لا تتكبر أيها الليل..
أنا مثلك أملك قمرا ...
..........................................................................................................................................
حمل كوسيمو آخر أطباق ..واحد له و الآخر لفيتوريا ثم خرج من المطبخ للطاولة الكبيرة التي تم نصبها ليجتمع عليها أفراد عائلته..
كان والده يضحك على حديث بينه و بين زوج عمته..بينما أمه تناقش إبنة عمه التي في سن الرابعة عشر حيال مشروع مدرسي لها ..زوجة عمه كانت تملك قطة سمينة بنية و كسولة جدا لدرجة أنها بالكاد تسير على الأرض و هناك دوما شخصا يحملها كأنها رضيع وهذا جعل كوسيمو يجعد أنفه لرؤيتهم يُجلسونها على مقعد في الطاولة فوق الوسائد و يضعون لها طعاما في الصحن كأنها بشر مثلهم على الطاولة تأكل معهم..
بينما هو كل ما كان يفكر به أن تلك القطة السمينة ستترك فرائها في كل زاوية في منزله و طوال الأيام القادمة..
لهذا بحث بأعينه عن نينا و آنا وحين رآهما تسكبان الماء و الشراب للعائلة حدق بهما يشير للقطة و فورا أومأت نينا تفهم طلبه..
كان يطلب منها ألا تسمح للقطة بدخول غرفته أو المطبخ ..
بعدها فقط جلس مكانه براحة يمرر أعينه الزجاجية الباردة على الجميع..
والديه..عمه و عمتيه مع أزواجهن و أولادهن..القطة السمينة و أخوه الأصغر ديموس يحتسي من شرابه بينما يجلس باسترخاء و غير رسمية يضحك مع شيء في هاتفه..
من كان غائبا هي فيتوريا و أخوه الأكبر لوثاريو..ليس لأنه لم يرد القدوم بل لأنه في السجن..
مسح كوسيمو على فكه حين تذكر وضعه و نقل أعينه لأخيه الأصغر الذي يجلس على يمينه و بالأصغر هو لا يعني فتى صغيرا بل هو شاب في السادسة والعشرين..كان يملك خصلات بنية داكنة و أعين زرقاء لا يمكنك معرفة أنها زرقاء سوى حين تقف قربه فمن بعيد تبدو سوداء أو بنية..
كوسيمو في الحقيقة وحده من كان أشقرا في إخوته لأنه ورث شقاره من جدته و الأعين الزرقاء من والديه و لم يكن شكله هو الإختلاف الوحيد بين عائلته..
بينما أخوه الأصغر هو الإجتماعي و الأكثر تحدثا و استمتاعا بحياته...الأكبر قصة خاصة مختلفة..ثم هناك كوسيمو الذي يراه الجميع باردا لأن تعابيره دوما ثابتة ولا يتحدث في التجمعات العائلية..هو الشخص الصامت وسط الضجيج دوما و تقريبا إنطوائي..
لا شيء في الحقيقة يدفعه لكسر شخصيته هذه سوى زوجته الشريرة لأنه يفقد صوابه معها و يقوم بأمور لم يكن ليفعلها من قبل..
أما الآن فهو كما يعرفه الجميع..بارد و صامت حتى ينسى الكل أنه موجود أصلا و الدليل أنه هو من يستضيفهم وهو من طبخ الطعام لكن لا أحد كان ينظر له أو ينتبه لوجوده و أنه عاد من المطبخ ليجلس معهم..كانوا يضحكون و يتناولون الطعام و يمررون الأطباق بين بعض وهو فقط جالس هناك بينهم..
لهذا تناول طعامه بهدوء وحين كان يشرب من الماء نقل أعينه لأخيه الأصغر جانبه..
" توقف عن استخدام الهاتف و تناول طعامك سيبرد بعد دقائق .."
قال كوسيمو هذا ببرود يدفع ديموس ليتوقف عن الكتابة في هاتفه يلتفت له بحاجب مرفوع و ابتسامة مستمتعة عابثة..
" أنت لا تسترخي أليس كذلك ؟..من المفترض أنه عشاء عائلي بعيدا عن ضغط مطعمك و يجب أن تستريح ..توقف عن عد الدقائق و الوقت.."
هز كوسيمو رأسه بينما ديموس أغلق هاتفه بالفعل انصياعا له قبل أن يرفع ذراعه يضعها على ظهر أخيه يقول بلمعة عبث في أعينه :
" بالمناسبة..ما هي آخر التطورات ؟ هل أحرقَت مطبخك بعد ؟ هل دمرت لك كل منبه تملكه في المنزل ؟ هل مزقت دفاتر جدولك اليومي ؟.."
ما قاله ديموس قاله باستمتاع شديد لكنه قاله بهمس لأن الحقيقة أن إخوة كوسيمو فقط من يعرفون بعلاقته مع فيتوريا حقا بعيدا عن التمثيلية التي يقومان بها أمام الجميع..
لهذا منح كوسيمو أخوه نظرة باردة ليخرسه لكن كل ما فعله ديموس أنه ضحك على ذلك يلتفت لصحن طعامه و أخيرا يأكله بعدما برد كليا..
السر في هذا أن والديه لا يعلم من أين أحضرا فكرة مماثلة لكن حين التقى يفيتوريا في الجنازة و قضيا كل اليوم في مشاحنات مع بعض رأى والديه أنهما يليقان ببعض..فاقترحا عليه أن يتزوجها طبعا هو رفض الفكرة السخيفة لكنهما ظلا يصران لأربعة أشهر حتى لجأت أمه و أخيرا لحل أجبره..
اقترحت أن توافق على منحه الإستثمار الكافي ليفتح مطعمه و يستقيل من وكالتهم التي كان يكره العمل فيها ..
أخبرته أنه كبر في السن و يحتاج الزواج و فيتوريا تلائمهم..لو قبِل ستسمح له أن يستقيل من عمل العائلة و يحقق حلمه ..
كوسيمو كان الطبخ هو كل شيء في حياته..لهذا رأى أن التضحية و الزواج من فيتوريا أمر تافه سخيف لا مانع من فعله ..
كل هذا قبل أن يتعرف على فيتوريا و يعرف أنها تدفعه للجنون..
فور أن فكر بها سمع صوتها فجأة تدخل المنزل و انتقلت الأعين لها فورا..
لا يعلم لماذا.. لكن كل عائلته يحبونها حتى القطة السمينة تلك لهذا فور أن رأوها تدخل مسرعة بابتسامة تفتح ذراعيها لاحتضانهم جميعا فورا انشقت وجوههم عن ابتسامات سعيدة و نهضوا من أماكنهم يتركون الطعام الذي حضره هو لاحتضانها..
رمش كوسيمو بأعينه يراقب المشهد ذلك كأنه يراه لأول مرة ..رغم أن عائلته دوما يعاملون فيتوريا أحسن منه..
كانت ترتدي ثيابا بنية ..شعرها منسدل باستقامة و و ترفعه للأعلى بنظاراتها السوداء ..أحمر شفاه قاتم و ابتسامتها مضيئة..
رأى أمه تعانقها بقوة كأنها ابنتها التي لم تحصل عليها يوما ثم والده قبلها مرتين على وجنتها كالإيطالي الذي يكونه..بعدها عمتيه و عمه و أزواجهن ثم بنات عمه الصغار..
" اشتقت لكم لا أصدق أنكم هنا و أخيرا..حاولتُ أن أسرع قدر الإمكان لآتي و أرحب بكم لكنني كنت أصور فيديو جديد مع الفريق.."
قالتها فيتوريا بسرعة و سعادة حقيقية وهي تعانقهم واحدا بواحد قبل أن تتابع ..
" بالمناسبة هل رأيتِ التعليقات في الفيديو السابق ؟ كلهم أحبوا أثاثك..أخبرتكِ أنه رائع لا ترميه.."
قالتها هذه المرة لزوجة عمه التي ضحكت باستحياء لسماع المدح مما يؤكد أنها تعرف عما تتحدث عنه فيتوريا..
" حتى ميشو اشتاقوا له.."
تمتمت هذا بنبرة أطفال ظريفة بينما تحمل القطة تعانقها بقوة ..
" كلهم يطالبونني بفيديو آخر لكم .."
قالتها لعائلته و فورا سمعهم كوسيمو يوافقون ويضحكون كأنهم استمتعوا بمشاهدة فيديوهاتها بالفعل..
على عكسه هو الذي قطب جبينه كأنه لا يعلم عما يتحدثون ..
هل فيتوريا تقوم بتصوير فيديوهات مع عائلته ؟ متابعيها يعرفون أثاث زوجة عمه الذي ورثته من جدها السيناتور ؟ متابعيها يعرفون القطة السمينة ميشو و اشتاقوا لها ؟..هل عائلته يتابعون فيتوريا على مواقع التواصل الإجتماعي أصلا..؟ عائلته من جماعة الحمقى ؟..
خرج كوسيمو من شروده لما شعر بشخص يقترب منه فجأة فرفع رأسه يجدها فيتوريا اقتربت منه بابتسامة وقبل أن يستوعب انحنت تضع قبلة سريعة على وجنته قريبة من شفاهه ..
" أعتذر لتأخري كوسي..كان يجب أن أساعدك في تجهيز الطاولة على الأقل.."
قالتها بابتسامة وهي تجلس قربه كأنها فعلت شيئا عاديا جدا وهو من صدمته ظل يحدق بها حتى سمع صوت ضحكة مكتومة من ديموس على جانبه الآخر فرمش ..
أجل أجل..التمثيلية..هما زوجان لطيفان..
لذا حمحم يحاول إيجاد صوته يخبرها :
" لا بأس ..لقد جهزت لكِ طبقا ..تناوليه قبل أن يبرد..."
فورا رأى أعينها تلمع وهي تفلت القطة أرضا ثم فعلت شيئا أحبه جدا..
أخرجت معقم اليدين من حقيبتها تعقم يديها من لمس القطة قبل أن تتتناول طعامها..رؤية ذلك جعله يتنفس براحة أكثر لأن رؤية شخص يتناول طعامه قبل غسل أيديه كانت تستفزه..
فورا رآها تدخل في الجو..تتناول الطعام الذي أعده هو بينما تتحدث مع عائلته كأنهم أعز أصدقائها وكانت تتحدث معهم كأنها على تواصل يومي معهم و تعرف كل أخبارهم..كأنها تعرف بالفعل أن ميلينا لديها مشروع عن التشجير في المدرسة و تعرف موعده بالضبط..ثم تحدثت مع عمته عن دواء للقطة ميشو و التي لم يعلم هو أصلا أنها مريضة..بعدها مع والده و كيف أن المساعد الجديد الذي وظفه كان دوما ينسى إصلاح المطبعة أو وضع الحبر فيها..
حتى أنها التفتت لديموس تسأله عن البرنامج الذي ينوي التسجيل فيه الصيف القادم كعطلة له..
هل هم يملكون مجموعة محادثات خاصة بهم في مواقع التواصل الإجتماعي من دونه ؟ كيف تعرف هي كل هذه المعلومات عن عائلته ؟ بل لما جميعهم يعاملونها كأنها ابنتهم المفقودة..؟ حتى أخوه كان يركز معها ..
لأنه لم يفهم شيئا الفتت لديموس يقترب منه هامسا كي لا يسمعه أحد رغم أنهم جميعا منشغلين بالأحاديث و لن يهتموا به كونه صامت على اية حال..
" هل جميعكم ظهرتم في قناتها ؟.."
رفع ديموس حاجبه باستمتاع وأجابه بنفس الهمس :
" أجل تقريبا...بقيت أنت فقط ..الجميع يحبون ميشو و أنا طبعا لأسباب واضحة..."
قال الاخيرة وهو يشير لشكله و جسده يدفع كوسيمو ليمنحه نظرة باردة..
لكنها ثوان حتى اختفت الابتسامة من وجه ديموس كأنه توا استوعب شيئا :
" انتظر لحظة..لا تقلها..أنت لا تتابع زوجتك على مواقع التواصل ؟.."
ظل كوسيمو يحدق به بصمت دون أن ينكر ..
" لا تتابعها ؟ حتى في اليوتيوب ؟ لا تعرف شيئا عنها ؟.."
حين ظل صامتا تمتم ديموس ..
"ليس لتلك الدرجة يا رجل .."
كان أخاه يقول هذا دون عبث و بتفاجئ حقيقي كأنه يعني كل حرف مما قاله وأن عدم متابعة كوسيمو لزوجته كانت أسوأ شيء سمعه اليوم..
قطب كوسيمو جبينه بغير فهم..أعني ما السيء في حقيقة أنه لا يتابع زوجته ؟ هو لم يسبق أن شاهد لها أي فيديو أو منشور هو حتى لا يفتح التطبيقات هذه و لا يعلم ما تفعله ..قد تكون تنشر فيديوهات عن كيفية صنع قنابل وهو لا يعلم حتى..
هي تملك سبعة ملايين متابع في عدة مواقع ومليون في اليوتيوب ..لا يعتقد أنها تحتاج متابعته لها ليكبر العدد أليس كذلك ؟..لا شيء مختلف سيحدث لو تابعها هو ..من يهتم ؟ هو مجرد شخص وهي تملك الملايين غيره..
عند هذه الفكرة نقل أعينه لفيتوريا مجددا يجدها تضحك بقوة فظهرت لمعة نابها الفضي السفلي..و لمع الحلق فوق حاجبيها الرفيعين...
ثم بعدما فعلت ذلك أبعدت صحن طعامها لتقرب صحن التحلية تأخذ قطعة من الكعكة التي صنعها و التي كانت ابتكارا جديدا له في الحقيقة..لسبب ما وجد نفسه يراقبها و يترقب ردة فعلها..
رآها تأخذ قضمة و بينما هي تمضغها توقفت للحظات كأنها تستطعمها حقا و تستلذ بها...بعدها ظهرت إبتسامة جانبية راضية على شفاهها و أخذت قضمة أخرى..
رؤية ذلك جعلت ابتسامة خافتة تظهر على شفاهه دون أن ينتبه لها..
لسبب ما شعر بنوع من الرضى لرؤية ذلك..لأن الحقيقة كانت أنه قام بتقديم الطعام الليلة لأكثر من خمسة عشر شخصا لكن ولا واحد منهم ذكر شيئا عن طعامه..ليس لأنه لم يعجبهم بل لأنهم يعرفون أنه شيف و يطبخ أكلا ممتازا فتعودوا عليه لذا لا أحد أبدى ردة فعل تجاه الأمر بل لا أحد أكل طعامه بتلذذ كلهم منشغلين بالحديث و تركه يبرد..
بينما هي كل مرة..حرفيا كل مرة تأكل شيئا له كانت تفعلها بتلذذ كأنها مهتمة حقا بمعرفة ما يحتويه..و المشكلة أنه الآن فقط انتبه و الآن فقط تذكر..تذكر كل المرات التي فعلت فيها هذا وكيف كل مرة تأكل طعامه بطريقة مختلفة تقدر كل ما يبتكره..
لا يصدق أن لا أحد من عائلته انتبه لكون هذه الكعكة وصفة جديدة ابتكرها سواها..
لا يصدق أنه أحب ذلك..
لذا أبعد أعينه عنها ينقلها للطاولة بينما يحمل كأس شرابه ليحتسي منه ثم فور أن وقعت أعينه على أعين أمه التي كانت تحدق به بابتسامة حتى اختفت إبتسامته لما استوعب أنها أمسكته يحدق بفيتوريا بابتسامة و بنظرة حمقاء..
تبا..
من المفترض أنه يقوم بالتمثيل لكن أمه أمسكته في لحظة لا يقوم فيها بالتمثيل...الآن ستبني لهم منزل أحلام مليئ بالأطفال في ذهنها.. وعلى الأغلب بعض القطط السمينة مثل ميشو معهم..
🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬🎬
أجل كما خمنتم..ديموس و لوثاريو هم الإخوة فولك المتبقيين في السلسلة 😭❤
حسب رأيكم ما هي قصة ديموس و الأهم لوثاريو و تواجده في السجن ؟ 😭❤
نلتقي الفصل القادم بحول الله ❤🦋
أحبكم يا رفاق واحدا بواحد 😭❤