذين على وشك الموت, السحرة والذين مثلها, أي البانشيز" نظرت نحونا لوهلة ثم أكملت "لكِن عندما تبدأ البانشي بالبُكاء, هذا يعني بأن الشخص الذي كانت تصرخُ من أجله قد فقدَ الحياة وأنتهى الأمر"

ابتلعتُ ريقي وأصبحتُ أتحرك دون ارتياح, اسألُ ماليا بتوتُر وعيناي حدقت بليام الوقف بجانبها "م-ما الذي يدعونها به؟"

"شؤم" رد كِلاهُما في الوقت ذاته, وأكمل ليام بثبات "أنت والفتى الأشقر, تُدعون بالشؤم..."

-

-

-

-

-

-

في المنزل، الساعة 10:05م

أُغلق إنارة الممر بعد أن خرجت من الحمام الخارجي للدور الثاني من المنزل, أتثائبُ بتعب وأنا أمشي بإرهاقٍ إلى غُرفتي مُستعداً للنوم. ولكِن قبلَ أن أصل, عبرت بجانب غرفة ديانا وصوتُ هايدن وهو يعبثُ في الداخل كان مسموعاً مما أثار استغرابي.

خطوت إلى هُناك ودفعتُ الباب بهدوء, ضحكتُ بدهشة عندما وقعت عيناي على أمي الواقعة أرضاً وتغط في نومٍ عميق والكثيرُ من الألعاب حولها, أما هايدن فهو مستيقظ, يضحكُ ببراءةٍ اتجاهي بينما يقفُ بجانبِ كرسيه الصغير.

"أمي, أنهضي" صحتُ لأمي بنبرةٍ عالية لأرى كيف استيقظت مُرتعبة.

"ماذا؟ أين هايدن؟"

ضحِكت "إنهُ هنا, فقط أذهبي إلى غرفتك لتنامي جيداً, أنا سأتكفل به"

أومئت, تنهضُ من بين كل الألعاب من حولها وتخطوا بإرهاقٍ خارج الغرفة, لأقبل كتفها وتُشير إلي مبتسمةً عاجزت عن الرد وبدوري أُعيد بنظري نحو هايدن.

"إنهُ وقت النوم" أتقدم نحوه لأرى كيفَ ضحِك بمرح وهو يحاولَ الفرار مني بخطواتهِ الغير متوازنة, يُجبرني على الضحك واللحاق به حتى كاد أن يقعَ لكنني أسرعت وحملتهُ بين ذراعي "أيها البطريق الصغير, هيا"

قبلتُ خدة الممتلئ ومن ثم وضعتهُ داخل سريره ليستلقي بنفسهِ ويسحبُ دميتهُ الصغيرة إليه, عندما رفعت اللحاف لأُغطيه عيناي وقعت على ذلك الشيءٍ في زاويةِ سريرة.

التقطتُها وأنا أحدق نحوها بوجهٍ خالي من أي تعبير "موزة!" حدقتُ نحو هايدن "أختي أنجبت قردً وليس طفلاً"

وضعتُ موزتهُ فوق الرف وهززت رأسي مُتجاهلاً ما وجدتهُ لتوي, أُخفض إنارة غُرفته لأتمنى لهُ أحلاماً سعيدة وأخرج.

نظري أتجاه لماليا وهي جالسة على السرير في غرفتي, تظننتُ بأنها نائمة هي الأخرى لكنها تُحدق في شيءٍ ما بين يديها, لأرى كم هي شاردةٌ في أفكارها وهذا أثار قلقي واستغرابي.

في اللحظة التي كنتُ عائداً إليها, صوت قادمٌ من الأسفل أجبرني على التوقف والتحديق ناحية الدرج. المكان مظلمٌ هُناك ولا أعلم من في الأسفل, أعني; الجميع في غُرفهم والفتى الأشقر نائمٌ منذ زمنٍ طويل.

تجاهلتُ أمر ماليا وأخذتُ طريقي إلى الأسفل حتى وصلت, أخطوا في الممر المُظلم ثم أُنير إنارة المدخل, لتتسعَ عيناي بصدمةٍ لحظتُها وأنا أراهُ عند الباب ينوي الخروج وحقيبة الظهر تلكَ على كتِفه.

"جوي! ما الذي تفعله؟ إ-إلى أين أنتَ ذاهب؟"

هو استدار إتجاهي بتردُد, حدق نحوي لوهلة لكنهُ ابتلعَ ريقه وأشاح بنظره عني.

اللعنة ما الذي يفكرُ به هذا الفتى!

أسرعتُ نحوه لأُغلق باب المنزل "أنت لن تذهب إلى أين مكان" أقفلُه وأنتزعُ الحقيبة من كتفه بغضب ليُحدق نحوي بصمت وبدوري أفعل المثل لكن بدهشة.

لم تمضي دقيقة حتى عبس في حُزن, أشارَ إلى المنزل من حوله والدموعُ تنهمر منهُ بصمت, أشار إلى نفسه ثم أشار بأصبعهِ نافياً وهو يُشير إلى المنزل.

علمت ما يدورُ في عقله دون الحاجة بأن ينطُق بحرف, ذلكَ جعلني أهزُ رأسي نافياً بتشتت "لا يمكنكَ فعل ذلك بي, جوي أنا لا أستطيعُ المضي في كلِ هذا وحدي... نحن اليوم علمنا ما نحنُ عليه" أشارتُ إلى كلينا "اللعنة نحن شؤم! يا رجل هذا يفزعُني"

تنهد وهو يحدق نحوي بعينين زرقاءَ ممتلئةٍ بالدموع, تعطيهِ مظهراً مذهلاً رغمَ كونهِ عاجزٍ عن التعبير في ما داخله.

"ليس هكذا فقط" تقدمت نحوه أكثر دون شعور "جوي, أنتَ فردٌ منا الأن, هذا المنزل لك ولماليا والجميعُ يحبُ تواجُدك" عبست, أحدق في عينه "أنا بحاجةٍ إليك" همستُ بإصرار, متمنياً بأن يفهم ما يعنيه حقاً.

رأيت كيف أرتجفت شفتيه مبتسماً بألمٍ وتردُد، أطبق عليها محاولاً منعَ نفسهِ من البكاء. ولوهلة شعرتُ بأن قلبي توقف عندما تقدم نحوي بجسدهِ النحيل واحتضنني بشكلٍ مُفاجئ.

أشعرُ بدموعهِ اليتيمه وهي تُبلل قميصي ليجعلني أحتضنهُ بالمُقابل رغمَ دهشتي لتصرفه، يكبي كطفلٍ صغير محاولاً كتم شهقاته من ما أجبرَ ذراعي في أن تشد حولهُ بحنان أكبر لكوني أشعر بما يشعرُ به الأن.

"....شكراً ديلن"

Continue Reading

You'll Also Like

9K 964 15
عِندَما يُصبِحُ الماضِي كابوساً يُطارِدُنا و نَسعَى خَلفَ الأنتِقامِ مِن أجلِ الفَوزِ بِمَعرَكَةٍ لا خاسِرَ فِيها سِوى المُستَقبَل ، صِراعٌ مِن أَجل...
3M 215K 47
بين ثنايا غياهب الحياة نُشج شيطان رجيم مُبهم الهوية والتفكير فـ هل ياتُرى مثلما يتخاطرُ في اذهَانُنا شيطان رجيم و عند شر عيناه نستعيذ؟! اَم انهُ سا...
1K 84 7
تبدأ روايتنا من كتاب حصلت عليه بطلتنا من سيده غريبه، سيغير مجرى حياة ميريلا إلى الأبد و تبدأ سلسلة الأحداث المشوقه، فيا ترى ماذا سيحدث.....؟ _بدأ ال...
63.2K 7K 12
" ما الفائدة من مراسلتك إن كنت تستمر بتجاهلي ؟" "أعتقد فقط أنني يائسة " تلك كانت رسالتي الأخيرة ، و اعترافاً بأنني لاشيء بدونه. تم كتابتها و الانتهاء...