سريع

By itsmaribanks

873K 73.6K 73.9K

"سريع عزيزتي، أنا سريع جدا" الرواية هي الثانية من سلسلة Rage & Wheels الجزء الأول: آدم. لكن يمكن قراءة كل... More

بداية
1- إختطاف
2- احفظي سري وسأحفظ خاصتك
3- ماكر
4- متعجرف
5- بعض الفوضى
6- بوتو والفراشة
7- رِهان
8- عيد الميلاد
9- رعب وتحدّي
10- حفلة مبيت
11- الفوز والخسارة
12- لكنه لم يفقدني
13- المأوى
14- مضمار ريدكاي
15- التسلل للخارج
16- السارقة أم المتسابقة؟
فصل خاص | اللحظة الإستثنائية
17- ضخات الأدرينالين
18- تائهين
19- ليلة بوتو والفراشة
20- لحظة التوهان
21- حصان بري
22- مرايا مكسورة
23- أفكار، مشاعر وحقيقة
فصل خاص | ستنقذني دائما
فصل خاص | ما نريد، ما نستحق
24- إقتناص الفرص والنهوض
25- نعود لنتوه
26- وهِن لكن سريع
فصل خاص | الإنخفاض والإرتفاع
26- نجوم تعرف ولا تعرف طريقها
28- الحكمة من الشيء
29- شكرا
30- رابط يجمعنا
31- ركُب الحياة
32- سافلة
33- سباق المدينة
34- المضمار الشبح
35- إنسجام
36- زهرة الياسمين
37- تحت السطح
38- هانتر ريدكاي وكلوفر سكوت

النهاية | هذه المرة لأجل نفسك.

14.2K 1.7K 2.4K
By itsmaribanks

ٱتركوا تعليقاتكم وصوتوا للفصل، إملؤوه بالحبّ بما أنه الأخير، أعطوه وداعا لائقا. 💌

قراءة ممتعة.

_

كلوفر

"هيا هيا هيا"

ظفري كان بين أسناني، ساقي تهتزّ بسرعة، قلبي يخفق ومعدتي كأن فم عملاق يمتص كل ما في جوفي، الشاشة كانت أمامي أنتظر ظهور النتيجة.

إلهي!

أوديت وضعت يدها على كتفي مما جعلني أوجّه نظراتي إليها، بإبتسامة مشعّة ناعمة هي تحدّثت "لا تقلقي، لقد عملتِ بجدّ"

"ستنجحين" هانتر من جانبي الآخر كان يقف وحينما نظرتُ إليه أعطاني غمزة لطيفة خالية من أي مكر كعادته، أمال رأسه "أشعر بهذا."

أخذتُ نفسا قويّا وهززتُ رأسي، الهاتف كان في يدي الثانية المرتجفة، سيتشو ظلّ صامتا.

كنّا في مطبخ جدّتي نجلس معا. أوديت كانت قد ظهرت نتيجتها بالفعل. ناجحة.

أغمضتُ عيناي أرتاح، أفكر في ذكريات السنة كلها، جوني، السيارات، سخرية هانتر، الأغاني، السرعة ثم فجأة–––

"إلهي!"

صرخت أوديت تقفز مكانها ووضعت يديها على فمها، مما جعلني مباشرة أنقل بصري إلى الشاشة، في تلك اللحظة كل شيء توقّف، قرأتُ إسمي الكامل كلوفر إيلينا سكوت مع كل معلوماتي الخاصة، مصحوب بعدد نقاطي وأخيرا الكلمة الوحيدة التي أشعلت النار في قلبي.....ناجحة.

رعشة سرَت في عروقي كلّها، قلبي رفرف مع نبضاتي التي رفعته عاليا، شعرتُ بساقاي غير قادرتان على حملي، ثم فجأة كل الأذرع أحاطتني دفعة واحدة يصرخون بإسمي.

"لقد فعلتِها كلوفر!"

"لقد عرفتُ ذلك"

"أخيرا"

"أحسنتِ كلوفر!"

تجمدتُ مكاني، خفقاتي لم تتوقف أبدا، شيء ما تشكّل في حلقي يدفع بقوة للأعلى، افترقت شفتاي وخرجت أنفاسي تزامنا مع إحمرار عيناي إثر الوخز، ثم وجدتُ دموعي تنزل، الهاتف وقع على الطاولة ويداي غطّتا وجهي معا.

لقد فعلتُها، أنا نجحتُ، لا أصدّق هذا.

شهقتي هربت من فمي عالية، بكيتُ بصوت مرتفع، تماما مثل طفلة صغيرة، هم إبتعدوا عنّي وشعرتُ بتحديقاتهم عليّ.

ضحِك هانتر بخفة ثم وضع يده على رقبتي يقبض بخفة ولطف على جلدي، بعد ذلك إقترب مني خطوة يجذبني بإتجاهه، أزال برفق يداي عن وجهي الذي كان يشتعل من حرارة البكاء، "جميعنا فخورون بكِ، كلوفر سكوت"

حدّقت بالجميع، عيون أوديت التي تدمع، إبتسامة سيتشو، ضحكة أختي، وجدتي التي دخلت لتوّها بإبتسامة متّسعة، رفقة جوني المبتسم.

نزلت دموعي أكثر، إستنشقتُ السائل النازل من أنفي، وكانت شفتاي عاجزتان عن الحديث، شعرتُ أني كسبتُ معركة طاحنة، كأني.....أهمّ شخص في الوجود.

"جوني" قلتُ إسمه وهو ضحِك بخفة يفتح ذراعيه لي، ينطق برفق "تعالي يا قطعة السكر"

حينها لم أتردد واندفعتُ راكضة أحيط بخصره، أريح رأسي على أسفل صدره، أغرق في قماش سترته وأمتلئ برائحته، صوتي خرج ملتويّا، لكني أردتُ أن أقولها له وأخاطبه بينما أشدد عليه "لقد فعلتُها، ج–جوني!"

"أعلم، أنا فخور بكِ" لفّ ذراعيه حولي وربّت على رأسي برفق، عانقني بدفئ، بلطف، بنعومة، وشددتُ أنا عليه أكثر.

حينما فتحتُ عيناي رأيتُ عيناها الدامعتين، أمي كانت تقف على مقربة منا، يديها على صدرها وإبتسامة واسعة على شفتيها، كانت تنظر إليّ، كأنها تقول لي بصوت صارخ 'أنتِ بطلة'

حينها لم يكن أمامي سوى أن أبتسم لها، أراها تومئ لي بفخر.

"وها أنا أقف هنا اليوم، أوجه إمتناني لكل الأشياء الجيدة والسيئة التي حصلت معي طوال هذه السنة، لأنها لم تكن سوى رسائل عظيمة تصقلني لتوصلني إلى هذه اللحظة بالذات، أنا ممتنة حقا، من أعماق قلبي"

كلمات أوديت أعادتني من ذاكرتي إلى تلك اللحظة، وحوّلتُ بصري ناحيتها حيث كانت تقف على المنصّة في ملابس التخرج خاصتها ذات الأشرطة الوردية، تبتسم بإتساع وتخاطب جميع الحضور والمستمعين، هنا في باحة مدرستنا حيث نستلم شهاداتنا، في هذا الحفل.

عيناها لاقت خاصتي وأومأت لي بإبتسامة لامعة ترفع قبّعتها كتحيّة خاصة بنا، ضحكت برفق ليدوي صوتها الناعم يملئ آذاننا جميعا، أضافت "من هذا المنبر أنا أشكر والداي على دعمهما المستمرّ لي، ثم أصدقائي الذين كانوا أكثر من عائلة بالنسبة لي، شكرا من أعماق قلبي لكم لأنكم كنتم معي في كل وقت وفي كل مكان، خاصة أنتَ سيتشو تاكاهاشي"

التصفيقات ارتفعت وفعلتُ أنا أيضا، أصفق بحرارة وأنظر إليه حيث كان يجلس بجانب هانتر من الجهة الأخرى، علّقتُ أغمزه "يا لكَ من محظوظ"

الكثير من الوجوه حدّقت بنا وسيتشو إبتسم بخجل طفيف.

"شكرا" إنحنت أوديت قليلا وحملت شهادتها تلوّح بها قبل أن تنزل من المنصة عبر الدرجات الصغيرة، تسير بخطوات حماسية لكن على مهل ناحيتنا، والدها وقف أمامها وضمّها إليه بقوّة، يجعلني أبتسم بإتساع على المنظر أمامي.

هي تستحقّ.

"والآن لصاحبة المرتبة السادسة، كلوفر إيلينا سكوت، فلتتجه إلى المنصة فضلا"

صفّق الحشد، وهانتر لكزني بخفة "هيا فراشتي، أرِهم من أنتِ"

أخذتُ نفَسا قويّا ووقفتُ من مقعدي لأسير عبر الممر المفروش أمامي، ردائي الخاص كان بلون أبيض عليه أشرطة زرقاء وصورة لغوجو ساتورو الشخصية المفضلة لدى والدة هانتر في ظهره، هبّت نسمة خفيفة حرّكته بينما أسير، إبتسامتي كانت واسعة، خفقاتي تضاعفت، صدري إمتلئ ولم يكن أمامي سوى رفع رأسي للأعلى أرمي نظرة على السماء الفسيحة، الغيوم في هذا اليوم كانت بيضاء ناصعة متراصة مثل القطن تتوزع هنا وهناك.

"شكرا لكَ" همستُ بها تحت أنفاسي، ولم تكن موجّهة سوى للإله، لكل شيء فعله لأجلي ولكل مرة لم يتركني فيها ولم يفلتني وأنقذني من كل ظرف سيء ومن كل فكرة كانت من قوتها المظلمة توشك على إلتهام روحي. لكنه كان معي.

شكرا إلهي، شكرا من القلب.

واصلتُ السير وصعدتُ الدرجات إلى المنصة، المدير إنحنى لي وفعلتُ المثل معه ليهمّ ويقدم لي شهادة تخرجي ملفوفة على شكل أسطواني بشريطة قرمزية لامعة.

"كنتِ مشاكسة" قال هامسا بمزاح يجعلني أضحك بخفة، ورددتُ "لكني فعلتها"

"أحسنتِ" ردّ عليّ بنبرة حملت كل الفخر، ثم تنحى لي جانبا ليسمح لي بالمرور نحو المِرقاة، وقفتُ هناك ووجدتُ كل الوجوه تطالعني، بعضها بإبتسامات، بفخر والبعض الآخر بإهتمام.

أمي كانت في الصفوف الأولى، وبمجرد أن وقعت أعيني عليها، هي إبتسمت لي تومئ مشجعة، مما جعلني آخر نفسا عميقا أعدتُ إطلاقه.

"هه! حسنا، أنا حقا لا أعلم من أين أبدأ الكلام" حككتُ رقبتي وحصلتُ على عدة قهقهات هنا وهناك جعلتني أبتسم بالمقابل.

وجوه جميع المتخرجين كانت أمامي، ينظرون مشجعين لي، حتى توباييس وودي.

بحثتُ عن هانتر الذي رفع قبضته لي وتحركت شفاهه يقول شيئا ما، سيتشو إبتسم يرفع إبهامه كأنه يقول لي بداية جيدة.

حسنا، ليست سيئة لتلك الدرجة.

تابعتُ "هناك الكثير من الأشياء التي أرغب في الحديث عنها، كانت سنة مليئة بالعديد من الإنخفاضات والإرتفاعات، وأعتقد أني لستُ الوحيدة التي مرّت بهذا، لكل منا حكايته الخاصة، معاناته الخاصة وإنجازاته، لكني فخري بنفسي وأنا أقف هنا في هذه اللحظة لا يمكن أن تسعه السماء، لقد كانت أوقاتا صعبة والكثير من الأفكار التي صدّت عزيمتي وأثنت إرادتي عن المضي قدما والإجتهاد أكثر"

حمحمتُ وبللتُ شفاهي قبل أن أضيف أبتسم بإتساع، "لكل منا الطريقة التي يتخطى بها الصعاب، أعتقد أني محظوظة لأني إمتلكت عائلة"

نظرتُ إلى أمي التي أدمعت عيناها وجنجر الجالسة بجانبها مع جدتي.

"أصدقاء"

إنتقل بصري بعد ذلك نحو هانتر، سيتشو، أوديت وجوني الذي إبتسم رغم أنه لا يراني، لقد كان يسمعني، يشعر بكلماتي ويعرف أنه المقصود.

النسمات مجددا أنعشت روحي تحثني على المضي قدما في الحديث، لذا واصلت "كل منهم أمسك بيدي، دفعني بقوة للأمام وساعدني لأجد طريقي الحقيقي، البعض منهم كانت طريقته خاطئة، لكن حبّهم كان لي خالصا وأعلم أنهم في صميمهم كانوا مستعدين ليمروا عبر الجحيم لأجلي"

أمي هذه المرة هبطت دموعها وعانقتها جدّتي بقوة تجذبها إليّ، بينما إبتسمت جنجر لي.

"لقد كنتُ في فترة ما ألوم الظروف وألعن كل شيء سيء يقف في طريقي، لكني كنتُ مخطئة، لقد تعلمت أن كلّ مطبّ يقع في طريقي ما هو سوى تحدي يعلمني متى أفرمل سيارة حياتي ومتى أضغط دواسات الوقود لأستمر أكثر، وأعتقد أني تعلمت درسي جيدا حتى لو كان بطريقة صعبة، ولو أني لم أفعل لما كنتُ أقف هنا في هذه اللحظة أقول هذه الكلمات"

نظفتُ حلقي، وفجأة إنتبهتُ لوجود آدم ريدكاي في الصفوف الأخيرة، يجلس بمفرده عاقدا لذراعيه على صدره، إبتسامة صغيرة هادئة تزيّن شفتيع بينما عينيه تنظران إليّ بسعادة، تلمعان بجمال مملوء بالفخر والإمتنان.

تورّدت وجنتاي لكنه أومأ لي مما جعلني أبادله إياها، إتسعت إبتسامتي وتابعتُ "لذلك كل الفضل يعود إلى هؤلاء الأشخاص الذين كانوا معي، إلى عائلتي وأصدقائي، أنا ممتنة لكم من قلبي، جميعا واحدا بواحد، لا تسعني الكلمات لأعبّر عن حبّي لكم يا رفاق، لا يوجد أي تعبير قد يوفيكم حقّكم لكل ما فعلتموه، أنتم هم طاقتي وشعلتي في ظلام أيامي"

نظرتُ إلى أمي "شكرا إلى المرأة التي خاضت معي تجربتي وتعلمت معي العديد مع الدروس، أمي، وبالأخص على الجدول الدراسي الذي أعدته لي الشهر الماضي، لقد قصمت ظهري لأحصل على هذه النتيجة وأجمع العدد المطلوب من النقاط."

ضحكات انتشرت هنا وهناك وأنا أيضا لم أمنع نفسي، عادت نظراتي إلى آدم، إبتسمتُ أرفع ذقني بشموخ، قبضت أصابعي على أطراف الخشبة وتابعت "وشكر خاص للسيد آدم ريدكاي، كان دائما هناك مثل ملاك حارس، آمن بقدرتي الدفينة، ورغم كثرة ارتكابي للأخطاء إلا أنه رأى بداخلي معدنا مميزا، لقد جعلني أؤمن بنفسي عبر إيمانه بي، شكرا لكَ يا أبي الروحي"

حاجبيه إرتفعا، أعينه إتسعت، وخاصتي لمعت بالدموع التي لم تنزل، إبتسم لي، لكني لم أكن قادرة لذلك بسرعة حدقت بهانتر الذي بدى فخورا هو الآخر، سعيدا بكل كلمة قلتها، يشعر بالثناء كأن الكلمات لم تكن لوالده بل له.

"وشكرا لأصدقائي كلهم، فتاي المفضل هانتر ريدكاي، لولاكَ ولولا تدريسك لما وصلتُ إلى هنا، شكرا على كل الأوقات التي قضيناها معا حتى تلك التي كنا نتشاجر فيها، أنا ممتنة لوجودك في حياتي يا رجل، أرجو أن تبقى فيها للأبد. أيها الياباني السافل! ليس لدي شيء محدد أشكرك عليه، لكن وجودك ضروري في حياتي، نحن وجهان لنفس العملة لا تنسى هذا"

"لن أنسى"

صاح سيتشو بين الحاضرين يجعل العديد من النظرات تتجه ناحيته، إبتسمتُ أبتلع الكتلة في حلقي، ثم تابعتُ "أوديت بيرد، أفضل صديقة قد يحصل عليها المرء ومن يعترض فهو غبي، لقد علمتني أننا ولدنا لنطير لا لأن نبقى على الأرض، أنت شيء جميل وساحر أوديت وأنا أحبك من قلبي، لا تنسي هذا ايضا."

رأيتُها تبتسم لي بعيون دامعة.

"أخيرا، عائلتي الأولى قبل كل شيء، جنجر أختي الجميلة وجوني ديب المأوى الخاص بي، جعلكما فخوران بي يا رفاق هو أفضل هدية أحصل عليها هذه السنة، أحبكما للأبد، وسأظل كذلك حتى آخر نفس لي، جوني أتمنى لو أنك تستطيع رؤية شكلي الآن لكني أؤمن أنه عميقا بعيدا عن كل المظاهر نحن نلتقي بأرواحنا قبل كل شيء، أحبك جون جون، سأظلّ مثلما علّمتني دائما، قطعة السكر خاصتك التي لا تتوقف عن طلب المزيد من المعرفة في مجال شغفي، وستظلّ دائما معلّمي الأول للأبد"

إبتسم جوني بإتساع وكم بدى جذابا، ساحرا ووسيما في هيئته تلك، خصلاته المتدلية على جبينه، العصابة حول عينيه وإبتسامته تلك، أحبه للأبد.

"هذا كل شيء، أعتقد أن الباقي لا تسعه الكلمات للتعبير عنه حقا، شكرا"

إنحنيتُ بهدوء وحملتُ شهادتي أنزل من المنصة تحت تصفيقات الجميع، رفاقي كلهم وقفوا لي كتحيّة خاصة، يصفقون بحرارة، لذلك ركضتُ ناحيتهم ألوّح بالشهادة أمامهم، "ها هي صغيرتنا!"

"كلوفر، أعجبتني كل كلمة قلتِها، أنتِ رائعة" جذبتني أوديت ناحيتها ورائحة عطر الفراولة ملأتني بقوة بينما ذراعيها تضمانني إليها، قبعتي إنزلقت ليحملها هانتر، إبتسمتُ بهدوء، أطلقتُ تنهيدة مرتاحة، رفعتُ بصري للسماء بين ذراعي أوديت، راقبتُ الزرقة الواسعة، الجميلة الأخاذة.

فكرتُ، وكانت كلها تخرج من روحي، شكرا لكَ إلهي على جميل صنيعك، لن أنسى مطلقا، أعدكِ أني سأصلح نفسي أكثر في الأيام القادمة، لن أتذمر مجددا بشأن الطريق الذي تختاره لي، لأنه دائما الأجمل.

"رفاق! أكره أن أفسد هذا عليكم، لكن طائرتي تنطلق بعد ربع ساعة" صوت سيتشو جعلني كلنا نلتف إليه وننظر إليه بذهول.

"مالذي قلتَه للتو؟" هانتر عقد حاجبيه، وسيتشو إبتسم يهزّ كتفيه "لم أرغب في إخباركم من قبل كي لا أفسد الأمر"

"لكن سيتشو–––" أوديت توقفت تنظر إليه ببعض القلق.

"مالذي ننتظره؟" هانتر تحدث وإبتسامة تحدي إرتسمت على شفتيه، تبادلنا جميعنا الأنظار، وذلك لم يكن يعني سوى شيئا واحدا.

وقت السرعة.

"هيا بنا" جوني وقف يحرك مفاتيح سيارته، كذلك فعل هانتر، سيتشو وأوديت.

أما أنا؟ حسنا إخترتُ أن أركب مع باربي خاصتنا.

"الأخير يلعق غبار العجلات" سيتشو مازحنا ضاحكا، صوته خرج رنانا رقيقا، تلك الضحكة كنتُ أسمعها لأول مرة، وتلك الإبتسامة.

هو إندفع للخارج، وكذلك لحق به جوني وهانتر.

أوديت ضحكت تهتف "مهلا، إنتظرونا!"

تبادلت الأنظار معي وإبتسمتُ لها "دعي الأمر لي"

رمينا قبعاتنا عاليا وركضنا نمسك بأيدي بعضنا للّحاق بالشباب.

_


الهواء المنعش، رائحة عطر أوديت وصوت دوران العجلات، المحركات، كلها هدأت أعصابي، كلها نفثت قوة عظمى في روحي.

يداي كانتا على مقود سيارة بينك بيرد، زدتُ السرعة وإبتسامتي لم تكن تختفي أبدا عن وجهي، لقد رفضتُ أن أزيلها، ليس اليوم لأن هذا اليوم يومي أنا.

إنه يوم كلوفر سكوت.

تبادلتُ النظرات مع أوديت، إبتسامتها الجميلة قابلتني، أعينها حملت لي عناقا قويّا، فخرا، عمقا، حبا دفينا.

رابطة محكمة كانت بيننا في هذه اللحظة بالذات بينما أزيد السرعة أكثر، أنافس جوني وهانتر في نفس الخط، بينما سيتشو كان في المقدمة أمامنا.

"أتعلمين ما أشعر به كلو؟" قالت بصوت مرتاح، ترخي رأسها وعيناها عليّ، ما نزال في أزياءنا الخاصة بالتخرج.

رميت نظرة خاطفة على الطريق لأتأكد من خلوّه، قبل أن أعيد تحديقي بها، "ماذا؟"

"الراحة، أشعر بلذّة الإنتصار، لأني ظللتُ على نفس مبدئي، ظللتُ مؤمنة وما يزال هذا الإيمان يدفعني ويرفعني" كل كلمة كانت تخرج من أعماق قلبها وتضرب في عميق قلبي وروحي معا.

مددتُ يدي لأمسك بخاصتها وأقبض عليها بقوة، إبتسمتُ لها وأومأتُ "أنتِ أوديت بيرد، أنتِ عصفورة بجناحين كبيرين، ولدتِ لتطيري ولتؤمني بالسماء"

ضحكت على وشك قول شيء ما حينما أفزعنا صوت بوق سيارة، وبسرعة لففتُ المقود أبتعد عن الطريق، الحركة جعلت أجسادنا تتمايل، ثم انتشرت ضحكات أوديت، تجعلني أنا أيضا أقهقه بخفة على الحركة.

"سبع دقائق" قالت تراقب الطريق، السيارات كانت ما تزال على مرأى منا.

"سنصِل، لا تقلقي"

"لن ألعق غبار العجلات" ضحكت بصوت مرتفع وإرتفع طرف شفتاي في إبتسامة جانبية ماكرة، زدتُ السرعة أكثر ونطقتُ أركز مع دارك نايت "لا تقلقي"

الهواء زادت حدّة صفعاته لنا، لكنها لم تكن أبدا قاسية، لم تكن أبدا بتلك القوة، بل كانت لطيفة، ناعمة، منعشة، تعانق كل شبر في أرواحنا، تلمسنا وتداعبنا وتجعلنا نشعر أننا أحياء...في الواقع لا، لقد كانت تذكّرنا وتوصلنا للإدراك بأننا نحيا، بأن هذه اللحظة هي ما يصنع الحياة، بأننا فقط هنا، لا ماضي يهمّ ولا مستقبل يُقلق ولا خوف، لأن اللمسات الطبيعية هذه صنعت خيطا لفّنا بحقيقتنا -على الأقل في هذه اللحظة- ولسنا مستعدين سوى للشعور بها والتلذذ ثم بعد ذلك ماذا؟

بعد ذلك لا شيء، غير أن نشعر بالإمتنان.

"إلهي! تخطينا سيتش!" أوديت نظرت إليّ، عيونها ضاقت إثر الضحكة الرنانة اللامعة، كانت حقا تلمع، مثل الشمس. إلهي! إنها مثل الشمس.

إبتسمتُ بغرور كعادتي، وغمزتها "أمسكيه لدقيقة"

هي مالت ناحية المقود تثبته بينما دفعتُ أنا بجسدي للأعلى عبر النافذة، إبتسامتي بلغت من الأذن للأذن، ردائي رفرف مع الهواء خاصة أن السرعة كانت شديدة، ثم رميتُ ببصري على سيتشو الذي كان يطالعني بإبتسامة غير مصدقة، أكمام ذراع الرداء الواسعة إنزلقت إلى مرفقي حين رفعتُ أصبعي الأوسط له وهتفتُ "عار عليكَ ألبرتو، هذا سباقك الأخير قبل أن تسافر"

رأيتُ نار التحدي تشتعل في عينيه، أوديت لفت المقود تتجنب الإصطدام بإحدى الشاحنات مما جعل جسدي يميل لكني أحكمتُ نفسي وعاودتُ النظر نحوه، لأجده يطل برأسه من نافذته، ثم هتف بنبرة مستمعة ومملوءة بالغيرة، اه! كم أحب هذا، هو يغار مني.

"تعتقدين هذا أيتها المبتدئة الإنتحارية؟" غمزني ودخل وفي اللحظات القليلة التالية إندفعت دارك نايت مثل السهم الخاطف من جانب بينك بيرد تجعل ردائي يرفرف في الهواء مع الأشرطة الزرقاء، وكذلك شعري.

مونلايت مرت تتبعها مثل الشهاب وهانتر ألقى لي قبلة هوائية يتخطاني، بعد ذلك جوني تجاوزنا هو الآخر، سيارته مثل وحش صامت عبرت كالرصاصة دون صوت أبدا.

سهم، شهاب ورصاصة.

عيوني اتسعت وشفتاي افترقتا، تبا!

هبطتُ بسرعة وعاودتُ الإمساك بالمقود، هذه المرة ليس أمامي سوى ثلاث سيارات وليحصل ما يحصل حتى لو إفتعلتُ حادثا.

أنا. لن. ألعق. أي. غبار.

_


"أسرع أسرع أسرع"

ركضنا ندخل المطار بأنفاس مسروقة، سيتشو كان يحمل حقيبة متوسطة الحجم على كتفه بينما يجري قبلنا يتخطى بعض الأشخاص حينا، ويصطدم بآخرين حينا آخر، وأخيرا لمحنا دايتو يقف هناك رفقة نايومي وفابيو، في ملابس جلدية سوداء ويطالع ساعة معصمه.

"وصلنا" هتفت أوديت حينما كنا أمامهم، إنخفض جسدها للأمام قليلا واضعة يديها على ركبتيها، صدرها يعلو ويهبط محاولة إسترجاع أنفاسها المسروقة.

أنا كنتُ كذلك، ألهث مثل كلب أجرب ضالّ.

هانتر وصل متأخرا على مهل وجوني كذلك.

"متأخر بأربع دقائق وست وعشرون ثانية" دايتو علّق يرفع أحد حاجبيه فيما إبتسم سيتشو ساخرا "ليس وكأن تاكاهاشي الأكبر سيرحل ويلغي الأمر، هو ينتظرني حتى لو كنتُ في الجحيم"

دايتو إبتسم ونظر للخلف يجعل الجميع يحولون أبصارهم إلى نفس الإتجاه وحينها لمحتُ الرجال اليابانيين في البذلات السوداء، يقفون منتظرين إشارة.

عيوني إتسعت بذهول وإعجاب، سيتشو حقا من عائلة خطيرة.

"الطائرة بإنتظارك" قالها والده باسما، "لا تقلق الأمر ليس بذلك السوء"

"أنا لا أكره اليابان مثلك، لا أعتقد أني سأعاني كثيرا"

"سيتشو يا رجل، تعال إلى هنا" فابيو صرخ بنبرة باكية واندفع يلفّ ذراعيه حوله دافنا وجهه في رقبته، أضاف "سأشتاق إليكَ يا رجل، أكره الوداع"

سيتشو ذُهِل للحظة لكنه سرعان ما لانت تعابيره لتحل محلها إبتسامة دافئة، عانقه هو الآخر وتحدث بصوت هادئ "ليس للأبد فابيو، سأعود"

"سأفتقدك مع ذلك، أرجوك إهتم بنفسك، إلهي! أكره هذا"

فابيو بدى مثل طفل صغير، وأعتقد أنه بالنظر إلى الطريقة التي يمسكه بها سيتشو والتي ينظر بها هانتر إليه، وبالنظر إلى صغر سنه أيضا، فهو حقا طفلهما، أخاهما الصغير.

"امسح دموعك أيها القنفذ، الرأس الأصلع سيعود" هانتر علق ساخرا يجعل الجميع يبتسمون، وتقدم من سيتشو بعدما ابتعد عنه فابيو قليلا، وقفا وجها لوجه لعدة لحظات، يتبادلان النظرات والإبتسامات، ثم بسرعة جذب كل منهما الآخر إليه بقوة.

كانا يعتصران بعضهما، وإبتسمتُ بشكل لا إرادي على المشهد أمامي، دايتو إبتسم أيضا، نظر لهما كأنهما قطعتان فنيتان، لم يكن منزعجا ولا ساخرا كعادته، بل مبتسما بهدوء.

"سأشتاق إليكَ، أيامي ستكون خالية من دونك حقا" هانتر قالها يقبض على رقبته ويضربها عدة مرات بخفة.

سيتشو ضحِك ما يزال يمسك به، إبتسامته كانت متألمة لكن ممتلئة بالحبّ، حين ردّ "إهتم بنفسك حتى عودتي، لا تاكاهاشي دون ريدكاي، سآتي إليكَ بأقصى ما أقدر، أخي"

فجأة شعرت بالثقل على ذراعي وكتفي، ولففتُ وجهي للجانب أرى أوديت المتمسكة بي بقوة، تنظر إليهما بعيون متلألئة. هذا جعل عيناي تلينان، طالعتها مثل قطعة ثمينة على وسادة من الريش.

سأهتم بها مثلما يفعل سيتشو مع هانتر، سنهتم ببعضنا للأبد.

افترقا وإبتسما معا، قبل أن ينظر الياباني هذه المرة نحو أوديت وفتح ذراعيه لتركض ناحيته معانقة إياه بقوة، هذه المرة لم تبكِ، بل إستمرت في الإبتسام، كانت واثقة مملوءة بالقوة.

وايضا لأن دموعها نفذت في الحفل.

"سأنتظركَ، كن بخير أرجوك ولا تجعلهم يضربونك كثيرا"

كلماتها جعلت الجميع يضحكون، سيتشو ربت على خصلاتها الذهبية ينطق بصوت هادئ "لا تقلقي، لستُ ندّا سهلا"

رفعت رأسها إليه وخفض هو بصره إليها، إبتسم كلاهما، "سأتصل بكَ بشكل يومي"

"سيسعدني هذا أوديت، لا تدخني ولا تضعي وشوم ولا تشربي، إتفقنا؟"

"حاضر" هزّت رأسها بإيماءة صغيرة.

"لا تقلق، سأسحق سلحفاتها إن فعلت" علق هانتر وهذه المرة ضحِك الجميع.

أخيرا نظر إليّ سيتشو برفق، إبتسمتُ له بالمقابل وتقدمتُ منه، ظللنا هكذا لعدة لحظات قصيرة قبل أن ينطق "سيارتي ستبقى معكِ، لا تدمريها"

"لا وعود ألبرتو، لا وعود"

الشيء التالي الذي حصل هو اندفاع جسدي ناحيته وعناقه لي، خفق قلبي لوهلة بذهول لكن سرعان ما هدأت أشعر بالدفئ حقا، إبتسمتُ بخفوت، إبتسامة طيبة رقيقة، رمشتُ كي لا أبكي وهمستُ "كن بخير أرجوك"

"سأفعل، أعدك، إهتمي بهانتر والبقية"

"أعدكَ"

حينما إبتعدتُ عنه وجدته يضع مفاتيح سيارته في يدي، ووقف على بعد عدة خطوات، أعينه سلطت على جوني يردف "سأهزمك في يوم ما أيها المتسابق معصوب العينين"

جوني إبتسم يومئ بخفة وردّ بصوت الهادئ "أنتظرك"

"حسنا يا رفاق–––"

قاطع كلمات سيتشو الصوت الرجولي القادم من خلفنا "ألم تنسى شيئا ألبرت؟"

إلتفتنا للنظر إلى الخلف وحينها إلتقطت عيناي الرجل ذو الشعر الأسود، يقف في ملابس سوداء عيونه الزرقاء مسلطة على الياباني ويبتسم بإتساع.

"آيس" هتف سيتشو بصوت مرتفع، حقيبته وقعت على الأرض واندفع ناحيته، كلاهما أخذ الآخر في عناق، بينما تابع "إلهي! لم أتوقع قدومك، ظننتُ أنك مشغول"

"سأترك كل شيء لرؤية إبني، عيني عليكَ دائما"

"هل عليّ تذكيرك دائما أنه ليس إبنك؟" دايتو زفر يقلب عينيه، وغمزه آيس يرد "أهلا أيضا داي"

سيتشو ضحك بخفة ثم طالع آيس يبتعد عنه، رد بنبرة مملوءة بالإمتنان "سعيد جدا لأنك أتيتَ"

"ٱركل مؤخراتهم، كلهم"

"لا تقلق" هز سيتشو رأسه.

"حسنا، هيا إبني، إنطلق"

أعطاه سيتشو عناق خفيف آخر ثم سار يحمل حقيبته، ألقى نظرة علينا جميعا وإبتسم بشكل جعل عيناه الضيقتان تبدوان بشكل اجمل، "سأفتقدكم جميعا حقا، آمل ألا يتأذى أي منكم في غيابي، إلى اللقاء يا رفاق"

"إلى اللقاء سيتشو"

"إلى اللقاء"

"إهتم بنفسك"

"سأشتاق إليكَ"

إلتفت بعد ذلك يسير بخطوات واثقة، كتفاه مستقيمان، ذقنه مرفوع، نظراته للأمام، وجهه مملوء بالحدة الجذابة وتحرك بإتجاه الرجال.

دايتو رفع ذراعه يعطي لهم الإشارة وحينها تحركو نحو سيتشو الذي بدى مثل السيد الصغير، أمير العصابات.

"مهلا كلوفر!" فجأة كل تلك الهالة اختفت حين طالعني من فوق كتفه وهذا جعلني أضحك حقا.

ألا يمكن لهذا الوغد البقاء لخمس دقائق بطريقة خطيرة؟

"ماذا؟"

"حاولي جاهدة هزيمة أعضاء المضمار الشبح، حين أعود آمل أن أجدكِ في ويست مجددا"

"سأفعل"

"لدي ثقة كبيرة" أومأ لي، وإلتفت يتابع سيره ليختفي بعد ذلك عن الأنظار.

لقد ذهب، لن نرى سيتشو لبعض الوقت، ورغم أنه سيعود إلاّ أنني حقا أفتقده منذ هذه اللحظة.

"لقد بدأتُ بإفتقاده منذ الآن يا رفاق" تحدث فابيو بنبرة منخفضة.

حسنا، أعتقد أني لستُ الوحيدة من تفعل هذا.

"اوه فابيو" نايومي وضعت يدها على كتفه تضغط بخفة بينما إلتفت ليواجهها واضعا رأسه على كتفها.

أحببتُهما جدا.

"إلى ويست إذا؟" أوديت وقفت في منتصفنا والأعين كلها إتجهت ناحيتها، تبادلت الأنظار مع الجميع قبل أن نصدر كلنا إيماءات صغيرة.

لم تمرّ سوى بضع دقائق وقد كانت سياراتنا مصطفة في الطريق، رائحة دارك نايت إمتلأت بعِطر سيتشو، سوداء كليا، ألبرتو موجود هنا في الداخل.

مررتُ أطراف أصابعي على المقود وجلد الكرسي، في الواقع تلمستُ كل جزء منها، شعور غريب خليط بين الحماس والهيبة ملأني، لقد كان تأثير دارك نايت على ما أعتقد، أحببتُ كل إنش منها، هذه الفتاة ملكي حتى عودة والدها.

عيوني فجأة إلتقطت قطعة ورق موضوعة خلف المقود، إنعقد حاجباي للحظة وأمسكتُ بها أفتحها، عيوني قرأت العبارة المكتوبة بالقلم الأسود العريض

مرحبا بكِ أيتها المتسابقة الإنتحارية ؛)

شعرتُ بخفقان قلبي على الكلمات، ألبرتو أيها الياباني المميز، آمل أنّك تبتسم الآن.

صوت الهدير الحاد إرتفع في السماء وجميعنا رفعنا رؤوسنا إلى الأعلى نحدق بالطائرة التي انطلقت لتوّها، إبتسمتُ على ذلك ونظرتُ نحو الجميع نتبادل النظرات مع بعضنا.

"لننطلق؟" هانتر تحدث.

"لننطلق" رددتُ عليه وفي وقت متزامن دارت العجلات كلها لتنطلق السيارات مندفعة معا في الطريق، ردائي ظلّ يرفرف وصرختُ ضحكة خرجت من اعماق صدري بينما أسابق هانتر، أوديت، جوني، نايومي، وفابيو.

الهواء غلّفني يجتذب ذلك الشعور الذي يعتاده كل متسابق على الطريق، إبتسمتُ أكثر، أردتُ أن أبتسم أكثر، أغلقت عيناي للحظة وواصلت الإسراع.

الإسراع....هذا كل ما يتطلبه الأمر لنعيش، أن نرتاد الأمواج، أن تدور عجلات أيامنا للأبد، أن تحترق محركات أرواحنا وأن نندفع، دون خوف، دون تردد، فقط نندفع لأننا نعلم طريقنا، الطريق الذي يجب أن نسرع فيه.

هكذا هي الحياة، مضمار سباق، هناك من يتسابق لأجل الفوز فيحترق في نقطة ما، وهناك من يتسابق لأنه شغوف بالسرعة، لأنه يحبّ الأدرينالين، يحبّ برودة الهواء وحرارة المحركات، يحبّ أصوات الصراخ، يحبّ أن يضحك بصوت عالي مرتفع وأن يهتف للحياة بإسمه عاليا، هذا النوع قد يحتل المرتبة الأولى وقد يأتي الأخير، لكنه في نظر نفسه سيكون دائما فائزا. دائما.

الإيمان أننا سنبلغ خط النهاية لنبدأ سباق جديد، الإيمان أننا سنفعلها، والإيمان بأنفسنا بكل ذرة في أجسادنا وفي أرواحنا، مع رشّة الحبّ والشغف، والرابطة القوية مع من ننتمي إليهم، هذه خلطة الحياة التي إخترتها لأعيش.

أستطيع الآن أن أصرخ عاليا كم أني فخورة بكلوفر التي وُلدت للتو، كلوفر التي سامحت وأفلتت كل شيء، كلوفر المتسابقة التي ستواصل حبّها لكل ما ننتمي له، كلوفر التي نجحت واللعنة.

نعم أيها العالم، أعتقد أني بلغتُ نهاية لتوّي، وأنا جاهزة للسباق التالي، أنا جاهزة.

"أراك في ويست فراشتي، أمسكي بي إن إستطعتِ" مرّ هانتر أمامي ضاحكا.

"وسأصفع مؤخرتك عزيزي، لا تنسى هذا يا حبّ" هتفتُ له بالمقابل، ردائي واصل الرقص مع الهواء وأحببتُه.

اليوم سأحتفل في ويست، سأرتدي هذا الرداء حتى تشرق شمس الغد، أيام كهذه نعيشها لأربع وعشرين ساعة فقط. وأنا أفضّل أن أنسى أمر العالم لبرهة، آخذ أنفاسي، أبتسم، أضحك وأهتف، أصرخ حتى ينفجر حلقي وصدري.

أنا وصلتُ إلى نقطة عميقة مع نفسي، وأنا أستحق الإحتفال.

"لا تخذليني دارك نايت" همستُ أضغط الدواسات وأزيد السرعة للحاق به.

أوديت قادت أمامه تعيق طريقه وذراعها خرجت من النافذة تشير لي كي أتقدم للأمام.

مررتُ أمامها أرسل لها قبلة هوائية في حين غمزتني "حلّقي"

رداءها هي الأخرى كان يرفرف عاليا، هززتُ رأسي وإنطلقتُ للأمام.

أسرع، أسرع، أسرع، عاليا، عاليا، عاليا.

هذه المرّة كل شيء لأجلي.

تخطيتُ الجميع ولمحتُ عبر المرآة جوني ونايومي يأخذان منعطفا آخرا.

آمل أنك تشعر ما أشعر به الآن جون جون، أتمنى أنك أن الهواء يدخل لرئتيك مثل غبار نجوم ساحر يملؤك بالحياة يا جوني، عِش يا صديقي.

"هاي كلوفر! هل ستحضرين لي أشرطة شعر جنجر إن سمحتُ لكِ بالفوز؟"

كان ذلك فابيو الذي أصبح يقود بمحاذاتي، ضحكتُ على هيئته وإبتسمتُ له "أنا لا أفعل هذا، أنا أفوز بقدراتي"

"أنتِ أردتِ هذا" حرك رأسه للجانب وجذب سيجارة يضعها بين شفتيه يقبض عليها بين أسنانه، ثم في الثواني التالية أمسك بمقوده جيدا وأقلع يتخطاني.

ضحكتُ عاليا، أرفع رأسي "هذا لا يصدق"

حسنا، هيا بنا.

واصلتُ أكثر، إندفعتُ أكثر، سعيدة من قلبي، أنا حقا كنتُ سعيدة من أعماق قلبي، الإمتنان يجري في عروقي، الأمل يملئ رئتاي، الحبّ يغلّف جسدي.

رفعتُ رأسي للسماء مرة بعد وأسرعتُ، لكن هذه المرة نسيتُ من في المقدمة، أنا أقود فحسب.

أنا أعيش ولا أنجو.

أنهيتُ مرحلة بفخر، وأشعر بالرحلة القادمة على مقربة مني.

الآن، أطلب من الإله أن يشاركني رفاقي هذه الرحلة.

أتمنى أن يكون هانتر دائما بجانبي، زهرة الياسمين خاصتي، بوتو خاصتي.

"إلحقيني يا حبّ" صوته تدفق عبر آذاني وإبتسمتُ له "قادمة"

قادمة. أنا قادمة.

_

أصوات الهتافات علَت في مضمار ويست، الكؤوس تتضارب مع بعضها، الأضواء تومض بالتناوب، السيارات تعرض حركاتها، الحشود في كل مكان، يتحدثون عن السرعة، وعن الحياة وعن النجاح وعن نهاية الموسم الدراسي.

الألعاب النارية ملأت السماء الليلية الخاصة بالمضمار، الدخان الملون كان ينبعث من تحت السيارات، وأحببتُ المنظر جدا.

الليلة بالمعنى الحرفي كانت تلمع، المضمار كان يلمع، وهو المكان المناسب لكل شخص يحمل قلب نجم في صدره.

"هذا هو الدّيار" صوته جاءني وإلتفت ذراعه حولي، إبتسمتُ ما أزال أثبت بصري على منظر المضمار هنا من الأعلى، أعلى مدرجات المشاهدة، رائحة عطره غزت أنفي وإبتسمتُ أكثر.

نطقتُ "جورجيو ارماني"

"ماذا؟" خفض بصره إلي، وأنا رفعتُ رأسي لأقابل وجهه القريب مني، جمال اللون البني في عينيه أسرني، لكني رددتُ "العطر الذي طلبتَ مني معرفته، جورجيو ارماني، هذا هو إسمه، عطرك"

"اه!" ضحك بخفة تحت أنفاسه، هزّ رأسه "كيف عرفتِ؟"

"هل تعدني ألا تحطم وجه سيتشو إن قلتُ لكَ؟"

"الوغد" علّق ضاحكا واضعا يده على مؤخرة رأسه، رفع رأسه للأعلى نحو السماء "لقد فزتِ"

"ما هي جائزتي؟" عقدتُ ذراعاي على صدري وإبتسم يمسك بيدي ويجذبني لأنزل معه الدرجات نحو الأسفل، على أرضية المضمار.

حينما وصلنا هو جذب المفاتيح من جيب بنطاله ووضعه في يدي "خذي"

حالما ضغطتُ عليه سمعتُ صوتها، عيوني إتسعت أنظر إليه وأمال رأسه للجانب "لقد طوّرتها مع أبي"

إلتفتت للوراء، قلبي خفق حتى قبل النظر إليها، لكن بمجرد أن وقع بصري عليها شعرتُ بالهواء يحبس في صدري، شهقتُ أرى اللون الأزرق الداكن القريب إلى الليلي، كانت تلمع كأنها رصاص قادم من السماء، اللمعان برق تحت الأضواء ويا إلهي رسمة الفراشة الملتوية على كل جزء من معدنها تمتد من البداية للنهاية، العجلات كانت تضيء باللون الأزرق، تومض مثل نجم بعيد، الإطار المرتفع عند مؤخرتها حمل راية زرقاء مكتوب عليها إسم كلوفر بلون أسود حالك.

"تمزح، صحيح؟"

"تريدين أن أصفعك حتى تتأكدي؟" همس بقرب أذني ضاحكا، وشفتيه لامستا جلدي يقبّلني بخفة، أضاف "هيا فراشتي، حلّقي"

بصعوبة أبعدتُ عيناي عن بلو وينجز ونظرتُ إليه، غرقتُ في تفاصيل وجهه، إبتسامته، عينيه، شفتيه، بشرته ولونها، هذا الفتى تحفة فنية، هذا الفتى معجزة.

هذا––––الوحيد من نوعه.

"هانتر"

"نعم فراشتي؟"

"أعتقد أني بدأتُ أقع في حبّك" إرتفعتُ على أصابعي وأحطتُ برقبته لأسمعه يضحك بخفة، يهمس "أعتقد أني فعلتُ هذا قبل مدة"

حالما إبتعدتُ عنه، أنا ركضتُ نحو زرقائي وفتحتها أركبها، رائحة الياسمين كانت تملؤها، وقبل أن أدرك كان هانتر يطلّ من النافذة، يبتسم لي "أعجبتكِ؟"

"إنها من ريدكاي، أسياد السرعة"

"أخيرا إعترفتِ أني الأفضل"

ضحكتُ أصفع وجنته "بإستثنائي"

"تحركي دعينا نقودها معا"

"ماذا؟" رمشتُ ولم ينتظر هو أي لحظة، ركب يرفعني ويجعلني أجلس على ساقيه، ربط الحزام وهمس "إلى أين؟"

"دعنا نتوه في ويست"

"طلباتك أوامر"

بعد ذلك ضحكنا، أرجعتُ رأسي على كتفه وضحكنا، ضحكنا كما لم نفعل من قبل، هكذا فقط، كنتُ أضحك، وأشعر بكل نفس، كل صوت، كل ضحكة تخرج من أعماقي.

_

تمّت.

مضمار ويست 💖


"لا تستسلم، أرجوك، حتّىٰ لو كان البردُ يُحرق، حتّىٰ لو كان الخوفُ يعضّ، حتّىٰ لو اختبأتِ الشّمس، وصمتَتِ الرّيح، حتّىٰ لو أنّ هُنالك نارًا في روحك، حتّىٰ لو أنّ هُناك حياةً في أحلامك.
لأن الحياةَ لك، ولك الرّغبةُ أيضًا، لأنّ كُلّ يومٍ هو بدايةٌ جديدة، لأنّ هذه هي السّاعة، واللّحظة الأفضل."

- ماريو بينيديتي.

_

وداعا سريع، وداعا هانتر.

ليس لديّ أي كلمات لأعبّر بها عن شعوري، اءءءء مش عارفه اقول اي، حبيت كل لحظة، حبيت كل كلمة، كل ضحكة في الرواية 😭

فخورة جدا بأبنائي، فخورة بالجهد الذي قدمته في هذه الرواية، وها هي رواية أخرى أكتب نهايتها ورجائي أن يصل صوت رسائلي لقلب كل من يقرأها 💖

أما أنت أيها القارئ الذي وصلت إلى هنا، شكرا لمتابعتك حتى النهاية، هذا يعني أنك أحببتها على الأغلب وبالطبع هذا يسعدني، لذا شكرا على الحب والدعم.

شكر خاص لكل من تابعها من البداية ولم يتوقف أبدا، حتى عند محطات انعدام الشغف، ثنكسسس من القلب ✨

رايكم بالنهاية؟

المشهد المفضل؟

العبارة المفضلة؟ ✨✨✨

مش قادرة أتكلم أكثر، أنا راح أنزوي في ركني الخاص وأفتقد أحبائي الصغار

هذا كل شيء، الرواية رسميا منتهية، شعور جميل ومملوء بالإشتياق.

إنتظروا الفصل الإضافي إن شاء الله 💖

إلى اللقاء في عمل آخر. قبلاتي.

ماري. 💖

Continue Reading

You'll Also Like

2.1K 211 7
"" تحمل فتاة السلوان على كتفيها جناحين من الأحلام، تحلق فوق أمواج الحياة كمتزلجة على بحار الامل، حيث يلتقي السحر بالواقع، الماء بالسماء تصبح أميرة اط...
1.2K 307 17
المُـوبِقُ هُوَ الحَـاجِزُ العظِيمْ المُستحِيل لوقُوع شَئ. حَاجِرْ دِينِيْ، عقَائِدِي، إجتِماعِيْ، ثقَافِيْ وَ فكْرِي هـوَ ماسَيجعَـل إجتمَاع شَخصَان...
203K 10.7K 66
سَنلتقي .. رُبما يكون لقاءً بارداً تكتمُ فيه غيرتك وأمسكُ فيه لِساني عن اُحبّك ستنظر اليّ ، وسأنظر للجميع عداك .